المشهد من رام الله منذ العدوان على غزة يطرح امام الرأي العام العربي في جميع العواصم العربية والاسلامية التي تنتفض هذه الايام ممارسة الحد الادنى من الفعل الاحتجاجي لنصرة الاهل في غزة اسئلة دقيقة حول حجم وكيفية هذا الاحتجاج في مدن الضفة الغربية وما اذا كان يتفق مع واقع الحال الذي يذكر في كل ساعة ان الضفة بكاملها لا تزال اراضي محتلة يقيم عليها شعب رازح تحت الاحتلال الاسرائيلي ويعاني منه كما عانى اهل غزة ومر بذات التجربة التي يمر بها اهل القطاع هذه الايام، وحقيقة اخرى تؤكد بان قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني المحتل وان اهل غزة هم فلسطينيون ولا يمكن فصلهم عن نصفهم الآخر في الضفة الغربية لنهر الاردن، فهل من الطبيعي ان تقتصر مظاهر التضامن الفلسطينية مع غزة على جمع البطانيات والمواد التموينية لارسالها على شكل معونات للقطاع المنكوب مثلما تفعل بقية الدول، ام هل من الطبيعي ان تتشابه الصورة في كل من بروكسل ورام الله من حيث شكل الاحتجاج ومظاهر التنديد بالجريمة الاسرائيلية فتسير المظاهرات وترفع اليافطات والاعلام وتعلو الهتافات ..!! في الضفة المحتلة مثقفون يسيرون في مقدمة المظاهرات ويدعون للاعتصام والاضراب تضامنا مع اهلهم في غزة وتنديدا بالعدوان الاسرائيلي، وبهذه الطريقة يبتكرون شكلا جديد لمقاومة المحتل وتحرير الارض عن طريق ما صارت تعرف بالمقاومة الناعمة وهي تختلف عن طريقة غاندي الذي هزم المستعمر البريطاني بصبره وعناده، فهو قد صام واعتكف منددا بقتل البريطانيين لنساء واطفال الهند الى ان هزل ومات مريضا لكن شعبه كان يقاتل،اما ما يثير الدهشة فعلا فدعوات قادة الراي والفكر في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة البضائع الاسرائيلية والشيكل الاسرائيلي، وهنا يفاجأ البعض منا بأن المتاجر في المدن الفلسطينية المحتلة لا تقاطع البضائع الاسرائيلية اصلا منذ ما قبل العدوان على غزة.
في رام الله تغنت الفصائل الفلسطينية بانجاز عظيم حققته عندما توحدت على رفع العلم الفلسطيني في المظاهرات الاحتجاجية ولم يرفع كل فصيل علمه ورايته،حدث هذا بالفعل لكن شيئا آخر ظل على حاله ولم يتغير فالحرب الكلامية تواصلت عبر شاشات الفضائيات بين رفاق الكلمة والمصير، وشيء ثالث لا زال غير مفهوم بالنسبة لنا في المحيط العربي، هل ستكتفي مدن الضفة المحتلة بمظاهر التنديد بالعدوان كما هي في بقية مدن العالم، رايات وإعلام وهتافات وتصريحات صحفية، هذا هو السؤال..!!