عرض مشاركة واحدة
قديم 25-09-2010, 19:53   رقم المشاركة : ( 9 )

 http://sadaalhajjaj.net/vb/images/name/000.gif



 
لوني المفضل : #360000
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 28 - 9 - 2007
فترة الأقامة : 6376 يوم
أخر زيارة : 18-09-2023
المشاركات : 22,327 [ + ]
عدد النقاط : 11001
الدوله ~
الجنس ~
 
 
 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

عفراء غير متصل

افتراضي رد: "" اسدا على السياج ""



يحكى أن جماعة من الناس قد مروا على طبّاخ وهو يطبخ لحما ، فأخذ أحدهم قطعة لحم فأكلها وقال : يا طباخ... تحتاج القدر إلى الخل ، وأخذ آخر قطعة لحم من القدر فأكلها وقال : يا طباخ... تحتاج القدر إلى بهارات ، وأخذ آخر قطعة لحم فأكلها وقال: يا طباخ... تحتاج القدر إلى ملح ، حتى إذا أكلوا ما في القدر من لحم ولم تبق إلا قطعة واحدة فأكلها الطباخ وقال : تحتاج القدر إلى لحم .
لعل حال الطباخ مع اللحم هو حال القضية الفلسطينية مع الطباخ الأوحد الذي يدعي المهارة والقدرة والإتقان دون غيره ، إنها أمريكا التي أخذت لنفسها زمام الأمور في إنهاء وحل مشكلة الشرق الأوسط ، لا بل لقد سلمتها القيادة الفلسطينية القضية الفلسطينية بلحمها وعظمها ، فبعد الحق الفلسطيني الكامل في فلسطين التاريخية بدأت الحكومات الإسرائيلية تلتهم من فلسطين قطعة قطعة وتحتل جزءا تلو الآخر ، وبدأ يضيع -بإذن الطباخ وإشرافه- الحق تلو الآخر ، فبعد التنازل الفلسطيني عن الحق التاريخي الكامل وفق نصوص اتفاق أوسلو وكامب ديفيد خلال حكم شامير ورابين ، ثم جاء نتنياهو والتهم مما تبقى الكثير حين ألغى الكثير من اتفاقات أوسلو ولم ينسحب من الخليل ، ثم جاء باراك الذي أصرّ على إلغاء حق العودة ونسيان قضية القدس ، حتى إذا جاء هذا النهم الجشع شارون فأكل ما أعطي في أوسلو من خلال اجتياح الضفة الغربية كلها ، كل هذا والطباخ يقف متفرجا ، ومع الأسف الشديد فان هذا اللحم كان في كل مرة يقدّم بواسطة نادل اسمه الأمم المتحدة ، أما تنظيف الطاولات ومسحها وتجهيزها للوجبة القادمة فكان يقوم بها أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة العرب ، واما صاحب اللحم وهم الفلسطينيون فلم يبق لهم إلا الفتات وفضلات الموائد وراحوا يقفون متفرجين مثل الأيتام على موائد اللئام .
واليوم وقد وصلت القضية الفلسطينية إلى ما وصلت إليه بعد اجتياح جيش شارون -بن اليعزر لمناطق السلطة الفلسطينية خلال حملة "السور الواقي" وقف الطباخ يقول : إننا بحاجة الآن إلى إتمام الاستعداد لإقامة الدولة الفلسطينية ، ولكن أين ستقوم هذه الدولة ؟ ما هي حدودها وحدود سيادتها ؟ نعم انه السؤال البديهي : أين اللحم ؟! .
ها هو الطباخ الأمريكي الآن يرسل سيلا من الموفدين إلى المنطقة للتعجيل في إيجاد حل يتلاءم مع مكتسبات شارون -بيرس في الحملة الأخيرة ، ويبدو انه قد قرر طبخ القضية الفلسطينية بشكل سريع على نفس طريقة الطعام الأمريكية الشهيرة الوجبات السريعة (الماكدونالدز) ، نعم انه الطباخ الأمريكي يسعى لجعل قضية ثمانية ملايين فلسطيني وجبة سريعة يتم طبخها والتهامها بسرعة ، وبسبب تلك السرعة فان الاهتمام بالجودة غالبا ما يغيب عن كثيرين من الناس ، نعم انه "الهامبورغر" الذي هو أساس الوجبات السريعة يتكون من أسوأ -لا بل من مخلفات- اللحوم التي تطحن وتضاف إليها المشهيات ، وبما أنها تؤكل على عجل فانه لا يُلتفت إلى جودتها ، ها هي القضية الفلسطينية الآن ، وفي ظل استغلال حرب أمريكا على الإرهاب (الإسلام) ، وفي ظل أسوأ ظرف عربي ، وفي ظل أسوأ قيادات عربية ، وفي ظل قيادة فلسطينية مترهلة فان الطباخ الأمريكي يسعى لهذه الطبخة السريعة مضيفا إليها المشهيات مثل المبادرة السعودية والمبادرة الأردنية لتخرج طبخة : المذاق عربي ، والصناعة أمريكية ، وصاحبة الطلبية إسرائيل .
ومع شديد الأسف فان القيادة الفلسطينية المتنفذة ، والتي راحت تتجاوب مع إملاءات الطباخ الأمريكي بشكل لافت للإنتباه وأخذت بالترويج لمهارة الطباخ الأمريكي ، لا بل وراحت تساعده من طرفها على إنضاج الطبخة في أسرع وقت ممكن لتضع بين يديه اكبر عدد ممكن من المساعدين الفلسطينيين وفق المقاسات الأمريكية أمثال محمد رشيد وغيره ليساهموا في إنضاج الطبخة ثم تسويقها بعد ذلك ليلتهمها الشارع الفلسطيني الجائع المتلهف لأي حل تماما كما يلتهم الجائع والمستعجل شرائح "الهمبورغر" والوجبات السريعة دون أن يلتفت إلى طريقة صناعتها ولا إلى مركباتها ولا إلى أضرارها المستقبلية وآثارها على صحته .
إن المنطقة تشهد الآن هجوما وعاصفة دبلوماسية غير مسبوقة من اجل التسريع لإتمام الطبخة وتقديمها في مهرجان احتفالي كبير ، هذا الذي أعلن عنه باسم المؤتمر الإقليمي الذي كان سيعقد في شهر حزيران الحالي ، ثم أعلن انه قد يؤخر إلى نهاية الصيف ، وذلك لإتمام ما تبقى من مشاهد احتفالية ، حيث سيتم إقناع اكبر عدد ممكن من القادة العرب والفلسطينيين لتذوق الطبخة والموافقة عليها .
بعد زيارة "تشيني وزيني وباول" قبل شهرين للمنطقة فها هو وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكي ، وها هو جورج تينت رئيس الـc.i.a ، وخافير سولانا وفيشر وزير خارجية المانيا ، ونمر سليمان رئيس المخابرات المصرية ، وغيرهم وغيرهم ممن يشكلون عناصر أساسية لتركيبة الطبخة للقضية الفلسطينية ، وإنني وأنا اكتب هذه السطور فقد حضرتني تلك الطرفة التي يرويها الاستاذ عباس السيـبـي في كتابه "حسن البنا مواقف الدعوة والتربية" ص23 فيقول :"ورغب الاستاذ المرشد في زيارة عمدة رشيد (أي محافظ مدينة رشيد) الاستاذ محمد بك طَبَقْ ، وهناك في داره استقبلنا العمدة ورحب بالأستاذ المرشد وفي جلسة تعارف كما هي عادة الإخوان بدأ العمدة بنفسه وقال معرفا محمد طبق عمدة رشيد ، ثم تلاه من بجواره في التعارف قائلا محمد سمك رئيس مجلس بلدية رشيد ، وقدّم الذي يليه نفسه فقال : زكي طبيخ- طالب جامعي ، فقال الاستاذ حسن البنا وهو يبتسم (سفره دايمه) فضحكنا جميعا ، حيث قصد الإمام البنا رحمه الله أن كل الأسماء التي ذكرت -طبق ، سمك ، طبيخ-تشكل عناصر المائدة والسفرة ، أقول : فلقد حضرتني هذه الطرفة وأنا اسمع واقرأ واكتب أسماء عناصر المطبخ والمائدة الأمريكية والإسرائيلية والفلسطينية التي تعد لطبخ القضية الفلسطينية ، زيني ، تشيني ، شارون ، رشيد (أي محمد رشيد) جورج تينت ، وطبعا الطباخ الكبير جورج بوش ، والعاملون على جلي الصحون وتنظيف الموائد أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة ، فقلت في نفسي ولسان حالي يصيح بأعلى صوت لكل العرب وكل المسلمين وكل الفلسطينيين :"سفره مسمومة" "طبخة ملغومة" لا تأكلوا منها... بل القوها إلى مزابل التاريخ .

فيا كل الفلسطينيين... ويا كل العرب والمسلمين.. لا ترجو من عند أمريكا خيرا ولا تنتظروا منها فرجا ، إن أمريكا ليست أهلا لان تعيد لكم حقا ولا أن ترد لكم غائبا ، إن أمريكا تمثل دور الوسيط النزيه الذي يقدم للمساعدة والإعانة ، إن أمريكا لو كان فيها خير لما كانت أول من دعم وبارك احتلال فلسطين واغتصابها من قبل العصابات الصهيونية عام 1948 ، وان أمريكا لو كان فيها خير لما تعامت عن الحق الفلسطيني -لا بل حاربته- طوال 54 سنة ، إن أمريكا أبخل من أن تجود لغيرها بشيء .
فلا ترجو السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماء
إن مما سيظل يلاحق القيادة الفلسطينية الحالية ليشكل وصمة عار وشنار في جبين كل أفرادها انهم رموا بأنفسهم في حضن أمريكا وأسلموا زمام القضية الفلسطينية إليها وراحوا يتنازلون خطوة خطوة حتى وجدوا أنفسهم إلى الحائط ولم يعد لديهم ما يتنازلون عنه سوى اشتراط أمريكا تغيير قيادات واختصار أجهزة أمنية وتنفيذ إصلاحات ، لقد اصبح حال القيادة الفلسطينية إياها ، والتي في سنين ماضية كانت تعيب على الأردن إنها ذيل لأمريكا وكذلك مصر والسعودية ، وهذا ما سبّب لها في سنوات سابقة حرجا كبيرا -بل أصابها اكثر من ذلك- في الأردن عام 1970 في أحداث ما يسمى باسم أحداث أيلول الأسود ، وراحت هذه الدول وأجهزتها الإعلامية والأمنية تطبل وتزمّر لهذه القيادة ، ثم ما لبثت القيادة الفلسطينية أن عادت هي نفسها وسارت في نفس الركب وارتمت في حضن أمريكا اكثر منهم ، أقول : لقد اصبح حال القيادة الفلسطينية مثل حال أشْعب حين سار الصبيان خلفه يطبّلون ويسخرون منه فقال لهم يكذب عليهم لينصرفوا عنه : ويحكم... اذهبوا فان سالم يوزع الحلوى ، فتركوه وعادوا إلى بيت سالم علّهم يحصلون على الحلوى ، فلما رآهم يسرعون وقف وفكر قليلا وراح يركض خلفهم وهو يقول لنفسه : لعلّ سالم يوزع الحلوى حقا !؟
إن سوء حال السلطة الفلسطينية والوضع الذي آلت إليه حتى وصل الحال إلى درجة أن تتدخل أمريكا وإسرائيل في عدد وزرائها وعدد أجهزتها الأمنية ، إن خضوع السلطة الفلسطينية والتزامها بمكافحة ومقاومة القوى الوطنية والإسلامية تحت زعم وحدة القيادة واستراتيجية السلام الفلسطينية ، إن هذا الذي ألمّ بالسلطة واكثر منه سيقود في النهاية بعد أن تكون السلطة الفلسطينية قد سلمت كل أوراقها إلى أمريكا وإسرائيل والأنظمة العربية التابعة لأمريكا ، سيقود ذلك إلى أن تنادي فلا مجيب ، وان تحاول أن تتخلص من هذه القيود فلا تستطيع ، وان تسعى للعودة إلى المسار الصحيح فلا يمكنها ذلك .
يحكى أن رجلا ذهب إلى طبيب وهو يشكو بطنه ، وبعد الفحص والمعاينة علم الطبيب أن سبب وضع المريض انه أكل رغيف خبز محروق ، فأعطاه علاجا لعينه ، فقال المريض إن بطني هي التي تؤلمني وليست عيني ، فقال الطبيب : نعم ، ولكنني أعالج عينك حتى ترى الخبز المحروق من غيره !!
إن الذي يؤلم الشعب الفلسطيني ليس فقط الاحتلال وان كان هو الأساس ، ولكن الذي يؤلم الشعب الفلسطيني ويوجعه جدا هم أولئك المتنفذون من تجار الحرب ومن الراقصين على جراح شعبنا ، إن الذي يوجع الشعب الفلسطيني هم أولئك الذين يفاوضون باسمه وهم في حقيقة الأمر يفاوضون وفي أعينهم وذاكرتهم مصالحهم الاقتصادية وشركاتهم التي أقاموها بعلاقة وثيقة مع الإسرائيليين ، إن الذي يوجع ويؤلم الشعب الفلسطيني هم أولئك الذي يدعون انهم حماة الشعب الفلسطيني والساهرون على أمنه وحريته وكرامته ، وبعضهم في الحقيقة هم أعين إسرائيل وجنودها المجهولون .
إن دواء الاحتلال هو كنسُهُ بالمقاومة والنضال الذي أقرته كافة المواثيق والقوانين الدولية ، ومهما كبر وعظم ألمه ، ومهما طالت مدة وجعه فانه لابد يوما زائل كما زال احتلال الفرنسيين من الجزائر وغيرها من المستعمرات ، أما الذي بحاجة إلى أن يراه أبناء شعبنا ويعالجوه فهم أولئك الطفيليون وتلك الالياف التي تتسلق على شجرة شعبنا تمتص منها وتضعفها ، على شعبنا أن يرفض الطبخة التي تطبخ الآن في تل أبيب وواشنطن بشكل سريع ، ولعلها ستقدم و" تُسَقّى" بأيدٍ فلسطينية وعربية ، إن على شعبنا أن يقول لهم : " لا جزاء ولا شكور... سُفرتكم مسمومة وطبختكم ملغومة " ، إن على الشعب الفلسطيني أن يظل يردد في وجه كل الدنيا انه شعب الأحرار والشرفاء ، وان الحرة كما قالت هند زوجة أبي سفيان :" تموت الحرة ولا تأكل بثدييها " ، أي أنها تفضل الموت جوعا على أن تحترف الزنا ليكون مصدر رزقها ، فهل نكون كذلك أم أننا -لا سمح الله- نسعى لإشباع بطوننا ولو على حساب كرامتنا ؟ لا أظن شعبنا العظيم يرضى ذلك .
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)


  رد مع اقتباس