رد: أ يــا عينــاي جــودا ....
أسافر كطيراً تعرى من سلام السماء
مزيداً من غربتي
مابين لهفة وخوف
غريبة أنا
اليوم ودعت ولداي
نظرت إلى وجهيهما ..
رأيتهما رجلان يخفيان
- وراء ابتسامة يودعاني بها -
دمعة أحسستها جمرة تسكن كبدي..
أدرت وجهي باتجاههما ..
كانت دموعي..
تتربع على خدياي لتصنع شلالا من ألم لحظة الفراق..
راحت ذراعاي تمتد عبر المسافات لتحتضنهما ..
أرحت رأسيهما على كفي ..
ووضعت رأسيهما على صدري
واخذتهما بحضني
ليستنشقوا هواءا" دافئا" ..
ليدرؤوا به عن جسديهما صقيع أيام الغربة..
ولاشم رائحتهما قبل الرحيل..
اليوم ودعتهما ..
عدت إلى البيت ..
كان موحشا ..
أسمع صدى صوتيهما قادما من أعماق المحيطات ..
وقفت على باب غرفة ولدي ..
أنظر إلى فراشه لعله غافلني هذه المرة واختبأ تحت الغطاء ..
أجد الغطاء قد رحل من مكانه
مستلقيا على الأرض ..
حاله كمن يمد يده مستغيثا ..
يطلب النجدة.
احتبست دمعة ..
أذهب بعيني إلى طاولته
لعلني أجده جالسا
يتصفح رسائله عبر الانترنت..
أخفي رأسي بين ذراعيي
***
طرقت باب غرفة ابني الثاني
كعادتي و أنا أنادي باسمه...
فتحت الباب ببطء حتى لا أرعبه و أنا أقول:
.. ولدي ..
استيقظ ..
فطورك جاهز
لبسك ينتظرك
امك مشتاقع اليك
لم أسمع إلا طنينا" في أذني..
عندها ..
أيقنت أنه لم يعد ولداي في البيت ..
لقد غاب وجهيهما في سماء الغربة ..
وسكنت نيران الشوق إلى لقائهما أحشائي ..
تنتظر عبر الثواني ..
أن يطفئ لهيبها رؤية وجهيهما مبتسمين ..
ساظل احتفظ بكل شئ يخصكم
انام وانا احضن العابكم مثلما كانتم تحضنونها
وانتم بحضني وبجانبي
اليوم ودعت ولداي ..
أمسكت بالقلم لأسافر إليهما
عبر الكلمات
التي سوف تخط
أول رسالة أطل بوجهي عليهما
من بين سطورها..
( ولداي ..
سافرا إلى ...
غادراني
ابتعدا عني
زرعت ولديّ
في تربة غير التربة
التي كنت أشرف عليها بنفسي ..
ولداي كلما تسلل الكسل أو الإهمال إليكما
تذكرا أن لكما أما تجلس وراء الباب بانتظار العودة..
كلما اخترقت نيران ألم الوحدة صدريكما
تذكرا
أن هناك أما يعيش
مع كل نبض لروحيكما..
كلما ازداد الشوق لنا
تذكرا
أنه خياركما في أن تختصرا الزمن
من خلال عدم إضاعة الوقت...
تذكرا ..
أن رقابتي عليكما صيغت لكما ضميرا..
اصنعا المستقبل و ..
تذكرا أن شعور اللذة لحظة تمر بسرعة البرق ..
و ألمها يمتد على مساحة العمر ..
لا تغرقا في البحث عن الاستمتاع
باللذة للتعويض عن الغربة
تذكرا أن السعادة الدائمة
تنبع من تحقيق النجاح الدائم ..
وخيبة الأمل
تأتي على غفلة
نتيجة الإهمال
فتلتهم كل شيء جميل
- تذكرا
أن الله
نصيرا
" للغرباء ..
فطوبى لكما
|