الذهبي ...الرجل الامني الغامض..!!!

الذهبي ...الرجل الامني الغامض..!!!

محمد عبداللطيف راغب الذهبي هو الأصغر بين أسلافه على رأس جهاز المخابرات العامة الأردنية منذ نشأته عام 1964م، وهو خريج علوم أمنية من جامعة سوسيكس البريطانية، وهو الأخ الأصغر لرئيس الوزراء الاسبق نادر الذهبي ، إذ شكل وجودهما معًا في قيادة الحكومة والمخابرات صدمة لكثيرين على اعتبار أنها سابقة لم تقع من قبل في تاريخ الأردن، إذ عين الجنرال الذهبي على رأس المخابرات أواخر العام 2005 في إطار مراجعات أمنية أعقبت استهداف تنظيم القاعدة للأردن بثلاثة تفجيرات إنتحارية ضد فنادق أردنية أوقعت ستين قتيلاً، إذ جرى إقالة سلف الجنرال الذهبي سميح عصفورة، وحل مكانه الجنرال الذهبي نائبه وقتذاك، بعد حملة إقالات لضباط كبار قيل إن إعفاءهم جاء لتمكين الجنرال الذهبي من تجاوز عقدة الدور والأقدمية في قمرة قيادة الجهاز، إلا الجنرال الذهبي سرعان ما انفرد بإتخاذ القرار الأمني، واحترف تصفية الحسابات مع قيادات محترفة في العمل الإستخباري، وتطوع لاحقًا لإختلاق قصص وقضايا وهمية لا أساس لها للإساءة الى شخصيات وطنية معروفة بنظافة اليد والإستقامة، ما أدى مرارًا الى إحراج القيادة السياسية الأردنية، قبل أن يحال على التقاعد في ديسمبر كانون الأول، وهي الإحالة التي ترافقت مع إستياء ملكي من أدائه في مراحل سابقة، إذ بثت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) خبرا أولا تضمن عبارة "إستقالته" إلا أن الخبر استبدل لاحقا بإنطوائه على عبارة "إحالته للتقاعد" وهي تعني ضمنًا أن الرجل قد أقيل من منصبه، كما أن الذهبي لم يرق الى الرتبة العسكرية التالية كما كان يحدث مع أسلافه عند مغادرتهم مواقعهم.
وما بين حقيقة الاقالة أو الاستقالة ، لا يزال الجنرال محمد الذهبي محط احاديث الصانونات السياسية بل و حتى وسائل الاعلام الخاصة ... تتناول كل هذه الاحاديث خطورة الرجل الذي يجمع الكثيرون على وصفه " بالجنرال غير المتقاعد ؟" و أن له واجهات كثيرة ، في المال و الاعلام و السياسه ؟ فهذا الرجل الذي اشيع أنه ساهم في صناعة ما لا يقل عن 70 شخصية نيابية في المجلس النيابي الخامس عشر 2007م، و الرجل الذي ساهم في توجيه العديد من الاقلام الصحفية المؤثرة .... اليوم نلمس عند الحديث عنه مع كثيرين من الصحفين أو النواب السابقين الذين صنعهم الذهبي انهم ليسو ا بذلك الوفاء للرجل ؟ .... ففي عام 2008م سرت شائعات في الاردن مفادها وجود قرارات حكومية مبيتة ببيع اراضي القيادة العامة و المدينة الطبية ، وقد كانت هذه الاشاعات تستهدف رأس الدولة في الوقت الذي لم يذكر رئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي في ذلك الموضوع ، ولعل ذلك عائد للحماية التي كان يتلقها الرئيس الذهبي من لدن اخيه مدير الجهاز الامني .... وقتها اشار مراقبون أن هنالك سياسية مبرمجة في توجيه هذه الشائعات التي تمس رأس الدولة ولا تمس رأس الحكومة صاحب الولاية العامة .... ولعل ذلك الفعل السياسي و الامني كان الاساس لبدايات التحضير لاقالة المدير الذهبي ، لقد ارد الذهبي أن يكون بطلا في خروجة ، ولعل احداث " غزة " و العدوان الاسرائيلي عليهم2008م ، كان المناسبة الافضل للظهور بذلك المظهر الوطني ، فلقد صمت الذهبي عن تحضيرات عدد من نواب الخامس عشر و قيامهم بحرق " العلم الاسرائيلي " داخل البرلمان الاردني ، يقال هنا أن المدير الذهبي وقتها وعندما سئل عن ذلك من المراجع العليا انه قال ان لا علاقة له بما تم في البرلمان ؟ لقد شكلت حالة حرق " العلم الاسرائيلي " الاساس في حل البرلمان الخامس عشر ، و الذي رفض رئيسه الاسبق عبد الهادي المجالي – شافاه الله و عافاه – الاقرار بأن حل المجلس النيابي كان لاسباب تتعلق بقصور في ادائه العام ، واكد المجالي وقتها أن المجلس النيابي الخامس عشر قد ادى ما عليه من واجبات يتطلبها العمل النيابي – اشير هنا الى مقابلته مع احدى القنوات الفضائية الخاصة 2010م ، وقتها مارس اللوبي الصهيوني في دولة " اسرائيل العظمى " – تعبير لشمعون بيرس استبدل به مصطلح " اسرائيل الكبرى - ضغطوطات دولية علينا ... اقلها مطالبة احد الاحزاب النافذه في احدى الدول الاوروبية بسحب الاعتراف بالدولة الاردنية ... و تهديدات اخرى بتحريك عدد من ضحايا ايلول الاسود نحو رفع دعاوى قضائية على الدولة الاردنية لطلب تعويضات ؟ يضاف الى ذلك تسارع دعوات "الداد" عضو "الكنسيت الاسرائيلي" نحو أن يكون الاردن هو فلسطين ..... لقد كانت المدة التي امضاها المهندس نادر الذهبي في الدوار الرابع -قرابة السنة كاملة- بعد اقاله شقيقة محمد ، هي بمثابة رئاسة للوزراء على غير رغبته ؟ أي رئيس للوزراء بالاجبار ؟ وقد شارك الجميع خلال تلك المدة في عمل " زفة تودعيه للرئيس الذهبي " نكاية بأخيه محمد ؟

وخلال السنوات السابقة وحتى اليوم سعى الجنرال الذهبي الى اعادة ترتيب اوضاعه الداخلية ؟ و قد كانت مدينة السلط احدى النوافذ التي سعي الذهبي للتمدد فيها ؟ فهي في النهاية مدينته ؟ و التي تختضن الى الان على احدى روابيها ؟ ديوان عشيرة الذهبي ؟ ... وقد استطاع التواصل مع عدد من رجالاتها ؟ و بعض من القريبن من مهنته السابقة ؟ ومن الساخطين على اقالتهم كذلك
الجنرال الذهبي تحول من شخصية امنية الى شخصية سياسية بخلفية امنية ، و هو يلعب دور " المؤثر " غير " الظاهر " و الرجل الذي اعاد حساباته و حدد خصمه الرئيس؟؟؟؟ قد بعث برسائل الى العديدين ممن استهدفهم من الشخصيات العامة فيما مضى بأنه لا يريدهم ؟ انما يريده ؟ وترجمة لذلك فقد ساعد الرجل بحسب مقربين منه ساعد معروف البخيت في نيل ثقة عشره من نواب المجلس السادس عشر ؟ ... و قد استجاب البعض لرسائل الذهبي ؟ و بعضهم أصر على موقفه ؟ حربا على الذهبي ؟ ورفضا للمصالحة ؟
الجميع في الاردن منشغلون بمراقبة تحركات الجنرال محمد الذهبي ، وحروبه المارثونية مع خصومه في السياسة ، وسياسته المكشوفة في كتم الافواه ،وحماية عهده في السلطة وعهد شقيقه نادر رئيس الوزراء الاسبق من النقد والهجوم الاعلامي ، وما يبدو واضحا في المشهد العام في البلاد أن الاولوية الكبرى التي تضج مضجع الذهبي محمد هي حماية أسمه من التداول في بورصة الفاسدين والمفسدين التي تملىء الدنيا ولاتقعدها في الاردن أعلاميا وسياسيا وشعبيا ورسميا ، هذه الاولوية عند الذهبي تفوق كل هواجسه النفسية والعامة بالعودة الى موقع جديد في السلطة فاستنفار الذهبي شبه تام ، وهو رجل أمني محنك أستفاد من تجارب الاخرين ، فالهاجس الاكبر الذي يؤرق الذهبي ويقلقه خوفه أن يندرج أسمه على شاكلة باسم عوض الله في الذهن الشعبي الاردني ، ويبقى محط أتهام بالفساد وأستغلال للسلطة عند الاردنيين ، وسيقى السؤال ..؟ مالذي يريده الذهبي ؟ وعن ماذا يبحث الرجل في زمن التحولات والثورات والانقلابات السياسية الكبرى التي تعصف بالداخل الاردني والخارج العربي وزمن المحاكمات ومحاربة الفساد ؟ لا نعتقد أن ثمة جواب صافي وواضح يمكن أن يكشف أو يشخص أزمة الذهبي ، فهو بحسب كل من يعرفونه رجل صامت و غامض ، و لا يحب التكلم ، و يجيد الاستماع للاخرين بشكل غريب ومثير للانتباه ،ولربما أن الطبائع الامنية لا زالت لصيقة به .
ولكن خلف هذا المشهد الذهبي الغامض واللامع ، يزداد الهمس و تكثر الشائعات ، و حتى أقرب المقربين من الرجل لايعرفون ماذا يريد ؟ و أكثر أصدقائه و رفاقه قربا منه لا يعرفون أيضا ما الذي يدور في ذهن الرجل ، وعن ماذا يبحث و ما هو مشروعه القادم ؟ …ربما ليس هناك من يجرؤ في أعلامنا الاردني و لا من سياسينا على المجاهرة بموقفه الحقيقي من الذهبي ، ونبش أرث فساده في السلطة ، و استغلاله لها ، و توظيفه لـ"زبانيته " في الاعلام والسياسة للدفاع عنه ، وتجنيسه لـ 36 رجل أعمال عراقيين ومنحهم أرقاما وطنية .
أسئلة كثيرة تدخر بها عقول الاعلاميين الاحرار في الاردن ، البعض يكبت التعبير أو الكشف عن غضب متراكم من الرجل " عراب " تزوير انتخابات النيابية و البلدية لعام 2007 ، و البعض الاخر دخل في دائرة الجوقة و التطبيل و التزمير للذهبي ، و لكن الرجل يعتقد باقرار كامل و رصين أن كلفة حماية أسمه من التداول في بورصة الفساد و المفسدين ستكون كبيرة في ظل تنامي قوى سياسية و أعلامية موازية تمارس الاسلوب ذاته في الطخ الاعلامي و الترويج لنفسها و حماية مصالحها الراسخة ، وبينها من كان أصلا على خصومة واضحة مع الذهبي وهو في السلطة .
الجنرال الذهبي الذي يحتفظ وحده بسر اقالته المفاجيء ....من يدري وفي ظل التطورات السياسية المتعاقبة والظروف الحالية المضطربة ، فقد يعيد النظام السياسي الاستعانة به ؟ من جديد ؟ وقتها و حتما ستنقلب التحالفات من جديد ؟ بعضهم سترتفع اسهمه ويعود للشاشة من جدد ؟ وبعضهم سيعودون الى بيوتهم التي افتقدتهم طويلا نتيجة الانشغال بالهم العام ؟.

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج