تخبط الحكومه !!!!

تخبط الحكومه !!!!

التخبط في سلوك الحكومة وفي تطبيق برنامجها الاقتصادي الذي تعهدت أمام البنك الدولي بتطبيقه يظهر بوضوح في التصريحات المتضاربة التي يدلي بها مسؤولو الحكومة حتى على مستوى المسؤول الواحد نفسه وهذا الارتباك ظهر في الإعلان عن فرض ضرائب ورسوم على أرباح الأسهم في بورصة عمان، وأيضاً فرض ضريبة دخل على مداخيل المغتربين ثم فجأة وبعد أن فعلت التصريحات هذه فعلها وظهرت على شكل تراجع خطير في أسعار الأسهم، لجأت الحكومة إلى النفي أو الإبقاء على هذا الغموض بهدف عدم قطع الطريق على نفسها للإقدام على خطوة كهذه لاحقاً.. كذلك يمكن رصد التخبط الحكومي في إعلان وزير عامل عن نية الحكومة خصخصة المزيد من الخدمات التي تقدمها للمواطنين دون أن يفصح عن أسماء ونوعية تلك الخدمات، وفي أي قطاعات، ما يطرح الشكوك والتساؤلات حول ما إذا كان يقصد من الإخفاء عدم إحداث ضجة أو ردود فعل في الشارع الأردني أم أن الأمور قد نضجت لدى الحكومة ولم تعد سوى مسألة وقت للكشف عنها ووضع المواطن الأردني أمام الامر الواقع وبالذرائع نفسها التي سبقت من قبل، كالارتفاع بجودة الخدمات المقدمة والتنافسية وغيرها من المصطلحات والشعارات التي لم ير الأردنيون تطبيقاً عملياً لها في كل القطاعات والمجالات والشركات التي تمت خصخصتها سوى شيء واحد فقط هو ارتفاع الأسعار وزيادة أرباح الذين اشتروا هذه القطاعات المخصخصة وتدني الخدمات بشكل عام.
ربما يكون من الضروري الحديث عن محاضرة وزير التنمية السياسية في نادي وادي موسى تلك المحاضرة التي لم تضف شيئاً يذكر إلى الإنجازات المتواضعة أو غير الموجودة أصلاً للوزير ووزارته وكانت مجرد شعارات بلا مضمون ولم تكشف عن نية حقيقية لدى هذه الحكومة - مثل الحكومات التي سبقتها - بالعمل الجاد والحقيقي على بلورة خطة لتنمية سياسية عصرية تتجاوز القوانين العرفية التي ما زالت مطبقة تحت ادعاءات وقوانين عديدة جرى فرضها بعد المرحلة العرفية على الرغم من استحداث وزارة التنمية السياسية ولكن أحداً من رؤساء الحكومات لم يأخذها بجدية وبقيت مجرد مكان للثرثرة التي تسمى حوارات في عرف الحكومة وأنصارها، وكان لالتقاط الصور والدعاية والعلامات العامة والتسويق لمعالي (وزراء) التنمية السياسية الذين تعاقبوا عليها وكانوا في غالبيتهم الساحقة نشطاء حزبيون معارضون سابقون.

وزير التنمية السياسية في وادي موسى ألقى موعظة أمام المواطنين وتحدث عن إنجازات قام بها قائلاً أن الوزارة استحدثت مؤخراً مديرية للتنمية الديمقراطية وأخرى للحوار الوطني بهدف تنمية الثقافة الديمقراطية وتعزيز دور الأحزاب وانخراط المواطنين في العمل السياسي.
هل يمكن لعاقل أن يعارض معالي الوزير في سمو ونبل هذه الأهداف التي تحدث عنها والتي لم تغادر الورق الذي كتبت عليه، وليس مهماً لدى الأردنيين إن كان هناك مديرية للتنمية الديمقراطية وأخرى للحوار الوطني أو كانت في مرتبة قسم أو حتى غرفة واحدة بموظف واحد، بقدر ما يهمهم أن يترجم ذلك في الشارع وأن تكون هناك قناعات لدى الحكومة بأن لا ديمقراطية بغير أحزاب، ولا أحزاب بغير قانون عصري ينظم عملها، قانون لا يكون سيفاً سلطاً عليها يقيد حركاتها ويحبس أنفاسها كما هو حال قانون الأحزاب المطبق الآن والذي يمكن وصفه بالمتخلف قياساً لمرحلة ما قبل التحول الديمقراطية في نهاية تسعينيات القرن الماضي ومقارنة بما هي عليه البلدان الديمقراطية الحقيقية وأيضاً في وجود قانون انتخابات عصري يتيح للأحزاب حرية الحركة والدعاية ويفتح الطريق لتواجدها في مجلس النواب حيث تتزايد قناعات الأردنيين (دورة برلمانية بعد أخرى)، بأن قانون الانتخابات المعمول به الآن والمعروف بقانون الصوت الواحد، إنما تم تصميمه لإخراج برلمان يبصم للحكومة على كل ما تريده مقابل تمتع أعضائه بالامتيازات المادية والمعنوية كما شاهدنا في الزيادة (الضخمة) الأخيرة على رواتبهم وفي إعفائهم الحكومة من مسؤوليتها القانونية والأخلاقية في توفير تأمين صحي شامل لكل المواطنين وفي تصويتهم لقانون الاجتماعات العامة الذي يعادي الحريات ويعيد البلاد إلى عقد الخمسينيات والستينيات بل إن هناك من قال إن قانون تلك الفترة المعروفة بأنها فترة قوانين عرفية وأحكام عسكرية كان أفضل بكثير من القانون الحالي إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المتغيرات الهائلة التي طرأت على المجتمع الأردني وعلى العالم أجمع في مختلف المجالات.
وزير التنمية السياسية يتحدث عن استحداث مديريتين في وزارته ولم يأت بذكر على إنجازات لحكومته بعد ثمانية أشهر على توليه منصبه وإنما يقوم بإلقاء مواعظ على المواطنين مثل أهمية سيادة الدولة الأردنية وكأن أحداً يعترض على ذلك أو يتعرض للسيادة ثم يواصل قائلاً وعدم تعريضها للنقد فيما هو يعلم تماماً أن الأردنيين لا يتعرضون لسيادة الدولة ولا يوجهون لها النقد بل هم ينتقدون الحكومة ولهذا يسمح معالي الوزير بنقد الحكومة ولكن ضمن معايير الحكومة نفسها وشروطها هي الشفافية والنقد البناء والإيجابي المستند للثوابت الأردنية.
لا أحد يعرف إن كان مواطنو وادي موسى سألوا وزير التنمية السياسية عما إذا كانت الحكومة تلتزم هذه الشروط تجاه المواطنين، وما هو تعريفه للشفافية والنقد البناء والإيجابي، وما هي الثوابت الأردنية التي يتحدث عنها، إن لم تكن التزام الحكومة بواجباتها تجاه المواطنين وعدم السماح باستغلالهم ومكافحة الفساد وحماية المال العام من النهب وسيادة القانون وعدم اعتبار أي شخص مهما كانت وظيفته فوق القانون، ومنع الاحتكار وردع الجشع، وتقديم الخدمات الأساسية التي نصت عليها كل الدساتير والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان مثل تأمين المسكن والعمل والطبابة والمياه الصالحة للشرب..
ربما غاب عن ذهن الوزير أن الأردنيين ليسوا سذجاً وهم يستمعون إلى محاضرته التي تميزت بالعمومية والشعارات والوعظ، لكن السؤال الذي ردده معظمهم بهذه الصيغة أو تلك هو الذي كان يجب أن يتوقف عنده صاحب المعالي وهو الذي تمحور حول ارتفاع الأسعار ومطالبتهم الحكومة وأذرعها المختلفة بالقيام بدور رقابي أكبر على الأسعار التي وصلت مستويات قياسية لم يعد بمقدور الكثير من الأسر تحملها.
هنا كان يجب على الوزير أن يتوقف كثيراً وأن يعيد حساباته لأن المواطنين
أولاً : لا يرون أن الحكومة تقوم بواجبها الدستوري في الرقابة الحازمة على الأسعار،
ثانياً : لأن الكثيرين لم يعودوا قادرين على تحمل أعباء الحياة التي يعيشونها في ظل تغول التجار وارتفاع الأسعار وصمت الحكومة أو مساهمتها في رفع هذه الأسعار عبر سياساتها المالية والاقتصادية والتنموية غير الناجعة.
أراد مواطنو وادي موسى أن يقولوا لوزير التنمية السياسية بطريقة أخرى لسنا معنيين بحديثك عن تنمية سياسية لا يراها أحد من الأردنيين وكل ما نريده هو توفير لقمة العيش الكريم لأولادنا ولعائلاتنا..
فهل وصلت الرسالة؟؟!!

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج