أولمَ سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في الأردن (وغير المقيم) في فلسطين في منزله بعمان أمس الأول للرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن بحضور سفراء المجموعة العربية في المملكة..ليطلع الرئيس ابو مازن السفراء على تطورات الحالة الفلسطينية بعد استعمال الولايات المتحدة الفيتو ضد مشروع القرار الفلسطيني واسقاطه لصالح اسرائيل..كان سفير الإمارات د.عبدالله بن ناصر بن سلطان العامري قد كرمني بالدعوة التي صاحبت فيها سفير سلطنة عمان في الحضور وقد لخص الرئيس عباس الذي تحدث للسفراء حوالي ساعة ونصف اللحظات الصعبة في الحوار الأميريكي الفلسطيني وحين سألته عن مضمون الخمسين دقيقة التي تحدث فيها الرئيس اوباما معه قال انها مشحونة بالتهديدات والوعود وقد استعمل فيها اسلوب «العصا والجزرة» ليثنيني عن القرار الذي اتخذته واتخذته القيادة الفلسطينية اذ لم يبق أمامنا كقيادة فلسطينية إلا ان نكون على هذا الموقف الذي اخترناه والذي يخدم قضية شعبنا..في المضمون عرفت من الرئيس أن أهون أشكال التهديد كان قطع المساعدات الأميريكية عن السلطة الفلسطينية وقيمتها (475) مليون دولار وحين قلت له ما هي أصعب أشكال التهديد إن كان هذا أهونها..قال (يوه) ماذا أقول لك لم يبق شيء إلاَ استعمله !!
هذا الموقف الشجاع من الرئيس عباس والذي يصب إلى جانب مواقف أخرى كان الرئيس قد اتخذها وأبرزها مع نائب الرئيس الأميريكي ديك شيني حين كان في المسؤولية يكشف معاناة القيادة الفلسطينية وصمودها وصبرها امام الانحياز الأميريكي الأعمى لاسرائيل ويعتقد الرئيس أبو مازن أن قيمة الموقف الفلسطيني الصلب الآن تاتي في زمن التسونامي الذي يجتاح العالم العربي ويؤثر عليه وأنه لا بد من تجاوز هذه المرحلة ليستطيع العالم العربي معاودة بناء مواقف أكثر تماسكاً واهتماماً وقدرة على العمل..
في أحد المواقف الضاغطة الأميريكية وحتى غير الموقف من غولدستون الذي ناشد فيها مندوب الباكستان بإسم المجموعة العربية والاسلامية الرئيس عباس أن يسحب قرار الإدانة لعمليات اسرائيل ضد غزة كان موقف عباس واضحاً وقد جرى افشال القرار من التدخلات العربية والإسلامية والدولية، وليس من السلطة الفلسطينية كما ادعت حماس..وحين كانت مواقف السلطة تعلن انها ترفض هذه الضغوط قامت ضغوط من نوع آخر كما يقول الرئيس عباس بالإدعاء بأن هناك شركة اتصالات وطنية يملكها أبناء الرئيس محمود عباس من أجل اثارة الشارع الفلسطيني والعربي عليه وقد قام أبناؤه برفع قضية وكسبوها في أوروبا حين جرى الإثبات ان هذه الشركة هي قطرية وان مالكيها معروفون ولا علاقة لأبي مازن أو أي من أفراد عائلته بمثل هذا العمل.. الرئيس الذي بدأ مرتاحاً للقاء يدرك أن الشعب الفلسطيني ما زال بعيداً عن حقوقه الوطنية المشروعة وأن خيار هذا الشعب للسلام لا يعني انه سيستمر طويلاً وأنه لا بد من مواقف جديدة فلسطينية وعربية ودولية تضع حداً للاستهتار الاسرائيلي الذي يرفض عملية سلام حقيقية..
الرئيس يعتقد أن العالم الآن اكثر ادراكاً لعدالة القضية الفلسطينية رغم سلبية وسوء الموقف الأميريكي المتورط في تأييد اسرائيل ورغم تعنت الموقف الاسرائيلي المحكوم بعقلية اليمين الاسرائيلي في الحكومة والمعبر عنه بسياسة رئيس الوزراء ووزير الخارجية ليبرمان..وفي هذا السياق استشهد الرئيس بالموقف الروسي اثناء زيارة الرئيس الروسي والتصريحات الواضحة في تأييد اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف وهي من الزيارات النادرة التي احتفى فيها الفلسطينيون بالضيف الروسي على المستوى الرسمي في منطقة المقاطعة وفي المستوى الشعبي حين استقبلت الجماهير الفلسطينية الضيف الكبير بالترحيب والتصفيق واصطفت تحية له في الشوارع حاملة أعلام روسيا..
القضية الفلسطينية ما زالت في مأزق الحصار بما تمارسه اسرائيل ولعل في ثناء الرئيس عباس على الموقف الأردني واستمراريته وصموده ومبدئيته والتزامه ما يجدد الأمل ويبقيه بأن مطلب السلام العادل سيظل قائماً وسيستمر كفاح الشعب الفلسطيني من أجل ذلك إلى أن ينال حقوقه..
[email protected]
سلطان الحطاب