رسالة من محافظة الطفيلة

رسالة من محافظة الطفيلة

هاشميو الولاء ، شرفاء أطهار ـ كما عرفتهم يا صاحب الجلالة ـ يحبونك ويعشقون هذا الوطن، يسهرون من أجله ولا ينامون ، هكذا هم منذ قيام الدولة ،وما قبل ذلك، حين امتطى زيد بن الحسين صهوة جواده ، وحمل سيفه قادما من القويرة، وقد أرسل إليه شيوخ الطفيلة ورجالها، أن هلمَّ إلينا، فنحن معك ومع ثورة العرب ، وها هي الطفيلة تفتح ذراعيها لثورة العرب وثورة الأحرار ، وما ضمت هذه المدينة ذراعيها إلا على الإخلاص والوفاء للعرش والوطن والأمة ، وحين شرّق البعضُ وغرّبوا بقوا على العهد ، يحملون الراية ويحمونها بمهج العيون .

هم هم أبناء الطفيلة ـ يا صاحب الجلالة ـ ما تغيروا وما تبدلوا، هم فرسان حد الدقيق ورجالها ، حين خرجوا من كل واد وقرية،من عيمه وارحاب وعفرا ومجادل والسلع وصنفحه والنمته وبصيرا وغرندل والقادسية والحسا والجرف، ومن كل مكان، يعلنون الولاء والطاعة والحرب والقتال تحت رايتكم ، حملوا أرواحهم من أجل الثورة ، دفاعا عن العرب والمجد والحرية ، وأعلنوها حربا على التهميش والجهل والتخلف .هم أبناؤك وعزوتك الذين عرفتهم ، ما خانوا وما غدروا ،وما نامت لهم عين ؛ حتى تبقى عين الوطن محدّقة مفتوحة على كل العيون في الداخل والخارج.

وطنيون حرقت جباههم الشمس ، جنوبيون إلى حد الوجع ، صابرون من أجل الوطن على كل شيء ، مهمشون نعم ، قابعون تحت خطوط الفقر نعم، والحكومة تعلم ، كل شبر في أرض الطفيلة هو جيب للفقر ، ولكنهم " تموت الحرّة ولا تأكل بثدييها "، ليسوا فاسدين ، ولا يحملون من جوازات السفر إلا جواز سفرهم الوحيد ، أقدامهم غارقة في الأرض ،وليسوا كغيرهم قدم في عمان ، والأخرى على سلم الطائرة، ليس لهم أرصدة في بنوك الداخل والخارج ، يفتحون عيونهم في الخريف وهم يدعون الله أن تكون سنة خير ، ويفتحون عيونهم في الشتاء ليراقبوا غيمة في السماء قادمة من الغرب، لعل فيها شيء من خير ،من أجل أن يعيشوا ولا يمدوا أيديهم لأحد ، حتى لو كانت الحكومة ، فهم لا يحسنون الاستجداء ، وحين كان أبناء الذوات والمتسلقون، ينهبون البعثات والمنح لأبنائهم ،كانوا وما زالوا يدرسون أبناءهم على نفقتهم الخاصة ، وأنا من هؤلاء الذين أكملوا دراستهم حتى الدكتوراه على نفقتي الخاصة ،بينما أرى رفاقي في الجامعة دفع لهم الوطن مئات الآلاف ليدرسوا ،فأين هو العدل يا صاحب الجلالة عند حكوماتنا ؟

هم أبناء الطفيلة الذين ائتمنتهم على كل شيء ،وأنت تعرف ولاءهم ومحبتهم وعشقهم للعرش ، فرحوا حين حللت عليهم ضيفا ، اندفعوا نحوك مسلمين ومعاهدين، تجمعوا حول موكبك لتتكحل عيونهم برؤيتك ، ويرفعوا إليك رسالة عجز المعنيون وولاة الأمر ممن منحتهم ثقتك في التواصل مع أبناء شعبك في كل مكان ، وحين لم يجدوا وسيلة توصلهم بك ،كانت وسيلتهم لقاؤك وتقديم رسائلهم مباشرة إليك .

صاحب الجلالة

كثيرون هم الذين يصطادون في الماء العكر، من أصحاب الأجندات الخاصة والصالونات السياسية في عمان ،والصالونات الإعلامية التي تتخذ منهجا إعلاميا يصدق فيه المثل الشعبي " خذها يا غراب او طير"، وما عرفوا أنهم هم غربان الشر والسوء ، وما عرفوا أن الوطن لا يقبل القسمة لأنه لكل الأردنيين ، ولأنه لا يحلم شخص موتور أن يساوم على الشرخ وضرب الوطن بقيادته .

ربما نختلف على أشياء كثيرة ، على حكومة أو على برنامج حكومة، وربما نحارب حكومة همّشتنا، ولم ترق إلى طموحاتك في البحث عن كل صاحب حاجة، حتى لا يضطر لإزعاجك باختيار وسيلة ربما تكون غير لائقة ؛ لايصالها لك ،وخاصة حين يأتي قبل شهر دولة الرئيس ، ويبدي رغبته في لقاء أقل عدد ممكن من الناس ، لأنه ليس لديه وقت أو لسبب آخر ، فماذا عساهم يفعلون ياصاحب الجلالة ؟

صاحب الجلالة

الكثير مما جرى في زيارتكم الكريمة للمحافظة تتحمل مسؤوليته الحكومة المحلية وأجهزتها وكوادرها ، في تنظيم الزيارة والتحضير لها ،واختيار المدعوين وتوزيع البطاقات، وتجاهل الكثير من الوجهاء والنخب ؛ليكونوا في حضرتكم ، وتجاهلها لشباب الطفيلة ، ومطالبهم وهم الحريصون ككل أبناء الوطن على الوطن والقيادة والشعب ،وكانوا يمارسون مطالباتهم بحقوق المحافظة بأسلوب حضاري راقٍ، مسيرات مهذبة،ومطالبات مشروعة ،يوصلون الرسالة يوم الجمعة، ويعودون إلى بيوتهم، فلماذا استثنتهم الحكومة المحلية من شرف اللقاء بك والحديث بين يديك ؟


صاحب الجلاة الهاشمية

أبناء الطفيلة ـ كما كتب الكتاب المنصفون من غير أبنائها في الصحف والمواقع الإلكترونية ـ لا يساوَمُ على وطنيتهم ، وليست موضع شك أو ريبة، ولكنهم بحاجة إلى معالجة لأحوالهم ، وتوزيع مكتسبات التنمية، والتخطيط الاستراتيجي الناجح لمشاريع تحد من البطالة ، وتخفف من حالات الفقر.

صاحب الجلالة

فتحت عيني في مطلع الستينيات من القرن الماضي في بيت حجري جميل، وأنا أرى صورة والدكم رحمه الله بإطارها الخشبي الجميل ،معلقة في صدر البيت وما زالت حتى الآن معلقة، رغم وفاة صاحبها وصاحب البيت ،رحمهما الله ، حافظنا عليها ومازالت الصورة بالأبيض والأسود، نحن " الطفايله" نحب هذين اللونين ، نكره التلون والنفاق والمجاملة، وجهان لنا لا ثالث لهما ، وجه أبيض هو لكم ،ووجه أسود هو لكل أعداء الوطن ،وما السواعد السمر في قواتك المسلحة والأجهزة الأمنية من أبناء المحافظة الهاشمية، إلا دليل على صدق إخلاصهم وولائهم لكم يا صاحب الجلالة .

بقلم د. خالد الخلفات

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج