الطائرة جاهزة للاقلاع !!

الطائرة جاهزة للاقلاع !!

كثيرة هي الدروس التي تؤخذ من الأحداث الخطيرة التي تحدث في تونس.. وسأقف في هذه الكلمة مع درس هو من أهمها، وهو سرعة هرب الرئيس..

لقد حكم ذلك الرئيس تونس ثلاثاً وعشرين سنة، وكان طاغية مستبداً، عانى الشعب هناك ما عانى من بغيه وافساده، وقرب حوله أقاربه، وأطلق أيديهم في خيرات البلاد، ينهبون ويسرقون ويجمعون، حتى صاروا من أصحاب الملايين، وكلما زاد هو وأبناؤه وأصهاره ثراء، زاد الشعب "المسحوق" فقراً، اضافة الى تكميم الأفواه وانتهاك الحقوق، والحكم "البوليسي" الذي استمر حوالي ربع قرن.. وكان النظام الحاكم في تونس من أكثر الأنظمة العربية محاربة للاسلام ومظاهره، من الحجاب والتدين، ومطاردة للمتدينين..


ومن أعجب ما سمعت عن "الرئيس الهارب" أنه كان يخطط للهرب منذ قيامه باللانقلاب على "ولي نعمته" بورقيبة، فبعد أيام من استلامه الحكم عام 1987م طالب "الرشكات الأمنية" الأوروبية، بأن تقدم "عروضها" لرسم خطة آمنة وسريعة "لتهريبه" من تونس عند وقوع الخطر.. ومن العجيب أن الشركة التي فازت بالعرض تقدمت على الشركات الأخرى بخطة أسرع بدقيقتين !!

هكذا اذن.. يحكم الرجل البلاد، ويظلم الناس، وينهب الخيرات ، ويجمع الملايين، وعنده خطة محكمة للهرب والنجاة !!

وهذا ما حصل بعد حوالي ربع قرن من حكم مستبد، فلما اشتدت المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات، وخرجت الأمور عن السيطرة، أتى الرئيس بأقاربه المقربين، وجمع الأموال المنهوبة، وتوجه نحو المطار... وكانت الطائرة جاهزة للاقلاع، وركبها الرئيس مع عصابة السارقين من أقاربه وأمواله المسروقة.. ورفضت دول أوروبا استقباله، كفرنسا وايطاليا.. ونزل أخيراً في السعودية، التي أصبحت "مكب نفايات" للرؤساء والحكام المطرودين المخلوعين، كما قال عبد الباري عطوان !

الطغاة هكذا !! الأوطان عندهم مهمة طالما هي "بقرة حلوب" يحلبونها ويستولون على مافيها، وينهبون خيراتها، وهم يكذبون على الشعوب عندما يزعمون محبتهم للأوطان، وانتماءهم لها، وحرصهم عليها !!

يحكم الطاغية البلاد, ويكمم الأفواه، ويطلق أيدي زبانيته في البلاد والعباد، ويجمع وينهب ويسرق ويأخذ، ويتغنى بالوطن، ويتغزل بجماله، ويتعهد بالاهتمام به وحرصه على مصلحته ومستقبله... و"طائرة الرئاسة" في المطار، جاهزة، مستعدة للاقلاع، والنجاة بذلك الحاكم الطاغية الهارب، الذي ترك "الوطن" الذي تغزل به يحترق، ودماء شعبه تسيل في الشوارع !!

آن للشعوب المسحوقة أن تعرف هذه الحقيقة: حكامها الطغاة غرباء عنها، وهم ينهبون خيراتها، ويتحكمون فيها.. وطائرتهم في المطار جاهزة للاقلاع, وفيها الطغاة والمسروقات !!
د.صلاح الخالدي

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج