بيانٌ لأبناء ليبيانا الحرّة الأبيَّة



" ألا إن نصر الله قريب "


1- أولا نقدم واجب العزاء لشعبنا الليبي البطل الذي ضرب أروع الأمثلة في مواجهة الظلم والاستبداد وفي إحياء ذكرى الجهاد .. والله لقد أحييتم جسدَ الأمَّةِ كلِّها بهذا الثبات وتلكَ التَّضحيات التي فاقت كل تصور وتجاوزت كل تقديرٍ وتوقعٍ .. والله إننا لنعترف لكم وبكل فخر واعتزاز بأنكم روحُ هذهِ الأمَّةِ التي سَرَتْ فأحيتْ المَواتَ واستنبتتْ رُفاتَ الماضي و أظهرت دروس التاريخ وبطولات ليبيا ..

2- وفي الوقت ذاته نزف أطيب التهاني لأهالي هؤلاء الشهداء الأبرار الذين ارتقوا في ميادين مدينة بنغازي الصابرة وفي كل المدن الليبية الأبيّة الذين دخلوا التاريخ من أشرف أبوابه وامتشقوا بأرواحِهِمُ الزكيّةِ أَشمَّ ذراه، ليكونوا قمةً ترتقي إليها هامات الجميع تستقي منها معاني الإباء والشموخ والصمود ..

3- وإننا في ظل المجزرة التي تقوم بها مرتزقة الطاغوت القذافي نطالب المجتمع الدولي والمؤسسات والمنظمات الدولية العربية والإسلامية والأممية ومنظمات حقوق الإنسان، نحن لا نرجو سوى الله تعالى لإخواننا وأهلنا في ليبيا، ولكننا نطمع بأن يكون التنديد والرفض الدولي العام والتام حدّاً يوقف أو يقلل من جنون هذا الطاغية السّفاح ويُخيفه أو يربكه على الأقل، إنه يعتمد على قبضته على البترول وخنوعِ الكثير من الحكومات الغربية له لأجل ما يظنونه بترول القذّافي وثروته، أقول لهم إن هذا ليس بترول القذافي وليست ثروته وإنما هو ثروة الليبيين وبترولهم فإن لم تقفوا معهم الآن وتساندوا مطالبهم الشرعية وتكفوا يدَ الظالمِ عنهم فاعلموا أنكم قد استعديتم هذا الشعب الأبي وخسرتموه وهو يستعد لجني ثمرةِ ثورته السلمية المباركة.

4- في الوقت ذاته أوجه ندائي كأحد أبناء هذا الوطن العظيم المتلاحم المتكاثف هذا اليوم بأن المشوار رغم قرب سقوط الطغيان ورغم دنو أجله لا يزال طويلا، ولا يزال يتطلب منا تَضحيات وتنازلات وتكاثف والتحام وبخاصة وقد هبّت رياح النصر وطلت بوادره ودنت ساعته، ولكن الحفاظ على الثورة ومكاسبها له أعظم الواجبات في المرحلة القريبة القادمة، وإنَّ التسامح وبث روح التآلف والتآخي، ونسيان عثرات الماضي لهو واجب المرحلة، فيا رجال القضاء والقانون، ويا أساتذة الجامعات والفقهاء، ويا وجهاء المدن والقرى، ويا شيوخ القبائل والعشائر، ويا كل مواطني ليبيا الأحرار، احذروا لمخططات القذافي بإشعال فتنة داخلية بين قبائل ليبيا وعشائرها قبل سقوطه من خلال الدسائس التي يروجها بين تلك القبائل الليبية الأبية، ليوقع بين أبنائها وليحيي ثاراتٍ عفى عليها الزمن، ليغطي بذلك على سقوطه وتهاويه المذل، أيها الإخوة الأحباب اطووا صفحة الماضي، واتجهوا لبناء المستقبل، مستقبل ينعم فيه الأهل بحرية الرأي والتعبير، وبإقامة العدل والمساواة، وبرد المظالم لأهلها، وبصون الحقوق لأصحابها، وبتوزيعٍ عادلٍ لثروة ليبيا، وبتمهيد طرق البناء، بناء الإنسان الليبي الحر الكريم، من خلال دستور يقيم النظام ويحفظه، ويرسي دعائم الخير وينشره.

5- يا أبناء ليبيا الشرفاء .. لم يبق إلا أن يفهمَكم القذافي، ولا أظنه إلا قد فهمكم، ليس الآن، وإنما قد فهمكم في نفس الوقت الذي فهم فيه بن علي شعب تونس الأبي الصنديد، نعم قد فمهكم حينها ولذا اشتاط غضبا من شعب تونس وأنكر عليهم فرحتهم برفع الظلم عنهم وقال بلسان حاله : أكلت يوم أكل الثور الأسود ..


6- إخواني وأخواتي الليبيين في كل مكان، لقد كانت فرحتنا بانضمام طرابلس والزاوية ومصراتة و كل مدن الشرق والغرب لثورة بنغازي المباركة فرحةً عظيمة، لأنها دلّت على بدء مرحلة جديدة في تاريخ الوطن، فحين نسمع : يا بنغازي مش ابروحك نحن ضمادين اجروحك" نزلت على نفوس وقلوب إخواننا في بنغازي بردا وسلاماً .. فبوركتم يا فخر ليبيا .. وبوركت طرابلس ومدن الغرب، وبوركت ورفلة وبطونها ومن جاورها من العشائر الذين انضموا لثورة الشعب الليبي، وندعو إلى تواصل الانضمام من قبل بقية أفراد ومدن وقرى وقبائل جميع أنحاء ليبيا الأحرار فقد انقشع الظلام وتعرّ الظلم .. وما النصر إلا من عند اللع العزيز الحكيم ..
هنيئاً لشعبنا الكريم ورجاؤنا أن يفهم القذافي الواقع اليوم، وأن لا يكابر وأن لا يزيد العبء على نفسه وأن ينزل ويتنازل ويسلم لنفسه للعدالة، يا طواغيت ليبيا ألا تسمعون قوله تعالى :


نقول للقذافي احقن دماء الشعب الليبي، وسلم نفسك للشعب، ولا تخشى ظلما ولا هضما، فوالله هذا الشعب الذي صبر عليك كل هذه العقود لن يظلمك ولن يغبنك حقك .. فوفِّر على نفسِكَ وعليهم الوقت والجهد وسلم نفسَك للعدالة، وستتعلم دُرُوساً في إقامة العدل وإحقاق الحقوق ..

والله غالب على أمره ..

الشيخ د. فتحي خليفة محمد عقوب

التاريخ : 21/2/2011