23-03-2012, 18:08
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
مراقب عام
لوني المفضل :
darkgreen
|
رقم العضوية :
1118
|
تاريخ التسجيل :
19 - 5 - 2009
|
فترة الأقامة :
5797 يوم
|
أخر زيارة :
اليوم
|
المشاركات :
14,408 [
+ ]
|
عدد النقاط :
150 |
الدوله ~
|
الجنس ~
|
S M S ~
|
M M S ~
|
|
|
نَفَحَاتٌ لُغَوَيَّة و أَلْفَاظٌ قُرْآنِيَّةٌ
نَفَحَاتٌ لُغَوَيَّة و أَلْفَاظٌ قُرْآنِيَّةٌ
إن الأسلوب القرآني يحمل تاليه إلى أجواء الصور وكأنه ينظر في تفصيلات الصورة المجسّمة أمامه ، وكأن المشهد يجري أمامه حيّاً متحرّكاً ، ولا شكل أن الفكرة أو المعنى الذي يراد إيضاحه يكون أقرب إلى الفهم وأوضح في الذهن مما لو نقل المعنى مجرّداً من تلك الصور الحية، ويكفي لبيان هذه الميزة أن نتصور هذه المعاني كلها في صورها التجريدية ثم نقارنها بالصورة التي وضعها فيها القرآن الكريم ، فمثلاً :
أ- معنى النفور الشديد من دعوة الإيمان : إذا أردنا أن نتصور هذا المعنى مجرّداً في الذهن يمكن أن نقول : إنهم ينفردن أشد النفرة من دعوة الإيمان فيتملّى الذهن وحده معنى النفور في برودة وسكون ، ولنمعن النظر في الأسلوب القرآني وهو يصوّر لنا هذا المعنى في هذه الصور الغريبة (فما لهم عن التذكرة معرضين* كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة )[المدثر:49ـ 51].
فتشترك مع الذهن حاسة النظر وملكة الخيال وانفعال السخرية وشعور الجمال : السخرية من هؤلاء الذين يفرون كما تفر حمر الوحش من الأسد لا لشيء إلا لأنهم يدعون إلى الإيمان ، والجمال الذي يرتسم في حركة الصورة حينما يتملاّها الخيال في إطار من الطبيعة تشرد فيه الحمر تتبعها قسورة ، فالتعبير هنا يحرك مشاعر القارئ وتنفعل نفسه مع الصورة التي نُقلت إليه وفي ثناياها الاستهزاء بالمعرضين.
لقد شبه الله تعالى فرار الكفار عن تذكرة النبي صلى
الله عليه وسلم كفرار حمر الوحش من الأسد لا لشيء
إلا لأنهم يدُعون إلى الإيمان انظر أخي إلى جمالية هذا
التشبيه الرائع الذي لا يصدر إلا عن إله عالم
بخبايا النفس الإنسانية طبعاً هذا التشبيه له عدة
مدلولات منها شدة فرارهم من النبي ، وسخرية من
سلوكهم غير المبرر
(قسورة) ورد هذا اللفظ مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) (المدثر : 50-51) . القسورة: الأسد ، وقيل : القسورة "فَعْوَلة" من القسر وهو القهر الشديد ، وسمى الأسد بذلك لأنه يقهر السباع ، وقالوا : هو الأسد في لسان العرب، والقسورة في لسان أهل الحبشة. و القسور والقسورة جمع ، وقيل : واحد القسور قسورة ، و : الأسد بلسان الحبشة "عنبسة".
البحث عن جذر قسر في لسان العرب
القَسْرُ : القَهْرُ على الكُرْه . قَسَرَه يَقْسِرُه قَسْراً واقْتَسَرَه : غَلَبه وقَهَره ، وقَسَرَه على الأَمر قَسْراً : أَكرهه عليه ، واقْتَسَرْته أَعَمُّ . وفي حديث علي رضي الله عنه : مَرْبُوبونَ اقْتِساراً ؛ الاقْتِسارُ افْتِعال من القَسْر ، وهو القهر والغلبة. والقَسْوَرَةُ : العزيز يَقْتَسِر غيرَه أَي يَقْهَرُه ، والجمع قَساوِرُ. والقَسْوَرُ : الرامي، وقيل : الصائد ؛ وأَنشد الليث :
وشَرْشَرٍ وقَسْوَرٍ نَصْرِيِّ وقال : الشَّرْشَرُ الكلب والقَسْوَرُ الصياد والقَسْوَرُ الأَسد ، والجمع قَسْوَرَةٌ . وفي التنزيل العزيز : فَرَّتْ من قَسْوَرة ؛ قال ابن سيدة : هذا قول أَهل اللغة وتحريره أَن القَسْوَرَ والقَسْوَرَة اسمان للأَسد ، أَنثوه كما قالوا أُسامة إِلا أَن أُسامة معرفة . وقيل في قوله : فَرَّت من قَسْوَرة ، قيل : هم الرماة من الصيادين ؛ قال الأَزهري : أَخطأَ الليث في غير شيء مما فَسَّر، فمنها قوله : الشَّرْشَرُ الكلب ، وإِنما الشرشر نبت معروف ، قال : وقد رأَيته في البادية تسمن الإِبل عليه وتَغْزُر ، وقد ذكره ابن الأَعرابي وغيره في أَسماء نُبُوت البادية ؛ وقوله : القَسْوَرُ الصياد خطأٌ إِنما القَسْوَر نبت معروف ناعم ؛ روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لِجُبَيها في صفة مِعْزَى بحسن القُبول وسُرْعة السِّمَن على أَدْنى المَرْتَعِ : فلو أَنها طافَتْ بطُنْبٍ مُعَـجَّـمٍ....نَفَى الرِّقَّ عنه جَدْبُه ، وهو صالِحُ لجاءَتْ كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّهـا ....عَسالِيجَهُ ، والثَّامِرُ المُـتَـنـاوِحُقال : القَسْوَرُ ضرب من الشجر، واحدتُهُ قَسْوَرَةٌ . قال : وقال الليث القَسْوَرُ الصَّيَّادُ والجمع قَسْوَرَة ، وهو خطأٌ لا يجمع قَسْوَرٌ على قَسْوَرة إِنما القَسْورة اسم جامع للرُّماة ، ولا واحد له من لفظه . ابن الأَعرابي : القَسْوَرة الرُّماة والقَسْوَرَة الأَسد والقَسْوَرة الشجاعُ و القَسْوَرة أَول الليل و القَسْوَرة ضرب من الشجر. الفراء في وقوله تعالى : فَرَّتْ من قَسْوَرة ، قال : الرُّماة ، وقال الكلبي بإِسناده : هو الأَسد.
وروي عن عكرمة أَنه قيل له : القَسْوَرة ، بلسان الحبشة ، الأَسد ، فقال : القَسْوَرة الرُّماة ، والأَسَدُ بلسان الحبشة عَنْبَسَةُ ، قال : وقال ابن عُيَيْنَة : كان ابن عباس يقول القَسْوَرة نُكْرُ الناس، يريد حِسَّهُم وأَصواتهم. وقال ابن عرفة : قَسْوَرَة فَعْوَلَةٌ من القَسْر، فالمعنى كأَنهم حُمُرٌ أَنفرها مَنْ نَفَّرَها برمي أَو صيد أَو غير ذلك. قال ابن الأَثير : وورد القَسْوَرة في الحديث، قال : القَسْوَرة الرُّماة من الصيادين ، وقيل الأَسد ، وقيل كل شديد. والقَيَاسِرُ والقَياسِرَةُ : الإِبل العظام؛ قال الشاعر :
وعلى القَياسِرِ في الخُدُورِ كَواعِبٌ ...رُجُحُ الرَّوادِفِ، فالقَياسِرُ دُلَّـفُالواحد : قَيْسَريٌّ، وقال الأَزهري : لا أَدري ما واحدها. وقَسْوَرَةُ الليل : نصفه الأَول ، وقيل مُعْظَمه ؛ قال تَوْبَةُ بن الحُمَيّرَ : وقَسْوَرَةُ الليلِ التي بين نِصْفِـه ...وبين العِشاءِ، وقد دَأَبْتُ أَسِيرُها وقيل : هو من أَوله إِلى السَّحَر. والقَسْوَرُ : ضرب من النبات سُهْلِيٌّ ، واحدته قَسْوَرة . وقال أَبوحنيفة : القَسْوَرُ حَمْضَة من النَّجِيل ، وهو مثل جُمَّةِ الرجل يطول ويَعْظُم والإِبل حُرَّاص عليه ؛ قال جُبَيْها الأَشْجَعِيّ في صفة شاة من المعز :
ولو أُشْلِيَتْ في لَيْلَةٍ رَحَـبِـيَّةٍ ... لأَرْواقِها قَطْرٌ من الماءِ سافِحُ
لجاءتْ كأَنَّ القَسْوَر الجَوْنَ بَجَّها ...عَسالِيجَه والثَّامِرُ المُتَـنـاوِحُ
وشبهت حالة إعراضهم المتخيلة بحالة فرار حمر نافرة مما ينفرها.
والحمر: جمع حمار، وهو الحمار الوحشي، وهو شديد النفار إذا أحس بصوت القانص وهذا من تشبيه المعقول بالمحسوس.
وقد كثر وصف النفرة وسرعة السير والهرب بالوحش من حمر أو بقر وحش إذا أحسسن بما يرهبنه كما قال لبيد في تشبيه راحلته في سرعة سيرها بوحشية لحقها الصياد :
فتوجست رز الأنيس فراعها ... عن ظهر غيب والأنيس سقامها
وقد كثر ذلك في شعر العرب في الجاهلية والإسلام كما في معلقة طرفة، ومعلقة لبيد، ومعلقة الحارث، وفي أراجيز الحجاج ورؤية ابنه وفي شعر ذي الرمة.
والسين والتاء في {مُسْتَنْفِرَة} للمبالغة في الوصف مثل : استكمل واستجاب واستعجب واستسخر واستنبط، أي نافرة نفارا قويا فهي تعدو بأقصى سرعة العدو.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر {مُسْتَنْفِرَة} بفتح الفاء ، أي استنفرها مستنفر، أي أنفرها، فهو من استنفر المتعدي بمعنى أنفره . وبناء الفعل للنائب يفيد الإجمال ثم التفصيل بقوله : {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} .
وقرأها الجمهور بكسر الفاء ، أي استفرت هي مثل : استجاب فيكون جملة {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} بيانا لسبب نفورها .
وفي تفسير الفخر عن أبي علي الفارسي قال محمد بن سلام : سألت أبا سوار الغنوي وكان أعرابيا فصيحا فقلت : كأنهم حمر ماذا فقال : مستنفرة : بفتح الفاء فقلت له :
إنما هو فرت من قسورة . فقال : أفرت? قلت : نعم قال : فمستنفرة إذن ، فكسر الفاء .
و {قسورة} قيل هو اسم جمع قسور وهو الرامي ، أو هو جمع على خلاف القياس إذ ليس قياس فعلل أن يجمع على فعللة. وهذا تأويل جمهور المفسرين عن ابن عباس وعكرمة ومجاهد وغيرهما فيكون التشبيه جاريا على مراعاة الحالة المشهورة في كلام العرب.
وقيل: القسورة مفرد ، وهو الأسد ، وهذا مروي عن أبي هريرة وزيد بن أسلم وقال ابن عباس: إنه الأسد بالحبشية ، فيكون اختلاف قول ابن عباس اختلافا لفظيا، وعنه: أنه أنكر أن يكون قسور اسم الأسد ، فلعله أراد أنه ليس في أصل العربية . وقد عده ابن السبكي في الألفاظ الواردة في القرآن بغير لغة العرب في أبيات ذكر فيها ذلك، وقال ابن سيده : القسور الأسد والقسورة كذلك، أنثوه كما قالوا : أسامة ، وعلى هذا فهو تشبيه مبتكر لحالة إعراض مخلوط برعب مما تضمنته قوارع القرآن فاجتمع في هذه الجملة تمثيلان.
وإيثار لفظ {قسورة} هنا لصلاحيته للتشبيهين مع الرعاية على الفاصلة.
م/ن للأمانة
|
|
|
|