عرض مشاركة واحدة
قديم 01-10-2010, 04:33   رقم المشاركة : ( 3 )

 http://sadaalhajjaj.net/vb/images/name/000.gif



 
لوني المفضل : #360000
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 28 - 9 - 2007
فترة الأقامة : 6377 يوم
أخر زيارة : 18-09-2023
المشاركات : 22,327 [ + ]
عدد النقاط : 11001
الدوله ~
الجنس ~
 
 
 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

عفراء غير متصل

افتراضي رد: ثقـافة النقـــــد !!!...



اما شروط النقد البناء، فهي:

ان يكون النقد بالتي هي احسن، فالمنطق وطريقة العرض والاسلوب، ان كل ذلك، يلعب دورا مهما واساسيا في انجاح عملية النقد، هذا اذا كنا نريد ان نقدم نقدا بناءا ومؤثرا، اما اذا اردنا ان ننقد للنقد فقط، فلنقل ما نشاء وباية طريقة نشاء، شريطة ان لا ننتظر تاثيرا في المسيرة.


اولا، ان يكون الناقد منصفا، فلا يتعسف في توجيه النقد، او يظلم من ينقده، او يضخم النقد.

كذلك، فان على الناقد ان لا يامر غيره بما لا يفعل، او ينهى الاخرين عما يفعله، فان الناقد مثله كمثل الامر بالمعروف والناهي عن المنكر، يجب ان يامر الاخرين بما يقول ويفعل، كما انه لا ينهى غيره عن امر ما، اذا لم يقرر ان ينتهي عنه.

يقول الامام امير المؤمنين عليه السلام واصفا مثل هذه النماذج {وكيف يذمه بذنب قد ركب مثله} وفي قول آخر {لعن الله الامرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به}.

وان الناقد كالمعلم يجب عليه ان يبدا بنفسه قبل غيره، فيعلمها ويؤدبها وينقدها فيصحح لها، قبل ان يتوجه لغيره، يقول امير المؤمنين عليه السلام {من نصب نفسه للناس اماما فليبدا بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تاديبه بسيرته قبل تاديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها احق بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم} ولو لم نلتزم الا بهذا القول، لكفانا رادعا عن ارتكاب خطا او انحراف، ولكفى المتصدين للشان العام رادعا عن التجاوز على حقوق الناس، والتقصير في مهامهم ومسؤولياتهم، والتقاعس في خدمة الناس، والعجز في تنفيذ المهام المنوطة بهم، ولكانت السيرة الحسنة هي المعلم قبل اللسان، فالسيرة درس عملي، اما اللسان فدرس نظري، فيه الكثير من الشعارات التي لا تغني، عادة، ولا تسمن من جوع.


ثانيا؛ ان يكون النقد للتكامل وليس للذم او القدح او الانتقام والتشفي.

هنالك صنف من الناس لا هم لهم الا تتبع عثرات الناس ليطلقوا ضدهم حملة تسقيط وتشهير لها اول وليس لها آخر، بمجرد ان يخطأوا، فان هذا الصنف من الناس ليس همه النقد من اجل البناء والتكامل، وانما همه التسقيط والتشهير، والحريص لا يفعل ذلك ابدا، انما المريض هو من يمارس مثل هذا.

يقول امير المؤمنين عليه السلام {يا عبد الله، لا تعجبل في عيب احد بذنبه، فلعله مغفور له، ولا تامن على نفسك صغير معصية، فلعلك معذب عليه، فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه، وليكن الشكر شاغرا له على معافاته مما ابتلي به غيره}.

ثالثا؛ ان يكون النقد عن علم ومعرفة لا عن جهل.

فالناقد يجب ان يكون على علم بمادة النقد، ليتمكن من تقديم الادلة والبراهين وتاليا البديل والحلول، من جانب، ومن اجل ان يكون هناك نوع من التكافؤ والتوازن بين الناقد وبين من يوجه اليه النقد، من جانب آخر.

لقد اوصانا الله تعالى ان نفتي بعلم، فننقد بعلم ونتحدث بعلم ونبرر بعلم كذلك، كما في الاية المباركة {افتوني بعلم} من اجل ان يكون قولنا ونقدنا وراينا والبديل الذي نقدمه علميا ومنطقيا، منطلقا من المعرفة، فيكون كل شئ بناءا وفعالا.

ومن اجل ذلك، يجب ان يفكر احدنا جيدا قبل ان ينقد او يلوم، وهذا يتطلب منا التاني وعدم الاستعجال، حتى لا نندم على ما نقول او نتراجع عن النقد، وتلك هي صفة العاقل الذي يقدم قلبه على لسانه، اي يفكر قبل ان يقول، وليس كالاحمق الذي يقول ثم يفكر، يقول الامام علي بن ابي طالب عليه السلام {لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الاحمق وراء لسانه} او في قول آخر بنفس المعنى {قلب الاحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه} ولقد سئل عليه السلام مرة، متى سيرفع الخلاف بين الناس؟ فاجاب {اذا سكت الجاهل، زال الخلاف} والسؤال، هل هناك من يعتقد انه جاهل؟ اي لا يعرف بهذا الامر، مثلا، او ذاك؟ فالحمد لله، فان كلنا جميعا علماء فطاحل نفهم في كل شئ، اليس كذلك؟.


رابعا؛ ان يكون النقد عاما وليس خاصا، اي ان نوجه النقد للجميع وليس لفئة دون اخرى، او لمسؤول دون آخر، فليس هناك من هو فوق النقد، وفوق المساءلة.

ان التمييز في النقد يعمق الحزبية والطائفية، وهو لا يحل مشكلة، لانه يحرض على الدفاع الاعمى، ولذلك يجب ان يكون نقدنا عاما وشاملا لكل خطا او نقص او تلكؤ.

وان من اسباب التمييز في النقد، هو المحاصصة التي ابتلينا بها، فنجد ان كل فئة مستعدة لنقد الاخرين الا انها غير مستعدة لنقد وزيرها او المسؤول المحسوب على قائمتها، وهذا خطا كبير يرقى الى مستوى الجريمة الوطنية.

ان النقد اذا لم يكن شاملا لكل مفاصل الشان العام ولكل المتصدين للشان العام، لم يكن بناءا، بل قد يتحول بذاته الى جزء من المشكلة، ولهذا السبب يجب ان نغض النظر عن هوية المسؤول عندما نريد ان ننقده، حتى لا نتردد او نتراجع عن النقد اذا ما عرفنا انه من جماعتنا او محسوب على قائمتنا، بل يجب ان نبادر الى نقد (صاحبنا) قبل نقد غيره.

لقد راينا كيف ان بعض اعضاء مجلس النواب العراقي يدافع بشدة عن ارهابي يلقى عليه القبض بالجرم المشهود، ربما ليس ايمانا منه بالارهاب، وانما فقط لان هذا الارهابي محسوب على جماعته او من طائفته او منسوب الى قائمته البرلمانية، فاين المصلحة الوطنية العليا، اذن، من مثل هذه الممارسات؟ اوليس من اللازم ان ينبري الجميع لنقد ولوم كل من يرتكب خطا، بغض النظر عن هويته او انتمائه ومذهبه ودينه؟.

ان الخطا واحد لا يمكن ان يتجزا، فنقبله من هذا ولا نقبله من ذاك، والخطا لا يمكن ان يكون صح في كل الظروف، بغض النظر عمن ارتكبه، فالخطا ليس بسبب ان زيد ارتكبه، ولو كان عمرو قد ارتكبه لكان صح، ابدا، انما هو خطا لانه يضر بالصالح العام، فحسب
خامسا :علينا ان نتعلم اخلاقيات النقد، فنتعلم كيف نتحدث مع المسؤول، والعالم والقائد، فالنقد لا يعني التهتك والاستهتار، كما لا يعني السعي لانتهاك كرامة الانسان والتعدي على مكانته الاجتماعية او السياسية او اية مكانة اخرى، وكلنا سمع وقرا قصة سبطي رسول الله (ص) الحسن المجتبى والحسين الشهيد عليهما السلام، عندما رايا شيخا عجوزا لا يحسن الوضوء، فارادا ان يعلمانه وهما صغيران لا يحسن ان يقولا له مباشرة بانك على خطا ونحن على صواب، فابتكرا طريقة اخلاقية رائعة لتنبيه العجوز الى خطئه في طريقة الوضوء، فسالاه ان يحكم بينهما ايهما يتوضأ افضل من صاحبه، ولما رآهما العجوز يتوضآن قال لهما (بابي انتما وامي، كلاكما توضأ بطريقة صحيحة، اما انا فلم احسن الوضوء، وها انا ذا قد تعلمت منكما).

حتى فرعون، اوصى الله تعالى به خيرا، عندما ارسل اليه نبيه موسى واخاه هارون، فاوصاهما بقوله {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى}.


يجب ان ناخذ بنظر الاعتبار شخصية من نوجه له النقد، وكذلك منزلته ومكانته في المجتمع ودوره وتاريخه، وعلمه وما انجزه، فان كل ذلك يساعدنا في ان نبلور النقد بطريقة افضل وباسلوب احسن، فالنقد الذي نوجهه للمرجع، مثلا، يختلف بطريقته واسلوبه، عن النقد الذي نوجهه للسياسي، وكذلك، فان النقد الذي نوجهه للوزير الناجح صاحب التاريخ الناصع في النزاهة والحرص والمسؤولية، يختلف باسلوبه وطريقته، عن النقد الذي نوجهه للوزير الفاشل المعروف عنه تورطه بالصفقات المشبوهة وتلاعبه بالمال العام، وهكذا.



ان ذلك يتطلب منا ان نكون متوازنين في توجيه النقد، فلا نتطرف فنظلم (بفتح النون) او نمسك فنظلم (بضم النون) يقول الامام علي عليه السلام


{لا ترى الجاهل الا مفرطا (بسكون الفاء وكسر الراء) او مفرطا (بفتح الفاء وتشديد الراء وكسرها)}.




  رد مع اقتباس