دول العالم تنتقم لـ "شهداء الحرية" وتعاقب إسرائيل ...

دول العالم تنتقم لـ "شهداء الحرية" وتعاقب إسرائيل ...

دول العالم تنتقم لـ "شهداء الحرية" وتعاقب إسرائيل محيط - جهان مصطفى


الغضب يعم العالم

يبدو أن إسرائيل التي طالما زعمت ليل نهار أنها تعيش وسط غابة من "الأعداء والإرهابيين" لن تستطيع خداع العالم مهما فعلت هذه المرة ، فمجزرة أسطول الحرية كانت من البشاعة بحيث لم تعد الدعاية الصهيونية تجدى نفعا وهذا ما ظهر واضحا في العقوبات وردود الأفعال الغاضبة التي مازالت تتوالى من كل صوب وحدب .
ففي 5 يونيو / حزيران ، أعلنت فيتنام عن إلغاء زيارة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إليها ، احتجاجا على مجزرة أسطول الحرية .
وفي فرنسا ، رفضت سلسة قاعات عرض "يوتوبيا" الفرنسية ، التي تضم 6 قاعات ، عرض الفيلم الإسرائيلي "على بعد 5 ساعات من باريس" للمخرج الإسرائيلى ليون برودوفيسكى لأسباب اعتبرتها أخلاقية في أعقاب العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل ضد قافلة الحرية التي كانت في طريقها إلى غزة محملة بمساعدات إنسانية للفلسطينيين.
وأعربت مسئولة عن قاعات يوتوبيا عن الفزع من سلوك وتصرفات إسرائيل والعنف الذي أقدمت عليه وبالتالى فإن السلسلة قررت التعبير عن اعتراضها على ما حدث بمنع عرض الفيلم الإسرائيلى في قاعاتها.
وقالت الشركة الموزعة للفيلم "مومينتو فيلم" إنها تلقت بالفعل رسالة من قاعات يوتوبيا تفيد بأنها لم تعد ترغب في عرض الفيلم الذي كان مقررا له أن يعرض اعتبارا من 23 يونيو /حزيران لأن هذا الأمر يمثل مشكلة أخلاقية بالنسبة لها في أعقاب الهجوم العسكرى الاسرائيلى على القافلة الإنسانية.
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، حيث طالب نواب الحزب الشيوعى وحزب اليسار في مجلس الشيوخ الفرنسى بتعليق اتفاق الشراكة المبرم بين الاتحاد الاوروبى وإسرائيل في أعقاب مجزرة أسطول الحرية .
ودعا النواب فى بيان لهم الحكومة الفرنسية إلى العمل على إصدار قرار أوروبى من أجل تعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبى وإسرائيل.
واستنكر هؤلاء النواب استمرار إسرائيل بلاستيطان غير الشرعى والحصار المهين لقطاع غزة واستمرار أعمال العنف ومن بينها عملية الرصاص المصبوب التي شنها الجيش الإسرائيلى على غزة نهاية عام 2008 مما أدى إلى مقتل 1400 فلسطيني، بالإضافة إلى الهجوم الذي لايمكن قبوله على قافلة الحرية وانتهاكات حقوق الإنسان وعدد من القرارات الصادرة من الأمم المتحدة وكل الأمور التي مرت بدون عقاب لإسرائيل.
ورفض النواب ما يتم من تشجيع لإسرائيل على الاستمرار في أعمالها الإجرامية من خلال استمرارها في الاستفادة من المزايا التي يقدمها الاتفاق الاقتصادى والثقافى مع الاتحاد الأوروبى.
وبجانب ما سبق ، فإن ملاحقة إسرائيل قضائيا لم تكن غائبة عن حملة التنديد بمجزرة أسطول الحرية ، حيث أعلنت ليليان جلوك محامية لجنة الإحسان وإغاثة الفلسطينيين التى ينتمى إليها 6 فرنسيين ممن كانوا على متن قافلة الحرية أنها تقدمت بدعوى قضائية في فرنسا ضد إسرائيل بتهمة الخطف والاحتجاز بدون وجه حق.
وقالت المحامية فى مؤتمر صحفى لها إنها تقدمت بدعوتين فى هذا الشأن للنائب العام فى مدينتى مرسيليا وايفرى حيث يعيش اثنان من أعضاء لجنة الإحسان وإغاثة الفلسطينيين.
وأضافت أن هاتين الدعوتين القضائيتين تتهمان إسرائيل بارتكاب جرائم اختطاف واحتجاز دون وجه حق واستخدام العنف بالسلاح واختطاف سفن، مؤكدة أن الضحايا هم من الفرنسيين وبالتالى فإن القضاء الفرنسى له وجه الاختصاص في النظر في هاتين الدعوتين .
مقاطعة إسرائيل





ويبدو أن الأمر لن يقف عند حدود الملاحقة القضائية ، حيث قرر عمال الموانئ البحرية في السويد مقاطعة السفن والبضائع الإسرائيلية لمدة أسبوع بدءا من منتصف يونيو احتجاجا على مجزرة أسطول الحرية .
وقال بيتر أنيرباك الناطق باسم اتحاد عمال الموانيء الذي يضم 1500 عامل إنه طلب من أعضائه رفض تفريغ السفن وشحنات البضائع الإسرائيلية في الموانيء السويدية خلال فترة المقاطعة الممتدة من الخامس عشر إلى الرابع والعشرين من يونيو/حزيران .
وأضاف أنه في حال قدمت أي سفينة شحن إسرائيلية فستترك وسيمتنع العمال عن العمل على ظهرها ، وتابع الناطق باسم اتحاد عمال الموانيء السويدية أنه لم يتضح بعد إلى أي حد ستؤثر المقاطعة على التجارة بين بلاده وإسرائيل ، واصفا ما حدث فجر الاثنين الموافق 31 مايو بأنه هجوم إجرامي غير مسبوق على أسطول بحري مسالم.
وحث الاتحادات العمالية الأخرى والمنظمات على أن تتخذ مبادرات مماثلة , داعيا إلى محاكمة إسرائيل وحملها على احترام القانون الدولي, كما دعا إلى إنهاء الحصار المضروب على غزة فورا.
ورغم محاولة إدارة أوباما إنقاذ إسرائيل من ورطتها والزعم أن لها الحق في اعتراض سفن الإغاثة ، إلا أن هذا لم يمنع استمرار المظاهرات الغاضبة في كافة أنحاء العالم ، بل وأعلنت عدة جهات دولية من أبرزها منظمة صحفيون بلا قيود عن عزمها تسيير سفن مساعدات جديدة .
وكانت الاحتجاجات امتدت إلى استراليا حيث احتشد آلاف المتظاهرين في قاعة بلدية سيدني وأحرقوا العلم الإسرائيلي ، فيما نظمت مظاهرات مماثلة في مدن أخرى.
وفي نيوزيلندا ، أحرق محتجون الأعلام الإسرائيلية وألقوا الأحذية على القنصلية الأمريكية في أوكلاند احتجاجا على حصار غزة ، وسار نحو ثلاثمائة شخص في شوارع أوكلاند ليحثوا الحكومة على طرد السفير الإسرائيلي ، في حين شهدت مدن ولينجتون وكريستشيرش ودوندين مظاهرات مماثلة.
وشهدت النمسا مظاهرة في فيينا قدمت فيها عريضة إلى المستشار النمساوي ورنر فايمان تطالب بوقف التعاون العسكري بين البلدين وإلغاء زيارة كان يعتزم القيام بها إلى إسرائيل.
كما نظم مئات المتظاهرين احتجاجا صاخبا أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل وهم يحملون لافتات تطالب بتحقيق دولي مستقل في الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية.
وفي العاصمة الإيطالية روما ، تظاهر آلاف الأشخاص تنديدا بالهجوم الإسرائيلي على الأسطول ، كما تجمهر آلاف الماليزيين وفيهم الزعيم السياسي أنور إبراهيم أمام السفارة الأمريكية وأحرقوا العلم الإسرائيلي وأغلقوا الطريق الرئيسي المؤدي للسفارة.

وشهدت عدة مدن إيرانية مسيرات حاشدة طالبت المحافل الدولية والإسلامية باتخاذ موقف صارم من دولة الاحتلال وأعلنوا استعدادهم الانضمام إلى قوافل السلام والحرية لإيصال المساعدات إلى أهالي غزة.
كما خرجت مظاهرات في المكسيك والبرازيل وفرنسا وألمانيا وبريطانيا واليونان والأرجنتين.
احتجاجات عربية
وكانت مدن عدة في مصر شهدت في 4 يونيو مظاهرات واحتجاجات بعد صلاة الجمعة طالبت بطرد السفير الإسرائيلي ووقف تصدير الغاز، فيما أدى المصلون صلاة الغائب على أرواح ضحايا الأسطول ، بل وذكرت قناة "الجزيرة" أن الاحتجاجات الغاضبة في مصر أخذت شكلا جديدا حيث أيدت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة خلال جلستها في 5 يونيو الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري القاضي بإسقاط الجنسية المصرية عن المصريين المتزوجين بإسرائيليات.
وألزمت المحكمة وزارة الداخلية بعرض طلب إسقاط الجنسية المصرية في هذا الشأن على مجلس الوزراء للنظر بإسقاط الجنسية من عدمه شريطة أن يتم عرض كل حالة على مجلس الوزراء على حدة ويعد هذا الحكم "باتا ونهائيا ولا يجوز نقضه".
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن ناشطون سعوديون عن طلب رسمي للحصول على إذن بالاعتصام سلميا في 10 يونيو للتنديد بالاعتداء الإسرائيلي والمطالبة بفك حصار غزة ، بينما قررت الحملة الشعبية في السودان لمناصرة فلسطين إرسال قافلة الحرية من ميناء بورسودان بعد جمع التبرعات الرسمية والشعبية لإمدادها بالمعدات الطبية والأدوية والحديد والإسمنت.
أما في الجزائر ، فقد تظاهر الآلاف تنديدا بالممارسات الإسرائيلية فيما كشف وزير الصحة الجزائري جمال ولد عباس أن الاتحاد الطبي الجزائري قرر إرسال وفد من الأطباء الجزائريين المتطوعين خلال أيام إلى غزة.
وشارك مئات الفلسطينيين والسوريين أيضا في مظاهرة جابت شوارع مخيم اليرموك للنازحين بهتافات لشهداء أسطول الحرية والشيخ رائد صلاح ومطالبات بمعاقبة إسرائيل ورفع الحصار.
وتواصلت الفعاليات التضامنية في لبنان، حيث نظم حزب الله فعالية كبرى ألقى فيها أمينه العام حسن نصر الله خطبة خاصة للمناسبة ، فيما شهد مخيم عين الحلوة مسيرة جماهيرية نظمتها القوى الإسلامية من أمام مسجد النور.
ويبقى الأمر الأهم وهو تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان التي أكد خلالها أن قدر غزة ليس منفصلا عن قدر أنقرة ، مشيرا إلى أنه أبلغ الولايات المتحدة بأنه لا يقبل تصنيف حركة حماس على أنها منظمة إرهابية.
وأضاف أن حماس حركة مقاومة تقاتل للدفاع عن أرضها وأن الكثير من أعضائها معتقلون في السجون الإسرائيلية مع أنهم فازوا في انتخابات ديمقراطية وحرموا من حقهم في الحكم ، وتابع أردوجان أن الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط "يظهر حالة الارتياب والصدمة" التي تمر بها الحكومة الإسرائيلية.
وأكد في كلمة ألقاها أمام حشد ممن شيعوا في مدينة قونيا شهداء أتراكا ممن سقطوا في الهجوم الإسرائيلي أنه إذا أدار العالم ظهره لفلسطين فإن تركيا لن تدير ظهرها للقدس والشعب الفلسطيني أبدا ، قائلا :" قدر الشعب الفلسطيني ليس منفصلا عن قدر تركيا وقدر غزة ليس منفصلا عن قدر أنقرة ومصير القدس مرتبط بمصير اسطنبول ، رام الله ونابلس ورفح وخان يونس وبيت لحم وجنين كلها مدن ليست منفصلة عن قونيا".
وتابع "إذا صمت العالم فنحن لن نصمت، وإذا غض العالم الطرف عن تلك المذبحة فنحن لن نغض الطرف، وإذا بقي العالم متفرجا على حمام الدم فإننا لن نظل مكتوفي الأيدي ونترك ذلك الدم يجري، لأن ذلك لا يليق بالشعب التركي والأمة التركية".
ويبدو أن أردوجان مازال مصرا على تحدي إسرائيل ، حيث كشفت مصادر تركية مطلعة أن رئيس الوزراء التركي يفكر في التوجه بنفسه إلى غزة لكسر الحصار الإسرائيلي ، فيما طلبت منه الإدارة الأمريكية التريث في مسألة إرسال سفن حربية تركية لمواكبة أسطول جديد يتم الإعداد لإرساله إلى القطاع.
ووفقا للمصادر السابقة ، فإنه في إطار المواجهة المفتوحة بين تركيا وإسرائيل عقب هجوم إسرائيل على أسطول الحرية فإن أردوجان يفكر في التوجه بنفسه إلى غزة لكسر الحصار وأنه طرح هذه الفكرة على الدوائر الرسمية القريبة منه ، كما أبلغ الإدارة الأمريكية بأنه ينوي الطلب من سلاح البحرية التركية مواكبة أسطول جديد لسفن الإغاثة يجرى الإعداد له للتوجه إلى غزة ، لكن المسئولين الأمريكيين طلبوا منه التريث لدراسة الموضوع.
ورغم أن تركيا لم تقطع بعد علاقاتها نهائيا مع إسرائيل ، إلا أن السفير التركي لدى واشنطن نامق طن حذر إسرائيل من أن بلاده ستقطع العلاقات الدبلوماسية معها ما لم تبادر إلى الاعتذار علانية عن الهجوم على أسطول الحرية الذي استشهد فيه تسعة ناشطين أتراك وتقبل بإجراء تحقيق دولي حول العملية وتقوم بإنهاء الحصار على غزة.
والخلاصة أن مجزرة أسطول الحرية لن تمر دون عقاب ، بل إن وسائل الإعلام الأمريكية أكدت أن إدارة أوباما باتت في وضع حرج أمام العالم كله بسبب محاولتها تبرير وحشية إسرائيل وانتهاكها الصارخ للقانون الدولي.

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج