الأردن ومجلس التعاون, المصالح المشتركة
في صحافة الخليج وفي صالونات السياسة وديوانيات الحوارات الشعبية جدل عميق حول انضمام الاردن والمغرب الى مجلس
التعاون الخليجي, وهناك فرق في الموقف من البلدين كما تشير الى ذلك كتابات الخليجيين وتعليقاتهم ,فالاردن الاقرب جغرافيا واجتماعيا وسياسيا وتاريخيا لا يواجه بمعارضة واضحة في سعيه للانضمام الى هذا المجلس الوحيد المتبقي من محاولات الوحدة العربية ولو في حدها الادنى ,لكن هذا لا يعني ان الطريق سالك بدون معترضين من حيث المبدأ على توسيع اطار مجلس
التعاون وليس بالضرورة ضد انضمام الاردن ,آخرون يناصبون الاردن العداء بلا سبب واضح الا في عقولهم التي تأبى تجاوز الماضي وتنقية الانفس من اخطاء متبادلة وشوائب خلفتها سياسة الانتقام والثأر بما راكمت من ضغينة يفترض اننا تركناها وراءنا منذ عقد ونيف من الزمن .
بعض المعترضين كتبوا ,وآخرون اعلنوا عن مواقفهم ليس فقط من انضمام الاردن الى مجلس التعاون, بل انهم نبشوا قبر الفتنة لاعادة احيائها من جديد ,وبعضهم تطاول في الاساءة للعلاقات الاردنية الخليجية عن سابق قصد واصرار وهم بذلك يخدمون مصالح الآخرين من دول وانظمة سياسية واتجاهات تعادي الخليج اكثر مما تعادي الاردن, والمهم هنا ليست هذه الاصوات النشاز التي لا تمثل الا اصحابها حين يتعلق الامر بالعلاقات الاردنية الخليجية, المهم ان الغالبية العظمى هنا في الاردن وهناك في الخليج تنتظر الحدث السعيد بالاعلان رسميا عن عضوية كاملة للاردن في مجلس
التعاون الخليجي انطلاقا من فهم سياسي واستراتيجي لمعنى هذه الخطوة الكبيرة ,فالمنطلق اولا وتاليا ليس حاجة الاردن الى مظلة تقيه حر المتغيرات الدولية والاقليمية المتسارعة ,ولا حاجة الاردن الى الدعم المادي الخليجي الذي لا يرتبط بوجود الاردن داخل المنظومة الخليجية او خارجها ,فالخليج وقف الى جانب الاردن قبل طرح فكرة العضوية في المجلس ولا يزال داعما ومناصرا للاردن اقتصاديا وسياسيا,المنطلق اليوم - في ظل انهيارات المنظومة الشمولية من حولنا ومن حول اشقائنا الخليجيين - المصالح المشتركة التي تتساوى لدى الطرفين, وهي ما تدفع الى تسريع خطوة الانضمام استعدادا لمرحلة تاريخية جديدة تشمل الاردن ودول الخليج ولا تستثنى احدا من التغيير بما في ذلك اسرائيل التي تنام آمنة في حضن الولايات المتحدة الاميركية .
من الطبيعي ان يكون لمشروع توسعة مجلس
التعاون الخليجي انصار ومعارضون من داخل المجلس وخارجه ,ولا يضيرنا في الاردن ان بعض الاصوات الاردنية والخليجية لا تتحمس لانضمام الاردن الى المجلس ولكل اسبابه ومبرراته, ما يعنينا في هذا المقام رأي الاغلبية في الجهتين وتعنينا اولا وقبل كل شيء مصالح بلداننا ومستقبل اجيالها وامن واستقرار المنطقة ,وتعنينا وظيفة وجود الاردن عضوا في مجلس
التعاون والدور الذي سيؤديه ومساهمته في قضايا الامة العربية وفي النهضة السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية للشعوب العربية المتعطشة لكل تغيير ايجابي, لا تعطل مسيرتنا حماسة الاعتراض عند العشرات من بين الملايين ,ولا عنتريات الظهور على قاعدة (خالف تعرف) لدى نفر بعدد اصابع اليد.