26-10-2010, 21:28
|
رقم المشاركة : ( 2 )
|
لوني المفضل :
#360000
|
رقم العضوية :
2
|
تاريخ التسجيل :
28 - 9 - 2007
|
فترة الأقامة :
6378 يوم
|
أخر زيارة :
18-09-2023
|
المشاركات :
22,327 [
+ ]
|
عدد النقاط :
11001 |
الدوله ~
|
الجنس ~
|
|
|
رد: اخونجيات
لم يعد خافيا أن شعبنا يعيش تحت حكم يكتم أنفاسه ، ويبدد تراثه ويقامر بمستقبله وأن هذا الحكم يستعمل جميع الأساليب لحرمان من حريتهم ومن حقهم في اختيار حكامهم وفي محاسبة هؤلاء الحكام علي أعمالهم وقد أيقن أنصار هذا الحكم وخصومه علي السواء بأنه لا يمكن أن يبقي معزولا ولا يستطيع أن يعيش محصورا في حدود مجتمعنا المسلم الحر ، فهناك احتمالان لا ثالث لهما : فإما أن تعم أساليب الحكم السائدة ، وتنشر سيطرتها في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي وتقضي علي كل أثر لمبادئ الحرية والأخلاق والأديان السماوية في المنطقة ، وأما أن ينتصر المدافعون عن الحريات والمؤمنون بالأديان ودعاة الإسلام فيقضوا علي أساليب الطغيان العسكري التي يستعملها الحكام ويروجون لها .
ولقد تصدت لهذا الطغيان جميع العناصر الحية من أبنائها ، وفي مقدمتهم الاخوان المسلمين، ورفع جميع الأحرار راية المقاومة ضد أساليب الحكم العسكري وكشفوا اتجاهاته الدكتاتورية ، وما زالوا منذ سنة 1954 إلي اليوم يحذرون العرب والمسلمين وينذرونهم بأن الذين اغتصبوا السلطة بوسائل العنف والغش واستعملوا وسائل الإرهاب والتضليل ضد معارضيهم لن يهدأوا ولن يستقر نظامهم إلا إذا عمت أساليبهم في جميع أنحاء العالم العربي الاسلامي، ولذلك أعلن الأحرار وفي مقدمتهم كل مسلم عربي حر والاخوان المسلمين أن معركتهم هي معركة الاسلام والعرب أجمعين .
ورغم هذه النذر والتحذيرات فإن كثيراً من أبناء العروبة ومن عامة المسلمين وقادتهم قد خدعوا من الحكومات واعداء المسلمين، وضللتهم دعايتهم ، ولم تتكشف حقيقة هؤلاء للشعوب العربية والإسلامية إلا بعد تجارب أليمة دفعت فيها الشعوب العربية ثمنا غاليا من دماء أبنائها ، ومن وحدة صفوفها وما تزال تعاني من تلك التجارب في كثير من أقطارها حتى اليوم . كشفت هذه التجارب الأليمة شيئا فشيئا حقيقة الحكام الذين فرضوا طغيانهم علي الشعوب وتحركهم بذلك اعداء الدين ثم لم يقتنعوا بذلك فنصبوا أنفسهم حماة لجميع عناصر الهدم والتخريب ، وممولين ومساعدين للعصابات الإرهابية والتخريبية في جميع أنحاءالعالم العربي ، ولم يترددوا في إعلان ذلك والتباهي به ، بل والمتأخرة فيه والمساومة عليه للحصول علي مساعدات من الدول الكبرى التي يهمها أشغال الدول العربية بمشاكل داخلية ومنازعات محلية مصطنعة .
وإذا كانت الشعوب العربية كلها قد قاست من شر أجهزة التخريب وعناصر الإرهاب التي يوجهها اعداؤنا ويمولونها ، فإن ما قاساه الشعب المسلم إلي اليوم أضعاف أضعاف ذلك ،تعيش منذ ذلك التاريخ لا في ظل طغيانهم فحسب ، بل وفي ظل الإرهاب الذي فرضته العصابات الحاكمة بأمرها ، المتحكمةفيها وأبنائها وما يتبعها من أجهزة سرية وعلنية للتجسس والتعذيب . فهم لا يكتفون بما ورثوه عمن سبقهم من أجهزة السلطة والحكم لفرض سيطرتهم وسلطانهم أضافوا لذلك أجهزة سرية وعلنية لم نعرفها من قبل ، ترتكب أشنع أعمال الغدر والانتقام للقضاء علي المعارضين وتحطيم مقاومة الشعب وتخويفه وإرهابه . هناك إذن إرهاب يقاسيه كل مسلم يرفع راية لا اله الا الله ، ولكنه إرهاب مؤمم تحتكره الدول الغربية بمعاونت اذيالها وتمارسه أجهزتها الرسمية وغير الرسمية ، إرهاب تمارسه تلك الأجهزة السرية والعلنية التي تتمثل فيها كل ما يتصوره العقل البشري من أساليب الغدر والتآمر والبطش والعنف ، الذي ينشر الرعب في ربوع البلاد ، ويبث الفزع في قلوب المواطنين الآمنين ، ولا تتردد تلك الأجهزة في ارتكاب أي عمل مهما تكن شناعته وبشاعته ، ومهما كان بعيدا عن معاني الإنسانية أو مقتضيات الرجولة والشرف ، ولا يردعها عن ارتكاب فضائحها خلق ولا دين .
ويكفي أن نذكر من تلك الأعمال التي يرتكبونها ضد أبناءفلسطين مثلا، لأن الحصر مستحيل لكونها ترتكب غالبا في الخفاء والكتمان ، فمن أمثلة فظائعهم قتل المعارضين لسياستهم سواء كان إعداما أو اغتيالا ، ومنها الخطف الذي يسمونه اعتقالا ، ومنها التجسس والتلصص ومنها الإيذاء الوحشي والتعذيب الجسمي والنفسي بما في ذلك ضروب الإهانات الدنيئة البذيئة التي يترفع الإنسان عن ذكرها .. فضلا عن ارتكابها .
القتل عن طريق المحاكمات
إن اعداء الدين الذين قفزوا إلي مقاعد الحكم في جنح الظلام لم يترددوا في استعمال كل وسيلة لإزاحة المعارضين من طريقهم ، وليس من الصعب علي حكام لا ضمير لهم ولا دين يردعهم ولا خلق يلتزمون به أن يصنعوا ( محاكم ) زائفة يسمونها أسماء شتى من محاكم ( ثورة ) إلي محاكم ( الشعب ) إلي محاكم ( عسكرية ) ، هذه المحاكم المصطنعة الزائفة تختلف أسماؤها وتتعدد صورها ولكنها تنفق في شيء واحد هو أنها ليست محاكم قانون ولا عدل ، فهي لا تخضع لنظام ولا عرف ولا تطبق أصولا تشريعية ولا إجراءات قضائية وإنما هي في حقيقتها وجوهرها ليست إلا لجانا أو ( منظمات ) صورية لستر أعمال الاغتيال أو الانتقام أو الإرهاب ، وهي تعمل علنا في بعض الأحيان متى كان ذلك أبلغ في إرهاب الناس ، وفي أحيان أخري تعمل سرا لا يعلم بوجودها أحد ، ولا يطلع علي عملها أحد ، وكثيرون هم الشهداء الأبطال الذين اغتالتهم تلك المحاكم المزعومة ، والذين قتلتهم وغالبيتهم للاسف من جماعة الاخوان المسلمين
الذين يعتبرونهم العدو الاول للغرب واعوانه وكل المتامرين والسائرين تحت لوائهم
كيف لا وهم جماعة الحق وجماعة لا اله الا الله
ولا يخفى على احد في ايامنا هذه
فهم نورا يضيء وشمسا لا يستطيعون تغطيتهم ابدا رغم كل الحقد وكل التطاول عليهم للاسف
لكن هذه هي معادلة الحياة
كل حق لا نريده ولا ناخذ الا ما يدسون به الينا الغرب واعوانهم واذيالهم
للاسف الشديد صرنا ناخذ اخبار اهلنا واسلامنا من الغرب
اذا كان هناك خطأ فمنا نحن لا من جماعه او حركة او عمالقة
كل ما قدمته لنا هذه الجماعه الغراء اعمانا ولا نذكر وكعادتنا للاسف الا مساوؤنا واخطاؤنا حتى لو كان مثلا من اعضاء او اتباع او عملاء مدسوسين
•الأستاذ الشهيد سيد قطب : أكبر مفكر إسلامي أنجبته مصر في هذا الجيل ، وأعظم كاتب عبقري معاصر أبرز وجه الاسلام الحقيقي من ناحية النظم الاجتماعية والاقتصادية التي تحقق العدالة الاجتماعية وتكافل الأفراد والتزامات الجماعة الإسلامية بتنظيم هذا التكافل ومن ناحية إبراز المعارضة الحتمية بين العقيدة الإسلامية وبين الخضوع للطغيان أو الاستسلام للطاغوت المتحكم دون مقاومة ، وخاصة في كتابه الأخير " معالم في الطريق " .
وقد تجرأ حكام مصر علي إعدام الشهيد سيد قطب ووصموا صفحتهم بدمه البريء الطاهر الزكي رغم احتجاجات الملايين من المسلمين ونداءاتهم ، فسجلوا علي أنفسهم أنهم يخشون كل ذي رأي حر ، وأنهم يحاربون العقيدة الإسلامية والفكر الإسلامي .
هذا كله غير ما يرونه بالسجون من تعذيب وتنكيل وكل جريمتهم انهم يريدون اعلاء كلمة الله وبنشرون الحق
هذه هي حال آلاف من أبناء حركة الاخوان المسليمن في المعتقلات والسجون التي أقامها الحكم الإرهابي في يقاسون العذاب والتعذيب منذ سنة1954 إلي اليوم : تقطع أجسامهم بالعصي والسياط كأنهم دواب ، ثم توضع القيود في أيديهم وأرجلهم ، والأغلال في أعناقهم ، ويجرونهم أو يصلبونهم علي هذه الصورة البشعة الوحشية في ساحات المعتقلات والسجون العديدة التي لا تقع تحت حصر : وخاصة في السجن ( الحربي ) .. تحت أشعة الشمس المحرقة في حر الصيف ، وفي برد الليل المظلم في زمهرير الشتاء ... ثم تحرق جلودهم بالنار ، وتحطم أعصابهم بالكهرباء .. وتغرق رؤوسهم في حمامات الماء أو يحبسون في زنازين مملوءة بالماء ، عارية أجسامهم يصل الماء إلي بطونهم وظهورهم ، ويبقون محبوسين فيها أياما طويلة بغير طعام ولا شراب ولا ملابس .. فلا يستطيع الأسير منهم أن ينام ولا أن يجلس ومنهم من أغمي عليه ومات غرقا في ذلك الماء بسبب التعب والجوع والعطش والبرد .. ماتوا وحيدين شهداء لم يشهد موتهم إلا الله المطلع علي ظلم الظالمين ، الذي لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء .
وصلت سوء الحال إلي درجة جعلتنا مضرب الأمثال في بؤس المعيشة وقلة التموين – حتى أصبحت تقرأ في وجه كل مواطنمسلم عربي آيات الضيق الذي يقاسيه ، وتنطق أساريره بهموم العيش التي لا تفارقه عينك علي ناعم الوجه سمين الكرش ملفوف الذراعين من كثرة الشحم ، نظيف الملابس – فانك واثق أنه من مماليك العهد الجديد ، وعبيد المخابرات والمباحث الذين يحظون بنصيب الأسد من تموين التعاونيات ويتمتعون بما يماثل ذلك من امتيازات مقابل مزاولتهم مهنة التجسس والتلصص لحساب الغرب واعوانه وارضائهم بغض النظر عن الثمن ، والمباحث السرية .
في هذا الوقت الذي لا يجد فيه المواطن في الفول إلا ببطاقة ، ولا يحصل علي الأرز إلا بالواسطة ، يحتكر السكر والعدس وقمر الدين فضلا عن اللحم والأرز وغيرهما من مواد التموين حتى أيقن البعض أن الجاسوسية والتلصص قد أصبحا خير مورد للرزق وأوسع باب للنعمة والطريق الوحيد لرضا السلطات وأن التدني إليها والمساهمة فيها هي البطاقة الوحيدة التي تحول اي مواطن فقير مضطهد معرض للسجن والاعتقال ، مهدد بالخطف والاغتيال – إلي عضو عامل في الحزب الحاكم يتمتع بالأمن والاطمئنان ونعيم الحياة ، فضلا عن التموين وأبواب الرزق الحرام .
لكن احرارنا قد أيقنوا أن الخسارة الأخلاقية التي حلت ببلادهم بسبب سياسة فرض التجسس والتلصص والخيانة والغدر علي المواطنين هي أخطر وأبعد مدي من تلك الخسائر المادية ... فقد قيل لهم أن الملايين التي نحسرها حكومة الإرهاب أو تضيعها علي منظمات التجسس والتلصص تسارع بعض الدول – الصديقة – إلي التبرع بسد العجز الناتج عنها لوجه الله تعالي ، خدمة للإنسانية ، أو تشجيعا للاشتراكية ، أما تخريب الأخلاق وإفساد الضمائر ، وتحطيم أركان المجتمع الأخلاقية فلا تستطيع دول الأرض كلها إصلاحه ولا تعويض خسائره .
إن عصابات التجسس الإرهابية ضحت في سبيل تجسسها بكل مبادئ الأخلاق وأسس الآداب ، وخربت كل المجتمع وفرضت عليه الفساد باستعمال الإكراه والتهديد . فلا عجب إذا أصبح كل مسلم عربي يشك في جاره ، ولا يثق في صديقه ولا ابنه ولا خادمه ، ولا أي شخص آخر في المجتمع ، بل أنه لا يثق في نفسه هو ، ولا يضمن إذا قبض عليه أو عذب وألقي في معتقل أو سجن ثم سلط عليه العذاب الذي يسمع في كل وقت بأنه مسلط علي الاخوان المسلمين لا يضمن إذا وجد نفسه تحت هذا العذاب أنه لم يبيع أصدقاءه ، بل وأقاربه ، وأخوته وأبنائه ، بل سيبيع نفسه وهو يكذب عليها ويتهمها – ويعترف – بكل ما تفرضه عليه المباحث تحت التعذيب من أقوال : عن جرائم ، دبرها وأعدها وارتكبها ... كذبا وزورا وبهتانا – لكي يخلص نفسه من العذاب المسلط عليه ، ومن التهديدات التي تحيط به ... ويفقد بذلك ثقته في معاني الشرف والرجولة في نفسه وفي غيره من أفراد المجتمع .
هذا هو الهوان الخلقي الذي فرضه الارهاب ر علينا– وهذا هو التخريب الخلقي الذي يقوض دعائم المجتمع يفرضه حكم الإرهاب عليه . وليت الأمر وقف عند حد إفساد الأخلاق بالترغيب أو بالتخويف والإكراه – بل عثروا علي فلسفة استوردها من الخارج لتأصيل هذا الفساد الخلقي وتربية الناس عليه وتنشئة الشباب علي أساسه – فصاروا ينشئون ( معاهد ) يجلبون لها خبراء وأساتذة من بلاد الدكتاتوريات الفردية أو الدكتاتوريات الطبقية والحزبية ، ليعملوا فيها الشباب إنكار المبادئ الخلقية ، والقواعد الدينية الإنسانية بحجة نشر ( الوعي المادي الاشتراكي او العلماني او البعثي او الماسوني او حتى المغطى بقشور الاسلام وباطنه غير ذلك او بدعه وضلاله ) ذلك الوعي الذي يوجب في زعمهم علي ( المناضل ) أن يتمرس بشتى ضروب الخداع والفسق والتضليل من أجل تحقيق الاشتراكية وغيرها ويوجب عليه أن يغير أخلاقه وسلوكه وفقا للظروف مهما تطلب ذلك من كذب وتضليل وخداع لكي يكون مناضلا ثوريا حقيقيا .
فالحكم الإرهابي لا يكتفي إذن بسلاح السلطات الدكتاتورية ولا سلاح التعذيب والقتل والبطش وإنما يعمل علي تكوين جيش لمنظماته الإرهابية ، يتكون ممن تعروا عن جميع المبادئ المثالية ، وتنكروا لجميع القواعد الخلقية ومن يعتبرون الغدر والخيانة فريضة عليهم التي يكون السبيل الوحيد فيها للترقي في مناصب الحزب ، والصعود إلي مقاعد السلطة هو الهبوط في موازين الشرف والتخلي عن خلق الرجولة ، والتمرس بأساليب الغدر والخداع والنفاق والكذب والتضليل والتدليس علي الناس .
إن عصابات الإرهاب منذ أن سيطرت تسير علي خطة تزييف الشعارات بقصد استعمالها لتثبيت سيطرتها واستبقاء سلطتها – واستأجروا لكل شعار فرقة من الدجالين لفلسفة ذلك الشعار وتزييفه وتحويره لكي يصبح دعامة لدكتاتوريتهم وطغيانهم ومبررا لإرهابهم واستبدادهم . ففي الفترة الأولي عثروا علي شعار ( الاتحاد الوطني ) فأنشأوا له حزبا وفلسفوا هذا الشعار وزيفوه حتى أصبح معناه حل جميع الأحزاب ، ومحاربة جميع الهيئات السياسية واضطهاد جميع أصحاب الرأي أو الفكر لأن وجودهم خطر علي احتكارهم للسلطة وبقائهم وحدهم في مقاعد الحكم وأسسوا لشعارهم حربا سموه " الاتحاد القومي " وصنعوا له إنجيلا سموه " فلسفة الثورة " جعل الانقلاب العسكري ثورة ، وجعل تلك الثورة العسكرية " فلسفة " للسيطرة علي الحكم .
ولما نجحوا في السيطرة وفرض دكتاتوريتهم عليها وبدأوا يفكرون في تصدير أساليبهم الانقلابية ونشر فلسفتها الإرهابية تحالفوا مع البعثيين الذين علموهم شعارا جديدا هو ( القومية العربية ) فجعلوها حصان طرواده يدخلونه في كل دولة مملوءا بالعملاء والجواسيس لنسف استقرارها وتحطيم كيانها ولم يكونوا في حاجة إلي جهود كبيرة لإنشاء فلسفة لذلك الشعار المسمي بالقومية العربية لأن أساتذتهم البعثيين أعاروهم فرقة من فلاسفتهم لخدمة الشعار الزائف وزودوهم بما يشاءون من فلسفات لاستغلال الشعار الجديد المستعار ، لمصلحتهم ولمصلحة النفوذ الأجنبي الذي يعاون حكمهم ويدعمه ويمده بالمساعدات العسكرية والتموينية .
ونجح الشعار الجديد في بسط سيطرتهم على معظم دولنا وتحطيم جميع العناصر السياسية والفكرية التي وقفت في طريقهم
حفر هوة عميقة بين الشعوب العربية والشعوب الإسلامية غير العربية وبذلك شطر العالم الإسلامي شطرين متخاصمين متنافرين لتحطيم وحدته ولا ضعافه إلي الأبد خدمة للشيوعية الروسية المتحفزة علي حدود الشمالية ، وللاستعمار الاستغلالي الذي ألقي الروسية ودعم قواعده علي شواطئه الجنوبية .
تحطيم وحدة الدول العربية التي كان للاستعمار والشيوعية مصلحة في تحطيم وحدتها بإثارة النزعات لم يتركها المد الدكتاتوري إلا فريسة لحكومات طائفية عنصرية وتهييج الأقليات غير العربية وخلق حروب وفتن طائفية كثورة الأكراد في العراق وفتنة جنوب السودان وفي سوريا نفسها لم يتركها المد الدكتاتوري إلا فريسة لحكومات طائفية عنصرية شعوبية تسومها إلي اليوم سوء العذاب .
نعم – لقد شاهدنا في الأيام الأخيرة أن الحكام قد أطار صوابهم أن الاخوان المسلمين تحملوا مالا يطيق البشر من عذاب وسجن مؤبد وتشريد وأحكام وإعدام ومع ذلك مازالوا رافعي الرؤوس صامدين .. – ومازالت فكرتهم تغزو الشباب وتكتسح طبقات الشعب الكادح من عمال وفلاحين وصيادين وموظفين فلابد من سلاح جديد لإذلال كل هؤلاء وتخويفهم وإرهابهم – لم يعد يكفي أن يوضعوا في السجون ويذيقوهم الجوع والعطش والعذاب بل لابد من أن يجوع أطفالهم ونساؤهم وعائلاتهم ، ثم أن السجون لم تعد تتسع للملايين ، فعلمهم أساتذتهم الشيوعيون أساليبهم المجرية في العمل ، وتحول الناس جميعا إلي عمال يخدمون العصابة الحاكمة ، ويخضعون لها بحكم حاجتهم إلي العمل وإلي الطعام – وهذا الحكم الطبقي الدكتاتوري يجعل لقمة الخبز لا تصل إلي فم أي فرد في الدولة لا برضاء الحاكم وإذنه . فمن غضب عليه الحكام الإرهابيون يحرم من عمله ويجرد من أجره اليومي ويحرم من طعامه هو وأطفاله وأسرته أي أنه يحرم هو وأبناؤه وأسرته من حقه في الحياة .. بهذه الوسيلة دون محاكمة ولا سجن ولا اعتقال .
لقد بلغ من جرأة علي الإجرام أنهم أصدروا قوانين تجيز لهم جميع أنواع ( الإرهاب الاجتماعي ) الذي نصت علي أنه " يجوز بقرار من رئيس الجمهورية فرض الحراسة علي أموال وممتلكات الأشخاص الذين يأتون أعمالا تتعارض مع المصالح القومية للدولة " والمصالح القومية المزعومة هي مصالح الحكام أنفسهم ، ثم علي أنه = لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه أمام أية جهة كانت في قرارات رئيس الجمهورية الصادرة وفقا لأحكام هذا القانون .. أي أن مصادرة أملاك الناس لا تخضع لرقابة القضاة ولا القوانين ،
نعم – وجد الإرهابيون الحاكمون وحلفاؤهم الشيوعيون في شعار الاشتراكية او العلمانية حتى كل ما يحتاجون له من فلسفات الدكتاتورية الجماعية والعسكرية والطبقية فأقاموا لهذا الشعار هيكلا سموه حزب الاتحاد الاشتراكي جمعوا فيه فرق الدجالين الذين يفلسفون للعصابات الحاكمة كل ما تريد الأقدام عليه من وسائل القمع الفردية والجماعية من إفقار وتجويع وقتل واضطهاد وتعذيب ، بل كل ما يريدون أن يريدون أن يدبروه من مؤامرات واغتيالات في خارج مصر بحجة تصدير الثورات لمصلحة كل من يزودهم بالمعونات والأسلحة والقروض سواء في ذلك الشيوعية الدولية أو الصهيونية أو الاستعمار الذين يهمهم خلق الاضطرابات في المنطقة ، ليستطيع كل عدو من الأعداء الثلاثة المتربصين بالعالم العربي أن يصطاد صيده ويحقق مصالحه تحت ستار الفتن التي يدبرها اعداء الحق اعداء الاخوان المسلمين .
فلا تعجب إذن إذا كان هؤلاء العملاء الذين يذهبونالى اذنابهم ضيوفا علي عصابات المخابرات والمباحث فينزلون في أرقي الفنادق وتنظم لهم رحلات – فضلا عن استراحات الدولة وقصورها يرجعون إلي بلادهم ليسبحوا بحمد الحكام الذين يطعمونهم ويملئون بطونهم وأفواههم وجيوبهم بالسحت والمال الحرام ، ويضعون أنفسهم عملاء وسفرائها يتلقون منهم الأوامر ويتآمرون معهم ضد كل الهيئات وكل الجهات حتى ضد مصلحة وطنهم وشعبهم ، هؤلاء هم سماسرة الفتنة ، وتجار المغامرات والمؤامرات الذين يمولهم ليقوموا بحملات التخريب في البلاد العربية ويستعملهم لتصدير المؤامرات والغش بحجة تصدير الثورات – وهؤلاء العملاء هم أدوات الإرهاب التي يستعملوها لتحطيم كل نظام مستقر في أي بلد عربي لأن حكم الإرهاب لا يمكن أن يستقر إلا إذا امتدت أساليبه ومذاهبه الكل وعمت وطمت .
فسياسة الإرهاب التي يستعملها لا يمكن أن تبقي محصورة ، بل هم منذ سيطروا علي الشعوب يمارسون سياسة الغدر والتآمر والاغتيال ، فلا توجد بلد من البلاد الشقيقة أو الصديقة لم تتعرض لمؤامراتهم ومؤامرات مخابراتهم وعملائهم وجواسيسهم والعالم كله يعرف قصص الأسلحة التي يوزعونها في جميع البلاد ويلقون بها علي كل الشواطئ سواء في ذلك لبنان أو المغرب ، أو اليمن – وأخطر أسلحتهم في جميع تلك المغامرات هو سلاح "العملاء" . هؤلاء العملاء المأجورون والجواسيس المحترفون هم أبواق دعاية حكام مصر الذين يروجون الأكاذيب وينشرون افتراءاتهم واتهاماتهم ضد الإخوان المسلمين وغير الإخوان المسلمين من الأحرار ودعاة الإسلام .
هؤلاء العملاء المأجورون والمرتزقة هم الذين يضللون الشعوب العربية عن حقيقة الأوضاع ، ولا يكتفون فكثيرا ما تحرر لهم مخابرات تصريحات ومقالات ينشرونها ويذيعونها في الخارج لكي تنقلها بعد ذلك إذاعة وصحافاتنا وننبهر بها طبعا وكيف لا وهي من الغرب تحت درساه وللاسف تحت قلوب سوداء مليئة بالكره والحقد على كل صالح قد ينجينا او يعلينا او حتى يقول لا اله الا الله ويجهر بها
وبذلك يثيرون حقد الشعب ا ضد الشعوب العربية كما أثاروا العرب ضد بعضهم . هؤلاء العملاء الذين يروجون ما توحيه لهم مخابرات ر عما يسمونه " مؤامرة الاخوان المسلمون وينسون أنهم هم المتآمرون ضد أوطانهم وبلادهم وعملاء لمخابرات منهم ومن عصاباتها .
هؤلاء لا يمكن أن يضللوا الشعوب العربية بعد أن انكشف أمرهم وأمر سادتهم ، وعرف الناس جميعهم أساليبهم في الافتراء والكذب ، فلم يتركوا رجلا شريفا إلا شتموه وسبوه ، ولم يتركوا هيئة نظيفة محترمة ولا دولة ترفض الخضوع لمؤامراتهم إلا وانهالوا عليها سبا وافتراء وكذبا – فلم يبق من يصدقهم من كثرة أكاذيبهم وتكرارها . هؤلاء العملاء المأجورون لا يمكن أن يضللونا الذي يعرف من هم الإرهابيون ومن هم القتلة وسفاكو الدماء ومن هم الذين يخطفون الشرفاء ويعذبونهم وينهبون أموالهم ويصادرون أرزاقهم وأرزاق أطفالهم وأولادهم ، كلنا نعرف من هم المضللون الكذابون وعملاءهم المحترفون المأجورون . نعرف أن هؤلاء الحكام هم الإرهابيون لا ضحاياهم الأبرياء من شباب الاخوان المسلمين والافتراء عليهم والكذب وتشويه سمعتهم للاسف
وغيرهم من المعارضين الذين يعذبون في السجون والمعتقلات ويشردون ويضطهدون لتخويف الشعب وإرهابه وإذلاله وصد عن مقاومة حكام الإرهاب
هؤلاء الإرهابيون المتآمرون ضدنا وضد العرب والمسلمين خاصة وضد أبنائه الأبرار وشبابه الطاهر هم هم المتآمرون في مع عملائهم من الجواسيس المأجورين والخونة المحترفين ضد البلاد الشقيقة والصديقة – هم أصحاب منظمات التجسس والإرهاب السرية والعلنية التي تعمل بتوجيه المخابرات والسفارات لتدبير الاغتيال والانقلابات ... لحساب الدول الأجنبية مقابل ما يتلقونه من مساعدات . هؤلاء الإرهابيون الحاكمون هم الذين يتهمون الإخوان المسلمين بأنهم " إرهابيين " فما هو المقصود من هذا الاتهام ؟ وما هي قيمته ؟ .
إن الاتهامات التي توجهها أجهزة الإعلام التي يسيرها الاعداء ضد الاخوان المسلمين والاخونجيين على قولة النادر تدخل ضمن أساليب الدعاية التضليلية وهي من أهم دعائم الحكم القائم وترقيتهم ،
ومن أخطر أسلحته
. ففي كل معركة بين الحق والباطل يتسلح دعاة الحق بالإيمان والتضحية –
أما بالباطل فله أسلحة كثيرة ،
منها القوة الوحشية والعنف الغادر ،
والطغيان الغاشم –
ولكن أخطر أسلحة الباطل هو سلاح
التضليل .
والتضليل
هو صرف انتباه الناس إلي جهة معينة بقصد تنفيذ خطة إجرامية في هدوء واطمئنان دون أن يلتفت إليها الناس .
والتضليل هو
شغل الناس بالأكاذيب حتى لا يروا الحقائق الواقعة الثابتة ولا يفكروا فيها . فالاتهامات التي يوجهها حكام مصر للإخوان المسلمين إنما يقصد بها شغل الناس بما يقال عن الاخوان– ولو كان من الأكاذيب والمفتريات – حتى ينسوا ما يعمله الحكام واعوانهم بهم وما يرتكبون ضدهم وضد الاخوان المسلمين أنفسهم – وهي حقائق ثابتة مسلمة .
ليس هذا الأسلوب التضليلي جديدا علي المجرمين ، ومع ذلك فإنه – رغم قدمه – مازال يجد أناسا ينخدعون به ، ويصدقون أكاذيب المجرمين المضللين ، ويتبعونهم ، ويتخذونهم دليلا ومرشدا .
ولكن هناك فارقا بين تضليل صغار المجرمين وتضليل كبارهم ، فالمجرم القاتل الصغير لا يفكر عادة في " تحويل الأنظار " إلا عندما يفاجئه الناس متلبسا بجريمته ، أو يباغتونه في مكان الجريمة كهذا القاتل اللبناني . أما المتمرسون في الإجرام الذين يخططون لجرائمهم في هدوء واطمئنان ، ويستعملون في تنفيذها عصابات ضخمة الإمكانيات عديدة الأفراد – فإنهم يرسمون خطة التضليل وينفذونها قبل الجريمة لتهيئة الجو المناسب لارتكاب الجريمة ، فقد قيل أن وراء القاتل اللبناني الصغير عصابات ضخمة استطاعت تهيئة "
هذه هي خطط التضليل عن طريق تحويل الأنظار كما ترسمها وتنفذها العصابات الإرهابية ، ومن يتبع أساليبها من طغاة الحكام . فإذا عرف الناس طاغية متجبرا ، تعودوا منه عبارات التهديد والوعيد والتكبر والتظاهر بالقوة والتباهي بالاستقرار ، ثم وجدوه فجأة يصرخ صراخ المستغيث من " عدوان " يدعي أنه دبر ضده .. أو يبكي بكاء الشاكي من " مؤامرة " يزعم أنها أعدت له .. فإنهم يجب أن يذكروا أن هذا التعبير المفاجئ هو من أساليب " تحويل الأنظار " ويقصد منه التضليل ، وعليهم أن لا يخدعوا بتلك المسرحيات والتمثيليات التي يقوم فيها الظالم المعتدي بدور المعتدي عليه ، ويلبس فيها الطاغية المتجبر ملابس الخائف ، المجني عليه .. كما أن عليهم أن يدركوا أن وراء صراخه واستغاثته مكيدة يدبرها لغيره .
ثم أن سلاح التضليل في يد الطاغية أخطر منه في يد غيره ، ذلك لأن أي مجرم مهما بلغت خطورته لا يملك عادة من وسائل التضليل أكثر من كذبة يطلقها أو إشاعة يرسلها أو كلمة يقولها أو إشارات وحركات يقوم بها ، وقد يساعده في ذلك مساعد أو بضعة مساعدين وشركاء ، أما الطاغية فإن وسائله في التضليل أضخم من ذلك بكثير لأنها تصل إلي الملايين وتفرض نفسها علي آذان الناس وعقولهم وتفكيرهم عن طريق أجهزة الدعاية التي يسيطر عليها ، ويسخرها في عمليات تحويل الأنظار .. بقصد التضليل . والناس يعلمون أن أقوي أجهزة الإعلام والنشر في العالم العربي هي ما يسيطر عليها الاعداء ، لأنهم ينفقون عليها الملايين من أموال المساعدات التي يحصلون عليها من ، ويستخدمون فيها أضخم وسائل الدعاية ، من صحف مملوكة لهم في الداخل ومأجورة لهم في الخارج ومن كتاب لا خلق لهم ولا ذمة ولا ضمير – ورثوهم فيما ورثوه عن العهود السابقة التي عملوا لها وخدموها ، ومازالوا مستعدين للعمل لكل سيد والتعاون مع كل حاكم – ثم لهم إذاعات قوية تقتحم البيوت وتتجاوز الحدود ليلا ونهارا يسندها التلفزيون الذي لا يتردد في استغلال الراقصات والممثلات والمغنيات في الدعاية السياسية .
وأخطر من هذا كله أنهم يستعينون في ذلك بفرقة من الخبراء النازيين والشيوعيين الذين أبلوا في خدمة الدكتاتوريات الطبقية والفردية في أوروبا وتخصصوا في حرب الأعصاب والعمل السيكولوجي وحملات الدعايات التضليلية . هؤلاء الخبراء النازيون والشيوعيون يبدأون باستبعاد جميع مبادئ الأخلاق في " العمل السيكولوجي " ويطبقون نظريات " جويلز " ومبادئ " فيشنسكي " وأخطر تلك المبادئ تكرار الأكاذيب وإعادتها دون تردد ولا خجل ، حتى تستقر في أسماع الناس وأذهانهم وتجري علي ألسنتهم دون تفكير وتمحيص ، لأنهم لا يتركون لهم فرصة للتفكير أو التمحيص أو البحث عن الحقائق أو الإنصات لمن يحدثهم عنها .
ومن أصول تلك الدعايات التضليلية أن نجاح الحملات الدعائية لا يتوقف علي صدقها ولا علي صحتها ، وإنما يتوقف فقط علي ضخامة أجهزتها – لأنهم يقولون أن الناس ينتهون دائما إلي تصديق من يكون صوته أعلي من صوت خصمه ، ومن يستطيع أن يسكت صوت خصمه أو يصرف الناس عن سماعه – وتبعا لذلك المفتري المضلل يستطيع أن يتهم من يشاء متى يشاء ضمن أن صوته أعلي من صوت من اتهمه ، وأن أجهزة دعايته وإعلامه أقوي من أجهزة الآخرين .
ومع ذلك فمازال بعض من أصابهم شر هذه الدعايات وكانوا ضحية لأكاذيبها ومفترياتها ، ومازال هذا البعض رغم ذلك يصدق ما تردده ... ضد غيره !!
لكنهم قد يفلحوا بالكذب وبث سمومهم لكن شعبنا اوعى وافهم ولم يعد جاهلا ابدا
رغم ان الاخوان المسلمين
لا يملكون إذاعة ولا تلفزيوناً ، ولا وكالات أنباء دولية محلية مؤتلفة أو متحدة ولا مكاتب دعاية ولا سفارات في جميع أنحاء العالم ، وليس لديهم صحفية ولا مجلة ، وليس لهم دولة ولا حكومة وليس وراءهم جهاز إعلام تابع لإحدى الدول الكبرى ذات النفوذ والجاه في الشرق أو في الغرب .. تسند دعايتهم وتؤيدها وتكررها نعم هم الذين لهم صوت مسموع .. سوي صوت الضربات التي تنزل علي رؤوسهم ، وصوت القيود في أيديهم أو في أرجلهم . هم الاخوان المسلمون" نعم ، منذ سنة1954 إلي اليوم صدق كثير من العرب ومن المسلمين دعايات حكام مصر ضد الاخوان المسلمين ، بل تطوع بعضهم عن غير قصد لترويج تلك الدعايات ونشرها .. للسبب البسيط الذي ذكرناه ،
وهو أن
الاخوان المسلمين
لا يسمع صوتهم ، ولا تذاع حجتهم ، ولا بنشر دفاعهم ، ولا تسمع وجهة نظرهم .. إلا وهم مقيدون في السلاسل أمام ضباط يسمونهم قضاة – كل همهم المحافظة علي المقاعد التي وضعهم فيها الحكام ، ولو ضحوا في سبيل ذلك بمبادئ العدالة والإنسانية ، وداسوا كرامة شعبهم وأذلوا أبناء وطنهم الذين شهد العالم كله ببطولتهم في مواقف التضحية والنضال ضد أعداء مصر وأعداء العروبة والإسلام .
ومع ذلك فإن تلك " المحاكمات " الصورية المسرحية
قد كشفت حقائق ثابتة
تشرف الاخوان المسلمين لا تدينهم ابدا
، وتدين أولئك الذين اتهموهم واضطهدوهم وشهروا بهم ظلما وعدوانا ..
ونحن نكتفي بانهم هم القوة والحق والحرية
بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان سامية قويه عميقه حقيقية
إن حكام مصر الذين أعدوا هذه " المحاكمات " المسرحية ونصبوا أنفسهم للإدعاء علي الاخوان المسلمين وتوجيه التهم إليهم ، نسوا أن أيديهم ملوثة بالدماء ، سواء دماء الشهداء من الاخوان المسلمين وغيرهم من ضحايا الإرهاب في مصر وفي خارج مصر . هؤلاء الحكام الذين ثبت تنكرهم لجميع القيم الإنسانية باعتراف الجميع ، هم الذين جاءوا ليوجهوا التهم للإخوان المسلمين – وكأنهم جاءوا ليرموا الإخوان بدائهم ، وينسبوا إليهم ما يرتكبوه هم وأعوانهم في داخل مصر وخارجها .
وإن مجرد صدور الإدعاءات ضد الاخوان المسلمين منهم كما صدرت من أمثالهم من الطغاة في الماضي في عهد فاروق ، هو أكبر شهادة الاخوان المسلمين بأنهم كانوا ومازالوا ضد كل طغيان ، وكل استبداد – وأنهم دائما في صف الشعب المضطهد المظلوم وليسوا في صف مستذلي الشعوب ومستعبديهم ولا في صف الحاكمين بأمرهم الذين يستغلون سلطانهم للفتك بمن يعارضهم أو يخالفهم في الرأي أو في المذهب .
إن مجرد صدور الإدعاءات ضد الاخوان المسلمين من ظالمين مستبدين ،
يزيد في حبنا للاخوان المسلمين وثقته في مبادئهم وفي إخلاصهم وفي صدقهم .
لذلك لا يشعر الاخوان المسلمين
بأنهم في حاجة ،
مطلقا
إلي أن يناقشوا
هذه " الإدعاءات "
الملفقة المشبوهة
في مصدرها
وفي صانعيها
ومروجيها
لأنه يكفي لدحضها أن يعرف الناس من هم الذين صنعوها ،
ومن نطقوا بها ،
ومن رددوها ومن لهم مصلحة في ترويجها ..
لكي يعتبروها صحائف شرف وفخارالاخوان المسلمين ،
ودلائل عار وصغار لمن يدعون عليهم .
اتهامات موروثة لها تاريخ
إن اتهام الاخوان المسلمين واضطهادهم ليس من مبتكرات الحكام الحاليين فقط،
بل هو أقدم منهم ،
وسابق علي وجودهم ،
فهم في ذلك مقلدون لمن سبقهم ،
سائرون علي نهج الحكومات السابقة
( التي تآمروا هم ضدها ودبروا الانقلاب عليها )
والتي وصفوها بالخيانة ووصفوا رجالها بأنهم كانوا عملاء الاستعمار منفذين لأغراضه خاضعين لتعليماته منفذين لسياسته
بمحاربة الاخوان المسلمين
ومحاولة القضاء عليهم والتشهير بهم .
لسنا نحن الذين نقول ذلك اليوم – وإنما قاله ايضا الضباط الاحرار الذين قاموا بحركة الجيش ، قبل أن تستغل تلك الحركة لإقامة دكتاتورية عسكرية لصالح فئة منهم انحرفت عن أهدافها ...
نعم ، لقد أعلن الجيش أن محاربة الاخوان المسلمين واتهامهم بالإرهاب جريمة وطنية وخيانة عظمي لشعب مصر ، وخضوع للاستعمار – وحكم الضباط الأحرار علي إبراهيم بحكم صادر عن محكمة الثورة عام ، كما حكموا علي أعوانه الذين استخدمهم في محاربةالاخوان المسلمين . وفجأة بعث هذا الاتهام من جديد علي يد جماعة غاضبة أبعدت جميع المخلصين من ضباط الجيش واحدا بعد الآخر – ثم صممت أيضا علي إبعاد الاخوان المسلمين والقضاء عليهم لكي تحتفظ لنفسها بالسلطات التي اغتصبتها من الشعب صاحب السيادة عندما رأت أن العقبة الكبرى في سبيل فرض دكتاتورياتها علي مصر هو الحركة الشعبية التي ساندت الجيش في ثورته وأيدته ودعمته أي " الاخوان المسلمين " . لم تجد الجماعة الحاكمة وسيلة للتخلص من " وصاية "الاخوان المسلمين علي الثورة ، ولا من وقوفهم في وجه الدكتاتورية العسكرية ، ومطالبتهم بالحكم الدستوري الذي يرد السيادة للشعب لم تجد وسيلة لذلك كله إلا بتلفيق التهم الاخوان المسلمين ، وبعث التهمة التي وجهها لهم الانجليز كما يفعلون الان ايضا وأعوانهم من قبل ، وهي تهمة الإرهاب .
والفرق الوحيد بين اتهام الأمس واليوم ، أن اتهام الأمس كان يستند إلي وقائع مادية ملموسة قام بها الاخوان المسلمين فعلا في فلسطين عام48 ثم في القتال بعد ذلك عام 1950 و51 و52 – ولا ينكر الاخوان المسلمين تلك الأعمال ولا يتبرأون منها ،
لأنها أعمال فدائية وبطولية تشرفهم ويسجلها لهم الشعب ويحفظها لهم التاريخ
. نعم ،
سيحفظ التاريخ الاخوان المسلمين في سجل الشرف تلك الأعمال البطولية الفدائية
التي قاموا بها من أجل فلسطين ومن أجل تحطيم القواعد العسكرية الانجليزية في القتال
. ولن يضير الاخوان المسلمين قط أن هذه الأعمال كانت توصف بأنها أعمال إرهابية – ولا أن تهمة الإرهاب التي وجهها لهم الصهيونيون والاستعماريون كان يرددها أذنابهم من حكام مصر في ذلك الوقت – ومن باب أولي لن يضيرهم أن تبعث هذه التهمة وترددها أبواق عملاء الطغيان والاستبداد اليوم . ذلك أن الطغاة المستبدين دأبوا من قديم الأزمان علي وصف أبطال الحرية وضحايا الفداء بأنهم إرهابيون ، فالاستعمار الفرنسي وصف ثوار الجزائر بأنهم إرهابيون ، ووصف ثوار تونس وثوار المغرب بأنهم إرهابيون .
والاستعمار الانجليزي وجه هذه التهمة للعرب المناضلين في فلسطين وغيرها وسار علي هذه القاعدة بالنسبة لفدائي الاخوان المسلمين في فلسطين . ذلك شرف تاريخي للإخوان المسلمين وذلك عار أبدي لجميع الحكام الذين وضعوا أنفسهم أداة في يد الاستعمار والصهيونية لمحاربة الاخوان المسلمين والتشهير بهم واتهامهم ، كما أن ذلك العار لاصق أيضا بالعملاء الجدد الذين أحيوا هذا الاتهام من جديد وسخروا له أبواق دعاتهم وأجهزة إعلامهم – كما كان لاصقا بالعملاء السابقين لهم في عام 48و 51. ويزيد أثم هؤلاء العملاء الجدد أن هذا التشهير بالاخوان المسلمين الذين يمارسه حكام مصر وعملاءهم منذ 54إلي اليوم هو مجرد استغلال واستمرار للاتهام الاستعماري الذي حكم عليه الضباط الاحرار أنفسهم وشهروا به ، وأنه لا يستند إلي أي واقعة جديدة صدرت من جانب الاخوان المسلمين من سنة 54 إلي اليوم ... مما يمكن أن يسميه الناس عنفا بل هو مجرد اختلاق وتلفيق وتزوير .
ماذا يقدم الاعداء من دليل علي زعمهم بأن منظماتالاخوان المسلمين " إرهابية " أنهم منذ أن ضللوا الناس بالفرية الكبرى والحادث المصطنع ( والاعتداء ) الملفق في سنة 1954 – منذ ذلك التاريخ إلي اليوم لا يحتجون عليالاخوان المسلمين إلا بأقوال وأكاذيب يعيدونها ويكررونها وأساطير يروونها ويكتبونها وينشرونها ثم يعيدون طبعها ويعيدون إخراجها مثل المسرحيات القديمة البالية ..
إذا كان هناك من يتهم حكام مصر بأنهم إرهابيون أو أنهم متآمرون وأنهم يمارسون التعذيب الوحشي والبربري ، ويسفكون الدماء وأنهم يفسدون لأخلاق ويغتصبون الأموال والأرزاق ، فإنه يستطيع أن يقدم الدليل تلو الدليل علي صدق ذلك ، فهناك قائمة ، بل قوائم بأسماء عشرات المصريين الأحرار من الاخوان المسلمين وغيرهم من ضباط الجيش ومن رجال السياسة والصحافة قتلتهم المنظمات الحاكمة في مصر ، شنقا – أو غيلة بالرصاص ، أو غدرا بآلات التعذيب وأدواته .. وهناك وثائق تثبت أن آلافا مؤلفة من شباب مصر ورجالها ونسائها وبناتها اختطفوا خلسة أو علنا ، ثم عذبوا وغلوا وقيدوا وضربوا وأهينوا وكسرت أضلاعهم وعظامهم ، ومزقت جلودهم وأجسامهم ، وحرقت أطرافهم وقطعت ، ومنهم من مات ولا يعلم إلا الله أين دفنوه خلسة في ظلام الليل – ومنهم من لا يزال حيا يستطيع أن ينطق بالحق ويؤيد الاتهام ويقدم الدليل الملموس علي صحته – لأن كل ذلك الإرهاب وقع فعلا وارتكبته أجهزة الإرهاب العلنية والسرية التي ينظمها ويديرها ويسيرها الحاكمون في مصر .
أما الاخوان المسلمين فلم يرتكبوا شيئا من ذلك قط ، وهم يتحدون من يدعون عليهم أن يذكروا اسم شخص واحد منهم أو من غيرهم ، من أبناء مصر ، قتله الاخوان المسلمين أو دفنوه في الرمال منذ سنة 54 إلي اليوم كما فعلوا هم حين قتلوا ودفنوا غدرا واغتيالا . هم يتحدونهم أن يقدموا شخصا واحدا من طائفتهم أو من سواهم به جرح أو مرض أو خدش نتيجة ضرب الاخوان المسلمين له أو تعذيبهم له أو اعتدائهم عليه كما اعتدوا هم بالتعذيب والضرب والجرح علي آلاف الأبرياء .. إنهم يتحدون حكام مصر أن يذكروا التاريخ الذي يزعمون أنه انفجرت فيه قنبلة أو رصاصة أو شب حريق أو خربت دار أو أزهقت روح إنسان أو حيوان نتيجة فعل ارتكبته منظمات إخوانية منذ 1954 إلي اليوم ..
إنهم يتحدون حكام مصر أن يذكروا لنا اليوم الذي تقدم فيه مواطن مصري شريف واشتكي لهم – منذ 1954 إلي اليوم – اشتكي لهم أن الاخوان المسلمين قد اعتدوا عليه أو أهانوه أو هجموا علي داره أو كسروا باب مسكنه أو خطفوه كما تفعل أجهزة مخابراتهم ومباحثهم كل يوم في مصر خفية أو علي ملأ من الناس ليلا أو نهارا . إنهم يتحدون حكام مصر أن يذكروا أي مصري تقدم في يوم من الأيام إلي مكاتب حكمهم ليشهد بأنه رأي الاخوان المسلمين يقتلون أو يضربون أو يعذبون أو يحرقون أو يخربون .. كما يفعلون هم وأعوانهم في مصر وخارج مصر .
إن الناس قد شهدوا علي شاشة التلفزيون وجوه المخطوفين والأسري المعتقلين من شبابالاخوان المسلمين الناضر الأبرار .. رأوا وجوههم وعليها آثار التعذيب والإرهاب الذي ارتكبوه هم – وإن الإخوان المسلمين يتحدونهم أن يقدموا علي تلك الشاشة نفسها دارا واحدة قد حرقت أو مكانا قد نسف ، أو قتيلا قد قتل أو جريحا قد جرح ، أو أي أثر مادي ملموس يدل علي ( عمل ينسبونها للاخوان المسلمين) . إنهم عاجزون عن تقديم شيء من ذلك – رغم التحدي ، ومع ذلك فهم يثيرون ضجة كبرى ، إلي اليوم – فماذا قدموا وماذا يقدمون ؟ .. ماذا يقدمون بين دقات طبول الدعاية وزمورها وعلي أعمدة صحافة الأكاذيب وإذاعتها وتلفزيونها ؟ كل ما قدموه أقوال .. فقط .
فما هي تلك الأقوال التي يقدمونها ؟ إنهم يقدمون " اعترافات " ! ولا شيء غير اعترافات !! منذ1954 إلي اليوم لا شيء سوي اعترافات . ويريدون من الناس أن يصدقوا تلك " الاعترافات " لمجرد أنهم يكررونها ويعيدونها ويكتبونها وينشرونها ويذيعونها ويعيدون ذلك كل يوم وكل عام ... حتى الذين خدعوا " باعترافات " – لم يعد أحد منهم يصدق أسطورة الاعترافات اليوم لأنهم يعملون كيف تؤلف ( المخابرات ) و ( المباحث ) هذه الأقوال وينسجون خيوطها ثم يكتبونها ، ويستعملون كل صنوف العذاب والإرهاب لإجبار الأسري المعتقلين للتوقيع عليها ثم يجبرونهم بعد ذلك علي قراءتها أمام مسجلات الإذاعة والتلفزيون ، وهم لا يصلون لإجبار الأسير المعتقل علي الاستسلام لمطالبهم والخضوع لتهديدهم وإرهابهم إلا بعد أن يمزقوا جسده ويحطموا رأسه ويعطلوا إرادته وبعد أن يري بعينيه مصارع إخوانه الذين رفضوا أو امتنعوا عن التوقيع ويشهد بعينه موتهم واحدا بعد الآخر ، نتيجة التعذيب الذي ترتكبه أجهزة الإرهاب الحكومية . كيف يريدون من الناس أن يصدقوا تلك الاعترافات المكرره المعادة الممجوجة الملفقة المنتزعة بالتعذيب والتخويف والتنكيل والإرهاب ؟ وإذا صدقها الناس فماذا فيها ؟ ما هو مضمونها؟
إذا فرضنا جدلا أن هذه الاعترافات شيء له قيمة ما وصدقنا ما تقوله وتردده دعايات الحكم عن مضمونها فماذا فيها ؟ ليس فيها إلا نيات أو أقوال . كل ما فيها لا يتجاوز " نيات " زعموا أنهم استخرجوها بالتعذيب من أعماق قلوب الاخوان المسلمين حيث كانوا يخفونها ويكتمونها – أو مقاصد وأهداف زعموا أنها كانت مستترة في نفوسهم لم يخرجها إلا التعذيب وإلي جانب النيات والمقاصد ، يدعون وجود أحاديث " وأقوال " تداولتها شفاه الإخوان ومناقشات ومداولات دارت بينهم سرا في الخفاء .. فلما عذبوا وقطعت أجسامهم باحوا بتلك الأقوال والكلمات ، كما باحوا من قبلها بالنيات .. ثم ماذا في تلك الأقوال ؟ يقولون فيها النقد والمعارضة والسخط علي الآلهة الذين يحكمون مصر ، فكيف يجوز لمصري ولو كان من الاخوان المسلمي
الإرهاب الذي يرتكبه الاخوان المسلمين ويرتكبه العرب جميعا – هو أنهم يقولون سرا ما يمنعهم الحكام أن يقولوه علنا – يقول بعضهم لبعض لابد من نهاية للظلم ولابد من تحرر البلاد من الطغيان المستبد والفساد المسيطر عليها ، وهم يقولون هذا النقد سرا فيما بينهم ويخفونه في نطاق أصدقائهم وإخوانهم فلما عذبوا وجلدوا وقطعت جلودهم وسلط عليهم العذاب .. اعترفوا ..
كل ما فيها نيات لا ترضي الحكام ، ومقاصد تعارض مقاصد السادة المسيطرين ، وفيها أقوال وانتقادات لنظام الحكم وسياسة الحكام الذين اختارهم الله للسيطرة علي مصر والذين يحرمون علي المصريين أن ينتقدوهم علنا فإذا انتقدوهم سرا .. اتهموهم بأنهم إرهابيون .. يقولون أيضا أن اعترافات الإخوان المسلمين فيها أنهم يتزاورون خفية رغم جيوش المخابرات والمباحث التي تحصي عليهم أنفاسهم وتعد عليهم خطواتهم – وهم أوجدوا تلك التنظيمات السرية ليجتمعوا – لسبب بسيط هو أن الحكام يحرمون علي المصريين جميعا الاجتماع علنا . ثم هم يجتمعون لينتقدوا الحكام ، لأنهم لا يعتقدون أنهم معصومون من الخطأ ، وليقرأوا القرآن ، ويعارضون به الميثاق ، ويحفظون كتب سيد قطب التي تقول أن الحرية أصل الإيمان والتوحيد وأن الرضا بالظلم والخضوع إلي الظالم وثنية وشرك لأن الحاكمية لله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
لماذا يفعل االاخوان المسلمين كل هذا ؟؟ لأن الله خلقهم أحرارا ويريدون أن يعيشوا أحرار مهما كلفهم ذلك من تضحيات . وجريمة الاخوان المسلمين في نظر الحكام ر أنهم يستطيعون أن يفعلوا ذلك ويتجرأوا عليه ، رغم كل الاحتياطات والأموال التي ينفقها الحكام لمراقبتهم والتضييق عليهم ، وهم يفعلون ذلك ولا يستطيع غيرهم من المصريين الساخطين أن يفعلوه ، ولا تستطيع المباحث والمخابرات وجيوشها وجواسيسها المنتشرة في كل مكان أن تعلم به أو تكتشفه .. ولا وسيلة لكشفه إلا شيء واحد .. هو التعذيب ؟؟؟ فعندما تقطع أجسامهم بالسياط والعصي وعندما تحطم إرادتهم ويفقدون رشدهم في غيبوبة الآلام والعذاب عند ذلك فقط .. يقولون أنهم اجتمعوا أو التقوا أو انتظموا أو تناقشوا .. أما ما دار في تلك المناقشات وتلك الاجتماعات من أحاديث فلا يطلب منهم أن يذكروه وإذا ذكروه لا يقبل منهم ، ولا يسجل ، بل الذي يكتب ويسجل في الاعترافات هو ما تريد المخابرات ذكره وتسجيله لا ما يريده المعذبون ، وإلا فما فائدة التعذيب إذن أن كان المعتقل المعذب يقول كما يريد هو ...؟
إن التعذيب ثابت مؤكد وغايته واضحة ونتيجته ملموسة هي أن تؤلف ما تريد أن تتضمنه الاعترافات وتكتبه وتلفقه وتصنعه صنعا وتخترعه اختراعا ثم تفرض علي المعذبين أن يوقعوه وأن يقرأوه أو ينطقوا به وإلا بقوا تحت العذاب حتى الموت .
لماذا إذن تنظيمات الاخوان المسلمين وتجمعاتهم ؟
قد يقول قائل إذا كان صحيحا أن الاخوان المسلمين يجتمعون وينتظمون ويدرسون ويستعدون فلماذا إذن التجمعات والاستعدادات التي تجر عليهم كل هذا البلاء ؟
طبعا لا يصدق عاقل أن يمضي الاخوان المسلمين عشر سنوات أو أحد عشر عاما منذ عام إلي اليوم يعدون ويستعدون وينظمون صفوفهم ويربون شبابهم منذ طفولتهم حتى يصبحوا عباقرة العلماء والمهندسين والكتاب والمؤلفين .. كل ذلك من أجل اغتيال شخص أو أشخاص .. ولا من أجل تخريب منشئات أو تحطيم منازل ، هذا أمر لا يصدقه حتى حكام مصر الذين يذيعونه ويرددونه بواسطة أعوانهم وعملائهم ، فحكام مصر لا يدعون أن جماعة الاخوان المسلمين هي من الضعف والهزال لدرجة أن تمضي أحد عشر عاما في التنظيمات والاستعدادات والاجتماعات من أجل الاغتيال أو التخريب .. ثم لا ينتج عن ذلك كله أثر واحد مادي ملموس .. ولا يطلقون رصاصه واحدة حتى علي الجلادين الذين جلدوهم في السجون والذين يتسكعون كل يوم علي المقاهي من جروبي إلي الأوبرج وسان سوسي وعلي بلاجات الإسكندرية – ناهيك بكازينوهات وعلي الليل في بيروت وسويسرا ومدريد ، فلم يتعرض لهم واحد فقط من آلاف شباب الاخوان المسلمين الذين عذبوهم في المعتقلات والسجون ، هؤلاء الشباب يا للعجب لا يلقون قنبلة واحدة علي الأقل ليتحدث الناس أو ليذكروا وجودهم ويحسبوا حسابهم .. فلماذا لم يفعلوا ذلك وهم ليسوا عاجزين عنه ؟ ، لو كان الإخوان المسلمون من الهزال والعجز إلي هذا الحد لهان أمرهم ولما احتاج حكام مصر إلي إقامة الدنيا وإقعادهم للدعاية صدهم والتشهير بهم ولما احتاج رئيس الدولة أن يذهب إلي موسكو ليشكو لها معارضة الإخوان ويستلهم الوحي ويطلب العون لكي يدخل في معركة ضدهم ، بعد مضي خمسة عشر عاما من حكمه الدكتاتوري العسكري ؟؟
كلا ... أن حكام مصر يعرفون أن الاخوان المسلمين لم يفعلوا ذلك – وأنهم لم يفعلوه مطلقا ذلك الزمن لأنهم لم يريدوه ، لا لعجزهم عنه . فإذا اتهموهم اليوم بأنهم كانوا يريدون شيئا من ذلك أو يفكرون فيه فهم أول من يعرف كذب هذا الافتراء وبطلان هذا الاتهام . إنهم يعرفون قطعا أن سبيل الانتقام الفردي أو الإرهاب والاغتيال ليس هو سبيل الاخوان المسلمين ، بل يعرفون أكثر من ذلك ، يعرفون أنهم هم فعلوا كل ما في وسعهم لجر الإخوان لهذا الطريق ودفعهم في تلك السبيل لغايات في نفوسهم ، ولكن كل جهودهم ذهبت هباء وكل محاولاتهم باءت بالفشل ومازال الإخوان ثابتين معرضين عن هذا الطريق ..
وهذا الإعراض والامتناع وحده أكبر دليل علي قوة نظام الجماعة ومتانة تنظيمها .. وهذا هو الذي يخفيهم ... وهذا هو الذي يخيف حلفاؤهم الشيوعيين ويرعبهم .. إنهم يعرفون أن ما يخشونه من الإخوان المسلمين ليست هي المؤامرات الموهومة التي اخترعوها هم واصطنعتها لهم أجهزة مخابراتهم ولفقتها لهم المباحث وإنما هم يخشون " تجمع الاخوان المسلمين " وتنظيمات " الاخوان المسلمين ووجود الاخوان المسلمين لدعوة إسلامية وبقاءها كحركة سياسية يضع فيها الشعب آماله للقضاء علي حكم الطغيان ، ويؤمن الشعب بقيادتها له في نضاله الشعبي وحركته الجماهيرية به لتحطيم نظام الحكم الفردي بانتفاضة عامة شاملة كما فعل شعب السودان وكما فعل شعب اندونيسيا .
أو كما شعر حكام مصر بأن الإخوان أعادوا تنظيم صفوفهم دفعوا أجهزة المخابرات
والمباحث لتدبر خطة لضرب هذه الصفوف وتشتيت تلك التجمعات وتحطيمها .. وتسارع تلك الأجهزة إلي استعمال وسائل الافتراء والتلفيق والكذب والتضليل لاتهام الاخوان المسلمين والتشهير بهم تمهيدا لتحطيم كيانهم وتبريرا لأساليب التعذيب الهمجية والوحشية التي يستعملونها ضد الإخوان يعلنونها للناس لكي يرهبوا غير الاخوان المسلمين ويخيفوا جماهير الشعب لأنهم يقولون أن شعب مصر " يخاف ولا يستحي " فلابد من تخويفه من حين لآخر بعمليات قمع وتعذيب وإرهاب ضد الإخوان المسلمين وغيرهم من المعارضين . أن ما يأخذون علي الاخوان المسلمين وغيرهم من الأحرار أنهم يعارضون سيطرتهم ، ويكشفون أخطاءهم ويوقظون في الشعب روح المقاومة والمعارضة .
وهم يحرمون علي الاخوان المسلمين ، وعلي جميع المصريين ، أن يكون لهم رأي يخالف مذهبهم ، ويمنعونهم من كل نشاط سياسي علني أو قانوني ، وهم يعلمون أن حركة سياسية عقائدية كحركة الاخوان المسلمين لابد أن يسري تيارها كالكهرباء خلال اتصالات شخصية ولقاءات حركية تغذي دعوة الاسلام وتتفادى بسريتها بطش أجهزة بالاخوان المسلمين ويوقفوا اتصالاتهم ، ليمنعوهم من الانتظام في كيان قوي متماسك ويمنعوا الناس من الاستجابة لدعوتهم أو الاستماع لدعايتهم . وإرهاب الحكام ، وتتحصن بها من غدر عصابات التجسس والمباحث التي ينفقون عليها الملايين .. إن هدف حكام مصر ، هو أن يضربوا تجمعات
ولكي يضربوا الاخوان المسلمين من حين لآخر ، فإنهم لابد أن يبرروا ذلك أمام الناس ، ويقدموا له أسباب مختلفة أو زائفة ، فيبدأون باتهامهم بأن لهم " تنظيمات " سرية ، ويعتبرون كل اتصال تنظيما سريا وكل لقاء اجتماعا إرهابيا ، كان كل منظمة سرية لابد أن تكون منظمة إرهابية ، وهذه مغالطة لا أساس لها ، لان السرية شيء والإرهاب شيء أخر ، وكثير من الناس يقع في شراك هذه الدعاية وينسون أن السرية هي الوسيلة الوحيدة للدعاية والدعوة لمن يخشون إرهاب الحكم المستبد الطاغي ، فالحاكم الذي يستعمل أساليب الإرهاب ويمنع الناس من الإعلان عن رأيهم ومن الدعوة العلنية لفكرتهم ومن نشر دعوتهم إنما يدفعهم إلي الاتصالات السرية ، والدعوة السرية – وهذا النوع من السرية لا علاقة له بما يسمونه الإرهاب .
إن الحاكم الذي يدفع خصومه دفعا إلي العمل السري ويفرض عليهم فرضا أن يسلكوا سبيل السرية في دعوتهم وفي نشر مذهبهم وآرائهم بتحريم النشاط السياسي علي المواطنين المعارضين هذا الحاكم عندما يسمي هذه السرية إرهابا – إنما يقصد بذلك تضليل الناس وإثارة دخان من الأكاذيب يستر بها إرهابه هو ويبرر بها سياسته الإرهابية . إن الناس يفرقون بين سرية الدعوة اتقاء لإرهاب الحكام – وبين السرية المقصود بها ارتكاب العنف أو التآمر – فلا سبيل للدعوة الإسلامية غير الدعوة السرية في بلد يسيطر عليه الإرهاب الحكومي الشيوعي وبالتالي فلا يجوز للمؤمنين بالحرية والديمقراطية أن ينخدعوا لدعاية الحاكم الذي يريد أن يصور هذه السرية بأنها إرهاب ، لأنه بذلك إنما يختلق تهمة زائفة ، لينفلت هو من تهمه الإرهاب ، ويستمر في سياسة الإرهاب التي يقوم عليها حكمه وطغيانه ودكتاتوريته . حكام مصر إذن يخشون قدرة الاخوان المسلمين علي الانتظام وعبقريتهم في التنظيم ، ويخشون تصميم الاخوان المسلمين علي أن يتجمعوا ، وأن يحفظوا كيانهم ويدعموا الروابط التي تجمعهم علي دعوة الحق رغم الحكم الإرهابي الذي يحرم علي المصريين جميعا أن يكونوا لهم رأي سياسي غير رأي الطغاة ، أو أن يكون لهم تنظيم سياسي غير حزب الحكومة الذي يسيطر عليه الشيوعيين والعملاء المأجورون الذين يتناولون مرتباتهم من عرق الشعب ومن أموال المساعدات التي تحصل عليها الدولة من الخارج مقابل عمالتها للدول الكبرى .
كل ما تقوله دعايات عن نيات الإخوان هو إذن محضر احتلاق وتلفيق .. والذي لفق ذلك وابتكره وصنعه هو المستفيد من هذا التضليل .. وهي أجهزة الإرهاب الحكومي المسيطرة علي مصر .. ذلك أن الحكام المستبدين يعملون علي أن يتصرف الساخطون من المصريين عن طريق التجمع الحركي والمعارضة السياسية المنظمة وأن يسلكوا سبل الانتقام الفردي وأعمال العنف والإرهاب التي تحقق للطغاة الحاكمين غرضين :-
أولهما : أن التحمس الوقتي للساخطين وتوجه أفكار الناس بلا انتقام أو الثأر بالعنف هو خير شبكة تصطاد بها أجهزة لحكم الإرهابية خصومها وأكبر الفخاخ التي يوقعون فيها الأحرار المعارضين لسياستهم ونظامهم وأقرب الوسائل لإلقائهم في مجاهل السجون .. متى استدرجهم عملاء المخابرات ومرشدو المباحث المأجورون في هذا الطريق .
وثانيهما : انه كلما ألح الشعب في المطالبة بتحطيم القيود التي يفرضها الحكام علي حريات الأفراد في الحركة والكلام والكتاب والانتقال .. فإنهم يبحثون عن حجة للتهرب من تلك المطالبات وخير حجة لديهم هي ادعائهم باكتشاف جماعة يتهمونها بأنها تفكر في الإرهاب والانتقام وذلك لتحويل أنظار الشعب عن مطالبته بالحرية وتبرير سياستهم الإرهابية وتدبير القمع والضغط والطغيان بحجة محاربة معارضيهم الذين هم الأغلبية الساحقة وأبنائه المخلصين .
فلا عجب إذن أن كان للحكام شبكة من المرشدين البوليسيين والمحرضين المأجورين تنفق عليهم أجهزة المخابرات والمباحث لكي يندمجوا في أوساط الساخطين من أبناء الشعب يجذبونهم إلي العنف ويستدرجونهم في الحديث ويوجهونهم إلي التفكير في أعمال الانتقام الفردي والثأر من الطغاة المستبدين .. ومتى تجمع حول المرشد للثأر " اكتشفتهم المباحث " بمعاونة المرشد المأجور أو الجاسوس المحرض الذي يختفي بعد ذلك ولا يظهر له أثر .
عند ذلك تدور أسطوانات المحاكمات والاعترافات ويضاف إليها ما يلزم من أكاذيب وتلفيقات وما يسندها من أسلحة تعد خصيصا لذلك من مخازن الجيش أو مستودعات البوليس ، وتكون النتيجة دواما إلقاء الخصوم في السجون أو المعتقلات أو يقتلون سرا إذا اقتضي الحال ويبقي الحاكمون الإرهابيون متربعين في مقاعد الحكم كما كانوا ويحققون نصرا رخيصا دون أن يصاب أحد منهم بخدش أو يتعرض لاعتداء أو جرح .. وهكذا تتكرر التمثيلية ويتعدد الضحايا وينتشر الذعر بين طبقات الشعب وتدور أجهزة الدعاية ضد أسطورة الإرهاب التي حاكها الحكام واصطنعوها وحرضوا عليها ولفقوها واستغلوها واستفادوا منها للتنكيل بخصومهم الأبرياء وإرهاب الشعب وتخويفه بهذا التنكيل . فخطة الحكام الإرهابيين هي استغلال طاقة السخط في بعض النفوس لإجهاض الحركة السياسية المعارضة لحكمهم ولسياستهم .. وهي حركة الاخوان المسلمين.. ووسيلتهم في ذلك هي استعمال عناصر المحرضين المأجورين يصطادون بها كل الفئات الواعية ثم يلقونها في السجون والمعتقلات للتخلص منهم وإرهاب عامة الناس وتخويفهم . والاخوان المسلمين يعلمون أنهم أول أهداف هذه الخطط البوليسية التي يسلكها عملاء المخابرات والمباحث ، ولذلك فهم أكثر يقظة من غيرهم لهذه الأحابيل والمؤامرات والفخاخ .
إن الاخوان المسلمين حركة سياسية تستعمل الأسلحة السياسية وسلاحها الأول هو سمو مبادئها الإسلامية وتحررها من الأغراض الأنانية وبعدها عن الأهداف الشخصية وهي أسلحة تضمن النصر في معركتها ضد أسلحة الغدر والخيانة التي يستعملها خصومها . إن جماعة الاخوان المسلمين تخوض معركة مبادئ لا معركة أشخاص وهي في هذا تختلف عن خصومها الذين يدافعون عن أشخاصهم ويعملون لأغراضهم الشخصية ومطامعهم الأنانية وفي سبيل أنانيتهم ومطامعهم يبيحون لأنفسهم انتهاك جميع المبادئ وإهدار جميع القوانين ويستبيحون في سبيل أشخاصهم وتمسكهم بالسلطة كل وسائل الإرهاب والخيانة والغدر دون أن يتقيدوا بمبادئ الإنسانية أو الأخلاق أو الأديان .
أما جماعة الاخوان المسلمين فإن هدفها الأول هو نزع ستار الأكاذيب والدعايات التي يخفي الطغاة بها حقيقتهم ، ومتى ظهرت تلك الحقيقة أمام الناس عارية في بشاعتها وشناعتها وكشف الطغاة للناس حقيقة أغراضهم الأنانية وأهدافهم الشخصية وظهرت في مواجهتها سمو مبادئ الاخوان المسلمين وطهارة أخلاقهم ونظافة أساليبهم ووسائلهم رأي الناس الفرق بين أساليب أصحاب المبادئ وأساليب أصحاب الأغراض والمطامع – وعرف الشعب من يعمل لوجه الله والحق ومن يعمل لشخصه ومطامعه ومصالحه علي حساب مصالح الشعوب ومبادئها ومثلها العليا .
إن الاخوان المسلمين عندما يعلنون أنهم لا يلجأون لأعمال العنف أو الغدر ، فهم لا يقررون هذه الحقيقة ولا يكررونها أرضاء لخصومهم ، ولا تطمينا لهم ولا ردا علي اتهاماتهم لهم ، فأولئك الخصوم أول من يعلم ببطلان الاتهامات التي وجهوها الجماعة الاخوان المسلمين لأنهم هم الذين اختلقوها وزيفوها واصطنعوها كما اصطنعوا ولفقوا مرارا من قبل . والإخوان المسلمون لا يتبرأون من تهمة الإرهاب الملفقة ولا يعلنون ذلك حرصا علي سلامة أنفسهم أو سلامة جماعتهم من الاضطهاد والتشريد والمطاردة لأنهم يعلمون أنهم لا يحاربون بسبب هذه الاتهامات الكاذبة بل أنهم يعلمون لأسباب أخري وغايات أخري : أولها أنهم يعتقدون أن الاخوان المسلمين هم القوة الشعبية الوحيدة في مصر التي يلتف حولها الشعب وينتظر الخلاص علي يديها فيسعون لتحطيمها حتى ييأس الشعب من الخلاص ويستسلم لاستبدادهم وينصرف عن التفكير في المقاومة .
ومنها أيضا أن محاربتهم للاخوان المسلمين تكسبهم عطف الجهات الأجنبية التي كانت تسندهم وتؤيدهم ولا زالت تسندهم وتدعمهم كلما لاح لها شبح الإخوان المسلمين لأنها تعتبرالاخوان المسلمين خطرا علي نفوذها وعلي سياستها . فجماعة الاخوان المسلمين علي يقين بأن إعلان رفضها لأساليب العنف والانتقام الفردي لن يغير شيئا من موقف خصومها ولا من محاربتهم لها .. ولن يضمن لها سلامة أفرادها ولا سلامة تنظيماتها وبنائها ، ولكنه يضمن لها سلامة مبادئها وصفائها وطهارتها . وحركة الإخوان تضع سلامة المبادئ فوق سلامة الأشخاص والتنظيمات .
ومن ناحية أخري فإن واجب جماعة الاخوان المسلمين يقضي عليها أن ترد علي نداءات أصدقاء الاخوان المسلمين بل وبعض الاخوان المسلمين أنفسهم الذين أصبحوا يعتقدون أن صبرها قد نفذ ، ويظنون أن الوقت قد حان لكي تعلن للعالم بأنها سترد العدوان بالعدوان وستحطم الإرهاب بالإرهاب وتحارب العنف بالعنف . نعم قد يظن البعض بأنها في دفاع شرعي ، ومن حقها أن تحطم الطاغوت بكل ما تملك من وسائل دون أن تتقيد بالمبادئ التي لا يتقيد بها خصومها أنفسهم .. ولا أن تلتزم بالأخلاق التي يدرسونها هم بأقدامهم .. ومن حقها إذن أن تستعمل كل سلاح يستعمله أعداؤها في محاربتها وتلجأ لكل حيلة وكل خديعة مادام خصومها لا يتورعون عن الغدر بها والكذب عليها واغتيال شبابها ورجالها وانتهاك حرمات نسائها وبناتها وتجويع أسرها وأطفالها ..
نعم لقد سمعنا من يقول أن خصوم جماعة الاخوان المسلمين لا يراعون في محاربتها دينا ولا خلقا ولا مبدأ ولا شرعا ولا قانونا ولا عرفا .. فلماذا تتقيد جماعة الإخوان بالدين والخلق ؟؟ إن خصومها يحصدون زهرة شبابها ورجالها المرة بعد المرة يقتلونهم ويسجنونهم ويعذبونهم وكثير من الناس يتساءلون : لماذا لا يدافع الاخوان المسلمين عن أنفسهم بكل الوسائل ؟ ولماذا لا يدافعون عن إخوانهم المعذبين المعتقلين ، ولماذا يدافعون عن حرمة أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم الذين تجرأ الطغيان علي اعتقالهن واختطافهن وتعذيبهن ، ولماذا لا يدافعون عن أطفالهم وأسرهم الذين يضطهدهم الطغاة عليهم الجوع والبؤس والذلة والفقر ويحرمون عليهم كل موارد الرزق حتى المساعدات والصدقات ، ويعتقلون المتصدقين ويعاقبونهم ويتهمونهم بأنهم ممولون – كان تمويل الأسر ومساعدتها وجمع الأموال لها من الداخل أو من الخارج جريمة -؟؟
يجيب الاخوان المسلمين هؤلاء الأصدقاء العاتبين : " إننا ندافع أولا عن عقيدتنا ، وعن مبادئنا – وأنتم تعرفون أننا لم نقصر لحظة واحدة في الدفاع عنها وهذه التضحيات المتوالية الدورية المتكررة دليل قاطع علي ثبات الاخوان المسلمين علي مبادئهم وعلي بذلهم كل تضحية في سبيلها . أما الدفاع عن أنفسنا ، فنحن ملتزمون به ولكننا نختار له الوسائل التي لا تتعارض مع مبادئنا وأهدافنا لأن أول هذه المبادئ التضحية بالنفس والأهل والمال وبكل شيء من أجل العقيدة والمبدأ ، وقد ثبتالاخوان المسلمين علي هذا المبدأ وسوف يثبتون عليه دائما ، وضحوا من أجله كثيرا وسوف يضحون حتى النصر . ولقد قال البعض الاخوان المسلمين أنكم مع استمراركم في خطة اجتناب العنف والترفع عن الانتقام والثأر يجب ألا تعلنوا ذلك وألا تصرحوا به لأن هذا الإعلان والتصريح يقدم لخصومكم خدمة كبرى إذ يستريحون من ناحيتكم ويطمئنون إلي أنهم يحتكرون وحدهم سلاح الاغتيال والتآمر والغدر والإرهاب ومتى اطمأنوا إلي أنكم لن تلجأوا لتلك الأسلحة التي يهاجمونكم بها زاد إصرارهم عليها وإسرافهم فيها وتماديهم في استعمالها ضدكم وضد غيركم من الأحرار ، فالأولي أن تتركوهم فريسة للشك في نياتكم والخوف من انتقامكم ن والأفضل أن تعطوهم الفرصة ليصدقوا الأكاذيب التي اخترعوها هم وزيفوها ضدكم وابتكرتها لهم أجهزة المخابرات والإرهاب والتجسس .. حتى يعيشوا في قلق دائم وفزع مستمر ورعب أسود ولا يمكنهم من أن يروا طعم الراحة ولا أن يذوقوا لذة الأمن والاطمئنان .
ولقد قال الاخوان المسلمين لهؤلاء الناصحين بالسكوت والصمت : إننا واثقون بأننا مهما قلنا ومهما أعلنا فإن خصومنا لن ينالوا طعم الراحة ولن يناموا قريري العين يوما واحدا ، لأنهم يعلمون علم اليقين ما ارتكبوه نحن صبرنا علي أذاهم وألزمنا جماعتنا سبيل الحكمة ومنعناهم عن طريق الانتقام ... فمن يلزم الملايين الأخرى من أبناء مصر الذين لا يرتبطون بتنظيم سياسي كتنظيمنا يرسم لهم ويخطط لسياستهم ويحكم تصرفاتهم ؟ إنه إذا كان الاخوان المسلمين لا حاجة لهم في تنظيماتهم إلي المندفعين المتهورين المتمردين علي كل نظام حركي وانضباط حزبي – فإن حكام مصر يعلمون أيضا أن هؤلاء عندما تتملكهم نزوة من نزوات الانتقام والثأر الفردي ليسوا في حاجة إلي تنظيمات أي هيئة أو حزب سياسي لكي يشتروا رصاصة أو يطلقوها – أو لكي يدبروا اغتيالا أو ما يماثل ذلك ، فإذا خلت صفوف الاخوان المسلمين من الانتقاميين المتهورين فليس معني ذلك أن الشعب كله سيخلو منهم – بل هم موجودون وباقون طالما أن أعمال الظلم والاضطهاد التي تدفع الناس للانتقام باقية مستمرة .
إن التامرين يعلمون أن عدد المظلومين والساخطين والموتورين من أبناء المسلمين
يتضاعف كل يوم بسبب أعمالهم الاستبدادية وسياستهم الإرهابية وأن ضحاياهم ر يتجاوز عددهم عشرات أضعاف الاخوان المسلمين ويعرفون أن هؤلاء الناقمين المتحفزين للثأر موجودون في كل ركن من أركان مصر وفي كل قرية ومدينة وكل دار وأسرة وكل طبقة وطائفة سواء في الجيش أو الأحزاب أو حتى رجال البوليس والمخابرات السابقين واللاحقين والباقين منهم والمعزولين .
وهم يعلمون يقينا أن عدد هؤلاء الساخطين المتحفزين للثأر الباحثين عن فرصة للانتقام عدد كبير كاف وحده بدون الاخوان المسلمين لتحطيم جميع الرؤوس التي تسير الحكم الإرهابي والطغيان الاستبدادي . نعم أن هناك آلافا من المسلمين المتضهدين يفكرون في الانتقام والثأر ، متمردين علي كل تنظيم سياسي خارجون علي كل توجيه حزبي أو حركي .. ممن قتل آباءهم أو أبناءهم في اليمن ولم يعرفوا للان لماذا قتلوا هناك وممن أهينت نساؤهم أو أخواتهم منذ أن ابتكر حكم الإرهاب في مصر اعتقال النساء والفتيات وتعريضهن للفضيحة والإهانة والعار ، وممن عذبوا وضربوا وأهينوا وسجنوا وهم لا يعرفون لذلك سببا ولا مبررا ..
هؤلاء هم يتربصون برؤوس الإرهاب الحاكم وأذنابه ، ولن يترددوا في تحطيم تلك الرؤوس وقطع تلك الأذناب متى تهيأت الفرصة لهم – وفرص الاغتيال والانتقام كثيرة لا يمكن أن تحول دونها جيوش المباحث والمخابرات والحراس والسجانين الذين يعتمد عليهم الحكام الإرهابيون .. هم يعرفون جيدا عدد المؤامرات التي دبرت ضدهم من أصدقائهم وأعوانهم المرة بعد المرة ومن غير أصدقائهم من رجال الجيش أو ضباطه الذين خاب أملهم بعد أن رأوا مار يسوقونهم في مغامرات ويسخرونهم لاستعباد شعبهم وقتل العرب والمسلمين .. بدلا من محاربة إسرائيل التي كانوا يظنون أن ثورة الجيش قامت من أجل الثأر منها لشرفهم الذي لوثوه بايديهم 1948 ولوثته الهدنة التي قبلتها حكومات الخيانة ودعمتها حكومة الطغيان " الثوري " منذ ثلاثة عشر عاما بواسطة البوليس الدولي ؟ أي ضابط من ضباط جيش مصر لا يري أن بقاء هذا الحكم وبقاء البوليس الدولي عار يجب محوه بنفس الأسلوب الذي محيت به نظم الحكم التي قامت حركة الجيش لتحطيمها في عام ؟؟؟ هذا كله كاف لإزعاج حكام الخيانة والإرهاب وكاف أيضا للقضاء عليهم .. ثم أنهم لن يستريحوا لأنهم موقنون أن عواطف جميع الأحرار في مصر هي في جانب المضطهدين طالبي الثأر والانتقام ، وأن عواطف المصريين مع كل من اضطهد أو أهين أو قتل أبوه أو أخوه ظلما ، هذا العطف سيجعل المصريين يلتمسون العذر لهذا الناقم الغاضب إذا لم يجد الوسيلة للانتقام والثأر إلا الاغتيال أو الغدر أو التآمر . وستكون قلوب الملايين في جانبه سواء نجح في تآمره أو لم ينجح – بل أن المسلمين جميعا يتوقعون شيئا من ذلك كل صباح وكل مساء بل أنهم ينتظرونه ويتمنونه في قرارة أنفسهم وإن لم يصرحوا به إلا همسا .. حتى قيل أن عامة الناس تجعله دعاءها المفضل في المساجد وكل مكان يستجاب فيه الدعاء .
وهم موقنون أيضا أنه لا يوجد دين ولا خلق ولا قانون يفرض علي المصريين المضطهدين أن يحموا جلاديهم وظالميهم ، ولا أن يكرهوا خصوم هؤلاء الحكام الطاغين الظالمين حتى ولو استعملوا للآخذ بثأرهم سلاح الاغتيال الذي استعمله الحكام أنفسهم ، ومازالوا يستعملونه خفية وعلانية . وهم يعلمون أن الاغتيال والقتل وغير ذلك من أعمال الانتقام والثأر هي أعمال فردية يستطيع أن يقوم بها فرد أو بضعة أفراد من ضحايا سياسة الحكم الإرهابي وهم كثيرون من بلاد العرب والمسلمين – أما الاخوان المسلمين فهم أكبر من ذلك وأخطر..
الاخوان المسلمين طلائع النضال الشعبي
إن الكل يعلمون أن الاخوان المسلمين يسلكون في مقاومتهم طريق المعارضة الصريحة الواضحة ، الذي يصعب علي غيرهم أن يسلكه ، والذي لا يستطيع أن يتحمل تضحياته ومسئولياته سواهم من الساخطين علي الحكم الدكتاتوري ، وهم يعلمون أن الاخوان المسلمين قد اختاروا هذا الطريق لأنهم يريدون أن يخلقوا الوعي الشعبي المعارض الثائر الذي يدفع الشعب لانتزاع حريته من ظالميه واسترداد سيادته ممن اغتصبوها بالقوة والانقلاب والإرهاب . ولذلك فإن الاخوان المسلمين لم يتوانوا في يوم من الأيام عن إعلان معارضتهم للحكم الحاضر ، ولم يتهاونوا في نقدهم لأهدافه وفضح أساليبه ، وإذاعة ذلك كله علي الناس ونشره ، ودعوتهم إلي المقاومة والمعارضة والنضال من أجل تغيير الأوضاع التي فرضها الطغيان
وكتاب سيد قطب "معالم في الطريق
" خير دليل علي ذلك ، فهو صرخة لإيقاظ روح المقاومة في الجماهير ، وإقناعها بأن الإسلام لا يرضي لها بالذلة والخنوع والاستسلام لحكم الطغيان والدكتاتورية .
والاخوان المسلمين يعلمون أن طريق المعارضة الشعبية الصريحة الذي اختاروه طريق شاق طويل ، وهو محفوف بالمخاطر والتضحيات لأنه يجعل خصوم الاخوان المسلمين دائبين علي الحذر منهم ، متنبهين لتحركاتهم وهمساتهم ، يقظين غير غافلين عن تجمعاتهم – وإن الطغاة يحاولون بكل الوسائل إجهاض معارضتهم قبل أن تحقق أهدافها – كما فعلوا في الأيام الأخيرة – وذلك بأن يصطنعوا لهم التهم ويلفقوا لهم المؤامرات الزائفة لتبرير اضطهادهم للاخوان المسلمين واعتقالهم وتشتيتهم وتفريق صفوفهم خوفا منهم – ولكن ذلك كله لن يزيد الشعب إلا سخطا علي الحكام وكرها لهم ، ولن يزيد إلا حبا الاخوان المسلمين وقربا منهم واستماعا لحجتهم واقتناعا بفكرتهم وإيمانا بضرورة العمل الشعبي الشامل للقضاء علي الطغيان . ولو كان الاخوان المسلمين قد اختاروا طريق الاغتيال ، أو طريق التآمر الذي تحاول أجهزة الدعاية أن تلصقه بهم لما فكروا في الإعلان الدائم عن معارضتهم ومقاومتهم للنظام الحاضر ، ولفعلوا ما يفعله غيرهم من شيوعيون وعلمانيون وغيرهم من التسرب إلي صفوف للاستيلاء علي المراكز والمقاعد التي يمكنهم أن يثبوا منها علي مراكز القيادة وإعداد المؤامرات وتنفيذها من داخل النظام سواء عن طريق الحزب أو طريق الجيش ، وها نحن نري الطغاة يمهدون لمؤامراتهم بتوجيه الحكام الحاليين إلي محاربة الاخوان المسلمين ومطاردتهم وذلك ليحلو لهم الجو وينفسح مجال العمل وتتاح لهم فرصة التآمر للاستيلاء علي الحكم .
كل إنسان عاقل يعلم علم اليقين بأن اتهام الاخوان المسلمين وعلي رأسهم سيد قطب بأنهم " تآمروا علي الظلام " أو " دبروا مؤامرات في الخفاء " هو اتهام مضحك مختلق من أساسه إذا كان الدليل علي هذا التآمر تأليف كتاب " معالم في الطريق " ونشره وتكوين الأسر والتنظيمات لتدريسه وشرحه ودراسته لأن هذا معناه أن كل معارضة هي في نظر حكام مصر " مؤامرة " وإن كل جماعة معارضة يمكن أن تتهم بأنها تآمرت " في السر والظلام " ولو كانت معارضتها منشورة في كتاب مطبوع ومقروء في كل مكان ، ومؤلفه كاتب مشهور معروف يعلن رأيه علي الملأ في غير خفاء ولا تستر ولا سرية .
الحقيقة أن حكام مصر يخشون معارضة الاخوان المسلمين المعلنة المطبوعة المنشورة في كتب سيد قطب ومحمد قطب وغيرهما من مفكري الاخوان المسلمين وكتابهم أكثر مما يخشونه من ، مؤامرات مزعومة سرية وحكام يحاربون الاخوان المسلمين بسبب أفكارهم الثورية وكتبهم الثورية التي تدعو الشعب لمقاومة الطغيان والاستبداد – لا بسبب ما يزعمونه من مؤامرات مختلفة زائفة – ولكن الاخوان المسلمين مصممون علي السير في طريقهم الشاق الطويل ، طريق الاعتماد علي قوة الجماهير واستنفارها لمقاومة الطغيان والانتقاض علي حكم الدكتاتورية والاستبداد .
هذا الطريق الذي يسير فيها لاخوان المسلمين
إذن ليس طريق العنف ،
ولكنه
ليس طريق السلبية
ولا الاستسلام للواقع الأليم –
وهو ليس طريق الضعف أو الخضوع للطغيان ،
وليس طريق التآمر في الظلام وإعداد الانقلابات والاغتيالات
ولكنه طريق الثقة في الشعب والاعتماد عليه ،
واستنفاره للانتفاض والمقاومة والثورة علي الظلم – إنه طريق التحالف مع قوى الشعب الساخطة المناضلة حيث تضامنت قوي الاخوان المسلمين مع الفلاحين والصيادين ، في الوقت الذي يتسابق فيه الشيوعيون علي مناصب الحزب أو وظائف الحكومة ليتسربوا إلي المراكز التي تمكنهم من إحداث الانقلابات والمؤامرات ، ويسيطرون علي أجهزة الحزب والحكومة كما فعلوا في إندونيسيا – ويبذل الاخوان المسلمين دماء النخبة الصالحة من قادتهم وشبابهم لكي يعلنوا علي الناس معارضتهم في كتب مطبوعة ومنشورة لكي تعلم جماهير الشعب بأن هناك في مصر معارضة قوية منظمة عاملة نشيطة تضم رجالا وشبابا وأبطالا يستهينون بالموت من أجل الجهر بمعارضتهم للحكام ومن أجل تسجيل تلك المعارضة ونشرها في كتاب مطبوع منشور في جميع أنحاء العالم " وقد اعترف عبدالناصر بذلك علنا وأمام مجلس نوابه المزيفين بأن هناك معارضة قوية منظمة تفوق حزبه الهزيل الذي حشد له كل إمكانيات الدولة "
هذه هي طريق الاخوان المسلمين الصريحة الواضحة ، طريق الاعتماد علي القوة الشعبية الجماهيرية ، وليست طريق الانقلاب العسكري الذي قام عليه النظام القائم ، ولا طريق التآمر الحزبي الذي تخطط له وتموله وتحركه دول أجنبية كما يفعل الشيوعيون اليوم في . إن الاخوان المسلمين حركة شعبية جماهيرية من صميم الشعب وليست عصابة من الضباط كالجماعة الحاكمة ، وليست حزبا شيوعيا مثلا يعتمد علي التمويل والتوجيه من الخارج ، وليست هيئة مصطنعة تمولها دول أجنبية كبرى من دول الشرق أو الغرب – لذلك
فإن
الاخوان المسلمين يعلمون أن طريقهم طريق التضحيات ،
ولكنه أيضا طريق القوة الحقيقية الكاسحة التي تقتلع الطغيان من جذوره وتهدم بنياته من قواعده .
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء ..
كفانا تهجما على خيرت شعبنا وخيرت امتنا
|
|
|
|