ماذا لو تساوت الشعارات ؟؟

ماذا لو تساوت الشعارات ؟؟

ثبتت ممارسة التعذيب الواسعة في أغلب الأقطارالعربية . ويؤكد هذا أحكام محكمة حقوق الإنسان الأروربية ومحاكم اخرى, بعدم تسليم حتى المعتقلين المتطرفين لديها لحكومات دولهم خوفا من تعرضهم للتعذيب , آخرهم الأردني الملقب ب \'أبي قتادة\'.


وفي حين يدافع النظام الأردني عن نفسه ويحاول شراء وقت داخليا ولدى العالم ,بزعم عدم سقوط أي قتيل في الربيع الأردني( وهو ليس صحيحا تماما ), فإن تفاقم العنف الممارس على يد بلطجية محمية من قوى الأمن يمكن أن يكسر ذلك الزعم في أية لحظة . فتوطين العنف في الأجهزة الأمنية جرى على امتداد عقود . وهو ما جعلني, قبل ما يقارب العقدين وأثناء نيابتي ,أقدم تقريرا عن التعذيب في مراكز الأمن الذي يجري بدوافع سادية محضة, للملك الراحل. فجرى حينها إصلاح أمني توخى تلبية ما اقترحته في ذيل التقرير .


ولكن في العهد الجديد جرى تراجع عن هذا في ظل إدارة أصبحت ريعية صرفة , ثم تهاوى عند اكتساب تحصين ودوام تدفق أموال الفساد الرسمي أولوية سمحت بانتهاك الحقوق بأنواعها .. بدءا بحقوق الغذاء والدواء والتعليم , وانتهاء بحقوق إنسانية لمن تسقطهم جرائم عادية سبب أغلبها تفاقم الفقر والبطالة , في أيدي من يقدمون أنفسهم للنظام على أنهم حماته من الشعب تحديدا . وتوالت حالات التعذيب لسجناء من قطاع المهمشين الذي تنامى , وتوالى إغفال التقاريرالشحيحة عنه ,باستثناء تفجر قضية تعذيب ثلاثة سجناء بصور وحشية بما أدى لوفاتهم ..


ولكون منظمة هيومان رايتس ووتش ساءلت الحكومة الأردنية حينها , توجه وزيرا العدل والداخلية للسجن الذي قتل فيه المعتقلون بزعم فتح تحقيق. ووزير الداخلية \' نائب\' عن منطقة مهمشة نقلته \'الوزارة\' من كادح سيارته الخضراء القديمة الشهيرة لا تضمن وصوله للمجلس على الموعد , لساكن قصر في منطقة دابوق التي تعج بالمترفين الجدد ..وعاد النائب الوزير , بعد تناوله لوجبة غداء فاخرة , ليصرح فقط بأن الطعام في السجون بسوية \' أكل الضباط \', وهو ما يتكرر زعمه عند اي تفقد للسجون .. هذا مع ان أحدا لم يزعم ان السجناء الثلاثة ومن سبقهم من تلاهم ماتوا جوعا او نتيجة سوء تغذية . وانتهى التحقيق هناك دون عقاب أحد .


فتوالت أخبار موت \'شبان\' محكومين أو موقوفين في السجون الأردنية بزعم انتحارهم . وهؤلاء جميعا تهمهم ليست سياسية , بمعنى ان ما جرى لهم لا يمكن ان يصرف كشيك ولاء في بنوك الدولة , بل هم معتقلون لجرائم وجنح أخرى متنوعة ,ويجمعهم كونهم من عموم الفقراء الذين لا اسم لهم . وقد اتاح الربيع الأردني اول احتجاج على هكذا \'انتحار\' لسائق شاب في مدينة الرمثا اعتقل بتهمة نقل ركاب سوريين قيل أنهم أتوا لشراء أسلحة .. ولأول مرة يطرح والد المتوفى السؤال المسكوت عنه : إن كان ابني قد انتحر فعلا , فما الذي فعله الأمن به ودفعه للإنتحار ؟؟



حادثة الرمثا جرى تطعيمها بنكهة سياسية . ومرورها دون عقاب شجع الترويج المسبق لنوايا بتكرار مثلها متغطية بزعم \' الولاء\' للعرش الذي يرفعه البلطجية مع شتائمهم وسلاحهم الأبيض لحينه . فإذا نظرنا لتعليقات تنشرها بعض المواقع الإلكترونية بلا محاسبة قضائية , ويتناقل نشطاء الحراك الشبابي ان فئة أمنية تفرغت لكتابتها .. نجد درجات خطرة من العنف اللفظي والصور السادية . وكعينة منها نلفت للتعليقات التي وردت بحق الشاب عدي أبو عيسى , لحرقه صورة الملك كرد فعل على حرق المواطن احمد المطارنة نفسه امام الديوان الملكي.. تعليقات بوجوب شنق او حرق عدي او حرق او قطع يده أو الدوس عليه بالأحذية وحتى البصق عليه.. وأعتذر من القارىء لإيراد \' تفووووووووو\' التي تكررت في عدة تعليقات منشورة .. تهديدات باسم الولاء لا تفرق , لو أتيح لأصحابها ممارستها, عما نراه من تعذيب وإذلال يمارس في شوارع سوريا . ولا ندري حقيقة ما مورس منه على عدي في معتقله .. فماذا لو رفع المتظاهرون الأردنيون شعارات سوريا ؟؟ ألن تتساوى الصورتان لحظة تساوي الشعارات ؟؟


القتل والتعذيب لا يفيدان سوى توطين ذات العنف لدى الجموع المتظلمة أيضا , بحيث لا تكتفي بمحاسبة معذبيها في محاكم دولية او قطرية, بل تبدأ تصر على عقاب من نوع الجرم , وهو تم تنفيذه في القذافي , وجزئيا في ابنه .ويظل الجرم الأكبر توطين تلك النزعة السادية بما يخلق وحوشا آدمية لا تفرق بين ضحية وأخرى , وبالتالي لا ولاء لها, لا لوطن ولا لشعب ولا لحاكم .
توجان فيصل

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج