خليل الحيــة: حمـاس الـ«23» لم تتغيـر أو تتبدل

خليل الحيــة: حمـاس الـ«23» لم تتغيـر أو تتبدل

غزة- السبيل -


ما بيـن الشمعـة الأولـى والـشمعة الـ"23" فارقٌ زمني كبيـر، حمـلت أيامه وشـهوره وأعوامـه الكثيـر والكثيـر من التحديات والمفاجآت والأحداث الجسـام لحركة المقاومة الإسلاميـة "حماس" التي تحتفل هذه الأيام بذكـرى انطلاقتها.
واليـوم وفيـما ترفـع الحركـة الشابة -كما في كل عام- أصبع السبابة إلى السماء لتصـدح بقسـم العهد والولاء لا ينفك قادتها عن الترديد بأنّ الحـركة ومهما توالت الأعوام ستبقي ترى في انطلاقتها (14-12-1987) تاريخاً تُجدد فيـه التأييد لبرنامج المقاومة.
وفي حـوار خـاص مع الدكتور "خليل الحية" عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" تقـرأ "السبيل" في ذكرى انطلاقة الحركة الثالثة والعشرين أهـم ما تحمـله الحركـة من تحدياتٍ وآمال.
وفي حـديثه شدد د.الحيـّة على أن حركته في ذكرى انطلاقتـها باتت أكثر قـوة والتحاماً مع هموم شعبـها، وقال: إن المقاومة هي برنامج له تراكمات، مؤكداً أن حركته نالت السبق في إعادة القضيـة الفلسطينية إلى الواجهـة بعد سنوات من الطمس والجمود.
وفيما يلي نص الحـوار:
س1: تحتفـلون في هـذه الأيام بذكـرى انطلاقة حركتكم الـ"23"... "حماس" بـعد هذه الأعـوام ما الذي قـدّمته للشعب الفلسطيني؟
في البدايـة نحن نعيش على أرض وننتمي لشعب صاحب قضية من أعدل القضايا الذي عرفتها البشرية في العصر الحديث، و"حماس" تنتمي لهذا الشعب وتنتمي لأصالة فكرتها، وبالتالي نستطيع أن نقول بكل تواضع إننا قدمنا لشعبنا نموذجا جمع بين الدعوة والجهاد والحكم، وقلما يوجد هذا في تنظيم أو حركة سواء إسلامية أو غيرها.
قدمنا نموذجا نحسبه نموذجاً معقولاً وجيداً، بثثنا في مجتمعنا الفلسطيني الإسلام بنصاعته وشفافيته ووسطيته وعقيدته السمحة التي أخذناها عن سلفنا الصالح، ثم بعد ذلك حملنا السلاح جنبا إلى جنب مع تربية الفرد واحتضانه وحمايته من غوائل الاحتلال والاستعمار والانحرافات السلوكية والاجتماعية والفكرية وغيرها لينسجم مع حضارة الأمة وثقافتها، قدمنا نموذجاً في المقاومة نحسبه فريدا، ثم نستطيع القول إننا قدمنا نموذجاً في الحكم رغم الصعاب ورغم الظروف الصعبة ورغم الحصار ورغم العداء من القريب والبعيد ولكننا لثباتنا على ثوابت شعبنا وحمايتنا لثوابت المقاومة قدمنا نموذجاً في الحكم فيه الشفافية وفيه الاعتماد على الذات وفيه ترسيخ الاقتصاد الحر والإدارة النزيهة.

نستطيع القول بعد كل هذه الأعوام إننا ماضون في طريقنا، متمسكون بثوابتنا حتى قيام دولتنا الفلسطينية.
س2: لكـن حتى هذه اللحظة ربما الملموس لدي الشعب الفلسطيني أنكـم قدمتم القليل، وإن كثيـرا من أمانيـهم وأحلامهم على الأرض لم تُحقـق.. هم يدركون أنكم أصحاب مبدأ وثوابت، لكن البعض يردد أن وجود "حماس" على سدة الحكم ما هو إلا "عبء". ما تعليقـكم؟
بالتأكيد لا، وهذا غير صحيح لأنّ وجود "حماس" كشف زيف كل الأقنعـة التي تقنع بها بعض الساسة الفلسطينيين الذين تقلدوا زمام برنامج المفاوضات وآمنوا بإستراتيجية السلام لعقود من الزمان... ومن تقلد هذا البرنامج انكشف زيفه للشعب الفلسطيني.. واليوم وجود حركة حماس داخل منظومة الشعب الفلسطيني وفي الحكم وفي كل بيت كشف زيف وجود السلطة، وكيف أنها لم تكن أبدا حامية للمشروع الوطني بدليل أنها أصبحت اليوم تبتز إما أن تنسجم مع المشروع الفلسطيني بقبول الاستيطان والتهويد وإنهاء ملف اللاجئين بلا عودة، وتنازل عن ملف القدس وسكوت على الاستيطان والسكوت عن المياه والحدود، وأن تبقي المفاوضات لمجرد المفاوضات، وإما أن تسحب الأموال والامتيازات التي تعطى لهم، ويبتزوا أن يبقى التنسيق الأمني مقابل المال.. إذاً هذه السلطة، وجدت من أجل خدمة أمن الاحتلال.
ولما دخلت المقاومة الحكم عبر صندوق الاقتراع انكشف زيفهم وظهرت "السلطة" على حقيقتها، فالوطني عندما يأتي للحكم غير مقبول وعندما يأتي الوطني إلى الأجهزة الأمنية غير مقبول، وعندما يأتي الوطني إلى الشراكة السياسية غير مقبول.
دخول "حماس" إلى الحكم كشف زيف أصحاب مشروع التسوية والمفاوضات الذين وصلوا إلى الجدار الذي حذرناهم منه طيلة الأعوام الماضية، وبالتالي "حماس" هي الأمينة علي القضية الفلسطينية، وجود "حماس" ليس عبئا على الشعب الفلسطيني.. ولقد قرب وجودها مسافة الصدام مع الاحتلال، ونحن واثقون أن الجولة القادمة ستكون لصالح الشعب الفلسطيني والأمـة ضد المشروع الأمريكي والصهيوني.
س3: نـعم، ولكن الشعب الفلسطيني لم يلمس نتائج المقاومة كما يريـد؟
المقاومة هي برنامج له تراكمات، وحركة حماس رائدة لبرنامج المقاومة، نحن نمتلك ما يستطيع أن يهزم العدو في هذه الجولة ولكننا نراقب، ونحن نقولها في تواضع وعجالة حركة حماس كانت في مقدمة مسيرة المقاومة وفي الانتفاضة الأولى انتفاضة الشعب الفلسطيني بدأنا نراكم هذا العمل.. وكنا في طليعة من أنتج وأبدع الصدام مع الاحتلال وأحرجه في أماكن عديدة حتى عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد طمسها في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، مع انتفاضة الشعب الفلسطيني عادت القضية من جديد إلى وجه ومسرح الأحداث.
والمقاومة انتقلت من الحجر والسكين إلي المقاومة المسلحة القوية الذي قضت مضاجع الاحتلال في قلب القدس وقلب الـ"48" وبقلب الضفة الغربية والقطاع، وبالتالي الاحتلال الذي عاش ما يقرب من ربع قرن في حينها متوهماً أنه قضى على المقاومة إذا بها تعود من جديد، نعم جاءت فترة أوسلو والسنوات السبع العجاف وتوقفت المقاومة، ولكن بانطلاق انتفاضة الأقصى الثانيـة جاءت مرحلة جديدة من تراكم المقاومة، إذ أبدعت المقاومة في الضفة الغربية بالعمليات الاستشهادية وبشكل قوي عادت عمليات المقاومة في قطاع غزة كل ذلك نتج عنه دحر الاحتلال عام 2005 عن قطاع غزة وبالكامل، وهذا التراكم حدث في الحرب الأخيرة الذي شنها الاحتلال على غزة قبل عامين، إذ قاومت المقاومة بكل ما لديها، بقوتها وبدمها وما تملك من أسلحة متواضعة أمام أكبر وأشرس قوة في المنطقة، ولم يفلحوا بتركيع حركة "حماس" أو بتركيع الشعب الفلسطيني.
وهذا هو فكر المقاومة أنها راكمت فكر الجهاد والتصدي للعدو في أي وقت وحين، وبات هذا الفكر مزروعاً بين الأطفال وبين الرجال وبين النساء ثم راكمت "حماس" في البعد الإستراتيجي أنها جمعت الأمة وأحرار العالم على قضيته العادلة حتى غدا فكر المقاومة ومقاومة الاحتلال هو ما يجد الدعم الشعب والدعم العربي والدعم الإسلامي والإنساني.
نقول المقاومة قوية وموجودة في كل مكان ونستطيع أن نقول إن المقاومة اليوم تقدم نفسها كبديل حقيقي، وأنه ما من حل يجدي في التعامل مع الاحتلال سوى المقاومة.
س 4: اليـوم في الذكرى الـ"23" ما الذي تحمله "حماس" من رؤى وأهـداف؟
منذ أول يوم انطلقت فيـه حركة حماس بقيت على ثوابتها وعلى مشروعها، ما رفعناه من ثوابت وشعارات انسجمت مع ثوابت الشعب الفلسطيني بقينا ثابتين وصامدين عليها ولو كلفنا ذلك كل ما نملك من مال وولد وكل شيء، قدمنا قيادتنا قدمنا أبناءنا ولم يستطع العدو ولا أيا من كان أن يكسر إرادتنا.
وبالرغم من أن هذه الحـركة تناصب لها دول الظلم العداء لن نحرف البندقية ولن تنحرف سياستها، وستبقى ثابتة تتقدم وتتغلغل في الشعب هنا وفي الخارج.
نحن ثابتون وغيرنا يتراجع ويتآكل في برنامجه السياسي ويتآكل في قناعة الشعب بشعاراته، أقول بقينا 23 عاما لم نتغير أو نتبدل: في السنة التالية التي انطلقت فيها حركة حماس أعلن شيخنا الإمام الشهيد أحمد ياسين رحمه الله الشهيد القائد عن ثوابتنا كما أعلنها في الميثاق وما زلنا عندها، ثم أعلن الشيخ عن برنامج سياسي عملي واقعي أعلنه بشكل واضح من يومه إلى اليوم.. لم نتغير وما زلنا نقول فلسطين بل كل فلسطين أرضنا وما زلنا نقول لا اعتراف بشرعية المحتل.
ونحن نقترب من ربع قرن من الزمان من انطلاقة حركة حماس نقول إن شاء الله تعالى لن يرى منا شعبنا إلا الصمود والثبات والانحياز لقضاياه والالتحام في همـومه وآماله.

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج