|
أختيار الاستال من هنا
|
روسيا اليوم | الجزيرة | ناشونال جيوغرافيك | المملكه | رؤيا | الاقصى | الكوفيه | الرياضيه | عمون | يوتيوب | مركز رفع الصور |
منتدى فلسطين العروبة
عاشت فلسطين حرة عربيه...
|
كاتب الموضوع | فلسطين | مشاركات | 9 | المشاهدات | 4369 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
14-12-2009, 21:59 | رقم المشاركة : ( 1 ) | ||||||||||||
|
سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة الأولى: تقديم: إن الإختلال في موازين النظم الموضوعية ، والفقر في مقومات إثبات الجدارة بالبقاء والأحقية بالوجود لدى أمة من الأمم أو شعب من الشعوب يضعه امام مواجهة قسرية غير متكافئة ، ثنائية الأبعاد ، واحدة تتعلق بالسبب وهو الإختلال والأخرى تتعلق بما نتج عنه وهو واقع غير مرغوب كأن يكون احتلال أو هيمنة سياسية أو طغيان ثقافة ما ، وعندما تعكس هذه المواجهة مجابهة الواقع الظاهر للعيان والواضح المعالم بوصفه نتيجة مباشرة للإختلال والفقر الآنفا الذكر ، فإن ثغور هذه المواجهة لا تتوقف عند هذا الحد ، لأن التحدي في حقيقته يتعدى الوقوف عند حدود النتائج دون المقدمات ، فالقدرة على اكتشاف مواطن الخلل في نظم السياسة والتربية والإقتصاد والثقافة والإجتماع والسعي الجاد لذلك ، ثم التصدي المدروس لإصلاحها ،واستبانة أسباب النقص المفضية للتآكل امام فرصة البقاء والعمل على ردمها ، هو الوجه الأول والأهم للمعركة لتتعزز بذلك تلقائيا شروط المواجهة الكلية إيجابيا ، فمواجهة التحدي الناجم عن الإختلال في هذه الموازين وما نتج عنها من تسلل للأعداء الى ألأرض يحتاج الى نظرية للمواجهة متكاملة ناضجة تأخذ بالحسبان تجليات المعركة وأبعادها في الزمان والمكان . الحديث عن نظرية المواجهة التي عمدتها حماس ، والغوص في تفاصيلها يتطلب التطواف الواسع على أدبيات ومواقف الحركة منذ بدايات الصراع ، لأن المواجهة هي حالة دائمة ممتدة زمانا وليست مقصورة على اللحظة الراهنة فحسب ، فإرهاصاتها تبدأ من الماضي وتداعياتها تمتد الى المستقبل ، لذلك فإن القبض على شروط المواجهة الموزونة الشاملة يتطلب أن لا نكون أسرى يومنا الحاضر فحسب ، فتيار الحياة المتدفق لن ينتهي بهذا اليوم ، كما أن السعي الحميد للإستنهاض ينبغي أن لا يبدأ من ظرف اليوم متجاوزا خبرة التاريخ وسنن الحياة الماضية ، فالمواجهة المثمرة بمعناها الواسع لا تتوقف على حمل البندقية في وجه العدو ، فأشكالها متعددة وتراكمية ، ويعزز بعضها بعضا ، ويهيء بعضها الطريق للآخر ليأخذ دوره في وقته المناسب على الأرض . وبهذا المعنى فإن حماس كانت في صلب المواجهة منذ بدايتها ،لكن الذي يفتح عينيه على الواقع المنظور ويجتهد في ابتداع الحلول لما فيه من مشاكل دون أن يكلف نفسه عناء دراسة هذا الواقع بوصفه محطة عبر سياق متكامل يجتمع في نسج بنوده التاريخي والحضاري والقيمي والقوة بأسبابها والضعف بتداعياته ، وحلقة ضمن سلسلة متتابعة من الأحداث ومسبباتها ونتائجها ، ثم التعسف في رسم خطة الخلاص التي تتجاوز القواعد السليمة والمطالب الحقيقية لإنجازها ،عبر رسم معالمها على العفوية وردات الفعل غير المضبوطة والإرتجال المدفوع بالعاطفة المشبوبة ،كل ذلك مرده غفلة الحس عن استيعاب المشكلة بأبعادها المترامية ، وهذه الغفلة ذاتها هي ما يمنع رؤية حماس حيث هي في المعمعان الملتهب . إن دراسة نظرية حماس ونقدها وتقييمها ، يستدعي التدقيق في المباديء والخطوط العامة التي رسمت المنهاج وطرائق المواجهة ، وعلى ضوء ذلك بالإمكان التقرير إن كانت حماس حاضرة في صلب المشهد منذ البداية أو غائبة عنه ، وما إذا كانت الرؤية التي استندت اليها خطة الإنطلاق صحيحة تصدقها نتائج ما آل اليه حال حماس أو تكذبها ، فالقدرة على النظر في النهايات وربطها بالبدايات ميسرة ولا تحتاج إلى كثير من الجهد أو مزيد من التمحيص ،، فمن السهولة استبانة وجاهة طرائق الإنطلاق من وحي النتائج الماثلة . فمسيرة حماس الممتدة والتي تجاوزت بها المنعطفات الحادة ، والتحديات الخطيرة وتقلبات الزمان ، تفسح المجال واسعا لرصد سلوكها وتقييم نظريتها للمواجهة التي بنتها على أساس أن مساحة التقابل الحالية مع العدو الصهيوني هي جزء من المعركة الممتدة في ثنايا الزمان والجغرافيا معا. المأساة وردات الفعل : أعتقد أن المأساة المتمثلة بوقوع فلسطين وسائر بلاد المشرق الإسلامي بيد الإستعمار الغربي كانت بمثابة النتيجة الطبيعية والتتويج الحتمي لحالة الضعف والإنحسار والتردي الذي ألمت بالأمة ، ومن ناحية ثانية فإن هذه النتيجة المترتبة على مقدماتها ، لا تتعارض مع سنن الله في كونه ،لا بل تنسجم معها وتعبر عن قانون التدافع والخفض والرفع الذي يجري على المؤمن والكافر على حد سواء ، وعندما نفهم المأساة ومسبباتها بهذا السياق ، فإن الخطة الموضوعة لمعالجة تداعياتها يجب أن لا تغفل المسببات إن لم تولها جل الإهتمام ، ومن الأهمية بمكان أن يتلمس الحراك المضاد للواقع الذي جسدته المأساة كل المعالم والحقائق التي أفضت لهذا الواقع ككل متكامل ، وبناء خطة العمل وفقا لهذا الكل وعندها من الممكن أن يثمر هذا الحراك على وجه التأكيد. أما التصدي للنتائج دون مسبباتها والظروف التي هيأت لها فيعتبر قصورا عن فهم الصورة بكل أبعادها ، وانسلاخا عن خبرات التاريخ وما يوفره من طاقة وروافد تسهم في تشكيل خطة العمل الهادفة للتصدي للإختلال في القيم والنظم وما نتج عنها من إحتلال يستبيح الأرض والإنسان ، ومدخلا للمتاهة التي لا تفضي إلا الى المزيد من الضعف الذي لا يساعد في الحفاظ على الهوية من الذوبان والإنسحاق ، فكيف بتحرير الأرض ورد العدوان ، والنتيجة المؤكدة لكل ذلك هي العبثية والفشل والإنحدار. ولكن ماذا عن واقع الهزيمة وجيلها ، هل كان بإمكان واقع الهزيمة أن يبدع توجهات ثورية قادرة على مواجهة العدوان وتحرير الأرض ؟ وهل كان بالإمكان للجيل الذي شهد الهزيمة أن يكون ندا حقيقيا وكفؤا في لحظة السقوط ذاتها؟ بحيث يضع مشروع التحرر المستند الى الرؤية الشاملة على السكة ؟ لو كان ذلك صحيحا لما سقطت البلاد ولا العباد في أيدي الغاصبين ، خصوصا أن المحتلين لم يهبطوا الى الأرض فجأة ودون مقدمات ، بل كانت إرهاصات ذلك جلية على مدار عقود خلت ، فوقوع الإحتلال كان نتيجة طبيعية لظروف متتابعة نضجت على نار هادئة ، ولذلك شكل هذا الإحتلال حالة اختبار حقيقي لوعي أبناء الشعب الفلسطيني والأمة جمعاء ، وتحدي عميق يستهدف كل شي الإنسان والأرض والحضارة ، ومحفز لاستدعاء المهارات ووضع التصورات وخطط العمل ، وظهرت حركات التحرر ورفعت السلاح عاليا في الميدان ، فخاضت حروب وكان لها صولات وجولات عبرت بها الحدود واخترقت الآفاق ! ولكن أين كانت حماس في ذلك الوقت ؟ هل كانت حاضرة أم غائبة؟ وماذا قدمت لمواجهة المحتل ؟ وهل كانت تمر بسبات حقيقي كما يقول البعض؟ الإجابة في الحلقة القادمة !! ___________________________________ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج |
||||||||||||
|
|||||||||||||
14-12-2009, 22:00 | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة الثانية .... وقع حماس في خارطة الصراع مع الصهاينة المحتلين: من المعلوم أن حركة حماس هي انبثاق عن الحركة الأم (الإخوان المسلمون) ، ومن المعلوم أيضا أنه لم يسبق أحد هذه الجماعة إلى فلسطين من الفعاليات الشعبية العربية والإسلامية، لا بل إنها نافست الحكومات العربية في ميدان المعركة عام 48 داخل الأراضي الفلسطينية ، فالرؤية المتقدمة والأفكار الناضجة التي امتلكتها هذه الجماعة تجاه مسار الأحداث وتطوراتها السريعة ، وما نتج عنها من حضور فاعل وقوي في الميدان الذي سيحدد شكل الخارطة والتوازنات اللاحقة ، استدعى كل ذلك أن تتفتح أعين القوى الناهضة على أنقاض الأمة ، وأن تتنبه للخطر الجدي الذي تحمله هذه الجماعة للمشاريع الإستعمارية المتصاعدة. فكان القرار السريع والحاسم لضرب هذا الإنبعاث وقتله في مهده قبل أن يستفحل أثره ويتعاظم تأثيره ، فسيق المجاهدون الأبرار الذين أذاقوا اليهود الغاصبين مر الكأس في مواقع تمتد من الفالوجة جنوبا وعصلوج والتبة 86 وصولا لصور باهر وضواهي القدس ، من ساحات المعركة مباشرة إلى المعتقلات المظلمة ، وحيكت المؤامرة الدنيئة بليل لإغتيال الإمام المؤسس حسن البنا في أولائل عام 49 ، ودخلت الجماعة في محنة رهيبة لاقت خلالها صنوفا من العذاب والعنت والشقاء على مدى ربع قرن من الزمان ، كما لاقى أصحاب الرسالات والدعوات على مر الزمان غن لم يزيد. لا أقصد أن أقول من خلال الكلام السابق أن حماس كانت تقاتل عام 48 ، على الرغم من أن حماس هي امتداد طبيعي وحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين ، وكأني بكتائب الإخوان التي دخلت فلسطين لقتال اليهود من مصر وسوريا ومجموعات من العراق وغيرها عام 48 ترفع عقيرتها عاليا بالنشيد "هو الحق يحشد أجناده" فيردد جند حماس من خلفهم "ويعتد للموقف الفاصل" ، في مشهد يعكس صفحات التاريخ المبثوثة في ثنايا الزمان بامتداده الرحب وآماده الطويلة ، ليرشدنا إلى أن هذا التاريخ لن يكون محكوما بسني أعمار جيل من الناس حتى لو عُمروا قرنا من الزمان ، وما الموقع الحقيقي للجيل من الناس بالنسبة لدورة الزمان سوى جزء من كل ، وفان في ممتد ، وقصير من طويل ، فكيف به يريد تطويع حركة الزمان المتطاول لمقتضى حياته القصيرة ، من هنا تبدو الفترة الزمنية الفاصلة ما بين دخول كتائب الإخوان أرض فلسطين عام 48 ، وظهور حماس الرسمي عام 87 ، قياسا على أعمار الأمم والشعوب والجماعات تقارب الفترة الزمنية التي تفصل ما بين الإنتهاء من إنشاد الشطر الأول من نشيد الكتائب ، والبدأ بإنشاد الشطر الثاني منه قياسا على أعمار الناس كأفراد . وعندما نأتي على ذكر الدور البطولي الذي قام به الإخوان في ساحات المعارك في فلسطين عام 48 ، لا أقصد أن أقول مرة أخرى أين كان أولئك القوم الذين لم يكفوا عن ترديد التساؤل ، أين كانت حماس عندما أطلقنا الرصاصة الاولى عام 65؟ لا أقصد ذلك حقيقة لأنني ببساطة لا أؤمن بأن تاريخ القضية الفلسطينية كان قد بدأ عام 65 ، ولم ينتهي عام 93 ، ولن ينتهي بانقراض من يؤمن بذلك ، ولأنني أرفض أن يتم اختطاف فلسطين التاريخ بسعته والقضية بجلالها والإنسان بقيمته السامية ، ومن ثم يتم حشرها قسرا في سياق رؤية وفعاليات فرد ما أو فئة بعينها أو برنامج أملت محدداته ظروف الإنهزام ، بحيث لن تكون فلسطين أو المدخل لها على الأقل إلا من جهة النافذة التي يشير إليها هذا الفرد أو تلك الجماعة ، حتى ولو كانت صاحبة الرصاصة الأولى كما يزعمون ! بالتأكيد لقد كانت التجربة قاسية ، والثمن الذي دفعته جماعة الإخوان لقاء تجرؤها ودخولها المعركة في فلسطين باهظا ، ولا شك أن تداعيات ذلك ما زالت ماثلة أمامنا حتى اليوم ، ولكن الدرس البليغ الذي تم اقتباسه من تلك التجربة المريرة أسهم بشكل فاعل فيما بعد في التمهيد لظهور حماس (الفكرة) ، فما هي حماس الفكرة ؟ وما هو مضمونها ؟ وكيف ومتى تشكلت؟ مفاعيل النكبة وخلاصات الحراك الشعبي المضاد : بعد أن أقام الصهاينة كيانهم الغاصب على ما يزيد عن ثلاثة أرباع فلسطين عام 48 وما تلاه مباشرة من الهزيمة المدوية للجيوش العربية ، أصابت الصدمة البالغة الشعب الفلسطيني المكلوم ، فلم يستسلم للواقع الجديد كما لو كان قدرا محتوما ، وبات التحرك الحثيث لمواجهة الإحتلال أمر لا جدال فيه ، وقد شكلت الخيبة القاسية التي ألمت به جراء فشل الجيوش العربية في التصدي للكيان الغاصب حافزا آخر لأخذ زمام المبادرة وتولي مسئولية مواجهة المحتل بنفسه ، فقد بات الشعب على درجة من التعبئة الذاتية والتحفز العالي والتهيؤ للإنطلاق الذي ينتظر إشارة البداية . فكان له ما أراد بإلإعلان عن ميلاد حركة التحرير الوطني الفلسطين (فتح) بداية عام 65 ، وهنا كان الإلتقاء بين إرادة شعب مجروح الكرامة يعاني مرارة الإحتلال ، ويتشوق لكل فعل يواجه به هذا البلاء ، وبين إعلان الإطار المعرف بنفسه كحركة تحرر وطني تستهدف مقاومة الإحتلال بكل السبل المتاحة لتخليص البلاد والعباد من قبضته ، فالشعب الفلسطيني في ذلك الوقت لم تكن تنقصه العزيمة ولا إرادة المواجهة ، ولا الرغبة في خوض غمارها ، ولكن ما كان ينقصه هو القيادة الواضحة التي تدير دفة السفينة وتأخذ بيده نحو الوجهة التي يريد، إنها المواجهة وقبول التحدي ، ومن هنا فقد وجد هذا الشعب ضالته في حركة فتح التي اعلنت الثورة والعزم على تحرير الارض كلها دون التفريط في شبر واحد منها ، والمقصود هنا القسم الاكبر من فلسطين الواقع تحت الإحتلال منذ عام 48 . وما يلفت والحال هذه ، أن الإنخراط في مواجهة المحتل وهو أمر مطلوب ولا مندوحة عنه ، قد دفعت اليه الحماسة وحدها، لا بل حماسة الفتيان بالنظر لأعمار الشباب الذين أعلنوا عن إنطلاقة فتح ، هذه الحماسة حجبتهم عن رؤية الأمور على حقيقتها المجردة ، والتداعيات التي انتهت بها إلى ذلك ، وسياق الأحداث العام والخاص الذي دفعها لهذا المنحى أو ذاك ، وبالتالي فوتت عليهم فرصة رسم خطة العمل بناءً على الحقائق الماثلة ، فكانت على الاماني العذبة ، فطاشت بهم الآمال وارتفعت بهم الأحلام ، فأعلنوا السعي لتحقيق الاهداف الكبار والآمال العراض ، دون أن يملكوا السند الموضوعي المعين على تحقيقها ، أو حتى دون العمل الجاد والحقيقي الذي سيفضي لها ، ولكن عندما تلاشت حماسة الثائرين بعد عقدين او ثلاثة منذ انطلاقتهم ، وتجاوزوا مرحلة الفتوة ، وبدلا من الإنتقال من عالم الاماني الحالمة بالتحرير ومن البحر إلى النهر ، الى عالم يكون فيه حضور للواقعية بمعناها الإيجابي ( السعي للتغيير الجاد وفق الإمكانات المتاحة) ، إلا أنهم باتوا لا يؤمنون بشيء سوى الإيمان بالواقعية بمعناها السلبي القبيح ( التعامل مع الواقع كما هو كقدر لا مفر منه) . ولكن في المقابل كانت هناك (فكرة) أخرى آخذة في التشكل على نار هادئة ودون ضجيج مفتعل ، هذه الفكرة أنضجها بعدان ، الاول استند إلى تجربة عملية تمثلت بخوض كتائب الإخوان المسلمين المعركة في الميدان على أرض فلسطين ، خلاصة التجربة تقول أنك حتى تكون مؤهلا لمواجهة الصهاينة المحتلين ، فإنك لا بد وأن تحارب على عدة جبهات متعددة ، مختلفة الأشكال والمضامين ، وإن لم تفعل فإنك وإن كنت قادرا على إلحاق الأذى بالمحتلين فإن الطعنات الغادرة ستأتيك من الخلف ، لأن الجبهة الخلفية وإن كنت تظن أنها خاصتك إلا أنها محسومة لأعدائك ، ولكن الشاهد في الأمر أن الإمكانات لإدارة مواجهة متعددة الاوجه من هذا القبيل لم تكن متوفرة ، ولو كانت متوفرة أساسا لما وصل الحال بنا إلى هذه الوهدة ، أما البعد الآخر وإن كان ذو علاقة بالاول فينطلق من النظرة الثاقبة والمتفحصة لحقائق الامور على الأرض ، وموازين القوى والإمكانات المتاحة والأولوية لبذل الجهد وتوجيه الطاقات ، وتغليب لغة العقل على اندفاعات العاطفة ، وتقديم نداء الحكمة على ردات الفعل غير المحسوبة. وقد كان عماد الفكرة التي تمهد السبيل لمواجهة المحتل ، بناء الإنسان البناء السليم في إيمانه وأخلاقه وتحمل مسئولياته ، وتأهيله بطريقة لائقة بوصفه العنصر الأهم والأساس في المواجهة ، فالإنسان بذاته قابل لأن يكون أمنع الثغور أو أوهى الحصون ، وعندما يتنبه المتصدون لأمر القضايا الكبرى لهذه الحقائق ، ويعملون وفقا لها وعلى أساسها، فإن النجاح فيما يؤملون قريب ومتاح لأنهم إنما يأتون البيوت من ابوابها ، ولا شك فإن الجهد المبذول في هذا المجال يعتبر أحد أشكال المواجهة المطلوب التصدي لها ، وبحسمها يتم ضمان كسب واحدة من المعارك المتعددة المطلوب خوض غمارها ، وفي المحصلة يتم رصد هذا الكسب وحشده في المواجهة المباشرة مع المحتل قبل أن تبدأ على الأرض ، ولكن لا بد وأن يكون للتجربة الاولى إيجابيات وللأخرى سلبيات ، فما هي إيجابيات الأولى وسلبيات الثانية ؟ سنرى ذلك لاحقا.. ___________________________________ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك |
||||||||||||
|
|||||||||||||
14-12-2009, 22:02 | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة الثالثة ... من أين وكيف تبدأ المعركة ؟ من الواضح أن الخيار الذي اعتمد حمل السلاح أولا وخوض المجابهة حالا ،، كان خيار الغالبية الساحقة ، وأن هذا الخيار جاء تعبيرا عن ردة الفعل واستجابة لندائها ، فهو لم يصدر عن رؤية استنهاض شاملة ، تقتضي أن يكون حمل السلاح والنزول للميدان أحد بنود تلك الرؤية المتكاملة ، وعندما تتركز الجهود في بعد واحد فإن تكلفة الرؤية البديله الضائعة ستكون باهظة ، لا سيما فقدان نقطة الإتزان التي تضبط الحراك المتعدد وفقا للرؤية المستوعبة لجوانب المعركة، وبذلك يصبح الخيار الوحيد والمفضل عبئا على المسيرة ، ويتسبب لها بالعثرات . فحمل السلاح ليس محل انتقاد أبدا ، والمفاضلة هنا لا تجري على أساس اعتماد خيار السلاح أم لا ، ولكنها تتم على أساس التذكير بأن التأهيل الذي يسبق حمل السلاح هو مقدم على حمله ،لأن التأهيل سلاح بحد ذاته، والتأهيل هنا لا يكون مقتصرا على مهارات الإمساك به(السلاح) وحسن استخدامه فحسب ، وإنما يتعدى ذلك لتعلم أخلاق الفرسان ، واكتساب صفات المقاتلين ، وحمل روح الثائرين ، فسلاح الفارس أخلاقه ، فإن فُقدت ، كان منطق القوة الموهومة هو الحاكم على المسيرة ، وربما برزت هذه القوة في غير موضعها وربما اختفت في الموضع الذي يطلبها ، وهذا شأن المسير الذي يفقد ضابطه ، والمقاتل يتميز برفض الظلم ، فإن فقد ميزته فما أسهل أن يظلم . أما الروح فشأنها جد عظيم ،لأن الإنطلاق بروح الثائرين سيثمر النصر لا محالة ، أما الثورة بلا روح فسرعان ما تنحرف ويجرفها تيار الأحداث ، فالثائر ينطلق احتجاجا على فقدان جملة من القيم والمباديء وسيادة أخرى ، والإحتلال إنما يكون بسيادة قيم الظلم والعدوان والطمع ، وبمقدار ما يوطن الثائر نفسه على أن لا يكون ظالما او عدوانيا أو طامعا ، بمقدار ما يكون أهلا لمواجهة الإحتلال ، وكفؤا لإحباط مساعيه ، وإلا فإن الإنخراط في مواجهة المحتل مع عدم القدرة على مفارقة الظلم والعدوان والطمع لا يكون سوى بحث عن عمل باسم الثورة ، وسعي للتكسب من باب الوطن ، ومحاولة استباقية لإحتكار الميدان ومن ثم الأرض والقضية ، ويكون من شأنه كذلك كالساعي إلى الهيجا بغير سلاح ، ولو استصحب روح الثائرين لصار كالساعي إليها بكل سلاح، ولكن التداعيات المترتبة على هذا الحال لا تتوقف على الفشل في تحقيق الإنجاز ، وإنما تتعداها للوقوف في وجه من خاض المران لإستحضار الروح وانطلق بها صوب من يحتل الأرض وينتهك العرض . وكما أن الظلم والإحتلال يستدعيان الثورة لتحقيق العدل والحرية، فإن الكذب والخداع يستدعيانها أيضا انتصارا للصدق ، وعندما نجدهما (الكذب والخداع) كأمضى سلاح (للثائرين) ، تأكد لنا أنهم ثوار مغشوشون ، ولما كان من أبرز سمات الثائر الحق نكران الذات بحيث يتحرك لأجل القيمة السامية والهدف النبيل ، لا لإشباع حظوظ النفس وحاجات الذات ، يتأكد لنا أن الثائرين الذين أثروا واتخموا بالأموال والمصالح ، هم تجار وطن وليسوا أصحاب قضية ، وما كان ذلك كله ليتم لولا الفراغ في القيادة والمبادرة الحاصل لشعب واقع تحت الإحتلال ، والفراغ هنا له أسبابه الموضوعية ، فينبغي السعي لملئه على ذات قاعدة الأسباب ، وهو لم يتشكل عرضا أو بطريقة مفاجئة ، ولذلك فالسعي لمواجهته لا تتم بالتسرع والإرتجال ، وهنا تظهر الحاجة الماسة لتأهيل الفرد والجماعة للمواجهة بأبعادها الممتدة . التأهيل ضرورة ملحة لمن يعهد اليه حمل السلاح ، ولكن ثمة جوانب تحتاج تأهيلا من نوع خاص ، فما سبق من الوان التأهيل يتعلق بظرف معركة السلاح ، ولكن عندما تشتعل هذه المعركة في الميدان ، فإنه يوازيها معارك أخرى غير منظورة ، سياسية وأمنية وثقافية ومعلوماتية ، وهذا الصنف من المعارك لا يتوقف لا في سلم ولا في حرب ، ويبقى أوارها محتدما حتى يتم القضاء على أحد الفريقين قضاءً مبرما ، فالرشد السياسي ، والحصانة الامنية ، والسعي الحثيث للمعلومة كلها مهمات كبيرة يجب التصدي لها بقوة ، لأن قيام سلطان الإحتلال على أرض ما يعني انهيارا سياسيا وآخر أمنيا لأهل هذه الأرض ، وزلزال عنيف يطال الثقافة وكثير من المسلمات والقيم ، وفوق كل ذلك سقوطا عسكريا ، وربما أدى حمل السلاح لمواجهة هذا الإحتلال إلى ردم جزء يسير من الفجوة المتعلقة بالسلاح وما يترتب عليه من قوة ، ولكن ماذا عن بقية البنود ؟ وماذا صنع (مفجرو الثورة) لتحصين الجبهة الداخلية وتعزيز فرص النجاح من خلال العمل على تلك البنود ؟ وهل الممارسة السياسية والواقع الأمني لتلك الطليعة التي تقدمت يوما ما يشير إلى حسن البناء والتأسيس لهذه الجوانب المفصلية في جهود الشعوب التي تتوق للحرية ؟ أم أن ما آل إليه الحال يدل على أن الفزعة لحمل السلاح جاءت في سياق الرغبة بالتهويش استجابة لنداء الطبع عند كثير من الناس ، لا في سياق العمل المدروس والمخطط له؟ ولكن مع كل ذلك فإن حمل السلاح ومواجهة المعتدي في الحال لا يخلو من فائدة ، تربك خططه وتشتت جهوده ، وتشاغله ، فجهد المشاغلة مطلوب وممارسته بحنكة يؤتي ثماره ويراكم المفعول ، ولكن المراكمة هذه تحتاج إلى خلفية منظمة وبيئة مساعدة ، يصعب إيجادهما مع افتقاد الرؤية الشاملة ، فتضيع آثار المشاغلات لأنها لا توظف بطريقة صحيحة ، أو تستثمر بطريقة خاطئة ومتسرعة لجني مكاسب آنية بسيطة، ولكن ثمة فرق في مضمون المشاغلة ، فمشاغلة يقصد منها كسب الوقت كي تتغير ظروف المواجهة نحو الأفضل ، أو تلك التي تستهدف الإبقاء على روح القتال عالية وجذوة المقاومة مشتعلة فهذه مشاغلة مطلوبة وحميدة ، أما المشاغلة التي يقصد من ورائها كسب الشرعية للمساومة على الأرض والقضية ، فهي خطيرة وتؤدي نتائج كارثية . أما حماس (غير المعلنة ) ، فقد تجاذبها طريقان ، ينقلبان ما بين الإعداد والتأهيل أو الإنخراط ، ففكرة التوجه للإعداد أملتها تجربة سابقة واستقراء للواقع ، ويضاف إلى ذلك ضعف الحركة وقلة الأنصار في حينه ، فهي لا تعدو كونها فكرة آمن بها أفراد من الناس متفرقين في المدن والقرى في طول البلاد وعرضها ، فمن الخطأ محاولة البحث عن حضور حماس وفاعليتها قبل ثلاثة عقود أو أربعة ، وفقا لصورة حماس اليوم وحجمها وقوتها ، لأن هذه الطريقة في القراءة تُسلمنا للقول إنها كانت تغط في سبات ، ولكن واقع حال الحركة اليوم يخطيء هذه النظرة ، لأن هذا الحضور الفاعل لم يأت من فراغ أو دون مقدمات ، لا بل إن نجاح حماس في تخطي المحن وتجاوز الصعاب ، وانتقالها من مرحلة إلى أخرى أكثر قوة وصلابة يؤكد سلامة المنطلق ، وصحة ترتيب أولويات العمل ، ويكفي أن نقارن مآل حماس اليوم ومآل من كان يملأ طباق الأرض صخبا وضجيجا في الوقت التي يشار فيه بالسبوت في حق حماس ، أليست العبرة بالنتائج ؟ وهل تنقلب النتائج الباهرة من مقدمات خاطئة أو غير سليمة ؟ اللهم إلا إذا كان معيار العمل الصحيح في حينه هو حمل السلاح والسلاح فقط . ولكن على الرغم من حسم خطة العمل وطريقتها في حينه بالنسبة لحماس غير المعلنة وهي التأهيل والإعداد ، إلا أن فكرة الإنخراط لم تزل حاضرة وبقوة ، ولم تزل مجموعات من أبناء الحركة تخوضه في غير موقع ، ولم تزل قواعد الحركة المتشكلة مع مرور الوقت يلحون بضرورة الإنخراط بقوة ، ولم يزل قادتها يعاودون البحث في الخيارات ويفاضلون ما بينها كل فترة من الوقت وهم يرقبون البناء الناشيء بعد تمتين الأساس ، ويتدارسون جرعات الإعداد وأشواط التاهيل التي خاضها أبناء الحركة ، وهل هي كافية لخوض الغمار أم أن الجنود ما زالوا بحاجة للمزيد ، حتى كان 14/12/1987 ..فماذا يعني هذا التاريخ ؟ أهو انطلاقة أم إعلان خروج من سبات؟ أم ماذا ؟ . يتــــــــــــبع |
||||||||||||
|
|||||||||||||
14-12-2009, 22:04 | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة الرابعة ... ماذا يعني 14/12/1987م ؟ بعد بضعة عقود من وقوع الواقعة ، أعلنت حماس عن نفسها في الميدان ،وفي الوقت الذي لا يعني عدم الإعلان الغياب الكلي بالضرورة ، فإن ملابسات هذا التأخر ،، مردها أسباب تتداخل فيما بينها لتعكس في المحصلة النهائية تلك الأسباب المفضية للهزيمة ذاتها ، ولما كانت حماس تعني النقيض للإحتلال ، فإن البحث عن الموقع الذي تشغله حماس في ذات الجغرافيا والزمن الذي سطع فيه نجم هذا الإحتلال ، هو بحث عابث ، لأن لحظة الوصول للقمة بالنسبة لأحد النقيضين يقتضي انتفاء الآخر ابتداء وعزله عن المشهد إن كان موجودا ، أو سحب خيوط المبادرة من بين يديه وأوراق القوة بشكل مسبق ، كي لا يعيد بناء الظروف والشروط التي تؤهله لخوض المجابهة مع نقيضه المنتصر . ومن هنا ندرك أن الهزيمة تعني غياب حماس ، والعكس صحيح ، وبذا يكون السؤال لماذا هزمنا يؤدي ذات مضمون السؤال الآخر لماذا لم نر حماس في الميدان في الوقت الذي ارتفع فيه صوت المحتل عاليا ؟ ونحن إذ نتحدث عن حماس هنا ، إنما نتحدث عن المشروع المنبثق عن روح الأمة والمنطلق من وجدانها والملتصق بماضيها وحاضرها ومستقبلها سواء بسواء ، ولما كان الأمر كذاك فإن من أبرز سمات هذا المشروع هو الحضور وعدم الإنقطاع ، أو الأنفصال عن حركة الزمان الماضية ، غير أن الذي يختلف هو قوة هذا الحضور أو ضعفه ، شدته أو وهنه ، لأسباب غاية في الموضوعية . وعندما كان هذا المشروع في أوج قوته كانت مهابة حامليه ورواده تخترق كل افق وناحية ، ولما ضعف وانحدر اختلت الموازين والقياسات فتسلل من ضربت عليهم الذلة والمسكنة لموقع الصدارة على حسابنا ، فكانت تلك النقطة الحرجة التي آذنت بارتفاع العدو على حساب الأمة هي من يحفز في ذات الوقت للعمل لإعادة الإعتبار والقوة للمشروع المهمل ، كأفضل طريق لمواجهة الإختلال وأنجع حل لكنس آثاره القائمة على الأرض ، ومن هنا انطلقت حماس وهكذا بدأت العمل ، ببث الحياة في النفوس ونزع معاني الإنكسار والضعف عنها حتى أعلنت عن نفسها بوضوح في 14/12/1987 . إن عدم فهم المرحلية ودوافعها التي اعتمدتها حماس كخطة للعمل المدروس عند بعض المراقبين أو المغرضين ، يجعلهم غير قادرين على رؤية حماس إلا بعد الرابع عشر من كانون أول عام 87م، فهم لا يستطيعون الإحساس بوجود حماس طالما هي لم تصدر بيانا موقعا باسمها ليدلل عليها اسما وشكلا ومضمونا ، هذا المنطق في النظر هو ذاته الذي استدعى البعض أن يعتبر أن ميلاد القضية تزامن مع الإعلان عن هذه الحركة او تلك ، وعليه فينبغي أن يتم حلها قبل أن يغيب قائدها الرمز ، وقبل أن يأفل نجمها الساطع ، وعندما تضيق المدارك عن استيعاب المشهد بخلفياته الواسعة ، وظلاله الممتدة ، وجزئياته الدقيقة ، تتقدم كثير من الأشكال على كثير من المضامين ، وعندها لا يبدو هنالك كبير فرق بين التضحية من أجل القضية والوطن ، أو التضحية بهما معا من أجل مصلحة الفرد أو الفئة . والحقيقة أن ما جرى في التاريخ المذكور هو انتقال من حال حماس الفكرة إلى حال حماس الواقع القائم ، ومن حال العمل بصمت من خلف الكواليس لحال العمل المتحرك وتحت الإضواء ، وبصيغة أخرى فإن جدلية العلاقة التي تربط هذا التاريخ بحماس تقوم على أساس أنه يشكل نقطة الفصل ما بين حماس الفكرة أوغير المعلنة وبين حماس المعلنة ، وإن النجاح الذي حققته حماس باطراد، وما أظهرته من قدرات على امتصاص الضربات وتفويت المؤامرات التي كانت تعترض طريقها وما تزال يرجع في المقام الأول إلى الإعداد والتأهيل الذي خاضته بجدارة ودراية في المراحل ما قبل الإفصاح عن نفسها بشكل مباشر. ما يعنيه 14/12/87 أن حماس كقوة فرضت نفسها في الميدان بالطريقة والكيفية التي ارادتها هي وفي االوقت الذي حددته بذاتها ، فهي لم تجد نفسها مضطرة للنزول للميدان كاستجابة سريعة للتطورات والحقائق الناشئة بفعل الإختلال في منظومتي القوة والقيم في الساحة ، فإفصاح حماس عن ذاتها لم يتم كنتيجة لظروف مستجدة ضاغطة وإنما تم وفقا لرؤية نضجت على نار هادئة من العمل الدؤوب الذي أجاد استشراف ما هو قادم ، فكان الإعلان خطوة رشيدة في خطة محكمة. حماس ما بين المقاومة والتحرير.. لقد ألحقت حماس باسمها صفة المقاومة لا التحرير ، فما هو الفرق بين كل منهما ؟ ما دلالات هذه وتلك ، وماذا يترتب عليهما؟ من نافلة القول أن الحكمة وبعد النظر وصحة التشخيص قيد ميز حماس عبر مسيرتها الطويلة ومنذ اللحظة الأولى ، حيث لم تتحرك من وحي العاطفة ولا تحت ضغط الأمر الواقع ، ولا تفاديا لإنتقادات اللائمين والمشككين ، فالتوازن والصدق مع الذات في تقييم ما هو واقع بقي حاضرا بقوة في لحظة الإفصاح عن الذات ، فلم تنسب حماس لنفسها من المهمات ، أو تدعي أن لها من ألأهداف مالا تسمح موازين القوة في المديين الحاضر والمنظور على أقل تقدير بتحقيقه ،ولأن المعركة طويلة ومعقدة ، وتحتاج لعدة مراحل لبلوغ نهاياتها المحتومة بالنصر ، فإن الحنكة بل والصدق والأمانة تقتضي أن يتم تسمية الأشياء بمسمياتها التي تناسب المرحلة المخصوصة . لكن قد يقول البعض ما العيب في الإعلان عن العزم بالتحرير ؟ إنه سؤال وجيه حقا ، وأنا هنا لا أعيب أن يكون مطلب التحرير حاضرا وبقوة ، ولكن ينبغي أن لا تغيب عن الأذهان تلك المخاطر والعواقب المترتبة على خوض مرحلة تسمى (مرحلة التحرير)، في الوقت الذي تغيب فيه كل متطلبات التحرير قصرا ، أو تتوارى فيه شروط النصر ، لأن مصير هذه المخاضة سيكون الفشل بامتياز ، وعندما تفشل الجهود (المدعاة) بالتحرير ، فإن الآثار السلبية لهذا الفشل لا تتوقف على بناء القناعات الخاطئة باستحالة التحرير وكسر العدوان ، بل ستمتد لتشكل عائق كبير أمام جهود التحرير الحقيقية ، حين يأنِ أوانها ، وهذا الذي نراه واقعا حقيقيا الآن ، وهو ما نكتوي بأوار ناره. ليس هذا فحسب ، ولكن ادعاء التحرير ، ورد العدوان واستعادة الحقوق كاملة دون توفر رصيد مادي أو أدبي لتحقيق ذلك ، يوهم أصحاب هذه الدعاوى بمشروعية تصرفهم بمصير القضية والأرض ، أليسوا هم الثوار وطلاب التحرير ؟ بلا ! فمن الذي يمنعهم من التوقيع على هذا الإتفاق او ذاك ؟ فهم الممثل الشرعي والوحيد ، وفق شرعة الناس جميعهم ، عربهم وعجمهم ، فلم لا يكون التحرير يعني سلطة شكلية ، وأجهزة أمنية يرتبط اسمها بفلسطين ، ولكنها تسهر على خدمة من يستبيحها صباح مساء ، وفي ظني ما كان لمهزلة مثل هذه أن تتم لولا أن القائمين عليها قد ألصقوا أسماءهم وأسماء تشكيلاتهم بالتحرير سنين طويلة ، حتى باتت دعوة التحرير كتعويذة تجب كل النجاسات والنقائص ، حتى العمالة المكشوفة والتبعية الواضحة للإحتلال البغيض . فركوب قطار التحرير غير المقدور عليه ، هو تكريس لواقع الهزيمة لأنه يسهم في تفريغ المفهوم السامي من مضامينه الحقيقية، ولما كان المشروع الذي حملته حماس وانطلقت منه وبه يعتبر تحرير فلسطين كلها من بحرها إلى نهرها مجرد جزء من المشروع الحضاري الذي تجندت لخدمته ، فإن إنجاز هذا التحرير كاملا لا يعني البتة اكتمال بنود المشروع الطموح ، وبذلك فإن البيان الاول الذي أفصحت فيه حماس عن نفسها بتاريخ 14/12/1987 ، يعتبر إعلانا مسبقا بالنصر المبين القادم لا محالة بإذن الله. |
||||||||||||
|
|||||||||||||
14-12-2009, 22:06 | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة الخامسة ... التوأمان وثالثة الأثافي : لقد كانت حماس والإنتفاضة الأولى -انتفاضة الحجارة أو انتفاضة المساجد - توأمان بحق ولدا معا ، وارتبط كل منهما بالآخر ارتباطا عضويا ومصيريا حتى باتا يشكلان ثنائيا لا ينفك أحدهما عن الآخر، فلو ذُكرت حماس في مقام ما ، كانت الإنتفاضة طيفها الجميل ، وإن حضرت الإنفاضة في مشهد ، كانت حماس ظله البارز ، فحماس التي باتت تتحفز للإنطلاق وقد شبعت إعدادا ، كانت تنتظر الإشارة المواتية لذلك ، فوجدتها في التحركات الشعبية التي انطلقت لمواجهة المحتلين عقب تعمد شاحنة صهيونية لصدم سيارة فلسطينية في جباليا وسحق من فيها فكانت تلك الشرارة التي أوقدت نار المسير للتوأمين معاً . والإنتفاضة التي عبرت عن حالة متقدمة من العطاء ، تتبدى من خلالها الروح الشعبية الوثابة لمنازلة الإحتلال من جهة والقدرة على تجاوز بيروقراطية تحرك الهياكل الرسمية المتلبسة بالمشهد السياسي طوعا أو قسرا من جهة أخرى، كانت بحاجة لمن لا يُقدم على المقامرة بمصيرها في متاهات السياسة وألاعيبها وحساباتها بحيث تبدو كرقم يتم استثماره لجني مكاسب تافهة بعيدا عن تطلعات الشعب المضحي وآماله المشروعة وآلامة الكبيرة ، أو تسخيرها وتقنينها كي لا تخرج عن نطاق المسار المسموح للساسة أن يتحركوا ضمن ردهاته الضيقة ، كما كانت الإنتفاضة بحاجة لمن يطورها ويراكم على بنائها لا أن يبترها في منتصف طريقها أو يطعنها من خلفها ، فوجدت ضالتها في حماس كقوة صاعدة متحررة من الحسابات والقيود التي قد تصنع حاجزا ما كضريبة حتمية للإرتهان بتلك الحسابات والقيود يحول بينها وبين الإرادة الحرة التي تميز الشعب صاحب المبادرة . هذا التلاقي والتزاوج لم يرق للكثيرين وخصوصا الفرقاء المحليين ، ولذلك فقد أُريد للتوأمين أن يموتا معا كذلك ، بحيث يُسحب الغطاء المبرر لوجود الأول ، إن تم إجهاض الثاني ، هكذا أرادوا وعلى هذا الأساس عملوا فكانت أوسلو ، وقد اجتمع على تمني الموت لهما أطرافُ عديدة ، تحاكي في تنوعها تلك الاطراف التي تحاصر حماس اليوم وتروم خنقها ، فكل الجهات المنخرطة اليوم في حصار حماس ، وتتمنى زوالها من الوجود ، كانت قد انخرطت في هذه الحرب منذ اليوم الاول الذي أفصحت فيه حماس عن نفسها ، وإن مشهد التكتل المحلي ، الإقليمي الدولي الماثل للعيان اليوم بوضوح والمرصود في مواجهة حماس هو منعقد حقيقة منذ اللحظة الأولى التي بدى فيها صوت حماس مسموعا ، والفارق يكمن في حجم وشكل وطريقة الإستهداف فقط أما المضمون فواحد لا يتغير. محطات بارزة في استهداف التوأمين: الأولى: كانت بعيد انطلاق الإنتفاضة الأولى مباشرة ، فقد كانت كل المؤشرات الأولية تدل على أن من يقف خلف تأجيج الأحداث في أيامها الأولى هم أبناء الحركة الإسلامية لا أبناء فصائل (م ت ف)، وخصوصا في قطاع غزة ، ظهر ذلك من خلال المسيرات المنطلقة من المساجد ، فضلا عن دور المساجد التعبوي والتحريضي ، كما ظهر من خلال انتماء الشهداء والجرحى ، ولأن الإنتفاضة كانت عفوية ولم يخطط لإشتعالها أحد من الفصائل ، ظنت فصائل المنظمة أن الأعمال سارت وفق مخطط معد مسبقا من قبل الحركة الإسلامية (حماس) ولذلك فلم تنخرط فصائل المنظمة بما فيها فتح بثقلها وبشكل رسمي في الإنتفاضة لإعتقادها أن هذا الإنخراط يصب في مصلحة الخصم القديم والقادم الجديد (حماس)،(الحديث هنا يتم عن المواقف الرسمية للفصائل لا الشعبية التي لم تتخلف في مجملها يوما واحدا عن المواجهة) . وبقي هذا الموقف ثابتا ورسميا حتى مر على اندلاع الإنتفاضة أكثر من شهر كامل ، وعندها أدركت فصائل المنظمة ، أن مزيدا من التلكؤ في تحديد الوجهة إن كانت مع الإنتفاضة أم لا ستتسبب بخسائر فادحة لها ، فكان قرار الإنخراط الرسمي والذي تمثل بالبيان الأول لفصائل المنظمة المتأخر شهرا ونيف عن تاريخ بدء الإنتفاضة ، في صورة تعكس الإنتهازية السياسية لفصائل المنظمة ، التي كانت وما تزال ترد الأفعال والمواقف حتى لو كانت (مقاومة الإحتلال )لمعيار المصلحة الحزبية الضيقة ، والمكسب الفصائلي الذي لا يمت بأي صلة لقيم المقاومة والتحرر التي ما انفكوا يتغنون بها ، لا يفوت أن أنوه أن شكل الإستهداف هنا يتعلق بالرغبة بإجهاض القادميَن ، حتى لا تستحوذ حماس على نصيب ما في الساحة الفلسطينية ، وكي لا تضع لنفسها موطيء قدم بين الناس وعلى الأرض ، على حساب فصائل المنظمة مجتمعة . أما الثانية ، فقد تم إنضاجها عبر طبخة أطلق عليها أوسلو والتي استهدفت في المقام الأول إيجاد المبررات لإنهاء الإنتفاضة ومواجهة الإحتلال، وقد تم ذلك بالإتكاء على حجة تشكيل سلطة سُميت فلسطينية بينما تقوم بمهام صممت خصيصا لخدمة الإحتلال ، والتخفيف من الأعباء الملقاة على عاتقه ، بينما لا تتمتع هذه السلطة بأي شكل من أشكال السيادة الحقيقية سياسية كانت أم أمنية أو حتى جغرافية ، ولم يكن غريباً أن الطرف الفلسطيني الذي تلكأ بداية في الإنخراط في الإنتفاضة هو ذاته من استثمرها الإستثمار الخاطيء إذ خرج علينا بأوسلو الشؤم وملحقاتها البائسة ، فالتلكؤ بداية كان محكوما بالمصلحة الفصائلية لا الوطنية ، وركوب موجة الإنتفاضة ومن ثم استثمارها نهاية تم كذلك لذات المصالح الفئوية الضيقة بعيدا عن الذي تمناه شعبنا من إنجاز الحرية وكنس الإحتلال ، فالمشهدان هنا متماثلان وينقلب أحدهما عن الآخر ، لأنهما محكومان بمعيار واحد يتعلق بالذوات لا بالوطن ، الأمر الذي يؤكد أن حماس هي توأم الإنتفاضة لا غيرها ، وأن علاقة الغير بها ترتبت على أساس المصلحة الضيقة ، لا على أساس الترابط العضوي اللصيق ، ما يؤكد ذلك أيضا أن حماس لم تتنكر للمقاومة بعد أن دخلت الحكومة ولم تساوم على شرعيتها وبقائها ، فهل يعقل أن تساوم حماس على توأم وجودها؟ والثالثة: كانت بعد نجاح حماس المدوي في الإنتخابات التشريعية والبلدية المنقضية ، فبعد أن فجر الشعب الفلسطيني انتفاضته النوعية الثانية ، تأسيسا على ما أرساه من قواعد ومفاهيم وقناعات رسختها لديه الإنتفاضة الاولى ، ارتقت ألأعمال المحمودة في مواجهة الإحتلال من حال (الإنتفاض) إلى حال الضرب وإيلام العدو المحتل وإيقاع الخسائر في صفوفة ورد الصاع بالمثل ، فقد باتت الإنتفاضة مقاومة ناضجة تمتلك مقومات الثبات والتقدم وقادرة على تطوير نفسها ذاتيا ، وباتت حماس قوة سياسية تستعطي على الكسر، وقادرة على إملاء بعض ملامح السياسة العامة أو على الأقل قادرة على قول (لا) في وجه السياسات المفصلة خصيصا لخدمة الإحتلال وعدم القبول بها أو العمل بمقتضاها، التقدم الواضح للتوأمين استدعى رفع سقف الحرب المعلنة ضدهما، فقد بات أمر تسفيه المقاومة والسخرية منها مألوفا لدى قيادة فريق اوسلو وإن تم سابقا بطريقة مواربة ، وقد باتت المخططات لضربهما واضحة المعالم ، كما بات المتجندون لإشعال أوارها لا يجدون غضاضة في الإعلان عن ذلك بجلاء ودون أن يهتز لهم جفن. أما ثالثة الأثافي، فكانت البيان الأول الذي تزين بتوقيع (حركة المقاومة الإسلامية) عليه ، في 14/ 12/ 1987 والذي كان بمثابة إعلان تثبيت وتوثيق للتوأمة المباركة ، وما يزيد في القيمة الإعتبارية لهذه الوثيقة الثمينة أن كان كاتبها الشهيد الرنتيسي رحمه الله ، وإذا كان المكتوب يُقرأ من عنوانه كما يقولون ، فلنا أن نتخيل العطاء الذي يضع عنوانه كبير كالرنتيسي، وإذا أردنا توقع الثبات الذي يبديه هذا المشروع في وجه المؤامرة ، فلنا أن نستحضر صلابة الرنتيسي في ذكرى رحيله الخامسة ، وإذا أراد البعض أن يبحث في حظوظ قدرة التوأمين على البقاء رغم ما يعترض المسير من تحديات ، عليه أن لا يغفل من علق جرس الإنطلاق المزدوج لهذا المسير المبارك. |
||||||||||||
|
|||||||||||||
14-12-2009, 22:08 | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة السادسه .... الإنتفاضة الأولى محطة قوية للإنطلاق نحو الحقوق أم فرصة مواتية للإستثمار: لقد كانت الإنتفاضة الاولى الحدث المفاجأة الذي لم يتوقعه صناع السياسة ولا خبراء النتبؤ أو ممتهنو الإستشعار لما يمكن أن يحدث ، فضلا عن الحكومات والمنظمات والنخب السياسية ، ولذلك فقد تسببت في ارباك الجميع ، وكشفت عن الثغرات الخطيرة في الخطط المحكمة التي دأب الصهاينة ومؤازروهم على وضعها بشكل مسبق ، بحيث تتمحور كل السياسات والتوجهات والحراك حول الخطوط العامة لتك الخطط ولا تتعداها أو تناقضها وعلى أقل تقدير فلا تخرج عن مقتضياتها بشكل حاسم، كما كشفت قصور (صانعي الثورة) وعجزهم عن تقدير وتوقع طاقات وابداعات وعظمة الشعب الذي يمثلوه ويحملوا قضيته في المحافل (وهنا تظهر ملامح الفجوة للمرة الأولى بين الشعب من جهة وممثليه الرسميين من جهة أخرى). الأمر الذي جعل من الإنتفاضة علامة فارقة في سياق تيار من النشاط المقدور على قياس حدوده وأبعاده وتداعياته ، بل والقدرة على مواجهته وضبطه، أو حرفه عن مساره، وكان مما يزيد في سطوع تلك العلامة أنها نتاج جهد شعبي خالص ، ومخلص في نواياه وتوجهاته ، ومتحرر من قيود السياسة وألاعيب الساسة ،وزاهد في المصالح والمكاسب إلا أن تكون مصالح الشعب ومكاسبه التي استحقت بذل الدم دفاقاً ، وتقديم الروح رخيصة، كل ذلك كان يؤهلها لكي يتمخض عنها الكثير لو وجدت أيدي أمينة وساسة يجيدون خوض غمار السياسة، لا أن تكون مواقفهم رهن بحساباتها ، وبدلا من ذلك فقد تحايلت الأطراف المتضررة منها لنسج واقع جديد يبطل مفاعيل الإنتفاضة وينسخ ما كان يمكن أن تقرره من حقائق جديدة على الأرض . فالإنتفاضة بوصفها عطاءً شعبياً، وقد فرض نفسه بقوة وعفوية في آن ، كانت تحتاج من ينظمها ويطورها ويبني عليها ، والمفروض وفق قواعد المنطق أن تتولى هذه المهمة الجهة الرسمية التي تٌمثل الشعب الفلسطيني عرفا ، ولكنها لو تقم بهذا الدور ولم تفكر فيه ، لأن الأجندة كانت تتجه نحو مسار آخر، يؤمن بالحل السلمي ويعاف العسكرة،وكان قد تم التمهيد له سنين طويلة قبل أن يُطلق الشعب صرخته المدوية (الإنتفاضة) ، ،(وهنا تتأكد ملامح الفجوة لتفصح عن شرخ واضح ما بين إرادة الشعب ومواقفه المسئوله ونوايا الساسة ومواقفهم الإنتهازية) ، لقد كان الشعب الفلسطيني وما يزال سباقا للساسة الى الميدان ، ومتقدما في صناعة الوقائع وفرضها على الأرض ، وفي المقابل كان استدراك الساسة المتمثل باللحاق بقطار الإرادة الشعبية يشفع لهم قصورهم ، ولكن في الوقت الذي يظهر فيه تلكؤهم عن مجاراة الهمة الشعبية الوثابة ، ويعمدون إلى استثمارها بطريقة خاطئة ، فإنهم يصبحون عبئا على القضية بصورة من الصور، وعامل سلبي يثبط العزائم ويدعو للتراخي. وقد تم تتويج حالة افتقاد التماثل الشعبي الرسمي ابتداءً ، ومن ثم ظهور الفجوة بوضوح بينهما، أن أقدم المستوى الرسمي على عقد اتفاق أوسلو مع الإحتلال سرا ومن تحت الطاولة ، دون أن يشاور الشعب أو يلتمس رأيه ، بوصفه صاحب المبادرة ومفجر الإنتفاضة ، والمتعهد بإدامتها بالدم والشهادة سنوات ممتدة ، ولكن لما كانت إرهاصات التوجه الرسمي الفلسطيني تدفع باتجاه ما أطلق عليه التسوية السياسة وعلى مدى سنوات طويله قبل بدأ الإنتفاضة ، فإن إشعال الإنتفاضة كان في حد ذاته يعبر عن الرفض غير المعلن لسياسة المستوى الرسمي الفلسطيني ، والذي عجز بدوره أن يجعل من الإنتفاضة رافعة يتخطى بها رهان الحل السلمي الذي بات مهيأً له وأسيرا لمقتضياته ، ولهذه الأسباب مجتمعة بدى اتفاق اوسلو كما لو كان تسوية مصلحية لفريقين هما حكومة الإحتلال ، والمستوى الرسمي الفلسطيني. وعلى وقع الإتفاق المصلحي الأوسلوى باتت تتشكل ثنائيتان متقابلتان ، الأولى تمثل الإحتلال والطرف الفلسطيني الذي وقع معه الإتفاق ، والثانية ثمثل الإنتفاضة (الإرادة الشعبية الحرة) والقوة الفلسطينية الرئيسية المعارضة لاوسلو (حماس) وإذا كانت هناك ثمة أسباب دفعت لإنضاج ظروف ظهور هذه الثنائية المصلحية ، تتمثل في حقيقة أن الإنتفاضة الشعبية ستمس طرفيها ، وإن بمستويات مختلفة بحكم التباين في بنية كل منهما، فالواقع الجديد الذي فرضته الإنتفاضة كان يهيء لظهور قواعد جديدة للصراع ، وهذه القواعد لن تكون إلا على حساب طرفي الثنائية كليهما ، فالجانب الفلسطيني الرسمي كان يخاف أن تفرز الإنتفاضة قيادة شعبية فاعلة ، تنتقل إليها شرعية اتخاذ القرار بعيدا عنه ، وقد كانت هذه النقطة تحديدا، تشكل إحدى عوامل الضغط التي واجهت فريق اوسلو الفلسطيني ، ليتعجل امر عقد الإتفاق الهزيل هاربا للإمام ، وغير مدرك لخطورة ما أقدم عليه من خطيئة بحق الشعب والقضية بل والعدالة ، هذه وغيرها من الأسباب أدت إلى الإصطفاف المصلحي ما بين الإحتلال وقيادة منظمة التحرير في محطة اوسلو. وفي المقابل كانت هناك أسباب تدفع لبلورة الثنائية الثانية ، وعلى قاعدة المصلحة أيضا ولكنها المصلحة العامة (الوطنية) لا الخاصة ، فالإرادة الشعبية وجدت من يحتضنها وينظمها ويطورها وفق ما تقتضي تلك الإرادة لا بما يتعاكس مع مضامينها ، حيث استطاعت حماس أن تنتقل بفعل المقاومة من مستوى الحجر والمقلاع إلى حالة حرب السكاكين وخطف الجنود وتفخيخ السيارات والعمليات الإستشهادية في قلب تجمعات الصهاينة ، هذا التطوير والإرتقاء في الأداء كان يلاقي دعما شعبيا واستحسانا منقطع النظير ، لأنه كان يمثل انعكاسا وترجمة لإرادة الشعب المتطلع للحرية ، وقد أدركت حماس باكرا أن هذا الشعب قادر على العطاء والتحدي ، ومن العار أن يتم خذلانه أو بيع انجازاته في سوق المصالح السياسية الضيقة على حساب المصالح العامة، كما أنها كانت مؤهلة بوصفها إطارا تنظيميا يستند إلى فكرة واضحة ، ويصدر عن رؤية متكاملة ،، أن تضبط الفعاليات الشعبية وتنظمها ، وتواجه السلبيات المصاحبة وتحدد مسار البوصلة بما لا يتعارض مع إرادة الشعب صاحب (الحجر الأول) ، هذه الأسباب وغيرها جعلت من الإنتفاضة وحماس تبدوان كثنائية ثانية تقف في مقابل الثنائية الاولى ، ولذلك فإن اتفاق اوسلو هدف لمواجهة الثانية وابطالها كرزمة بحكم الترابط الموضوعي بينهما ، كي تتعزز فرص بقاء مصالح الاولى ، وبناءً على ذلك فإن اوسلو كانت بحق نقطة فراق حادة ، بل وطلاق بائن ما بين المستوى الرسمي الفلسطيني والإرادة الشعبية الفلسطينية الحرة المتشبثة بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، كما كانت بمثابة حجر الزاوية الذي مهد الطريق وهيأ السبل لظهور الإنقسام الحاصل حاليا في الساحة الفلسطينية .. ___________________________________ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك |
||||||||||||
|
|||||||||||||
14-12-2009, 22:09 | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة السابعة .... فتق الإنتفاضة ورتق اوسلو: ثمة سؤال وجيه تجدر الإجابة عنه ، حول طبيعة العلاقة بين الإنتفاضة الأولى واتفاق أوسلو ؟ هل كانت اوسلو نتاجاً وتتويجاً لفعل الإنتفاضة النضالي ؟ أم كانت ردا عليها، وإبطالا لمفاعيلها ؟ وبالتالي هل كانت اوسلو خطوة باتجاه التمكن من الحقوق ، أم كانت متاهة مظلمة فرضت واقعا من البلبلة والشتات فيما يتعلق بالهوية والقضية معا ، التباين في الإجابة هنا ليس بسيطا ولن يكون عابرا ، والواقع الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني كفيل بإعطاء الإجابة الشافية حول السؤال ، ولكن البون الشاسع الذي يمثل المسافة الفاصلة ما بين الإجابتين ، كان سابقا لوجود اوسلو ذاتها ، بل وضروريا حتى تتم وتصبح واقعا على الأرض . ولو لم تكن هناك قابلية وظروف ناضجة عند الطرف الفلسطيني ليتعاطى مع واقع كاوسلو لما كانت أصلا ، ومن هنا تحديدا تنشأ الخطورة المترتبة على التباين في الإجابة عن السؤال بين الفرقاء الفلسطينيين أنفسهم ، وهل ثمة خطورة أكبر من الإنخراط بقوة في مشروع مفصل خصيصا لخدمة الإحتلال وتكريس وجوده على حساب الحق الفلسطيني ، بينما يظن القائمون عليه أنهم إنما يقدمون واجبا وطنيا ؟ ماذا فعلت الإنتفاضة، وفي أي الميادين تحركت ؟ أعتقد أن التفوق الإستراتيجي للكيان الصهيوني يكمن في بعدين يكمل أحدهما الأخر ، الأول يتمثل في القدرة على وضع الترتيبات ، وصناعة الحقائق القادرة على توفير الأمن الوجودي لكيانه الغاصب ، والإبقاء على فرصة ديمومته متاحة ، أما الثاني فهو امتلاك أسباب القوة المادية بأشكالها ، ما يعنينا هنا يتعلق بالبعد الأول ، حيث يتوقف الأمن على نجاعة الترتيبات وفاعليتها ، لكن من الذي سبق الآخر كحقيقة موجودة على الأرض ، الكيان الإحتلالي ، أم الترتيبات المحكمة والوقائع النافذة ؟ لو استطاع اليهود أن يشقوا طريقا لهم باتجاه (مكان تحت الشمس) ، دون الحاجة لوجود الترتيبات الضرورة ، لما احتاجوا إليها بعد أن أصبح كيانهم يملك من القوة مالا تملكه دول العرب مجتمعة ، بمعنى أن الترتيبات المحبوكة والظروف الناضجة هي التي هيأت لظهور الكيان الغاصب ، وأن ديمومة بقاء هذا الكيان تتوقف على القدرة في إلإبقاء على هذه الترتيبات ، وتطويرها وابتداع المزيد منها حسب ما تقتضيه الحاجة ، ولما كان الكيان الصهيوني مغروسا في قلب العالمين العربي والإسلامي، في وضع شاذ واستثنائي ، فإن الترتيبات اللازمة كي يبقى هذا الغرس منتصبا لا بد وأن تكون شاذة واستثنائية كذلك ، بحيث يكون سياج الحماية من ذات الأرض وعليها ، وبسواعد أبنائها. وعلى وقع بنود مثل هذه المعادلة ، نشأت أنظمة وممالك وكيانات في محيط فلسطين، في الفترة التي شهدت إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة ، إثر زوال سلطان آل عثمان الاتراك ، وقد تم كل ذلك قبل أن يرى المولود غير الشرعي النور ، وقد ارتبط بقاء هذه الأنظمة في الحكم كما ارتهن أمر بقاء الحاكم جالسا على كرسي حكمه بالقدرة على العمل وفق المحددات التي ترسمها سياسة المنتصر بشروطها ، هذه الحقائق المرة شكلت فرصة مثالية لكيان الغاصبين كي ينمو ويعلو ويمارس الظلم والفجور ، ظانا أنه منيع بحصونه من الله ثم من غضبة الشعب المقهور ،لكن وبدون مقدمات جاءت الإنتفاضة لتتحرك ما وراء السياج ، ولتهز النسيج الإحتلالي من الداخل ، ولتفرض حالة من المواجهة المباشرة مع الإحتلال ، وجها لوجه بعيدا عن خطوط الحماية المتقدمة. بالطبع هي لم تشكل تهديدا وجوديا للكيان المحتل ، ولكنها وجهت صفعة لنظرية الأمن ، القائمة على قواعد من الترتيبات يتم اختراقها للمرة الاولى بجهود شعبية خالصة ، إن منظر الغبار الذي أثارته الإنتفاضة في الساحات الخلفية للكيان المحتل ، كانت كافية تماما كي يستخلص دهاقنته العبر من وراء الحدث المنتفض ، خصوصا أن هناك سابق تجربة أثبتت نجاعتها وفاعليتها في الأداء ، فما المانع من إعادة استنساخ التجربة ، التي لا تتطلب سوى إزاحة السياج خطوة للوراء ليشكل حاجزاً جديداً ، يفصل ما بين الشعب المنتفض والإحتلال الظالم ، فكانت اوسلو محاولة جادة لرتق الفتق الذي أحدثته الإنتفاضة في منظومة الترتيبات، وجدار الأمن ، وفرصة ثمينة بالنسبة للمحتل لاستعادة زمام المبادرة ، وإعادة الإعتبار لترتيباته ، هذا ما تعنيه أوسلو بالضبط بالنسبة للمحتل ، لكن ماذا تعني بالنسبة لشريكه الفلسطيني ، لا يمكن أن يكون هناك معنى لأوسلو لدى الطرف الفلسطيني ، على ضوء ما تعنيه بالنسبة للمحتل ، سوى القبول بالإنخراط في الترتيبات الهادفة لحفظ أمن كيان المحتلين ، الأمر الذي ظهرت بوادره في السلوك الخطابي والميداني لرموز أوسلو سنوات عديدة قبل إبرام الإتفاق المشؤوم . ولو أدعى أحد أنه كان بالإمكان استعادة الحقوق أو بعضا منها ، وفق اوسلو كما هي ، لكان ادعائه حالما وباطلا ، حالما لأن النسخة الفلسطينية من أوسلو رضيت بهذا الخيار ،لأنه لا خيار آخر سوى الإفلاس التام والخروج من الساحة كنتيجة طبيعية تفرضها سياسة فريق المتنفذين في قرار المسيرة الفلسطينية ، وعليه فإن التعلق بالأوهام وبناء الآمال العريضة عليها ، يبقى أجدى من خيار السقوط النهائي ، وعندما يصبح الحفاظ على الإطار أو الذات ، يمثل المصلحة الأولى والملحة ، تتراجع عندها قيمة المصالح الجمعية الوطنية ، فتسقط التحفظات وتذوب الحساسيات تجاه كارثة كأوسلو ، التي تؤسس لإحداث تحول في عناوين الصراع ومضامينه ، من صراع حق وباطل ، ومعتَدى عليه ومعتدِي ، ووجود أو لا وجود ، إلى نزاع شكلي وخلاف إجرائي ، وتباين تفسيري ، وهكذا ، إلى أن يصبح الظالم المحتل مسكينا بريئا ، ومن يقع عليه الإحتلال مشاكسا مدانا ، وباطلا ، لأن ما يلزم لإنجاز ذلك من القوة والمنعة والإرادة في ظل الخلل الذي عبرت عنه أوسلو، غير متوفر فضلا عن غياب النية الصالحة لتحقيق ذلك ! وكان مما دفع الجانب الفلسطيني الرسمي للقبول باوسلو كخيار وحيد لا بديل عنه ، عدم تعاطيه مع الإنتفاضة بوصفها إحدى فصول المواجهة مع المحتل ، بل باعتبارها المعركة الحاسمة والنهائية ، الأمر الذي ينسف إمكانية تفعيل البدائل الأخرى في حال فشلت أوسلو ، والفرق بين هذا التوصيف وذاك ،هو كالفرق بين خسارة جولة من المعركة وبين خسارة الحرب كلها ، يل إن الخسارة المترتبة على أوسلو بالنسبة لفلسطين كادت أو تكاد أن تصبغ القضية برمتها ، وطالما أن الذي وقع أوسلو عن الجانب الفلسطيني ، كان قد فوت الفرصة على البدائل الأخرى المتاحة ، فإن أوسلو والحال هكذا لن تفشل أبدا - حتى لو زُرع كل شبر من فلسطين بأحد الصهاينة القادمين من أصقاع المعمورة - وعلى ضوء هذا (الفقه السياسي الأوسلوي) نستطيع أن نفهم ونتفهم دلالات ومنطلقات ومغازي نظرية الحياة مفاوضات ، وفي المقابل نجد أن المحتل حين رفع أوسلو عاليا في وجه الإرادة الشعبية الفلسطينية المنتفضة ، لم يعتبرها الطلقة الأخيرة الممكنة ، بل أبقى كنانته ملأى بالذخائر كما أدراجه بالخطط ، ولهذه الأسباب بدت أوسلو كمفهوم مقدس ، وللتطبيق الحرفي فلسطينيا ، وخطة قابلة للتعديل أو الزيادة أو الإهمال بالكلية صهيونياً . ___________________________________ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك |
||||||||||||
|
|||||||||||||
14-12-2009, 22:11 | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
الحلقة الثامنة .... **إعادة جدولة الصراع** لقد كان طبيعيا أن يقوم الكيان الإحتلالي بالرد على التغيير الذي أحدثه الحراك الشعبي الفلسطيني الموجه له عبر انتفاضته الشعبية ، ويظهر انه لم يكن في وارده الإستجابة لمقتضيات ذلك الحراك ، الذي تسبب في شيء من الإرباك لسياساته وتوجهاته الإحتلالية ، إلا أن رده على ذلك كان حاضرا وقد نضجت ظروف إخراجه للنور ، ولما كان التحرك الشعبي الفلسطيني مندفعا بعفوية فقد كان الرد الإحتلالي يعبر عن دهاء متمرس ، وقدرة على إعادة خلط الأوراق بما يمكنه من الإستمرار في الإمساك بخيوط اللعبة كلها ،، فجعبته ما زالت ملآى بالبدائل ، وموازين القوة ما برحت تميل لصالحه ، الأمر الذي ييسر له استحداث جدولة جديدة لأساليب الصراع وأدواته المستخدمة ،فإعادة إنتاج الخطط ، وآليات المواجهة ، وابتداع اصطفاف جديد ، كانت أبرز صور الإستجابة لتلك الجدولة . ويجدر القول هنا ، أن إعادة جدولة الصراع ، وصناعة المقدمات ووضع الترتيبات التي لن تفضي إلا إلى النتائج المرغوبة والمحددة سلفا ،، ليست بدعا في السلوك السياسي للكيان الإحتلالي الإسرائيلي ،، بل هي تعبير عن المنهج الذي قننته التجارب الإستعمارية قديما وحديثا ، ولما كان الإغتصاب اليهودي لفلسطين يعتبر امتدادا ووريثا لكل تلك التجارب ، فإنه من غير المستهجن أن يسير على خطى من سبقوه ويضيف إليها بحكم تجربته الثرية فيما يتعلق بالمكر والدهاء ونصب الشراك . وكان من المثير أن يصبح الطرف الرسمي الفلسطيني أحد ركائز الحراك المترتب على هذه الجدولة ، وإذا كانت العملية من أساسها تعتبر ردا على الإرادة الشعبية الفلسطينية المنتفضة ، فإن انخراط جزء من قوى الشعب الفلسطيني فيها ، يدل على الإستعداد للدخول في مواجهة مع بقية القوى الفلسطينية الأخرى ، هذه الإنتكاسة في المواقف تؤكد على أن اوسلو في مضامينها الواسعة ، كانت كارثة لا تقل في مساوئها عن مساويء أي من النكبة والنكسة ، لا بل كانت بمثابة ثالثة الأثافي بالنسبة لهما ،، ونقطة تحول حملت في ثناياها استحقاقات خطيرة منوطة بعنق الطرف الفلسطيني المنخرط في هذا المخطط تجاه الشعب الفلسطيني وقواه وقضيته ،، وكان مما يتطلبه هذا الإنخراط السعي لإعادة تعريف مفاهيم من قبيل المشروع الوطني والنضال والحرية والمدى المسموح به للمطالبة بالحقوق وخلافها ، كضرورة لازمة تقتضيها طبيعة الدور الجديد الذي سيلعبه فريق أوسلو الفلسطيني . لكن النجاح في مهمة كهذه لا يتوقف على قدرات ومهارات من يقوم بها ، بقدر ما يتوقف على الإستعداد والقابيلة لدى شريحة واسعة من الجمهور لاستيعاب مضامين المهمة والتعاطي معها ، والشاهد أن الفريق الأوسلوي الفلسطيني كان قد أجتهد على مدى عقود في تدجين الوعي والإندفاعة الشعبية الفلسطينية حتى أصبح بالإمكان الحديث معه بطريق مباشر حول التفاوض والحل السلمي ، والشراكة السياسية مع المحتل ، غير أن هذا المسار سيصطدم حتما بعقبات ، فلسطينية هي الأخرى بالمقام الأول ، بحيث يتوقف المستقبل السياسي بل والإقتصادي للفريق الأوسلوي على مدى نجاحه في كبح جماح وإسكات المعارضين لهذا النهج ، وهكذا يتحول الصراع الفلسطيني الصهيوني إلى صراع داخلي فلسطيني فلسطيني ، وهذا هو الهدف الكبير والأمنية الغالية التي تم على أساسها إعادة جدولة الصراع .. لكن هناك مغزى ينبغي الإنتباه له ، يتعلق بتوقيت إقدام الإحتلال على الشروع في هذه الجدولة ،، من المسلم به أن أوسلو تستهدف فيما تستهدف قوى المقاومة التي يفترض معارضتها لأي اتفاق لا يعطي الشعب الفلسطيني سوى الفتات كأوسلو مثلا ، لكن المعروف أن تلك القوى كانت قد تلقت ضربات قاسية تستهدف القضاء عليها تماما ، بحيث ما زال المئات من قادة تلك القوى (حماس والجهاد) يبيتون في العراء في جنوب لبنان ،، والسؤال ، لو كان الإحتلال يعتقد بقدرته على مواجهة الإرادة الشعبية الفلسطينية المتجسدة على شكل قوى المقاومة ، والإنتصار عليها ، فما الذي يدعوه لإبرام اتفاق مع طرف فلسطيني آخر للقيام بذات المهمة ؟ ألم يكن تراجع الإحتلال عن إبعاد قادة حماس والجهاد بعد صمودهم الميمون عاما كاملا في العراء ، دليلا آخر على حاجته لشريك من أبناء الدار ليقوم بمهمة التطويع والإستهداف للبقية الباقية من بني جلدته ؟؟ من هنا تظهر طبيعة المصلحة الإحتلالية التي دعته للدخول كطرف في اتفاق أوسلو ، وهي مصلحة استراتيجية دون أدنى شك ،، ولذلك يجب أن تكون أوسلو تبعا لما تقتضيه هذه المصلحة ، لكن في الجانب الآخر فيبدو أن المصلحة التي حددت هذا الخيار ، هي المصلحة الفصائلية والشخصية ، ولذلك لم يكن بإمكان فريق أوسلو الفلسطيني ، أن يستثمر وجود اطراف فلسطينية معارضة لأوسلو كي يحسن من شروط مواجهته التفاوضية مع المحتل ، وذلك لأنه لم ينخرط في أوسلو من واقع قوة ، أو من دافع تمليه المصلحة الوطنية ، وإنما من واقع ضعف ، وبالتالي فقد كانت اوسلو بالنسبة له مطبا محكما وفخا مدروسا ، ودوامة تجذبه إلى حيث شاءت القوى المحركة لمسارات السياسة ، فهو لم يكن شريكا سياسيا معتبرا في العملية السياسية التفاوضية الجارية ، وإنما دأب الإحتلال على استخدامه كأداة فعالة لتحقيق مصالحه من جهة ، وإفراغ المصالح الفلسطينية من مضامينها من جهة أخرى ، إنه قد وصل لمحطة اوسلو منهكا ومشرفا على الإفلاس ، الأمر الذي أهله ليقوم بدور الشريك ، نعم الشريك وفقا للطريقة التي يريدها المحتل ، وليس وفقا لما يقتضيه الحد الأدنى من المصلحة الفلسطينية ،، فكانت السلطة كمن تم إحكام تجنيده في خدمة الإحتلال ، فاحتار الشعب الفلسطيني وانسدت الآفاق في وجه قواه الحية ، وبرز للسطح التوتر في العلاقة بين القوى الفلسطينية على خلفية اتفاق اوسلو . لكن ومع كل ذلك ، فلم تخرج حماس عن طورها ولم تسع لاستهداف السلطة (نتاج أوسلو) ، وإن ظهر بجلاء التناقض الواضح بين مساعي هذه وتلك ، وارتفعت حدة الخطاب ، ولم يخل الأمر من احتكاكات ساخنة متفرقة هنا وهناك ، وقد صحبها رسائل دموية موجهة من قبل السلطة لمن يعارضها ، وإنما عضت على الجراح ، وتلافت الإصطدام معها ،تفويتا لتحقيق أماني المحتل ، وحرصا في الإبقاء على الطاقة الفلسطينية مذخورة في مواجهته ، لقد كان مطلوبا من السلطة منع المقاومة الموجهة للإحتلال ، فيما الإحتلال مستمر في أعمال الإجتياحات والإغتيالات والإعتقالات وتجريف الأراضي ومصادرتها ، وفضلا عن كل ذلك ، عدم الإلتزام بما هو مطلوب منه وفقا لأوسلو ، ويصاحب كل ذلك الترويج للمفهوم القائل بان أساس المشكلة بيننا وبينهم إنما يتعلق بما يسميه (عنفا) ، وأن على السلطة التي تمثل تجسيدا للأمل الفلسطيني (حسب ادعائه) أن تواجه هذه المقاومة التي تعكر صفو علاقة الجارين الشريكين . وأمام واقع كهذا لم تجد حماس بدا من ضرورة الإستمرار في مواجهة العدو وإيلامه وإلحاق الأذى به ، غير آبهة أو ملتفتة لأذى السلطة وتعدياتها ، في محاولة منها للتأكيد على أن أصل المشكلة هو الإحتلال ذاته وسياساته على الأرض ، وأنه ينبغي أن تظل الذاكرة الفلسطينية حية إزاء هذه الحقيقة ، وأن استقدام وإنشاء سلطة تحمل اسم فلسطين ، لا يعني بالمطلق ، نهاية الصراع مع الإحتلال ، أو أن الشعب الفلسطيني قد حصل حقوقه أو استرد مظلمته ، هذه السياسة التي تبنتها ونفذتها حماس ، كانت نتاجا لعمق الرؤية وصوابية النظرة ، فقد كانت الاقل كلفة والأقصر طريقا في التعبير عن رفض الإتفاقات التصفوية مع المحتل ، وإعلان بالعزم على مواصلة المشوار مهما كان حجم المعيقات على الأرض . ___________________________________ سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك |
||||||||||||
|
|||||||||||||
25-12-2009, 20:47 | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
حفظ الله حماس يسلموٍ كتير ع الطرٍح الرائع "فلسطين" يعطيك الف عافيه ما ننحرم من جديدك |
||||||||||||
التعديل الأخير تم بواسطة بنت غزة ; 25-12-2009 الساعة 20:57 |
|||||||||||||
25-12-2009, 22:15 | رقم المشاركة : ( 10 ) | |||||||||||||||
|
رد: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر
اختى فلسطين يجب طرح الموضوع على حلاقات حتى يتمكن القارى من التمعن فى ذالك اما طول الموضوع يصيب فى الملل وعدم تكملة القراءه اشكرك من كل قلبى وسيرة حماس الذاتيه مرسومه فى الرصاص على الارض |
|||||||||||||||
|
||||||||||||||||
الموضوع الحالى: سيرة حماس الذاتية .. قراءة في فلسفة المواجهة .... للكاتب كمال جابر -||- القسم الخاص بالموضوع: منتدى فلسطين العروبة -||- المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج -||- شبكة صدى الحجاج |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الحسد | م.محمود الحجاج | منتدى الرقيه الشرعيه من الكتاب والسنه | 9 | 04-01-2012 16:25 |
النص الحرفي لكلمة رئيس الوزراء في الانطلاقة 22 ... | فلسطين | منتدى فلسطين العروبة | 2 | 25-12-2009 22:19 |
علاج الوسواس القهري | م.محمود الحجاج | منتدى التامل والتفكر والروحانيات | 5 | 10-02-2009 13:24 |
من أي شجرة انت /انتي..... اختبار الكم كلكم | اسرار | المنتدى العام | 15 | 09-02-2009 11:23 |
قصة شجرة الدر كاملة | عاشقة الرومانسية | منتدى الصدى الثقافي | 7 | 20-04-2008 00:37 |
|
عدد الزوار والضيوف المتواجدبن الان على الشبكة من الدول العربيه والاسلاميه والعالميه
انت الزائر رقم
كل ما يكتب في المنتديات لا يعبر بالضرورة عن رأي إدارة شبكة ومنتديات صدى الحجاج
شبكة ومنتديات صدى الحجاج لا تنتمي لاي حزب او جماعه او جهة او معتقد او فئه او
مؤسسة وانما تثمل المصداقيه والكلمه الحرة
...