|
أختيار الاستال من هنا
|
روسيا اليوم | الجزيرة | ناشونال جيوغرافيك | المملكه | رؤيا | الاقصى | الكوفيه | الرياضيه | عمون | يوتيوب | مركز رفع الصور |
منتدى الصدى الثقافي كتب ، مقالات ، قصص وروايات ، مسرحيات ، شخصيات خلّدها القلم ، تسكن أوراق التاريخ ، ومعاصره تخلق تاريخا جديدا .
منتدى الأدب العالمي والتراجم منتدى الحكم والامثال منتدى قصائد مغناة |
كاتب الموضوع | اسرار | مشاركات | 2 | المشاهدات | 3550 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
26-11-2008, 15:48 | رقم المشاركة : ( 1 ) | ||||||||||||||
|
قصص حلوة 3 قصص ........ من خير كلام
اتمنى ان تحوز على رضاكم وتنال استحسان الجميع من غير كلام - 1 الطابق التاسع من مستشفى (سانآرثر) في برايتون- ببريطانيا )الجناح الرابع ) الغرفة: (3ب) كنت أحد ثلاثة مرضى منومين في هذه الغرفة، كان سريري إلى جهة الواجهةالزجاجية للمبنى. وبجانب سريري سرير (ديفيد)، وسرير (إلن) على التوالي، قضيت فيالمستشفى سبعة عشر يوماً خرج (ديفيد) قبلي بخمسة أيام، أما (إلن) فإلى اليوم الذيخرجت فيه من المستشفى لم يكن قد خرج بعد. لقد قدمت للدراسة في بريطانيا... وفيالطريق من مدينة (لندن) إلى (برايتون) وقع لي حادث مروري... معي إثنان من أصدقائي،لم يصابا بأذى، بقيا في المستشفى بضع ساعات للتأكد من سلامتهما، ثم خرجا بعدذلك. وطوال إقامتي في المستشفى كنت أخجل كثيراً حين أوازن بين وضعي، ووضع كل من (ديفيد) و (إلن)، وخجلت من كثرة ردِّي لمكالمات الأصدقاء وزملاء البعثة، وسؤالهم عنصحتي، لم تكن هذه الزيارات في يوم دون آخر. أما (ديفيد) و(إلن) فلم يسأل عنهماأحد. المكالمات لي وحدي، وباقات الورد- وإن كنت لا أحبها- لي وحدي، بل أصبحتالورود، وكروت التهنئة بالسلامة تملأ الغرفة، وتمتد حتى سريرى (ديفيد) و(إلن)، وماخلت فترة زيارة من زوَّار لي. بالرغم من أنني ليست لي أهمية تذكر؛ إذ كنت مجرد طالبصغير في دراسة جامعية لا أكثر. كان عجب (ديفيد) كبيراً. وكان أحد الأصدقاء يدفعلي بنقـــود، ويضعها في كفي، ويضغط عليها برفق لكي لا أردها. وشعرت بحرج شديد فأنالدي ما يكفيني. ولست بحاجة إلى مساعدة. ولكنه يرفض ذلك ويصرُّ على الرفض. قاللي: - خذ هذه الآن.. وبعد ذلك نتحاسب أنا وأنت، ولم يتركني أتكلم بل ذهب منفوره.. لم يكن مناسباً أن أرمي النقود في أثره. أحد أقاربي ممن جاء للسياحة حينعلم بما حدث لي. اتصـل بإدارة المستشفى وأخبرهم أن تكلفة العلاج على حسابه. وآخرعندما عدَّلت وضعي على السرير بعد ذهابه، وجدته قد وضع تحت المخدة مبلغاً منالمال. شعرت بالخجل الشديد من زوَّاري. كل ذلك و(ديفيد) لا يكاد يصدق ما يجريأمامه. قال لي: - يبدو أنك شخص مهم. أجبته: - لا.. لست مسؤولاً كبيراًولا ثرياً من الأثرياء حتى أكون مهما، لكن الأمر لا يتوقف على المركز الاجتماعيفقط، فربما لقي الفقير عناية أكبر..؛ لأن الجميع يزورونه، ويقدمون له المساعدة رجاءأجر الله سبحانه وتعالى. - لم أفهم!! - هذا جزء من عقيدتنا، اختلط هذا المبدأبدمنا وعظمنا ولحمنا، وما تراه دليل على ما أقول. قال لي: - لقد حضر إليكأصدقاء بعضهم ليسوا عرباً مثلك. رددت عليه بأن المسلمين أخوة مهما كانت جنسياتهموبلادهم وألوانهم. وطوال بقاء (ديفيد) معي في الغرفة، وعجبه يزداد مما يرى منالمودة والحنان اللذين أتلقاهما كل يوم. وخرج (ديفيد) قبلي وقد أخذ عنواني، ثمخرجت بعده بخمسة أيام حينما شفيت من الإصابة. وبعد مضي مدة من الزمن فوجئتبرسالة من (ديفيد) في صنـدوق بريدي. وفتحتها، وهالني أن تبدأ ببسم الله الرحمنالرحيم، وأن يبدأ الخطاب بأخي الكريم، ثم يكتب بعدها السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته. لم يكن الأمر يحتاج إلى كثير توقع، لقد كانت رسالة من (ديفيد) يخبرنيبإسلامه. وأنه قد غيَّر اسمه إلى عمر ثم يقول: - إنني مدين لتلك الأيام التيقضيتها معك في المستشفى، ورأيت فيها ما جعلني أصمم على القراءة حول الإسلام، كنتُبالقياس إليك كأنني منبوذ... لا أحد يحبني.. لا أحد يزورني، لا أحد يسأل عني.. بالرغم من أن أقاربي في نفس المدينة، أما أنت فعالم آخر يبدو لي غير معقولأبداً: باقات من الورد والزهور بألوان مختلفة. رسائل تحية. مكالماتكثيرة.. زوَّار لك من داخل المدينة ومن خارجها. كنت أحسدك على ذلـك، وأحسدكأكثر على الحب الذي ألحظه في علاقتهم بك، واستعداد الواحـد منهم أن يقدم لك ما تريدمن مساعدة. لقد قلت لي جملة واحدة: إنه الإسلام. كان ذلك الموقف الذي رأيتيغني عن أي كلام منك لي. كلمة واحدة بدأت بها مشوار تعرفي على هذا الدين الذيأنا في أشد الحاجة إليه، إنني سعيد جداً... لا تكاد تعرف حدود سعادتي وأنا أزف إليكخبر إسلامي من غير كلام - 2 د. عبدالله بن صالح العريني لم تكن هنالك أدنى علاقـــة بيني وبين جيــراني في الحيِّ الذي نزلتهفي مدينة (روكفورد) في ولاية (إلينوي) إحدى ولايات أمريكا. ولم يكن هنالك مايدعو إلى مدِّ جسور تعارف بيني وبينهم، فأنا غارق حتى أذني، في دراستي وبحوثيالمتعددة. وجيراني هم قبل كل شيء غربيون لا يقبلون أن يتدخل أحد في شؤونهم، ويقدسونالحرية الشخصية إلى درجة العبادة. ولذا لم تكن هنالك دلائل تشير إلى صلاتاجتماعية بهذا الشأن، لكن الغيب لـه عجائب كما يقولون، فمن كان سيصدق أن ذلك الجارسيكون أحد أصدقائي المقربين؟ وأنني سأرى فيه من اللطف ودماثة الخلق وحب الخير ما لميكن يخطر لي على بال؟؟ تبدأ القصة في ذلك اليوم، الذي لفت نظري أن زجاجات الحليبالتي تضعها شركة الحليب كل يوم، عند باب جاري قد بدأت تتكاثر لدرجة لافتة لنظر منيمرُّ أمام هذا البيت. والشركة لا يهمها، أُخذت تلك الزجاجات أم لا؟؟ فمسؤوليتهاتنتهي بإحضار الحليب للمنزل، لكن تركها على باب منزل جاري يدل دلالة أكيدة على أنهغير موجود، ولعله نسي أن يطلب من شركة الحليب إيقاف اشتراكه طوال غيبته عنالمنزل. وشعرت بحيرة شديدة، إزاء ما يحدث، لأن بقاء تلك الزجاجات، ووجودهادائماً أمام باب المنزل يعني رسالة صريحة لأي لص من اللصوص لدخول المنزل مستغلاًغيبة صاحبه عنه. لقد مضت الأيام السابقة على خير، وستر الله على المنزل، ولكن منذا يضمن أنها لن تكون في عين أحد المجرمين فينتهزها فرصة، ويأخذ من البيت ما شاء؟فقد غدت الفرصة سانحة أكثر من أي وقت سابق. كنت أحاول أن أطرد مسألة التفكيرفيما سيحدث لمنزل جاري، وما شأني أنا بالموضوع من أوله إلى آخره؟ والرجل لا يعرفنيولا أعرفه، وحتى لو سرق منزله فلن يضرني هذا شيئاً أبداً؟؟!، ولكنني سرعان ماأستبعد ذلك من ذهني، وأرى من واجبي أن أعمل شيئاً، فليكن ذلك الرجل شخصاً لا أعرفه،ولكنه على الأقل جاري. ثم إن أخذ هذه الزجاجات ووضعها عندي لن يكلفني خسارة، فإنجاء وهي ما زالت جيدة استفاد منها، وإن جاء وقد انتهت مدة صلاحيتها، فلا ذنب لي فيهذا الموضوع. ومضى قريب من أسبوعين،وأنا آخذ زجاجات الحليب من أمام منزل جاريوأضعها عندي.. وتكدست في ثلاجة منزلي الصغيرة، وكلما انتهت مدة صلاحية واحدة، تخلصتمنها لكي يتسع المحل لغيرها، وقد تضايقت زوجتي وأبنائي بعض الشيء، إلا أنني شعرتأنه لا بد من إكمال المشوار، فأخبرتهم الحقيقة التي لا مفرَّ منها، وهي أنني جادفعلاً في هذا العمل حتى أصل فيه إلى ما أريد. وحين جاء جاري إلى منزلـه، ذهبتإليه، وقصصت عليه ما عملته. أخبرته بالقصة كاملة.. وأن زجاجات الحليب قد ملأتثلاجتي، فضحك ضحكة صافية.. قال لي: ولماذا فعلت هذا حقيقة؟ - هو ما قلته لك.. كنت خائفاً على منزلك من السرقة. - هذا عمل عظيم.. أشكرك عليه.. كانت حادثةالزجاجات سبباً في كسر الحائط الجليدي بيني وبين جاري، حيث دعاني إلى منزلـه أكثرمن مرة، وعـرَّفني بزوجته ماري: قال إنها راهبة في مدرسة القديس يوحنا. شعرتبانقباض شديد في نفسي، لا أدري لماذا؟ ولكن هذا ما حدث، فأنا ما تعودت طيلة حياتيأن أكون وجهاً لوجه مع راهب وراهبة، لم تكن لي رغبة في ذلك، ولم أضطر إليه حتى جاءهذا اليوم قالت بعد أن حيتني، ورحبت بي: - لقد فعلت خيراً أيها الجارالعزيز. - هذا واجبي ( ثم أضفت): - إن الجار لـه حق عندنا.. إننا حينما نفعلذلك فلأن ديننا يأمرنا بذلك.. نعم إنه أمر بكل معنى الكلمة.. مأمورون فعلاً أننحترمه، ونتعاون معه، ونكف الأذى عنه، ونساعده بقدر ما نستطيع... لقد تألمت حقيقة،حين تذكرت أن من الممكن أن يدخل لص من اللصوص بيتكم ويسرق ما يشاء، مع أني قادر علىمنع هذه الجريمة. والتفتت زوجته الراهبة إليه قائلة: - إنها غلطتك يا سميث.. !! - دعينا من اللوم في مسألة انتهت دون مشكلة تذكر، لقد نسيت أن أطلب من الشركةأن توقف الاشتراك طيلة غيابنا، هذا كل ما في الأمر. وحين توقف سيل الاتهاماتالمتبادلة بينهما، رحت أشرح لهما معنى قولـه تعالى: (والجار ذي القربى والجار الجنبوالصاحب بالجنب وابن السبيل) وشرحت لهما معنى قولـه صلى الله عليه وسلم: "من كانيؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ... ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنهسيورثه". ومضيت أذكر ما أحفظه عن حب الجار والعناية به وإكرامه، مما حدث في عهدالرسول صلى الله عليه وسلم والقرون الفاضلة الأولى، وطوال حديثي كنت أحسُّ منهماإصغاء غير عادي، شجعني على الاستمرار، فوجدتها فرصة أن أشرح لهما، قول الرسول صلىالله عليه وسلم، والله لا يؤمن.. والله لا يؤمن.. - والله لا يؤمن.. قيل: منيا رسول الله؟ - قال: من لا يأمن جاره بوائقه.. وختمت حديثي بقولي: - وبعدهذا فما تصورتماه شيئاً مدهشاً.. فإنه أمر عادي نمارسه بتلقائية وعفوية. أثارذلك دهشة الزوجة وبخاصة ماري الراهبة التي صرخت قائلة: - أوه.. !! هذا رائع.. هذا غير عادي.. لقد كنت أعتقد أن المسيحية وحدها هي دين المحبة فقط. قال سميثمعقباً: - هذا جيِّد ... ثم نظر إلى ماري وهو يقول: - هل ستغضب ماري إذاطلبتُ من جارنا معلومات أكثر عن دينه الذي حدثنا عنه، يبدو لي أن هنالك خطأ فيتصورنا عن الإسلام. قالت: - بكل سرور.. هذا يرجع إليك.. نظرت إلى تغيروجهها، وصعوبة هذا الأمر عليها، فحمدت الله تعالى على نعمة الإسلام، لأن تقبل عقيدةأخرى ليست أمراً سهلاً على النفس. ووعدت بإحضار ما طلبه سميث و ماري. في اليومالتالي، وفي طريق عودتي من الكلية إلى المنزل مررت على مركز إسلامي، وأحضرت عدداًمن الكتب المبسطة عن الإسلام. كنت أعتقد أن لدى المركز مكتبة غنية بكتب التعريفبالإسلام والدعوة إليه، لكني حينما ذهبت وجدت أن أكثر الكتب قد نفذت، بل إن نسخترجمات القرآن الكريم قد نفذت من المراكز الإسلامية والمساجد لكثرة الطلب عليها. فاستعرت من الكتب الخاصة بالمكتبة، ووعدت بإعادتها على مسؤوليتي، وقدمتها لجاريوزوجته وأعطيتهما رقم المركز إذا رغبا في معلومات أكثر. بعد فترة ليست بالطويلة،كان أحد الأصدقاء في المركز يتصل بي ويقول إن لدينا حفلة إسلام كل من سميث وماريجيرانك الذين حدثتنا عنهم، ونريدك أن تساعدنا في إعداد الحفلة، وتوفير ما تحتاجإليه، فأنت تعرف ظروف المركز. دمعت عيناي من الفرحة.. شعرت بأطياف السعادة تحومحولي.. اعتقـدت أنني محظوظ.. أن أكـــون ســـبباً في الدعــوة إلى الله، رغم أنيلــم أبــذل في ذلك شيئاً يُذكر، لقد قمت بــأمـر بسيط.. بسيط جداً انتهى بتوفيقالله إلى هذه الغاية النبيلة. قلت له: سوف أتكفل أنا بكل شيء في هذه الحفلة، سوفأستأذن من الكلية ذلك اليوم، وسوف أعدُّ لهما بنفسي حفلةمناسبة.!! من غير كلام - 3 د. عبدالله بن صالح العريني لم أكن بحاجة لتذكيري أن البر بالوالدين فـــرصـة ذهبية لا تعوض لدخولالجنة ولذا أصررت على أن أصحب معي أسرتي وبخاصة والدتي المريضة، وأن يكون ذلك شرطيالأول والأخير لقبول الابتعاث إلى المانيا في دورة مدتها سنة وبضعة أشهر لدراسةمواد تخصصية في مجال عملي. أكد لي المدير أنه لا يمكن ابتعاثي بهذا الشرط، وأنهناك ثلاثة موظفين ليس عندهم ظرفي الذي يستوجب ذلك الشرط. سألته: هل تراني أكفأالمتقدمين أم لا؟ قال: بصراحة نعم ! - أليس في نظام الابتعاث شيء بخصوص ظرفمثل ظرفي مع والدتي؟ - أظن . - لا .. !! بل فيه!! أنا متأكد أن واضع النظامقد راعى مثل هذا الظرف المهم في مجتمعنا، ومع ذلك فأنا من كل قلبي أخبرك أنه لارغبة لي في الابتعاث إلا باصطحاب والدتي، وثق أنني لا أقبل المساومة على هذا الشرط . وانتهى النقاش عند هذا الحد بيني وبين المدير، نسيت الموضوع تماماً، فلم أكنأطمح إلى الابتعاث لأن دبلوم الابتعاث يحتاج إلى معاناة، ثم إن مردوده الوظيفي لايستحق كل هذا العناء، ولذا شعرت حين أخبرني المدير بقرار ابتعاثي أني أقدم على شيءليس مريحاً. لم تفرح زوجتي كثيراً بخبر هذا السفر، ولم تُخفِ والدتي ضيقهــا،وإن كانت لا تبدي أي اعتراض وذلك من طبيعة ودها ولطفها بي، فهي تلقي وجهة نظرهابأسلوب خفيف بعيدا عن الإحراج، لأنها تعرف أن أي وجهة نظر منها سأعده أمراً أمتثلهمهما كان، ولذا لم تكن تتضجر أو تبدي تأففاً لأي أمر تراني مقدماً عليه أو فيمصلحتي، وكانت تثق كل الثقة باختيـاري ورأيي، وهو شيء أعتز به، وتوفيق من اللهأشكره عليه. وعلى الرغم من ذلك الجفاف والبرود الذي صاحب قبول الابتعاث إلا أننيأشعر داخل نفسي بأن الابتعاث سيكون من ورائه خير ما... لا أدري ما هو؟! لكنني أحسبأنه سيحدث!! قلت لوالدتي : نغير جواً، ونزداد خبرة، ومكافأة. قالت بسماحةنفس: - الله يدبِّرنا وإياك للخيرة المباركة. واعتبرت هذا القول منها موافقةثمينة. وفي الأيام التي سبقت السفر زرت مع والدتي الطبيبة التي تتابع علاجها وأخذتكمية كبيرة من الأدوية التي تتناولها، وكذلك كل ما أتوقع أنها تحبه وستفتقده فيالسفر. وصلنا إلى (كولون) بألمانيا المدينة التي سوف أدرس فيها، وأسرعت في البحثعن سكن مريح فوجدته في حي هادئ جداً، لم يكن يعنيني في الدرجة الأولى إلا الراحـةالنفسية لوالدتي ولزوجتي وأطفالي الثلاثة. وسارت أمور الدراسة سيراً حثيثاً، معحرصي ألا تستأثر بوقتي جميعه، ولذا لم أضغط على نفسي في الجدول الدراسي، لكي يكونلي وقت مع أسرتي، ووالدتي، ولم أجد صعوبة تذكر بالنسبة لعائلتي إذ كانت هنالك مرونةفي التلاؤم مع الظروف الجديدة، فسارت الأمور على خير ما يرام. أما بالنسبةلوالدتي المريضة المقعدة، فلا بد أن تلقى مني ومن الأسرة عناية مضاعفة، وإن كنت علىيقين أنها- حتى وإن لم ترتح في الغربة- فلن تبديَ لي شيئاً من ذلك، حتى لا تكونسبباً في إرباكي أو مضايقتي. ولذا لم أدخر جهداً في بذل سبل الراحة لها. واشتريتسيارة مناسبة، فكنت أوقفها قريباً من باب المنزل ثم أدفع بالكرسي المتحرك الذي تجلسعليه إلى السيارة فإذا حاذيت الباب فتحته، وحملتها برفق بالغ ووضعتها على الكرسيالمجاور لكرسي السائق، ولم أنس في كثير من الأحيان أن أمازحها بكلمة تشجيع أومجاملة. وكلما خطر في ذهني شيء من التضايق أو التعب استحضرت قصة ذلك الرجل الذيحمل والدته وطاف بها البيت وسأل عمر (رضي الله عنه): هل أدى حقها أو شيئاً من حقها؟فقال لـه عمر: ولا طلقة من طلقاتها، إنك تحملها وتتمنى موتها حتى تستريح، وحملتكوهي تتمنى لك الحياة..!! أتذكر هذه الحادثة فأستحي، وأبعد كل غرور يطيف بأرجاءنفسي في أن أكون قد أديت شيئاً من الواجب علي نحوها. ومع ذلك لا أذكر أنني تعمدتإغضابها، وكنت سعيداً لا تكاد الأرض تسعني من الفرح حين أرى مخايل الرضى على قسماتوجهها، وأسمع منها الدعاء الصادق الندي الذي أجده يعطر الأجواء حولي أينماذهبت.. كنت رفيقا بها، حنوناً عليها كلما أنزلتها من السيارة ووضعتها على الكرسيالمتحرك، أو عند التجول بها في الحديقة أو السوق، وقد عرفت زوجتي أن هذا الأمر منمهماتي، فتولت العناية بأطفالي والإمساك بهم في مثل تلك التجولات. كانت هنالكعينان ترقباني في كثير من الأحيان دون أن أشعـر، وكانت تبهرها العناية المدهشة،وسعة صدري في هذه الرعاية التي أقـوم بها لأمي. وفي إحدى الأيام، وعقب مجيئنا منجولة من جولات التنزه مـــع والــدتي وزوجتي وأطفالي. وجـــدت جـــاري قادماً نحوي،وأنا في طريقي لإنزال بعض الأغراض من السيارة. إنني أعرفه معرفة خفيفة، فطالماتبادلت وإياه تحايا عابرة حينما نلتقي قريباً من منزلنا، أو في السوق المركزيالصغير للحي الذي نسكن فيه. كان رجلاً طويلاً، ضخم الجثة، أشيب الشعر، تدل سحنتهعلى شيخوخة وكبر في السن، وإن بدا وافر النشاط جم الحيوية، لكنه أبداً لا يستطيعإخفاء أعراض الشيخوخة التي تبدي زحفها القوي على بدنه وتترك بصماتها الواضحة فيانحناء ظهره، وتجعد بشرته، وضعف بصره، لكن روحه بالفعل كانت شابة، تتجلى في نظراتهالمتفائلة، وابتسامته الصافية البسيطة التي لا يتكلفها، يحيي بها كل قادم حتى ولوكان غريباً مثلي. قال لي: - لقد تعارفنا منذ مدة أليس كذلك؟ - سعدتبذلك. - لا أحب الفضول أو التدخل في شؤونك الخاصة، ولكن هنالك شيء يثيرني وأتعجبمنه كثيراً. - ... ؟؟ - هذه العجوز التي تعتني بها، كم تدفع لك من الأجرةمقابل هذه العناية الشديدة بها..؟؟ لا بد أنها تجزل لك المكافأة. -... ؟؟ ثمأضاف: - لقد رأيتك تعتني بها عناية فائقة، وذهلت لاستمرارك على هذا المستوى،دائماً تحملها في السيارة ثم تنزلها منها، تقبل رأسها ويدها، وتتجول بها، وترفهعنها، لم أرك في يوم من الأيام متضايقاً من خدمتها، لقد أثار هذا فضولي كثيراً، لامؤاخذة!! ولكن هذا ما حدث بالفعل، وهو ما دفعني بالفعل إلى هذا السؤال؟! ورأيتأن أزيل الكلفة بيننا فقلت له: - سأجيبك على تساؤلك، ولكن ليس هنا، ونحن وقوفعلى باب المنزل. أرجو أن تتفضل وتشرب معي قدحاً من القهوة.. - أنا حريص علىوقتك.. ربما لا تعلم أنني متقاعد ولدي وقت فراغ أكثر منك بكثير.. وأكثر مما أريد.. ولا أريد أن أضايقك. - لا مضايقة أبداً. ودخل معي إلى المنزل، وبينما كنانرتشف القهوة، رحت أجيبه عن تساؤله الذي أفضى به إلي، أخبرته أنها أمي، وأننيأخدمها بدون نقود، بل إنني أنفحها في كل شهر بمصروف خاص، تنفق منه ما تريد مع تغطيةجميع ما تحتاج إليه بكل معنى الكلمة. ذهل وهو يسمع هذه المعلومات قلت: - ليسهذا هو المهم. نظر إليَّ بتعجب وقال: - وهنالك ما هو أهم من ذلك؟ - نعم.. !! إنني أقوم بكل ذلك في سعادة غامرة، ورضى يعمر قلبي بالحب والسرور، إنني لا أشعرأنها مشكلة على الإطلاق!! بل نعمة موفورة أتاحها القدر لي. وهنالك شيء أؤمن به وهوأن ما سأقدمه لوالدتي سوف أجده من أبنائي، والأمر الأعظم من ذلك كله أنني أريد رضىالله تعالى. ولدينا إيمان نحن المسلمون بأن رضى الله من رضى الوالدين وسخطه منسخطهما، فهما أو أحدهما سبيل لنعيم خالد، أو لعذاب خالد مستمر بعد الموت، هذا أمرالله تعالى ويجب أن نمتثله ولا نعارضه. قال بلهجة ونبرة فيها تأسف: - أنا لاأصدق أن مثل ذلك يحدث لولا أن رأيتك بعيني!! وتنهد بحسرة بالغة وهو يقول: - لقد أحلت إلى المعاش منذ ثلاث سنوات، ولو لم يكن لدي هذا المنزل وراتب المعاش لرمىبي ولدي وابنتي إلى دار المسنين، لأني لا أجد عندهما أي عاطفة نحوي، لقد أنفقتمالاً كثيراً في تربيتهما وتعليمهما، ومع ذلك فقد نسيا ذلك كله (ثم توقفليقول): - أتصدق أن ابني قد زوَّر توقيعي عدة مرات وسحب من رصيدي في المصرف عدةمرات؟ كان يعلم أنني أحبه، وأني لن أعاقبه، وقد غضبت منه وقتها، ولكنني لم أستمر فيغضبي لأنني رغم كل شيء أحبه، والمشكلة أنه يعرف ذلك!! لقد خدمت في الشرطة زهرةشبابي حتى وصلت إلى رتبة جيدة، والآن أعيش وحدة قاتلة، ولو كانت زوجتي بجانبي الآنربما كانت المشكلة أقل، لكننا كنا قد افترقنا بالطلاق منذ عدة سنوات. وعاش كل مناوحده. لا أدري ما حدث لها بعدي... آسف!! (... ثم أضاف بلهجة حزينة!!) لقد أشغلتكبأمور لا تعنيك. - لا.. أبداً ... أنا سعيد أن تختارني بالذات لتكشف لي عنمعاناتك.. وهذه ثقة أعتز بها.. أعتز بها كثيراً.. - حقَّاً .. أنت تبالغ فيمجاملتي.. - هذا ما أعتقده .. أنا لا أجاملك.. وسار الحديث هادئاً هانئاً، ثمتجدد اللقاء بعد ذلك.. حيث دعاني إلى منزلـه عدة مرات، وحين عرف أن ديني الإسلام هوالذي يجعلني أحترم والدتي وأحبها وأبذل الكثير لإسعادها رأيته يطلب مني أن أحدثه عنالإسلام.. قال: إنه لا يعرف إلا القليل عنه، وأن هذا القليل لا يشجع مطلقاً علىالدخول فيه . وجدتها فرصة.. قلت له: - لماذا لا تتعامل مع المصدر الأصليلتعاليم الإسلام؟ - ما هو؟ - القرآن الكريم! وناولته في اليوم التالي نسخةمن القرآن الكريم، وعددا من الكتب الإسلامية المتميزة، وتركته يقرأ على مهل، ويفكربهدوء، وأنا أدعو من صميم قلبي أن يهديه الله على يدي، ولم يخيِّب الله رجائي، إذلم تمض ثلاثة أشهر، إلا وهو يأتي إليَّ يعلن فيه رغبته باعتناق الإسلام.. هذهالرغبة التي أشعلتها في نفسه بعد توفيق الله رؤيته لرعاية والدتي بكل حب وحنان. لقدجاءت به المشاهد التي رآها لمعاملتي لوالدتي ليكون من المسلمين من غير أن أكلمهوقتها بأي كلمة عن الإسلام المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
26-11-2008, 15:59 | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||||||||||||||
مؤسس الشبكة
|
رد: قصص حلوة 3 قصص ........ من خير كلام
الله أكبر الله اكبر الله اكبر كلمة واحدة بدأت بها مشوار تعرفي على هذا الدين الذي أنا في أشد الحاجة إليه، إنة الإسلاااااااااام
فأين المسلمين تحيااااتي الخالصه للرائعه اسرار على هذا الاختيار المميز |
||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||
27-11-2008, 09:36 | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||||||||||||||
|
رد: قصص حلوة 3 قصص ........ من خير كلام
اثني على رد ابو معمر
فعلا اختيار موفق وجميل اسرار تقبلي مروري وشكري لك على هذا التفاعل الرائع |
|||||||||||||||
|
||||||||||||||||
الموضوع الحالى: قصص حلوة 3 قصص ........ من خير كلام -||- القسم الخاص بالموضوع: منتدى الصدى الثقافي -||- المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج -||- شبكة صدى الحجاج |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
متى يموت قلبك؟؟؟ | فله | المنتدى الاسلامى العام | 5 | 11-02-2009 12:32 |
يموت الحب كما يموت الورد | عاشقة الرومانسية | المنتدى العام | 11 | 18-04-2008 13:39 |
متى يموتــ قلبكــ........؟؟ | الشيخه سوسو | المنتدى العام | 0 | 20-01-2008 11:07 |
أنت حلوة! لكن الذي لست متأكداً منه خمسة أشياء | ضمير جوهر | منتدى الاسره وشؤون المرأه | 4 | 13-01-2008 10:21 |
مسجات حلوة حلوة حلوة | طير شلوى | منتدى الجـــــــــوال | 0 | 04-12-2007 16:27 |
|
عدد الزوار والضيوف المتواجدبن الان على الشبكة من الدول العربيه والاسلاميه والعالميه
انت الزائر رقم
كل ما يكتب في المنتديات لا يعبر بالضرورة عن رأي إدارة شبكة ومنتديات صدى الحجاج
شبكة ومنتديات صدى الحجاج لا تنتمي لاي حزب او جماعه او جهة او معتقد او فئه او
مؤسسة وانما تثمل المصداقيه والكلمه الحرة
...