وصفي وحابس منازلهم....وقلبي

وصفي وحابس منازلهم....وقلبي

كتبت عن منزل حابس المجالي (5) مرات متتاليه ....في الوقت الذي كان يشيد فيه منزل باسم عوض الله ....وكتبت عن منزل وصفي التل الكثير في الوقت الذي كان فيه ارثه يستباح ويهمش ويكسر .



لم يسمعني (احد) وأتذكر اني منذ (3) سنوات و بحكم عملي في أمانة العاصمه أقاتل لكي أكون مديرا لدارة وصفي التل فأنا أعرف المنزل ولي فيه ذكريات ..أعرفه بالصدع والطلاء والخزائن والكتب ....ولكن لم يسعفني الحظ ولم يسعفني المشهد ...وأستكثروا على أن أعمل بجانب قبر وصفي ...زمنا أو سنة او حتى شهرا .

وصفي التل بنى منزله بيده ...وحابس شيد منزله بقلبه ...والأثنان جاءوا من التواضع ومن بساطة الشعب ومن قلب المعركة ومن نبض الناس ..بالمقابل كيف تم تشيد منزل باسم عوض الله وكيف منحت بعض الأراضي في الكرسي ودابوق لصغار الموظفين في الرئاسة؟ والديوان كي يشيدوا عليها بيوتا من الرخام والمرمر والسجاد العجمي ...والرفاه .

اذا كانت أعادة الأعتبار للمنازل أمرا يقع في باب الحفاظ على هوية من قاتلوا وحموا العرش ...فقد جاء هذا الأمر متأخرا جدا... واذا كان الأمر يقع في باب مجاملة (الشرق أردنيين) باعتبار أنهم شذوا عن القاعدة وأعلنوا في المدى ...أن الرفض ديدنهم وأن الأسئلة تصبح مباحة حين يتعلق الأمر بوطن بنيناه بأحداق العيون والأضلع ...فأظن أن القصة لا تعالج بمسائل المجامله .

لدي سؤال ....هل سيقوم (ابو حسن العيسوي) حماه الله وايده بنصره بعد أنتهاء الترميم ...بأفتتاح المنزلين بصفته راع وحام ومتابع للمبادرات الملكيه ؟

لا أريد ان اكتب هما شخصيا ولكني سأسرد تفاصيلا عن سخف دولة أدمنت الهروب من الحالة ....لم يكتب احد في الأعلام الأردني عن حابس ووصفي مثلما كتبت أنا وأتذكر أني من الناس الذين عملوا في عهد أمين عمان السابق المهندس نضال الحديد ....على أعادة كتابة تاريخ وصفي التل ..وذهبت وقتها الى القاهرة وأحضرت ملفات التحقيق وسجلت مع الراحل مريود التل ما يقارب ال (20) حلقه عن سيرة وصفي ...وبنفس الوقت أصدرت كتابا عن حابس لحظة وفاته وأعددت برامجا تلفزيونيه عن رحيله ....وأنا من طالب امين عمان السابق بأعادة الأعتبار لمنزل المرحوم حابس المجالي .

لا أكتب هنا من خلفية أني كاتب بل أنظر لنفسي أني وريث شرعي لتاريخ هذين الرجلين ليس بحكم الجغرافيا والعائله ولكن بحكم الخط والنهج والتوجه ...فنحن حين كتبنا في الصحافة عنهم كنا نكتب ترسيخا لنهج وصفي وبطولة حابس .

وفي الوقت الذي يطلق فيه العرش مبادرة احياء المنزلين يأتيني اتصال من أمانة عمان ...وتأتي دائرة التفتيش الى منزلي ويتم سحب السياره وأبلغ بأني في الاسبوع القادم سيتم أنهاء عقدي بمعنى أخر مطرود من العمل...وبنفس الاسلوب يتم التعامل مع شاعر حمل كل الحب لوصفي وحابس وهو حبيب الزيودي ...هل تكافيء الدولة من حملوا هذا الأرث بالتجويع والطرد ؟

انا وحبيب لم نتورط في فساد الأمانه ولا بصفقاتها المشبوهه ولكننا تورطنا بأرث حابس وتاريخ وصفي ...ولم نتورط ببناء منازل مثل عوض الله ولم تقدم لنا أرض الديسي على طبق من ذهب مثلما قدمت لصبيح المصري ...ولم نتورط بالمال السحت الحرام ....ونكافيء مرة أخرى بالتهميش والنفي ..

شكرا على المبادره ....فالحياة تضخ في الجدران والأبواب والشبابيك أما البشر الذين ...قدموا حابس ووصفي لغة مكتوبه طبعت على أرواح الأردنيين وأفئدتهم ...فالمبادرات التي تقدم لهم هي الطرد والتشريد والنفي .

تلك مجاملات للشرق أردنيين هدفها ....تطمينهم وهدفها الاخر حقنهم بالمورفين المنعش قليلا ...وهدفها الأبعد هو تخديرهم رويدا رويدا ...بالمقابل تمنح الدولة للاخوان المسلمين كعكة جميله ورائعه هي ملايين المركز الاسلامي الخيريه ...وأنا وحبيب الزيودي لو جمع كل ما تقاضيناه من أمانة عمان من أول الدرب حتى وفاتنا فلن يعادل مكافأة صرفت لانسه أو سيده أو مركز دراسات ..أو حفلة مجون رسميه اقيمت في فندق بداعي الثرثره .

ومطلوب منا أن نسكت ...ويضحكون علينا بكلمة عابرة ..(بلدنا وبدنا أنشيلها) ....وكنا نظن في مرحلة من العمر أنها بلدنا ...ولكنكم ( طوبتوها) عنوة بقوشان غير قابل للعزل باسم (باسم عوض الله) وصبيح المصري وشريف الزعبي ......(طوبتوها) كاملة ببحرها وبرها ونهرها .

وتركتونا على هامش الحياة نصفق ونهلل ونطلب لمحة أو نظرة أو سلاما من الظل العالي ...

هل أحترام الاردنيين يتم عبر صفعهم بكف ومن ثم أعادة بناء بيت بالكف الأخرى وماذا ستنفع الجدران أن طليت باللون الأبيض وطعمت بالرخام ...هل ستعيد الحياة لوصفي أو حابس ؟

هل مطلوب منا أن نبقى نعاني من مرحلة بحر العلوم ايمن الصفدي والفتي سمير الرفاعي ...ونقاتل كي لا تمد اليد لازراقنا ومن ثم تأتي مرحلة عون ويعيدون الكرة وتبدأ حربهم الجديده على الأرزاق ....ونصمت وعلينا أن نهلل لأن منزل حابس سيعاد ترميمه ومنزل وصفي سيعاد بناءه ..


خذوني للسجن ...فالسجن اشرف من حياة لا مكان فيها الا للتعب والقلق والأسئلة ...وخذوني لزمن أخر فهذا زمن مشين ونحن المبتلون فيه بهويتنا وعمرنا ورحلة الصباح المضنيه التي ننتظر فيها ما سيأتينا من مصائب .

لم نعد ذاك الجيل الأخرق الذي يهلل ويطبل ويزمر وتلك المبادرات التي تريدون فيها مجاملة الشرق أردنيين لم تعد ....تشفي غليل قلب ولا ترخي زند جسد ...أفاق على مرحلة وجد فيها وطنا يسرق منه جهارا نهارا .

لعنة الله عليك يا عبدالهادي راجي المجالي ..أتيت الى العمر عنوة وتصحوا على اول الأربعين من هذا العمر واذا بالشيب قد بدء يغزو شعرك...وترفع هاتفك لتكتشف أنها مهنة لم تترك صديقا لك ...كي تخاطبه ...ولا بابا كي تدخل منه ....الى مرحلة أخرى ....

وفيما تبقى من العمر سننسجم قليلا مع أنفسنا ..وسنقول السجن لا يتعبنا فلا شيء نخاف عليه لامال ولا منصب ولا شيء...وتشويه الاسم لم يعد يعنينا فمهما تم تشويهه ..لن يكون أقبح من منزل باسم عوض الله وهو ينتصب على ثرى تراب مقدس ...تماما كالعهر في جلسة عفاف وتبتل ...والموت حتى الموت صار ...نزهة أو أمرا تفكر فيه ليل نهار ...

ماذا تركتم لنا سوى الحطام والزيف والكذب ...وتريدوننا أن نصمت ونقبل بكلمة مفادها :- ( بلدنا يا عبدالهادي وبدنا أنشيلوا) ....(شيلوه لحالكوا) أما أن فسأحمل تعبي والقلق وبقايا الدخان التي علقت في صدري وسأمضي في العمر .....بما يمليه علي ضميري ...فقد سئمنا كل شيء ..حتى الحياة نفسها سئمنا منها .
عبدالهادي راجي المجالي

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج

صح لسانك