من حكم سيدنا علي بن أبي طالب
كرم الله وجهه
تَغَيَّـرَتِ المـوَدَّةُ والوَفَـاءُ
وقَلَّ الصِّدْقُ وانْقَطَعَ الرَّجَاءُ
وأَسْلَمَنِي الزَّمَانُ إلى صَدِيْقٍ
كَثيرِ الغَدْر ليسَ له رِعـاء
وَرُبَّ أَخٍ وَفَيْتُ لـهُ وَفِـيٍّ
ولكن لا يَدومُ لـهُ الوَفـاءُ
أَخِلاَّءٌ إذا استَغْنَيْتُ عَنْهُـمْ
وأَعـداءٌ إذا نَـزَلَ البَـلاَءُ
يُدِيمونَ المَوَدَّةَ ما رأَوْنِـي
ويَبْقَى الوُدُّ ما بَقِيَ اللِّقَـاءُ
وَإِنْ غُيِّبْتُ عَنْ أحد قَلاَنِـي
وَعَاقَبَنِي بمِا فيـهِ اكتِفَـاء
سَيُغْنِيْنِي الَّذي أَغْنَاهُ عَنِّـي
فَلاَ فَقْـرٌ يَـدُومُ وَلاَ ثَـرَاءُ
وَكُـلُّ مَـوَدَّةٍ لله تَصْـفُـو
وَلاَ يَصْفُو مَعَ الفِسْقِ الإِخَاءُ
وَكُـلُّ جِرَاحَـةٍ فَلَهَـا دَواءٌ
وَسُوْءُ الخُلْقِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ
ولَيْسَ بِدَائِـمٍ أَبَـدا نعِيْـمٌ
كَذَاكَ البُؤْسُ لَيْسَ لهُ بَقَـاءُ
إِذَا أَنْكَرْتُ عْهَدا مِنْ حَمِيْـمٍ
ففي نفسي التكرُّم والحَيَـاءُ
إذَا مَا رَأْسُ أَهْلِ البَيْتِ وَلَّى
بَدَا لَهُمُ مِنَ النَّاسِ الجَفَـاءُ
************************************************** ************************************************** ************************************************** ******************
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعـد المــوت يسكُنهـا إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فـــإن بناهـا بخير طـاب مسكنُـه وإن بناهــا بشرخــاب بانيـــها
أموالنا لــذوي الميراث نجمعُها ودورنا لخــراب الدهــرنبنيـــها
أين الملوك التي كانت مسلطــنةً حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائنٍ في الآفاق قـــد بنيت أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليها
لا تركِنَنَّ إلى الدنيــا وما فيـها فالمـوت لا شـك يُفـنـيـناويُفنيــها
لكل نفس وان كانت على وجــلٍ من المَنِـيـَّةِ آمـالٌ تــقــــويـــهـــا
المرء يبسطها والدهر يقبضُهــا والنفس تنشرها والموت يطويها
وإنــما المكــارم أخــــلاقٌ مطهـرةٌ الـدين أولها والعــقل ثـانـيــــها
والعلم ثالثها والحلم رابعهــــا والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها والصبر تاسعــها والليـــن باقيــــها
والنفس تعلم أنى لا أصادقها ولست ارشــدُ إلا حيـــن اعصيـــها
واعمل لدار ٍغداً رضوانُ خازنها والجــار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفـران حشيشٌ نابتٌفيــها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسل والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطيرتجري على الأغصان عاكفةً تسبحُ الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها بركعةٍ في ظلام الليـل يحييهـا