أم النور حين تثور...

أم النور حين تثور...

وأم النور هو الاسم الرديف لأم الفحم
(كبرى بلدات وادي عاره )
على تخوم محافظة جنين شمالي الضفة الغربية ..
ولكن ..داخل الخط الأخضر وضمن الأراضي التي احتلت عام 1948 .
تطل بيوتها المرتفعة على بعض قرى المحافظة الغربية ( الطيبة وعانين ...)
بل تكاد تتلاصق البيوت لولا جدار الفصل وخط الهدنة من قبله ، ولأهلها أوثق العلاقات مع إخوانهم في مدن شمالي الضفة الغربية خاصة وبقية المدن بشكل عام .
كانت ولا زالت تتمتع بثقل سياسي مميز في الحياة السياسية لفلسطيني الداخل ، فيها نشطت حركة اليسار العربية الإسرائيلية في العقد الثامن خاصة من القرن الماضي عندما ترأس بلديتها هاشم محاميد أحد أعضاء البرلمان المنتخبين في حينه من قبل الجبهة الديمقراطية (حداش ) التي كان لها دورها في إبقاء جذوة الانتماء الوطني والتمسك بالأرض على أشده في تلك الفترة التي استهدفت فك عرى الارتباط بين الفلسطيني وأرضه ....

هي حاضنة الحركة الإسلامية التي دخلت إليها أوائل العقد التاسع من القرن الماضي عن طريق بعض مشايخ حركة الاخوان المسلمين في شمالي الضفة الغربية ، وعلى رأسهم الشيخ محمد فؤاد أبو زيد قعيد المرض حاليا في مسقط رأسه قباطية ، وخطيب المسجد الأقصى في حينه ومدير أوقاف جنين بعد ذلك وأحد مبعدي مرج الزهور في حملة الإبعاد المشهورة بعيد اختطاف أحد جنود الاحتلال في العقد الأخير من القرن الماضي .
هو من أطلق عليها اسم أم النور ، مستبشرا بارتداد شبابها إلى دينهم والتزامهم ببرنامج ونهج الحركة الإسلامية بعد أن كانت مرتعا خصبا لسلوكيات وممارسات بعيدة عن الأخلاق والتقاليد العربية الاسلامية بفعل تغلغل أجهزة الاحتلال وأعوانه فيها واستغلال شبابها بكل ما اوتوا من قوة للاستغلال وهي وأهلها حفظوا ويحفظون لأبي زيد ولكل مشايخ حركة الإخوان المسلمين في حينه جميل صنعهم في بلدتهم ... ولا أظن شيخ الأقصى ورئيس بلدية أم الفحم السابق إلا أحد تلامذة تلك الفترة وما أظنه إلا واحدا من الشباب المتحمسين الذين اشتد عودهم خلال تلك الفترة حن تحولت أم الفحم إلى أم النور ...اسما ومسمى ....
المتابع لبعض مجريات ما مرت به وما شهدته وما تقوم به من دور مركزي في الحياة الساسية لفلسطيني الداخل لا يستغرب موجات الاستهداف التي تتوالى عليها بين فترة وأخرى من قبل قوى اليمين الإسرائيلي الصهيوني منذ عهد كهانا زعيم تنظيم كهانا حي الذي ردّ عن بواباتها عندما حاول اقتحامها وعصاباته قبل موته بسنوات ، وحتى موجات استهداف مارزيل وزبانيته ، لقد أصبحت أم الفحم (أم النور ) في نظر هؤلاء مركز إلهام لكل من يريد أن يرسخ وجوده وانتماءه العربي الإسلامي الفلسطيني من فلسطيني الداخل ، وهي النموذج الذي يحتذى في التآخي والصلابة والتعاضد بين أهلها وبينهم وبين بقية أهلهم فيي باقي الأرض المحتلة عام 48 والأخرى التي لحقت بها احتلالا عام 67، وهي التي تهب بشيبها وشبانها الى المسجد الأقصى كلما ناد منادٍ أو استنجد شيخ الأقصى رائد صلاح بأهله وأحبته لنصرة الأقصى كلما تعرض لخطر ..هي التي تشد الرحال اليه بالآلاف في رمضان من كل عام حين يحرم سكان الضفة الغربية من استظلال جدرانه والركوع في أركانه ..لذلك نراها تستهدف ، ونرى أن قوى اليمين الصهيوني تسعى لتبرير مواقف وخطوات مبيتة ضد هذه المدينة عامة والحركة الإسلامية فيها خاصة ، وما شهدته وم 27 / 10 / 2010 من أحداث وما رافق ذلك من تصرحات لمارزيل وقوى اليمين الأخرى يؤكد ذلك ، فقد أصبحوا يروجون لضرورة إخراج الحركة الإسلامية عن القانون الاسرائيلي في محاولة لاجتثاث هذه الحركة ومنع نشاطاتها وتوقيف واعتقال قياداتها ، كما أصبحوا يربطون بين مواقف ودور هذه الحركة وتنظيم القاعدة الدولي لا لشيء الا لتبرير اعتداءاتهم علها وعلى سكانها .
لا تنمحي من الذاكرة صور تصدي أهلها لكهانا وزمرته قبل سنوات طويلة ، ولا تنمحي صور مناصرتهم للأقصى ولانتفاضة الأقصى في اكتوبر من عام الفين ..ولن تنمحي صور يوم 27/ 10 كذلك من الذاكرة وهي ترصد تسلل القوات الخاصة الإسرائيلية الى صفوف شبابها المتصدين لزمرة مارزيل وانقضاضهم على عدد منهم خلال حمايتهم لمدينتهم . إنها صفحات وصور من معالم الصمود في الأرض والثبات على المبدأ والاستعداد للتضحية في سبيل الأهل والتراب الذي لوّح جباه أهالي أم النور فأصبح جزءا منهم وغدا جزءا لا يتجزأ من وجودهم وكينونتهم ن ولا شك أنهم يعطون درسا ويشكلون أنموذجا لبقية فلسطيني الداخل في ضرورة الصمود على أرضهم والتمسك بحقوقهم وعدم الرضوخ لمطالب ومساعي اليمين الصهيوني الذي إن استطاع فلن يتراجع عن طرد سكان أم الفحم وكل فلسطيني الداخل من بلادهم فهي (أرض إسرائيل التي لا أعتقد أن أهالي أم الفحم اشتروها من أموالهم ) كما يقول مارزيل على أبوا بهذه المدينة ..قمة الوقاحة والعنجهية في ظل قوانين أصبحت تحمي هؤلاء العنصريين وتوظف لهم آلاف رجال الشرطة لتنفيذ مخططاتهم ..
إن أم النور اليوم وبقية فلسطيني الداخل الفلسطيني مستهدفون من قبل عدة أطراف رسمية وشعبية داخل الدولة الإسرائيلية ، وما قانون الدولة اليهودية وقانون الولاء لدولة يهودية خاصة بالشعب اليهودي إلا مقدمة لتسويغ المطالبة بطرد هؤلاء الفلسطينيين الذين اجترحوا بعد مجازر العام 48 ونكبته معجزة البقاء في أرضهم والتمسك بترابهم وحقوقهم التاريخية ، وهي مساع تترافق مع ممارسات شتى تستهدف الوجود العربي داخل الأرض المحتلة عام 48 ليس أقلها مصادرة الأرض والتضييق بكل السبل على المؤسسات والجمعيات والمجالس المحلية ومنع البناء وهدم البيوت وحتى استهداف القبور والمساجد ومنع رفع الأذان كما يحدث هذه الأيام ف يافا بحجة أنه يزعج اليهود هناك
لقد أثبتت أم النور بوقوف أهلها وقفة واحدة في وجه كل من يستهدف اختراقها وتصديع جبهتها الداخلية أنها عصية على التراجع والانكسار ، كما قدمت قدوة تحتذى في تفويت الفرصة على الجهات الرسمية حتى باستهدافها عبر جر أهلها الى حالة عداء مع القانون السائد لتسهيل ملاحقتهم قانونيا وتنفيذ الأحكام الظالمة بحقهم كما يحدث لرئيس بلديتهم السابق رائد صلاح الذي يخضع خلف القضبان منذ مشاركته في رحلة سفينة فك الحصار التركية(مرمرة)، وما مشاركة يهود ضد الصيهونية في التصدي لقطعان اليمين التي استهدفت المدينة أخيرا إلا دليل على أن أم النور تستقطب احترام ومساندة كل محبي العدالة والأمن حتى من اليهود أنفسهم


حسان نزال

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج