رسالة إلى تلميذة

رسالة إلى تلميذة

أعرف ذلك جيدا،ومنذ زمان. أنا أيضا أحمل إحساسا جميلا وقديما. اتذكرين وأنت طفلة تقولين لي عند مغادرة الفصل :وداعا حبيبي. يومها انغرست في وجداني كشقائق نعمان. ويومها قطعت على نفسي ان اسقي تلك الزهرة بكل ما املك من حب وأمنحها كل الدفء. وكانت الزهرة تزداد تفتحا كل يوم رغم الأجواء الصقيعية المحيطة بها.
من ذلك اليوم، كان لزاما علي أن أحضنك كعصفورة، وأن اساعدك على التغريد. لم أكن أعطيك دروسا عليك حفظها، بل كنت فقط أحاول دفعك لاكتشاف الأشياء واتخاد ما يناسب من مواقف. كنت دائما أحرص على أن لا أكون أنا الأستاذ وأنت التلميذة، كنت فقط أحدثك عن تجاربي في الحياة، وغالبا ماكنت أخاطب فيك الأحاسيس حتى تكون متيقضة بالقدر الذي تكون رقيقة.
واليوم هاهي الزهرة قد أينعت وأصبحت تجسد بحق ذلك الأمل، وتلك الصورة التي كنت دائما أرسمها لامرأة مجنونة تعشق الأمل والسفر.
أنت ما تبقى لي، كنت أتمنى أن لاتكوني وحدك، تمنيت أن يكون معك الآخرون والأخريات، كنت وقتذاك أحس أني أملك قلبا يتسع للجميع، لكن شاءت الظروف أن تنفردي وحدك بهذا القلب الذي باستطاعته أن يمنح الفرح الجميل رغم حزنه العميق.
وعلى ذ ّكر الحزن : لن أسامح نفسي أبدا ، حين خدلتك ولم أستطع إطفاء نار حزنك، كنت يومها جبانا. أتذكرين حين زرتني فى البيت بعد وفاة والدي، كان الوقت ليلا، دخلت فجأة وارتميت في أحضاني وأنت تبكين بكاء مرا، وقتها لم أدر أعلي أن أفرح أم أبك، أأفرح لأنك ربما الوحيدة التي بكت من أعماقها والوحيدة التي أحسستها تشاركني هول فقد من علمني كل المعاني الجميلة في هذه الحياة، أم أبك من الحزن الذي وحدك تعرفين حجمه.
وفي الصباح رافقتك إلى المحطة، وفي الطريق حاولت استفسارك عن أحوالك فأجهشت بالبكاء،أدركت توا هول معاناتك في تلك الأيام، تمنيت وقتها أن أحضنك بحرارة في الشارع، لكني لم أفعل. شيء ما منعني، عرفت فيما بعد أنه الجبن. كنت جبانا، عرفت ذلك وبكيت كطفل أحسست يومها أني تافه وضعيف. فما أمر الألم حين يخذلك ألصدر الذي يمنحك الدفء والطمأنينة.................................

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج