عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( إن الرجل إذا نظر إلى امرأته, ونظرت إليه, نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة,فإذا
أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما )) صحيح الجامع حديث رقم 1977
أين علماء الإجتماع , وخبراء العلاقات الزوجية , والمصلحون من هذا الحديث العظيم ,
الذي يوصي الزوجين ببعضهما غاية الإيصاء , ويسمو بعلاقتهما إلى أعلى مكان ,
ويعدهما بالأجر الكبير على تواددهما وتراحمهما ؟!
إنها دعوة للأزواج إلى عدم التهوين من رسائل المودة بينهما . فحتى النظرة التي لا
تكلف جهدًا , ولا تفقد مالاً , تجلب رحمة الله بالزوجين , رحمة الله التي تحمل معها كل
خير لهما , تحمل الرزق والسلام والسعادة , رحمة الله التي يهون معها كل صعب ,
ويقرب كل بعيد , وينفرج كل كرب . والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد نوع نظرة
الرجل إلى زوجته , ولا نظرة زوجته إليه ,ليترك المجال رحباً أمام نظرات
المحبة،والمودة ،والشفقة ، والحنان، ،بل حتى نظرات الرغبة والشهوة مادامت توصل
إلى علاقة حلال بين الزوجين .
وواضح أن النبي عليه الصلاة والسلام , يحث الزوج على البدء بالنظرة الطيبة , لكنه
يحث المرأة على مبادلة زوجها تلك النظرة (( ونظرت إليه (( وفي هذا تشجيع الزوجة
على الإيجابية والإستجابة لتودد الزوج بتودد مماثل منها . وحتى تزيد المودة
وتتضاعف المحبة , وتتعانق المشاعر الحانية , دعا الرسول صلى عليه وسلم إلى عدم
الإقتصار على هذه النظرات المتبادلة , وذلك حين قال : (( فإذا أخذ بكفّها ..)) وياله
من تعبير بديع دقيق يرسم صورة غاية في الرفق واللطف والحب , فلم يقل عليه الصلاة
والسلام : فإذا أمسك يدها ... بل قال : (( فإذا أخذ بكفها ..)) وهذا التعبير يصّور كف
المرأة وكأنها عصفور صغير يحتضنه الزوج بيديه , يمسح عليه , ويدفئه ويرعاه .
وما ثمرة هذا الحنو من الزوج ؟ مشاعر حب دافق تشيع في نفس الزوجة , وأحاسيس
راحة تذهب عنها تعب كفّها , بل جسمها كله , واستعداد كامل لطاعة الزوج وعدم
عصيانه .وقمة هذه الثمرة مابشر به النبي صلى الله عليه وسلم الزوجين كليهما بتساقط
ذنوبهما من خلال أصابعهما
( تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما )) لا لأنهما صاما ,
أو صليا في الليل , أو أنفقا من مالهما . إنما لأنهما تصافيا وتحابا في لحظات مودة
صادقة .
(( نظرة رحمة )) من ربهما , و(( تساقطت ذنوبهما)) من أصابعهما , أليستا ثمرتين
عظيمتين كبيرتين لمودة سهلة قريبة في متناول كل زوجين ؟!.
فيا أيها الأزواج والزوجات , انظروا وتأملوا . كم تضيعون من رحمات ربكم بكم ,
ومغفرته لكم