|
أختيار الاستال من هنا
|
روسيا اليوم | الجزيرة | ناشونال جيوغرافيك | المملكه | رؤيا | الاقصى | الكوفيه | الرياضيه | عمون | يوتيوب | مركز رفع الصور |
المنتدى العام في ساحات الفلسفة والفكر نتجول بدهشة متشوقة لمعرفة المزيد بمايتعلق بالأمور العامة والمواضيع العامة الغير محددة الطرح والتوجه والغير مصنفة. |
كاتب الموضوع | ابو المعتز | مشاركات | 5 | المشاهدات | 3015 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-04-2009, 22:08 | رقم المشاركة : ( 1 ) | |||||||||||||
|
فلسفة المصائب
بسم الله الرحمن الرحيم العالم اليوم في مأتم كبير ، ضحاياه أمم لا أفراد ، وصرعاه ممالك وعروض ، ومباديء وحريات ، ودمار في الأنفس والأموال ، وخراب في كل مكان ، والأمم التي لم تكتو بنيران الحروب إلى الآن ، مكتوية بعذاب الانتظار ، وتوشك أن تدرك النار أخراها كما أدركت أولاها . تضع كل أمة يدها على صدرها واجفة من مصيرها ، والناس كلهم في عماء ، لايدرون إلى أين ينتهون ، وكأنهم يمثلون يوم الفزع الأكبر وما صورته الأديان عند قيام الساعة . إن الخيال ليعجز عن أن يتصور حقيقة مايحدث في العالم الآن من كوارث ، فقد غطيت الأرض بالأشلاء ، وصبغت بالدماء ، وجاء دور العلم يقدم للإنسانية أقصى ما يستطيع من شر ، كما قدم لها في السلم أقصى ما يستطيع من خير ، وهرعت الملايين من مكامنها تطلب الملجأ وتسير على غير هدى ، وتشتت الأسر لا يعرف بعضها مصير بعض إلى مايحصى من أهوال . ومن قديم خلق الإنسان وخلقت معه مصائبه ، حتى لتوقع الملائكة منه ذلك قبل أن يخلق ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) فكانت المصائب ملازمة له ، وكأنها عنصر هام من عناصر وجوده ، وكأنها خاضعة لقانون النشوء والارتقاء ، تبدأ بسيطة ساذجة كما بدأ الإنسان ، وتعظم وتهول كلما تقدم الإنسان في العظم والرقي . وتقرأ التاريخ فتراه سلسلة مصائب وسلسلة حروب ، نصرتها مصائب وهزيمتها مصائب ، فإن فترت الحروب حينا ، تتداول الأمم أنواعا من الكوارث الأخرى السلمية تختلف أشكالا وألوانا . حتى كان من غريب أمر الإنسان أنه لايدرك اللذة إلا بالألم ، ولا الفائدة إلا بالمصيبة ، كما لا يدرك الحلو إلا بالمر ، ولا يمكن أن نتصور سعادة إلا بشقاء ، ولا شقاء إلا بسعادة ، فكأن السعادة والشقاء وجها القطعة من النقود ، لا يمكن أن يتصور وجود أحد الوجهين إلا بالآخر . وتعجبني قصة صوفية ، وهي أن أحد المتصوفين دخل بلدة فأعجبه مافيها ، ثم زار مقبرتها فقرأ على أحد شواهدها هذا قبر فلان ، ألف كتاب كذا ، وكان عالما فاضلا ، ومات وعمره يومان ، وقرأ على قبر آخر ، هذا قبر فلان القائد العظيم الذي انتصر في موقعة كذا ، ومات وعمره ثلاثة أيام ، وفلان ملك الناحية ، وقد مات وعمره يوم ، فعجب من هذا كله ، وتوجه إلى خبير بالبلدة وسأله عن هذا اللغز الذي لم يفهمه ، فقال : إننا لا نعد من أيام حياتنا إلا الأيام السعيدة . فقال الصوفي : إني أود أن أموت ببلدكم ، وأرجو أن تكتبوا على قبري : هذا قبر صوفي رحالة ، جاب الأقطار وزار الأمصار ، ومات قبل أن يولد . على أن المصائب نفسها ليست تخلو من وجه جميل وناحية رائعة ، فهي ليست قبحا صرفا ولا شقاءا خالصا ، بل كثيرا ما تكون بلسما كما تكون جروحا ، ودواءا كما تكون داءا. إن الرخاء قد يفسد الطبيعة البشرية ، فلابد لها من شقاء يصلحها ، والحديد قد يفسد فلابد له من نار تذيبه حتى تصلحه وتذهب خبثه ، فكذلك النفوس قد يطغيها النعيم ويصدئها الترف ، فلابد لها من نار تكوى بها لتنصهر ويذهب رجسها . ثم إذا أردت أن تعرف نفوس الناس حقا فتعرفها في أوقات المصائب لا في أوقات النعيم . ويعجبني قول القائل : إن أعرف الناس بالناس الممرضات بالمستشفيات ، فهن اللائي يرين الناس في الكوارث ، فيعرفن كيف يجزعون أو يحتملون ، وكيف يفزعون أو يصبرون ، وكيف يضعفون أو يقوون ، أما خارج المستشفى فكلهم شجاع وكلهم قوي . في أوقات الرخاء ترى الجمال المتصنع والقبح المتصنع ، وترى القبيح في شكل جميل والجميل في شكل قبيح ، أما في الشدة فترى الجمال عاريا والقبح عاريا ، وترى الحق حقا والباطل باطلا ، وترى الأوضاع تنقلب والقيم تختلف ، فيصبح لا يساوي شيئا من كنت تظنه يساوي ألوفا ، وُيقوم بالألوف من كنت تظن أنه لا يساوي شيئا . حتى الموت – وهو ما يعد بحق ملك المصائب – هو الحجر الأساسي لنظام العالم ، ومصلح شأنه ، ولابد من الموت للحياة ، وهو بعد ذلك كما قال القائل : الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا . ثم الأمم لا تخلق إلا من المصائب ، ولاتحيا إلا بالموت ، ولا يكون زعماءها إلا الشدائد ، ولا يصهر نفوسها إلا عظائم الأمور ، ولا تنال استقلالها إلا بضحاياها ، وماترك الجهاد قوما إلا ذلوا ، ولا استسلم قوم للترف والنعيم إلا هانوا ، تلك هي قوانين طبيعية للعالم بمنزلة قوانين الحرارة والضوء والجاذبية ، لا تتغير ولا تتبدل مادام العالم هو العالم . ويبلغ الرقي في بعض الأفراد أن يروا لذتهم في أن يألموا لإسعاد غيرهم ، وسعادتهم في تضحيتهم . قد أرانا التاريخ – مع الأسف – أن الإنسانية لا ترقى إلا عن طريق المحن ، سواء في ذلك أفرادها وأممها ، فالفرد الذي يجد كل شيء ممهدا سهلا لا يصلح لشيء ، والغني المترف الذي يجد كل ما يشاء في الوقت الذي يشاء ، ثم لا يكلف نفسه شيئا أكثر من أن يستمتع بالحياة ، هو نبات طفيلي يستهلك ولا ينتج ، يوم تعصف به عاصفة من شدة يذهب مع الريح ولا يستطيع مقاومة ، إنما يثبت للحياة ويصلح للبقاء من عركته الأحداث ، وربته المصائب وصلبته الكوارث ، وهكذا شأن الأمم ، أصلبها عودا أصلحها للحياة ، وخير رجالها أقدرهم على التضحية ، والأمم التي تنعم تؤذن نعومتها بفنائها ، ولم تبلغ الأمم مثلها السامية من عدل وإخاء ومساواة وحرية إلا من طريق المصائب . وصحة الأمم كصحة الأفراد ، فالمرض ينتاب من الأجسام أنعمها وأكثرها إخلادا للراحة ، والصحة لا تنال إلا بالأعمال الرياضية الشاقة ، وبذل الجهد المضني ، ولا لذة للراحة إلا بعد التعب ، ولا لذة للماء إلا بعد العطش ، ولا للأكل إلا بعد الجوع . كذلك الأمم لا تدرك قيمة الخير إلا بالشر ، ولا الفوائد إلا بالمصائب ، ويوم تنزل بها الكوارث تؤمن بالحد ، وتحتقر التافه ، وتطلب المثل ، فأهلا بالموت إذا كانت فيه الحياة ، وبالشر إذا كان يتبعه الخير ...و: مرحبا بالخطب يبلوني إذا كانت العلياء فيه السببــــا المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج |
|||||||||||||
|
||||||||||||||
الموضوع الحالى: فلسفة المصائب -||- القسم الخاص بالموضوع: المنتدى العام -||- المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج -||- شبكة صدى الحجاج |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
فلسفة الرجل عند الجلي | ميس | منتدى الـفـكـاهــه والنكت | 1 | 20-11-2008 19:27 |
من موسوعة الفلاسفه المسلمين | ميس | منتدى الطلبة والطالبات | 3 | 26-10-2008 22:37 |
|
عدد الزوار والضيوف المتواجدبن الان على الشبكة من الدول العربيه والاسلاميه والعالميه
انت الزائر رقم
كل ما يكتب في المنتديات لا يعبر بالضرورة عن رأي إدارة شبكة ومنتديات صدى الحجاج
شبكة ومنتديات صدى الحجاج لا تنتمي لاي حزب او جماعه او جهة او معتقد او فئه او
مؤسسة وانما تثمل المصداقيه والكلمه الحرة
...