هسات حبات مطر

تباشير صباح بارد ..... رائحة الخبز الحار... وصوت ابريق الشاي ... هسهسات على سطح غرفتي...!!!؟؟؟
أفتح عيوني..وأتأكد , إنها بشائر العام الجديد....رسائل مع طلائع الفجر الفتي....هدية إلى الأرض من القدير العلي....إنها أصوات تساقط حبات المطر...تتساقط بغزارة , تسمعك لحناً شجيي .
فتحت درفات نافذتي....فاتحاً ذراعيّ , شاركتني فرحتي , ياسمينة الدار...حبات من اللولو تتراقص من أوراقها الخضراء.....وبعض زهراتها انحنت أعناقها , من كثرة ما حملت من ماء.....شاهدتنا الشمس, وهي تتلامح من بين شتيت الغيوم المسافرة , إلى ما شاء الله...ترسل أولى خيوط أشعتها ..تصافحنا ..ترسم براقعاً وصوراً , على أرض الشارع الذي تجمعت به ونظفته ولمعته , حبات المطر , وميازيب بيوت حارتي ...تشهق وتزفر , وهي تسكب الماء الغزير...والدوري يتلطى سقف بلكون جيراني ....نافشاً ريشه ...مرتعشاً ....تنفر من ريشه ...حبات المطر.


صورة لم يرسمها رسام , ولا التقطتها عدسة فنان....لوحة رسمتها يد الطبيعة والتي هي , كرسي مجد الله .
فتوالت الأماني ,وأمطرتني الذكريات...ولاح في أفق ذاكرتي , قصيدة الشاعر العربي الكبير , بدر شاكر السياب (مطر..مطر , مطر) فرحت أرددها وكأنه بي مس من الجنون .
آه....يا حبات المطر: لو تتساقطي , برداً وسلاماً , على قلوبنا , العطشى , للحب والجمال , بعد أن اجتاحتنا جيوش , الزيف والاستعراض.....تروي ظمأ أرواحنا , التي نتفت ريش جناحيها , الويلات ....لو تنسابي إلى نفوسنا , وتغسلي , الغرور والتكبر والتسلط وشوفة الحال , لأن إنسان العصر والأوان , جعل جم نشاطاته , القتل والتدمير والتسلط على الضعفاء صانعاً من دمائهم شراباً , عربوناً لإنتصارته في كل مكان .
لو تتساقطي , لتسقي , بتلات الخير بداخلنا ....تنبجي بذور الحب فينا....تجرفي الأشواك من أمامنا....تجري كالنسغ في عروقنا محبة وعطاء...لنحيا , بأمل وحب وهناء.
آه...يا حبات المطر: لو تهطلي على عقولنا ... تنقيها.... تغسليها...تصوليها كما كانت أمهاتنا تصول قمح البيادر , بمياهك الجارية من أفواه الينابيع....تنقيها من الزوأن....تزيل عنها تراكم الغبار...وتحملينا على جناح ديمة ماطرة , علنا نتصالح , مع أنفسنا , ويغفر لنا الجبار.



آه...يا حبات المطر : اهطلي ...اهطلي , على الأرض وجعلي منها فردوساً وجنان...تنبت فيها , أزهار المحبة...وتتفتح براعم الخير,,,تتسامى فيها أغصان القيم...ويتعطر الجو... برياحين الرحمة والعطاء....عندها قد نعرف , أنه يوجد الكثير ممن , يحتاج إلى الخبز...إلى الصديق....ومرضى كثر يذبلون.....وكثير من التعساء يبكون ...والكثير الكثير , مرت عليهم الأعياد مرور الكرام.....ونحن البشر , خلقنا الخالق متساوون...لم يخلق كبيرا ولا صغيراً ...لا سيداً ولا عبداً ...لا فقيراً ولا غنياً ...لا تاجاً ورعية...لم يخلق أحد وبيده صك التاج وبيده يحمل الصولجان , بل خلق الكل سواء.
لقد أصبحنا كسكان بابل القديمة , كل يغني على ليلاه....فهل يوحدنا الخير الآتي من السماء....وتطهر قلوبنا المحبة المرسلة مع مائكِ ...يا حبات المطر؟





مما راق لي

المصدر: شبكة ومنتديات صدى الحجاج