حنييييين

حنييييين

لو أنهم يخترعون أقراصا للحنين..
نبتلعها فنشعر بدفء من نحب يغمرنا..
نحس بلمسة أنامله حانية على وجنتنا..
بضمة ذراعيه في رفق تسكننا..

وكأن ضياءه يتدفق ما بين أضلعنا..
وكأن الربيع يزهر بوجوده بين جوانحنا..
وكأنه وحده.. وحده..
ها هنا معنا..













أجمل الأرواح التي يمكن أن تلتقيها..
هي تلك التي أوجعها الحزن يوما..
تلك التي عرفت طعم الحرمان مرارا..
أو ذاقت وجع الاشتياق قبلا..
لأنها تكون الأكثر تقديرا لأصغر الأشياء..
فهي تعرف قيمة ما يهم حقا في الحياة..
وتمنح كل ما فيها لأجله.. لتحميه وتحافظ عليه..
يعرفون قيمة الأحبة في وجودهم..
ولا يتركون فرصة تمر إلا ويعبرون فيها لهم عن ذلك..
ويجسدون امتنانهم لكل لحظة ثمينة بقربهم في كل كلمة..
وكل لحظة.. وكل فعل..

القلوب التي صقلها الحزن..
هي الأنقى.. والأثمن.. والأعز.. دائما..








رائحة المطر الأولى..
أهواها أكثر من أي شيء..
أنتظرها في لهفة مع الغيوم..
أحس بها تتسلل في رفق إلي.. فأركض نحو نافذتي..
لآخذ منها أنفاسا وأنفاسا في لهفة..

أحس بها تشعرني بالحياة.. بالخير.. بالأمل..
تعيدني طفلة.. تركض وتلعب تحتها حتى تبتل ضفائرها في مرح..
تأخذني بين سحابها إلى أبعاد خيالية سحرية..
كل سكانها من نور صاف ونقاء..
كل زواياها من بلور بارد عذب..
فيها الأحلام بلا نهاية.. والمشاعر بلا حدود..

وتراودني رغبة غامرة في أن أعانق الأرض والغيم والسماء..
ويملؤني إحساس جارف بأنني قادرة على تحقيق أي شيء وكل شيء..
وبأن الكون بأسره لا يتسع لآمالي وأحلامي..
وأن الحياة تملؤني في قوة..
وتطل عذبة منعشة بسيطة رقيقة من كل ما حولي..
وأن كل الدنيا تضحك في سعادة معي.. ولي..

لحظتها.. يتوقف الزمن.. وكل المخلوقات وكل الأشياء..
تمد أيديها في أمل.. لتغتسل بماء السماء من كل خطاياها..
وتعود الأرض طاهرة نقية.. كما قد خلقت أول مرة..

أحاول أن أختزن بين ضلوعي أكبر عدد من الأنفاس..
وأظل أجول بناظري في السماء في لهفة..
ما أن يشرق شعاع الشمس الحنون..باحثة عن قوس قزح..
يلون الحياة بأغاريد المحبة والفرح..
يمنحنا خيالا وحكايا أطفال..
ورودا وأحلاما ونجوما وعمرا جديدا بلا أول أو آخر..

كان أول اليوم.. حضور المطر..
وكم أعشقها.. رائحة المطر الأولى..













لماذا يغدو كل شيء في وجودك ملونا خياليا ساحرا..
لماذا بقربك تغدو التفاصيل أبهى..
والضحكات أحلى..
لماذا تغدو الصباحات أكثر إشراقا..
والليالي أعذب همسا..
والمستحيلات كلها.. تغدو ممكنة..











ولضحكتك قدرة سحرية على انتشال ضحكتي من بين أحضان الوجع..
أرى عذب ملامحها في ضيء عينيك..
فتعيد إلى وجودي.. بهجة الحياة..










أحتاج إلى الحياة .. خارج حدود الزمان والمكان..
بيت صغير على البحيرة البلورية الزرقاء..
تحيط بي المروج الخضراء فيه ربيعا مشرقا لا ينتهي عبر كل نافذة وباب..

أستيقظ به على تسبيح البلابل مع همسات كل فجر..
أطعمها أول الصباح بيدي..
وأرتوي من ماء عذب بارد بيدي..
وأجمع نوار اللوز وزهر الليلك قبيل الغسق بيدي..

مكان.. أشعر فيه بحريتي..
أركض وأركض بلا حدود به إلى آخر المدى..
فتداعب نسماته الشاردة وجهي.. تعبث في رفق بخصلات شعري..
فأفتح ذراعي لأعانق الفضاء..
وآخذ منها أنفاسا وأنفاسا عميقة.. أخبئها للحظات ما بين أضلعي..
فتبعثني.. تملؤني شعورا جارفا بالحياة..

أستلقي على العشب الأخضر..
وحدود البحيرة تتلألأ حولي كشموس صغيرة..
وأغرودة بلبل عاشق تمتزج برائحة الياسمين..
لتلامس مشاعري فترق في شفافية كبلور السماء..

أرقب الغيمات البيضاء المسافرة.. أعدها.. وأتخيلها أشكالا..
أحس بملمسها الناعم على يدي إذ أجلس فوقها..
وتسافر بي.. كبساط سحري هارب من أقصوصة طفولية حلوة..

أحتاج إلى مكان.. بحدود خيالي..
بحجم أمنياتي..
باتساع مساحات حريتي..
بعمق الأرض وعرض السماء..

أحتاج مكانا.. يشبهني..
يتآلف وما في روحي..
مكان.. لي أنا..
خارج الزمان والمكان والحقيقة..












أحيانا.. يخيفنا البقاء بقرب الأشخاص السعداء..
وكأن شعورا ما يغمرنا.. بأنه لا يحق لنا التواجد بينهم..
أو أن وجودنا المجرد حولهم..
قد يبعث جزءا من حزننا إلى نقي أرواحهم..
فيسلب دون قصد منا..
شيئا من صفاء ابتساماتهم.. أو ضيء أحلامهم..
















اللهم أسعد قلوبا طاهرة إن وصلنا شكرت..
وإن قصرنا عذرت.. وإن غبنا تذكرت..
وإن زللنا صفحت..
اللهم أسعد قلوبا أحبها.. وحقق لها كل ما تتمنى..
واغمرها بالطمأنينة والراحة والسعادة بلا حدود..
اللهم اجعل الفرحة والابتسامة عنوان صباحهم ومسائهم..
واجعل السكينة والمحبة ضياء أيامهم..
ولا تحرمهم من شيء أبدا..

اللهم ارض عنا وأرضنا..
واقدر لنا كل خير في الدنيا وأسعدنا به..
واجمعنا في الآخرة في الجنة مع الأنبياء والصديقين..

اللهم لك الحمد حتى ترضى..
ولك الحمد إذا رضيت.. ولك الحمد بعد الرضا..













مما راق لي

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج