العجارمة والفراهيد و '' العافين عن الناس ''

العجارمة والفراهيد و '' العافين عن الناس ''

لعلها ميزة اختص بها الخالق صنفا من الناس يباهي بهم الخلائق يوم القيامة حين قال " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين" .
في كل صباح ندعو الله عز وجل ، أن يجنبنا الخطأ والخلل والزلل ، ونستعيذ بالله من الوقوع في المشاكل المباغتة ، التي قد تطيح باي واحد منا في أقل من طرفة عين .
ومع هذه الأدعية نجد الآباء والجدات يتضرعون الى الله ان تكون الواقعة والحادثة إذا حصلت ، هي مع خيار الناس والأفاضل منهم وأولاد الحلال ، الذين يشعرون ويتجاوزون ولا يتربصون ، ومع أهل التسامح والمعروف .

وفي تفسير القرطبي : أن المأمون جاءته جاريته بطعام فسقط من يدها فغضب ، فقالت يا مولاي أذكر قوله تعالى - والكاظمين الغيظ - قال كظمت ،قالت - والعافين عن الناس - قال عفوت - قالت والله يحب المحسنين - قال أنت حرة لوجه الله تعالى.
هذه الدنيا مليئة بالأمثلة المضيئة ، يقابلها أمثلة صارخة في الابتزاز والتعنت ، لابد أن نشير في الطفيلة إلى واحدة من تلك الاضاءات الكريمة التي وقعت لشاب من عشيرة العجارمه ، كانت مثالا دامغا للكرم وعزة النفس والتسامح فقد أدى إطلاق عيار ناري بالخطأ من بندقية للصيد خلال رحلة للحصاد في منطقة الطفيلة ، الى مقتل الشاب مصعب مسلم العجارمه ذو (17) عاما ، على يد صديقه ورفيق دربه الذي يصغره عمرا حسين الفراهيد .
المشرق في القصة ان والد المتوفى وأهله وعشيرته رفضوا دفن الجنازة الا بعد ان تفرج الشرطة عن الشاب القاتل بغير قصد ، وغادروا المستشفى الى مديرية الشرطة ، طالبين الإفراج عن الشاب ، الذي كان يتضور ألما وحزنا بعد الحادث الذي وقع كالصاعقة .
وكان لإعلان العجارمة على المقبرة دون انتظار الجاهات وطلبات العفو والصفح بالتنازل عن أية حقوق شخصية او قانونية ، وقع كبير على الناس ، في بلد يجنح في العادة إلى التسامح والنوايا الطيبة ، ويضع المعروف في المكان الصحيح ، وفاء للإنسانية واحتراما لمشاعر الآخرين .
ولعل هدى نبينا في هذا المجال واضحا حين قال صلى الله عليه وسلم "من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء" هذه الوقفات المضيئة التي تبدو كفلق الصبح في وطننا الغالي ، بالعفو والتسامح عن الآخرين ، وتلبية للمشاعر والأحاسيس التي كسر هدوئها الخطأ المباغت غير المقصود ، هي في الواقع ثمرة تربية وتهذيب ، ونتاج بيئات وادعة طيبة ، تلبي رغبات المجتمع الطامح الى السكينة ، وتصدع الى الأوامر الربانية في العفو عن الناس ، وكظم الغيض .
صدق رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال : ينادي مناد يوم القيامة ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ، قيل من هم ؟ قال العافون عن الناس .

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج