إليك
يا من كنت
....
ضحكَ المشيبُ برأسى
ومازلتُ أذكرك
كتبَ الزمانُ سطوراً فى عارضى
ولا أسلوك
دقَّ العظمُ وضعفَ الجسمُ
وهواك يزيدُ
ولا ينقصُ
كانَ مطلعُ الشمس لدىَّ
منْ محياه
ومنبعُ السحر منْ طرفه
وأولُ الليلِ فى رأسه
وللعيونِ فى محاسن وجهه
مرتعٌ
وللأرواح مجمعٌ
إليكِ يا منْ
تضيئ شمسُ الضحى
وكأنَ النسيمَ من كرى عينيه
يهبُّ
أهٍ ...والثغر
وما أدراكَ ما الثغرُ
يفيضُ برضابٍ كماءِ النعيم
وحين يبتسمُ
يفصحُ عن لآلئ بيضاءَ منتظمةٍ
وحين تتكلمُ...
ويكأنَّ الأرضُ تُخرجُ أسرارَها
وتغزلُ خيوطَ المسك أنفاسُه
فتشرق الأرضُ
وتضئ الأفاقُ
يترقرقُ منه ماءُ الحسن
فلا يشبعُ منه
الناظرُ
ولا يُروى منه
الخاطرُ
وأهٍ حين ترمقه الألحاظُ
إليك يا من
كنت
أنت ذنبى وكلُّ آثامى
وأنت
طهرى وعفافى
أهٍ منك أيها الحبُّ
أعلم أن كلَّ زيادةٍ منكَ
لا تأتى إلا بنقصان
كانتَ حين تغيبُ
تكتحلُ عينى برماد الأرض
وينحدرُ الدمعُ ليروى أهداباً
فتحفرُ على وجهى أخاديدَ الهوى
كنتُ
استنشقُ عبيرَه على وقع حروفى
وظلِّ كلماتى
وأغزلُ من ظلام الليل والشوق
قناعاً فصلته
لـــ
يوارى الحبَّ الثائر فى أعماقى
ذات مرةٍ
طالَ غيابُه
ومن فرط الشوق
أخطأتْ يدى
فسلمتْ
فأحسستُ أنَّ اليدين
تتعانقان ولا تتصافحان
فتركتُ يدى فى يده نائمة
وتعطلتْ لغة الكلام
وعانقتْ
عينىَّ فى لغة الهوى
عيناه
وخُيل إلينا
أننا إنْ تكلمنا
استيقظتْ يدانا
أهٍ حين ترى الوسنَ والنعاسَ يغلبُ على يد الحبيب
حين يصافح حبيبه
تتمنى أن تطولَ اللحظة
وينتقل نوم اليدين فى دعةٍ
إلى العين
فتشعرُ بين أجفانها حلماً جميلاً
ولكنْ تذكرتُ
المخيطَ
وكأنه يُضربُ فى رأسى
فسحبتُ أناملى برفقٍ
كمنْ يطرقُ بعفتهِ
ليفيقَ النائمُ داخله
ويقتلُ حلمَ العين
لكنْ
بقى فى القلبِ متعة ومرارة لا أنساهما
(وعزمت على ألا أصافحه ثانية)
فأنا لا أريد أن أبتاع لنفسى تذكرة فى
جهنم.