|
أختيار الاستال من هنا
|
روسيا اليوم | الجزيرة | ناشونال جيوغرافيك | المملكه | رؤيا | الاقصى | الكوفيه | الرياضيه | عمون | يوتيوب | مركز رفع الصور |
منتدى التامل والتفكر والروحانيات كل ما يتعلق بالتامل والعقل الباطني والصحه النفسيه التفكر والتأمل من حيث هو عبادة بالنسبة للصحة الجسمية والنفسية للمؤمن، |
كاتب الموضوع | عفراء | مشاركات | 63 | المشاهدات | 22893 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-05-2010, 13:06 | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
29. لا تتدخل فيما لا يعنيك .. من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .. ما أجمل هذه العبارة وأنت تسمعها من الفم الزكي الطاهر .. فم رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. صحيح .. تركه ما لا يعنيه .. كم هم ثقلاء أولئك الذين يزعجونك بالتدخل فيما لا يعنيهم .. يشغلك إذا رأى ساعتك .. بكم اشتريتها .. فتقول : جاءتني هديه .. فيقول : هدية !! ممن ؟ فتجيب : من أحد الأصدقاء .. فيقول : صديقك في الجامعة .. أم في الحارة .. أم أين ؟! فتقول : والله .. آآآ .. صديقي في الجامعة .. فيقول : طيب .. ما المناسبة ؟! فتقول : يعني .. مناسبة أيام الجامعة .. فيقول : مناسبة إيش ؟!! نجاح .. أم كنتم في رحلة .. أو يمكن .. أأ .. ويستمر في استجوابه لك على قضية تافهة ..!! بالله عليك ألا تحدثك نفسك أن تصرخ به : لااااا تتدخل فيما لا يعنيك .. وقد يزداد الأمر سوءاً لو أحرجك بالسؤال في مجلس عام فسبب لك إحراجاً .. أذكر أني كنت في مجلس مع عدد من الزملاء .. بعد المغرب .. رن هاتف أحدهم .. كان جالساً بجانبي .. أجاب : نعم ؟ زوجته : ألو .. وينك يا حمار ؟! كان صوتها عالياً لدرجة أني سمعت حوارهما .. قال : بخير .. الله يسلمك ( !!! ) .. ( يبدو أنه كان قد وعدها أن يذهب بها بعد المغرب لبيت أهلها وانشغل بنا ) .. غضبت الزوجة : الله لا يسلمك .. أنت مبسوط أنك مع أصحابك وأنا أنتظر .. والله انك ثور ( !! ) .. قال : الله يرضى عليك .. أمرُّك بعد العشاء .. لاحظتُ أن كلامه لا يتوافق مع كلامها .. فأدركت أنه يفعل ذلك لكيلا يحرج نفسه .. انتهت مكالمته .. جعلت ألتفت إلى الحاضرين وأتخيل أن واحداً منهم سأله : من كلمك ؟ وماذا يريد منك ؟ ولماذا تغير وجهك بعد المكالمة ..؟!! لكن الله رحِمَه لأن أحداً لم يتدخل فيما لا يعنيه .. ومثله لو زرت مريضاً .. فسألته عن مرضه .. فأجابك بكلمات عامة : الحمد لله .. شيء بسيط .. مرض صغير وانتهى .. أو نحرها من العبارات التي لا تحمل جواباً صريحاً .. فلا تحرجه بالتدقيق عليه : عفواً .. يعني ما هو المرض بالضبط ؟ وضح أكثر ..!! ماذا تعني ..!! ونحو ذلك .. عجباً !! ما الداعي لإحراجه ..؟ من حسن إسلام المرء تركه ما يعنيه .. يعني .. تنتظر أن يقول لك : أنا مريض بالبواسير .. أو مصاب بجرح في .. أو .. ما دام أنه أجاب إجابة عامة فلا داعي للتطويل معه .. ولا أعني بهذا عدم سؤال المريض عن مرضه ؟ إنما أعني عدم التدقيق في الأسئلة .. ومثله .. الذي ينادي طالباً أمام الناس في مجلس عام .. ويسأله بصوت عالٍ : هاه يا أحمد .. نجحت .. فيقول : نعم .. فيسأله : كم نسبتك ؟ كم ترتيبك في الفصل ؟ إن كنت صادقاً في اهتمامك به فاسأله على انفراد بينك وبينه .. ثم لا داعي للتدقيق .. كم نسبتك .. لماذا لم تذاكر .. لماذا لم تقبل في الجامعة .. إن كنت مستعداً لإعانته فقف معه جانباً وحدثه بما تريد .. أما نشر غسيله أمام الناس .. فلا .. قال .. صلى الله عليه وسلم .. : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .. لكن انتبه !! لا تعط الموضوع أكبر من حجمه .. سافرت إلى المدينة النبوية قبل مدة .. كنت مشغولاً بعدد من المحاضرات .. فاتفقت مع شاب فاضل أن يأخذ ولدي عبد الرحمن وأخاه بعد العصر إلى حلقة تحفيظ أو مركز صيفي ترفيهي .. ويعيدهم بعد العشاء .. كان عبد الرحمن في العاشرة من عمره .. خشيت أن يسأله ذلك الشاب من باب الفضول أسئلة لا داعي لها .. ما اسم أمك ؟ أين بيتكم ؟ كم عدد إخوانك ؟ كم يعطيك أبوك من المال ؟ فنبهت عبد الرحمن قائلاً : إذا سألك سؤالاً غير مناسب .. فقل له : قال .. صلى الله عليه وسلم .. : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .. وكررت عليه الحديث حتى حفظه .. ركب عبد الرحمن وأخوه .. مع الشاب .. كان عبد الرحمن مشدوداً متهيباً .. قال الشباب متلطفاً : حياك الله يا عبد الرحمن .. فأجابه بحزم : الله يحييك .. أراد الشاب المسكين أن يلطّف الجو .. فقال : الشيخ عنده محاضرة اليوم ؟! حاول الولد أن يتذكر الحديث فلم تسعفه ذاكرته .. فصرخ قائلاً : لا تتدخل فيما لا يعنيك !! قال الشاب : لا .. أقصد .. بل حتى أحضر وأستفيد .. فظن عبد الرحمن أنه يتذاكى عليه : فأعاد الجواب : لا تتدخل فيما لا يعنيك .. قال الشاب : عفواً عبد الرحمن أعني .. فصرخ عبد الرحمن : لااااا تتدخل فيما لا يعنيك !! ولم يزل هذا حالهما حتى رجعا !! أخبرني عبد الرحمن بالقصة مفتخراً .. فضحكت وفهمته الأمر مرة أخرى .. ورشة عمل .. مجاهدة النفس على التحرر من التدخل في شئون الآخرين .. متعبة في البداية .. لكنها مريحة في النهاية .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:06 | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
. كيف تتعامل مع "الملاقيف " ( ) ؟ أحياناً يتناول بعض الناس هاتفك الجوال - بدون استئذان - ويقرأ الرسائل التي فيه .. كان صاحبي في دعوة عامة .. وليمة عشاء عند أحد القضاة .. كل من في المجلس مشايخ فضلاء .. جلس صاحبي بينهم .. يتجاذب أطراف الحديث معهم .. ضايقه وجود هاتفه الجوال في جيبه فأخرجه ووضعه على الطاولة التي بجانبه .. كان الشيخ الذي بجانبه متفاعلاً في الحديث معه .. من باب العادة أخذ الشيخ الهاتف الجوال .. رفع إليه .. فلما نظر إلى الشاشة تغير وجهه .. وأرجعه مكانه .. كتم صاحبي ضحكة مدوية .. لما خرج ركبت معه في سيارته .. وقد وضع هاتفه الجوال بجانبه .. فرفعته إليَّ - كما فعل الشيخ – فلما نظرت إلى الشاشة ضحكت .. بل غرقت في الضحك .. تدري لماذا ؟ جرت عادة بعضهم أن يكتب عبارات على شاشة الهاتف .. يكتب اسمه .. أو "اذكر الله" .. أو غيرها .. أما صاحبي فقد كتب : " أرجع الجهاز يا ملقوف " .. كثير من الناس من هذا النوع يتدخلون في أمور الآخرين الشخصية .. فمن الطبيعي أن يركب معك في سيارتك ثم يفتح الدرج الذي أمامه .. وينظر ما بداخله ..!! وامرأة تفتح حقيبة امرأة أخرى لتأخذ أحمر الشفاه أو ظل العينين .. وقد يتصل بك فيسألك أين أنت فتقول " طالع مشوار " فيقول : أين ..؟ من معك ؟ مجموعة من الناس نخالطهم يعاملوننا بمثل هذا الأسلوب .. فكيف نتعامل معهم ؟ أهم شيء أن لا تفقده .. حاول أن تتجنب المصادمة معه .. حاول أن لا ( يزعل ) منك أحد .. كن ذكياً في الخروج من الموقف .. دون أن يحدث بينك وبينه مشكلة .. لا تتساهل بكسب الأعداء أو فقدان الأصدقاء .. مهما كانت الأسباب .. ومن أحسن الأساليب للتعامل مع الطفيليين .. هو إجابة السؤال بسؤال .. أو الانتقال إلى موضوع آخر تماماً لينسى سؤاله الأول .. فلو سألك مثلاً : كم مرتبك الشهري ؟ قل له بلطف وتبسم : لماذا هل وجدت لي وظيفة مغرية .. سيقول : لا .. لكن أريد أن أعرف .. قل : المرتبات هذه الأيام مشاكل .. ويبدو أن ذلك بسبب ارتفاع أسعار البترول !! سيقول : ما دخل البترول .. فقل : البترول هو الذي يتحكم فغي الأسعار .. ألا تلاحظ أن الحروب تقوم لأجله .. سيقول : لا .. ليس صحيحاً .. فالحروب لها أسباب أخرى .. والهالمم اليوم مليء بالحروب .. و .. وينسى سؤاله الأول .. ( هاه .. ما رأيك ألم تخرج من الموقف بذكاء ؟ ) .. وكذلك لو سألك عن وظيفتك .. أو أين ستسافر .. اسأله : لماذا .. هل ستسافر معي .. سيقول : لا أدري!! أول شيء أخبرني .. قل : لكن إن سافرت معي .. فالتذاكر عليك .. عندها سيدخل في موضوع التذاكر وينسى الموضوع الأصلي .. وهكذا .. نستطيع الخروج من مثل هذه المواقف من غير وقوع مشاكل بيننا وبين ألآخرين .. وقفة .. إذا ابتليت بمتدخل فيما لا يعنيه .. فكن خيراً منه .. أحسن الخروج من الموقف من غير أن تجرحه .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:07 | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
31. لا تنتقد !! ركب سيارة صاحبه .. فكانت أول كلمة قالها : ياااه !! ما أقدم سيارتك !! ولما دخل بيته .. رأى الأثاث فقال : أووووه .. ما غيرت أثاثك ؟! ولما رأى أولاده .. قال : ما شاء الله .. حلوين .. لكن لماذا ما تلبسهم ملابس أحسن من هذه !! ولما قدّمت له زوجته طعامه .. وقد وقفت المسكينة في المطبخ ساعات .. رأى أنواعه فقال : ياااا الله .. لماذا ما طبختي رزّ ؟ أوووه .. الملح قليل ! لم أكن أشتهي هذا النوع !! دخل محلاً لبيع الفاكهة .. فإذا المحل مليء بأصناف الفواكه .. فقال : عندك مانجو ؟ قال صاحب المحل : لا .. هذه في الصيف فقط .. فقال : عندك بطيخ ؟ قال : لا .. فتغير وجهه وقال : ما عندك شيء .. ليش فاتح المحل ! وخرج .. ونسي أن في المحل أكثر من أربعين نوعاً من الفواكه .. نعم .. بعض الناس يزعجك بكثرة انتقاده .. ولا يكاد أن يعجبه شيء .. فلا يرى في الطعام اللذيذ إلا الشعرة التي سقطت فيه سهواً .. ولا في الثوب النظيف إلا نقطة الحبر التي سالت عليه خطئاً .. ولا في الكتاب المفيد إلا خطئاً مطبعياً وقع سهواً .. فلا يكاد يسلم أحد من انتقاده .. دائم الملاحظات .. يدقق على الكبيرة والصغيرة .. أعرف أحد الناس .. زاملته طويلاً في أيام الثانوية والجامعة .. ولا تزال علاقتنا مستمرة .. إلا أني لا ذكر أنه أثنى على شيء .. أسأله عن كتاب ألفته وقد أثنى عليه أناس كثيراً وطبع منه مئات الآلاف فيقول ببرود : والله جيد .. ولكن فيه قصة غير مناسبة .. وحجم الخط ما أعجبني .. ونوعية الطباعة أيضاً سيئة .. و .. وأسأله يوماً عن أداء فلان في خطبته .. فلا يكاد يذكر جانباً مشرقاً .. حتى صار أثقل علي من الجبل .. وصرت لا أسأله أبداً عن رأيه في شيء لأني أعرفه سلفاً .. قل مثل ذلك فيمن يفترض المثالية في جميع الناس .. فيريد من زوجته أن يكون بيتها نظيفاً 24ساعة 100% .. ويريدها أيضاً أن يبقى أطفالها نظيفين متزينين على مدى اليوم .. وإن زاره ضيوف افترض أن تطبخ أحسن الطعام .. وإن جالسها افترض أن تحدثه بأجمل الأحاديث .. وكذلك هو مع أولاده .. يريدهم 100% في كل شيء .. ومع زملائه .. ومع كل من يخالطه في الشارع والسوق .. و .. وإن قصّر أحد من هؤلاء أكله بلسانه وأكثر عليه الانتقاد وكرر الملاحظات .. حتى يمل الناس منه .. لأنه لا يرى في الصفحة البيضاء إلا الأسودَ .. من كان هذا حاله عذب نفسه في الحقيقة .. وكرهه أقرب الناس إليه واستثقلوا مجالسته .. إذا أنت لم تشرب مراراً على القذا ظمئت , وأي الناس تصفو مشاربه؟! إذا كـنت فـي كل الأمور معاتباً رفـيقك لن تلـق الـذي ستعاتبه قالت أمنا عائشة t وهي تصف حال تعامله .. صلى الله عليه وسلم .. معهم : ما عاب رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. طعاماً قط .. إن اشتهاه أكله وإلا تركه .. ( ) .. نعم ما كان يصنع مشكلة من كل شيء .. وقال أنس t : والله لقد خدمت رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. تسع سنين .. ما علمته قال لشيء صنعته : لم فعلت كذا وكذا ؟ ولا عاب عليّ شيئاً قط .. ووالله ما قال لي أفَّ قط .. هكذا كان .. وهكذا ينبغي أن نكون .. وأنا بذلك لا أدعو إلى ترك النصيحة أو السكوت عن الأخطاء .. ولكن لا تكن مدققاً في كل شيء .. خاصة في الأمور الدنيوية .. تعود أن تمشّي الأمور .. لو طرق بابك ضيف فرحبت به وأدخلته غرفة الضيوف فلما أحضرت الشاي تناول الفنجان .. فلما نظر إلى الشاي بداخله قال : لـمَ لم تملأ الفنجان ؟ فقلت : أزيدك ؟ قال : لا .. لا .. يكفي .. فطلب ماء فأحضرت له كأس ماء فشكرك وشربه .. فلما انتهى قال : ماؤكم حار .. ثم التفت إلى المكيف وقال : مكيفكم لا يبرّد !! وجعل يشتكى الحر .. ثم .. ألا تشعر بثقل هذا الإنسان .. وتتمنى لو يخرج من بيتك ولا يعود .. إذن الناس يكرهون الانتقاد .. لكن إن احتجت إليه فغلفه بغلاف جميل ثم قدمه للآخرين .. قدمه في صورة اقتراح .. أو بأسلوب غير مباشر .. أو بألفاظ عامة .. كان رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. إذا لاحظ خطئاً على أحد لم يواجهه به وإنما يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا .. يعني : إياكِ أعني واسمعي يا جارة .. في يوم من الدهر أقبل ثلاثة شباب متحمسين .. إلى المدينة النبوية .. كانوا يريدون معرفة كيفية عبادة النبي.. صلى الله عليه وسلم .. وصلاته .. سألوا أزواج النبي.. صلى الله عليه وسلم .. عن عمله في السر .. فأخبرتهم زوجات النبي.. صلى الله عليه وسلم .. أنه يصوم أحياناً ويفطر أحياناً .. وينام بعضاً من الليل ويصلي بعضه .. فقال بعضهم لبعض : هذا رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه .. ثم اتخذ كل واحد منهم قراراً ..! فقال أحدهم : أنا لن أتزوج .. أي سأبقى عزباً .. متفرغاً للعبادة .. وقال الآخر : وأنا سأصوم دائماً .. كل يوم .. وقال الثالث : وأنا لا أنام الليل .. أي سأقوم الليل كله .. فبلغ النبي r ما قالوه .. فقام على منبره .. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال أقوام !! ( هكذا مبهماً ، لم يقل ما بال فلان وفلان ) .. ما بال أقوام قالوا : كذا وكذا .. لكني أصلي وأنام .. وأصوم وأفطر .. وأتزوج النساء .. فمن رغب عن سنتي فليس مني ( ) . وفي يوم آخر .. لاحظ النبي.. صلى الله عليه وسلم .. أن رجالاً من المصلين معه .. يرفعون أبصارهم إلى السماء في أثناء صلاتهم .. وهذا خطأ فالأصل أن ينظر أحدهم إلى موضع سجوده .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم .. فلم ينتهوا عن ذلك واستمروا يفعلونه .. فلم يفضحهم أو يسمهم بأسمائهم .. وإنما قال : لينتهُنَّ عن ذلك .. أو لتخطفن أبصارهم ( ) .. وكانت بريرة جارية أمةً مملوكة في المدينة .. أرادت أن تعتق من الرق .. فطلبت ذلك من سيدها .. فاشترط عليها مالاً تدفعه إليه .. فجاءت بريرة .. إلى عائشة تلتمس منها أن تعينها بمال .. فقالت عائشة : إن شئت أعطيت أهلك ثمنك .. فتعتقين .. لكن يكون الولاء لي ..( ) فأخبرت الجارية أهلها فأبوا ذلك .. وأرادوا أن يربحوا الأمرين .. ثمن عتقها .. وولاءها !! فسألت عائشة النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. فعجب.. صلى الله عليه وسلم .. من حرصهم على المال .. ومنعهم للمسكينة من الحرية !! فقال لعائشة : ابتاعيها .. فأعتقيها .. فإنما الولاء لمن أعتق .. أي الولاء لك ما دام أنك دفعت المال .. ولا تلتفتي إلى شروطهم فهي ظالمة .. ثم قام رسول الل.. صلى الله عليه وسلم .. على المنبر فقال : ما بال أقوام ( ولم يقل آل فلان ) .. يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله .. من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله .. فليس له .. وإن اشترط مائة شرط ( ) .. نعم هكذا .. لوّح بالعصا من بعيد ولا تضرب بها .. فما أجمل أن تقول لزوجتك المهملة في نظافة بيتها : البارحة تعشينا عند صاحبي فلان .. وكان الجميع يثني على نظافة منزله .. أو تقول لولدك المهمل للصلاة في المسجد .. : أنا أعجب من فلان ابن جيراننا ما نكاد نفقده في المسجد أبداً ..!! يعني .. إياك أعني واسمعي يا جارة !! ويحق لك أن تسأل : لماذا يكره الناس الانتقاد ؟ فأقول : لأنه يشعرهم بالنقص .. فكل الناس يحبون الكمال .. ذكروا أن رجلاً بسيطاً أراد أن يكون له شيء من التحكم .. فعمد إلى ترمسي ماء أحدهما أخضر والثاني أحمر .. وعبأهما بالماء البارد .. ثم جلس للناس في طريقهم .. وجعل يصيح : ماء بارد مجاناً .. فكان العطشان يقبل عليه ويتناول الكأس ليصب لنفسه ويشرب .. فإذا رآه صاحبنا قد توجه للترمس الأخضر .. قال له : لا .. اشرب من الأحمر .. فيشرب من الأحمر .. وإذا أقبل آخر .. وأراد أن يشرب من الأحمر .. قال له : لا .. اشرب من الأخضر .. فإذا اعترض أحدهم .. وقال : ما الفرق ؟! قال : أنا المسئول عن الماء .. يعجبك هذا النظام أو دبر لنفسك ماءً .. إنه شعور الإنسان الدائم بالحاجة إلى اعتباره والاهتمام به .. نحلة .. وذباب !!
كن نحلة تقع على الطيب وتتجاوز الخبيث .. ولا تك كالذباب يتتبع الجروح !! |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:08 | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
32. لا تكن أُستاذيّاً !!.. قارن بين ثلاثة آباء .. رأى كل واحد ولده جالساً عند التلفاز في أيام الامتحانات .. فقال الأول لولده : يا محمد .. ذاكر دروسك .. وقال الثاني : ماجد .. إذا ما ذاكرت دروسك والله لأضربك .. وأحرمك من المصروف .. و .. أما الثالث فقال : صالح .. لو تذاكر دروسك .. أحسن لك من التلفاز .. صح ؟! أيهم أحسن أسلوباً ..؟ لا شك أنه الثالث .. لأنه قدم أمره على شكل اقتراح .. وكذلك في التعامل مع زوجتك .. سارة ليتك تعملين شاي .. هند أتمنى أتغدى مبكراً اليوم .. وكذلك .. عندما يخطئ إنسان .. عالج خطأه بأسلوب يجعله يشعر أن الفكرة فكرته هو .. ولدك يغيب عن الصلاة في المسجد .. قل له – مثلاً – : سعد .. ما تريد تدخل الجنة .. بلى .. إذن حافظ على صلاتك .. في يوم من الأيام .. وفي خيمة أعرابي في الصحراء .. جعلت امرأة تتأوه تلد .. وزوجها عند رأسها ينتظر خروج المولود .. اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت .. لكنها ولدت غلاماً أسود !! نظر الرجل إلى نفسه .. ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان .. فعجِبَ كيف صار الغلام أسود !! أوقع الشيطان في نفسه الوساوس .. لعل هذا الولد من غيرك !! لعلها زنى بها رجل أسود فحملت منه !! لعل .. اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية .. حتى دخل على رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. وعنده أصحابه .. فقال : يا رسول الله .. إن امرأتي ولدت على فراشي غلاماً أسود !! وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط !! نظر النبي .. صلى الله عليه وسلم .. إليه .. وكان قادراً على أن يسمعه موعظة حول حسن الظن بالآخرين .. وعدم اتهام امرأته .. لكنه أراد أن يمارس معه في الحل أسلوباً آخر .. أراد أن يجعل الرجل يحل مشكلته بنفسه .. فبدأ يضرب له مثلاً يقرب له الجواب .. فما المثل المناسب له ..؟ هل يضرب له مثلاً بالأشجار ؟ أم بالنخل ؟ أم بالفُرْس والروم ؟ نظر إليه .. صلى الله عليه وسلم .. فإذا الرجل عليه آثار البادية .. وإذا هو مضطرب تتزاحم الأفكار في رأسه حول امرأته .. فقال له .. صلى الله عليه وسلم .. : هل لك من إبل ؟ قال : نعم .. قال : فما ألوانها ؟ قال : حمر .. قال : فهل فيها أسود ؟ قال : لا .. قال : فيها أورق ؟ قال : نعم .. قال : فأنى كان ذلك ؟! يعني : ما دام أنها كلها حمر ذكوراً وإناثاً .. وليس فيها أي لون آخر .. فكيف ولدت الناقة الحمراء ولداً أورق .. يختلف عن لونها ولون الأب ( الفحل ) .. فكر الرجل قليلاً .. ثم قال : عسى أن يكون نزعه عرق .. يعني قد يكون من أجداده من هو أورق .. فلا زال الشبه باقياً في السلالة .. فظهر في هذا الولد .. فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : فلعل ابنك هذا نزعه عرق ( ) .. سمع الرجل هذا الجواب .. فكر قليلاً فإذا هو جوابه هو .. والفكرة فكرته .. فاقتنع وأيقن .. ومضى إلى امرأته .. وفي يوم آخر .. جلس .. صلى الله عليه وسلم .. مع أصحابه .. فجعل يحدثهم عن أبوب الخير .. وكان مما ذكره .. أن قال : وفي بضع أحدكم صدقة .. أي وطء أحدكم امرأته له فيه أجر .. فعجب الصحابة وقالوا : يا رسول الله .. يأتي أحدنا شهوته .. ويكون له أجر ؟!! فأجابهم .. صلى الله عليه وسلم .. بجواب يشعرون به أن الفكرة فكرتهم .. فلا يحتاجون لنقاش لإقناعهم بها .. فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : أرأيتم لو وضعها في حرام .. أكان عليه وزر .. قالوا : نعم .. قال : فكذلك لو وضعها في حلال كان له أجر .. بل حتى أثناء الحوار مع الآخر .. تدرج معه عند النصح في الأشياء التي أنتما متفقان عليها .. خرج r إلى مكة معتمراً في ألف وأربعمائة من أصحابه .. فمنعتهم قريش من دخول مكة .. ووقعت أحداث قصة الحديبية المشهورة .. في آخر الأمر وبعد مشاورات طويلة بين النبي .. صلى الله عليه وسلم .. وقريش .. اتفقوا على صلح .. كان الذي تولى الاتفاق على بنود الصلح من جانب قريش هو سهيل بن عمرو .. اتفق النبي .. صلى الله عليه وسلم .. مع سهيل على شروط .. منها : • أن يعود المسلمون أدراجهم إلى المدينة من غير عمرة .. • وأن من دخل في الإسلام من أهل مكة وأراد أن يهاجر إلى المدينة فإن المسلمين في المدينة لا يقبلونه .. • أما من ارتد عن إسلامه وأراد الذهاب إلى المشركين في مكة فإنه يقبل ..!! إلى غير ذلك من الشروط التي في ظاهرها أنها هزيمة للمسلمين وإذلال لهم .. كانت قريش في الواقع خائفة من هذا العدد الكبير من المسلمين .. وتعلم أن المسلمين لو شاءوا لفتحوا مكة .. ولهذا كانت قريش تضطر إلى التلطف والمصانعة .. وكأني بهم .. ما كانوا يحلمون أن يظفروا ولا بربع هذه الشروط .. كان أكثر الصحابة متضايقاً من شروط العقد .. لكن أنى لهم أن يعترضوا .. والذي يكتب العقد ويمضيه رجل لا ينطق عن الهوى .. كان عمر متحفزاً .. ينظر يميناً وشمالاً .. يتمنى لو يستطيع عمل شيء .. فلم يصبر .. وثب عمر فأتى أبا بكر .. وأراد أن يناقشه .. فمن حكمته .. لم يبدأ بالاعتراض .. وإنما بدأ بالأشياء التي هما متفقان عليها .. وجعل يسأل أبا بكر أسئلة جوابها .. بلى .. نعم .. صحيح .. فقال : يا أبا بكر .. أليس برسول الله ..؟! قال : بلى .. قال : أولسنا بالمسلمين ؟! قال : بلى .. قال : أوليسوا بالمشركين ؟! قال : بلى .. قال : أولسنا على الحق ؟ قال : بلى .. قال : أوليسوا على الباطل ؟ قال : بلى .. قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟! فقال أبو بكر : يا عمر .. أليس هو رسول الله .؟ قال : بلى .. قال : فالزم غِرْزه .. فإني أشهد أنه رسول الله .. أي كن وراءه تابعاً لا تخالفه أبداً .. كما أن غرزات الخيط في الثوب تكون متتابعة .. قال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله .. مضى عمر .. حاول أن يصبر .. فلم يستطع .. فذهب إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. .. فقال : يا رسول الله .. ألست برسول الله ؟! قال : بلى .. قال : أولسنا بالمسلمين .. ؟ قال : بلى .. قال : أوليسوا بالمشركين .. ؟! قال : بلى .. قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟! فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : أنا عبد الله ورسوله .. لن أخالف أمره .. ولن يضيعني .. سكت عمر .. ومضى الكتاب .. ورجع المسلمون إلى المدينة .. ومضت الأيام .. ونقضت قريش العهد .. وأقبل رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. فاتحاً مكة .. مطهراً البيت الحرام من الأصنام .. وأدرك عمر أنه كان في اعتراضه حينذاك على غير السبيل .. فكان يقول : ما زلت أصوم .. وأتصدق .. وأصلي .. وأعتق .. من الذي صنعت يومئذ .. مخافة كلامي الذي تكلمته يومئذ .. حتى رجوت أن يكون خيراً .. فلله در عمر .. ودر رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. قبله .. كيف نستفيد أكثر من هذه المهارة ؟ لو كان ولدك لا يعتني بحفظ القرآن .. وتريده أن يزداد حرصاً .. ابدأ بالأشياء التي أنتما متفقان عليها .. ألا تريد أن يحبك الله .. ألا تريد أن ترتقي في درجات الجنة .. سيجيبك حتماً : بلى .. عندها قدم النصيحة على شكل اقتراح .. : إذن فلو أنك شاركت في حلقة تحفيظ القرآن .. وكذلك أنتِ : لو رأيتِ امرأة لا تعتني بحجابها .. ابدئي معها بالأشياء التي أنتما متفقتان عليها .. أنا أعلم أنك مسلمة .. وحريصة على الخير .. ستقول : صحيح .. الحمد لله .. وامرأة عفيفة .. وتحبين الله .. ستقول : إي والله .. الحمد لله .. عندها قدمي النصيحة على شكل اقتراح : فلو أنك اعتنيت بحجابك أكثر .. وحرصت على الستر .. هكذا يمكننا أن نحصل على ما نريد من الناس من غير أن يشعروا .. بارقة .. تستطيع أن تأكل العسل دون تحطيم الخلية .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:08 | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
33. أمسك العصا من النصف !! أشكرك على اختيارك مهنة التدريس .. وقد آتاك الله أسلوباً حسناً .. وطلابك يحبونك كثيراً .. و .. ولكن : ليتك ما تتأخر على الدوام في الصباح .. أنت جميلة .. والبيت مرتب .. ولا أنكر أن الأولاد متعبون .. و .. ولكن : أتمنى أن تهتمي بملابسهم أكثر .. هكذا كان أسلوب صالح مع الناس .. يذكر الجوانب المشرقة عند المخطئ ثم ينبهه على أخطائه .. ليكون عادلاً .. عندما تنتقد حاول أن تذكر جوانب الصواب في المخطئ .. قبل غيرها .. حاول دائماً أن تشعر الذي أمامك أن نظرتك إليه مشرقة .. وأنك عندما تنبهه على أخطائه لا يعني ذلك أنه سقط من عينك .. أو أنك نسيت حسناته ولا تذكر إلا سيئاته .. لا .. بل أشعره أن ملاحظاتك عليه تغوص في بحر حسناته .. كان النبي .. صلى الله عليه وسلم .. محبوباً بين أصحابه .. وكان يمارس أساليب رائعة في التعامل معهم .. وقف مرة بينهم .. فشخص ببصره إلى السماء .. كأنه يفكر أو يترقب شيئاً .. ثم قال : هذا أوانُ يختلس العلم من الناس .. حتى لا يقدروا منه على شيء .. أي : يُعرض الناس عن القرآن وتعلمه .. وعن العلم الشرعي .. فلا يحرصون عليه ولا يفهمونه .. فيُختلسُ منهم .. أي : يرفع عنهم .. فقام صحابي جليل .. هو زياد بن لبيد الأنصاري وقال بكل حماس : يا رسول الله ، وكيف يختلس منا ؟! وقد قرأنا القرآن ! فوالله لنقرأنه ، ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا .. فنظر إليه النبي .. صلى الله عليه وسلم .. .. فإذا شاب يتفجر حماساً وغيرة على الدين .. فأراد أن ينبهه على فهمه .. فقال : ثكلتك أمك يا زياد ، إني كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة .. وهذا ثناء على زياد .. أن يقول له رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. أمام الناس إنه من فقهاء المدينة .. هذا ذكر لجوانب الصواب والصفحات المشرقة لزياد .. ثم قال.. صلى الله عليه وسلم .. : هذا التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم ؟! ( ) .. أي ليست العبرة يا زياد بوجود القرآن .. وإنما العبرة بقراءته ومعرفة معانيه والعمل بأحكامه .. هكذا كان تعامله رائعاً .. وفي يوم آخر .. يمر .. صلى الله عليه وسلم .. ببعض قبائل العرب يدعوهم إلى الإسلام .. وكان يختار أحسن العبارات لأجل ترغيبهم في الاستجابة له والدخول في الإسلام .. فمر بقبيلة منهم .. اسمهم : بنو عبد الله .. فدعاهم إلى الله .. وعرض عليهم نفسه .. وجعل يقول لهم : يا بني عبد الله .. إن الله قد أحسن اسم أبيكم .. يعني لستم ببني عبد العزى .. أو بني عبد اللات .. وإنما أنتم بنو عبد الله .. فليس في اسمكم شرك فادخلوا في الإسلام .. بل كان من براعته.. صلى الله عليه وسلم .. أنه كان يرسل رسائل غير مباشرة إلى الناس .. يذكر فيها إعجابه بهم .. ومحبته الخير لهم .. فإذا بلغتهم هذه الرسائل .. عملت فيهم من التأثير أكثر مما تعمله – ربَّما – الدعوة المباشرة .. كان خالد بن الوليد بطلاً .. ولم يكن بطلاً عادياً .. بل كان بطلاً مغواراً .. يضرب له ألف حساب .. وكان النبي.. صلى الله عليه وسلم .. يتشوق لإسلامه .. لكن أنى له ذلك .. وخالد ما ترك حرباً ضد المسلمين إلا خاضها .. بل كان هو من أكبر أسباب هزيمة المسلمين في معركة أحد .. قال فيه النبي.. صلى الله عليه وسلم .. يوماً .. لو جاءنا لأكرمناه .. وقدمناه على غيره .. فكيف كان تأثير ذلك ؟ خذ القصة من أولها .. كان خالد من أشداء الكفار وقادتهم .. لا يكاد يفوت فرصة إلا حارب فيها رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. أو ترصّد له .. فلما أقبل رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. مع المسلمين إلى الحديبية .. وأرادوا العمرة .. خرج خالد في خيل من المشركين .. فلقوا النبي.. صلى الله عليه وسلم .. وأصحابه بموضع يقال له : عسفان .. فقام خالد قريباً منهم يتحين الفرصة ليصيب رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. برمية سهم أو ضربة سيف .. جعل يترصد ويترقب .. فصلى النبي.. صلى الله عليه وسلم .. بأصحابه صلاة الظهر أمامهم .. فهموا أن يهجموا عليهم .. فلم يتيسر لهم .. فكأن النبي .. صلى الله عليه وسلم .. علم بهم .. فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف .. أي قسم أصحابه إلى فريقين .. فريق يصلي معه وفريق يحرس .. فوقع ذلك من خالد وأصحابه موقعاً .. وقال في نفسه : الرجل ممنوع عنا .. أي هناك من يحميه ويمنع عنه الأذى !! ثم ارتحل .. صلى الله عليه وسلم .. وأصحابه .. وسلكوا طريقاً ذات اليمين .. لئلا يمروا بخالد وأصحابه .. وصل .. صلى الله عليه وسلم .. إلى الحديبية .. صالح قريشاً على أن يعتمر في العام القادم .. ورجع إلى المدينة .. رأى خالد أن قريشاً لا يزال شأنها ينخفض في العرب يوماً بعد يوم .. فقال في نفسه : أي شيء بقي ؟ أين أذهب ؟ إلى النجاشي ؟ .. لا .. فقد اتبع محمداً وأصحابه عنده آمنون .. فأخرج إلى هرقل ؟.. لا .. أخرج من ديني إلى نصرانية ؟.. أو يهودية ؟ وأقيم في عجم ؟.. فبنما خالد يفكر في شأنه .. ويتردد .. والأيام والشهور تمضي عليه .. إذ جاء موعد عمرة المسلمين .. فأقبلوا إلى المدينة .. دخل.. صلى الله عليه وسلم .. مكة معتمراً .. فلم يحتمل خالد رؤية المسلمين محرمين .. فخرج من مكة .. وغاب أياماً أربعة وهي الأيام التي قضاها النبي.. صلى الله عليه وسلم .. في مكة .. قضى النبي.. صلى الله عليه وسلم .. عمرته .. وجعل ينظر في طرقات مكة وبيوتها .. ويستعيد الذكريات .. تذكر البطل خالد بن الوليد .. فالتفت إلى الوليد بن الوليد .. وهو أخو خالد .. وكان الوليد مسلماً قد دخل مع النبي.. صلى الله عليه وسلم .. معتمراً .. وأراد .. صلى الله عليه وسلم .. أن يبعث إلى خالد رسالة غير مباشرة .. يرغبه فيها بالدخول في الإسلام .. قال.. صلى الله عليه وسلم .. للوليد : أين خالد ؟ فوجئ الوليد بالسؤال .. وقال : يأتي الله به يا رسول الله .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : " مثله يجهل الإسلام !! ولو كان جعل نكايته وَحَدَّه مع المسلمين .. كان خيراً له .. ثم قال : ولو جاءنا لأكرمناه .. وقدمناه على غيره .. استبشر الوليد .. وجعل يطلب خالداً ويبحث عنه في مكة .. فلم يجده .. فلما عزموا على الرجوع للمدينة .. كتب الوليد كتاباً إلى أخيه : بسم الله الرحمن الرحيم .. أما بعد .. فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام .. وعقلك عقلك ! ومثل الإسلام يجهله أحد ؟ وقد سألني رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. عنك وقال : أين خالد ؟ فقلت : يأتي الله به .. فقال : " مثله جهل الإسلام !! ولو كان جعل نكايته وَحَدَّه مع المسلمين .. كان خيراً له .. ولو جاءنا لأكرمناه .. وقدمناه على غيره .. فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة .. قال خالد : فلما جاءني كتابه .. نشطت للخروج .. وزادني رغبة في الإسلام .. وسرني سؤال رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. عني .. وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة مجدبة .. فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة .. فقلت : إن هذه لرؤيا حق .. فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. قلت : من أصاحب إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. ؟! فلقيت صفوان بن أمية .. فقلت : يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه ؟ إنما نحن كأضراس يطحن بعضها بعضاً .. وقد ظهر محمد على العرب والعجم .. فلو قدمنا على محمد واتبعناه .. فإن شرف محمد لنا شرف ؟ فأبى أشد الإباء .. وقال : لو لم يبق غيري ما اتبعته أبداً .. فافترقنا .. وقلت في نفسي : هذا رجل مصاب .. قتل أخوه وأبوه بمعركة بدر .. فلقيت عكرمة بن أبي جهل .. فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية .. فقال لي مثل ما قال لي صفوان بن أمية .. قلت : فاكتم علي خروجي إلى محمد .. قال : لا أذكره لأحد . فخرجت إلى منزلي .. فأمرت براحلتي فخرجت بها .. إلى أن لقيت عثمان بن طلحة .. فقلت : إن هذا لي صديق .. فلو ذكرت له ما أرجو .. ثم ذكرت من قتل من آبائه في حربنا مع المسلمين .. فكرهت أن أذكِّره .. ثم قلت : وما علي أن أخبره .. وأنا راحل في ساعتي هذه !.. فذكرت له ما صار أمر قريش إليه .. وقلت : إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر .. لو صُب عليه ذنوب من ماء لخرج .. وقلت له نحواً مما قلت لصاحبَيْ .. فأسرع الإستجابة وعزم على الخروج معي للمدينة !.. فقلت له : إني خرجت هذا اليوم .. وأنا أريد أن أمضي للمدينة .. وهذه راحلتي مجهزة لي على الطريق .. قال : فتواعدنا أنا وهو في موضع يقال له "يأجج " .. إن سبقني أقام ينتظرني .. وإن سبقته أقمت أنتظره .. فخرجت من بيتي آخر الليل سَحَراً .. خوفاً من أن تعلم قريش بخروجنا .. فلم يطلع الفجر حتى التقينا في "يأجج" .. فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة .. فوجدنا عمرو بن العاص على بعيره .. قال : مرحباً بالقوم .. إلى أين مسيركم ؟ فقلنا : وما أخرجك ؟ فقال : وما أخرجكم ؟ قلنا : الدخول في الإسلام .. واتباع محمد .. صلى الله عليه وسلم .. .. قال : وذاك الذي أقدمني . فاصطحبنا جميعاً حتى دخلنا المدينة .. فأنخنا بظهر الحرة ركابنا .. فأُخبر بنا رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. فسر بنا .. فلبست من صالح ثيابي .. ثم توجهت إلى رسول الل.. صلى الله عليه وسلم .. .. فلقيني أخي فقال : أسرع .. فإن رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. . . قد أُخبر بك فسُرَّ بقدومك وهو ينتظركم .. فأسرعنا السّير .. فأقبلت إلى رسول الله أمشي .. فلما رآني من بعيد تبسّم .. فما زال يتبسم إليَّ حتى وقفت عليه .. فسلمت عليه بالنبوة .. فرد على السلام بوجه طلْق .. فقلت : إني أشهد أن لا إله إلا الله .. وأنك رسول الله .. فقال : " الحمد لله الذي هداك .. قد كنت أرى لك عقلاً .. رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير " .. قلت : يا رسول الله .. إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك .. معانداً للحق .. فادع الله أن يغفرها لي .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : " الإسلام يجب ما كان قبله " .. قلت : يا رسول الله .. على ذلك .. فاستغفر لي .. قال : " اللهم اغفر لخالد بن الوليد .. كل ما أَوْضع فيه .. من صد عن سبيل الله " .. ومن يعدها كان خالد رأساً من رؤوس هذا الدين .. أما إسلامه فكان برسالة غير مباشرة وصلت إليه من رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. فما أحلمه.. صلى الله عليه وسلم .. وأحكمه .. فلنتبع مثل هذه المهارات في التأثير في الناس .. فلو رأيت شخصاً يبيع دخاناً في بقالة فأردت تنبيهه .. فأثن أولاً على بقالته ونظافتها .. وادعُ له بالبركة في الربح .. ثم نبهه على أهمية الكسب الحلال .. ليشعر أنك لم تنظر إليه بمنظار أسود .. بل أمسكت العصا من النصف .. كن ذكياً .. ابحث عن أي حسنات فيمن أمامك تغمر فيها سيئاته .. أحسن الظن بالآخرين .. ليشعروا بعدلك معهم فيحبوك .. لمحة .. عندما يقتنع الناس أننا نلحظ حسناتهم .. كما نلحظ سيئاتهم .. يقبلون منا التوجيه .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:09 | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
34. اجعل معالجة الخطأ سهلة .. تتنوع الأخطاء التي تقع من الناس كبراً وصغراً .. ومهما كان حجم الخطأ فإنه يمكن علاجه .. نعم قد لا يفيد العلاج في إصلاح ما أفسده الخطأ 100% .. لكنه على الأقل يصلح أكثر الفاسد .. عدد غير قليل من الناس لا يسعى إلى إصلاح أخطائه لشكه في قدرته أصلاً على علاجها .. وأحياناً تكون طريقتنا في التعامل مع الأخطاء هي جزء من الخطأ نفسه .. يقع ولدي في خطأ فألومه وأحقره وأعظِّم عليه الخطأ حتى يشعر بأنه سقط في بئر ليس له قاع !! فييأس من الإصلاح .. ويبقى على ما هو عليه .. وقد تقع في الخطأ زوجتي أو يقع فيه صديقي .. فإذا أشعرته أنه أخطأ ولكن الطريق لم ينقطع بعد فمعالجة الخطأ سهلة .. والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .. جاء رجل إلى النبي .. صلى الله عليه وسلم .. يبايعه على الهجرة .. وقال : إني جئت أبايعك على الهجرة .. وتركت أبوي يبكيان .. فلم يعنفه.. صلى الله عليه وسلم .. .. أو يحقر فِعْله .. أو يصغر عقله .. فالرجل جاء بنية صالحة ويرى أنه فعل الأصلح .. أشعره .. صلى الله عليه وسلم .. أن معالجة الخطأ سهلة فقال له بكل بساطة : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما ..( ) .. وانتهى الأمر .. كان.. صلى الله عليه وسلم .. يتعامل مع الناس بأساليب تربي فيهم الرغبة في الخير وتشعرهم أنهم إلى الخير أقرب .. حتى وإن وقعوا في أخطاء .. وبين يدي حادثة مروّعة .. الشاهد منها آخرُها .. لكني سأوردها من أولها رغبة في الفائدة .. كان رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين نسائه .. فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه .. فلما أراد الخروج إلى غزوة بني المصطلق .. أقرع بينهن فخرج سهم عائشة .. فخرجت مع رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. وذلك بعدما أنزل الحجاب ..وكانت تحمل في هودج .. فإذا نزلوا نزلت من هودجها .. وقضت حاجاتها .. فإذا أرادوا الارتحال ركبت فيه .. فلما فرغ رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. من غزوته .. توجه قافلاً إلى المدينة .. حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات به بعض الليل .. ثم آذن الناس بالرحيل .. فبدأ الناس يجمعون متاعهم للرحيل ..فخرجت عائشة لبعض حاجتها .. وفي عنقها عقد لها فيه جزع ظفار .. فلما فرغت من حاجتها .. انسل العقد من عنقها وهي لا تدري .. فلما رجعت العسكر .. وأرادت الدخول في هودجها .. لمست عنقها فلم تجد العقد .. وقد بدأ الناس في الرحيل .. فرجعت سريعاً إلى مكانها الذي قضت فيه حاجتها .. فأخذت تبحث عنه .. وأبطأت .. وجاء القوم فحملوا هودجها وهم يظنون أنها فيه .. فاحتملوه .. فشدوه على البعير .. ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به .. وسار الجيش .. أما عائشة فبعد بحث طويل .. وجدت العقد .. فعادت إلى مكان الجيش .. * * * * * * * * * قالت عائشة : . فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب .. قد انطلق الناس .. فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي .. فتلففت بجلبابي .. فبينما أنا جالسة في منزلي إذ غلبتني عيني فنمت .. فوالله إني لمضطجعة إذ مرَّ بي صفوان بن المعطل .. وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته .. فلم يبت مع الناس .. فرأى سواد إنسان نائم .. فأتاني فعرفني حين رآني .. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علينا .. فلما رآني قال : إنا لله وإنا إليه راجعون .. ظعينة رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. ؟ فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي .. ووالله ما كلمني كلمة .. ولا سمعت منه غير استرجاعه .. حتى أناخ راحلته .. فوطئ على يديها .. فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس .. فوالله ما أدركنا الناس وما افتقدوني حتى أصبحنا .. فوجدناهم نازلين .. فبينما هم كذلك .. إذ طلع الرجل يقود بي البعير .. فقال أهل الإفك ما قالوا .. وارتجَّ العسكر .. ووالله ما أعلم بشيء من ذلك .. * * * * * * * * * ثم قدمنا المدينة .. فلم ألبث أن مرضت واشتكيت شكوى شديدة .. وأنا لا يبلغني من كلام الناس شيء .. وقد انتهى الحديث إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. وإلى أبويَّ .. وهم لا يذكرون لي منه قليلاً ولا كثيراً .. إلا أني قد أنكرت من رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. بعض لطفه بي .. كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي .. فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك .. بل كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني قال : كيف تيكم ؟ لا يزيد على ذلك .. حتى وجدت في نفسي ..فلما رأيت جفاءه لي قلت : يا رسول الله .. لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني .. قال : لا عليك .. * * * * * * * * * فانتقلت إلى أمي ولا علم لي بشيء مما كان .. حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة .. فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بنت خالة أبي بكر t .. فوالله إنها لتمشي معي إذ تعثرت في مِرطها .. وسقطت أو كادت .. فقالت : تعس مسطح .. قلت : بئس لعمر الله ما قلت .. تسبين رجلاً قد شهد بدراً ؟ فقالت : أي هنتاه .. أولم تسمعي ما قال ؟ أوما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر .. قلت : وما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك .. قلت : أوقد كان هذا ؟ قالت : نعم والله لقد كان .. فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت .. فازددت مرضاً إلى مرضي .. فوالله ما زلت أبكي .. حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي .. وقلت لأمي : يغفر الله لك .. تحدث الناس بما تحدثوا يه .. ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً .. قالت : أي بنية خففي عليك الشأن .. فوالله لقلَّ ما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها .. ولها ضرائر إلا كثّرن .. وكثّر الناس عليها .. قلت : سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا ؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت .. لا يرقأ لي دمع .. ولا أكتحل بنوم .. ثم أصبحت أبكي .. * * * * * * * * * هذا حال عائشة .. تتهم بذلك وهي الفتاة التي لم يتجاوز عمرها خمس عشرة سنة .. تتهم بالزنا .. وهي العفيفة الشريفة .. زوجة أطهر الناس .. التي ما كشفت سترها .. ولا هتكت عرضها .. هذا حالها تبكي في بيت أبويها .. أما حال رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. فلا يبعد حزناً وهماً .. عن عائشة .. فلا جبريل يرسل .. ولا القرآن ينزل .. ويبقى.. صلى الله عليه وسلم .. متحيراً في أمره .. وقد كبر عليه اتهام المنافقين .. وكلام الناس في عرضه زوجه .. * * * * * * * * * فلما طال الأمر عليه .. قام.. صلى الله عليه وسلم .. في الناس فخطبهم .. فحمد الله .. وأثنى عليه .. ثم قال : أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي .. ويقولون عليهم غير الحق .. والله ما علمت عليهم إلا خيراً .. ويقولون ذلك لرجل .. والله ما علمت منه إلا خيراً .. ولا يدخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي .. فلما قال رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. تلك المقالة .. قام أمير الأوس سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفك إياهم .. وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا أمرك فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم .. فلما سمع ذلك أمير الخزرج سعد بن عبادة قام .. وكان رجلاً صالحاً .. لكن أخذته الحمية .. قام فقال : كذبت لعمر الله .. ما تضرب أعناقهم .. أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ؟ ولو كانوا من قومك ما قلت هذا .. فقال أسيد بن حضير : كذبت لعمر الله .. والله لنقتلنه .. ولكنك منافق تجادل عن المنافقين .. ثم ثار الناس بعضهم إلى بعض .. حتى كادوا أن يقتتلوا .. ورسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. قائم على المنبر .. فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا .. وسكت .. فلما رأى.. صلى الله عليه وسلم .. ذلك .. نزل فدخل بيته .. * * * * * * * * * ولما رأى أن الأمر لا يمكن حله من جهة عموم الناس .. أراد أن يجد حلاً من جهة أهل بيته .. وأخص الناس به .. فدعا علياً وأسامة بن زيد .. فاستشارهما .. فأما أسامة فأثنى على عائشة خيراً وقال : يا رسول الله .. أهلك وما نعلم منهم إلا خيراً .. وهذا الكذب والباطل .. وأما علي فإنه قال : يا رسول الله إن النساء لكثير .. وإنك لقادر على أن تستخلف .. وسل الجارية فإنها ستصدقك .. فدعا رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. بريرة .. فقال : أي بريرة .. هل رأيت من شيء يريبك من عائشة ؟ فقالت بريرة : لا .. والذي بعثك بالحق نبياً .. والله ما أعلم إلا خيراً .. وما كنت أعيب على عائشة شيئاً .. إلا أنها جارية حديثة السن .. فكنت أعجن عجيني .. فآمرها أن تحفظه فتنام عنه .. فتأتي الشاة فتأكله .. نعم .. كيف ترى الجارية على عائشة ريبة .. وهي الفتاة الصالحة التي رباها صديق الأمة أبو بكر .. وتزوجها سيد ولد آدم .. بل كيف تقع في ريبة .. وهي أحب الناس إلى رسول الله .. ولم يكن.. صلى الله عليه وسلم .. يحب إلا طيباً .. فهي البريئة المبرأة .. ولكن الله يبتليها ليعظم أجرها .. ويرفع ذكرها .. * * * * * * * * * وتمضي على عائشة الأيام .. والآلام تلد الآلام .. وهي تتقلب على فراش مرضها .. لا تهنأ بطعام ولا شراب .. وقد حاول رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. أن يحل المشكلة .. بخطبة على رؤوس الناس فكادت أن تقع الحرب بين المسلمين .. وحاول أن يحلها في بيته ويسأل علياً وزيداً .. فلم يخرج بشيء .. فلما رأى ذلك .. أراد أن ينهي الأمر من جهة عائشة .. قالت رضي الله عنها : وبكيت يومي ذلك لا ترقأ لي دمعه .. ولا اكتحل بنوم .. ثم بكيت ليلتي المقبلة لا ترقأ لي دمعه ولا أكتحل بنوم .. وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي .. * * * * * * * * * فأقبل يحث الخطى إلى بيت أبي بكر .. فاستأذن .. ودخل عليها وعندها أبوها وأمها.. وامرأة من الأنصار .. وهي أول مرة يدخل فيها بيت أبي بكر .. منذ قال الناس ما قالوا .. وما رأى عائشة منذ قرابة الشهر .. وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شيء في شأن عائشة .. دخل r على عائشة .. فإذا طريحة الفراش .. وكأنها فرخ منتوف من شدة البكاء والهم .. وإذا هي تبكي .. والمرأة تبكي معها .. لا يملكان من الأمر شيئاً .. فجلس رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. فحمد الله وأثنى عليه .. ثم قال : أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا .. وذكر.. صلى الله عليه وسلم .. خبر الإفك .. وما أشيع من وقوعها في خطأ كبير ..ثم أراد .. صلى الله عليه وسلم .. أن يبين لها أن الإنسان مهما وقع في خطأ فإن معالجة هذا الخطأ ليست صعبة .. فقال لها : فإن كنت بريئه فسيبرئك الله عز وجل .. وإن كنت ألممت بذنب .. فاستغفري الله عز وجل وتوبي إليه .. فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب .. تاب الله عليه .. هكذا .. حل سهل للخطأ – إن كان قد وقع – دون تعقيد وتطويل .. قالت عائشة : فلما قضى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. مقالته .. قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة .. وانتظرت أبويَّ أن يجيبا عني رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. فلم يتكلما .. فقلت لأبي : أجب عني رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. فيما قال .. فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. ! .. فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. ! ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام .. فلما استعجما علي .. استعبرت فبكيت ؟ ثم قلت : لا .. والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً .. إني والله قد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به .. ولئن قلت لكم إني بريئة - والله عز وجل يعلم إني بريئة - لا تصدقوني .. وإن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - تصدقوني .. وإني والله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف : ] فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون [ .. قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي .. وأنا والله أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي .. ولكن والله ما كنت أظن أن يَنزِلَ في شأني وحيٌ يتلى .. ولشأني كان أحقرَ في نفسي من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلى .. ولكن كنت أرجو أن يرى رسولُ الله.. صلى الله عليه وسلم .. في النوم رؤيا يبرئني الله عز وجل بها .. * * * * * * * * * فوالله ما برح رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. مجلسه .. ولا خرج من أهل البيت أحد .. حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه .. وأنزل الله على نبيه .. فأما أنا حين رأيته يوحى إليه .. فوالله ما فزعت .. وما باليت .. قد عرفت أني بريئة .. وأن الله غير ظالمي .. وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده .. ما سُرّي عن رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. حتى ظننت لتخرجن أنفسهما .. فرقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس .. فلما سُرّي عنه.. صلى الله عليه وسلم .. .. فإذا هو يضحك .. فجعل يمسح العرق عن وجهه .. وكان أول كلمة تكلم بها أن قال : أبشري يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك .. فقلت : الحمد لله .. وأنزل الله تعالى : ] إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْأِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عظيم * لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [ .. وتوعد الله أولئك بقوله : ] إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [ .. ثم خرج رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. إلى الناس .. فخطبهم .. وتلا عليهم ما أنزل الله من القران في ذلك .. ثم أقام حد القذف على من قذف .. إذن .. ينبغي أن تتعامل مع المخطئ على أنه مريض يحتاج إلى علاج .. لا أن تبالغ في كبته وتعنيفه .. لأنه قد يصل إلى درجة يشعر معها أنك فرحٌ بهذا الخطأ .. والطبيب الناصح هو الذي يهتم بصحة مرضاه أكثر من اهتمامهم هم بأنفسهم .. قال.. صلى الله عليه وسلم .. : إنما مثلي ومثل الناس .. كمثل رجل استوقد ناراً .. فلما أضاءت ما حوله .. جعل الفَرَاشُ وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها .. فجعل ينزعهن .. ويغلبنه فيقتحمن فيها !! فأنا آخذٌ بحجَزِكُم عن النار .. وأنتم تقحمون فيها .. رأي .. أحياناً تكون طريقتنا في التعامل مع الأخطاء أكبر من الخطأ نفسه .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:10 | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
35. كما أن الناس يختلفون في طباعهم وأشكالهم .. كذلك هم يختلفون في وجهات نظرهم .. وفي قناعاتهم وتصرفاتهم .. فإذا شعرت أن أحداً خالف الصواب .. ونصحته وحاولت إصلاح خطئه ولم يقتنع .. فلا تصنف اسمه من بين أعدائك .. وخذ الأمور بأريحية قدر المستطاع .. فلو حاولت إصلاح خطأ عند أحد زملائك فلم يستجب .. فلا تقلب الصداقة عداوة .. وإنما استمر في التلطف فلعله أن يبقى على خطئه ولا يزيد .. وقد قيل : حنانيك بعض الشر أهون من بعض .. إذا تعاملت مع الناس بهذه الأريحية .. فلم تغضب على كل صغيرة وكبيرة .. عشت سعيداً .. قالت عائشة رضي الله عنها : • ما انتقم رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. لنفسه قط .. • وما ضرب شيئاً قط بيده .. ولا امرأة .. ولا خادماً .. إلا أن يجاهد في سبيل الله .. • وما نيل منه شيء قط .. فينتقم من صاحبه .. إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله .. ( ) إذن .. كان .. صلى الله عليه وسلم .. يغضب .. لكنه غضبه لله .. لا يغضب لنفسه .. وحتى نفهم الفرق بين الغضبين : افرض أن ولدك الصغير جاءك ذات صباح وطلب ريالاً أو ريالين مصروفاً للمدرسة .. فبحثت في محفظة نقودك .. فلم تجد إلا فئة الخمسمائة ريال .. فأعطيتها له .. وقلت : هذه خمسمائة ريال .. اصرف منها ريالين .. وأرجع الباقي .. وأكدت عليه وكررت .. فلما رجع بعد الظهر فإذا المال كله قد صرفه .. فماذا ستفعل ؟.. وكيف سيكون غضبك ..؟ قد تضرب وتعنف وتمنعه من مصروفه أياماً .. ولكن لو رجعت مرة من صلاة العصر ووجدته يلعب بالكمبيوتر .. أو عند التلفاز .. ولم يصل في المسجد .. فهل ستغضب كغضبك الأول ؟ أظننا نتفق أن غضبنا الأول سيكون أشد وأطول وأكثر تأثيراً من غضبنا الثاني .. أما رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. فكان غضبه لله .. وكان يعرض النصيحة أحياناً ولا تقبل .. فياخذ الأمر بهدووووء .. فالهداية بيد الله .. قدم رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. إلى تبوك على حدود الشام .. اقترب من مملكة الروم .. فبعث دحية الكلبي رسولاً إلى هرقل ملك الروم .. وصل دحية إلى هرقل .. دخل عليه .. ناوله كتاب رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. . فلما أن رأى هرقل الكتاب دعا قسيسي الروم وبطارقتها .. ثم أغلق عليه وعليهم الدار فقال : " قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم .. وقد أرسل إليَّ أن يدعوني إلى ثلاث خصال .. يدعوني : • أن أتبعه على دينه .. • أو على أن نعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا .. • أو نلقي إليه الحرب .. ثم قال هرقل : والله لقد عرفتم فيما تقرأون من الكتب ليأخذن أرضنا .. فهلمَّ فلنتبعه على دينه .. أو نعطيه مالنا على أرضنا .. فلما سمع القساوسة ذلك .. ورأوا أنه يدعوهم لترك دينهم ! غضبوا .. ونخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم .. أي سقطت أرديتهم من شدة الغضب والانتفاض !! وقالوا : تدعونا إلى أن نذر النصرانية .. أو نكون عبيداً لأعرابي جاء من الحجاز .!! أسقط في يد هرقل .. وأيقن أنه تورط بعرضه عليهم .. وكان هؤلاء القساوية لهم سطوة وجمهور قوي .. فعلم هرقل أنهم إن خرجوا من عنده .. أفسدوا عليه الروم .. فجعل يهدئهم .. ويقول : إنما قلت ذلك لأعلم صلابتكم على أمركم .. كان هرقل يعلم أن النبي.. صلى الله عليه وسلم .. هو الرسول الذي بشر به عيسى عليه السلام .. . فأراد أن يتأكد من ذلك .. دعا هرقل رجلاً من عرب قبيلة "تجيب" .. كان من نصارى العرب .. وقال له : ادع لي رجلاً حافظاً للحديث .. عربيَّ اللسان .. أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه .. مضى ذاك التجيبي .. وجاء برجل من بني تنوخ .. من نصارى العرب .. دفع هرقل كتاباً لهذا التنوخي ليوصله لرسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. . وقال له : اذهب بكتابي إلى هذا الرجل .. فما سمعت من حديثه فاحفظ لي منه ثلاث خصال : • انظر هل يذكر صحيفته إلى التي كتب بشيء ..؟ • وانظر إذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل ؟ • وانظر في ظهره هل به شيء يريبك ؟ مضى التنوخي كفارقاً للشام .. حتى وصل إلى تبوك .. فإذا رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. جالس بين ظهراني أصحابه .. محتبياً على الماء .. فوقف التنوخي عليهم .. وقال : أين صاحبكم ؟ قيل : ها هو ذا .. فأقبل يمشي حتى جلس بين يديه .. فناوله كتاب هرقل .. فأخذه.. صلى الله عليه وسلم .. .. فوضعه في حِجْره .. ثم قال : " ممن أنت " .. ؟ قال : أنا أخو تنوخ .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. " هل لك إلى الإسلام .. الحنيفية .. ملة أبيك إبراهيم ؟ كان .. صلى الله عليه وسلم .. راغباً في دخول هذا الرجل في الإسلام .. في الحقيقة لم يكن هناك ما يمنع التنوخي من اتباع الحق .. إلا التعصب لدين قومه .. فحسب !! فقال التنوخي بكل صراحة : إني رسول قوم .. وعلى دين قومي .. لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم .. فما رأى.. صلى الله عليه وسلم .. هذا التعصب .. لم يغضب .. ولم يعمل مشكلة .. وإنما ضحك وقال : " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين " .. ثم قال.. صلى الله عليه وسلم .. بكل هدوء : يا أخا تنوخ .. • إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه والله ممزقه وممزق ملكه .. • وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فخرقها والله مخرق ملكه .. • وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها .. فلن يزال الناس يجدون منه بأساً ما دام في العيش خير " .. تذكر التنوخي وصية هرقل .. وقال في نفسه : هذه إحدى الثلاث التي أوصاني بها صاحبي .. فخشي أن ينساها .. فأخذ سهماً من جعبته فكتبها في جنب سيفه .. ثم إن رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. ناول الصحيفة رجلاً عن يساره .. فقال التنوخي : من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم ؟ قالوا : معاوية .. بدأ معاوية رضي الله عنه يقرأ .. فإذا هرقل قد كتب إلى النبي .. صلى الله عليه وسلم .. تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين !! فأين النار ؟ فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : " سبحان الله ! أين الليل إذا جاء النهار " . فانتبه التنوخي أن هذه الثانية التي أمره هرقل بترقبها .. فأخذ سهماً من جعبته فكتبه في جلد سيفه .. فلما أن فرغ معاوية من قراءة الكتاب .. التفت .. صلى الله عليه وسلم .. إلى التنوخي .. الذي لم يقبل النصح .. ولم يدخل في الدين .. وقال له متلطفاً : إن لك حقاً وإنك لرسول .. فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها .. إنا سِفْر مُرمِلون .. يعني أتمنى أن أعطيك هدية .. لكننا كما ترانا مسافرين جالسين على الرمال !! فقال عثمان رضي الله عنه : أنا أجوزه يا رسول الله .. ثم قام عثمان ففتح رحله .. فأتى بحلة ولباس فوضعها في حجر التنوخي .. ثم قال r الكريم : " أيكم ينزل هذا الرجل ؟ " .. يعني يقوم بحق ضيافته !! فقال فتى من الأنصار : أنا .. فقام الأنصاري وقام التنوخي يمشي معه .. وباله مشغول بالأمر الثالث الذي أمره هرقل أن يتأكد له منه .. وهو خاتم النبوة بين كتفي النبي .. صلى الله عليه وسلم .. .. مشى التنوخي خطوات .. وفجأة .. إذا برسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. يصيح به : " تعال يا أخا تنوخ " ..!! فأقبل التنوخي يهوي مسرعاً .. حتى قام بين يدي النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. فحل .. صلى الله عليه وسلم .. حبوته .. ثم أسقط رداءه عن ظهره .. فانكشف ظهره للتنوخي .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. " هاهنا امض لما أمرت به " .. قال التنوخي : فنظرت في ظهره .. فإذا أنا بخاتم في موضع غضون الكتف مثل الحجمة الضخمة .. ( ) فكرة .. المقصود أن يدرك الناس أخطاءهم .. وليس شرطاً أن يصححوها أمامك .. فلا تغضب .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:11 | رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
36. قابل الإساءة بالإحسان .. عندما تتعامل مع الناس فإنهم يعاملونك في الغالب على ما يريدون هُم .. لا على ما تريد أنت .. فليس كل من قابلته ببشاشة بادلك بشاشة مثلها .. فبعضهم قد يغضب ويسيء الظن ويسألك : مم تضحك ؟! ولا كل من أهديت له هدية .. رد لك مثلها .. فبعضهم قد تهدي إليه ثم يغتابك في المجالس ويتهمك بالسفه وتضييع المال ..!! ولا كل من تفاعلت معه في كلامه .. أو أثنيت عليه وتلطفت معه في عباراتك قابلك بمثلها .. فإن الله قسم الأخلاق كما قسم الأرزاق .. والمنهج الرباني هو : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .. وبعض الناس لا حل له ولا إصلاح إلا أن تتعامل معه بما هو عليه .. فتصبر عليه أو تفارقه .. ذُكر أن أشعب سافر مع رجل من التجار .. وكان هذا الرجل يقوم بكل شيء من خدمة وإنزال متاع وسقي دواب .. حتى تعب وضجر .. وفي طريق رجوعهما .. نزلا للغداء .. فأناخا بعيريهما ونزلا .. فأما أشعب فتمدد على الأرض .. وأما صاحبه فوضع الفرش .. وأنزل المتاع .. ثم التفت إلى أشعب وقال : قم اجمع الحطب وأنا أقطع اللحم .. فقال أشعب : أنا والله متعب من طول ركوب الدابة .. فقام الرجل وجمع الحطب .. ثم قال : يا أشعب ! قم أشعل الحطب .. فقال : يؤذيني الدخان في صدري إن اقتربت منه .. فأشعلها الرجل .. ثم قال : يا أشعب ! قم أمسك علي لأقطع اللحم .. فقال : أخشى أن تصيب السكين يدي .. فقطع الرجل اللحم وحده .. ثم قال : يا أشعب ! قم ضع اللحم في القدر واطبخ الطعام .. فقال : يتعبني كثرة النظر إلى الطعام قبل نضوجه .. فتولى الرجل الطبخ والنفخ .. حتى جهز الطعام وقد تعب .. فاضجع على الأرض .. وقال : يا أشعب ! قم جهز سفرة الطعام .. وضع الطعام في الصحن .. فقال أشعب : جسمي ثقيل ولا أنشط لذلك .. فقام الرجل وجهز الطعام ووضعه على السفرة .. ثم قال : يا أشعب ! قم شاركني في أكل الطعام .. فقال أشعب : قد استحييت والله من كثيرة اعتذاري وها أنا أطيعك الآن .. ثم قام وأكل !! فقد تلاقي من الناس من هو مثل أشعب .. فلا تحزن .. وكن جبلاً .. كان المربي الأول..صلى الله عليه وسلم .. يتعامل مع الناس بعقله لا بعاطفته .. كان يتحمل أخطاء الآخرين ويرفق بهم .. وانظر إليه ..صلى الله عليه وسلم .. وقد جلس في مجلس مبارك يحيط به أصحابه .. فيأتيه أعرابي يستعينه في دية قتيل .. قد قتل - هو أو غيره -رجلاً .. فأقبل يريد من النبي..صلى الله عليه وسلم .. أن يعينه بمال .. يؤديه إلى أولياء المقتول .. فأعطاه رسول الله ..صلى الله عليه وسلم .. شيئاً .. ثم قال تلطفاً معه : أحسنت إليك ؟ قال الأعرابي : لا .. لا أحسنت ولا أجملت .. فغضب بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه .. فأشار النبي ..صلى الله عليه وسلم .. إليهم أن كفوا .. ثم قام..صلى الله عليه وسلم .. إلى منزله .. ودعا الأعرابي إلى البيت فقال له : إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك .. فقلت ما قلت .. ثم زاده ..صلى الله عليه وسلم .. شيئاً من مال وجده في بيته .. فقال : أحسنت إليك ؟ فقال الأعرابي : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً .. فأعجبه ..صلى الله عليه وسلم .. هذا الرضى منه .. لكنه خشي أن يبقى في قلوب أصحابه على الرجل شيء .. فيراه أحدهم في طريق أو سوق .. فلا يزال حاقداً عليه .. فأراد أن يسلَّ ما في صدورهم .. فقال له ..صلى الله عليه وسلم .. : إنك كنت جئتنا فأعطيناك .. فقلت ما قلت .. وفي نفس أصحابي عليك من ذلك شيء .. فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي .. حتى يذهب عن صدورهم .. فلما جاء الأعرابي .. قال ..صلى الله عليه وسلم .. : إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه فقال ما قال .. وإنا قد دعوناه فأعطيناه .. فزعم أنه قد رضي .. ثم التفت إلى الأعرابي وقال : أكذاك ؟ قال الأعرابي : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً .. فلما هم الأعرابي أن يخرج إلى أهله .. أراد..صلى الله عليه وسلم .. أن يعطي أصحابه درساً في كسب القلوب .. فقال لهم : إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه .. فاتبعها الناس .. يعني يركضون وراءها ليمسكوها .. وهي تهرب منهم فزعاً .. ولم يزيدوها إلا نفوراً .. فقال صاحب الناقة : خلوا بيني وبين ناقتي .. فأنا أرفق بها وأعلم بها .. فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ لها من قشام الأرض .. ودعاها .. حتى جاءت واستجابت .. وشد عليها رحلها .. واستوى عليها .. ولو أني أطعتكم حيث قال ما قال .. دخل النار .. يعني لو طردتموه .. لعله يرتدّ عن الدين .. فيدخل النار .. ( ) وما كان الرفق في شيء إلا زانه .. وما نزع من شيء إلا شانه . ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .. ذُكر أنه ..صلى الله عليه وسلم .. لما فتح مكة .. جعل يطوف بالبيت .. فأقبل فضالة بن عمير .. رجل يظهر الإسلام .. فجعل يطوف خلف النبي..صلى الله عليه وسلم .. .. ينتظر منه غفلة .. ليقتله ..!! فلما دنا من النبي ..صلى الله عليه وسلم .. انتبه..صلى الله عليه وسلم .. إليه .. فالتفت إليه وقال : أفضالة !! قال : نعم .. فضالة يا رسول الله .. قال : ماذا كنت تحدث به نفسك ؟ قال : لاشيء .. كنت أذكر الله ..!! فضحك النبي ..صلى الله عليه وسلم .. .. ثم قال : أستغفر الله .. قال فضالة .. : ثم وضع رسول الله..صلى الله عليه وسلم .. يده على صدري .. فسكن قلبي .. فوالله ما رفع رسول الل..صلى الله عليه وسلم .. يده عن صدري .. حتى ما خلق الله شيء أحب إلي منه .. ثم رجع فضالة إلى أهله .. فمر بامرأة كان يجالسها .. ويتحدث إليها .. فلما رأته .. قالت : هلم إلى الحديث .. فقال : لا .. ثم قال .. قالت هلم إلى الحديث فقلت لا ** يأبى عليك الله و الإسلام لو ما رأيت محمداً وقبيله ** بالفتح يوم تكسَّر الأصنامُ لرأيت دين الضحى بينا ** والشرك يغشى وجهه الإظلام وكان فضالة بعدها من صالحي المسلمين .. كان..صلى الله عليه وسلم .. يملك قلوب الناس بالعفو عنهم .. يتحمل الأذى في سبيل التأثير فيهم .. وجرهم إلى الخير .. كان أبو طالب يكف عن النبي..صلى الله عليه وسلم .. كثيراً من أذى قريش .. فلما مات أبو طالب .. ضيقت قريش كثيراً على النبي ..صلى الله عليه وسلم .. في مكة .. ونالت من الأذى ما لم تكن نالته منه في حياة عمه أبي طالب .. فجعل..صلى الله عليه وسلم .. يفكر في مكان آخر يلجأ إليه .. يجد فيه النصرة والتأييد .. فخرج إلى الطائف يلتمس من قبيلة ثقيف النصرة والمنعة .. دخل الطائف .. فتوجه إلى ثلاثة رجال هم سادة ثقيف وأشرافهم .. وهم أخوة ثلاثة : عبد ياليل بن عمرو .. وأخوه مسعود .. وحبيب .. جلس اليهم .. دعاهم إلى الله .. كلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام .. والقيام معه على من خالفه من قومه .. فكان ردهم بذيئاً !! أما أحدهم فقال : أنا أمرط ثياب الكعبة .. إن كان الله أرسلك !! وقال الآخر : أما وجد الله أحداً يرسله غيرك ؟! وجعل الثالث يبحث متحذلقاً عن عبارة يرد بها .. حرص على أن تكون أبلغ من كلام صاحبيه .. فقال : والله لا أرد عليك أبداً .. لئن كنت رسولاً من الله كما تقول .. لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام .. ولئن كنت تكذب على الله .. فما ينبغي لي أن أكلمك .. فقام..صلى الله عليه وسلم .. من عندهم وقد يئس من خير ثقيف .. وخشي أن تعلم قريش أنهم ردوه .. فيزدادون أذى له .. فقال لهم : إن فعلتم ما فعلتم .. فاكتموا عليَّ .. فلم يفعلوا .. بل أغروا به سفهاءهم وعبيدهم .. فجعلوا يركضون وراء رسول الله..صلى الله عليه وسلم .. .. يسبونه ويصيحون به .. وقد اصطفوا صفين .. وهو يسرع الخطى بينهم .. وكلما رفع رجلاً رضخوها بالحجارة .. وهو..صلى الله عليه وسلم .. يحاول .. أن يسرع فيخطاه ليتقي ما يرمونه به من حجارة .. وجعلت قدماه الشريفتان..صلى الله عليه وسلم .. تسيلان بالدماء .. وهو الكهل الذي جاوز الأربعين .. فأبعد عنهم .. ومشى .. ومشى .. حتى جلس في موضع آمن يستريح .. تحت ظل نخلة .. وهو منشغل البال .. كيف ستستقبله قريش .. كيف سيدخل مكة .. فرفع طرفه إلى السماء وقال : اللهم اليك أشكو ضعف قوتي .. وقلة حيلتي .. وهواني على الناس .. يا أرحم الراحمين .. أنت رب المستضعفين .. وأنت ربي .. إلى من تكلني ! إلى بعيد يتجهمني .. أم إلى عدو ملكته أمري ! إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي .. ولكن عافيتك هي أوسع لي .. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات .. وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة .. من أن تنزل بي غضبك .. أو تحل عليَّ سخطك .. لك العتبى حتى ترضى .. ولا حول ولا قوة الا بك .. فبينما هو كذلك .. فإذ بسحابة تظله ..صلى الله عليه وسلم .. .. وإذا فيها جبريل عليه السلام .. فناداه : يا محمد .. إن الله قد سمع قول قومك لك .. وما ردوا عليك .. وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم .. وقبل أن ينطق..صلى الله عليه وسلم .. بكلمة .. ناداه ملك الجبال .. السلام عليك يا رسول الله .. يا محمد .. إن الله قد سمع قول قومك لك .. وأنا ملك الجبال .. قد بعثني اليك ربك لتأمرني ما شئت .. ثم قبل أن ينطق..صلى الله عليه وسلم .. أو يختار .. جعل ملك الجبال يعرض عليه .. ويقول : إن شئت تطبق عليهم الأخشبين .. وهما جبلان عظيمان في جانبي مكة .. وجعل ملك الجبال ينتظر الأمر .. فإذا به..صلى الله عليه وسلم .. يطأ على حظوظ النفس .. وشهوة الانتقام .. ويقول : بل .. أستأني بهم .. فإني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً .. كن بطلاً ..
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جداً فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هم دعوني إلى نصر أتيتهم شداً ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقد |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:12 | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
37. أقنعه بخطئه ليقبل النصح .. بعض الناس يشغل الآخرين بكثرة التوجيهات والملاحظات حتى يوصلهم إلى مرحلة الملل والاستثقال .. خاصة إذا كانت النصائح والتوجيهات مبنية على آراء وأمزجة شخصية .. كمن ينصحك بعد وليمة دعوت الناس إليها وتعبت في إعدادها وتعب معك أهلك ومالك ! ثم يقول لك هذا الناصح : يا أخي الوليمة ما كانت مناسبة .. وتعبك ذهب هدراً .. وكنت أظن أنها ستكون بمستوى أعلى من هذا .. فتقول لماذا ؟ فيقول : يا أخي أكثر اللحم كان مشوياً .. وأنا أحب اللحم المسلوق !! والسلطات كانت حامضة بسبب اللليمون .. وأنا لا أحب ذلك .. وكذلك الحلويات كانت مزينة بالكريمة .. وهذا يجعل طعمها غير مقبول .. ثم يقول لك : وعموماً أكثر الناس أيضاً تضايقوا .. وما أكلوا إلا مجاملة .. أو لأنهم اضطروا إليه .. فقطعاً .. أنت هنا ستنظر إلى هذا الناصح نظرة ازدراء وإعراض .. ولن تقبل منه نصيحته ؛ لأنها مبنية على آراء وأمزجة شخصية ..!! قل مثل ذلك فيمن ينصح آخر حول طريقة تعامله مع أولاده .. أو مع زوجته .. أو طريقة بنائه لبيته .. أو نوع سيارته .. بناء على ذوقه الخاص .. انتبه دائماً أن تكون هذه النصائح والانتقادات مبنية على مجرد أمزجة شخصية .. نعم لو طلب رأيك .. أبده له واعرضه عليه .. أما أن تتكلم معه وتنصح كما تنصح المخطئ .. فلا .. وأحياناً .. المنصوح لا يشعر أنه مخطئ فلا بد أن تكون حجتك قوية عند نصحه .. جلس أعرابي صلف مع قوم صالحين .. فتكلموا حول بر الوالدين .. والأعرابي يسمع .. فالتفت إليه أحدهم وقال : يا فلان .. كيف برك بأمك .. فقال الأعرابي : أنا بها بار .. قال : ما بلغ من برك بها ؟ قال : والله ما قرعتها بسوط قط !! يعني إن احتاج إلى ضربها .. ضربها بيده أو عمامته .. أما السوط فلا يضربها به .. من شدة البرّ!! فالمسكين ما كان ميزان الخطأ والصواب عنده مستقيماً .. فكن رفيقاً لطيفاً .. حتى يقتنع الذي أمامك بخطئه .. كان في عهده.. صلى الله عليه وسلم .. امرأة من بني مخزوم تستلف المتاع من النساء .. وتتغافل عن رده فإذا سألوها عنه جحدته .. وأنكرت أنها أخذت شيئاً .. حتى زاد أذاها في الجحد والسرقة فرفع أمرها إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. .. فقضى فيها أن تقطع يدها .. فشق على قريش أن تقطع يدها وهي من قبيلة من كبار قبائل قريش .. فأرادوا أن يكلموا النبي.. صلى الله عليه وسلم .. ليخفف هذا الحكم إلى حكم آخر .. كجلد أو غرامة مال .. أو نحو ذلك .. وكلما توجه رجل منهم لنقاش النبي .. صلى الله عليه وسلم .. في هذا الأمر .. تردد ورجع .. فقالوا لن يجترئ على رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. إلا أسامة بن زيد .. حِبُّ رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. وابن حِبِّه .. تربى هو وأبوه في بيت النبي.. صلى الله عليه وسلم .. حتى صار كولده .. فكلموا أسامة .. أقبل أسامة إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. .. فرحب به وأجلسه عنده .. جعل أسامة يكلم النبي.. صلى الله عليه وسلم .. ليخفف الحكم .. ويبين أن هذه المرأة من أشراف الناس .. وأسامة يواصل الكلام والنبي.. صلى الله عليه وسلم .. يستمع .. كان أسامة يحاول إقناع النبي.. صلى الله عليه وسلم ..برأيه ..نظر النبي.. صلى الله عليه وسلم .. إلى أسامة .. فإذا هو يحاول ويناقش .. بكل قناعة .. ولا يدري أنه يطلب منه ما لا يجوز ..!! فتغير النبي وغضب.. صلى الله عليه وسلم .. وكان أول كلمة قالها أن بين له خطأه فقال : أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة ؟ فكأنه يبين سبب غضبه لأسامة .. وأن حدود الله تعالى التي أوجب على عباده إقامتها لا تجوز الشفاعة فيها .. فانتبه أسامة .. وقال فوراً : استغفر لي يا رسول الله .. فلما كان الليل .. قام.. صلى الله عليه وسلم .. فخطب في الناس وأثنى على الله بما هو أهله .. ثم قال : " أما بعد .. فإنما أهلك الذين من قبلكم : أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه .. وإذا سرق فيهم الضعيف .. أقاموا عليه الحد .. وإني والذي نفسي بيده .. لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .." ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها .. قالت عائشة.. صلى الله عليه وسلم .. فحسنت توبتها بعدُ .. وتزوجت .. وكانت تأتيني بعد ذلك .. فأرفع حاجتها إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. ( ) .. أسامة له مواقف متعددة مع رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. .. كلها تفيض بالرحمة والتعامل الراقي .. قال أسامة بن زيد : بعثنا رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. إلى الحرقات من جهينة .. فهزمناهم وخرجنا في آثارهم .. فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم .. فلاذ منا بشجرة .. فلما أدركناه .. ورفعنا عليه السيف .. قال : لا إله إلا الله .. فأما صاحبي الأنصاري فخفض سيفه .. وأما أنا فظننت أنه يقولها فرقاً من السلاح .. فحملت عليه فقتلته .. فعرض في نفسي من أمره شيء .. فأتيت النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. فأخبرته .. فقال لي : أقال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟! قلت : إنه لم يقلها من قِبَلِ نفسه .. إنما قالها فرقاً من السلاح .. فأعاد علي : أقال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟! فهلا شققت عن قلبه .. حتى تعلم أنه إنما قالها فرقاً من السلاح .. سكت أسامة .. فهو لم يشق عن قلب الرجل فعلاً ..!! لكنه كان في ساحة حرب .. والرجل مقاتل !! فأعاد عليه .. صلى الله عليه وسلم .. لسؤال مستنكراً : أقال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟! يا أسامة قتلت رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله !! كيف تصنع بلا إله إلا الله يوم القيامة ؟! فما زال يقول ذلك حتى وددت إني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ( ) .. فتأمل كيف تدرج معه ببيان الخطأ وإقناعه به .. ثم وعظه ونصحه .. ولأجل أن يقتنع المنصوح بما تقول .. ناقشه بأفكاره ومبادئه هو قدر المستطاع .. نعم فكر من وجهة نظره .. بينما رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. في مجلسه المبارك .. يحيط به أصحابه ألأطهار .. إذ دخل شاب إلى المسجد وجعل يتلتفت يميناً وشمالاً كأنه يبحث عن أحد .. وقعت عيناه على رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. فأقبل يمشي إليه .. كان المتوقع أن يجلس الشاب في الحلقة ويستمع إلى الذكر .. لكنه لم يفعل ..! إنما نظر الشاب إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. وأصحابه حوله .. ثم قال بكل جرأة : يا رسول الله .. ائذن لي بـ .. بطلب العلم ؟! لا .. لم يقلها .. ويا ليته قالها .. ائذن لي بالجهاد .. لا .. ويا ليته قالها .. أتدري ماذا قال ؟ قال : يا رسول الله .. ائذن لي بالزنا .. عجباً !! هكذا بكل صراحة ؟!! نعم .. هكذا : ائذن لي بالزنا .. نظر النبي .. صلى الله عليه وسلم .. إلى الشاب .. كان يستطيع أن يعظه بآيات يقرؤها عليه .. أو نصيحة مختصرة يحرك بها الإيمان في قلبه .. لكنه.. صلى الله عليه وسلم .. سلك أسلوباً آخر .. قال له.. صلى الله عليه وسلم .. بكل هدوء : أترضاه لأمك ؟ فانتفض الشاب وقد مرَّ في خاطره أن أمه تزني .. فقال : لا .. لا أرضاه لأمي .. فقال له.. صلى الله عليه وسلم .. بكل هدوء : كذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم .. ثم فاجأه سائلاً : أترضاه لأختك ؟! فانتفض الشاب أخرى .. وقد تخيل أخته العفيفة تزني .. وقال مبادراً : لا .. لا أرضاه لأختي .. فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : كذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم .. ثم سأله : أترضاه لعمتك ؟! أترضاه لخالتك ؟! والشاب يردد : لا .. لا .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : فأحب للناس ما تحب لنفسك .. واكره للناس ما تكره لنفسك .. أدرك الشاب عند ذلك أنه كان مخطئاً .. فقال بكل خضوع : يا رسول الله .. ادعُ الله أن يطهر قلبي .. فدعاه.. صلى الله عليه وسلم .. .. فجعل الشاب يقترب .. ويقترب .. حتى جلس بين يديه .. ثم وضع يده على صدره .. وقال : اللهم اهد قلبه .. واغفر ذنبه .. وحصن فرجه .. فخرج الشاب وهو يقول : والله لقد دخلت على رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. . وما شيء أحب إليَّ من الزنا .. وخرجت من عنده وما شيء أبغض إليَّ من الزنا .. ثم انظر إلى استعمال العواطف .. دعاه .. وضع يده على صدره .. دعا له .. يعني استعمل جميع الأساليب لإصلاح من أمامه .. بعدما جعله يقتنع بشناعة الفعل ليتركه عن قناعة .. فلا يفعله أبداً .. لا أمامه ولا خلفه .. قاعدة .. إذا شعر المخطئ ببشاعة خطئه اقتنع بحاجته للنصيحة .. وصار قبوله أكثر .. وقناعته أكبر .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:13 | رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
38. لا تلمني !! انتهى الأمر .. ؟ يظن بعض الناس أنه عندما يلوم الآخرين على أخطائهم التي ربما تكون لا ترى إلا بالمجهر .. يظن أنه يتقرب منهم أكثر .. أو أنه يقوي شخصيته بذلك .. والحق أنه ليس الذكاء والفطنة أن تستطيع اللوم .. وإنما هو أن تتجنبه قدر المستطاع .. وتسعى إلى إصلاح الأشخاص بأساليب لا تجرح .. ولا تحرج .. أحياناً تحتاج في بعض الأمور أن تتعامى .. خاصة الأشياء الدنيوية .. والحقوق الخاصة .. ليس الغبي بسيد في قومه 00 لكن سيد قومه المتغابي والملوم يعتبر اللوم سهماً حاداً يوجه إليه .. لأنه يشعره بنقصه .. هذا أولاً .. ثانياً : تجنب النصح في الملأ قدر المستطاع .. تغمدني بنصحك في انفرادي .. وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوع .. من التوبيخ لا أرضى استماعه بل .. إذا انتشر خطأ معين .. واضطررت إلى النصح العام .. فاعمل بقاعدة : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا .. كما تقدم معنا .. إذن .. اللوم كالسوط الذي يجلد به اللائم ظهر الملوم .. وبعض الناس ينفر الآخرين إما بكثرة لومه .. أو بلومه على أمور انتهت ولا يقدم اللوم أو يؤخر فيها شيئاً .. أذكر أن رجلاً فقيراً .. تغرب عن أهله إلى بلد آخر .. واشتغل سائق شاحنة .. كان في أحد الأيام متعباً لكنه ركب الشاحنة ومضى بها في طريق طويل بين مدينتين .. غلبه النوم أثناء الطريق .. فجعل يصارعه وأسرع قليلاً .. فتجاوز سيارة أمامه دون أن ينتبه إلى الطريق فإذا أماه سيارة صغيره فيها ثلاثة أشخاص .. حاول أن يتفاداها .. لم يستطع .. فاصطدم بها وجهاً لوجه .. ثار الغبار .. وجعل المارة يوقفون سياراتهم ويتفرجون على الحادث .. نزل سائق الشاحنة .. ونظر إلى السيارة المصدومة .. وإلى من بداخلها فإذا هم موتى .. أنزلهم الناس واتصلوا بالإسعاف .. قعد سائق الشاحنة ينتظر ووصول الإسعاف .. ويفكر فيما سيحصل له بعد الحادث من سجن ودية .. ويفكر في أولاده الصغار .. وزوجته .. مسكين .. هموم انهدت عليه كالجبال ..!! جعل الناس يمرون به ويلومونه .. عجباً ..!! أهذا وقت اللوم .. ألا يمكن أن يؤجل قليلاً ؟ قال أحدهم : لماذا تسرع ؟ هذه عواقب السرعة .. وقال آخر : أكيد أنك كنت نعسان ومع ذلك استمريت في القيادة ..! لم توقف سيارتك وتنام ..؟ وقال ثالث : المفروض أن مثلك لا تصرف لهم رخص قيادة !! كانوا يقولون هذه العبارات بأسلوب حاد .. فيه تعنيف وصراخ .. كان الرجل واجماً .. جالساً على صخرة ساكتاً .. متكئاً برأسه على يديه .. وفجأة هوى على جنبه .. و .. و .. مااات .. قتلوه بلومهم .. ولو صبروا قليلاً لكان خيراً له ولهم .. ضع نفسك موضع الملوم ..المخطئ .. وفكر من وجهة نظره .. فأحياناً لو كنت مكانه قد تقع في خطأ أكبر من خطئه .. كان رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. يراعي ذلك كثيراً .. لما انصرف.. صلى الله عليه وسلم .. من خيبر.. أطالوا المسير حتى تعبوا .. فلما أقبل الليل .. نزلوا في موضع في الطريق ليناموا .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام ؟ كان بلال متحمساً فقال : أنا يا رسول الله أحفظه عليك ؟ فاضطجع رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. .. ونزل الناس فناموا .. وقام بلال يصلي حتى تعب .. وقد كان متعباً من طول الطريق قبل ذلك .. فقعد واستند إلى بعيره مستريحاً .. واستقبل الفجر يرمقه .. فغلبته عينه .. فناااام .. كان الجميع في تعب شديد .. فطال نومه ونومهم .. ومضى الليل .. وطلع لاصبح .. والكل نيام .. ولم يوقظهم إلا حر الشمس .. استيقظ رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. وهبَّ الناس من نومهم .. فلما رأوا الشمس اضطربوا .. وكثر لغطهم .. الكل ينظر إلى بلال .. التفت .. صلى الله عليه وسلم .. إلى بلال وقال : ماذا صنعت بنا يا بلال ؟ فأجاب بلال بجواب مختصر .. لكنه موضح للواقع تماماً .. قال : يا رسول الله .. أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك .. يعني أنا بشر .. حاولت أن أقاوم النوم .. فلم أستطع .. غلبني النوم كما غلبكم !! فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : صدقت .. وسكت عنه .. نعم فما فائدة اللوم هنا .. فلما رأى .. صلى الله عليه وسلم .. اضطراب الناس .. قال .. صلى الله عليه وسلم .. : ارتحلوا .. فارتحلوا .. فمشى شيئاً يسيراً .. ثم نزل ونزلوا .. فتوضأ وتوضئوا .. ثم صلى بالناس .. فلما سلم .. أقبل على الناس فقال : إذا نسيتم الصلاة .. فصلوها إذا ذكرتموها .. فلله دره ما أعقله وأحكمه.. صلى الله عليه وسلم .. .. كان مدرسة لكل قائد .. ليس مثل بعض الرؤساء اليوم لا تكاد عصا اللوم والتقريع تنزل من يده .. بل كان.. صلى الله عليه وسلم .. يضع نفسه مكان من تحته ويفكر بعقولهم .. ويتعامل مع القلوب قبل الأجساد .. يعلم أنهم بشر .. وليسوا آلات !! في السنة الثامنة من الهجرة .. جمع الروم جيشاً .. وأقبل من جهة الشام .. لقتال النبي.. صلى الله عليه وسلم .. وأصحابه .. وقيل إنه.. صلى الله عليه وسلم .. جمع جيشاً لغزوهم ابتداءً .. بدأ .. صلى الله عليه وسلم .. يجهز جيشاً لإرساله إليهم .. فلم يزل يحث الناس حتى جمع ثلاثة آلاف .. فزودهم بما وجد من سلاح وعتاد .. قال لهم : أميركم زيد بن حارثة .. فإن أصيب زيد .. فجعفر بن أبي طالب على الناس .. فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة .. وخرج معهم .. صلى الله عليه وسلم .. يودعهم .. وخرج الناس يودعون الجيش .. ويقولون : صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين .. كان عبد الله بن رواحة مشتاقاً إلى الشهادة .. فقال : لكنني أسأل الرحمن مغفرةً وضربةً ذات فرغ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقال إذا مروا على جدثي ياأرشد الله من غازٍوَقد رشدا ثم مضى الجيش حتى نزلوا "معان" من أرض الشام .. فبلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم .. وانضم إليه من القبائل حوله مائة ألف .. فصار جيش الروم مائتي ألف .. فلما تيقن المسلمون من ذلك .. أقاموا في "معان" ليلتين ينظرون في أمرهم .. فقال بعضهم : نكتب إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. نخبره بعدد عدونا .. فإما أن يمدنا بالرجال .. أو يأمرنا بما يشاء فنمضي له .. وكثر كلام الناس في ذلك .. فقام عبد الله بن رواحة .. ثم صاح بالناس وقال : يا قوم .. والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون .. الشهادة في سبيل الله .. تفرون منها !! وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة .. ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به .. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين .. إما ظهور وإما شهادة .. فمضى الناس .. يسيرون .. حتى إذا دنوا من جيش الروم .. في موقعة "مؤتة" فإذا أعداد عظيمة لا قبل لأحد بها .. قال أبو هريرة: شهدت يوم مؤتة .. فلما دنا منا المشركون .. رأينا ما لا قبل لأحد به من العدة .. والسلاح .. والكراع .. والديباج .. والحرير .. والذهب .. فبرق بصري .. فقال لي ثابت بن أرقم : يا أبا هريرة .. كأنك ترى جموعاً كثيرة ؟ قلت : نعم .. قال : إنك لم تشهد بدراً معنا .. إنا لم ننصر بالكثرة .. ثم التقى الناس فاقتتلوا .. فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. حتى كثرت عليه الرماح وسقط صريعاً شهيداً.. فأخذ الراية جعفر بكل بطولة .. فاقتحم عن فرس له شقراء فجعل يقاتل القوم .. وهو يقول : يا حبذا الجنة واقـترابها طيبة وبارد شرابها والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها علي إن لاقيتها ضرابها أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت .. فأخذ اللواء بشماله فقطعت .. فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة .. قال ابن عمر : وقفت على جعفر يومئذ .. وهو قتيل .. فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره .. فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء .. إن رجلاً من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعته نصفين .. فلما قتل جعفر .. أخذ عبد الله بن رواحة الراية .. ثم تقدم بها وهو على فرسه .. فجعل يستنزل نفسه .. ويتردد بعض التردد .. ويقول : أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنة مالي أراك تكرهين الجنة ثم قال : يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت ثم نزل .. فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم .. شد بهذا صلبك .. فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت .. فأخذه من يده فانتهش منه نهشة .. ثم سمع الحطمة في ناحية الناس .. فقال : وأنت في الدنيا ! فألقاه من يده .. ثم أخذ سيفه ثم تقدم .. فقاتل حتى قتل t .. فوقعت الراية .. واضطرب المسلمون .. وابتهج الكافرون .. والراية تطؤها الخيل .. ويغلوها الغبار .. فأقبل البطل ثابت بن أرقم .. ثم رفعها .. وصاح .. يا معاشر المسلمين .. هذه الراية .. فاصطلحوا على رجل منكم .. فتصايح من سمعه وقالوا : أنت .. أنت .. قال : ما أنا بفاعل .. فأشاروا إلى خالد بن الوليد .. فلما أخذ الراية .. قاتل بقوة .. حتى إنه كان يقول : لقد اندقَّ في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية .. ثم انحاز خالد بالجيش .. وانحاز الروم إلى معسكرهم .. خشي خالد أن يرجع بالجيش إلى المدينة من ليلته .. فيتبعهم الروم .. فلما أصبحوا .. غير خالد مواقع الجيش .. فجعل مقدمة الجيش .. في المؤخرة .. وجعل مؤخرة الجيش مقدمة .. ومن كانوا يقاتلون في يمين الجيش .. أمرهم بالانتقال إلى يساره .. وأمر من في الميسرة أن يذهبوا للميمنة .. فلما ابتدأ القتال .. وأقبل الروم .. فإذا كل سرية منهم ترى رايات جديدة .. ووجوهاً جديدة .. فاضطرب الروم .. وقالوا : قد جاءهم في الليل مدد .. فرعبوا في القتال .. فقتل المسلمون منهم مقتلة عظيمة .. ولم يقتل من المسلمين إلا اثنا عشر رجلاً .. وانسحب خالد بالجيش .. آخر النهار من ساحة القتال .. ثم واصل مسيره نحو المدينة .. فلما أقبلوا إلى المدينة .. لقيهم الصبيان يتراكضون إليهم .. ولقيتهم النساء .. فجعلوا يحثون التراب في وجوه الجيش .. ويقولون : يا فرار .. فررتم في سبيل الله .. فلما سمع النبي.. صلى الله عليه وسلم .. ذلك .. علم أنهم لم يكن أمامهم إلا ذلك .. وأنهم فعلوا ما بوسعهم .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. مدافعاً عنهم : ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار .. إن شاء الله عز وجل " . نعم انتهى الأمر .. وهم أبطال ماقصروا .. لكنهم بشر والأمر كان فوق طاقتهم .. إذن الصلاة على الميت الحاضر .. أحياناً انتهى الأمر فلا فائدة من اللوم .. كان هذا منهجه .. صلى الله عليه وسلم .. دائماً .. لما سمع الكفار برسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. قادماً بجيشه إلى مكة فاتحاً .. دخلهم الرعب .. فأرسل إليهم رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. من يقول لهم : • من دخل داره وأغلق عليه بابه فهو آمن .. • ومن دخل المسجد فعو آمن .. • ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن .. فبدأ الناس يفرون من بين يديه.. صلى الله عليه وسلم .. .. فاجتمع بعض فرسان قريش .. وأردوا أن يحاربوا .. فأبى عليهم قومهم .. فاجتمع نفر منهم في مكان يقال له الخندمة .. اجتمع صفوان بن أمية .. وعكرمة بن أبي جهل .. وسهيل بن عمرو .. وجمعوا ناساً معهم بالخندمة ليقاتلوا .. وكان حماس بن قيس .. يعد سلاحاً قبل قدوم النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. ويصلحه .. فقالت له امرأته : لماذا تعد ما أرى ؟ قال : لمحمد وأصحابه ..!! كانت امرأته تعلم بقوة المسلمين .. فقالت : والله ما أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء ! قال : والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم .. يعين ياسر بعضهم ويجيء بهم إليها خدماً .. ثم قال مفتخراً : إن يقبلوا اليوم فما لي علة هذا سلاح كامل وأله وذو غرارين سريع السلة ثم خرج من عندها .. إلى موقع "الخندمة" .. حيث اجتمع أصحابه .. فما هو إلا أن لقيهم المسلمون .. يتقدمهم سيف الله خالد بن الوليد .. فابتدأ القتال .. وصال الأبطال .. فقتل في لحظة واحدة .. أكثر من اثني عشر أو ثلاثة عشر .. من الكفار .. فلما رأى حماس بن قيس ذلك .. التفت إلى صفوان وعكرمة .. فإذا هما يفران إلى بيوتهما .. فانهزم معهم .. وذهب يعدو إلى بيته .. فدخله سريعاً .. وأخذ يصيح بامرأته فزعاً : أغلقي علي بابي .. فإنهم يقولون من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن ..!! فقالت : فأين ما كنت تقول ؟ أن تهزمهم .. وتخدمني بعضهم ..!! فقال : إنك لو شهدت يوم الخندمة إذ فر صفوان وفر عكرمة وأبو يزيد قائم كالمؤتمة واستقبلتهم بالسيوف المسلمة يقطعن كل ساعد وجمجمة ضرباً فلا يسمع إلا غمغمة لهم نهيت خلفنا وهمهمة لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة صحيح .. لو رأت امرأته ما رأى من شدة القتال .. ما نطقت في لومه كلمة .. وفي موقف آخر .. لما دخل النبي.. صلى الله عليه وسلم .. . مكة فاتحاً .. فقد كان يعلم عظمة البلد الحرام .. فقاتل قتالاً يسيراً .. ثم قال : إن الله حرم هذا البلد يوم خلق السموات والأرض .. وإنما حلَّ لي ساعة من نهار " .. فقيل له : يا رسول الله .. أنت تنهى عن القتل .. وهذا خالد بن الوليد في كتيبته .. يقتل من لقيه من المشركين ؟ فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : " قم يا فلان .. فأت خالد بن الوليد .. فقل له : فليرفع يده من القتل " . هذا الرجل يعلم أنهم الآن يعيشون حالة حرب .. وأن النبي.. صلى الله عليه وسلم .. أمرهم قريشاً بالبقاء في بيوتهم لئلا يقتلوا .. فمن كان في غير بيته استحق المقاتلة .. ففهم من قول النبي.. صلى الله عليه وسلم .. : يرفع يده من القتل .. أي يقتل كل من وقف أمامه .. حتى يرفع يده بالسيف لأنه لا يجد من يقتل ..!! فأتى الرجل خالداً فصاح به : يا خالد .. إن رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. يقول : اقتل من قدرت عليه ! فقتل خالد سبعين إنساناً .. فأتي رجل النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. قال : يا رسول الله .. هذا خالد يقتل .. فعجب النبي .. صلى الله عليه وسلم .. .. كيف يقتل وقد نهاه ..؟! فأرسل إلى خالد ليأتيه .. فأتاه .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : " ألم أنهك عن القتل ؟ " فعجب خالد وقال : يا رسول الله .. جاءني فلان فأمرني أن أقتل من قدرت عليه .. فأرسل النبي .. صلى الله عليه وسلم .. إلى ذاك الرجل .. فجاء ورأى خالداً .. فقال له.. صلى الله عليه وسلم .. : " ألم أقل يرفع يده من القتل ؟ " فأدرك الرجل خطأه .. لكن الأمر انتهى .. فقال : يا رسول الله .. أردتَّ أمراً .. وأراد الله أمراً .. فكان أمرُ الله فوق أمرك .. وما استطعتُ إلا الذي كان .. فسكت عنه النبي.. صلى الله عليه وسلم .. وما ردَّ عليه شيئاً .. من تأمل في مسيرة الحياة .. وجد هذا الأمر ظاهراً .. أحياناً يكون الشخص قد فعل أحسن ما يستطيع .. ركبت مع أحد الشباب في سيارته .. فإذا قيادته جيدة .. وكنت أعلم أنه وقع له حادث تصادم قبل اسبوع .. فسألته : ألاحظ أن قيادتك جيدة .. فلماذا صدمت قبل أسبوع ؟! قال : كان لا بد أن أصدم !! قلت عجباً !! قال : نعم .. كان لا بد أن أصدم .. أتدري لماذا ؟ قلت : لماذا ؟! قال : أقبلت بسيارتي على جسر .. وكنت مسرعاً .. فلما نزلت منه فإذا السيارات أمامي متوقفة صفوفاً .. لا أدري ما السبب .. حادث في الأمام .. أو نقطة تفتيش .. لا أدري .. المهم أني تفاجات بها .. كان أمامي أربعة مسارات كلها مليئة بالسيارات .. وكنت مخيراً بين أن أنحرف عنها كلها وأسقط من فوق الجسر .. أو أمسك فرامل بأقوى ما أستطيع وعندها ستلعب بي السيارة في الطريق .. أو الاختيار الثالث .. وهو أهونها .. قلت : وما هو ؟! قال : أن أصدم إحدى السيارات الأربع الواقفة أمامي .. ضحكت .. وقلت .. هاه وماذا فعلت ؟ قال : خففت سرعتي قدر استطاعتي .. واخترت أرخص السيارات التي أمامي .. و .. و .. صدمتها .. فكرت فيما قال .. فرأيت أنه لا يستحق اللوم كثيراً .. وذلك أن الاختيارات التي كانت أمامه محدودة .. يعني بعض المشاكل ليس لها حل .. شخص أبوه عصبي .. نصحه بجميع الأساليب .. ما نفع .. ماذا يفعل ؟ لفتة ..
ضع نفسك موضع الملوم وفكر من وجهة نظره .. ثم احكم عليه .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
الموضوع الحالى: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ... -||- القسم الخاص بالموضوع: منتدى التامل والتفكر والروحانيات -||- المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج -||- شبكة صدى الحجاج |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الخارجية الإسرائيلية ترحب بزيارة الداعية محمد العريفي | عبادي | المنتدى الاسلامى العام | 1 | 07-04-2010 17:24 |
|
عدد الزوار والضيوف المتواجدبن الان على الشبكة من الدول العربيه والاسلاميه والعالميه
انت الزائر رقم
كل ما يكتب في المنتديات لا يعبر بالضرورة عن رأي إدارة شبكة ومنتديات صدى الحجاج
شبكة ومنتديات صدى الحجاج لا تنتمي لاي حزب او جماعه او جهة او معتقد او فئه او
مؤسسة وانما تثمل المصداقيه والكلمه الحرة
...