على شرفة القمر
صعدت يوما إلى الطابق العاشر .. وهناك جلست على شرفة القمر .. ترائي لي صحراء واسعة.. وقطعان ابل... ورعاة يتسامرون...
جعلوا منهم كل تاريخنا ..وكل حاضرنا .. ورهنوا لهم مستقبل لن يأتي.... فهم حملة الراية والسيف .. وسدنه الحضارة.. وإكرام لضيف .. وذبح الحصان حتى لا تجوع الكلاب ...
امتد البصر إلى الجهة الأخرى .. شاهدت الحضارة .. واللون الأخضر .. ولكني لم أجد رعاة الإبل.
كل الأمم قالت وتقول أن الأرض لم يزرعها .. إلا نحن..
كان الفلاح دائما هو صاحب الأرض... وكان ساكن المدن هو دائما التاجر أو الموظف المنعم.. الذي يكدس المال فوق المال ..سحتا كان أو ما كان ...
وكان البدوي .. الدائم الترحال .. صاحب هم الكلأ والماء و الغنم.. ولو فنيت الأوطان ...
لا ارض ينتمي لها ... بلا هوية تستحق العناء ...
يقطعون الحدود مع هبة ريح ...
من ذا الذي .. لا يقر أنهم .. كانوا أتراك مع الترك.. وانجليز أكثر من الانجليز ويهود .. يحمون الحدود ..
ويقولون لك أنهم الأصل ..
الأصل هنا وان كان اشد كفرا.. .. و اشد نفاقا.. هو اصلا بائس .. وحجر لا يسند بناءا .
في اليابان وألمانيا ...وبقية الدول التي انعم الله عليها بنعمة العقل..لا نجدهم يتغنون ببداوة قد اضمحلت وزالت.
وعندنا ومنذ فجر تاريخنا الذي هو أفقر تواريخ الأمم قاطبة... نجد أن العشائرية هي التي سادت وأعطت كياناتنا ودولنا في ماضيها وحاضرها لونها وقيمها التي انطلقت من صميم العشيرة..
ومن الطبع البدوي الذي تربينا على انه كل الوجود مع انه لا وجود له.. فتأمل دولنا التي كانت ودعك من دولنا الحالية البائسة ..
بعد الخلافة الراشدة .. كانت لدينا دولة بني أمية .. نسبة إلى أهلها الأمويين ..ومن ثم جاءت دولة العباسيين نسبة إلى أهلها .. وبعدها دولة العبيد المملوكية ...ودولة الفاطميين .. ودولة الايوبين .. وعشرات عشرات الدول والدويلات والمزارع والمشيخات كل منه ينسب إلى عشيرته............. هو.. لا عشيرة الجميع ولا هوية للجميع .. لا دولة...أبدا........ كان اسمها دولة العرب أو دولة الإسلام .. مع أنهم كلهم جاءوا بغاية صون العروبة وحماية الإسلام ...
أمريكيا التي تهيمن على العالم.. ما ارتكزت في حضارتها على هنودها الحمر حيدتهم ببداوتهم في الطرف البعيد ..ليبقوا كما هم.. هنودا حمر من القرن العاشر لشرفة القمر يطلون على القرن الواحد والعشرين
هل عادت الينا جاهلية قريش من جديد ؟؟؟؟