نقابة للمعلم ......مصلحة لمن

نقابة للمعلم ......مصلحة لمن

نقابة للمعلم ......مصلحة لمن


ينادي الجميع اليوم طبعا باستثناء الحكومة الأردنية بإنشاء نقابة للمعلمين ومن المنادين من تطرق إلى إيجابيات إنشاء نقابة للمعلم ومنهم لم يتطرق بل اكتفى بالقول أن للمعلم الحق بإنشاء نقابة تمثله اسوة بالقطاعات المختلفة في المملكة. وهنا أحاول أن ألقي الضوء على أن إنشاء نقابة للمعلم أصبحت ضرورة ليس فقط للمعلم وإنما ضرورة أيضا للمجتمع كافة. يعني بلغة العصر وبلغة المصلحة اصبح من مصلحة البلد إنشاء نقابة للمعلم كيف لا وقد أصبحت العملية التربوية والتعليمية في البلد على شفا هاوية ولم يستطع أي من المسؤولين وعلى مر العقدين الماضيين معالجة الخلل الذي حصل نتيجة السياسات التربوية غير المدروسة على الإطلاق بل كانت السياسات وللآن هي عبارة عن بالونات فارغة لا يرتجى منها سوى لفت نظر الرأي العام الأردني والداعمين إلى تغيير أو تطوير في العملية التربوية والمحصلة هو الوضع الذي نحن فيه وزيادة رقعة الخرق فالمطلع من قريب أو بعيد لا يحسد الوضع التعليمي في البلد بل على العكس يحوقل ويدعو الله على أن يتحسن الوضع التربوي والتعليمي وأكثر المتفائلين لا يرجو تحسنا بل يرجو أن تقف الأمور على هذا الوضع. فلقد حاول المسؤول دائما معالجة الخلل من خلال بعض القضايا التي يعتبرها مهمة كتطوير المناهج فقط ظانا أن المشكلة تكمن في المناهج فقط ففشل في الإصلاح . وحاول آخر الإصلاح من خلال حوسبة التعليم فقط ففشل. وحاول غيره في معالجة التشكيلات الإدارية فلم ينجح فالهوة تزيد والسخط أصبح أقرب إلى الانفجار. كلهم حاول الإصلاح وعلى طريقته ولكنه فشل فشلا ذريعا والفشل ظاهرا للعيان ليس بحاجة إلى برهان أو دليل . لقد حاولوا ففشلوا لأنهم أغفلوا السبب الحقيقي لتراجع العمليتين التعليمية والتربوية وهو المعلم فلم أجد وزيرا أو مسؤولا يهتم بالمعلم كما اهتم بجهاز الحاسوب أو كما اهتم بديكور المكتب الذي يجلس فيه او كما اهتم بالبهرجات والفقاعات الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ومصلحة المجتمع في إنشاء نقابة للمعلم تكمن في أن الجميع بحاجة لتعليم أبنائه وبالتالي لن تكون هناك عملية تعليم بدون معلم. وأزعم هنا ان صلاح المعلم من صلاح المحتمع, ايضا كون أن التربية تقرن دائما بالتعليم وهذا طبعا عين الصواب, فعدم اهتمام الحكومة بالمعلم واهتمامها بالشكليات وبقضايا لن تكون مجدية بدون المعلم مع أهميتها أودى بالتعليم إلى الهاوية كما اشرت في البداية.حتى أن رفض الحكومة لفكرة نقابة للمعلم زاد من الهوة بين المعلم والمجتمع لأنه لم يجد أحدا يقف معه وقفة تستحق الذكر سوى مقال من هنا أو رأي من هناك حتى مجلس النواب فلم نجد منه سوى الشعارات الانتخابية وإن كان البعض قد اشار في بعض الدورات على ضرورة وجود نقابة للمعلم فإني اضع ذلك في إطار الدعاية الانتخابية ونقطة للمستقبل حتى يحاجج بها ناخبيه .فلو أن أحدا من النواب كان مؤمنا بضرورة هذه الفكرة لقاتل من أجلها كما شاهدنا عندما قاتل النواب من أجل حفنة من الدنانير لإعفائهم من جمرك السيارة أو لإقرار تعيين سائق لهم على حساب الدولة . وغيرها من الامتيازات التي لا حصر لها. فالسيارة والسائق اهم من التعليم ليقاتل من أجلهما. فالنعذر المعلم ولننذر المجتمع لما قد يحصل نتيجة هذا الاحجام عن قضية المعلم الأولى وهو الاعتراف بكيانه وإقرار وإنشاء نقابته التي يحلم بها من زمن. نحن جميعا نحتفل بالمعلم ونقدر المعلم ونقدر ما يصنع من أجل أبنائنا وابناء المجتمع لكن هذا الكلام لا يكفيه ولا يسد حاجته ولا يدافع عن حقوقه بل إنه يزيد الطين بلة حينما نضرب على وتر المعلم دون نقدم له أقل ما يمكن أن يكون فإننا بذلك نذكره بوضعه السيء دون أن نقدم له حلولا عملية. وفي هذا المقام أود التذكير بأن الأمور لم تعد تعني المعلم كما نريد ليس لأن الأمر كذلك بل لأنه مل عدم الاهتمام به وعدم تقديره التقدير الذي يشعره بكيانه فأصبح كغيره لا يهتم بالعملية التربوية ولا حتى التعليمية بل كل اهتمامه انصب على تامين لقمة عيشه ودفع اجرة بيته ومواصلاته فقلما اجد معلما لا يعمل بعد دوامه ياكثر من عمل ليتم تامين هذا كله لا تستغربوا ولا أظنكم كذلك وبذلك فإن المعلم لن يهتم بالطلاب كما كان لأنه لن يجد الوقت الكافي للتحضير أو الذهن الصافي لإعطاء المعلومات وتوجيه الطلاب وتعليمهم . وعدم الإهتمام من قبل المعلم سيعود على المجتمع بنتائج وخيمة لا نتصورها ولن نتصورها فالنستعد لمشاهدة جيل أمي غير مثقف يفتقر الى أبجديات التربية إلا من رحم ربي والذي يظن نفسه بمنأى عن هذا كله كون أبنائه في مدرسة خاصة فلا يفرحن لأن الواقع هناك أدهى وأمر, فيجب الوقوف على أهمية هذه القضية لأنها ببساطة تضر بنا وبابنائنا وبمجتمعنا وبمستقبلنا ولن نستطيع ذلك إلا بتوفير مظلة للمعلم تعطيه حقوقه وتحاسبه على واجباته. ومن مشاهداتي اليومية بات المجتمع كل المجتمع يعاني من هذا الدمار الذي حل بنا والذي انعكس على العمليتين التعليمية والتربوية فالمهندس والطبيب والصيدلاني والخباز والتاجر وموظف الامن كلهم وغيرهم يشكون ويعانون من ذلك لذلك وجب عليهم أن يقفوا مع المعلم لتحقيق حلمه لأن ذلك سيعود بالخير على أبنائه وعلى المجتمع وأمنه واقتصاده. فما الذي يضيرنا لو أن لجنة شكلت من النقابات المهنية وبعض الأحزاب التي نرجو فيها الخير واتحادات ونقابات العمال للدفاع والمطالبة بتشكيل نقابة للمعلمين في الأردن والضغط على الحكومة بذلك لأن ذلك لن يعود بالنفع على المعلم فقط بل على هؤلاء جميعا وأولا وآخرا على كل أردني ... والسلام

بقلم : عامر القصص

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج