رد: مِنْ التجُاربَ المُتعثّرةَ ! .....
يركضَ ويركض ، متجهاً لغرفتَها ، ودموعه حفرت مكاناً على خديَه :
يُمه ، يمممه ، الحقي ، تكفيَن يُمه !
انصدمتَ لمنظره المُفزع والمؤلم : وش فيكَ ؟
برجفَه علّت جسده الصغيَر ، وبكلماتَ لاتُفهم :
قتلَه ، م م ماتَ خلاصّ رااحَ ، دم كثيرَ ، ثوبه صار أحمرَ !
صدمَه هزّتها ، ولم تفهمَ شيء سوى بأنَ أحد الأشخاصً مات ْ :
وينه ، منَ ذاا ؟!
شدّ طرف قميصَها وبكلماتَ متقطعّة : تعاليَ شوفي !
لم تتحركَ من شدّة صدمتَها ،
وأصبحتَ في يدّ إبنها ،
وكأنها الإبنة وهو الأم !
وصلتَ عند ذلكّ المشهدَ المروّع ،
وجدتَ أحدهم بيّده سكينَ ملوّثة بالدمَاءْ ،
والآخرَ
على الأرض ينزفَ ، وينزفَ ،
وكأنَه يلفظ أنفاسَه الأخيرة : ( ،
نقلتَ نظرها بين الإثنينَ ،
والدموع أخذت مجراها على خديّها ،
عآجززة هيّ الآن ،
عن الكلامَ والحركَة ، حتى عن إصدار ردة فعلَ
فقط تسمع ، نحيب ياسر ،
وترى صدمَة فهدّ ، سمعتَه يتمتمَ بَ كلماتّ ،
من أثر صدمتَه ، وكُل خليّة فيَه ، ترجفَ من شدّة صدمتَه :
قتلتَه يَ يُمه ، قتلتَ أخويّ ! ،
أنا بَ حلم صصصح ؟ ، إلا أكيدَ بَ حلم !
صدمّه بالصميمَ فقطّ ، جلستَ على الأرض واقتربتَ منّه ،
لاتدريَ من أين جلبتَ تلك القوّة ! ،
كيف هيّ إلى الآن على قاربَ الحيّاة ،
ولم تغرَق رُغم تلكَ العواصفّ الشديدة : ( :
سامحينيَ ، يَ يُمه ، تكفييين سامحينيَ ! ،
لايستطيعَ الإكَمال ،
ألم الجسّد الذي يشعر به مؤؤلم كثير !
بَ هذه اللحظة تحركتَ ، وكأنها ماتتَ ،
ثم عادتّ للحيّاة مرَة أخُرى ،
إقتربت منَه ورددت : منتَ ميّت ،
ولدي البكَر مايخلينيّ ، أنا من ليَ من بعدكَ ؟
وبصرخَة ، من شدّة ألمهَا أكملتَ : كلموووا الإسعافَ !
إستجابَ ياسّر الصغير لطلبهَا ،
وأسرع للهاتف ، لايرُيد أن يفقدَه
هو منّ رباه ، هو من كَان له الأبّ ،
وكل شيء : ( !
: حبيبيّ خالد ، أنتَ مافيك شيّ ! ،
اللحين بيجون ويعالجّونك
ولدي البكر مايموووت قبليّ ، تسمعنيّ ؟!
جلسَ على الأرضّ وانكَمش جسدّه ،
وكأنه ليسَ الكبير البالغ منّ عُمره العشرينَ
بدأ يصرخً ويبكَي ، وكأنه وصلَ إلى حالة الجنوَوَن ! :
يُمه ، ترى أنا ماقتلته ، هههههههههه ،
مجنونَ أنا أقتله ، ماقتلته والله ترى ماقتلته
مدري ، ليش هو اللحين طايح مثل كذا ؟
دقائقّ مرَت ، وكَأنها سنوّات ، وصلّ الإسعافَ :
يُمه لا أوصيك على ياسرَ ،
تكفون إنتبهوا له ، ذا ولديّ أنا اللي ربيتَه ّ!
أغلقتَ فمه بيديها : أشششّ ،
ربيتَه من يومهَ طفل ، والحين عُمره 9 سنواتَ
ومحد بيزوجَه لاكبر غيرّك !
إقتربَ منها أحد المسعفين : إبعديَ ، يا أخت !
ابتعدت عنه ، ركزتَ على أصبعه السبابَة ،
وجدتَه مرفوعاً ، ثم نقلت بصرها
إلى شفتيَه ، رأته يتمتمَ بَ كلماتّ ،
لاتعلّم لماذا تملّكها إحساس بأنها ستكملّ الحياة بدوَنه ‘
دقائقَ ، لمَ تُكن سوى سنواتَ عليَها ،
رأتهم يرددونَ :
إنّا لله وإنا إليه راجعون ، الله يعوضكُم خير ، الله يعوضكُم خيرَ : ( !
صدىَ تلك الكلماتَ موجّع ،
لم يصدقه لا قلبَها ، ولا عقلهَا ’
لمَ تشأ تصديقَهم ، نقلتَ نظرها لَ خالد وياسرّ ،
رأتهمَ يصرخونَ متوجهينّ إليَه !
الآن فقط استوعبتَ ، خالد إبنها البكَر ذهبّ إلى رحمَة الله ‘
لطالمَا مسح لمحّة الحُزن من وجههَا ، وإستبدلها بالفرَح ! :
لأ ، لأأأأ ، ولدي مايروح ويخليني لحاليَ ، مايرووووحّ ؟
سقطَت وأُغمي عليَها ، وبعد مرورَ وقت طووويّل ، استيقظتَ
صُدمت صدمَة حيّاتها ، لقد مرّ على وفاتَه خمسة أيّام
حُرمت منه وحُرمت من أيام عزَاه أيضاً ‘
تذكرتَ مصابّها الأعظَم ، قاتل إبنها البكرَ الأصغر منّه !
تبكيّ على فقدانَ خالدّ ، ، أم ضيّااع فّهد ‘
تذكرتَ ياسرّ ، أين هوّ ، وأين الباقيّ من شتاتَ فهد ؟!
تحركَت من سريّرها رُغم ألمهَا ،
دافعَ الأمومَة بداخلها أقوى من أي ألمَ ‘
خرجّت من المستشفىَ ، بدونّ علم أحد ! ،
ذهبت إلى منزلَها ، لتبحثّ عن أبنائّها :
ياسر ، فهد [ وبنسيّان ] خالد ؟ !
وجدت ياسر بَ أحد أركانْ البيت ،
ترجف شفتيه والدمع احتل مكاناً على خديّه
أسرعت إليه وأخذته إلى حظنها ، وببراءة طفل لم يتعدى التاسعة :
يمه خلاص ، خالدّ ماعاد هو فيه ،
ليه تنادينّه ؟ ، فهد الحقير ، طعنه بالسكين
قتل أبويّ ، انا ما أحبه أكرهه !
صرختَ بداخلها ،
خالد لم يعد له وجودُ ، وبأمومة رددت :
لأ حبيبيّ ، بالخطأ هو سوى كذا ، وين فهد ؟
نظر إليها بنظرة تقتل من برائتها :
فهد حطوا بيده حديد كبير
وأخذوه [ وبحيرة ] مدري وين ؟
تذكرت بأنه داخل السجّن ،
تريد أن تقابله ، لتسأله عن سؤال إلى الآن لم تجد إجابته !
ذهبت إليه وطلبت مقابلته :
ليش قتلت أخوك ؟ عندك جواب يقنعني ؟
حرام عليك ، ضيّعتنا كُلنا : ( !
بصوت ، يحمل الكثير الكثير من الألم :
لحظة شيطان حسبتها مَرجلّة قتل الأخوَان ‘
والله ماكنّت قاصد ، الله ياخذني ،
خالد راح والسبب أنا ، ليت السكين غدرت
وجات فينيّ ، ليتها ! ، والله يَ يُمـه ، لحظة شيطَان !
نظرت إليه بإنكَسار : لحظة شيطان ؟! ،
وش السبب الكبير ذا اللي خلاك تقتل أخّوكَ ؟
نظر إليها ، ودمعة واحدة ،
تركت الأثر على خدَه : تكفين ،
اعفيني عن الإجابَة
صعب والله صعب ، أدري مهما كانْ ،
أنا الغلطان ، مافي سببّ ، مهما كان حجمه ‘
يخليني أقتل أخوي : ( !
تناثرت دموعها على خديها بشّدة :
أبي سبب يقنعني ، يخليني أقول ،
أنا خسرت إثنين صح !
بس كان فيه سببَ ، لخسارتيَ لهم ،
تكَفى لاتخلينيَ محتّارة : (
تردد صدى همسُه بغرفة زوار السُجناء :
لحظة شيطان ، حسبتها مرجلّة قتل الأخوانَ !
- حسبتها مرجّلة قتل الأخوانْ ‘
همسّة ‘
يُمَـه / ماتّ !
كلَ شي كنتْ أحسّه حيَ في هاذي الحياة !
|