وثائق ويكيليكس .. الحالة الفسلطينية نموذجاً

وثائق ويكيليكس .. الحالة الفسلطينية نموذجاً

خليل الأمير

إسلام أون لاين – غزة

مع سلسلة الفضائح المتتابعة الناتجة عن الهزة الكونية العنيفة التي أحدثها نشر موقع ويكيليكس الإلكتروني لآلاف الوثائق السرية من ملفات وزارة الخارجية الأمريكية، تلك الوثائق التي تضمنت مراسلات وبرقيات تظهر طبيعة العلاقات الأمريكية الخارجية ودور وزارة الخارجية الأمريكية في إدارة الملفات الشائكة، ومهام الدبلوماسية الأمريكية الاستخباراتية حول العالم.


كان للملف الفلسطيني نصيب وافر من هذه الملفات حيث كشفت الوثائق الكثير من المواقف للأطراف اللاعبة على الساحة الفلسطينية ، منها ما كان معروفاً وتم الإعلان عنه في حينه ومنها ما كشف عنه لأول مرة عبر هذه التسريبات.

اسلام اون لاين

تتبعت ما نشر من وثائق تتعلق بالحالة الفلسطينية ورصدت ردود الأفعال الداخلية الفصائلية والشعبية حولها وأهم التداعيات الناتجة عنها وأعدت هذه المادة.

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج

تشكيك في أهلية عباس

ذكرت الوثائق أن قيادات إسرائيلية ومنها "باراك" ووزيرة الخارجية السابقة وزعيمة المعارضة "تسيبي ليفني" شككت في قدرات رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" على إنجاز المفاوضات السلمية مع إسرائيل وكسب النزاع الجاري بين حركتَيْ فتح وحماس.
ففي حين أظهرت الوثائق أن وزيرة الخارجية تسيفي ليفني قالت للسيناتور الأمريكي كيري بأنها تشكك في إمكانية التوصل إلى حل دائم مع محمود عباس فقد نقلت حديث وزير الحرب الإسرائيلي "باراك" خلال اللقاء مع أعضاء الكونغرس عن ضعف واضح في موقف السلطة الفلسطينية، وأنها لا تملك أي نوع من الثقة في النفس، وأن منسق الأمن الأمريكي لدى السلطة في حينه الجنرال "كيث دايتون" يبذل جهوداً كبيرة من أجل إعادة الثقة في صفوف السلطة.

وفي ذات السياق ذكرت وثيقة أخرى أن مهندس اتفاقيات أوسلو ورئيس دولة إسرائيل الحالي شيمون بيريز اعترف أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو بأن اتفاقيات أوسلو إرتكزت على إعتقادات خاطئة .

مصر والسلطة علمتا بالحرب

هذا وكشفت الوثائق أن وزير الحرب الإسرائيلي إيهود براك أخبر أعضاء من الكونجرس الأمريكي في يونيو 2009 أن الدولة العبرية تشاورت مع مصر والسلطة الفلسطينية قبيل الحرب على غزة، فيما إذا كان لديهم الاستعداد للسيطرة على قطاع غزة بعد هزيمة حركة حماس المفترضة على يد جيشه وقال أن رد السلطة الفلسطينية والجانب المصري السلبي كان السبب في تراجع إسرائيل عن سحق حركة حماس، وهزيمتها في تلك الحرب.
كما أفادت الوثيقة أن "باراك" أكد على أهمية التشاور مع مصر وحركة فتح فيما يتعلق بعملية ترميم وإصلاح ما دمرته الحرب على غزة دون أن يتطرق إلى أي اتفاقات بشأن الجندي الأسير "جلعاط شاليط".

من ناحية أخرى فقد تباينت ردود أفعال الأطراف الفلسطينية حول ما جاء في هذه الوثائق من معلومات اعتبرت كثير منها ليست بالجديدة وإن كانت مهمة لتأكيد الكثير من المعلومات السابقة لبعض الأطراف.

تصريحات هنية

اسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة قال في تصريحات صحفية أدلى بها أمام عدد من مراسلي الصحافة الدولية الأربعاء 1/12/2010 أنه فيما يتعلق بالوثائق التي كشفها مؤخراً موقع "ويكيليكس" فقد أثبتت أن "المنطقة تعيش في بحر مؤامرات" وقال: "إذا ثبتت صحة ما نشرته تلك الوثائق بشأن التنسيق المسبق من قبل السلطة مع الاحتلال في حرب غزة الأخيرة فهذه تمثل كارثة وطنية يجب أن يتوقف شعبنا أمامها ملياً" .
من جانب آخر أكد هنية أن أولويات حكومته في العام المقبل ستكون بالعمل على رفع الحصار عن قطاع غزة وتحقيق المصالحة والحفاظ على التوافق الوطني داخل غزة لتجنيبها أي حرب إسرائيلية قادمة .
وشدد على أن "المصالحة خيار استراتيجي لحكومته" وقال: "الإنقسام لم يكن رغبتنا ولا خيارنا ونؤمن بالتعددية السياسية والعمل الديمقراطي في الإنتخابات".

وأضاف هنية أن حماس لا تعارض إقامة دولة فلسطينية بحدود عام 67 وحل قضية اللاجئين والإفراج عن الأسرى في السجون الاسرائيلية مؤكداً أن حماس ستقبل بنتائج إستفتاء فلسطيني حول مسألة إقامة دولة فلسطينية حتى إذا خالف قناعاتها وسياساتها .

عدم الإكتراث

السلطة الفلسطينية من جانبها وهي المتضرر الأكبر من تلك الزوبعة أبدت عدم اكتراثها بما ورد من معلومات عبر تلك الوثائق السرية، وحاولت لفت النظر إلى ما يتعلق بالانحياز الأمريكي الواضح لإسرائيل في عملية التسوية حيث قال مصدر مسؤول في السلطة في تصريحات خاصة بوكالة قدس نت الإخبارية :" لم نتفاجأ بما نشر على الموقع من وثائق تتعلق بالدعم الأميركي غير المتناهي لإسرائيل وإنحيازها الواضح في عملية المفاوضات على حساب الجانب الفلسطيني".

وتوقع المصدر أن تشهد العلاقات الفلسطينية الأميركية نوعاً من الفتور خاصة بعد نشر الوثائق والهزة العنيفة التي أحدثتها هذه الوثائق في العلاقات بين الكثير من الدول العربية والأوروبية وخاصة الإدارة الأميركية .

غير مستغرب

في حين اعتبر القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس الدكتور صلاح البردويل في تصريحات خاصة لـاسلام اون لاين ما نشر عبر ويكيليكس حول مساهمة سلطة فتح في العدوان على غزة بهدف إسقاط حكومة حماس غير مستغرب، وشدد على أن كل من شارك الإحتلال في الحرب على غزة سيلقى جزاؤه.

وفيما يتعلق بالفيتو الأمريكي على المصالحة الفلسطينية أكد البردويل أن هذا الفيتو غير خافٍ على أحد وأنه معلوم وواضح للجميع وأن عباس وقيادات فتح أنفسهم قد صرحوا به.

من جانبه أكد نائب رئيس المكتب السياسي للحركة الدكتور موسى أبو مرزوق أن ما تم عرضه من معلومات سرية يكشف الدور المشبوه الذي يقوم به المسؤولون الأمريكيون ووزارة خارجيتهم وسفاراتهم في المنطقة.
وقال في تصريح لـصحيفة "السبيل" الأردنية أن ما تم الكشف عنه من تورط للسلطة الفلسطينية والقاهرة، يحتاج إلى توضيحات من الأطراف المعنية، وهذا إن صح فهو أمر خطير للغاية، وهو يمثل عداءً واضحاً لحركة حماس، وتعاوناً مع العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

إسرائيل تستغل الموقف

بدوره سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاستغلال هذه الحادثة في التأكيد على ما أسماه بالإتفاق العربي مع إسرائيل حول تعاظم الخطر الإيراني وقال حسبما نقلت صحيفة معاريف في كلمة ألقاها أمام رؤساء تحرير الصحف الإسرائيلية: "أن البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي تم تسريبها كشفت عن مخاوف عربية منتشرة على نطاق واسع بشأن البرنامج النووي الإيراني وتابع: للمرة الأولى في التاريخ الحديث هناك إتفاق لا يمكن اعتباره غير منطقي في أوروبا وإسرائيل ودول المنطقة على أن التهديد الرئيسي ينبع من إيران وخططها التوسعية وخطواتها التسلحية " .


ولفت رئيس الوزراء الإسرائيلي في حديثه أن تسريب وثائق سرية عبر "ويكيليكس" يحمل أهمية أكبر بالنسبة للـدول غير الديمقراطية مما تحمله بالنسبة لإسرائيل وقال: "في المجتمعات المفتوحة مثل مجتمعنا لا يوجد فرق كبير بين ما يقال في السر وما يقال في العلن" مشيراً إلى أن العكس هو الصحيح بالنسبة للمجتمعات غير الحرة ولا سيما في الشرق الأوسط.

يجب الحذر

من جهته حذر نبيل ذياب السياسي الفلسطيني والقيادي في المبادرة الوطنية الفلسطينية في حديثه لاسلام اون لاين من التعاطي مع أي مادة يتم نشرها عبر ويكيليكس وخاصة أن الساحة الفلسطينية في أمس الحاجة إلى تهيئة المناخ والأجواء المناسبة لإنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني.

وفي تعليقه على ما ورد من تشكيك إسرائيلي في أهلية الرئيس عباس كشريك في عملية التسوية المتعثرة قال ذياب أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم ترغب بأي شكل من الأشكال بأن يكون هناك كيان فلسطيني موحد ذو سيادة وبالتالي فإن المسألة لا تحتمل أي تعويل على مواقف أي حكومة إسرائيلية وخاصة مع جموحها باتجاه التطرف والإمعان في التنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.


وحول الموقف من العملية السلمية وما ورد حول إعتراف بيريز أن أوسلو كانت خطأً كبيراً لفت ذياب أن المأزق الفلسطيني الحالي إنما هو نتيجة لأوسلو وما نتج عنها من تداعيات، وشدد على حاجة الساحة الفلسطينية إلى إعادة تقييم شاملة وبناء قيادة وطنية موحدة تتبني برنامجاً سياسياً موحداً يرتكز على رؤية إستراتيجية واضحة وذلك لضمان إستمرارية حركة التحرر الوطني الفلسطيني جنباً إلى جنب مع عملية البناء الإجتماعي.

أمر مخجل

وفي تعليقه على ما نشر استهجن الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني د. فايز أبو شمالة ما ورد عبر موقع ويكيليكس حول الاتصالات السرية والتشاور بين الحكومة الإسرائيلية من جهة وبين مصر والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى حول إذا كان لدي الأخيرة الإستعداد للسيطرة على قطاع غزة بعد هزيمة حركة حماس في الحرب، معتبراً ذلك أمراً مخجلاً للشعب الفلسطيني بأكمله.


وقال:" في هذا المقام يكفي الفلسطينيين عاراً أن إسرائيل تشاورت مع السلطة الفلسطينية حول الحرب على سكان قطاع غزة وتابع: معنى ذلك أن السلطة الفلسطينية كانت جزءاً من المشاورات وكانت تعرف أن هذه الحرب ستخلف آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى، وستدمر آلاف البيوت، ومع ذلك لم تعترض على الحرب، واكتفت بالتنسيق مع إسرائيل لضبط الأمن في الضفة الغربية، ومنع أي مظاهرات تضامن مع غزة" .

الحالة الفلسطينية

بدوره قال الكاتب الفلسطيني ومدير مركز البيان للإعلام ابراهيم المدهون لـاسلام اون لاين : "أن تلك الوثائق تكشف عن معلومات خطيرة تمس القضية الفلسطينية وتعزز صحة الدور غير المقبول الذي تتبناه السلطة في رام الله في الكثير من الأحداث الداخلية" معتبراً أن أخطر ما أوضحته الوثائق هو مدى العلاقة والتنسيق بين السلطة في رام الله والاحتلال.

ولفت المدهون في حديثه إلى أن المعلومات المنشورة غير مرتبة وغير ممنهجة، وقد تحمل تفاسير مختلطة، ولكنه في نفس الوقت يقلل احتمالية تأثيرها على الساحة الفلسطينية معللاً ذلك بأن المزاج الشعبي الفلسطيني يضع في أولوياته رفع الحصار عن غزة وتجميع القوى لمواجهة السياسيات الإسرائيلية المصيرية من تهويد للقدس وابتلاع للضفة الغربية.


وأضاف أنه لن يكون للوثائق أثر كبير في الساحة الفلسطينية، مشيراً إلى أن الحالة الفلسطينية أعياها الإنقسام وتبحث أطرافه التخفيف منه وإيجاد سبل تهدئة وتفاهمات تتعايش معه، حيث أن إثارة ما جاء في الوثائق من معلومات ودلالات خطيرة بإمكانه العودة بالجميع إلى المربع الأول.