|
أختيار الاستال من هنا
|
روسيا اليوم | الجزيرة | ناشونال جيوغرافيك | المملكه | رؤيا | الاقصى | الكوفيه | الرياضيه | عمون | يوتيوب | مركز رفع الصور |
منتدى ذاكرة وطن .. وشخصيات اردنيه الشخصيات الاردنيه البارزه في تاريخ الاردن القديم والحديث .. شخصيات اردنية سطرت حروفها في التاريخ |
كاتب الموضوع | م.محمود الحجاج | مشاركات | 0 | المشاهدات | 11473 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
01-11-2009, 20:40 | رقم المشاركة : ( 1 ) | ||||||||||||||||
مؤسس الشبكة
|
تاريخ الاردن وعشائره /الحلقة الرابعة
تاريخ الاردن وعشائره /الحلقة الرابعة تاليف د . احمد عويدي العبادي العقوق العباسي للاردن والاردنيين عندما كان الأمويون في أوج مجدهم وعزهم وقوتهم بشكل عام، وعندما كانوا ينعمون بالأمن والطمأنينة في ربوع الأردن من باير جنوباً إلى أم الجمال شمالاً. اقطعوا أحد أبناء عمومتهم من بني العباس من قريش ضيعة واسعة غزيرة المياه خصبة التربة آمنة، في منطقة وادعة وهي الحميمة التي تسترخي في أحضان جبال رم، وتطل عليها مرتفعات النقب، والموقعين كلاهما في جبال الشراة في جنوب الاردن . وكانت المياه تصل الحميمة من نبع غزير ينبجس من أقدام جبل النقب الاردني الغربية ، ويسير في قنوات فخارية أشادها الأنباط من قبل، وبقيت صالحة إلى أيام العباسيين لغايات الري الزراعي والاستخدام البشري وسائر الاغراض . كان هذا الشخص الذي أُعطي هذه الضيعة هو علي بن عبد الله بن العباس، بن عبد المطلب من بني هاشم. ولم يدر في خلد الأمويين أن ابن عمهم هذا الذي لقي منهم الإكرام والكرامة، وأعطوه الأرض، والحرية أن يبدأ التفكير في قلب نظام الحكم الأموي، وإقامة دولة عباسية ـ نسبة إلى العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والعباس هو حبر الأمة الذي ألهمه الله سبحانه تفسير القرآن الكريم، وهو من أجل الصحابة الكرام، ومن سادة قريش وبني هاشم، ومن المؤمنين الصادقين. كما أنه من رواة الحديث وكذلك ولده عبد الله بن عباس، رضي الله عنهم جميعاً. زرع علي بن عبد الله أربعمائة شجرة زيتون في مزرعته التي أقطعها له الأمويون في الحميمة ، وصار يعتني بنفسه بهذه الأشجار ويصلِّي ركعتين عند كل شجرة، ربما يوميَّاً أو يوماً بعد يوم،او كل اسبوع , وكان في تعبّده وتهجّده يدعو على بني أمية، ويدعو لنفسه أن يؤتي وذريته ملك العالم الإسلامي. وبمعنى آخر الخلافة وهو أعلى منصب سياسي وديني واجتماعي في حينه، لأن الخليفة يتحول تلقائياً إلى سيِّد قريش ومضر , وقريش هم سادة العرب، وفي حالة أن يكون الخليفة عباسيّاً، يصبح الخليفة سيد بني هاشم وبني قريش وبني كنانة وبني مضر والعرب جميعا . وهذا منصب روحي وفخري اجتماعي وعشائري كان يعتز به الخلفاء العباسيون أن الخليفة هو عميد آل هاشم وقريش وعميد ال البيت . وهذا ما نجده في سياق الكتب التاريخية الأدبية. وجد علي العباسي أن الدولة الأموية لا تقوم على الفكر وإنما قامت على القوة فقط، والمطالبة بالثأر، ثم قام معاوية بتأسيس أسرة بني أمية كأسرة حاكمة، وقام عبد الملك بتأسيس الدولة الأموية وهو المؤسس الحقيقي لهذه الدولة. ووجد المؤسس العباسي أن الدولة التي تقوم على القوة وحدها لا تدوم، وأن الدوام هو للدولة التي تقوم على الفكر أساساً، لذا أسس هذا الرجل فكر الدولة العباسية القائم على أن ذرية العباس هم من آل البيت، وأنهم أولى الناس بالأمر، وأن بني هاشم هم سادة قريش وأولى بالأمر من بني أمية , وعلى انهاء المنافسين القائمين والمحتملين من الساحة وهم في هذه الحالة : الامويون والطالبيون ( ذرية الحسن والحسين عليهما رضوان الله تعالى ) . وبالفعل قام العباسيون ( فيما بعد ) بابادة البيت الاموي عن بكرة ابيه في كل انحاء الدولة العباسية حتى لم يبق منهم احدا , وقاموا باضطهاد وسجن ( واحيانا قتل ) ذرية الحسن والحسين باعتبارهم اصحاب الحق الشرعي من ال البيت الكرام بالخلافة , ليبقى المجال والحق لال العباس وحدهم . وفي مرحلة بناء الفكر المذكور اعلاه وجد مؤسس البيت العباسي أمامه عدة عقبات: وهي 1) الأردن وأهل الأردن، 2) آل أبي طالب، 3) والبحث عن مكان وشعب ساخط على الدولة الأموية لتكون حاضنة للدعوة العباسية، 4) الموارد التي تحتاج إليها الدعوة والدولة، 5) قوة الدولة الأموية. 1. الأردن وأهل الأردن: لقد كانت الأسرة العباسية في الحميمة الاردنية تتمزّق غيضا وغضبا على الأردن والأردنيين وهم يدعمون بني أمية إلى أقصى درجة , ولا شك أنهم كانوا يتطلعون إلى اليوم للانتقام من الأمويين والأردنيين. كما أن وجود امراء البيت الاموي في المنتجعات الأردنية قد ساعد العباسيين على تقصِّي الأخبار الخاصة بالحكم، وبالأقطار الأخرى. فقد كان الحائر أو قصر الأمير يعج بشيوخ العشائر وزعاماتها ويسمعون كل شيء من الأمير حول الأوضاع العامة في بيت الخلافة وحاضرتها، وما يدور في الولايات المتفرقة. ولا بد أنه كانت هناك صلة بطريقة أو بأخرى تجعل العباسيين يعرفون من بعض العملاء او الاصدقاء او الزعامات الأردنية هذه الأخبار بكل تفاصيلها. وبذلك كان ما يدور في جلسات الأمراء وقصورهم مصدراً هاماً خفيا للمعلومات التي يحتاجها المخطط الأول لقيام الدولة العباسية. من هنا استبعد العباسيون قيام دولتهم بالأردن، وذلك لضعف الموارد، وقربها من مقر الخلافة، وإخلاصها للبيت الأموي، وقربها من الحجاز حيث توجد أطراف أخرى تطالب بالخلافة من آل أبي طالب ( هاشميون ) وآل الزبير ( قرشيون ) ، وحتى بعد مقتل مصعب بن الزبير في العراق وصلب عبد الله بن الزبير في مكة المكرمة على أيدي الحجاج الثقفي وجيشه , وكلها زمن عبدالملك بن مروان رحمهم الله جميعا . 2. آل أبي طالب: ( ذرية الحسن والحسين / ال البيت الحقيقيون ) :لقد بدأ الصراع على الخلافة بين آل هاشم وبزعامة علي بن أبي طالب وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء من جهة , وبين معاوية بن أبي سفيان سيد بني أمية ووالي الشام من جهة اخرى ، وكان لأهل الأردن الدور الأكبر والرئيس في تثبيت ملك بني أمية، وإنهاء ملك آل ابي طالب، كما قلنا . كما أن سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما تنازل عن الخلافة لمعاوية في أذرح الاردنية ، مما اعتبره الأمويون تنازلا من سيد بني هاشم ( الحسن ) في حينه الى سيد بني أمية ( معاوية ) وبالتالي إغلاق ملف طلب الخلافة من الهاشميين إلى الأبد، وايداعها للبيت الاموي , وهذا ما رفضه بنو العباس، الذين رأوا واكدوا ايضا أن آل أبي طالب خرجوا من اللعبة بتنازل الحسن, ولم يعد لهم حق بالمطالبة بها , لكنهم في ذلك لايمثلون ال هاشم جميعا بل ان الحق قد تحول مممن تنازل عنه الى من لم يتنازل عنه ويطالب به , وهم بنو العباس الهاشميون , وان العباسيين اصبحوا ايضا سادة بني هاشم وسادة ال البيت , تلك السيادة التي خرجت من ايدي ال ابي طالب بتنازل الحسن عن الخلافة وولاية الامر . وقد قام الفكر العباسي طيلة حكمهم علانية على ان ال ابي طالب ( ذرية الحسن والحسين ) قد خرجوا من الامروولايته ومن المطالبة به, اقول : فقدوا حقوقهم بذلك كاملة . وكان خلفاء بني العباس يقتلون من يؤيد ال ابي طالب لولاية الامر بدلا من العباسيين . وقد قام الشعر والفلسفة السياسية على هذا الامر , وكان الشعراء والمتكسبون يتقربون من خلفاء بني العباس بذم ال ابي طالب وانهم ليسوا اصحاب حق بالامر ( اي الخلافة ) وان بني العباس هم الاولى .. لقد كانت مشاعر بني العباس الداخلية في غاية السرور بخروج الأمر من بيت أبي طالب في اذرح بالاردن . بينما كان العباسيون في الحميمة المجاورة , واعتبروه تحويلا وتخويلا لهم من ال ابي طالب . وكانت مطالبة العباسيين ان الامر يجب ان يعود لال هاشم ( ال البيت ) ولكن ليس لال بي طالب . وأن القارئ للأحداث فيما بعد ليجد كيف كان خلفاء بني العباس يفرحون ويستمعون للشعراء الذين يذمون آل أبي طالب، حتى قال علي بن الجهم شاعر المتوكل في قصيدة رائعة : أنتم بنو عم النبي محمد أولى بما شرع النبي محمد ولم يقل بنو بنت النبي محمد بل أن مدح آل أبي طالب كان يؤدي إلى العقوبة الصارمة لدى العباسيين . ومن نوادر الشعراء في ذلك قولهم أن ابن البنت لا يجوز أن يتقدم على ابن العم. ويقصدون أن ذرية الحسن والحسين أبناء فاطمة الزهراء رضي الله عنهم جميعاً لا يجوز أن يتقدموا بالأمر والشرعية على أبناء ابن العم وهو العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( جد العباسيين ) . لذا كانت دعوة العباسيين في البداية تقوم على الفكر بإعادة الأمر إلى آل البيت، بشكل غامض ودونما توضيح بالمقصود المحدد لكلمة آل البيت , وبذلك استقطبوا أتباعهم وأتباع ذرية علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وكانوا يرون أن الشرعية لآل البيت وليس لبني أمية الذين يعتبرون مغتصبين للسلطة والشرعية في آن واحد.وعندما وصلوا اعتبروا انفسهم انهم هم ال البيت وليس ابناء الحسن والحسين , ولم يعد احد قادرا ان يناقض هذه الفتوى السياسية . 3.البحث عن مكان وشعب ساخط على الأمويين،ويؤمن بال البيت وحدهم من العرب : بحث العباسيون عن البديل، فوجدوا ذلك في خراسان والعراق، حيث أن ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي التي بدأت في مطلع حكم عبد الملك بن مروان وانتهت في زمن حكم الوليد عام 96هـ كانت فترة قائمة على القوة والبطش والقتل وسفك الدماء والاستبداد ، ومنع التعبير ومنع المعارضة, وتقييد الحريات فيما كانوا يسمونه الظلم , وكانت فترة حكمه استمرت حوالي ثلاثين عاماً، تأسس في زمنه جيل من الكبت والسخط والحقد على بني أمية،واحيانا على العرب والعروبة , وصاروا يتطلعون إلى منقذ من الحجاج ومن بني أمية الذين دعموه وآزروه بدون حدود. كانت العراق وخراسان بلاد النِّحل (بكسر وتشديد النون : كثرة العقائد) والملل (كثرة الأعراق) ولم يكن يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، فلجأوا إلى الباطنية وهي إظهار عكس ما يبطنون. ووجد العباسيون أن هذه الديار واسعة وغنية وقوية، وكثيفة السكان، وقائمة على الحقد على بني أمية، بعكس ما هو أمر الأردن القائم على الإخلاص الصادق لبني أمية , فضلا من ان موارد الاردن لاتساوي مقومات دولة بحجم الخلافة التي يتطلعون اليها . وهنا ركز دعاة العباسيين جهودهم السريّة في هذه الديار وهم يعدون الناس بالخلاص من الظلم والجور، وتحقيق العدالة والحرية للجميع فضلاً عن أن آل البيت أحق بالأمر من بني أمية. وقد وجدت هذه الدعوة مجالاً واسعاً وقبولا كبيرا عند الأعاجم الذين كانوا يرون في الدولة الأموية مشروعاً قومياً عربياً قام اساسا على حساب المشروع الفارسي. وربما كان هؤلاء الأعاجم يهدفون إلى إيصال بني العباس إلى السلطة ليستعيدوا مكانتهم الفارسية على حساب العرب، وهو ما اكتشفه الخليفة المنصور فيما بعد في أبي مسلم الخراساني قائد جيوش بني العباس في طرد الأمويين من تلك الديار وتثبيت بني العباس في الملك ، ومع هذا امر المنصور بتقطيع أبي مسلم بالسيوف اربا اربا وهو حي بين يديه .كان حال البرامكة في زمن هارون الرشيد رضي الله عنه . وبذلك وجدت الدعوة العباسية رحما مناسباً وتربة خصبة في أرض العراق وصار دور الحميمة هو التخطيط والتوجيه، وصار القادة الميدانيون والدعاة يعملون ليل نهار ويركزون على ثلاثة محاور: 1) الجور الذي يعانيه الناس من بني أمية (وكان سببه الحجاج)، 2) الدعوة لآل البيت، 3) الدعوة للحرية والعدالة. وقد لقيت هذه رواجاً هائلاً، وشعر نصر بن سيار والي خراسان للامويين بذلك فكتب لمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية أبياته المشهورة يصف ثورة بني العباس وأنها قادمة وأن الدولة الأموية في طريقها إلى الزوال، إذ يقول: أرى تحت الرماد وميض نار وتوشك أن يكون لها ضرام فإن النار بالعودين تُذْكى وأن الحرب أولها الكلام فقلت أوا عجباً يا ليت شعري أأيقاظ بني أمية أم نيام فكتب له مروان بن محمد ( الملقب بالحمار ) اخر خلفاء بني امية : ليس الغائب أعلم من الشاهد , أي أن مروان لا يعرف بالأمر أكثر من معرفة سيار الموجود في الميدان ويرى كل شيء رأي العين.وعليه ان يتصرف كمايراه ضروريا . 4.الموارد التي تحتاجها الدعوة والدولة: وهذه متوفرة في العراق وخراسان أكثر من أي بلد آخر، كما أن في خراسان جبال وظهيرها بلاد فارس والسند والهند بما يصعب على الأمويين ملاحقتهم أو تغطيتهم بالقوات اللازمة إذا احتاجت الى ذلك. وهذا لا يتوفر بالأردن ولا بالحجاز ولا في مصر التي كانت ولاية مخلصة وخاضعة أيضاً للأمويين، ولا مكان فيها للثورة او لنجاح الثورة ضدهم . 5.قوة الدولة الأموية: لقد بلغت أوجها زمن عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك ثم بدأت تتراخى، ومع ضعفها بدأت قوة الدعوة العباسية تزداد، ومات العباسي صاحب الفكرة الأول ولكن الفكر لايموت حتى ولو مات الاشخاص , فخلفه ولده من بعده وهو عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس الذي قوَّى الدعوة ورفدها بالفكر والدعاة . وكانت نهاية قائد ومفكر الثورة العباسية الموت في السجن الاموي في دمشق، وهروب أسرة بني العباس إلى العراق، حيث قادوا الثورة علناً، وتفجرت الثورات المؤيدة لهم في كل مكان، وتحولت موارد الدولة الاموية كلها للمجهود الحربي، وهاج الناس وماجوا، ولكن بقي أهل الأردن على إخلاصهم للأمويين، وهرب مروان بن محمد آخر الخلفاء إلى معان، ثم إلى مصر، ثم لقي حتفه في صعيد مصر وبذلك انتهت الدولة الأموية، وظهرت رايات العباسيين في العراق، وانبثقت دولتهم رسميا في الكوفة زمن الخليفة الأول عبدالله السفاح،وصارت البديل عن دولة الامويين , وقام المنصور بنقل العاصمة العباسية من الكوفة إلى بغداد التي بقيت عاصمة العراق إلى يومنا هذا على مرّ العصور، ما عدا ما حدث زمن المعتصم أو المتوكل الذي نقل العاصمة إلى سًرَّ من رأى (سامراء) ثم عادت إلى بغداد. وبذلك صارت الأردن حاضنة الدعوة العباسية جزءاً من ممتلكات الدولة الجديدة، وتبوأ العباسيون بأحقادهم على الأردن والأردنيين لدعمهم بني أمية , وموقفهم ضد علي بن ابي طالب , أقول تبوأوا سدّة الحكم. وكان أول إجراء لهم هو إهمال الأردن وزراعته وقصوره وقلاعه، وقطع أشجاره وتخريب بنائه، وتصحيره، وتشجيع الناس للهجرة منه واحيانا تهجيرهم بالقوة , وشدة العقاب على بني كلب فشتتهم بنو العباس في البلاد، وكذلك كان الإجراء نفسه من نصيب قبيلة جذام باعتبارهما أكثر قبيلتين مؤيدتين لبني أمية من قبائل الأردن. لا بد من الإشارة هنا، أن ضيعة الحميمة العباسية لم تكن قوقعة بعيدة عن محيطها، وإنما كان لبني العباس اتصالات ببعض من حولهم من العشائر الأردنية، وعندما ذهبوا إلى العراق، ذهب معهم من أمن بهم واتّبع دعوتهم من بني كعب وبني عباد، والأنباط حيث استقر أبعضهم ً في أعرابستان وما حولها، والتي كانت جزءاً من العراق حتى أواخر القرن التاسع عشر. ولا زال أحفادهم هناك إلى يومنا هذا، وهم الآن من رعايا إيران. وقد كان لهذا الاتصال مع هذه العشائر الاردنية أثره السلبي أيضاً إذ أن بعض الأفراد لم يتوانوا عن إعلام الأمراء وبيت الخلافة الاموي عن نشاط بني العباس ضد العرش الأموي،مثلما كان لبني العباس عيون من هذه العشائر على امراء بني امية في الحائر , وكانت القصة التاريخية في خيانة من حمل كتاب الأمام العباسي إلى خراسان، وحمل الجواب وفوجئ الإمام وقد استدعاه الخليفة الأموي الى دمشق أن الكتاب بخطه وختمه بين يدي أمير المؤمنين، ورغم أنه أنكره إلا أن الأمر كان من البرهان والوضوح بما يفوق الأنكار ويدخل في دائرة الاعتراف. وحيث أنني أكتب في السجن ومحروم من المصادر والمراجع فإنني لا أذكر أسماء الخليفة والإمام، لكن التفاصيل في كتابنا (الأردن في كتب الرحالة والجغرافيين المسلمين) المشار إليه في أكثر من موقع سابق من هذا الكتاب، ونحمد الله سبحانه على ما أتانا من ذاكرة حول ما نحن بصدد كتابته، وما كتبناه. إذن سبق وقلنا أن العباسيين درسوا بدقة متناهية أفضل وأقوى وأنسب الأماكن لثورتهم، فكانت المواصفات جميعها منطبقة على خراسان والعراق، وما كان أهل الشام ليقبلوا بالعباسيين، لدرجة أن عم المنصور عندما ثار ضد المنصور واتخذ من دمشق عاصمة له، لم يتمكن من تحقيق مأربه في أن يكون بديلاً للخليفة، ولم يؤازره أهل الشام ضد جيش المنصور الذي تغلّب عليه رغم أن جيش الخليفة كان أقل عدداً من جيش المتمردين. وبالفعل كان الرأي سديداً باتخاذ العراق مركزاً للدعوة وحاضرة للدولة الجديدة. ولا بد من القول أيضاً أنه كان لحكم الحجاج دور كبير في تأليب الناس ضد البيت الأموي واستقبال البيت العباسي. صارت دمشق تابعة لبغداد، وصارت الأردن طي النسيان، وفي عهد المأمون حدثت ثورة أموية قادها أحد أحفاد عثمان بن عفان، واتخذت من قلعة الفدين (المفرق) معقلاً لها ولكن المأمون كان عنيفاً في قمعها، وهدم القلعة، وابادة الثائرين ابادة لاهوادة فيها , وهرب الثائر إلى القسطل وتابعته القوات العباسية حتى قضت عليه نهائياً. ولم يبق للأمويين بعدها أثر في الأردن سوى أتباع ( اقول اتباع وليس ابناء ) مروان بن محمد الجعدي (آخر الخلفاء الأمويين)، حيث بقي أناس منهم في معان، وارتحلوا بعد ذلك إلى الشوبك واسمهم الجعديون . كان حقد العباسيين على الأمويين حقداً لا يدانيه حقد بين أبناء البشرية , الا حقد محاكم التفتيش على المسلمين في الاندلس فيما بعد . كان الحقد العباسي حقدا يرفض التوبة أو الاستسلام أو الخضوع أو البيعة ولا يقف إلا بعد الانتقام بالقتل والقتل وحده وليس غير القتل ومصادرة الاموال وحلي النساء والضياع ونثر محتويات القبور ، فأبادوا الأمويين، واستخرجوا خلفاءهم من القبور وعلقوا الهياكل العظمية شنقا ، فلم تعد تعرف لهم قبور ، ولم يسلم من النبش والإعدام للهياكل سوى معاوية لأنه دفن معه شيئاً كان أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبر عمر بن عبد العزيز لعدالته، وما عدا ذلك لم يسلم أحد من أموات بني أمية من نبش قبره وتعليق هيكله العظمي امام الناس .وأن القارئ لكتب التاريخ ليبكي دماً من المآسي التي أنزلها العباسيون بالأمويين فلم يرحموا طفلاً ولا امرأة ولا رجلاً، ولم يراعوا الأرحام ولا مخافة الله. وفوق هذا كان عقوقهم بالأردن مؤذياً للبلد الذي رباهم وحماهم وحواهم.وهم قد عملوا بما قاله الشاعر محرضا العباسيين على الامويين بقوله: لايغرنك ماترى من وجوه ان تحت الضلوع داءا دويا فضع السوط وارفع السيف ولا تدع على ظهرها امويا وكذلك كان للاسف الشديد . كان الامويون يسمحون للاخرين بالتطاول عليهم وحرية التعبير بحضور الخلفاء وكان الفرزدق اذا غضب من الوليد بن عبدالملك وصفه بالاحول , وكان احدهم اذا غضب من معاوية يقول له : يابن هند ,فيقول نعم انا ابن هند . وذات مرة قال له زوج اخته غاضبا على معاوية لانه لم يعين ابن اخته في الولاية اننا في الطائف كنا نطعم امك هند الزبيب فقال معاوية: نعم ان اباسفيان يحب الزبيب ولهذا تزوج هندا لكي ياكل الزبيب .ووصف اخر هند بانها ذات عجيزة كبيرة فقال معاوية : ذلك ماكان ابو سفيان يتمتع به .ولم يقتلهم ولم يسجنهم بل كان يبتسم ويتجاوز . لقد كانت الديموقراطية في مجالس بني امية لايحصيها العد جئنا عليها في مسلسلاتنا التاريخية . اما بني العباس فهم يقتلون من ينبس ببنت شفة ضدهم حتى ولو اعطوه الامان او كان منهم .فقد قتل المامون الامين مثلا وهم اخوة , وقتل المنصور ابناء عمه وعمه والقائمة عندهم تطول . كان الأردن زمن الأمويين معبراً لطريق الحاج الشامي والفلسطيني والمصري البري وشمال أفريقيا، والعراقي، وكان ذلك يجعله في بحبوحة من العيش، واهتمام أموي بسيادة الأمن والطمأنينة في ربوعه، ودعم أسباب توطيد الأمن من خلال دعم العشائر مادياً ومعنوياً، ومشاركتهم في السلطة فبرز منهم رجاء بن حيوة وروح بن زنباع الجذامي، وقضاة كثيرون وأطباء وعلماء في اللغة والحديث والسنة وازدهرت المدن، وساد شبه استقرار للعشائر حيث وجدت سبل العيش متوفراً، وكانت الأجواء خصبة وماطرة، والغابات تغطي الأردن حتى وادي البطم الذي يقبع فيه قصر عمرة، ولا زال فيه بقايا الأشجار القديمة من البطم الأطلسي الذي يعود في عمره إلى آلاف السنين، تتجاوز الأدوميين والمؤابيين والعمونيين والأنباط بعشرات القرون. وعندما حط العباسيون رحالهم في بغداد قرروا معاقبة الأردن وأهله بسبب موقف العشائر الأردنية الداعم للبيت الأموي. فغيروا طريق الحاج، وعبّدوا طريقاً من بغداد إلى عرفات ومكة المكرّمة،عبر بادية العراق ويعيدا عن الاردن , وفتحت السيدة زبيدة رضي الله عنها قناة ماء من الفرات إلى المشاعر المقدسة لإسقاء الحجاج وعربان البادية والصحراء، وتحوَّلت القوافل مباشرة من هناك، وصار الحاج المصري والفلسطيني وشمال أفريقيا يبحر من الموانئ المصرية إلى جدة مباشرة، وصارت القوافل البرية تمر بأيلة (العقبة) مرور الكرام. حتى فترة انقضاء الحكم العباسي، عندما بدات تعود الى نصابها. أدى هذا كله إلى حرمان الأردنيين من مصادر هامة للرزق والازدهار، وأدى قطع الأشجار والنخيل إلى سيادة التصحّر في البلاد، وبدأ الغطاء الشجري والنباتي يتلاشى، وزحفت البادية والصحراء، على المدن والقرى المجاورة التي هجرها سكانها، وغارت المياه السطحية، وصار من المتعذر الحصول على الماء، واضطر أهل الأردن للرحيل إلى العراق وسوريا وفلسطين ومصر والحجاز. وأن أية مطالعة لأسماء العشائر زمن العصر الأموي ومطلع العباسي ليجد الكثير منها قد اختفى من البلاد بعد عشرات السنين من الحكم العباسي القاسي جدا , رحيلا او تغييرا لللاسماء للتخلص من بطش العباسيين ، وظهرت هذه الأسماء في فلسطين ومصر والشام والعراق، حيث مصادر الرزق، وحيث لم تبتلى هذه البلد بالعقوق العباسي وحقد بيت الخلافة. اختفت أيضاً مراكز صك العملة، وصارت القلاع غير آمنة لأهل البلاد، لتخريبها و/أو عدم صيانتها، تحولت الأنهار إلى سيول، لأن دورة الطبيعة تبدأ بالأشجار والغابات التي تعتبر سبباً طبيعياً ضمن دورة المناخ في استجلاب المطر، وحفظ المياه في باطن الأرض، واختفت أنواع النخيل النادر في غور الصافي (زغر Zoar/ Zogher)، وظهرت هذه الأنواع في العراق, بعد ان نقله العباسيون من الاردن الى الرافدين ثم قطعوا هذا النوع النادر من النخيل الاردني لاخفائه من الاردن تماما . لقد كان العباسيون يمثلون قمة الحقد البشري على البشرية والاوطان . قلوبهم لاتطيب بالابتسامة وسيوفهم لاتنغمد امام بكاء طفل او يتيم طالما ان اباه اموي او اردني . وصار الوجود العباسي نقمة وغضباً على الاردن وأهلها، ولم تكن لدى العشائر الأردنية قدرة على مقاومة الجيش العباسي أو قرار الخلافة، بل أن غالبيتهم هجر البلاد وهاجر منها وهو يكفكف الدمع حزناً على جذوره التي اقتلعها العقوق العباسي. وبذلك دفع الأردنيون ثمن موقفهم مع معاوية ضد علي رضي الله عنهما ، ليس حباً من بني العباس لعلي وآل عليّ، وإنما لأن هذا الشعار كان يخدمهم عند الملل various races والنحلconflict ideologies التي كانت سائدة في العراق، وترى في بني العباس الوريث الشرعي والروحي والديني لآل البيت في كرسي الخلافة بعد ان تنازل الحسن عنها في اذرح كما قلنا . وكان هؤلاء الأعاجم ومن لف لفهم من العرب المضطهدين تجمعهم الدعوة إلى الحرية والعدالة، ورفض الاضطهاد، واجتثاث الطغيان الأموي حسب آرائهم. وفي الحقيقة أن الحرية والعدالة والديمقراطية التي تمتع بها الناس زمن الأمويين كانت في أعلى مستوى، وأن ما كان يقوله الشخص أمام الخليفة الأموي من الانتقاد لبيت الخلافة، والتهجم على رأس الدولة الاموي كان يقوده إلى جائزة وإرضاء واحتواء وسعة صدر، ولكن شيئاً من هذا وليس كله لو قيل أمام أي خليفة عباسي بدءاً بالسفاح وانتهاءً بالمعتصم إنما كان يلقي السيف فوراً. بل إن المنصور وهو المؤسس الحقيقي للدولة العباسية ومن قبله السفاح وبعده الهادي مواليد الحميمة وتربوا فيها إلى أن ذهبوا لاستلام السلطة في العراق، كان يأمر بقتل المعارضين تقطيعاً بالسيف أمام ناظريه، كما حدث لأبي مسلم الخراساني، وكما كان مخططاً لقتل معن بن زائدة الذي لطف الله بإنقاذه في اللحظة الأخيرة، وكما فعل بهدم المنزل على ابن عمه لمجرد أنه انتقده، فوضعه في بيت مبني على أساس من الملح، وحول قناة الماء عليه فمات تحت الهدم. وقد أوضحنا كثيراً من هذه الحقائق التاريخية في مسلسلاتنا التاريخية التي نامل ان ترى النور ان شاء الله . ونحن هنا لا نقلل من شأن العباسيين ودولتهم العظيمة التي حفظت الإسلام والمسلمين وأرض الإسلام قروناً طويلة، وإنما نتحدث عما عاناه الأردن من عقوقهم , وكان الأولى بهم أن يردّوا الجميل لهذا البلد، وأن يعمروه ويستميلوا أهله، وهم يعرفون أن أهل الأردن عبر التاريخ الوثني والجاهلي والمسيحي والإسلامي يلتفون حول من يحكمهم، وأن المثال البدوي الذي تناقلته الأجيال: أن أهل الأردن عرب شيخ، أي يلتفون حول قيادة الشيخ ويطيعونه، كانت جزءاً من ثقافتهم التاريخية منذ كانت الممالك قبائل إلى أن صارت ممالك إلى عام 1910 م . ولو أن العباسيين تصرفوا بالطريقة المغايرة، لكان أهل الأردن أكثر من يدعمهم، فالأمويون أزاحوا الغساسنة عن الواجهة والإمارة دون أن يقضوا على الغساسنة أو يبيدوهم، وتحوَّل الأمويون إلى تقديم بني كلب وجذام، وبلي والأنباط وعذرة وبني عامبة على الغساسنة، وكان أمام العباسيين إمكانية العودة إلى الغساسنة أو الضجاعمة باعتبارهم عرفوا حلاوة الملك والسلطة من قبل ، او جذام اة بني كلب , وبالتالي كان بإمكانهم الاعتماد عليهم في إدارة الأردن، وضمان عدم ظهور دعوة أخرى قد تطيح بهم، كدعوتهم التي ظهرت في الأردن وأطاحت ببني أمية. إن الأمويين عندما اكتشفوا الدعوة العباسية، ولا شك أن ذلك كان في أساسه بمراقبة من عيون أردنية تعمل للدولة الأموية، لم يقتلوا إلا الإمام وهو رأس الدعوة، ولم يلاحقوا أولاده وأحفاده، وأن هناك من الأحداث والوقائع التي تبيِّن الاكتشاف الأموي لهذه الدعوة مبكراً عندما كان السفاح والمنصور في عمر الطفولة لم يتجاوزوا العشر سنوات أي في حوالي 115هجرية أو قبلها، وأن هناك من حضر عند الإمام العباسي وسأل المنصور (الأخ الأكبر) والسفاح (الأخ الأصغر) أسئلة شرعية سياسية، فأجابوه بما يعني عدم شرعية بني أمية، وضرورة اجتثاثهم . ومع هذا لم يقدم الأمويون على قتلهم وإبادتهم، ولو كان ذلك زمن العباسيين، وصدر هذا عن طرف آخر لكان مصيره القتل والإبادة حتى ولو كان طفلا رضيعا . يبدو أن الطبيعة البدوية في التسامح قد رَبَتْ ونَمَتْ وزادت عند الأمويين رغم وجودهم في الملك ، وزادها عيشهم وهم أمراء في ربوع الأردن وما تتصف به العشائر الاردنية من التسامح والصفح. أما العباسيون فقد مالوا إلى العنف والبطش لأنهم أصلاً كانوا دائماً في بيئة غريبة، فالحميمة لم تكن لهم، ولا ديارهم فقد تم نقلهم إليها من الحجاز عنوة ، وكانت بيئة منعزلة صافية، فاستوحشوا من الناس، وفقدوا ثقتهم بأهل الأردن واعتبروا أنفسهم في محيط كله أعداء لهم لأنه محيط يشكل برداً وسلاماً لبني أمية. ثم انتقلوا إلى العراق وهي ليست بلادهم أيضاً، وأهله ليس شعبهم فلجأوا إلى العنف لتوطيد ملكهم، إلى درجة أن السفاح عندما بويع في مسجد الكوفة جلس امام باب المنبر الذي صعده عمه عيسى بن موسى ، وتحدث للناس عن الخليفة الجديد، ولا أحد يعرف من هو هذا الخليفة، وأن الناس كانوا يحاربون ويقاتلون لتكون الخلافة في آل البيت ولا يعرفون من سيكون أمير المؤمنين بعد ، وعندما خطب عيسى، خشي السفاح أن يدعو عيسى لنفسه فاستل سيفه وعيسى ينظر كرسالة له أنه إذا لم يطلب البيعة للسفاح فسوف يقتله السفاح على المنبر ، فغير عيسى صيغة الخطاب من عام الى خاص , ودعا ابن أخيه السفاح وبايعه، وطلب من الناس مبايعته فجأة وبدون سابق إنذار بيعة تحت الحراب والسيوف المشرعة في بيت الله . ما كان هذا مقبولاً لدى الأردنيين الذين بطبعهم يحبون معرفة الأشياء سلفاً، وهم يكرهون التعامل مع المجهول، ويقفون بحيرة وعدم تجاوب أمام ما لا يتفق مع ما هو في أذهانهم. لذا فإن بيئة الأردن حتى ولو أيدت العباسيين لم تكن مناسبة مع الأسلوب العباسي الباطني المبني على المفاجئات والقفزات والمجهول ، وأن الخليفة هو سلطان الله في الأرض، لا أحد يستطيع انتقاده أو رفض طلبه، أو نهيه عن أمر إلا إذا طلب الخليفة نفسه الاستماع إلى هذه الآراء، وكان أكثرهم استماعاً لذوي الفقه والدين هارون الرشيد t، أما المنصور فلم يكن سماعه للنصح موجوداً في قاموسه وكذلك السفاح، رحمهم الله جميعاً. ومع هذا فإن للأردن دوره في تأسيس الدولة الأموية والعباسية كليهما على حدّ سواء، حيث دعم الأولى بالسيف والرجال والاخلاص للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها قرابة قرن من الزمن، ودعم الثانية ( العباسية ) أن هيأ لها الأجواء المناسبة للتفكير وتوزيع الدعاة، وتنفير الناس من الظلم الذي كان واقعاً عليهم، سواء أكان هذا الظلم وهميّاً أم حقيقياً . أما في رأينا فإن دولة الأمويين تبقى أفضل دولة عربية في تاريخ العرب لأنها كرّست العنصر العربي النقي، ولأنها احتوت الأهواء في بوتقة عربية، أما العباسيون فاحتووا كل شيء ضمن إطار عباسي فيه مزيج من جميع الاتجاهات والأفكار، وليس في إطار عربي قومي إطلاقاً. وبذلك نجح العباسيون في إخفاء الأردن واهله من الخارطة السياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية , وصارت البلاد جزءاً من الشام واقعاً وتاريخاً وولاية، من يسيطر على دمشق يعتبر الأردن ضمن مكتسباته الجديدة. وقد بدأت الفتن تتوالى في العصر العباسي الثاني (232 ـ 447هـ/ 847 ـ 1055م)، أي منذ عهد المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد، الذي (المتوكل) أحيا السنة ومنع القول بخلق القرآن، لكنه انتهج سياسة العنف في معاملة آل علي بن أبي طالب وأتباعهم (العلويين) , كما أراد نقل الخلافة إلى الشام والتخلص من هيمنة الترك على الخلافة وأن يجعل العرب عمادها , الذين ( الترك ) قتلوه بمؤامرة واتفاق مع ولده المنتصر بن المتوكل بعد حكم دام خمسة عشر عاماً أعاد المتوكل خلالها المذهب السني. ولكن الأتراك انقلبوا عليه وقتلوه ( اي على المتوكل ) بوساطة طبيبه الذي فصده بريشة مسمومة، وفتكوا به قبل أن يفتك بهم. إذن لم يكن كرسي الخلافة مفروشاً بالورود والذهب عند العرب، لا زمن الأمويين ولا زمن العباسيين، وكان أمراء البيت الأموي يتأمرون على بعضهم وكذلك حال أمراء البيت العباسي، وكل يريد الخلافة لنفسه ، وأما الأردن فقد غابت تماماً من الأهمية التي صارت لدمشق وحدها، وصارت الأردن عبارة عن ديار مقفرة من الناس والإنتاج. وظهرت الدولة الطولونية ثم الإخشيدية ثم الفاطمية، وتعاملت مع الأردن على أنه جنوب بلاد الشام، ولم يكن هناك اي تغيير على السياسة التي رسمها السفاح والمنصور والمهدي (أول ثلاث خلفاء عباسيين) من قبل ضد الاردن باهمال الاردن ونسيانه . إلا أن تغيَّر السياسة في دار الخلافة العباسية وما حولها، وإهمال الأردن، جلب الويلات لبلاد الشام والخلافة وللأردن وأهلها. وذلك بقيام الحروب الصليبية كما سيأتي وأصبحت شرق الأردن مسرحاً وميداناً للحروب في القرن الثاني عشر الميلادي، مما زاد في هروب من بقي فيها من أهلها وشتاتهم في البلاد . وصارت أقرب ما تكون إلى صحراء خاوية، وقد تهدمت بنيانها وتداعت أركانها، ولم يعد أحد من أهلها أمن على نفسه، لا من غضب الخلفاء وعقوقهم الذين لم يتبدّل مع الأيام، ولا من الجيوش الجرارة التي تجوب شرقاً وغرباً عابرة إلى هنا أو إلى هناك. وهرب الناس خشية أخذ أولادهم للتجنيد والحرب على جبهات سوريا ومصر وخراسان والحجاز وغيرها. وفي عام 1055م (446هـ)، دخل طغرلبك السلجوقي إلى الديار الإسلامية من أواسط آسيا، بعد ان اعتنق آباؤه الإسلام، وهو تركي وصار يحكم باسم الخليفة العباسي في بغداد، وقام السلاجقة باحتلال بلاد الشام ومنها الأردن وفلسطين حيث استولوا على القدس التي كانت محجّاً للنصارى من أوروبا، وعين أحد زعماء قبائل الترك حاكماً عليها (القدس) وتوطن التركمان في سوريا منذ ذلك الوقت، واتخذوا من مرج بن عامر منازل لهم، ولا زال أحفادهم في فلسطين والأردن إلى يومنا هذا حيث صاروا عرباً بحكم المكان والجوار والتاريخ والعلاقات والثقافة. لم تظهر في الأردن شخصيات هامة، أو أحداث تستحق التدوين في العصر العباسي بشكل عام، والجزء الثاني العباسي بشكل خاص، لأن ظهور العلماء والأمراء والنجباء لا بد وأن يكون في قوم مستقرين عملياً أو نفسيّاً على الأقل. كما لا يمكن ظهور ذلك بدون دعم السلطة الرسمية التي كانت ترفض ذلك رفضاً قاطعاً أن يظهر من الأردن ما يستحق التدوين للتاريخ. فغابت البلاد أكثر من أربعة قرون عن مسرح الأحداث، والأهمية وهذه حقيقة تاريخية لا برهان بين أيدينا عمّن سواها. كان محور الصراع بين بغداد والقاهرة (الفسطاط سابقاً) ودمشق فهذه الحواضر الهامة التي بقيت على مسرح الأحداث وخارطتها طيلة المدة، وكانت السيطرة على أي منهما تعني السيطرة على الإقليم الذي هي فيه كاملاً (دمشق/ بلاد الشام، القاهرة/ بلاد مصر، بغداد/ بلاد الرافدين). وقد أدى غياب الأردن وأهله إلى فراغ في التراث التاريخي لأهل البلاد أنه لا يوجد أردن ولا أهل للأردن، ولو كانوا موجودين لقرأنا شيئاً عنهم، بل إن كتب التاريخ كانت تكتفي في هذه الفترة بذكر اسم بلاد الشام، وأحياناً يقولون الأردن على أنها ضمن بلاد الشام أو تحت الولاية المصرية. وبمعنى آخر كانت فاقدة لهويتها السياسية والوطنية والادارية والاجتماعية , ومحرومة من أي كيان سياسي. وهذا ما وجده الصليبيون عندما غزوا البلاد، لكنهم أيضاً عرفوا أهمية الأردن وخطورتها وبنوا فيها القلاع، كما عرف صلاح الدين أهميتها واهمية اهلها ,وأدرك أن تحرير القدس يأتي من تحرير الأردن أولا , بل وياتي على ايدي اهل الاردن اولا , ولكنه شعار له مضامينه ومعانيه قولا وفعلا ً. كان اعلان الشخص او العشيرة عن اردنيته يعني نزول اقسى العقوبات العباسية به من التنكيل والقتل والتشريد لان اسم الاردن يذكر العباسيين بموقف الاردنيين المساند للعباسيين الذي لايعرفون معنا الا الحقد . وتفرق الاردنيون في البلدان كما حدث لاهل سبأ اليمنية عندما خرب سد مارب خرابه الاخير , وفر الاردنيون للنجاة بارواحهم الى بلاد الرافدين وسوريا وشمال جزيرة العرب ونجد والى شرقي مصر والى الاندلس والى شمال افريقيا والى بلاد الاناضول .وانضموا الى قبائل اخرى طلبا للحماية واختفاءا من بطش بني العباس , وغيروا اسماءهم , فمنهم من عاد بعد ذبول سطوة العباسيين على سدة الخلافة ومنهم من استقر في البلدان الجديدة .وعندماعادوا الى الاردن بعد اجيال من الضياع او الالتحاق لعشائر اخرى قيل انهم جاءوا من كذا وكذا ولم يقل انهم عادواالى ديارهم بعد ان انضموا الى كذا وكذا طلبا للحماية من العباسيين . كان خروج القبائل الاردنية يتم على دفعات والى مواقع وجهات شتى , وبقي منهم بقايا واندمجت القبائل بعضها في بعض طلبا للحماية بما يمكن ان يسمى اعادة الترتيب او اعادة التشكيل . كان همهم الامن والحماية والتخلص من بطش العباسيين , ولم تعد موارد البلاد كافية لعيش اهلها ولا لمواشيهم , كما ان الارهاب صار مصدره الدولة العباسية , ومن اصعب المشاكل ان تمارس الدولة نفسها العمل الارهابي ضد الشعب , حينها نجد الشعب يبحث عن اية وسيلة من اجل البقاء والعيش والاستمرار. كانت بنو كلب اول ضحية اردنية على ايدي العباسيين , واول من غيروا اسمهم العام الى اسماء فرعية اخرى انقذتهم من البطش والانتقام العباسي : فعلى سبيل المثال نجدهم في مناطق الطفيلة يحملون اسما جديدا هو : الجوابرة نسبة الى احد الصحابة الكرام واسمه جابر , وفي شمال الاردن تسموا بالسرحان وهو من اسماء ذئب الصحراء , وفي البلقاء تسموا بالعوازم ( لالان محافظة مادبا ) وهو اسم بعيد عن اسمهم الاساس وهو بني كلب , وفي شمال الاردن تسموا العزام ( وهم عشيرة لها تاريخ وطني اردني محترم وهم اصحاب زعامة ايضا ) وهم ابناء عم العوازم في مادبا , ومن حضر منهم الى السلط فيما بعد تسموا ب : الكلوب . وبذلك سلم بنو كلب من الابادة العباسية بتغيير الاسماء وبقي الكثير منهم في ديار الاباء والاجداد وهي الديار الاردنية . واما من خرج منهم الى جزيرة العرب فاخذوا اسما جديدا وهو : الشرارات وهم من بني كلب الاردنية وهم عشيرة معروفة بالفصاحة والدهاء الذي كان لابد منه عبر الاجيال للتخلص من بطش العباسيين ويشتهرون بجمالهم السريعة المحببة لدى العرب وتسمى جمالهم ب الحر لسرعتها وذكائها على سائر الجمال ,> وقد شن اتباع العابسيين حملة ظالمة على الشرارات عبر القرون وعاشوا في ظروف تاريخية قاسية سابقا . ومن المؤسف ان عامة الاجيال الحالية لانعرف ان هذه القبيلة المحترمة من بني كلب وانهم ضحايا الاضطهاد العباسي , وبقي منهم بقايا في الاردن ويسكنون مع يني صخر وفي الزرقاء في العصر الحاضر . ومن فرسانهم المشهورين في القرن التاسع عشر خلف الذي يقول: سن بدا لي حوف سكر اليا ذيج وعين اتقت من عقب ماهي قبالي استغفري يابنت يام العشاشيج من قولتك ل يعبد من عبيد الموالي انا خلف يابنت لايبست الريج حمايهن لاصار بيهن جفالي ياكسبكوا من بكار وصعافيج وياكسبنا منكم شمط اللحا والعيالي ( وكل جيم وردت في الابيات هي اصلا حرف القاف ) واما جذام وهي القبيلة الثانية التي كانت ماثورة عند بني امية فقد لجاوا الى طريقين : الاولى : الهجرة خارج الاردن حيث ذهبوا الى شمال جزيرة العرب والى الشام والعراق وفلسطين ومصر والى الاناضول والى الساحل المصري جنوب السويس وارى الاندلس حسث لبتحقوا بالقبائل اليمنية هناك وصاروا ضمن شعوب ملوك الطوائف فيما بعد . فمثلا تحركت بنو صخر الى العلا التي هي في جنوب الاردن انذاك , وذهب بعضهم الى جزيرة الفرات ومنهم الى العراق ولكن باسماء فرعية وفرت لهم الحماية والامن من البطش العباسي , وغابوا مدة طويلة وان بقوا على اتصال مع بقية من بقي من جذام في الاردن , شانهم في ذلك شان العشائر الاردنية التي بقيت على اتصال ببعضها بطريقة او باخرى . وكانوا يتحركون طلب للنجعة وقت المحل في الديار الجديدة وتوفر الماء والكلاء في الديار الاردنية. وكان القسم الاكبر من بني صخر يدعى : البواسل ( ومنهم خضير احد اقسام بني صخر الحالية ) فتحركوا باسم البواسل الى الشرقية في مصر وبذلك خلصوا من بطش العباسيين على انهم عشيرة البواسل وكانهم لاعلاقة لهم ببني صخر ولا بجذام واذا كان الشيء بالشيء يذكر فان نخوة البواسل كانت نخوة عشيرة البواسل من بني صخر الجذامية ( ومن البواسل خضير الحالية ), ثم صارت كلمة ( باسلي ) نخوة بني صخر عامة , ثم صارت نخوة الجيش الاردني بعد تاسيسه عام 1923 , وصار يطلق على الجيش الاردني صفة البواسل واصل هذه التسمية من نخوة بطن البواسل من بني صخر وهم الان في المنطقة الشرقية من مصر. وكانت الزعامة في بني صخر في اواخر العصر العباسي وزمن الصليبيين في البواسل وصارت في خضير بالاردن الى ان صارت في بني زهير ثم الخريشة ثم الفايز كما سياتي فيما بعد ان شاء الله واما عباد / بني عباد فهم من بطن طريف من جذام فقد غيروا اسمهم في فترة من الفترات : باسم بطن طريف وهو بطن من جذام وصار اسمهم الطرايفة ثم اختفى اسم الطرايفة فيما بعد وصار نخوة عامة للعبابيد ( الطرايفة ) وعاد اليهم اسمهم بعد بدء الصراع مابين المهداوي والعدوان كما سياتي ان شاء الله تعالى , ومن بطن طريف ايضا ال المهدي : المهداوي ( الذي عينه المماليك اميرا للبلقاء بدلا من نافل العجرمي وكلاهما من جذام ) , وتشتت عباد لسنوات طويلة ايضا الى ان صار الاحتلال الصليبي وتقلصت الهيمنة العباسية كما سياتي فيما بعد فتجمعوا ثانية على يد شيخهم المدعو سليمان العبادي الذي جمع شملهم ثانية في الديار الكركية وهادن الصليبيين وعاشوا في اوضاع هادئة ومتماسكة وصاروا قبيلة يحسب حسابها زمنه وزمن احفاده من بعده الى ان ظهر منها المهدي ( بنو مهدي المذكورين اعلاه ) كما سنرى فيما بعد ان شاء الله واما بني حميدة ( الحمايدة / الحميدي ) من جذام فقد هاجروا الى شمال الحجاز فرارا من البطش العباسي , وسكنوا وادي السياح ( بفتح وتشديد الشين ) , وصاروا يسمون باسم هذا الوادي الذي سكنوه وصار اسمهم اولاد السياح وكذلك نخوتهم في ذلك العصر انهم: صبيان السياح , وبذلك استطاعوا التخلص من بطش العباسيين بهذا الطريقة وبدهاء الاردنيين في السعي من اجل البقاء . واما بني عقبة ( العمرو فيما بعد ) فقد هاجروا الى جنوب العلا وعاشوا هناك الى ان جاء الاستقرار وقت الاحتلال الصليبي , ثم عادوا فيما بعد الى ديار الاباء والاجداد وهي ديار الكرك وصارت لهم امارة جذام الكرك زمن المماليك كما سياتي ان شاء الله واما الغساسنة فقد غيروا اسماءهم وبرزت اسماء الضمور ( مسلمون ) والعزيزات والحدادين ( نصارى ) واسماء صغيرة اخرى تجدونها في كتبي للعشائر وهي غير متوفرة لدي وانا في السجن .وتشتت بقايا قبيلة الغساسنة النصارى في سائر انحاء الاردن تحت مسميات جديدة وصغيرة للتخلص من البطش العباسي . لذلك فان الغالبية العظمى من نصارى الاردن هم من الغساسنة نسبا او عصبا . واما بلي( البلاونة فيا بعد ) جزيرة العرب وتغير اسم من يقي منهم بالاردن الى اسم البلاونة بدلا من بلي وتغير اسم بني اراشة من بلي الى اسم جديد وهو البرارشة ( وهم بنو اراشة من بلي ) وحسب البعض انهم نسبة الى الابرشية وهو خطأ شائع لايتفق مع الحقيقة التاريخية ,وتفرقت منهم عائلات الى كل مكان ثم عادوا الى بلي , والبعض يحسبون ان هؤلاء ليسوا من بعضهم وهو خطا شائع على سائر العشائر الاردنية للاسف الشديد وتحرك البلاونة الى منطقة البلقاء وانخرط منهم اناس في القبائل الاخرى , الى ان غاب الاضطهاد العباسي عنهم. واما قبيلة بلقين الاردنية العربية اليمنية ,التي كانت تمتد من رم وحسمى الى شمال نهر الزرقاء فقد سلكت طريقا جديدا من اجل البقاء بالتخلص من البطش العباسي واطلقت على اسمها البلقاوية / البلقاء وبذلك غاب اسم بلقين ومعه غاب الاضطهاد والتربص . والبلقين ( البلقاوية فيما بعد ) مجموعات من العشائر اليمنية العريقة التي انحازت الى العدوان فيما بعد وصاروا ضد ابناء عومتهم اليمنية , والتحقوا بحلف القيسية الذي كان يتزعمه العدوان وذلك في العصر التركي كما سيتاتي ان شاء الله اما بني عاملة ( العواملة في السلط فيما بعد )فقد تحرك منهم اناس الى اقاربهم في جبل عاملة الاردني ( الان جزء من جنوب لبنان ) ثم عادوا الى السلط فيما بعد كما سنرى لاحقا ان شاء الله , واتخذت اقسامها من العشائر اسماء عديدة تمكنت من خلالها النجاة من بطش العباسيين . واما بقية جذام فكانوا اعدادا قليلة وانصهروا في ربوع الاردن لكنهم برزوا بعد الاحتلال الصليبي كما سنرى ان شاء الله ومنهم مثلا ( فميا بعد : بني عتمة / العتوم حاليا / وبني حماد / بني يونس حاليا , والدعجانية / الدعجة حاليا , بنو نصير / نصير والنصيرات حاليا ) . ومن جذام ايضا : العجارمة وكانت الامارة فيهم وهم بنو عجرم / بنو عجرمة / العجارمة / العجرمي وكانوا من سكان البلقاء وغيروا اسم جذام وصار اسمهم الجديد للتخلص من العباسيين : اقول صار اسمهم : العجارمة / العجرمي كطريقة للتخلص من البطش العباسي . ومن جذام ال مهدي بطن من طريف من جذام وصار اسمهم بنو مهدي وصارت لهم امارة البلقاء زمن المماليك ( كما سياتي ) بدلا من العجارمة . وظهر اسم في جذام وهم الضياغم / مفردها الضيغمي ومنهم عرار وعمير الذين اخذهم سيل الحسا زمن المماليك كما سياتي ان شاء الله . وباستخدام اسمهم الفرعي : الضيغمي استطاعوا ان يتخلصوا من الاضطهاد العباسي . وقصة سبل الضياغم معروفة عند الاردنيين , ومن نسلهم الان العديد من العشائر ( الحجايا في الجنوب ) وعائلات من عباد ومنهم الختالين شيوخ عباد ( فيما بعد ) . اما الادوميون فقد هاجروا الى العلا في جنوب الاردن وتفرقوا مع العديد من قبائل العرب ومكثوا طويلا هناك الى ان نجدهم يبرزون بقوة في معركة حطين والتحضيرات لها . ومن الادوميين الذين غادروا الاردن خوفا من الغدر العباسي : عشائر الشوبك وعشائر احفاد حدد ( هدد ) ( بنو حدد / الملك الادومي الذي كان اول زعيم للتحرك الوطني الادومي الاردني ضد الاحتلال الاسرائيلي للاردن بعد خروج بني اسرائيل من مصر ) ا. ولكي يتخلص احفاد هذا الملك الوطني التاريخي من الاضطهاد العباسي غيروا الاسم بني حدد الى اسم جديد خلصهم كسائر العشائر الاردنية من سيف بني العباس :فيما عرف فيما بعد بعشائر بني حسن التي لازالت تحمل اسم بني حسن الى الان وذهب منهم اناس الى العراق ومنهم الى نجد ومنهم الى غور الاردن ومنهم الى فلسطين بعد مشاركتهم في معركة حطين وعين جالوت فيما بعد . والتناموا فيما بعد عندما انتقلت بنو حسن الى البلقاء كما سياتي . ومن الادوميين عشائر البصيرة فيما سمي فيما بعد عشائر بصيرا ومنهم ( فيما بعد ) : السعوديين ومن لف لفهم والشوبكة ومن لف لفهم من الادوميين الشوابكة ( والشوبكي ) الذين تفرقوا في فلسطين وشمال جزيرة العرب ثم عادوا فيما بعد الى الشوبك ( ارض الاباء والاجداد ) وتفرقوا منه عبر الاحداث المتتابعة كما سياتي ان شاء الله , ثم تحركوا فيما بعد عائدين من شمال الحجاز الى ديار ابائهم واجدادهم الاردن . وقد برزوا فيما بعد في مقاومة المحتل الصليبي ومعركة حطين كما سياتي ان شاء الله . ومن الادوميين الذين عادوا متاخرا عشيرة الطراونة وعشير الطورة tawarah الشوبكية والذين اخذوا الاسم الجديد من سكنهم في طور البتراء ووادي موسى , والبعض يعتقد خطئا ان الاسم جاء من جبل الطور في سيناء .. ومنهم النعيمات ايضا وهم والطراونة اقارب وهم ادوميون ولا علاقة لهم بنعيمات سوريا او النعيمي في الخليج العربي . ومن الادوميين عشيرة الكلالدة التي غادرت الطفيلة وما حولها هروبا من البطش العباسي , وغيروا اسماءهم من الكلالدة الى المحيسن ( لان زعامتهم كانت في ال المحيسن ) وعاد منهم اقسام الى الطفيلة لاحقا واشتركوا في معركة حطين كما سياتي واستعادوا اسماءهم القديمة / اي الكلالدة والمحيسن . ومنهم بني قضاعة التي كانت قبيلة مساندة للامويين فغيروا اسماءهم طلبا للنجاة من البطش العباسي , ومن الاسماء الجديدة لقضاعة في الاردن منذ العهد العباسي: القضاة الذين تفرقوا في الكرك ( الموطن الاصلي ) وقسم منهم صار من بني صخر حيث انضموا الى بطن بني محمد في بني صخر / عربان الخرشان . ومنهم فرع صار من بني عوف من قضاعة ايضا وهم من اهالي عين جنة الان . ومن قضاعة : بني عوف انفسهم حيث اتخذوا الاسم الفرعي ( بني عوف ) للسلامة من اذى العباسيين وهم اهالي جبل عجلون المعروفين بشجاعتهم ورجولتهم وسياتي ذكرهم مع صلاح الدين ان شاء الله . ومن فروع قضاعة التي غيرت اسماءها : الفريحات والقضاة في عجلون وبقية عشائر عجلون القضاعية ( من بني عوف ) وتسكن عشائر منها في خيط اللبن / عجلون . كما غيرت كندة اسمها الى الفروع الصغيرة : المقدادية ( فيما بعد / السردية والمقدادية وفروعهم والحيادرة / ابو حيدر فيما بعد في البلقاء ) . وغيرت لخم اسماءاها وبقيت في البلقاء ايضا وغيرت الازد اسماءها ومنها الازايدة في مادبا فيما بعد ) . ومن حمير : ابو حمور( فيما بعد وهم مسلمون ) والحمارنة( فيما بعد وهم نصارى ). وبقيت عشائر العمرية والجرارحة ( بما فيهم الشرمان ) في الديار الاردنية وكذلك الصمادية واعداد قليلة من الزيادنة ( جرش ) ومن بني كنانة وبني عبيد وعشائر الكفارات والغزاوية والزناتية . وبقيت سياسة العقاب العباسي مستمرة على من يعلن اردنيته , بل انها سياسة كانت تظهر من حين الى حين عبر مراحل التاريخ , فقد غرس العباسيون هذه البذرة ( محاربة التباهي بالاردنية او اعلان الهوية الاردنية ) التي صارت شجرة وغابة من الحقد على اسمنا وهويتنا , غرسوها كنمط من الفكر المعادي للاردن واهله وما يترتب عليه من اجراء بقي سنة متبعة الى وقت طويل . ويرى البعض ان الامر نفسه جرى فيما بعد , في ان الحديث عن الاردن او الاعتزاز بتاريخه وهويته يلقى العقاب القاسي والتهم السياسية والاجتماعية الجاهزة , التي كان يلقاها الاردنيون زمن العباسيين . ونرى الاشارة هنا الى ان ال ابي طالب ( ال البيت ) كانوا في زمن الامويين موضع تبجيل واحترام من قبل الخلفاء والولاة الامويين ومن الشعب ايضا متزامنا ذلك مع حرمانهم من حقوقهم السياسية والسيادية دون التطرق الى حقوقهم الروحية والحياتية . وان قصيدة الفرزدق في هذا الشان لو قالها زمن العباسيين لقطعوا راسه وابادوا اسرته كلها : والقصيدة من اروع القصائد في الشعر العربي حيث يقول هذا الذي تعرف البطحاء وطاته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن فاطمة ان كنت تجهله بجده انبياء الله قد ختموا وكانت لال البيت اعطيات اموية سنوية بارقام عالية ومبالغ طائلة وكانت كلمتهم مسموعة وطلباتهم ملباه وكانوا يمارسون نشاطاتهم ومعارضتهم علنا بالسياسة والادب والمفاخرة والانتقاد الحاد لبني امية , ولكن بدون حقوق سياسية . ولولا ماتم من قتل الحسين بن علي رضي الله عنه لاقتصرت المشاحنات بين البيتين ( الاموي والعلوي ) على الامور السياسية والسيادية والصراع السياسي , . ومع هذا كان خلفاء بني امية يتعاملون مع ال البيت كايناء عم وكانوا يودونهم مودة خاصة .\بل هناك شواهد تاريخية ان معاوية وعبدالملك وقفوا مواقف مشرفة مع ال البيت في خلافهم مع الاخرين وانهم استجابوا لاحدى بنات الحسن او الحسن ومنعوا زواجها ممن هو ليس في كفاءنها . وبذلك كان الامويون على درجة من الرقي في التعامل مع ال البيت الكرام . صحيح ان معاوية انتهج سياسة شتم علي على المنابر ( اذا صحت هذه الروايات التاريخية ) , ولكن ذلك كان ضمن حملته السياسية لحماية نفسه من اتباع علي وابناء علي رضي الله عنهم جميعا , ومع هذا كان العداء يقتصر على الخلاف السياسي والحرب السياسي والسيادة السياسية , ولا يتعداه الى المطاردة كما كان امر العباسيين في مضايقة ومطاردة ابناء عمهم من البيت العلوي , ونجد ان معاوية رضي الله عنه استقبل عقيل بن ابي طالب شقيق علي وسدد عنه ديونه وطيب خاطره , رغم ان عقيل كال لمعاوبة من الانتقاد والقول القاسي ماتؤدي كل كلمة منه الى القتل لو كانت امام العباسيين او زمنهم . وكذلك كان يفعل معاوية مع الحسن والحسين من الود والتودد . ولكن قاصمة الظهر هي معركة كربلاء التي استشهد فيها الحسين بن علي بعد ان خذله اهل العراق , ومع هذا فان الجيل اللاحق من ابناء واحفاد الطالبيين كانوا يعيشون رغد العيش والمعارضة العلنية لبني امية ولكن الامر زمن العباسيين كان مختلفا تماما حيث ضربوا بيد من حديد على ال ابي طالب وقمعوهم وادخلوهم السجون ولم يتسامح العباسيون ولو لمرة واحدة مع اي انتقاد علوي او اية مطالبة بالحقوق السياسية او السيادية او الدينية باعتبارهم ( ابناء الحسن والحسين ) هم ال البيت ولكن لم يعد لهم حق بهذا الامر من سائر ابناء قريش وهاشم بعد ان تنازل الحسن عن حقه بالخلافة لمعاوية . من هنا تشتت العلويون في البلاد وتخفوا طلبا للحماية من بطش ابناء عمهم العباسيين , رغم ان الطرفين من البيت الهاشمي , ولكن ( الملك عقيم لايعرف ابا ولا اخا - كما قالت العرب من قبل ) , وصار العلويون مثلهم مثل الاردنيين ممنوع عليهم التحدث عن هويتهم او اعلان المعارضة او الاستقطاب , واذا فعل احد منهم ذلك فالسيف العباسي جاهز لجز عنقه , فصار ال البيت والاردنيون في الهواء سواء في المعاناة والاضطهاد , مما غير من موقف الاردنيين تجاه العلويين نكاية ببني العباس . صار لكل واحد من احفاد الحسن والحسين زوايا واتباعا سرا وتفرقوا في البلاد كي لايلقوا مالاقاه بنو امية من الابادة العباسية , وكل منهم محاط بالمحبين والحاشية اللازمة من عرب ومن عجم . وعندما يموت الشخص من ال البيت فان جميع من حوله من عرب وعجم ومن شتى القبائل والاصول تدعي الانتساب اليه دما ولحما , وصار الابناء والاحفاد لهؤلاء الاتباع يسجلون مشجرات النسب ويضمون اسماء ابائهم الى قوائم ال البيت من الحسين والحسن وهم في الحقيقة ليسوا من ال البيت ولا من ابناء الحسن ولا من ابناء الحسين . فالانتساب اليهما رضي الله عنهما شرف عظيم يسعى اليه كل عربي وعجمي , ولكن شتان مابين التمنيات والحقائق , بل نجد ان كثيرا من الاعاجم وبخاصة في اسيا والهند وباكستان وجنوب شرق اسيا يدعون الانتساب الى ال البيت .وهناك حقيقة وهي ان من هم من النسب الشريف حقا ليسوا الا عددا قليلا امام هذه الاعداد الضخمة التي نقرا عنها في الكتب او نسمعها بالادعاء الى النسب وهو الذي ادعاه اتباعهم جميعا . اذن هناك الادعياء الى ال البيت , وهناك الموالي ( ومواليكم ) , وهناك الحلفاء مع ال البيت , وهناك اللصقاء , وهناك الاخوان لال البيت ( فاخوانكم في الدين ), وهناك ال البيت الحقيقيين الذي يتوجب علينا حبهم وتقديرهم وتقديمهم كرامة لرسول اله صلى الله عليه وسلم فهم سادة العرب والعجم . ومع الزمن صارت الامور التي ادعاها اللصقاء والادعياء والموالي والاخوان والاتباع مدونة ومصدقة رغم وهميتها وانتفاء الدليل عليها سوى تصديقها من ليس مؤهلا بتصديقها اصلا , كما ان الادعاء مع انتفاء الدليل الحقيقي في ان هؤلاء ا المدعين انهم من ال البيت هو ادعاء عاري عن الصحة تماما . صحيح انهم كانوا في غفلة الزمن وجهل الناس من اتباع وخدام اشخاص من ال البيت , ولكن هؤلاء المدعين ليسوا من اصلاب ال البيت تحت اي ظرف من الظروف . وزاد في الادعاء ماصار من النسب والمصاهرة بينهم وبين ال البيت بعد مرور الاجيال , وحدث مايسمى بالعرف العشائري العربي بالموالاة وبالاردني ( لفايف ) فالتف هؤلاء على ال البيت واخذوا الاسم وادعوا النسب وهم ليسوا من ال البيت لا اسما ولا نسبا . قال تعالى ( ادعوهم لابائهم هو اقسط عند الله فان لم تعلموا اباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم ) وبالتالي فان هذه الاعداد الضخمة التي تدعي الانتساب الى ال البيت يمكن اعتبارها في احسن حال انها من من موالي ال البيت او لصقائهم او اتباعهم ليس الا . ومن الامثلة الحديثة مثلا ان فاروق ملك مصر الاسبق وهو الباني ( اصلا من البانيا ) ادعى الانتساب الى الى البيت وامر المطيباتية ان يصنعوا له شجرة توصله بالنسب الشريف وهو اعجمي وليس من العرب اصلا . ولعل من اسباب حقد الملك فاروق المذكور على المغفور له الملك عبدالله الاول يعود الى الحسد الذي كان ياكل قلب فاروق انه ليس عربيا ولا من ال البيت فابتدع شجرة نسب وهمية كما قلنا . وقد انعكس حقد فاروق على الاردن على علاقة البلدين وعلى السياسية المصرية ضد الاردن والتي بقيت حتى وقت متاخر زمن المغفور له الملك الحسبن بن طلال وما عاناه من ظلم السياسة الناصرية والتجني على الاردن والهاشميين . وان ما رايناه في البرامج الاعلامية حديثا انما يعود في اصله الى الحقد الفاروقي على ال البيت وحسده لهم , في انه كان ملكا اعجميا البانيا لاكبر واعظم بلد عربي وهي مصر ,بينما كان الملك عبدالله الاول ( الهاشمي ) ملكا لاصغر بلد عربي , وال البيت هم اصحاب الشرعية الروحية والتاريخية عند العرب ( البيت الهاشمي / العلوي / ذرية الحسن والحسين ) وهذا مااثار حسد محمد علي باشا من قبل . وهنا لابد من الاشارة الى ماكان فعله محمد علي باشا ( مطلع القرن التاسع عشر ) الجد الاعلى للملك الالباني فاروق من قتل وتعذيب وتشريد لاشراف مكة المكرمة من ابناء الحسن بن علي وما قام به محمد علي وولده تومسون باشا من قتل الاشراف واتباعهم وقتل العرب الوهابيين وعمل اهرامات من رؤؤسهم امام معسكرات جيشه لارهاب العرب كلهم وتعذيبه للزعامات العربية بالحجاز من خلال التشريح بالسيف اثناء القيود , والاعدام بالخازوق وقتل الاسرى وادخال الكفار الى مكة المكرمة والادعاء بالاسلام والاعتراف امام بيركهارت ان لايؤمن بالدين الاسلامي الذي يؤمن به العرب . وقد روى الكاتب هذه المئاسي كشاهد عيان , حيث كان مرافقا لجيش تومسون باشا ووالده محمد علي باشا من عام 1814 – 1817 ميلادية اثناء قتالهم وقتلهم للعرب والاشراف في الحجاز . الا وهو الرحالة السويسري البريطاني جون لويس بيركهارت John Lewise Burchardt والذي كتب عن ذلك بالتفصيل كشاهد عيان غي كتابه : ملحوظات عن الوهابيين Notes on the Wahhabyes والذي ترجمته شخصيا الى العربية . وكان محمد علي باشا ( عليه من الله مايستحق ) يتلذذ بتعذيب الاشراف الكرام وياخذهم بالاغلال الى مصر هم ونساءهم واولادهم , واعترف شخصيا انني بكيت كثيرا عندما ترجمت الفقرات الخاصة بالغدر والتعذيب الذي وقع على يدي محمد علي على الاشراف والوهابيين . وبقي حقد ال محمد علي على الاشراف متوارثا الى ان تورثه حفيده الملك فاروق قي النصف الاول من القرن العشرين , الذي كما قلنا كان يكره المغفور له الملك عبدالله الاول امير الاردن ( الملك فيما بعد ) , كرها متوارثا وحسدا من عنده , وانعكس ذلك على السياسية المصرية تجاه الاردن زمن ال محمد علي وفاروق وذلك واضح في الوثائق الهاشمية التي نشرها المؤرخ الدكتور محمد عدنان البخيت . وبقيت رواسب احقاد ال محمد علي اثناء الحقبة الناصرية كما قلنا , ومن ثم انتقلت الى تزوير التاريخ ضد ال البيت . وعندما تقرا عن الكتب التي تتحدث عن الانساب او عن المجموعات التي تدعي الانتساب لال البيت يخيل اليك ان الرجال من غير ال البيت لم ينجبوا احدا, او ان نساءهم عقيمة عن الانجاب , وان الانجاب كان في ذرية الحسن والحسين فقط , وهذا كلام لايتفق مع عقل ولا مع كيمياء ولا مع رياضيات ولا مع طب . ولو خضع الجميع للفحوصات الطبية الحديثة ( دي ان اي ) لانكشفت حقائق مرة وكثيرة حول هذا الموضوع , ولا يمكن تمحيص نسب ال البيت بين من يدعيه جزافا ومن هو عليه حقيقة الا من خلال فحص الحمض النووي DNA. ومثل هذا الفحص سيثبت بما لايقبل الشك ان محمد علي باشا واسرته لاعلاقة لهم بال البيت بتاتا . وبناء عليه فانني وانا ابحث في العشائر اجد الكثير ممن يدعي النسب الشريف , وانه من ال البيت , تارة بدون اثبات للنسب ( مجرد كلام بكلام / سواليف عربان ) , واخرى بذكر تسلسل الجدود التي لاتنطبق عددا مع تعاقب اجيال ال البيت جيلا بعد جيل وطبقة بعد طبقة . فمنهم من ينشر على الانترنت ان عدد الاجداد التي تفصله عن علي بن ابي طالب هم خمسة عشر جدا , والحقيقة ان اعداد الاجيال بين جيلي ( انا ) مثلا وجيل الحسن بن علي يجب الا تقل عن اثنين واربعين جيلا تحت اي ظرف والا تزيد عن خمسة او ستة واربعين جيلا تحت اي ظرف وما زاد او نقص فهو موضع شك .لذلك نحتاج الى المض النووي / DNA لاثبات النسب من مدعيه . وهنا لابد من القول انني ابحث في تاريخ العشائر وليس في انساب العشائر , لان كل عشيرة مؤتمنة على نسبها وهو شانها وليس شاني اصلا , واما التاريخ فهو يتحدث عن اسم العشيرة وانجازاتها ودورها في صناعة التاريخ الاردني وهذا من اختصاصي , بينما النسب يتحدث عنها بالاشخاص وتعاقبهم وهو ليس من اختصاصي . كما ان البحث في انساب الاشراف دقيق وشائك ومختلف عنه في البحث في الانساب الاخرى . لذلك فانني حذر جدا جدا عندما اسمع ان هذه العائلة او تلك من ال البيت , حتى ولو حصلت على الدليل الذي هو وثيقة موقعة في عصر متاخر عن العصر العباسي , لانني اعرف ان هناك اختلاق للادلة في الفترة العباسية عندما كان ال البيت يخضعون للاضطهاد والمطاردة وبالتالي يضمون اليهم مجموعات تعمل على حمايتهم , وهذه المجموعات صارت فيما بعد تدعي انها من ابناء ذلك الشريف او اخوانه وهم ليسوا كذلك . كما مرت الامة في فترة الحكم التركي وقبله المملوكي والسلجوقي وهم اعاجم لايعرفون انساب العرب , وعتقدون صحة الادعاء بدون اثبات وتواتر , لذلك نجدهم ختموا مصادقة ( التصديق ) على انساب عائلات انها من ال البيت وهي لاتجد من دليل سوى ماقلناه وهو ادعاء الاتباع انهم ابناء ذلك الشريف . لذا فان القمع العباسي والاحترام الاعجمي لال البيت رغم تباينهما الا انهما التقيا معا عند نهاية التقاي قطر الدائرة , مما جعل من السهل الانتساب في الاولى لانه لغايات الحماية , وفي الثانية لان الاعاجم لايعرفون انسابنا قط , وبذلك حل ختم التصديق الاعجمي مكان سيف بني العباس العربي , وكلاهما نسبا الى ال البيت ممن ليس منهم . والنقطة الاخرى ان الطرق الصوفية دخلت على الخط حيث كان غالبية شيوخ الطرق الصوفية , او مبتدعيها يدعون الانتساب الى ال البيت وانهم من ابناء الحسين تحديدا , وذلك لاضفاء هالة روحية على انفسهم , وكل يريد جذب مزيد من الناس من حوله , وصار اتباع كل منهم يحملون اسمه وبالتالي يدعي الاتباع انهم ايضا من ال البيت وهذا وهم اخر وخيال , اذ انه لا الشيخ ولا الاتباع من ال البيت , واذا كان المقصود هو : التقوى, فان مكانة كل تقي عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هي بمقدار تقواه . فالرسول يقول ( انا جد كل تقي ولو كان عبدا حبشيا ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( سلمان منا ال البيت ) . فالامر اذن يتعلق بالانتساب اساسا الى التقوى والايمان والعمل الصالح , ولكنه صار فيما بعد وتحول من التقوى او التبعية او الحماية الى ادعاء النسب بالدم وتعاقب الاجيال , وهو ادعاء يعوزه الدليل ويهيمن عليه الادعاء . ونقطة اخرى ايضا : ان هؤلاء الاتباع الذين ادعوا النسب الى ال البيت تفرقوا في القبائل وادعوا النسب فوجدوا الاحترام والتبجيل وصاروا زعماء لتلك العشائر في كثير من الحالات , وصاروا نقطة توازن واتحاد بين بطون وافخاذ هذه العشائر .اذن فمنهم من هو حقيقة من ال البيت دما ونسبا ومنهم من هو دعي لاعلاقة له بال البيت نسبا ودما .والحل هو فحص الحمض النووي لكل من يدعي الانتساب لال البيت . وهكذا كان العباسيون يرون في الامويين والطالبيين اعداء ومنافسين لهم على الخلافة فابادوا الامويين واضطهدوا الطالبيين ( ال البييت ) وقمعوهم , واما الاردنيين فكان ذنبهم انهم وقفوا مع بني امية وامكانية ان يتحولوا لدعم ال البيت نكاية بالعباسيين . لذا تسلطوا على الاردنيين الذين كانوا من الدهاء والذكاء بحيث غيروا الاسماء والمواقع واستطاعوا ان يحققوا البقاء الى المرحلة التي تلت العباسيين , الا وهي مرحلة الحروب الصليبية وهكذا اثبت الاردنيون قدرتهم الهائلة على اتقان الصراع من اجل البقاء , وتكيفهم مع كل مرحلة فابتدعوا اسماء جديدة لعشائرهم او استخدموا الاسماء الفرعية فحسب ازلام العباسيين ان هذه عشائر جديدة جاءت الى الاردن ( لمن بقي منهم في الاردن ) او انها عشائر جديدة حلت في الاماكن خارج الاردن لمن رحل خارج الاردن ( وهي اردنية نازحة من بطش العباسيين ) . ان الاردنيين قد توارثوا القدرة على البقاء في اسوأ الظروف واعتى اصناف الاحتلال , وانهم بالفعل استطاعوا ان يضحكوا على العباسيين كما ضحكوا على الرومان واليونان ولكن بطريقة جديدة . فاختفت الاسماء المعروفة للعباسيين مثل الانباط وجذام وقضاعة والغساسنة وابناء حدد ( الادوميين ) , وظهرت اسماء جديدةهي غابا اسماء العشائر الفرعية , مما خفف من البلاء العباسي على الاردنيين . المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج |
||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||
الموضوع الحالى: تاريخ الاردن وعشائره /الحلقة الرابعة -||- القسم الخاص بالموضوع: منتدى ذاكرة وطن .. وشخصيات اردنيه -||- المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج -||- شبكة صدى الحجاج |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
دستور المملكة الأردنية الهاشمية | م.محمود الحجاج | منتدى الصحافه والاخبار الاردنية | 1 | 12-12-2009 15:42 |
تاريخ الاردن وعشائره/ الحلقة الثالثة - لـ احمد عويدي العبادي | م.محمود الحجاج | منتدى ذاكرة وطن .. وشخصيات اردنيه | 0 | 26-10-2009 21:13 |
تاريخ الاردن وعشائره / الحلقة الثانية لـ عويدي العبادي | م.محمود الحجاج | منتدى ذاكرة وطن .. وشخصيات اردنيه | 0 | 21-10-2009 11:19 |
قانون العمل والعمال الاردني وتعديلاته | م.محمود الحجاج | منتدى النقابات | 0 | 30-09-2009 15:46 |
قانون العمل والعمال الاردني | م.محمود الحجاج | المنتدى العام | 4 | 04-07-2009 14:54 |
|
عدد الزوار والضيوف المتواجدبن الان على الشبكة من الدول العربيه والاسلاميه والعالميه
انت الزائر رقم
كل ما يكتب في المنتديات لا يعبر بالضرورة عن رأي إدارة شبكة ومنتديات صدى الحجاج
شبكة ومنتديات صدى الحجاج لا تنتمي لاي حزب او جماعه او جهة او معتقد او فئه او
مؤسسة وانما تثمل المصداقيه والكلمه الحرة
...