أحمد منصور:
ظل يوسف ندا شخصية غامضة وبعيدة عن الأضواء وعن وسائل الإعلام وبعيدة عن الأضواء وعن وسائل الإعلام حتى السابع من نوفمبر عام 2001، حيث تناوله الرئيس الأميركي (جورج بوش) في خطاب له واصفاً إياه ومؤسسته بأنه أحد داعمي الإرهاب، ورغم أن بوش لم يقدم أي دليل على ذلك حتى الآن، ولازال ندا طليقاً رغم تجميد أرصدته وشركاته ومؤسساته المنتشرة في 25 دولة، إلا أنه أصبح محط أنظار واهتمام معظم وسائل الإعلام العالمية لاسيما وأن تحقيقات لازالت مفتوحة معه تقوم بها جهات دولية من خلال السلطات السويسرية على رأسها المباحث الفيدرالية الأميركية fbi، ورغم أن ندا قد كشف جانباً من الغموض الذي يحيط به في حلقة أجريناها معه على الهواء في برنامج (بلا حدود) إلا أننا اكتشفنا أن الرجل يلعب دوراً أكبر من كل هذا ربما لا يعلم به كثير من الناس، حيث أنه لم يكن مجرد رئيس لمجلس إدارة بنك التقوى أو رجل أعمال مشهور تنتشر أعماله ومشروعاته في نطاق 25 دولة فحسب، وإنما لعب طوال الـ25 عاماً الماضية دوراً هاماً في جماعة الإخوان المسلمين، حيث أنه كان مفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة وقام من خلال هذا العمل بأدوار ووساطات دولية عديدة وهامة، حيث رتب العلاقة بين الإخوان المسلمين والثورة الإيرانية من أول يوم قامت فيه، كما قام بأدوار وساطة هامة بين السعودية وإيران والسعودية واليمن، وسعى لحل الأزمة بين جبهة الإنقاذ والحكومة الجزائرية، كما أمد اليمن بوثائق هامة ساعدتها في حل نزاعها مع إرتيريا حول الجزر، كما كانت له علاقات قديمة بملك ليبيا (إدريس السنوسي) والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، الذي منحه الجنسية التونسية منتصف الستينيات، ولأن ندى كان يتحرك بسرية وليس هناك معلومات مدونة أو منشورة عنه تتناول هذه الأعمال، لذا فقد كان السعي للحصول على شهادته حول هذا الدور أمراً شاقاً وعسيراً، فقد قضينا معه عدة أشهر في التفاوض لإقناعه حتى يدلي بشهادته حول هذه الأحداث التي تكشف دوراً غير معلوم لجماعة الإخوان المسلمين على الساحة الدولية، وكثيراً ما كنا نتفق ثم نصل إلى طريق مسدود، ثم تنفرج الأمور ثم تعود إلى التعقيد، وقد أدركت من مشقة التفاوض معه أن الرجل ليس سهلاً، وكنت أتفهم ما يتعرض له من ضغوط عالمية تقودها قوى دولية على رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي تصرُّ على إدانته دون دليل، كما أنه هُدد بأن أي كلمة أو حديث يدلي به لأي وسيلة إعلامية يمكن أن تُغضب هذه القوى قد يؤدي به إلى السجن، وقد وصلت معه قبيل التسجيل بالفعل إلى طريق مسدود.
لكن المدير العام لقناة (الجزيرة) شجعني في أن أخوض معه جولة أخيرة من المفاوضات وأن أكون حريصاً على النجاح فيها، وقد نجحت بالفعل بعد جهد شاق ومفاوضات استمرت عدة أيام، وكان عليَّ مشقة أخرى هي مشقة إدارة الحوار مع رجل غامض لديه الكثير ولن يُخرج منه إلا ما يريد، فكيف أُخرج منه ما أريد وما يفيد المشاهدين؟ هذا ما سوف تتابعونه في هذه الشهادة.
وُلد يوسف ندا في مدينة الإسكندرية في مصر عام 1931.
انتمى لجماعة الإخوان المسلمين عام 1947.
شارك في القتال ضد البريطانيين في منطقة قناة السويس بداية الخمسينيات.
اعُتقل مع كثير من الإخوان المسلمين بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر عام 1954، قضى ما يقرب من عامين في السجن وأُفرج عنه في أبريل عام 1956.
بدأ نشاطه التجاري بعد خروجه من المعتقل وأنهى دراسته الجامعية من كلية الزراعة جامعة الإسكندرية.
وفي أغسطس عام 1960 قرر ندا الهجرة من مصر، فذهب بداية إلى ليبيا ومنها إلى النمسا حيث بدأ نشاطه التجاري يتوسع بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينيات بأنه ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط.
تمكن ندا من الهرب من ليبيا حينما اندلعت ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969 إلى اليونان حيث التقى برئيسها (بابا ببلوس) ثم انتقل للإقامة في (كامبيونا) الإيطالية التي تقع داخل الحدود السويسرية، ولازال يقيم بها إلى الآن.
لعب خلال الـ25 عاماً الماضية دوراً سياسياً عالمياً بارزاً داخل جماعة الإخوان المسلمين، نسعى للتعرف عليه من خلال هذه الشهادة.
أستاذ يوسف مرحباً بك، وأشكرك على موافقتك بعد مفاوضات مضنية معك على أن نسجل شهادتك على العصر ليس بالصفة التي عرفك بها معظم الناس بأنك رئيس لمجلس إدارة بنك التقوى، وإنما بصفتك مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين.
جماعة الإخوان المسلمين بتعتبر من أكثر الجماعات إثارة للجدل منذ تأسيسها في العام 1928 دخلت في صدامات مع معظم الحكومات العربية ويمتد نشاطها في أنحاء كثيرة من العالم، موقعك في هذه الجماعة يُعتبر موقع هام للغاية، لا سيما وأنك أنت أيضاً تُعتبر من الشخصيات المثيرة للجدل، دائماً أبدأ مع ضيوفي من البداية، غير أنك بشكل استثنائي أبدأ معك من النهاية أو من الآن، حيث لازالت ملفات التحقيق معك مفتوحة بعد الاتهامات التي وجهها إليك الرئيس الأميركي (بوش) في نوفمبر الماضي 2001 بأنك من خلال المؤسسة المالية التي كنت تديرها تعتبر أحد الذين يمولون الإرهاب، أين وصل التحقيق معك الذي لازال مفتوحاً حتى اليوم؟