عرض مشاركة واحدة
قديم 30-06-2010, 06:49   رقم المشاركة : ( 1 )

http://sadaalhajjaj.com/vb/images/name/23.gif



 
لوني المفضل : #360000
رقم العضوية : 967
تاريخ التسجيل : 30 - 3 - 2009
فترة الأقامة : 5828 يوم
أخر زيارة : 10-09-2010
المشاركات : 5,508 [ + ]
عدد النقاط : 11
 
 
 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

شيماء الشام غير متصل

Icon350 السمع والطاعة أم الرأي والمشورة ؟؟؟



قال لي صاحبي وهو يحاورني إن فلاناً أستاذ الشريعة القدير بينما كان يخطب الجمعة دخل الوزير المرموق من باب المسجد،فما كان من هذا الأستاذ إلا أن نزل من على المنبر وقدم الوزير للخطبة بدلاً منه تقديراً لمكانته ومنزلته.
قلت: ولكنني أعرف علاناً وهو شاب صغير كان يخطب الجمعة ودخل ذلك الوزير ذاته من باب المسجد، فما كان منه إلا أن واصل خطبته وكأن شيئاً لم يحدث وجلس ذلك الوزير المرموق مثله مثل غيره يسمع لمن هو أصغر من أولاده.
هذا السلوك من ذلك الشاب لم يكن لأنه لا يفهم في الذوق والأصول، ولم يكن أيضاً بالضرورة لأنه أعلم وأتقى من ذلك الوزير، بل بحسب ما فهمت منه لأنه وجد في حضور ذلك الوزير فرصة لا تعوض لإحياء فريضة التناصح بين المسلمين، وإسماع كلمة الحق لأهل السلطان ، فاستشعر الأمانة واستثمر الموقف خير استثمار فتحدث عن ضرورة العدل وخطورة الظلم، وعظم المسئولية التي يتحملها الحاكم، وذكِّر بضرورة الالتفات إلى معاناة الناس والسعي إلى التخفيف منها، وختم خطبته بالتحذير من يوم القيامة وأهواله.
إنني أجد نفسي أميل إلى الرأي الثاني لأن ما ينقصنا اليوم ليس المزيد من التقدير والاعتبار للأشخاص، فالناس بفضل الله على قدر من الأخلاق، ولو أن كل إنسان سكت حين حضور المسئول وقدّمه للحديث بدلاً منه، فسيصبح المسئول هو المتحدث دائماً، والعامة هم المستمعون دائماً، وبذلك لن يعلم ما تخفيه صدور الناس، ولن تكون أمامه مرآة تبصره بنفسه وتكشف له مواطن قصوره، وكما في الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من فتنة العالم أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع".



لو كان الأمر يتعلق بعالم وحسب دون منصب حكومي لفضلت الرأي الأول، إذ أن مقتضى الأدب والأخلاق أن يتواضع الإنسان أمام من هو أعلم منه وأن يقدمه للحديث، مع الحفاظ على حق من هو أقل علماً في السؤال والمناقشة فكل يؤخذ منه ويرد، أما حين يقرن ذلك العلم بالوزارة، فإن الوزارة تغلب أمام الناس على العلم ، وهنا لا يكون المطلوب هو الصمت، بل أمانة الكلمة والنصيحة للحاكم ومصارحته بحقيقة الواقع من حوله بسيئاته وحسناته دون مواربة أو مجاملة.
إن من المبادئ التي أسيئ استعمالها في حياتنا هو مبدأ السمع والطاعة، فبهذا المبرر خنقنا الرأي الحر، وصادرنا حق الإنسان في التفكير والتعبير، ومارسنا الإرهاب الفكري في أبشع صوره، فمن يتجرأ ويبدي رأياً مخالفاً للتوجه العام فهو مثبط ومرجف، وفي أحسن الأحوال لا يفهم، والقيادة دائماً هي الحكيمة الرشيدة، فمهما كانت القرارات كارثيةً فبالتأكيد أن لدى القيادة رؤية أوسع من رؤيتنا وأنهم يعلمون ما لا نعلم، وحتى حين تصطدم تلك القرارات بصخرة الواقع ويبين فشلها فبالتأكيد أن هناك مبررات وحيثيات غابت عن عقولنا وليس علينا سوى السمع والطاعة.

مقال أعجبني




  رد مع اقتباس