عرض مشاركة واحدة
قديم 21-12-2010, 19:52   رقم المشاركة : ( 24 )

 http://sadaalhajjaj.net/vb/images/name/000.gif



 
لوني المفضل : #360000
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 28 - 9 - 2007
فترة الأقامة : 6470 يوم
أخر زيارة : 18-09-2023
المشاركات : 22,199 [ + ]
عدد النقاط : 11001
الدوله ~
الجنس ~
 
 
 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

عفراء غير متصل

افتراضي رد: "مرج الزّهور".. وحكاية الوعد المنقوش



مرج الزهور بين الذكرى والعبرة دولة حماس الأولى / أ.عماد الحديدي


الخميس 17/12/1992م يوم عظيم في أجندة الشعب الفلسطيني عظيم بحدثه الكبير الذي أعاد للذاكرة الفلسطينية التشرد القسري عامي 48 ، 67 هروبا من الإرهاب الصهيوني المتمثل بالقتل والإعدام الجماعي والاغتصاب والضرب والحرائق وسلب الاراضي والاعتقالات الهستيرية وغيرها من الأعمال التي تقشعر لها الابدان وتتقزز من ذكرها النفوس أعادت الذاكرة أمام الحدث الحي( ابعاد 417 فردا من عناصر حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وحركة الجهاد الاسلامي) أمام شاحنات البهائم المكدسة ببشر سلبوا الحرية أخرجوا عنوة من ديارهم ومن بين أهليهم ليلقى بهم تحت العواصف الثلجية والبرد القارس في جنح الليل المظلم وسط الجبال والهضاب الموحشة هذا الحدث الجلل الذي جسده الارهاب الصهيوني ضد هؤلاء الأبرياء العزل كان أمام ومرأى ومسمع العالم الحر بأسره، الشعوب والحكومات والمؤسسات والجمعيات والتكتلات والاحزاب والجاليات أمام أعين الامم المتحدة وتحت سمع جمعيات حقوق الانسان والصليب الاحمر الدولي دون أن يحرك أحدهم ساكنا.

وحتى لا تمر الذكرى دون الوقوف على العبر وتركها تضيع وسط الذكريات المريرة والاليمة التي يكتوي بنارها شعبنا الفلسطيني صباح مساء، وحتى لا نطمس هذه الصفحة المشرقة في تاريخ جهاد ونضال شعبنا الفلسطيني وصفحة مضيئة في ادارة وحكم حركة المقاومة الاسلامية حماس لدولتها الاولى التي أطلق عليها بعض الصحفيين"الدولة الفاضلة" والتي انتصرت فيها انتصارا عظيما وألحقت بالصهيونية شر هزيمة كان حقا علينا أن نقف معتبرين أمام هذه الصفحة المشرقة من زوايا متعددة:

-الابعاد والايمان بالله وبقدره: منذ اللحظة الاولي من عمر الابعاد تعلقت القلوب بربها وخالقها مؤمنة بقضائه وقدره وقدرته على قلب الموازين وتغيير القوانين والمسلمات فهو السيد ومادونه عبيد يسخرهم كيف يشاء ومتى يشاء" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " فالسائر في جنبات مرج الزهور لا يرى الا مصليا قائما أو مسبحا داعيا أو مجتهدا خاشعا أو صائما باكيا "وكان حقا علينا نصر المؤمنين" ، " كذلك حقا علينا ننج المؤمنين".

- جاء الابعاد والعمل الاجرامي (ضد مجموعة من أبناء شعبنا) كخطوة لاحقة ضمن مخطط رهيب ومنظم ومعد مسبقا لتفريغ أرضنا من شعبنا وقد استهدف مجموعة متميزة تتحد بقاسم مشترك ألا وهو الاتجاه الاسلامي والذي تصب الصهيونية عليه حمم براكينها وتنفث فيه سمومها مما دفع الكثير من أبناء العرب والغرب بأن يهذى بهذه الافكار المسمومة ويروجها ويسخر لها كل طاقاته وامكانياته وتحت هذا الجو العاصف ضد " أنصار الحركة والصحوة الاسلاميةالفلسطينية" جاء الابعاد ليوحد اللحمة الفلسطينية والعربية والاسلامية الامر الذي قلب السحر على الساحر فتجسدت الوحدة الوطنية في قضية الابعاد لتعطي صورة من أروع الصور البطولية للشعب الفلسطيني الاسطورة، فوحدة المبعدين ووحدة الداخل والخارج وفلسطيني ال(48) وصبر وصمود وكفاح المبعدين جعل الشعب الفلسطيني ينصهر في بوتقة واحدة ليشكل ولأول مرة ورقة ضغط حقيقة على الصهيونية وامريكا تراجعت أمامها متحججة بالمبعدين خطأ مرة وبالمرضى والحالات الانسانية مرة أخرى والصفقة الاسرائيلية والتنازلات عبر الوساطة العربية والاجنبية وهكذا انتهت القضية بالرضوخ واعادة المبعدين.

- الابعاد حدث مفاجئ من المفاجآت الصهيونية والتي تنثرها بين الحين والحين الاخر اما لإشغال العالم بحدث جديد للقيام بعمل آخر في اتجاه أخر أو أن يكون خطوة تلحقه خطوات من نفس النوع الامر الذي يتطلب ترويض حتى الادمان( يستمرئها العالم) أو مظهر من مظاهر ابراز العضلات الصهيونية بغرض المهابة والتخويف والارهاب.

- الابعاد كغيره من الاحداث المأساوية والتي تستجيش لها العاطفة وتختلج لها الصدور وتهفو لها القلوب في بداية الامر وترجمت كل هذه الامور بالشجب والاستنكار والمطالبة باعادة المبعدين الى وطنهم فورا وبدون اية شروط أو تأخير ومع المماطلة والتسويف والاعذار غير المقبولة تذوب القضية رويدا رويدا ويبدا الرأي العام يتعامل معها كأنها أمر واقعي وتبدأ صلته بها تضعف حتى تموت وتبقى القضية محصورة على عناصرها وأهلها ومن يهمه أمرها كما حدث مع المبعدين من شهر ابريل حتى أوائل سبتمبر لعام 1993م ولكن القضية إذا أرادت أنى تبقى حية في الاذهان والوجدان وتقلق مضاجع الظلام فلابد من اثارة وترتيب الاوراق اثر كل خطوة وتحليل واستقراء واستنتاج بجانب الخبرة والحنكة والمرواغة والتخطيط المسبق المدروس ليأتي التنفيذ السليم كل هذا كان في مرج الزهور فكانت المفاجأة هي ديدن سياستهم وديمومة تواجدهم فتارة المسيرات الاستشهادية (مسرة العودة، الاكفان، الاعتصام على مشارف الوطن) والمسيرات السياسية والتحريضية كمسيرة معبر مرج الزهور، والمسيرات الاعلامية التي يدور راحاها داخل شوارع وأزقة المخيم نفسه في الذكرى الشهرية للابعاد، ثم الاحداث الاعلامية الهامة المثيرة للرأي العالمي ككتابة القرار 799 الصادر من الامم المتحدة بحقهم والقاضي بعودتهم الى أراضيهم بأجسادهم وسط المطر والثلج، أو كتجسيد مصداقية الامم المتحدة بميت ودفنه في قبر وابراز اسمه ( أبكى صحفية أجنبية) بجانب المهرجانات وجامعة مرج الزهور (ابن تيمية) والمتحف والعيادة الطبية بعملياتها الجراحية الصغرى (لأبناء المخيم وأهالي القرى اللبنانية المحيطة بالمخيم) وغيرها من الاحداث الفردية الملفتة للنظر و الاحداث الهامة التي حاربت كل تهميش وتذويب وتعتيم وتضليل عن المبعدين وقضيتهم.

- الابعاد والقرارات الحاسمة وهي أصعب ما كان يواجه المبعدين وخاصة عند طرح قضية ما أو مبادرة صهيونية أو حتى أمرا داخليا فكان المبعدون يعيشون في خيام موزعة حسب مناطق سكناهم ويكون أمير كل خيمة أكبرهم سننا فاذا ما طرحت قضية يتم أخذ رأي المبعدين حسب الاغلبية في كل خيمة ويعرض على لجنة المخيم التي انتخبت انتخابا حرا من قبل المبعدين أما في القرارات الحاسمة والتي يراد بها تبيان الفصل في قضية رئيسية فيطلب من المبعدين الخروج من خيامهم والجلوس في صعيد واحد وأخذ رأيهم أمام وسائل الاعلام مباشرة مثل التصويت على (الصفقة الاسرائيلية الامريكية) والتي خرج المبعدون ليصوتوا عليها تحت المطر والثلوج فوق رؤوسهم ضد هذه الصفقة، وكما حدث في المؤتمر العام للمبعدين للتصويت على مسيرة الاكفان والتي اختلف حولها المبعدون فحسمها الاستاذ ( عبد الفتاح دخان "ابو أسامة") بقوله اعدوا لي كفنا حتى ألحق بطارق ابني فبكي المبعدون وكبروا وأجمعوا على الخروج .

- الابعاد والعواصف الداخلية وكأي مجتمع من المجتمعات البشرية توجد فيه نقاط قوة ونقاط ضعف فيه أصحاب النفس الطويل وأصحاب النفس القصير الذين يستسلمون أمام المبادرات الخداعة فلا يفكر أحدهم الا بنفسه ناهيك عن عيون الاحتلال والتي لا تهدأ أعين الصهاينة الا بزرعها في كافة المجتمعات مهما صغرت أو كبرت فكيف بمجتمع تعتبره الصهاينة ألد أعدائها !؟ الا أن هؤلاء أمام الكلمة الموحدة أمام الجماعة واليد الواحدة أفل نجمهم وتقيضت حركتهم وتقلمت أظافرهم.

- الابعاد والاغراءات البراقة أمام صمود المبعدين الاسطوري وتحديهم ورفضهم المبادرات الصهيونية مرة تلو مرة لانهاء قضية المبعدين التي باتت تؤرق مضاجع القادة أمام شعوبهم لجأ البعض الى عرض مبادرات انسانية لتخفيف المعاناة بحجة تقليل الاصابات بالنزلات المعوية والكسور والانزلاقات الطينية والصخرية التي كانت تضرب المخيم بين الحين والحين الاخر فكانت المبادرات مثل السفر الى الفنادق الاوروبية والعربية وقضاء مناسك الحج ولكن فلسطين بأزقتها وشوارعها هي الام والاهل هي الامل والرجاء فسقطت كل الاغراءات والاوراق النقدية تحت أرجل المبعدين فالوطن هو الوطن فلنموت حتى ولو على مشرف الوطن.

- الابعاد والمفاوضات السلمية جاء الابعاد والمفاوضات السلمية في بدايتها اثر مؤتمر مدريد10/1990م ، فكانت قضية المبعدين صفعة في وجوه المفاوضين وصفعة لعملية السلام برمتها ولإظهار القوة الصهيونية ومدى تحكمها في الاوراق التفاوضية فتطرح ما تشاء وتنسف ما تشاء وتهمش ما تشاء أمام الضعف الذي يبديه الطرف الاخر والمدروس تصرفاته مسبقا بالشجب والاستنكار وتفويت الفرصة على من يريد نسف عملية السلام!؟.

-الابعاد والسياسة الخارجية هذه السياسة الشائكة والدبلوماسية الحذرة تحتاج الى قلوب مؤمنة بقضيتها مخلصة بعطائها فسرعان ما تشكلت اللجان المختلفة ( لجنة المخاطبة التي أوكل لها صياغة الكتب التي سترسل الى الحكام والرؤوساء والوزراء و...) والتي انتهجت سياسة محايدة موحدة، مثمنة ، شاكرة،متسامحة،مفندة،داعمة،شارحة،مستعطفة، والناطفين الرسميين باسم المخيم الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي ناطقا باللغة العربية والدكتور الاسير رئيس المجلس التشريي عزيز دويك ناطقا باللغة الانجليزية والذي أسر قلوب المشاهدين الامريكين في مناظرة على الهواء مباشرة الساعة الثانية ليلا بتوقيت لبنان وتحت الثلج المتساقط والبرد القارس في العراء مع أحد اعضاء اللوبي الصهيوني في الكونغرس الامريكي, حين بادره مراسل وكالة( س ن ن) الامريكية بعد انتهاء المناظرة بالقول:"لقد تفوقت كثيرا على مناظرك وفق استطلاعات الراي حيث كانت ملامحك وقسمات وجهك تسيطر على المشاهدين" فكان رد الدكتور عزيز دويك:" اني احمل قضية عادلة وادافع عن حق شرعي سلب مني فأنا صاحب القضية وصاحب هذا الحق".


- الابعاد وأمريكا التي ضعفت فيه لأول مرة أمام تحدي المبعدين حين قاموا بمسيرة الاكفان يوم الجمعة الموافق 16/4/1993م نحو معبر زمريا احتجاجا على مواصلة المفاوضات السلمية دون التوصل لحل بشأنهم الامر الذي ألهب مشاعر الجماهير الفلسطينية والعربية مما دفع وزراء الخارجية العرب الاربعة الذين اجتمعوا في سوريا في نفس اليوم الى تعليق المفاوضات وعدم الذهاب الى واشنطن في الموعد الذي كان مقررا في 21/4/1993م الامر الذي دفع واشنطن الى تاجيل موعد المفاوضات ، هكذا تكون السياسة وهكذا يكون اللعب بالاوراق الرابحة.

- الابعاد واللاجئين دفعة جديدة يقذف بها خارج الوطن لتنضم الى قافلة المهجرين والمشردين والمخرجين عنوة من بلادهم ليتيهوا في شوارع الدول العربية والاوروبية ثم يصبحوا نسيا منسيا الا ان المبعدين فطنوا لهذه اللعبة الخبيثة فآثروا الجبال والوديان والبرد القارس والافاعي والعقارب على ان يذوبوا بين شعوب العالم أو يفرغوا اوطانهم عبر سحب عوائلهم واسرهم ، فرفضوا دخول لبنان وقطعوا عهدا اما العودة أو الاستشهاد على مشارف الوطن فصبروا حتى أذن الله لهم بالعودة فكانت العودة المشرفة المظفرة وكان مخيمهم أول مخيم يهدم بالشتات للفلسطينين ويعود جميع أهله.

- الابعاد والعودة : الايمان والوحدة والشورى ورص الصفوف ونبذ الخلافات والتنقية المستمرة للصف ومقاومة الاغراءات وتحجيم الشهوات والاعداد الجيد السليم لكل خطوة سابقة والمتابعة المستمرة والمحاسبة الفردية والجماعية توجب النصر المؤزر المبين ، فكانت العودة المشرفة بشهادة الميجر جنرال "فارس " مسؤول سجن "كيلي شيفع" الذي ضرب السلام العسكري لمجموعة من المبعدين قائلا لهم:" لاولا صمودكم يا أبطال لما حلمتم بالعودة مرة ثانية".

ومع دموع الذكريات الاليمة تختلط دموع الفرحة والنصر وتبقى العبر نبراسا يضيئ طريقنا وزاد جهادنا ونضالنا وأنشودة حب لأجيالنا وابنائنا.



  رد مع اقتباس