رد: مسابقة نجم الأقلام : المرحلة الأخيرة .
مشاركة عفراء : هذا هو قدري .
هذا هو قدري....
هكذا بدت كلماته للوهلة الأولى وهو ينظر من النافذه الى افق ممتد ليس له نهايه..نظرة غامضة تتولد عن تلك الفكرة اليائسة.. فكرة استسلامه للأحزان تحت مسمى القدر.. لم يكن يدري ما تخفي له الايام قبل هذه اللحظه.. اللحظة التي وجد فيها نفسه تائها عن كل شئ.. خسر أسهمه في البورصة المحليه.. تركته زوجته التي ماانفك مخلصا لها .. تغيرت نظرة الناس لشخصه وهو يسير بينهم حانقا لما يسمعه من الهمس واللمز وأصابع الاتهام تشير اليه في كل مكان.. حتى نبيل.. بائع الخبز الصغير.. لم يعد يهرع اليه كما كان يفعل كلما لمحه قادما من بعيد .. وهو.. لم يعد يجد سببا يجعله يوقف سيارته السوداء اللامعه امام عربة نبيل.. ليلقي عليه تحية المساء وهو عائد من عمله ويتناول رغيفا من الخبز.. ويضع في تلك اليد الصغيرة نقودا تساوي أضعاف ثمن ذلك الرغيف .. ليأخذها الأخير بلهفة وسعاده.. ثم يكمل مشواره الى منزله الفاخر ليلقي برغيف الخبز دون اكتراث الى (كليم).. ذلك المتعجرف الكسول الذي يقبع اغلب النهار في كوخه الكلبي المنمق .. لطالما كان رفيق زوجته المدلل.. ربما أحبت ذلك الكلب أكثر من حبها له .. كانت قد وجدته في زاوية الحانة التي تناولا فيها العشاء في ذات ليلة صيفية رائعه.. أخذته الى منزلهما.. واسمته كليموس.. وهو.. لطالما كره هذا الكلب.. لكنه لا يخالف زوجته فيما تحب.. هكذا كان قبل أن ينهار وتنهار معه كل أحلامه!
اما الان.. فلم يعد يعنيه شئ.. لقد استيقظ فجر اليوم على صوت الهاتف يشق هدأة المنزل.. ليعلم بعدها بمصيره.. بخسارة اسهمه وانهيار شركته.. لقد حدث كل شئ بسرعه لم يعهدها.. لم تكن زوجته في المنزل .. كانت في منزل والديها الجبلي تستمتع بأجازة قالت له انها لن تطول.. ولكن كان لها ان تتأكد من كلامها مرة أخرى.. فأجازتها لن تنتهي ابدا.. هي أجازة مفتوحة لأبد الآبدين.. لن تعود اليه ابدا لأنه فاشل.. هكذا قالت له فور معرفتها الخبر من الصحف.. (انت فاشل.. وانا لن اعيش مع الفاشلين أمثالك) .. لكن الغريب أنه لم يفكر بكلامها طويلا.. أستوعبه بسرعه.. ربما لأن كلامها كان قد ترافق مع صدمة أخرى سبقته.. لم يجد مانعا من الضحك.. ضحك كثيرا وهو لا يعلم أن دموعه تنهار دون سابق أنذار.. ربما هي كذلك لكثرة ما ضحك.. هذا ما وجده مبررا لأنهيارها.. لا يهم.. كل شئ سيصلح.. أخذ يتمتم بصوت خافت.. كل شئ سيصلح.. لكن ضحكه عاد من جديد.. لم يعلم أن شريكه المحب في العمل كان بنتظر امام باب منزله منذ فترة ليست قصيرة.. لم يكن يستمع الى وقع صوت الجرس والطرقات القويه على الباب.. لم يعي الا وصديقه المحب ذاك يقف امامه مستنكرا ما يحدث.. لقد خاف عليه كثيرا فلم يجد بدا من القفز من أعلى سور الحديقة الخارجي.. ليدخل المنزل ويطمئن على صديقه الغافل؟؟ غافل حتى عن سماع (كليم) الذي لم يتوقف نباحه لحظة منذ أن لمح شبح خيال ذلك الصديق.. كان بطلنا قد توقف عن الضحك عندما لمح صديقه..
قال له الأخير بمواساة وتصميم : سيصلح كل شئ..
اجابه بابتسامة يائسة: هذا هو قدري...
|