مية المظفرة 5/ تقليل الأعداء في أعين المومنين:
يقول تعالى:
(إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ )
قال الطبري:
"القول في تأويل قوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمْرِ وَلـَكِنّ اللّهَ سَلّمَ إِنّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ }.
يقول تعالى ذكره:
وإن الله يا محمد سميع لما يقول أصحابك, عليم بما يضمرونه, إذ يريك الله عدوّك وعدوّهم فِي مَنامِكَ قَلِيلاً يقول: يريكهم في نومك قليلاً فتخبرهم بذلك, حتى قويت قلوبهم واجترءوا على حرب عدوّهم. ولو أراك ربك عدوّك وعدوّهم كثيرا لفشل أصحابك, فجبنوا وخافوا, ولم يقدروا على حرب القوم, ولتنازعوا في ذلك ولكن الله سلمهم من ذلك بما أراك في منامك من الرؤيا, إنه عليم بما تخفيه الصدور, لا يخفى عليه شيء مما تضمره القلوب.
وقد زعم بعضهم أن معنى قوله:
إذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً: أي في عينك التي تنام بها, فصيرّ المنام هو العين, كأنه أراد: إذ يريكهم الله في عينك قليلاً. قال: حدثني ابن بزيع البغدادي, قال: حدثنا إسحاق بن منصور, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عبد الله قال: لقد قُللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي: تراهم سبعين؟ قال أراهم مئة. قال: فأسرنا رجلاً منهم, فقلنا: كم هم؟ قال: كنا ألفا.