اعتذارية للشهيد صدام حسين

اعتذارية للشهيد صدام حسين

تضيع الكلمات وتتجمد الدماء في العروق أمام ذاك الحدث الجلل الذي نال من أغلى رموزنا.. وانتهك مشاعرنا!!
عصابة من المحتلين والسراق والصهاينة.. عملاء أوباش ومرتزقة.. شعوبيون وطائفيون... وعصابات الحقدة وحثالات البشر...وفدوا ذات عتمة.. من كل أوكار الرذيلة..منهم من جاء على ذيل دبابة.. ومنهم من تسلل في بسطار نتن.. إلى ذاك العراق العظيم....فتسيدوا المشهد العراقي الجديد بتفاصيله القبيحة!!!
فكان العراق الجديد...تماماً كما أراده بوش ورهط الماجنين.. عراق الطائفيين والميليشيات.. عراق الفوضى.. عراق الرصاص والدرل.. عراق العنف العابر للطوائف والأقاليم والقوميات.. عراق الموت والجثث الطافية فوق الأنهار.. وعلى قارعة الطرق.. وفي كل مكان.. عراق توزع فيه القتل والاغتصاب والخطف والمجازر وقطع الأعناق، وأقبية التعذيب على خارطة العراق..
عقدوا المحاكم ونصبوا المشانق لأسرى الحرب وقدموا مثالاً حياً بالصوت والصورة واللون لفاشية المحتلين وشرعة الغاب..
جاء المحتلون وتحت دوافع الانتقام ببدعة سموها المحكمة الجنائية.. فكانت صناعة أمريكية ايرانية طائفية بامتياز..رصدت لها الإدارة الأمريكية (120) مليون دولار لإدارة جلساتها، وأفرزت لها طاقم قضائي أمريكي كانت مهمته جمع الوثائق وجلب الشهود..
أما إيران فقدمت الشهود ودربتهم.. وزورت الوثائق وفعلت ما فعلته فيها تزيفاً وتشويهاً وإخفاء..سرقوا الملفات من دوائر الدولة العراقية وخاصة ملفات الاستخبارات والمخابرات والمحاكم بما فيها ملفات محكمة الثورة وأعادوا إنتاجها إيرانياً!! (أحيل القارئ العزيز إلى شهادة حمد الشريدة على شبكة الرافدين)

محكمة قراقوشية.. قضاتها بهلوانات.. منهم من أصابه مس ومنهم من أصابه صغار.. فكانت العصبية والنرفزة والألفاظ البذيئة سمات مسيطرة على سلوك وممارسات قضاة هذه المحكمة..
محكمة.. كان الإدعاء فيها أرعنا مشوها حاقداً.. جاءوا بشهود زور.. تم تصنيعهم في مكان ما من خارطة الحقد الإقليمي..
على الجانب الآخر من المحكمة هناك محامون..حرموا من حق الحماية.. تركوا (في الخارج) لعصابات الموت تصطادهم الواحد تلو الآخر... فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. ومن لم يمت غيلة وغدراً.. قتلوه اضطهادا.. و داخل القاعة تركوا لقاض أخرق أوسعهم شتماً وطرداً وتقريعاً.. يسكتهم متى شاء.. ويمنع عنهم الصوت والصورة متى شاء.. ويهددهم ويتوعدهم كما يشاء..
محكمة استرجعت التاريخ الأسود للشعوبيين والطائفيين.. وكانت مسرحاً قدم عليه عرض في غاية السوء..فسجلت هذه المحكمة المسخرة صفحة سوداء في سفر القضاء العربي بعامة والعراقي بخاصة.. وكان أقل ما قيل فيها أنها "لم تكن حيادية".. بحسب (القاضي رزكار أمين)
وكانت المحاكمة.. "سخرية العدالة" بحسب (رامزي كلارك).. مهزلة.. ومسرحية سياسية رديئة النص وفاشلة الإخراج.. لعبها ممثلون فاشلون بكل المعايير.. فجاء الحكم إفرازاً طبيعياً لكل تلك المقدمات.. صورياً.. جائراً.. وما كان على حكومة الدمى في سياق تكليفها بالمهام القذرة إلا أن تحبس العراقيين في ما تبقى من منازلهم قبيل النطق بالحكم الفضيحة..
فالقرار المشين الذي اتخذه الاحتلال ونطق به القاضي الأخرق إنما جاء لإغراق العراق في حرب لا تبقي ولا تذر...
أما نحن الشعوب المفجوعة.. فإننا رغم فجيعتنا بكبريائنا .. فإن ذاكرتنا تبقى عصية على النسيان..
لن ننسى أن العراق الديمقراطي الجديد احتل فيه مجرمو الحرب وعصابات القتل والمنحرفين مقاعد النواب والوزراء والرؤساء والمستشارين والقضاة..
ولن ننسى مشهد الاعتقال المهين..
ولن ننسى محكمة وقف فيها الأسود في قفص الاتهام واعتلى المرضى والمشوهون منصة القضاء..
ولن ننسى زيارة نيغروبونتي العاجلة لبغداد عشية النطق بالحكم.. كما لن ننسى ابتهاج بوش يزف البشرى بالحكم على صدام!!!
وفوق كل هذا وذاك فإننا لن ننسى أنكم ذات أضحى.. كان انتقامكم الأسود..
ولن ننسى أن أمريكا سعت لإخراج العراق ومن بعده الأمة من التاريخ والجغرافيا معاً.. إلا أن صدام حسين باستشهاده أعاد الأمة والعراق إلى قلب التاريخ.. وأعالي الجغرافيا
ولن ننسى أنكم أردتم بمحاكمة صدام أن تكون محاكمة للأمة... وبالتالي فإن الحكم بإعدام صدام إنما استهدف العروبة والإسلام.. قبل أن يستهدف رأس صدام..
فصدام حسين.. رغم ما أثخنتموه به من جراح وابتلاءات.. ظلت بوصلته حاضرة في الزمان والمكان والاتجاه في المستقبل والأمة.. حتى اللحظة الفاصلة بين الحياة والخلود..
فهذا الرجل..جاء من خارج زمان القزامة الذي يلفنا من كل جانب.. تعملق زعيماً.. وتعملق مقاوماً.. وتعملق أسيراً.. وتعملق محكوماً... وها هو وعلى مرأى الدنيا تعملق شهيداً... بل حين ظننتم أنكم قتلتموه ارتقى موقعه الطبيعي مع الخالدين من الصديقين والشهداء..

بقلم: د. عيدة المطلق
شبكة البصرة

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج