الموضوع
:
¨ كالنَّسِيمِ فِي رِقَّتِهِ ¨¯`✿ نفحةُ عبيرٍ مِن حياةِ خَير البريَّة
عرض مشاركة واحدة
26-11-2016, 19:52
رقم المشاركة : (
1
)
مراقب عام
الاوسمة
مجموع الاوسمة
: 1
لوني المفضل :
darkgreen
رقم العضوية :
1118
تاريخ التسجيل :
19 - 5 - 2009
فترة الأقامة :
5811 يوم
أخر زيارة :
02-04-2025
المشاركات :
14,408 [
+
]
عدد النقاط :
150
الدوله ~
الجنس ~
S M S ~
سبحانك لا اله الا انت اني كنت من الظالمين
M M S ~
¨ كالنَّسِيمِ فِي رِقَّتِهِ ¨¯`✿ نفحةُ عبيرٍ مِن حياةِ خَير البريَّة
¨ كالنَّسِيمِ فِي رِقَّتِهِ ¨¯`✿ نفحةُ عبيرٍ مِن حياةِ خَير البريَّة
¨
كالنَّسِيمِ
فِي
رِقَّتِهِ
¨¯`✿
نفحةُ عبيرٍ مِن حياةِ خَير
البريَّة
~ابداع كل
أقبلَ الصَّغيرُ إلى أُمِّهِ فَرِحًا مُبتَسِمًا ،
يقولُ لها : انظري ماذا فعلتُ يا أُمِّي : )
فدَفَعَتهُ بيدِها قائلَةً : ابتعِـد عَنِّي .
فاختَفَت ابتسامَتُهُ ، وبدا عليهِ الحُزنُ مِن هذا الموقِف .
فلم يكُن يتوقَّعُ هذا الصغيرُ أن تكونَ هذه رَدَّةُ فِعلِ أُمِّهِ .
قلتُ لها :
لا تنهريهِ ، وشَجِّعيه ولو بكلمةٍ طيِّبةٍ ،
فما كان ينتظِرُ مِنكِ هذا .
والحقيقةُ أنَّ كثيرًا مِنَ الناسِ يتعاملون مع مَن
حولهم بهذه الطريقةِ ؛ فلا يقبلونَ منهم كلمةً ،
ولا يشكرونَ لهم فِعلاً ، ولا يبتسِمونَ في وجوهِهم ،
فإذا أقبلَ عليهم أحدٌ مُبتسِمًا ، عَبَسُوا في وجهِهِ ،
وإذا قال كلمةً لم تُعجِبهم غضِبوا عليه ، ورُبَّما
خاصَموه ولم يُكلِّموه ، بل قد تَجِدُ الواحِدَ منهم
يتعامَلُ بنفسِ الطريقةِ هذه في بيتِهِ ، فلا يَلِينُ
لأهلِهِ ، ولا يقولُ كلمةً طيبةً لأبنائِهِ ، ويرفعُ صوتَه
عليهم لأتفهِ الأسباب ، ورُبَّما شَتَمَهم وضَرَبَهم .
ولم يكن هذا خُلُقَ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -
مع أهلِهِ ولا مع أصحابِهِ ، بل حتى مع مَن حوله
مِن الكُفَّارِ والمُنافقين وغيرِهم
، فقد كان - صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم - رفيقًا بهم ، ليِّنًا معهم ، ولم
يكُن
فظًّا ولا غليظًا ، فهو القائِلُ عنه رَبُّهُ سُبحانَهُ وتعالى :
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾
القلم/4
.
والرِّفْقُ :
هو التَّلَطُّفُ والِّلينُ وخَفْضُ الجَناحِ ،
وعدمُ الشِّدَّةِ والغِلْظَةِ والعُنْفِ .
وهو خُلُقٌ فاضِلٌ دعا إليهِ الإسلامُ ، وحَثَّ عليه .
قال اللهُ - عَزَّ وجلَّ – لنبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّم :
﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾
الحِجر/88
،
وقال سُبحانه :
﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ
مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ ﴾
الشعراء/215
.
ومِـن صُــــــــــــــــــــوَرِ الرِّفْـــــــــقِ :
•
رِفْقُ المُسلِمِ بنَفسِهِ :
فلا يُحَمِّلها المُسلِمُ ما لا
تُطيقُ مِنَ العِباداتِ أو غيرها مِنَ الأعمال
والأحمال .
قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
( اكلَفُوا مِنَ العملِ
ما تُطيقون ، فإنَّ خيرَ العملِ أَدْوَمُهُ
وإنْ
قَلَّ )
صحيح الجامع
.
ومِن رِفْقِ الإنسانِ بنَفسِهِ : أن يرفُقَ بجوارِحِهِ ؛
فلا يستخدمها في الحرام ، مِن غيبةٍ ونميمةٍ
وكذبٍ وقَذفٍ بلسانِهِ ، أو سرقةٍ أو بَطشٍ أو
قتلٍ
بيدِه ، أو مُشاهدةٍ للمُحرَّماتِ في التلفاز
والحاسوب وغيرهما بعينيه ، أو سماعٍ لِمَا
حرَّمَ اللهُ بأُذُنَيْه ، أو مشيٍ إلى أماكن المعاصي
والفُسُوقِ برِجلَيْه ، بل يفعلُ بجوارِحِهِ ما يُنقِذُه
مِنَ النار ، وما يتقرَّبُ بهِ إلى اللهِ عَزَّ وجلَّ .
•
رِفْقُ الزَّوجِ بزوجتِهِ وأولادِه :
وقد كان نبيُّنا محمدٌ
– صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – رفيقًا بزوجاتِهِ ، يسمعُ
لَهُنَّ ، ويحترِمُ كلامَهنَّ ، ولا يُعَنِّفُ واحِدةً منهنَّ
على خطأٍ بدَرَ منها دُونَ قَصدٍ .
فها هو – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يسمعُ لزوجِهِ
عائشة - رَضِيَ اللهُ عنها – وهِيَ تَقُصُّ عليهِ حديثَ
الإحدى عشرةَ نِسوة دُونَ سأمٍ مِن كلامِها ، ودُونَ
أن يُقاطِعَها ، أو يُغلِظَ لها القول .
كما كان - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – يتحمَّلُ ما
يدورُ بين زوجاتِهِ من مواقف يكونُ سببها الغَيْرَة ،
بل ويدعوا الواحدةَ منهنّ للاقتصاصِ مِنَ الأخرى
إذا استدعى الأمرُ ذلك ، كما وقع بين عائشة
وسَوْدَة رَضِيَ اللهُ عنهما .
وكان – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – رفيقًا بأبنائِهِ
وبناتِهِ ، فقد دَمَعَت عيناهُ لموتِ ابنِهِ ، وكان
يتلطَّفُ مع فاطمة ابنتِهِ ، ويَفرحُ بقُدومِها .
•
رِفْقُ المُعلِّمِ بتلامِيذِه :
فيُحسِنُ إليهم ، ولا
يبخلُ عليهم بعِلمِهِ ، ويتلطَّفُ مع ضعيفِ
التحصيلِ منهم ، ولا يُوَبِّخه أمام زُملائِهِ ،
ويُشَجِّعُ النَّابِغَ منهم ، ويحترمُهم ولو
خالفوه
الرأيَ .
وقد كان النبيُّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم –
يتلطَّفُ مع أصحابِهِ ، ويُعلِّمُهم بلا ضَجَر ،
فهذا عبد الله بن مسعودٍ – رَضِيَ اللهُ عنه –
يقول :
( عَلَّمَنِي رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّم - التَّشَهُّدَ ، كَفِّي بين كَفَّيْهِ ، كما يُعَلِّمُني
السورةَ مِنَ القُرآن ... )
رواه مُسلم
.
•
الرِّفْقُ في تعليمِ الجاهِل :
وذلك بالصَّبرِ عليه ،
وعدم نَهره ، أو السُّخريةِ منه ، أو الاستهزاءِ به ،
وقد كان هذا هَدْيَ نبيِّنا محمدٍ – صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّم – في تعليمِ الجاهل .
جاء رجلٌ إلى النبيِّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -
فقال :
( إنِّي لا أستطيعُ أن آخُذَ شيئًا مِنَ
القُرآن ، فعَلِّمني ما يُجزئُني ، فقال : قُل :
سُبحانَ الله ، والحمدُ لله ، ولا إله إلَّا الله ،
واللهُ أكبر ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا بالله )
حَسَّنه الألبانيُّ
.
وعن أبي هُريرةَ – رَضِيَ اللهُ عنه –
( أنَّ النبيَّ
- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - دخل المَسجدَ ،
فدخل رجلٌ فصلَّى ، ثُمَّ جاء فسَلَّمَ على
الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، فَرَدَّ النبيُّ -
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - عليه السَّلامُ ، فقال :
ارجِع فصَلِّ ، فإنَّكَ لم تُصَلِّ . فصلَّى ،
ثُمَّ
جاء فسَلَّم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ،
فقال : ارجِع فصَلِّ ، فإنَّكَ لم تُصَلِّ ، ثلاثًا ،
فقال : والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ، فما أُحسِنُ
غيرَهُ ، فعَلِّمنِي ، قال : إذا قُمتَ إلى الصلاةِ
فكَبِّر ، واقرأ ما تيسَّر معكَ مِنَ القُرآن ،
ثُمَّ
اركع حتى تَطمئِنَّ راكِعًا ، ثُمَّ ارفع حتى تَعتدِلَ
قائِمًا ، ثُمَّ اسجُد حتى تَطمئِنَّ ساجِدًا ، ثُمَّ
ارفع حتى تَطمئِنَّ جالِسًا ، ثُمَّ اسجُد حتى
تَطمئِنَّ
ساجِدًا ، ثُمَّ افعل ذلك في صلاتِكَ
كُلِّها )
مُتفقٌ عليه
.
•
رِفْقُ الدَّاعيةِ بالمَدعُوُّيين :
فلا يكونُ فظًّا
جافيًا في حديثِهِ ونُصحِه ، وقد قال رَبُّنا
– جَلَّ وعلا – لنبيِّهِ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّم :
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ
فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾
آل عِمران/159
.
فلو أنَّ داعيةً بدأ يُرَهِّبُ الناسَ مِنَ النارِ ،
ويُعَنِّفُهم ، وينصحُهم بشِدَّةٍ وجفاء ،
لرأيتَ
الناسَ عنه مُبتعدين ، ولنصائحِهِ غيرَ مُستمعين ،
بعكسِ مَن ألان لهم القولَ ، وبعد أن رَهَّبَهم مِنَ
النار رغَّبَهم في الجنةِ ، وما فيها مِنَ النعيم ،
ودعاهم إلى التوبةِ والرجوعِ إلى اللهِ بأسلوبٍ
لَيِّنٍ رقيق .
وقد قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
( يَسِّروا
ولا تُعَسِّروا ، وبَشِّروا ولا تُنَفِّروا )
مُتفقٌ عليه
.
وعن أبي هُريرة – رَضِيَ اللهُ عنه – قال :
بال
أعرابيٌّ في المسجدِ ، فقام الناسُ إليه لِيَقعوا فيه ،
فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
( دَعُوهُ وأريقوا
على بَوْلِهِ سَجْلاً مِن ماء ، أو ذَنُوبًا مِن ماء ،
فإنَّما
بُعِثتُم مُيَسِّرين ، ولم تُبعَثوا مُعَسِّرين )
رواه البُخاريُّ
.
•
الرِّفْقُ بالخَدَم :
بأنْ يُطعِمَهم المُسلِمُ مِمَّا يَطعَم ،
ويُلبِسَهم مِمَّا يَلبس ، ولا يُعنّفهم ، ولا يزدريهم أو
يتكبَّر عليهم ، أو يُكَلّفهم ما لا يُطيقونَ مِنَ الأعمال .
قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
( إذا أتى
أحدَكم
خادِمُهُ بطعامه ، فإن لم يُجلِسه معه ، فليُناوله لُقمةً
أو لُقمتين ، أو أكلةً أو أكلتين ... )
رواه البُخاريّ
،
وقال
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
( إخوانُكم خَوَلُكم ، جعلهم
اللهُ تحت أيديكم ، فمَن كان أخوه تحت يده ،
فليُطعمه مِمَّا يأكل ، وليُلبسه مِمَّا يَلبس ، ولا
تُكَلِّفُوهم ما يَغلِبُهم ، فإن كَلَّفتموهم فأعينوهم )
مُتفقٌ عليه
.
قال
القاضي عِياض
في
( مشارق الأنوار )
:
"
خَوَلكم - بفتح الواو - أي خَدَمُكم وعَبيدُكم
الذين يتخوَّلون أموركم ، أي يُصلحونها ،
ويتخوَّلونهم أي يُسَخِّرونهم
"
.
وقال أنسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه :
( خدمتُ
- النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - عَشرَ سِنين ،
فما قال لي أُفٍّ قَط ، وما قال لي لشيءٍ لم
أفعله : ألَا كُنتَ فعلتَه ؟ ولا لشيءٍ فعلتُه : لِمَ
فعلتَه ؟ )
صَحَّحه الألبانيُّ
.
•
رِفْقُ الرئيسِ بمَرءوسيه :
بألَّا يَشُقَّ عليهم ، ولا
يتعالى عليهم بمَنصبه ، ولا يَحرمهم مِن
مُستحَقَّاتِهم
بدونِ سَبَبٍ واضِحٍ ، سواءٌ أكان رئيسَ دولةٍ ،
أو مُديرَ مَصلحةٍ ، وقد قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّم :
( اللهم مَن وَلِيَ مِن أمرِ أُمَّتي شيئًا ، فشَقَّ
عليهم ، فاشقُق عليه ، ومَن وَلِىَ مِن أمرِ أُمَّتي شيئًا ،
فرَفَقَ بهم ، فارفُق به )
رواه مُسلم
.
•
الرِّفْقُ بغيرِ المُسلمين المُسالِمين ما لم يُؤذُوا
المُسلمين :
وذلك بحُسنِ مُعاملتِهم ، وعدمِ
الإساءةِ لهم بقولٍ أو فِعل ، والعَدلِ معهم ،
وعدم ظُلمِهم ، قال اللهُ تعالى :
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ
اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ
مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ ﴾
المُمتحِنة/8
.
وهذا لا يعني مُشاركتَهم في أعيادِهم ، أو تَهنئَتَهم
بها ؛ لأنَّ هذا يُعَدُّ موالاةً لهم ، وتأييدًا لهم على
باطِلِهم . وكذلك لا يعني التَّشَبُّهَ بهم في أفعالِهم
المُخالِفةِ لدينِ اللهِ عزَّ وجل . قال رَبُّنا سُبحانه :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ
مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾
المائدة/51
،
وقال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
( مَن تشبَّهَ بقومٍ
فهو مِنهم )
صحيح الجامِع
.
•
الرِّفْقُ في المَعيشة :
ويكونُ بأن يعيشَ المُسلِمُ
على قَدر إمكانياتِهِ المَادِية ، فلا يُنفِقُ الكثيرَ مِنَ
الأموالِ في الطعامِ والشرابِ واللباسِ والمَسكنِ
وغير ذلك مِنَ الكمالياتِ أو الأشياء الثانوية التي
لا حاجةَ لها في البيت ، بل يُنفِقُ على قَدرِ حاجتِه .
وفي نفسِ الوقتِ لا يَقتُرُ على نَفسِه أو على أهلِ بيتِهِ ،
قال نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
( دِينارٌ أنفقتَه في
سبيل الله ، ودِينارٌ أنفقتَه في رقبة ، ودِينارٌ تصدَّقتَ
به على مِسكين ، ودِينارٌ أنفقتَه على أهلِكَ ، أعظمُها
أجرًا الذي أنفقتَه على أهلِكَ )
رواه مُسلِم
.
وللأسف ، كثيرٌ مِنَ المُسلمين اليوم لا يعرفون
الرِّفقَ في مَعيشتِهم ؛ فيشترونَ كُلَّ جديدٍ في السُّوق ،
ويجرون وراء المَوضة والمُوديلات ، بل قد يشترون
مِنَ المأكولات ما لا يُحِبُّونه أو يشتهـونـه ، ويسعون
لامتلاكِ العقارات والسيارات ، وغيرِها مِمَّا لا حاجةَ
لهم فيه ، فيُصبحون بذلك مِنَ المُبذِّرين ، الذين قال
اللهُ – تعالى – عنهم :
﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ
الشَّيَاطِينِ ﴾
الإسراء/27
.
والرِّفْقُ في المَعيشةِ مَطلوبٌ مِنَ المُسلِمِ ؛
حتى يَسعَدَ في حياتِهِ ، ولا يَشقَى بكثرةِ
حاجِيَّاتِهِ ومُتطلباتِه .
•
الرِّفْقُ بالحيوانات والطيور :
ويكونُ ذلك بعدم
ضربها ، أو حَبسِها ، أو وضعِ أحمالٍ ثقيلةٍ عليها ؛
كالحِمَارِ والجَمَلِ والحِصَان ، وكذلك بتوفيرِ
طعامِها وشرابها .
عن عبد الله بن جعفر قال :
( أردفني رسولُ اللهِ
- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - خلفه ذات يومٍ ، فأَسَرَّ
إليَّ حديثًا لا أُحَدِّثُ به أحدًا مِنَ الناس ، وكان
أَحَبَّ ما استَتَر به رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّم - لحاجتِهِ هَدفٌ أو حائِشُ نَخلٍ ، فدخل
حائطًا لرجلٍ مِنَ الأنصار ، فإذا جَمَلٌ ، فلَمَّا رأى
النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - حَنَّ وذَرَفَت عيناه ،
فأتاه النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - فمَسَحَ ذفراه ،
فسَكَتَ ، فقال : مَن رَبُّ هذا الجَمَل ؟ لِمَن هذا
الجَمَل ؟ فجاء فتىً مِنَ الأنصار فقال : لي يا
رسولَ
الله ، فقال : أفلا تَتَّقِي اللهَ في هذه البهيمةِ التي
مَلَّكَكَ
اللهُ إيَّاها ، فإنَّه شكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئِبُه )
يعني : تُتعِبُه وتُكِدُّه ..
رواه أبو داود ، وصَحَّحه الألبانيُّ
.
وقد
( عُذِّبَت امرأةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتها حتى ماتت ،
فدخلت فيها النار ، لا هِيَ أطعمتها ولا سقتها إذ
حَبَسَتها ، ولا هِيَ تركتها تأكلُ مِن خَشاشِ
الأرض )
مُتفقٌ عليه
.
وقال أنسُ بنُ مالِكٍ – رَضِيَ اللهُ عنه – لغِلمانٍ
أو فِتيانٍ نَصَبُوا دجاجةً يرمونها :
( نَهَى النبيُّ –
صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم – أنْ تُصبَرَ البهائِمُ )
مُتفقٌ عليه
.
قال العُلماءُ : صَبْرُ البهائِمِ : أنْ تُحبَسَ وهِيَ حَيَّةٌ ؛
لِتُقتَلَ بالرَّمي ونَحْوِهِ .
ومِن الرِّفقِ بالحيوانِ أيضًا : الإحسانُ في ذَبْحِهِ ،
وهو ما ورد في حديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
( إنَّ اللهَ كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شيء ، فإذا قَتَلتُم
فأحسِنُوا القِتْلَة ، وإذا ذَبَحتُم فأحسِنُوا الذِّبْحَة ،
وليُحِدّ أحدُكم شَفرتَه ، وليُرِح ذَبيحتَه )
رواه مُسلم
.
•
الرِّفْقُ بالجَمَادات :
وذلك بالمُحافظةِ على ما
يمتلِكُه المُسلِمُ مِن أدواتٍ وأجهزةٍ وأثاث ، وعدم
إتلافِها ، أو إهمالِها ، أو إساءةِ استعمالِها .
وانظري لهذه التي أرادت أن تُطيلَ عباءَتها قليلاً ،
فبدأت تَفُكُّ الثنيةَ الموجودةَ بها بِشِدَّة ، فانقطعت
عباءَتُها ، فعضَّت على شَفَتِها ، وقالت : لو تعاملتُ
معها برِفقٍ لَمَا حَدَثَ هذا .
وهذا الذي أغلقَ البابَ بعُنفٍ ، فجُرِحَت يدُه .
ونبيُّنا – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم – يقول :
( إنَّ
الرِّفْقَ لا يكونُ في شئٍ إلَّا زانَه ، ولا يُنزَعُ مِن
شئٍ
إلَّا شانَه )
رواه مُسلم
.
والرِّفْقُ في حياتِنا يُشبِهُ النَّسيمَ في رِقَّتِه ،
والماءَ في عُذوبَتِهِ ، والعسلَ في حلاوتِهِ .
و
( مَن يُحرَم الرِّفْقَ ، يُحرَم الخيرَ كُلَّه )
رواه مُسلم
،
كما أخبر بذلك نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم .
ومِن ثمراتِ الرِّفْق :
أنَّه يُؤلِّفُ بين القلوبِ ،
ويُزيلُ ما بها مِن غِلٍّ وبُغضٍ وشحناء .
كما أنَّه يَمنحُ صاحِبَه راحةً نفسيةً ، وطُمأنينةً
قلبيةً ، ويُوجِدُ مَحَبَّتَهُ في قلوبِ الناس .
والرِّفْقُ يجعلُ المُسلِمَ لا ينتقِمُ لنفسِهِ أبدًا ،
ولا يَغضبُ لها ، بل يغضبُ للهِ إذا انتُهِكَت
حُرُماتُه ، وقد كان هذا خُلُقَ النبيِّ صلَّى اللهُ
عليهِ
وسلَّم ؛ قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها :
( ... وما انتقمَ رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّم –
لنفسِهِ في شئٍ قَط ، إلَّا أنْ تُنتَهَكَ
حُرمَةُ
الله ، فينتقِم للهِ تعالى )
مُتفقٌ عليه
.
ومِن ثمراتِ الرِّفْقِ أيضًا :
أنَّ الإنسانَ الرَّفيقَ
ينجو مِنَ النارِ بإذن الله سُبحانه ؛ لقولِ نبيِّنا
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :
( ألَا أُخبركُم بِمَن يَحْرُمُ
على النار ، أو بِمَن تَحْرُمُ عليهِ النار ؟ تَحْرُمُ على
كُلِّ قريبٍ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهلٍ )
صحيح الجامِع
.
فلنتحلَّى جميعًا بهذا الخُلُقِ الحميد ،
ولنبتعِد عن الغضبِ والشِّدَّةِ والعُنف .
ولنتذكَّر وَصيَّةَ نبيِّنا وحبيبِنا وقُدوتِنا - مُحمد
بن عبد الله - عليه الصلاةُ والسَّلامُ - لِمَن
طلبَ
منهُ الوصيةَ :
( لا تَغضَب )
، بل لم يكتفِ بقولِها
مرةً واحدةً ،
( فرَدَّدَ مِرارًا قال : لا تَغضَب )
رواه البُخاريُّ
.
ولنتأمَّل مَلِيًّا هذا الحديث :
( إنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ
الرِّفقَ ، ويُعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العُنفِ ،
وما لا يُعطي على ما سِواه )
رواه مُسلِم
.
فإذا كان اللهُ عَزَّ وجلَّ يُحِبُّ هذه الصِّفةَ
الجميلةَ ، وهذا الخُلُقَ الحَسَنَ ، فكيف لا
نتَّصِفُ
به دائمًا ، ولا نتخلَّقُ به ؟!! وكيف
نجعلُ الغضبَ والغِلظةَ مُلازِمَيْنِ لنا في كُلِّ
موقفٍ ؟!!
فلنستخدِم الرِّفقَ في كُلِّ شئونِ حياتِنا ؛ حتى
نسعَدَ ونُسعِدَ مَن حولنا ، بجميلِ أخلاقِنا ،
وبتطبيقنا لِهذا الخُلُقِ الذي تخلَّقَ به نبيُّنا
وحبيبُنا – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – وحَثَّنا عليه .
رَزَقنا اللهُ وإيَّاكم الرِّفقَ وحًسنَ الخُلُق ،
وجعلنا
هُداةً مُهتدين ، غيرَ ضالِّين ولا مُضِلِّين .
وأسألُ اللهَ - عَزَّ وجَلَّ - أن يرزُقَني وإيَّاكُم
الإخلاصَ في القولِ والعمل ، وأن يتقبَّلَ مِنَّا
جميعًا صالحَ الأعمال .
المصدر:
شبكة ومنتديات صدى الحجاج
بينات الاتصال لـ »
لا توجد بينات للاتصال
مواضيع »
•
مدينة أصيلة .. جنة الألوان..
•
تعلم "آلهدوء" وسط {ضغوطآت} آلحـــيآة ..~
•
كُــلَ شَــئ
•
هي أقدار
•
الى يائـس
الأوسمة والجوائز لـ
»
إحصائية مشاركات »
عرض المواضيـع :
[
+
]
عرض
الـــــــردود
:
[
+
]
بمـــعــدل
2.48 يوميا
أنيسة
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أنيسة
البحث عن المشاركات التي كتبها أنيسة