|
أختيار الاستال من هنا
|
روسيا اليوم | الجزيرة | ناشونال جيوغرافيك | المملكه | رؤيا | الاقصى | الكوفيه | الرياضيه | عمون | يوتيوب | مركز رفع الصور |
منتدى التامل والتفكر والروحانيات كل ما يتعلق بالتامل والعقل الباطني والصحه النفسيه التفكر والتأمل من حيث هو عبادة بالنسبة للصحة الجسمية والنفسية للمؤمن، |
كاتب الموضوع | عفراء | مشاركات | 63 | المشاهدات | 23622 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
11-05-2010, 12:40 | رقم المشاركة : ( 1 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
19. كن لطيفاً عند أول لقاء .. المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 12:41 | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
20. الناس كمعادن الأرض .. لو تأملت في الناس لوجدت أن لهم طبائع كطبائع الأرض .. فمنم الرفيق اللين .. ومنهم الصلب الخشن .. ومنهم الكريم كالأرض المنبتة الكريمة .. ومنهم البخيل كالأرض الجدباء التي لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً .. إذن الناس أنواع .. ولو تأملت لوجدت أنك عند تعاملك مع أنواع الأرض تراعي حال الأرض وطبيعتها .. فطريقة مشيك على الأرض الصلبة .. تختلف عن طريقتك في المشي على الأرض اللينة .. فأنت حذر متأنِّ في الأولى .. بينما أنت مرتاح مطمئن في الثانية .. وهكذا الناس .. قال.. صلى الله عليه وسلم ..( إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم : • الأحمر • والأبيض • والأسود • وبين ذلك • والسهل • والحزن • والخبيث • والطيب ) .. ( ) فعند تعاملك مع الناس انتبه إلى هذا – وانتبهي - سواء تعاملت مع : قريب كأب وأم وزوجة وولد .. أو بعيد كجار وزميل وبائع .. ولعلك تلاحظ أن طبائع الناس تؤثر فيهم حتى عند اتخاذ قراراتهم .. وحتى تتيقن ذلك .. اعمل هذه التجربة : إذا وقعت بينك وبين زوجتك مشكلة .. فاستشر أحد زملائك ممن تعلم أنه صلب خشن .. قل له : زوجتي كثيرة المشاكل معي .. قليلة الاحترام لي .. فأشر عليَّ .. كأني به سيقول : الحريم ما يصلح معهن إلا العين الحمراء !! دقَّ خشمها ! خل شخصيتك قوية عليها !! كن رجلاً !! وبالتالي قد تثور أنت ويخرب عليك بيتك بهذه الكلمات .. أكمل التجربة .. اذهب إلى صديق آخر تعرف أنه هين لين لطيف .. وقل له ما قلت للأول .. ستجد حتماً أنه يقول : يا أخي هذه أم عيالك .. وما فيه زواج يخلو من مشاكل .. اصبر عليها .. وحاول أن تتحملها .. وهذه مهما صار فهي زوجتك .. وشريكتك في الحياة .. فانظر كيف صارت طبيعة الشخص تؤثر في آرائه وقراراته .. لذلك نهى النبي .. صلى الله عليه وسلم ..أن يقضي القاضي بين اثنين وهو عطشان ! أو جوعان ! أو حابس لبول أو غائط ! لأن هذه الأمور قد تغير نفسيته .. وبالتالي قد تؤثر عليه في اتخاذ قراره في الحكم .. كان في الأمم السابقة رجل سفاح !! سفاح ؟! نعم سفاح .. لم يقتل رجلاً واحداً ولا اثنين .. ولا عشرة .. وإنما قتل تسعاً وتسعين نفساً .. لا أدري كيف نجا من الناس وانتقامهم .. لعله كان مخيفاً جداً إلى درجة أنه لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه .. أو أنه كان يتخفى في البراري والمغارات .. لا أدري بالضبط .. المهم أنه ارتكب 99 جريمة قتل !! ثم حدثته نفسه بالتوبة .. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلوه على عابد في صومعته .. لا يكاد يفارق مصلاه .. يمضي وقته ما بين بكاء ودعاء .. هين لين عاطفته جياشة .. دخل هذا الرجل على العابد .. وقف بين يديه ثم فجعه بقوله : أنا قتلت تسعاً وتسعين نفساً .. فهل لي من توبة ؟ هذا العابد .. أظنه لو قتل نملة من غير قصد لقضى بقية يومه باكياً متأسفاً .. فكيف سيكون جوابه لرجل قتل بيده 99 نفساً .. انتفض العابد .. ولم يتخيل 99 جثة بين يديه يمثلها هذا الرجل الواقف أمامه .. صاح العابد : لا .. ليس لك توبة .. ليس لك توبة .. ولا تعجب أن يصدر هذا الجواب من عابد قليل العلم .. يحكم في الأمور بعاطفته .. هذا القاتل لما سمع الجواب .. وهو الرجل الصلب الخشن .. غضب واحمرت عيناه .. وتناول سكينه ثم انهال طعناً في جسد العابد حتى مزقه .. ثم خرج ثائراً من الصومعة .. ومضت الأيام .. فحدثته نفسه بالتوبة مرة أخرى .. فسأل عن أعلم أهل الأرض .. فدله الناس على رجل عالم .. مضى يمشي حتى دخل على العالم .. فلما وقف بين يديه فإذا به يرى رجلاً رزيناً يزينه وقار العلم والخشية .. فأقبل القاتل إليه سائلاً بكل جرأة : إني قتلت مائة نفس !! فهل لي من توبة ؟! فأجابه العالم فوراً : سبحاااان الله ..!! ومن يحول بينك وبين التوبة ؟!! جواب رائع !! فعلاً من يحول بينه وبين التوبة ؟! فالخالق في السماء لا تستطيع أي قوة في العالم ان تحول بينك وبين الإنابة إليه والانكسار بين يديه .. ثم قال العالم الذي كان يتخذ قراراته بناء على العلم والشرع .. لا بناء على طبيعته ومشاعره .. أو قل على عاطفته وأحاسيسه .. قال العالم : لكنك بأرض سوء .. عجباً ! كيف علم ؟ عرف ذلك بناء على كبر الجرائم وقلة الـمُدافع له الـمُنكِر عليه .. فعلم أن البلد أصلاً ينتشر فيها القتل والظلم إلى درجة أنه لا أحد ينتصر للمظلوم .. قال : إنك بأرض سوء .. فاذهب إلى بلد كذا وكذا فإن بها قوماً يعبدون الله فاعبد الله معهم .. ذهب الرجل يمشي تائباً منيباً .. فمات قبل أن يصل إلى البلد المقصود .. نزلت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب .. فأما ملائكة الرحمة فقالت : أقبل تائباً منيباً .. وأما ملائكة العذاب فقالت : لم يعمل خيراً قط .. فبعث الله إليهم ملكاً في صورة رجل ليحكم بينهم .. فكان الحكم أن يقيسوا ما بين البلدين .. بلد الطاعة وبلد المعصية .. فإلى أيتهما كان أقرب .ز فإنه لها .. وأوحى الله تعالى إلى بلد الرحمة أن تقاربي .. وإلى بلد المعصية أن تباعدي .. فكان أقرب إلى بلد الطاعة فأخذته ملائكة الرحمة .. حتى المفتين في المسائل الشرعية تجد مع الأسف أن بعضهم تغلبه عاطفته أحياناً .. أذكر أن أحد جيراني كان كثير الخلافات مع زوجته .. اشتد الخلاف يوماً فطلقها تطليقه .. ثم راجعها .. ثم اشتد أخرى .. فطلقها ثانية .. ثم راجعها .. وكنت كلما قابلته أحذره وأوصيه .. وأذكره بأبنائه الصغار .. وأهمية اعتبارهم والعناية بهم .. وأكرر عليه : لم يبق لك إلا طلقة واحدة – الثالثة – فإن أوقعتها لم تحل لك مراجعتها إلا بعد زواجها من آخر وتطليقه لها .. فاتق الله .. ولا تخرب بيتك .. حتى جاءني يوماً متغير الوجه وقال : يا شيخ تخاصمنا وطلقتها الثالثة !! وهذا الكلام منه ليس غريباً .. إنما الغريب أنه قال بعدها : ما تعرف لي شيخاً حبيباً يفتيني الآن أراجعها !! فعجبت منه .. ثم تأملت في الحال فاكتشفت ما تقرر قبل قليل أن كثيراً من الناس تختلف آراؤهم – وربما اختياراتهم الفقهية – تأثراً بعاطفته وطبيعته .. وبعض الناس تعلم من طبيعته أنه شديد الحب للمال .. فلا تعجب إذا رأيته يذل نفسه لأرباب الأموال .. يهمل أولاده وبيته لأجل جمعه .. يقتر على من يعول .. لا تعجب فهو طماع .. بل إن اتخاذه لقراراته وتبنيه لقناعاته ينبني كثيراً على هذه الطبيعة .. فإذا أردت أن تتعامل معه أو تطلب منه شيئاً فضع في نفسك قبل أن تتكلم أنه محب للمال .. فحاول أن لا تعارض هذه الطبيعة فيه حتى تحصل على ما تريد منه .. ولأن الأمثلة مفاتيح الفهوم .. خذ مثالاً : نفرض أنك زرت مستشفى وقابلت مصادفة صديقاً قديماً كان زميلاً لك أيام الجامعة .. فدعوته إلى وليمة غداء في بيتك .. فوافق .. فذهبت إلى السوق واشتريت حاجات ثم رجعت إلى البيت لتستعد وجعلت تتصل بعدد من زملائكم السابقين تدعوهم لمشاركتكم الوليمة ورؤية صاحبك .. من بين هؤلاء صديق - من البخلاء الذين استولى حب المال على قلوبهم - اتصلت به فرحب وحيَّا .. فلما أخبرته عن الوليمة .. قال : آآه .. يا ليتني أستطيع الحضور ورؤية فلان .. لكني مرتبط بشغل هااام .. فبلغه سلامي .. ولعلي أراه في وقت آخر .. فأدركت أنت من معرفتك بطبيعته أنه يخشى أن يجيء .. فيضطر إلى أن يدعو الضيف إلى بيته ويصنع له وليمة تكلفه مبلغاً وقدره .. !! وهو يريد التوفير .. فقلت له : عموماً هذا الضيف لن يبقى في البلد سيسافر بعد الغداء مباشرة .. فقال : آآآ .. إذن سأؤجل شغلي وآتي لرؤيته !! وبعض من تخالطهم من الناس يكون اجتماعياً أسرياً .. يحب أسرته .. لا يصبر على فراقهم .. اطلب منه أي شيء إلا أن يبتعد عن أولاده بسفر أو نحوه .. فلا تكلفه ما لا يطيق .. إلى غير ذلك من طبائع الناس .. يعجبني بعض الناس الذي يملك فن اصطياد جميع القلوب .. فإذا سافر مع بخلاء اقتصد حتى لا يحرجهم فأحبوه .. وإن جالس عاطفيين زاد من نسبة عاطفته فأحبوه .. وإن مشى مع فكاهيين مرحين ضحك ومزح وجاملهم فأحبوه .. يلبس لكل حالة لبوسها .. إما نعيمها وإما بؤسها .. وعُد بذاكرتك قليلاً معي .. وانظر إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..وقد أقبل بالكتائب لفتح مكة .. كان أبو سفيان قد خرج إلى النبي قبل أن يدخل مكة .. فأسلم .. في قصة طويلة .. الشاهد منها أنه لما أسلم قال العباس : يا رسول الله .. إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً .. فقال.. صلى الله عليه وسلم ..: " نعم .. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن .. ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .. ومن دخل المسجد فهو آمن .. فلما ذهب أبو سفيان لينصرف إلى مكة .. نظر إليه رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... فإذا هو الذي استنفر قريشاً لحربه في بدر .. واستنفرها لحربه في أحد .. ثم استنفرها لحربه في الخندق .. وإذا رجل قائد .. قد طحنته الحرب وطحنها .. وإذا هو حديث عهد بإسلام .. فأراد رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..أن يريه قوة الإسلام .. فقال .. صلى الله عليه وسلم ..: " يا عباس .. قال : لبيك يا رسول الله .. قال : احبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها .. أي أوقفه على طريق الجيش وهو يدخل مكة .. فخرج العباس بأبي سفيان .. حتى وقف معه بمضيق الوادي .. حيث تتدفق الكتائب كالسيل إلى مكة .. وجعلت الكتائب تمر عليه براياتها .. فلما مرت الكتيبة الأولى قال : يا عباس من هؤلاء ؟ قال العباس : سليم .. قال : مالي ولسليم ..!! ثم مرت به الثانية .. قال : يا عباس من هؤلاء ؟ قال : مزينة .. قال : مالي ولمزينة ..!! حتى نفدت الكتائب .. وهو ما تمر كتيبة إلا سأل العباس عنها .. فإذا أخبره .. قال : مالي ولبني فلان .. حتى مر رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..في كتيبته الخضراء .. وفيها المهاجرون والأنصار .. قد غطوا أجسادهم بالحديد .. فلا يرى منهم إلا عيونهم .. فقال : سبحان الله يا عباس ! من هؤلاء ؟ فقال العباس : هذا رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..في المهاجرين والأنصار .. قال : هذا الموت الأحمر .. والله ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة .. ثم قال : والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً ! قال العباس : يا أبا سفيان .. إنها النبوة .. فقال أبو سفيان : فنعم إذن .. فلما تجاوزتهم الخيل .. صاح به العباس .. النجاءَ إلى قومك .. فمضى أبو سفيان سريعاً إلى مكة .. وجعل يصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش .. هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به .. فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن .. قالوا : قاتلك الله ! وما تغني عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .. ومن دخل المسجد فهو آمن .. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد .. فلله در نبيه.. صلى الله عليه وسلم ..كيف أثر في نفس أبي سفيان بما يصلح له .. ومما يحسن ههنا .. أن تعرف طبيعة الشخص ونفسيته قبل أن تتكلم معه .. فإن معرفة طبيعته .. وماذا يناسبه .. يفيدك عند التعامل أو الكلام معه .. في غزوة الحديبية .. خرج رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب .. كانوا ألفاً وأربعمائة .. ساقوا معهم الهدى وأحرموا بالعمرة ليعلم الناس أنهم إنما خرجوا زائرين لهذا البيت معظمين له .. وساق .. صلى الله عليه وسلم ..معه سبعين من الإبل .. هدياً إلى البيت الحرام .. وصلوا مكة .. فمنعتهم قريش من دخولها .. عسكر النبي.. صلى الله عليه وسلم ..بأصحابه في موضع اسمه الحديبية .. جعلت قريش ترسل إليه الرجل تلو الرجل للتفاوض معه .. فبعثوا إليه أولاً مكرز بن حفص .. كان مكرز رجلاً من قريش .. لكنه لا يلتزم بعهد ولا ميثاق .. بل هو فاجر غادر .. فلما رآه رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..مقبلاً قال : هذا رجل غادر .. فلما انتهى إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .... كلمه بما يصلح لمثله .. وأخبره أنه ما جاء يريد حرباً .. إنما جاء معتمراً .. ولم يكتب معه عهداً لأنه يعلم أنه ليس أهلاً لذلك .. رجع مكرز إلى قريش فأخبرهم .. فبعثوا حليس بن علقمة .. سيد الأحابيش .. وكان الأحابيش قوم من العرب سكنوا مكة تعظيماً للحرم وعناية بالكعبة .. فلما رآه رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..قال : إن هذا من قوم يتألهون .ز أي يتعبدون .. فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه .. فلما رأى الهدي من إبل وغنم .. تسيل عليه من عرض الوادي في قلائده وحباله مربوطاً مهيئاً ليذبح في الحرم .. قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله .. قد أضناه الجوع والعطش .. لما رأى سيد الأحابيش ذلك .. انتفض .. ولم يقابل رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..إعظاماً لما رأى .. وكيف يمنع المعتمرون عن البيت الحرام !! رجع إلى قريش .. فقال لهم ذلك .. فقالوا له : اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك .. فغضب الحليس .. وقال : يا معشر قريش .. والله ما على هذا حالفناكم .. ولا على هذا عاهدناكم .. أيصد عن بيت الله من جاءه معظماً له ؟ والذي نفس الحليس بيده .. لتخلن بين محمد وبين ما جاء له من العمرة .. أو لأنفرن بالأحايش نفرة رجل واحد .. قالوا : مَهْ .. كُفَّ عنا .. حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به .. ثم أرادوا .. أن يبعثوا رجلاً شريفاً .. فاختاروا عروة بن مسعود الثقفي .. فقال : يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم .. من التعنيف وسوء اللفظ .. وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد .. قالوا : صدقت ما أنت عندنا بمتهم .. فخرج عروة .. وكان ملكاً في قومه .. له شرف ومكانة .. وله ترفع على الناس .. فلما أتى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..جلس بين يديه ثم قال : يا محمد !! أجمعت أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ؟ إنها قريش .. قد خرجت معها العوذ المطافيل .. قد لبسوا جلود النمور .. يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبداً .. وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً .. وكان أبو بكر خلف النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. واقفاً .. فقال أبو بكر : امصص بظر اللات ! أنحن ننكشف عنه ؟ تفاجأ ملك قومه بهذا الجواب .. فلم يتعود على مثله .. لكنه في الحقيقة كان يحتاج إلى جرعة كهذه تخفض ما في رأسه من كبرياء .. فقال عروة متأثراً : من هذا يا محمد ؟ قال : هذا ابن أبي قحافة .. قال : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكفأتك بها .. ولكن هذه بهذه .. وجعل عروة يلين العبارات بعدها .. ويكلم النبي.. صلى الله عليه وسلم ...ويلمس لحية النبي .. والمغيرة بن شعبة الثقفي واقف وراء رأس رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... قد غطى وجهه الحديد .. فكان كلما قرب عروة يده من لحية رسول الله r .. قرعها شعبة بطرف السيف .. ثم يمدها ثانية .. فيقرعها شعبة بطرف السيف .. فلما مدها الثالثة .. قال شعبة : اكفف يدك عن وجه رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..قبل ألا تصل إليك يدك .. أي أقطعها !! فقال عروة : ويحك ما أفظك وأغلظك ! ومن هذا يا محمد ؟ فتبسم رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .... وقال .. هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة الثقفي .. فقال عروة : أي غدر وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس ! ثم قام عروة من عند النبي r .. وعاد إلى قريش .. فاسمع ما قال : قال : يا معشر قريش .. والله لقد رأيت كسرى وقيصر والنجاشي .. والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً .. فوقع في قلب قريش من الرهبة ما لم يقع من قبل .. فأرسلت قريش سهيل بن عمرو .. فمضى يمشي إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... فلما رآه رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... قال : سهل أمركم .. ثم كتبوا بينهم صلح الحديبية .. هذا جانب من معرفته لأنواع الناس .. واستعمال المفتاح المناسب في التعامل مع كل أحد .. وهذه الأنواع من طباع الناس تلاحظها حتى في إلقاء الكلمات أو السواليف معهم .. ويمكنك أن تشاهد دليل ذلك بنفسك .. حاول أن تلقي قصة مبكية أمام جمع من الناس .. وانظر إلى أنواع تأثرهم .. أذكر أني ألقيت يوماً خطبة ضمنتها قصة مقتل عمر t .. ولما وصلت إلى كيفية طعن أبي لؤلؤة المجوسي لعمر رضي الله عنه .. قلت – بصوت عالٍ - : وفجأة خرج أبو لؤلؤة من المحراب على عمر .. ثم طعنه ثلاث طعنات .. وقعت الأولى في صدره والثانية في بطنه .. ثم استجمع قوته وطعن بالخنجر تحت سرته .. ثم جررررر الخنجر حتى خرجت بعض أمعائه .. لاحظتُ وأنا أنظر في الوجوه أن الناس تنوعوا في كيفية تأثرهم .. فمنهم من أغمض عينيه فجأة وكأنه يرى الجريمة أمامه .. ومنهم من بكى .. ومنهم من كان يستمع دون أدنى تأثر وكأنه ينصت إلى حكاية ما قبل النوم !! قل مثل ذلك لو عرضت قصة حمزة t لما وقع شهيداً في معركة أحد .. وكيف شقوا بطنه فأخرجوا كبده .. وقطعوا أذنيه .. وجدعوا أنفه .. وهو سيد الشهداء وأسد الله ورسوله .. وعموماً .. علمتني الحياة أن الناس لا يخلون من أن يوجد من بينهم غليظ غبي ..!! لا يحسن ضبط عباراته .. ولا مجاملة السامعين .. أذكر أن رجلاً من هذا الصنف جلس مرة في مجلس عام .. فذكر قصة وقعت له مع أحد البائعين .. فقال في معرض حديثه : وهذا البائع ضخم جداً كأنه حمار .. ثم قال : يشبه خالد !! وأشار إلى رجل بجانبه !! فلا أدري كيف صار يشبه خالداً .. وهو كأنه حمار !! وقبل الختام .. هنا سؤال كبير .. هل يمكنك تغيير طباعك لتتناسب مع طباع من تخالطه ..؟ نعم .. كان عمر t مشهوراً بين الناس بقوته وصرامته .. وفي يوم من الأيام .. اختلف رجل مع زوجته .. وجاء يسأل عمر كيف يتعامل معها .. فلما وقف عند بيت عمر وكاد أن يطرق الباب سمع زوجة عمر تصرخ به .. وعمر ساكت .. لم يصرخ .. لم يضرب .. فولى الرجل ظهره للباب وكرّ راجعاً متعجباً .. أحس عمر بصوت عند الباب فخرج ونادى الرجل : .. ما خبرك ؟ قال : يا أمير المؤمنين .. جئت أشتكي إليك امرأتي فسمعت امرأتك تصرخ بك !! فقال عمر : يا رجل إنها امرأتي .. حليلة فراشي .. وصانعة طعامي .. وغاسلة ثيابي .. أفلا أصبر منها على بعض السوء .. وعموماً : بعض الناس لا علاج له فلا بد من التكيف معه .. يشتكي إليَّ بعض الناس من شدة غضب أبيه .. أو بخل زوجته .. أو .. فأَعْرضُ عليه بعض طرق العلاج فيفيدني أنه جربها كلها ولم تنفع .. فما الحل ..؟! الحل أن يصبر على أخلاقهم .. ويغمرَ سيء أخلاقهم في بحر حَسَنِها .. ويتكيف مع واقعه قدر المستطاع .. فبعض المشاكل ليس لها حل .. نتيجة .. معرفتك بطبيعة الشخص الذي تخالطه تجعلك قادراً على كسب محبته .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 12:42 | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
21. أستاذ الرياضيات .. كان يدرس مادة الرياضيات لطلاب المرحلة الثانوية .. السنة الأخيرة .. كان يلاحظ على عدد منهم الإهمال وعدم المتابعة .. فأراد أن يؤدبهم .. دخل عليهم يوماً .. وأول ما استقر على كرسيه فاجأهم بقوله : كل واحد يضع كتابه جانباً ويخرج ورقة وقلماً !! قالوا : لماذا يا أستاذ ؟! قال : اختبار .. اختبار مفاجئ .. بدأ الطلاب بنوع من التذمر ينفذون ما طلب .. ويتهامسون باستياء .. كان من بينهم طالب كبير الجسم صغير العقل .. مشاكس كثير المشاكل سريع الغضب متهور .. صاح بأستاذه : يا أستاذ .. لا نريد أن نختبر .. نحن بالكاد نجيب ونحن مذاكرون .. بالله كيف إذا كنا ما ذاكرنا ؟!! قالها الطالب بنبرة حادة .. ثار المدرس وهاج .. وقال : ما هو على كيفك .. تختبر غصباً عنك .. فاهم ؟! إذا ما هو عاجبك اطلع بَرّا !!! ثار الطالب .. وصاح : أنت اللي تطلع بَرّا .. توجه المدرس إلى الطالب وهو يصيح ويردد : يا قليل الأدب .. يا عديم التربية .. يا .. ويقترب أكثر وأكثر .. نهض الطالب واقفاً .. ثم .. كان ما كان مما لست أذكره فظن شراً ، ولا تسأل عن الخبر!! وصل الأمر إلى إدارة المدرسة .. عوقب الطالب بخصم درجتين وكتابة تعهد بالتزام الأدب .. أما المدرس فصار حديث القاصي والداني .. وأصبح مضرب الأمثال .. ومثار أحاديث الطلاب في كل المدرسة .. يمشي في ممراتها ويسمع التعليقات والهمسات .. حتى انتقل بعدها إلى مدرسة أخرى .. بينما مدرس آخر وقع له الموقف نفسه لكنه أحسن التصرف معه .. دخل على طلابه .. وفاجأهم بقوله : أخرج ورقة وقلماً .. اختبار مفاجئ .. وكان من بينهم طالب كذاك الطالب .. صاح : يا أستاذ !! ما هو على كيفك .. كان المدرس جبلاً يحس بثقل الرجل التي يحاول أن يصعد عليه !!.. يفهم أن العصبي لا يقابل بعصبية .. ابتسم ونظر إلى الطالب وقال : يعني يا خالد ما تريد أن تختبر ؟ فقال - صارخاً - : لا .. فقال المدرس بكل هدووووء : خلاص .. اللي ما يريد يختبر نتعامل معه بالنظام .. اكتبوا يا شباب : السؤال الأول : أوجد نتيجة هذه المعادلة : س + ص = ع + 15 .. ومضى يسوق الأسئلة .. لم يصبر الطالب المشاكس وقال : أقولك ما أريد أن أختبر .. نظر إليه المدرس وابتسم بهدوووء .. وقال : وهل ألزمتك أن تختبر .. أنت رجل ومسئول عن تصرفاتك .. لم يجد الطالب ما يثير غضبه أكثر .. فهدأ وأخرج ورقة وقلماً .. وبدأ يكتب الأسئلة مع زملائه .. ثم بعدها تمت محاسبته على سوء أدبه عن طريق إدارة المدرسة .. تذكرت هذه المفارقة في القدرة على التعامل مع المواقف وأنا أتأمل في مهارات الناس على إذكاء النيران وإخمادها .. فالتعامل مع العصبي بعصبية يؤدي إلى تفجر الموقف واحتدام الخلاف .. فمن الأمور المسلمة عند العقلاء .. أن من يلاقي النار بالنار يزدها شرراً واحتداماً .. وفي الجهة المقابلة تجد أحياناً أن من يقابل البرود – دائماً – ببرود .. لا تستقيم له الأمور .. فليكن رابطك مع الناس شعرة معاوية .. فقد سئل معاوية t كيف استطعت أن تحكم الناس أميراً عشرين سنة .. ثم تحكمهم خليفة عشرين سنة ؟ فقال : جعلت بيني وبينهم شعرة .. أحد طرفيها في يدي والآخر في أيديهم .. فإذا شدوها من جهتهم أرخيت من جهتي حتى لا تنقطع .. وإذا أرخوا من جهتهم شددت من جهتي .. صدق رضي الله عنه .. ما أحكمه !! أظن من المسلَّمات في حياتنا أنه لا يمكن أن يهنأ بالعيش زوجان كلاهما عصبي غضوب .. كما لا يمكن أن تطول علاقة صاحبين كلاهما كذلك .. أذكر أني ألقيت محاضرة في أحدى السجون .. وكان قدري أن تكون المحاضرة في العنبر الخاص بمرتكبي جرائم القتل .. لما انتهيت من محاضرتي .. تفرقوا إلى مهاجعهم وأقبل إلي أحدهم شاكراً .. وعرفني بنفسه وأنه المسئول عن الأنشطة الثقافية في العنبر .. سألته عن سبب ارتكاب جريمة القتل عند أكثر هؤلاء .. فقال : الغضب .. الغضب .. والله يا شيخ إن بعضهم قتل لأجل حفنة ريالات تخاصم عليها مع عامل في بقالة أو محطة وقود .. تذكرت عندها قول النبي .. صلى الله عليه وسلم ..: ( ليس الشديد بالصُّرَعَة .. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) ( ) .. نعم ليس البطل هو قوي البدن الذي ما يصارع أحداً إلا غلبه .. لا .. فلو كان هذا هو مقياس البطولة لأصبحت الحيوانات والوحوش أفخر من الآدميين .. إنما البطل هو العاقل الذي يعرف كيف يتعامل مع المواقف بمهارة .. يتعامل مع زوجته .. أولاده .. مديره .. زملائه .. دون أن يفقدهم .. وفي الحديث : لا يقضي القاضي وهو غضبان ( ) .. وأمر e بتدريب النفس على الحلم فقال : إنما الحلم بالتحلم ( ) .. نعم بالتحلم .. يعني عند كظم الغضب في المرة الأولى ستتعب 100% ولكن في الثانية ستتعب 90% ثم في الثالثة إذا كظمت غضبك ستتعب 80% وهكذا حتى تتدرب ويصبح الحلم والهدوء عندك طبيعة .. ومن طرائف قصص الغضب أني ذهبت يوماً لمدينة أملج ( 300ك جنوب جدة ) لإلقاء محاضرة .. كان من بين الحاضرين شاب سريع الغضب ثائر الأعصاب جداً .. هذا الشاب سافر مرة بسيارته ولم يكن مستعجلاً فكان يمشي ببطء .. كان وراءه سيارة مسرعة تريده أن يفسح لها الطريق .. وهو يزداد بطئاً ويشير لهم بيده أن خففوا السرعة .. ضاق صاحب السيارة الأخرى بصاحبنا ذرعاً .. وتعداه بسرعة وانحرف عليه بسيارته مؤدباً .. ثم مضى .. ولم يصب أحد منهما بضرر .. ثارت أعصاب صاحبنا – وهي تثور على أقل من ذلك بكثيييير – فزاد سرعة سيارته .. وأخذ يصرخ ويزمجر .. ويشير لهم بأضواء السيارة مراراً حتى توقفوا .. فألقى غترته جانباً .. وتناول قطعة حديد - هي في الأصل مفك لفتح براغي العجلات عند الحاجة - .. ونزل من السيارة متوجهاً إليهم .. والغضب بادٍ عليه وقطعة الحديد في يده .. فإذا بالسيارة المقابلة ينزل منها ثلاثة شباب قد ضاقت ملابسهم بعضلاتهم .. وتباعدت أيديهم عن جنوبهم من عرض أكتافهم .. أقبلوا يركضون بانفعال إلى صاحبنا .. وقد رأوه تهيأ للقتال !! فلما رآهم انتفض .. وغص بريقه .. وهم ينظرون إليه وإلى ما في يده .. فلما لاحظ أنهم يحدون النظر إلى قطعة الحديد .. رفعها برفق وقال : عفواً .. أردت أن أنبهكم إلى أن هذه سقطت منكم .. !! فتناولها أحدهم بانفعال .. وولوا إلى سيارتهم .. وهو يشير بيده إليهم مودعاً ..!! معادلة .. عصبي + عصبي = انفجار |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 12:53 | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
22. ماذا تستفيد من هذه المهارة ؟ |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 12:55 | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
23. مراعاة النفسيات .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:00 | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
24. اهتم بالآخرين .. الناس عموماً يحبون أن يشعروا بقيمتهم .. لذا تجدهم أحياناً يقومون ببعض التصرفات ليلفتوا النظر إليهم ..! وقد يخترعون قصصاً وبطولات لأجل أن يهتم الناس بهم أو يعجبوا بهم أكثر .. لو رجع رجل إلى بيته قادماً من عمله متعباً .. فلما دخل صالة البيت رأى أولاده الأربعة كل منهم على حال .. أكبرهم عمره أحدى عشرة سنة .. يتابع برنامجاً في التلفاز .. والثاني يأكل طعاماً بين يديه .. والثالث يعبث بألعابه .. والرابع يكتب في دفاتره .. فسلم الأب بصوت مسموع .. السلام عليكم .. فلم يلتفت إليه أحد .. ذاك منهمك مع برنامجه .. والثاني مأخوذ بألعابه .. والثالث مشغول بطعامه .. إلا الرابع .. فإنه لما التفت فرأى أباه .. نفض يده من دفاتره وأقبل مرحباً ضاحكاً .. وقبل يد أبيه .. ثم رجع إلى دفاتره .. أي هؤلاء الأربعة سيكون أحب إلى الأب ؟ أجزم أن جوابنا سيكون واحداً : أحبهم إليه الرابع .. ليس لأنه يفوقهم جمالاً أو ذكاءً .. وإنما لأنه أشعر أباه بأنه إنسان مهم عنده .. كلما أظهرت الاهتمام بالناس أكثر .. كلما ازدادوا لك حياً وتقديراً .. كان سيد الخلق يراعي ذلك في الناس .. يشعر كل إنسان أن قضيته قضيته .. وهمه همه .. قام.. صلى الله عليه وسلم ..على منبره يوماً يخطب الناس .. فدخل رجل من باب المسجد .. ونظر إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..ثم قال : يا رسول الله .. رجل يسأل عن دينه .. ما يدري ما دينه ؟! فالتفت.. صلى الله عليه وسلم ..إليه .. فإذا رجل أعرابي .. قد لا يكون مستعداً أن ينتظر حتى تنتهي الخطبة .. ويتفرغ له النبي.. صلى الله عليه وسلم ..ليحدثه عن دينه .. وقد يخرج الرجل من المسجد ولا يعود إليه .. وقد بلغ الأمر عند الرجل أهمية عالية .. لدرجة أنه يقطع الخطبة ليسأل عن أحكام الدين !! كان.. صلى الله عليه وسلم ..يفكر من وجهة نظر الآخر لا من وجهة نظره هو فقط .. نزل من على منبره الشريف .. ودعا بكرسي فجلس أمام الرجل .. وجعل يلقنه ويفهمه أحكام الدين .. حتى فهم .. ثم قام من عنده .. ورجع إلى منبره وأكمل خطبته .. آآآه ما أعظمه وأحلمه .. تربى أصحابة في مدرسته .. فكانوا يظهرون الاهتمام بالآخرين .. والاحتفاء بهم .. ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم .. ومن ذلك ما فعله طلحة مع كعب .. كعب بن مالك شيخ كبير .. نجلس إليه .. بعدما كبر سنه .. ورق عظمه .. وكف بصره .. وهو يحكي ذكريات شبابه .. في تخلفه عن غزوة تبوك .. وكانت آخر غزوة غزاها النبي.. صلى الله عليه وسلم .... آذن النبي .. صلى الله عليه وسلم ..الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم .. وجمع منهم النفقات لتجهيز الجيش .. حتى بلغ عدد الجيش ثلاثين ألفاً .. وذلك حين طابت الظلال الثمار .. في حر شديد .. وسفر بعيد .. وعدو قوي عنيد .. كان عدد المسلمين كثيراً .. ولم تكن أسماؤهم مجموعة في كتاب .. قال كعب : وأنا أيسر ما كنت .. قد جمعت راحلتين .. وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد .. وأنا في ذلك أصغي إلى الظلال .. وطيب الثمار .. فلم أزل كذلك .. حتى قام رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..غادياً بالغداة .. فقلت : أنطلق غدا إلى السوق فأشتري جهازي .. ثم ألحق بهم .. فانطلقت إلى السوق من الغد .. فعسر علي بعض شأني .. فرجعت .. فقلت : أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم .. فعسر عليَّ بعض شأني أيضاً .. فقلت : أرجع غدا إن شاء الله .. فلم أزل كذلك .. حتى مضت الأيام .. وتخلفت عن رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .... فجعلت أمشي في الأسواق .. وأطوف بالمدينة .. فلا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق .. أو رجلاً قد عذره الله .. نعم تخلف كعب في المدينة .. أما رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..فقد مضى بأصحابه الثلاثين ألفاً .. حتى إذا وصل تبوك .. نظر في وجوه أصحابه .. فإذا هو يفقد رجلاً صالحاً ممن شهدوا بيعة العقبة .. فيقول .. صلى الله عليه وسلم ..: ما فعل كعب بن مالك ؟! فقال رجل : يا رسول الله .. خلّفه برداه والنظر في عطفيه .. فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت .. والله يا نبي الله ما علمنا عليه إلا خيراً .. فسكت رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .... قال كعب : فلما قضى النبي.. صلى الله عليه وسلم .. غزوة تبوك .. وأقبل راجعاً إلى المدينة .. جعلت أتذكر .. بماذا أخرج به من سخطه .. وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي .. حتى إذا وصل المدينة .. عرفتُ أني لا أنجو إلا بالصدق .. فدخل النبي.. صلى الله عليه وسلم ..المدينة .. فبدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين .. ثم جلس للناس .. فجاءه المخلفون .. فطفقوا يعتذرون إليه .. ويحلفون له .. وكانوا بضعة وثمانين رجلاً .. فقبل منهم رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..علانيتهم .. واستغفر لهم .. ووكل سرائرهم إلى الله .. وجاءه كعب بن مالك .. فلما سلم عليه .. نظر إليه النبي.. صلى الله عليه وسلم .... ثم تبسَّم تبسُّم المغضب .. أقبل كعب يمشي إليه.. صلى الله عليه وسلم .... فلما جلس بين يديه .. فقال له .. صلى الله عليه وسلم ..: ما خلفك .. ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ يعني اشتريت دابتك .. قال : بلى .. قال : فما خلفك ؟! فقال كعب : يا رسول الله .. إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا .. لرأيت أني أخرج من سخطه بعذر .. ولقد أعطيت جدلاً .. ولكني والله لقد علمت .. أني إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي .. ليوشكن الله أن يسخطك علي .. ولئن حدثتك حديث صدق .. تجد عليَّ فيه .. إني لأرجو فيه عفوَ الله عني .. يا رسول الله .. والله ما كان لي من عذر .. والله ما كنت قط أقوى .. ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .. ثم سكت كعب .. فالتفت النبي.. صلى الله عليه وسلم ..إلى أصحابه .. وقال : أما هذا .. فقد صدقكم الحديث .. فقم .. حتى يقضي الله فيك .. قام كعب يجر خطاه .. وخرج من المسجد .. مهموماً مكروباً .. لا يدري ما يقضي الله فيه .. فلما رأى قومه ذلك .. تبعه رجال منهم .. وأخذوا يلومونه .. ويقولون : والله ما نعلمك أذنبت ذنباً قط قبل هذا .. إنك رجل شاعر أعجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. بما اعتذر إليه المخلفون !.. هلا اعتذرت بعذر يرضى عنك فيه .. ثم يستغفر لك .. فيغفر الله لك .. قال كعب : فلم يزالوا يؤنبونني .. حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي .. فقلت : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم .. رجلان قالا مثل ما قلت .. فقيل لهما مثل ما قيل لك .. قلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع .. وهلال بن أمية .. فإذا هما رجلان صالحان قد شهدا بدراً .. لي فيهما أسوة .. فقلت : والله لا أرجع إليه في هذا أبداً .. ولا أكذب نفسي .. * * * * * * * * * ثم مضى كعب t .. يسير حزيناً .. كسير النفس .. وقعد في بيته .. فلم يمضِ وقت .. حتى نهى النبي .. صلى الله عليه وسلم ..الناس عن كلام كعب وصاحبيه .. قال كعب : فاجتنبنا الناس .. وتغيروا لنا .. فجعلت أخرج إلى السوق .. فلا يكلمني أحد .. وتنكر لنا الناس .. حتى ما هم بالذين نعرف .. وتنكرت لنا الحيطان .. حتى ما هي بالحيطان التي نعرف .. وتنكرت لنا الأرض .. حتى ما هي بالأرض التي نعرف .. فأما صاحباي فجلسا في بيوتهما يبكيان .. جعلا يبكيان الليل والنهار .. ولا يطلعان رؤوسهما .. ويتعبدان كأنهما الرهبان .. وأما أنا فكنت أشَبَّ القوم وأجلدَهم .. فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين .. وأطوف في الأسواق .. ولا يكلمني أحد .. وآتي المسجد فأدخل .. وآتي رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..فأسلم عليه .. فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟ ثم أصلي قريباً منه .. فأسارقه النظر .. فإذا أقبلت على صلاتي .. أقبل إلي .. وإذا التفتُّ نحوه .. أعرض عني .. * * * * * * * * * ومضت على كعب الأيام .. والآلام تلد الآلام .. وهو الرجل الشريف في قومه .. بل هو من أبلغ الشعراء .. عرفه الملوك والأمراء .. وسارت أشعاره عند العظماء .. حتى تمنوا لقياه .. ثم هو اليوم .. في المدينة .. بين قومه .. لا أحد يكلمه .. ولا ينظر إليه .. حتى .. إذا اشتدت عليه الغربة .. وضاقت عليه الكربة .. نزل به امتحان آخر : فبينما هو يطوف في السوق يوماً .. إذا رجل نصراني جاء من الشام .. فإذا هو يقول : من يدلني على كعب بن مالك .. ؟ فطفق الناس يشيرون له إلى كعب .. فأتاه .. فناوله صحيفة من ملك غسان .. عجباً !! من ملك غسان ..!! إذن قد وصل خبره إلى بلاد الشام .. واهتم به ملك الغساسنة .. عجباً !! فماذا يريد الملك ؟!! فتح كعب الرسالة فإذا فيها : " أما بعد .. يا كعب بن مالك .. إنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك .. ولست بدار مضيعة ولا هوان .. فالحق بنا نواسك ".. فلما أتم قراءة الرسالة .. قال t : إنا لله .. قد طمع فيَّ أهل الكفر ..!! هذا أيضاً من البلاء والشر .. ثم مضى بالرسالة فوراً إلى التنور .. فأشعله ثم أحرقها فيه .. ولم يلتفت كعب إلى إغراء الملك .. نعم فُتح له باب إلى بلاط الملوك .. وقصور العظماء .. يدعونه إلى الكرامة والصحبة .. والمدينة من حوله تتجهمه .. والوجوه تعبس في وجهه .. يسلم فلا يرد عليه السلام .. ويسأل فلا يسمع الجواب .. ومع ذلك لم يلتفت إلى الكفار .. ولم يفلح الشيطان في زعزعته .. أو تعبيده لشهوته .. ألقى الرسالة في النار .. وأحرقها .. * * * * * * * * * ومضت الأيام تتلوها الأيام .. وانقضى شهر كامل .. وكعب على هذا الحال .. والحصار يشتد خناقه .. والضيق يزداد ثقله .. فلا الرسول .. صلى الله عليه وسلم ..يُمضي .. ولا الوحي بالحكم يقضي .. فلما اكتملت أربعون يوماً .. فإذا رسول من النبي.. صلى الله عليه وسلم ..يأتي إلى كعب .. فيطرق عليه الباب .. فيخرج كعب إليه .. لعله جاء بالفرج .. فإذا الرسول يقول له : إن رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..يأمرك أن تعتزل امرأتك .. قال : أُُطَلِّقها .. أم ماذا ؟ قال : لا .. ولكن اعتزلها ولا تقربها .. فدخل كعب على امرأته وقال : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر .. وأرسل النبي.. صلى الله عليه وسلم ..إلى صاحبي كعب بمثل ذلك .. فجاءت امرأة هلال بن أمية .. فقالت : يا رسول الله .. إن هلال بن أمية شيخ كبير ضعيف .. فهل تأذن لي أن أخدمه ..؟ قال : نعم .. ولكن لا يقربنك .. فقالت المرأة : يا نبي الله .. والله ما به من حركة لشيء .. ما زال مكتئباً .. يبكي الليل والنهار .. منذ كان من أمره ما كان .. * * * * * * * * * ومرت الأيام ثقيلة على كعب ..واشتدت الجفوة عليه ..حتى صار يراجع إيمانه .. يكلم المسلمين ولا يكلمونه .. ويسلم على رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..فلا يرد عليه .. فإلى أين يذهب ..!! ومن يستشير !؟ قال كعب t : فلما طال عليَّ البلاء .. ذهبت إلى أبي قتادة .. وهو ابن عمي .. وأحب الناس إليَّ .. فإذا هو في حائط بستانه .. فتسورت الجدار عليه .. ودخلت .. فسلمت عليه .. فوالله ما رد علي السلام .. فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟ فسكت .. فقلت : يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟ فسكت .. فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟ فقال : الله ورسوله أعلم .. سمع كعب هذا الجواب .. من ابن عمه وأحب الناس إليه .. لا يدري أهو مؤمن أم لا ؟ فلم يستطع أن يتجلد لما سمعه .. وفاضت عيناه بالدموع .. ثم اقتحم الحائط خارجاً .. وذهب إلى منزله .. وجلس فيه .. يقلب طرفه بين جدرانه .. لا زوجة تجالسه .. ولا قريب يؤانسه .. وقد مضت عليهم خمسون ليلة .. من حين نهى النبي.. صلى الله عليه وسلم ..الناس عن كلامهم .. * * * * * * * * * وفي الليلة الخمسين .. نزلت توبتهم على النبي.. صلى الله عليه وسلم ..في ثلث الليل .. وكان .. صلى الله عليه وسلم ..في بيت أم سلمة .. فتلا الآيات .. فقالت أم سلمة t : يا نبي الله .. ألا نبشر كعب بن مالك .. قال : إذاً يحطمكم الناس .. ويمنعونكم النوم سائر الليلة .. فلما صلى النبي.. صلى الله عليه وسلم ..الفجر .. آذن الناس بتوبة الله عليهم .. فانطلق الناس يبشرونهم .. قال كعب : وكنت قد صليت الفجر على سطح بيت من بيوتنا .. فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى .. قد ضاقت علي نفسي .. وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت .. وما من شيء أهم إليّ .. من أن أموت .. فلا يصلي عليَّ رسولُ الله .. صلى الله عليه وسلم .... أو يموت .. فأكون من الناس بتلك المنزلة .. فلا يكلمني أحد منهم .. ولا يصلي عليَّ .. فبينما أنا على ذلك .. إذ سمعت صوت صارخ .. على جبل سلع بأعلى صوته يقول : ياااااا كعب بن مالك ! .. أبشر .. فخررت ساجداً .. وعرفت أن قد جاء فرج من الله .. وأقبل إليَّ رجل على فرس .. والآخر صاح من فوق جبل .. وكان الصوت أسرع من الفرس .. فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني .. نزعت له ثوبيَّ فكسوته إياهما ببشراه .. والله ما أملك غيرهما .. واستعرت ثوبين .. فلسبتهما .. وانطلقت إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... فتلقاني الناس فوجاً .. فوجاً .. يهنئوني بالتوبة .. يقولون : ليهنك توبة الله عليك .. حتى دخلت المسجد .. فإذا رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..جالس بين أصحابه .. فلما رأوني والله ما قام منهم إليَّ إلا طلحة بن عبيد الله .. قام فاعتنقني وهنأني .. ثم رجع إلى مجلسه .. فوالله ما أنساها لطلحة .. فمشيت حتى وقف على رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..فسلمت عليه .. وهو يبرق وجهه من السرور .. وكان إذا سُرَّ استنار وجهه .. حتى كأنه قطعة قمر .. فلما رآني قال : أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك .. قلت : أمن عندك يا رسول الله .. أم من عند الله ؟ قال : لا .. بل من عند الله .. ثم تلا الآيات .. فجلست بين يديه .. فقلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله .. وإلى رسوله .. فقال : أمسك عليك بعض مالك .. فهو خير لك .. فقلت : يا رسول الله ! إن الله إنما نجاني بالصدق .. وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت .. نعم .. تاب الله على كعب وصاحبيه .. وأنزل في ذلك قرءاناً يتلى .. فقال عز وجل : ] لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ *وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ .. والشاهد من هذه القصة .. أن طلحة t لما رأى كعباً قام إليه واعتنقه وهنأه .. فزادت محبة كعب له .. حتى كان يقول بعد موت طلحة .. وهو يحكي القصة بعدها بسنين : فوالله لا أنساها لطلحة .. وماذا فعل طلحة حتى يأسر قلب كعب ؟ فعل مهارة رائدة .. اهتمَّ به .. شاركه فرحته .. فصار له عنده حظوة .. الاهتمام بالناس ومشاركتهم في مشاعرهم يأسر قلوبهم .. لو كنت في زحمة الامتحانات .. ووصلت إلى هاتفك المحمول رسالة مكتوب فيها .. بشرني عن امتحاناتك والله إن بالي مشغول عليك وأدعو لك ، صديقك : إبراهيم .. أليس ستزداد محبتك لهذا الصديق ؟ بلى .. ولو كان أبوك مريضاً في المستشفى .. فبقيت معه في غرفته وأنت مشغول البال عليه .. واتصل بك صديق وسألك عنه .. وقال : تحتاج مساعدة ؟ نحن في خدمتك .. فشكرته .. ثم في المساء اتصل وقال : إذا الأهل يحتاجون أي شيء أشتريه لهم .. فأخبرني .. فشكرته ودعوت له .. ألا تشعر أن قلبك ينجذب إليه أكثر ..؟ بينما لو اتصل بك آخر وقال : فلان .. نحن خارجون إلى نزهة في البحر .. هاه تذهب معنا ؟ فقلت : والله والدي مريض ولا أستطيع .. فبدل أن يدعو له ويعتذر أن لم يسأل عن حاله .. قال لك : أدري أنه مريض لكن هو في المستشفى وعنده ممرضون ولن يستفيد من بقائك تعال معنا استمتع واسبح و .. قالها وهو يمازحك ضاحكاً .. وكأن مرض والدك لا يعنيه .. كيف ستكون نظرتك إليه ؟ بلا شك أن قدره في قلبك ينخفض لأنه لم يهتم بهمومك .. من أحرج ما وقع لي من مواقف .. أني كنت مسافراً إلى جدة لعدة أيام .. كنت مشغولاً جداً .. وصلتني رسالة خلالها على هاتفي من أخي سعود كتب فيها : أحسن الله عزاءك في ابن عمنا فلان توفي في ألمانيا .. اتصلت بأخي فأخبرني أن ابن عمنا هذا - وهو شيخ كبير - ذهب قبل يومين لعلاج القلب في ألمانيا وتوفي أثناء إجراء العملية .. وأن جثمانه سيصل قريباً إلى مطار الرياض .. دعوت له وترحمت عليه .. وأنهيت المكالمة .. بعدها بيومين انتهت أعمالي في جدة وذهبت إلى المطار أنتظر وقت إقلاع رحلتي للرياض .. في هذه الأثناء كان يمر بي عدد من الشباب فإذا رأوني عرفوني وأقبلوا مسلمين وكانوا أحياناً من الشباب المراهقين لهم قصات شعر غريبة .. ومع ذلك كنت أمازحهم وأطلق التعليقات عليهم تحبباً وتلطفاً .. انشغلت بمكالمة هاتفية .. فلما أنهيتها فإذا شاب يلبس بنطالاً وقميصاً .. يراني فيقبل مسَلّماً مصافحاً .. رحبت به وقلت مازحاً : ما هذه الأناقة .. أنت اليوم كأنك عريس .. ونحو هذه العبارات .. سكت الشاب قليلاً ثم قال : ما عرفتني .. أنا فلان .. الآن وصلت من ألمانيا معي جثمان أبي .. وأنا متوجه إلى الرياض الآن على أقرب رحلة .. في الحقيقة .. كأنما صب علي برميل ماء بارد .. صرت محرجاً جداً .. أبوه مات .. وجثمانه معه في الطائرة وأنا أمازحه وأضحك .. إن هذا لشيء عجاب !! سكتُّ قليلاً ثم قلت : آآآآسف .. والله ما انتبهت إليك .. فأنا هنا منذ أيام .. فأحسن الله عزاءك وغفر لوالدك .. وإن كنتُ في الحقيقة معذوراً في عدم انتباهي إلى شخصه .. فقد كنت لا أقابله إلا قليلاً .. وأراه بثوبه وغترته .. فلما لبس البنطال وجاءني فجأة في زحمة شباب من جدة .. لم يقع في نفسي أنه فلان .. فمن الاهتمام بالناس مشاركتهم في مشاعرهم وإشعارهم أن همهم هو همك .. وأنك تحب الخير لهم .. ومن هذا المنطلق تجد أن الشركات المتطورة يكون عندها إدارة للعلاقات العامة .. مهمتها إرسال التهاني والتبريكات في المناسبات .. وتقديم الهدايا .. ونحو ذلك .. الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم وأظهرت الاهتمام بهم ملكت قلوبهم وأحبوك .. خذ أمثلة سريعة من الواقع : لو دخل شخص إلى مكان مليء بالناس فلم يجد مكاناً يجلس فيه .. فتفسحت قليلاً .. وأوسعت له مكاناً وقلت : تفضل يا فلان .. تعال هنا .. لشعر باهتمامك وأحبك .. أو لو كنتم في حفل عشاء .. وأقبل يحمل طعامه يتلفت يبحث عن طاولة فيها مكان فارغ .. فجهزت له كرسياً وقلت : حياك اله يا فلان .. تفضل هنا .. لشعر باهتمامك أيضاً .. عموماً أشعر الناس بقيمتهم .. يحبوك .. كان رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..يحرص على ذلك أيما حرص .. انظر إليه وقد قام يخطب على منبره يوم جمعة .. وفجأة فإذا بأعرابي يدخل إلى المسجد ويتخطى الصفوف .. وينظر إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. ويصيح قائلاً : يا رسول الله .. رجل لا يدري ما دينه ! فعلمه دينه .. فنزل النبي .. صلى الله عليه وسلم ..من منبره .. وتوجه إلى الرجل وطلب كرسياً فجلس عليه .. ثم جعل يتحدث مع الرجل ويشرح له الدين إلى أن فهم .. ثم عاد إلى منبره .. قمة الاهتمام بالناس .. ومن يدري ربما لو أهمله لخرج الرجل وبقي جاهلاً بدينه إلى أن يموت .. ولو نظرت في شمائله .. صلى الله عليه وسلم .... لوجدت من بينها أنه كان إذا صافحه أحد لم ينزع .. صلى الله عليه وسلم ..يده من يد المصافح .. حتى ينزع ذاك يده أولاً .. وكان.. صلى الله عليه وسلم ..إذا كلمه أحد التفت إليه جميعاً .. أي التفت بوجهه وجسمه إليه يستمع وينصت .. تجربة .. الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم وأظهرت الاهتمام بهم .. ملكت قلوبهم .. وأحبوك |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:01 | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
25. أشعرهم أنك تحب الخير لهم .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:02 | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
26. اِحفظ الأسماء .. وهذا من الاهتمام بالناس .. ما أجمل أن تقابل شخصاً ما في موقف عارض .. كلقاء عند بنك .. أو في طائرة .. أو في وليمة عامة .. فتتعرف على اسمه .. ثم تراه في موقف آخر .. فتقبل عليه قائلاً : مرحباً يا فلان .. لا شك أن ذلك يطبع في قلبه لك محبة وتقديراً .. حفظك لاسم الشخص الذي أمامك يشعره باهتمامك به .. فرق بين المدرس الذي يحفظ أسماء طلابه .. والذي لا يحفظ .. قولك للطالب : قم يا فلان .. أحسن من : قم يا طالب .. حتى في الرد على الهاتف .. أيهما أحب إليك .. أن يجيبك من تتصل به بقوله : نعم ..أو ألو .. أو يقول محتفياً : مرحباً يا خالد .. هلا أبو عبد الله .. بلا شك ان استماعك لاسمك له في القلب رنة قبل الأذن .. جرت العادة بعد المحاضرات العامة أن يزدحم علي بعض الشباب يصافحون ويشكرون .. كنت أحرص على ترديد كلمة : الاسم الكريم ؟ حياك الله من الأخ ؟ .. أقولها لكل واحد أسلم عليه لأبدي له اهتمامي به .. فكان كل واحد يجيبني مستبشراً : أخوك زياد .. ابنك ياسر .. وأذكر يوماً أنه بعدما سلم عدد كبير منهم ومضوا .. عاد أحدهم ليسأل .. فأول ما أقبل عليَّ قلت له : حياك الله يا خالد .. فابتهج وقال : ما شاء الله !! تعرف اسمي !! الناس عموماً يحبون مناداتهم بأسمائهم .. من المعروف أن الموظف العسكري يعلق لوحة صغيرة على صدره فيها اسمه .. فأذكر أني ألقيت محاضرة في إحدى المناطق العسكرية .. فازدحم أكثرهم مسلماً بعد المحاضرة .. كان أحدهم يقترب ويبتعد .. وكأنه يريد السلام لكنه يخجل من مزاحمة الآخرين .. التفت إليه ولمحت لوحة اسمه .. فمددت يدي إليه وقلت : مرحباً فلان !! فتغير وجهه وتعجب .. ومد يده مصافحاً وهو يتبسم ويقول : هاه !! كيف عرفت اسمي ؟ فقلت : يا أخي الذين نحبهم .. لازم نعرف أسماءهم .. فكان لهذا تأثير كبير عليه .. كثير من الناس يقتنع بهذا ويتمنى لو استطاع حفظ أسماء الآخرين .. أما أسباب عدم حفظ الأسماء .. فهي كثيرة .. منها .. عدم الاهتمام بالأشخاص أثناء مقابلتهم .. ومنها .. التشاغل وقت التعارف وعدم التركيز أثناء استماع الاسم .. ومنها .. موقفك تجاه الشخص المقابل .. كاعتقادك بأنك لن تقابله مرة أخرى .. فتقول في نفسك : لا داعي لحفظ الاسم .. أو كان إنساناً بسيطاً لا يستثير اهتمامك .. أو عندما لا تسمع الاسم جيداً وتشعر بحرج من طلب إعادة اسمه .. فهذه أسباب تجعل الناس لا يحفظون الأسماء .. أما العلاج لحفظ الأسماء .. فله طرق .. منها : الاقتناع بأهمية تذكر الاسم واستشعارك أنك بسماعك له ستسأل عنه بعد دقائق .. ومنها .. التركيز على وجه الشخص أثناء الاستماع إلى اسمه .. حاول أن تلاحظ الشخص المقابل وطبيعة حديثه وابتسامته لينطبع في ذاكرتك .. أثناء حديثك معه ناده باسمه مراراً .. صحيح يا فلان ..؟ سمعت يا فلان ..؟ أنت معي يا فلان ..؟ وكرره أكثر من مرة .. باختصار ..
أشعرني باهتمامك بي .. بحفظك اسمي .. ونادني به .. لأحبك .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:05 | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
27. كن لماحاً قسم كبير من الأشياء التي نمارسها في الحياة .. نفعلها لأجل الناس لا لأجل أنفسنا .. عندما تُدعى لوليمة عرس .. فتلبس أحسن ثيابك .. إنما تفعل ذلك لأجل لفت انتباه الناس وجذب إعجابهم .. لا لأجل لفت انتباه نفسك .. وتفرح إذا لاحظت أنهم أُعجبوا بجمال هيئتك .. أو رونق ثيابك .. وعندما تؤثث مجلس ضيوفك .. وتتكلف في تزويقه والعناية به .. إنما تفعل ذلك أيضاً لأجل نظر الناس .. لا لأجل نظر نفسك .. بدليل أنك تعتني بغرفة استقبال الضيوف أكثر من عنايتك بالصالة الداخلية .. أو بحمام أطفالك !! عندما تدعو أصحابك إلى طعام .. ألا ترى أن زوجتك – وربما أنت - تعتني بترتيب الطعام وتنويعه أكثر من العادة .. بلى .. وكلما زادت أهمية هؤلاء الأصحاب .. زادت العناية بالطعام .. وكم تكون سعادتنا غامرة عندما يثني أحد على لباسنا أو ديكورات بيوتنا .. أو لذة طعامنا .. وقد قال e : " وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه " أي عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به .. كيف ..؟! رأيت على صاحبك ثوباً جميلاً .. انتبه له .. أثن عليه .. أسمعه كلمات رنانة .. ما شاء الله !! ما هذا الجمال !! اليوم كأنك عريس !! زارك يوماً فشممت من ثيابه عطراً فواحاً جميلاً .. أثن عليه .. تفاعل معه .. كن لماحاً .. فهو ما وضع الطيب إلا لأجلك .. ردد عبارات جميلة :.. ما هذه الروائح .. ما أحسن ذوقك .. دعاك شخص لطعام .. أثن على طعامه .. فإنك تعلم أن أمه أو زوجته أو أخته وقفت ساعات في المطبخ لأجلك .. أو لأجل المدعويين عموماً .. وأنت منهم .. أو أنه على الأقل تعب في إحضاره من المطعم ومحل الحلويات .. و .. فأسمعه كلمات تجعله يشعر أنك ممتن له بما قدم لك .. وأن تعبه لم يذهب سُدَى .. دخلت بيت أحد أصدقائك – أو دخلتي بيت إحدى صديقاتك – فرأيت أثاثاً جميلاً .. فأثن على الأثاث .. والذوق الرفيع .. ( لكن انتبه لا تبالغ حتى لا يشعر أنه استهزاء ) .. حضرت في مجلس عام .. فسمعت حمد يتكلم مع الحاضرين بانطلاق .. وقد أحيا المجلس .. وأسعد الحاضرين .. أثن عليه .. خذ بيده إذا قمتم .. قل له : ما شاء الله ..!! ما هذه القدرات !! بصراحة ما ملَّح المجلس إلا حضورك .. جرب افعل ذلك .. فسوف يحبك .. رأيت موقفاً جميلاً لولد مع أبيه .. قبَّل يدَه .. قرَّبَ إليه نعليه .. أثن على الولد .. كن لماحاً .. لبس ثوباً جديداً .. أثن عليه .. كن لماحاً .. زرت أختك .. رأيت عنايتها بأولادها .. كن لماحاً .. أثن عليها .. رأيت عناية صاحبك بأولاده .. أو روعة ترحيبه بضيوفه .. كن جريئاً .. لماحاً .. أثن عليه .. أخرج ما في صدرك من الإعجاب به .. ركبت مع شخص في سيارته .. أو استأجرت تاكسي .. لاحظت نظافة سيارته .. حُسنَ قيادته .. كن لماحاً .. أثن عليه .. قد تقول : هذه أمور عادية .. صحيح لكنها مؤثرة .. لقد جربت ذلك بنفسي .. ومارست هذه المهارة مع أعداد من الناس .. كباراً وصغاراً .. وعمالاً بسطاء .. ومدرسين .. بل مارستها مع أشخاص يشغلون مناصب عليا .. ورأيت من تأثرهم أعاجيب .. خاصة في الأشياء التي ينتظرها الناس منك .. كيف ؟ عريس .. رأيته بعد زواجه بأسبوع .. رجل حصل على شهادة عليا .. شخص سكن بيتاً جديداً .. كلهم بلا شك ينتظرون منك كلمات .. كن كما يتوقعون .. كان عبد المجيد - ابن عمي - شاباً في المرحلة الثانوية .. بعد تخرجه طلب مني الذهاب معه للجامعة لتسجيله فيها .. اتصلت به ذات صباح ومررت على بيته بسيارتي ليرافقني للجامعة .. كانت المشاعر تتزاحم في قلبه .. فهو ينتقل إلى مرحلة جديدة .. ويفكر في الكلية التي ستقبله .. أول ما ركب سيارتي شممت رائحة عطره .. كانت رائحة نفاثة جداً .. ويبدو أنه قد أفرغ العلبة كلها ذلك اليوم على ملابسه .. بصراحة خنقني بالرائحة .. فتحت النوافذ لأتنفس .. شعرت أن المسكين تكلف في تزويق ثيابه .. وتطييبها .. ثم التفتُّ إليه وابتسمت وقلت : ماااا شاااااء الله !!.. إيش هالروائح الحلوة !! أخاف عميد الكلية أول ما يشم هالرائحة الحلوة يصرخ بأعلى صوته يقول : مقبوووووول .. لا تتصور مدى السرور الذي غطى على قلبه .. والبشر الذي طفح على وجهه .. التفت إليَّ .. وقال بحماس : أشكرك يا أبا عبد الرحمن .. أشكرك .. والله إنه عطر غااال .. وأضعه دائماً والناس ما يلاحظونه .. ثم بدأ يشمه من طرف غترته ويقول : بالله عليك : ذوقي حلو ..؟! آآآه .. مر على هذا الموقف أكثر من عشر سنوات .. فقد تخرج عبد المجيد من الجامعة وتعين في وظيفة منذ سنوات .. إلا أن ذلك الموقف لا يزال عالقاً في أذنه .. ربما ذكرني به مازحاً في بعض اللقاءات .. نعم .. كن لماحاً .. التحكم بعواطف الناس وكسب محبتهم سهل جداً .. لكننا في أحيان كثيرة نغفل عن ممارسة مهارات عادية نكسبهم بها .. ولا تعجب إن قلت إن صاحب الخلق العظيم.. صلى الله عليه وسلم .. كان يمارس هذه المهارات .. وأحسن منها .. في أول سنين الإسلام .. لما ضيق على المسلمين في دينهم بمكة .. هاجروا إلى المدينة .. تركوا ديارهم وأموالهم .. قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة مهاجراً .. وكان في مكة تاجراً ممكناً .. لكنه جاء المدينة فقيراً معدماً .. كحل سريع للمشكلة .. آخى النبي .. صلى الله عليه وسلم .. بين المهاجرين والأنصار .. آخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع الأنصاري .. كانت نفوسهم سليمة .. وقلوبهم صافية .. فقال سعد لعبد الرحمن : أي أُخيَّ .. أنا أكثر أهل المدينة مالاً .. فأقسم مالي نصفين .. فخذ نصفه وأبق لي نصفه .. ثم خشي سعد أن عبد الرحمن يريد أن يتزوج .. ولا يجد زوجة .. فعرض عليه أن يزوجه .. فقال عبد الرحمن : بارك الله لك في أهلك ومالك .. دُلّني على السوق ..!! صحيح .. عبد الرحمن ترك ماله في مكة واستولى عليه الكفار .. لكنه كان ذا عقل راجح .. وخبرة تجارية واسعة .. دله سعد على السوق .. فذهب فاشترى وباع فربح .. يعني اشترى بضاعة بالآجل ثم باعها حالة .. فصار عنده رأس مال تاجر فيه .. وكان يتقن فن البيع والشراء والمماكسة .. حتى جمع مالاً فتزوج .. ثم جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام .. وعليه ودْعُ زعفران .. أي أثر طيب نساء ..!! ليس غريباً فهو ( عريس ) .. النبي.. صلى الله عليه وسلم .. طبيب النفوس .. كان لماحاً .. يترقب الفرص لاصطياد القلوب .. أول ما رآه .. انتبه لهذا التغير .. وجعل ينظر إلى أثر الطيب ويقول لعبد الرحمن : " مهيم ؟ " .. أي ما الخبر ؟ ابتهج عبد الرحمن .. وقال : يا رسول الله .. تزوجت امرأة من الأنصار .. عجب النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. كيف استطاع أن يتزوج وهو حديث عهد بهجرة ..!! فقال : " فما أصدقتها ؟" فقال : وزن نواة من ذهب .. فأراد r أن يزيد من فرحته .. فقال " أولِمْ ولو بشاة " .. ثم دعا له النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. بالبركة في ماله وتجارته .. فحلت البركة عليه .. قال عبد الرحمن وهو يصف كسبه وتجارته : فلقد رأيتني ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً وفضة .. وكان .. صلى الله عليه وسلم .. لماحاً حتى مع الضعفاء والمساكين .. يشعرهم بقيمتهم .. يجعلهم يحسون أنه منتبه لهم .. وأنهم مهمون عنده .. وأنه يقدر لهم أعمالهم التي يقومون بها مهما كانت متواضعة .. فإذا افتقدهم .. ذَكَرهم بالخير .. وتلمّح أعمالهم .. فتشجع الآخرون أن يفعلوا كفعلهم .. كان في المدينة امرأة سوداء .. مؤمنة صالحة .. كانت تكنس المسجد .. كان .. صلى الله عليه وسلم .. يراها أحياناً .. فيعجب بحرصها .. مرت أيام .. ففقدها رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. فسأل عنها ؟ فقالوا : ماتت يا رسول الله .. فقال : أفلا كنتم آذنتموني .. فصغّروا أمرها .. وأنها مسكينة مغمورة لا تستحق أن يخبر عنها رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. وقالوا أيضاً : ماتت بليل .. فكرهنا أن نوقظك .. فحرص .. صلى الله عليه وسلم .. على أن يصلي عليها .. فعملها وإن رآه الناس صغيراً فهو عند الله كبير .. ولكن كيف يصلي عليها وقد ماتت ودفنت ؟! قال.. صلى الله عليه وسلم .. : دلوني على قبرها .. فمشوا معه حتى أوقفوه على قبرها .. دلوه فصلى عليها .. ثم قال.. صلى الله عليه وسلم .. : إن هذه القبور .. مملوءة ظلمة على أهلها .. وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم .. فبالله عليك .. ما هو شعور من رأوه .. صلى الله عليه وسلم .. ينتبه إلى هذا العمل الصغير من امرأة ضعيفة .. كيف سيكون حماسهم للقيام بمثل فعلها وأعظم .. دعني أهمس في أذنك : نحن في مجتمع لا يقدر أحياناً مثل هذه المهارات .. فانتبه !! لا يطفئْ حماسَك فريق من الثقلاء الغلاظ الذين مهما لمحت ما عندهم من لطائف .. وأثنيت عليهم بالكلمات الرقيقة الرنانة .. لم يتأثروا .. أو ردوا على تلطفك بكلمات سامجة ممجوجة .. لا طعم لها .. بل ولا لون ولا رائحة !! ومن لطائف هؤلاء .. أن شاباً – أعرفه – دُعي إلى وليمة كبيرة .. فيها أشخاص مهمون .. مر على السوق في طريقه .. ودخل محل عطور وأظهر أنه سيشتري فجعل الموظف يحتفي به .. ويرش عليه من أنواع العطور ما غلا ثمنه وزكا ريحه .. ليختار من بينها ما يناسبه .. فلما امتلأت ثياب صاحبنا طيباً .. قال للبائع بلطف : أشكرك .. وإن أعجبني شيء منها فقد أعود إليك .. ذهب سريعاً إلى الوليمة متداركاً رائحة العطر قبل أن تزول .. جلس على العشاء بجانب صديقه خالد .. لم يلاحظ خالد الرائحة .. ولم يعلق بكلمة .. فقال له صاحبنا باستغراب : ما تشم رائحة عطر جميلة ؟! قال خالد : لا .. فقال صحبنا : أكيد أنفك مسدود ..!! فأجاب خالد فوراً : .. لو كان أنفي مسدوداً .. ما شممت رائحة عرقك ..!! اعتراف .. مهما بلغ الشخص من النجاح .. إلا أنه يبقى بشراً يطرب للثناء .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
11-05-2010, 13:05 | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||||||||||||
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
28. انتبه : كن لمّـّاحاًًًً للجمال فقط .. بعض الناس يتحمس كثيراً لأنْ يكون لماحاً .. فلا يكاد يسكت عن الملاحظة والثناء .. لكنهم قالوا قديماً : الشيء إذا زاد عن حده .. انقلب إلى ضده .. ومن تعجل الشيء قبل أوانه .. عوقب بحرمانه .. فكن لماحاً للأشياء الجميلة الرائعة .. التي يفرح الشخص برؤية الناس لها .. وينتظر ثناءهم عليها .. ويطرب لسماع ألفاظ الإعجاب بها .. أما الأشياء التي يستحي من رؤيتها .. أو يخجل من ملاحظتها فحاول أن تتعامى عنها .. مثلاً : دخلت بيت صاحبك فرأيت الكراسي قديمة .. فانتبه من أن تكون من الثقلاء الذي لا يكفون عن تقديم اقتراحات لم تطلب منهم .. انتبه من أن يفرط لسانك بقول : لماذا ما تغير الكراسي ؟! الثريات نصفها ما يشتغل ..!! لماذا لا تشتري ثريات جديدة !! دهان الجدار قديييييم .. لماذا ما تدهنه بألوان جديدة !! يا أخي هو لم يطلب منك اقتراحات .. ولست مهندس ديكور اتفق معك على أن يستفيد من آرائك .. ابق ساكتاً .. لعله لا يستطيع تغييرها .. لعله يمر بضائقة مالية .. لعله .. ليس أثقل على الناس ممن يحرجهم بالنظر إلى ما يستحون منه .. ثم يثيره ويبدأ في التعليق عليه .. ومثل ذلك .. لو كان ثوبه قديماً .. أو مكيف سيارته متعطل .. قل خيراً أو اصمت .. ذكروا أن رجلاً زار صاحباً له فوضع له خبزاً وزيتاً .. فقال الضيف : لو كان مع هذا الخبز زعتر !! فدخل صاحب الدار وطلب من أهله زعتراً للضيف فلم يجد .. فخرج ليشتري ولم يكن معه مال ..! فأبى صاحب الدكان أن يبيعه بالآجل .. فرجع وأخذ وأخذ مطهرته ( وهي الإناء الذي يضع فيه الماء ليتوضأ منه ) فخرج بها ودفعها إلى صاحب الدكان – رهناً – حتى إذا لم يسدد له قيمة الزعتر يبيع صاحب الدكان المطهرة ويستوفي الثمن لنفسه .. ثم أخذ الزعتر ورجع به إلى ضيفه .. فأكل .. فلما انتهى الضيف من الطعام قال : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا .. وقنعنا بما آتانا .. فتأوَّه صاحب الدار تأوُّه الحزين وقال : لو قنّعَك الله بما آتاك .. لما كانت مطهرتي مرهونة !! وكذلك لو زرت مريضاً فلا تردد عليه : أووووه .. وجهك أصفر .. عيناك زائغتان .. جلدك يابس .. عجباً !! هل أنت طبيبه ؟ قل خيراً أو اصمت .. ذكروا أن رجلاً زار مريضاً .. فجلس عنده قليلاً .. ثم سأله عن علته .. فأخبره المريض بها .. وكانت علة خطيرة .. فصرخ الزائر : آآآآ .. هذه العلة أصابت فلاناً صاحبي فمات منها .. وأصابت فلاناً صديق أخي ولا يزال مقعداً منها أشهراً ثم مات .. وأصابت فلاناً جار زوج أختي ومات .. والمريض يستمع إليه ويكاد أن ينفجر .. فلما أنهى الزائر كلامه وأراد الخروج التفت إلى المريض وقال : هاه .. توصيني بشيء ؟ قال المريض : نعم .. إذا خرجت فلا ترجع إلي َّ .. وإذا زرت مريضاً فلا تذكر عنده الموتى .. وذكروا كذلك أن امرأة عجوزاً مرضت عجوز صديقة لها .. فجعلت هذه العجوز تلتمس من أبنائها واحداً وَاحداً أن يذهبوا بها لتلك المريضة لزيارتها وهم يتعللون ويعتذرون .. حتى رضي أحد أبنائها على مضض .. وذهب بها بسيارته .. فلما وصل بيت العجوز المريضة نزلت أمه وجعل ينتظرها في سيارته .. دخلت الأم على المريضة فإذا هي قد تمكّن منها المرض .. فسلمت عليها ودعت لها .. فلما مشت خارجة مرت ببنات المريضة وهن يبكين في صالة البيت .. فقالت بكل براءة : أنا لا يتيسر لي المجيء أليكن كلما أردت .. وأمكم مريضة ويبدو لي أنها ستموت .. فأحسن الله عزاءكم من الآن ..!! فانتبه يا لبيب .. كن لماحاً لما يفرح ويسر .. لا لما يحزن .. مشكلة : إذا اضطررت للمح سيء .. كوسخ ثوبه .. أو رائحة سيئة .. فأحسن التنبيه .. كن لطيفاً ذكياً .. |
||||||||||||||
|
|||||||||||||||
الموضوع الحالى: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ... -||- القسم الخاص بالموضوع: منتدى التامل والتفكر والروحانيات -||- المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج -||- شبكة صدى الحجاج |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الخارجية الإسرائيلية ترحب بزيارة الداعية محمد العريفي | عبادي | المنتدى الاسلامى العام | 1 | 07-04-2010 17:24 |
|
عدد الزوار والضيوف المتواجدبن الان على الشبكة من الدول العربيه والاسلاميه والعالميه
انت الزائر رقم
كل ما يكتب في المنتديات لا يعبر بالضرورة عن رأي إدارة شبكة ومنتديات صدى الحجاج
شبكة ومنتديات صدى الحجاج لا تنتمي لاي حزب او جماعه او جهة او معتقد او فئه او
مؤسسة وانما تثمل المصداقيه والكلمه الحرة
...