[COLOR=magenta]
أتعلمون أن فلسفة الحياة غريبة ؟
فلقد خلقت المرأة من أضلاع الرجل ، ولكن سرعان ما تغير الحال فخلق قلب الرجل من قلب المرأة !!
يخطئ من يظن أن لبن الأم ليس إلا نسبة معينة من الدسم ، ونسبة معينة من الماء ، وما إلى ذلك ، فليس هذا كله إلا تحليلا للمادة ، وليست المادة كل شيء في اللبن ، وإنما قصر تحليل الكيمياويين فقصرت نتائجهم .إن في اللبن صفات خلقية ، وصفات عقلية ، وصفات روحية ، وراء الصفات المادية ، يرضعها الطفل كما يرضع مادة اللبن ، فتتغذى بها روحه ، وتتشكل منها نفسه ، وليست هذه الصفات الروحية متطابقة دائما مع الصفات المادية ، فقد يحلل اللبن في معامل الكيمياء فيتبين من تحليله أنه المثل الأعلى للبن ، وهو مع ذلك سم خلقي ينفث الجبن ، ويشيع الفساد ، على حين أن لبنا آخر ينقصه الدسم ويعيبه التحليل الكيمياوي ؛ وهو مملوء روحا ، ومملوء شجاعة ونشاطا ، ومملوء قوة
ومن أجل ذلك صدق الشاعر إذ يقول :
ترى الرجل النحيف فتزدريه
وفي أثوابه أسد مزيـــــــــــر
ويعجبك الطرير فتبتليـــــــه
فيخلف ظنك الرجل الطرير
فإن اللبن الذي ترضعه الأم أولادها توعز إليهم الجبن أو الشجاعة بسلوكها ، فإن هي ربتهم تربية الأرانب فأدفأتهم وأشبعتهم ، وأحاطتهم بكل أنواع الرعاية ، ثم حدثتهم من الأحاديث ما يخلع قلوبهم ، ويحبب إليهم الحياة بأي ثمن ، وعلمتهم أن لا قيمة للعقيدة بجانب حياتهم ، ولا للوطن بجانب سلامتهم ، وفقدت رشدها يوم يجندون . فهناك ترى أشكال الرجال ولا رجال ، وترى أجساما ضخاما وقلوبا هواء .
وإن هي ربتهم من صغرهم على المخاطر والمجازفة ، وحدثتهم أحاديث الأبطال وعظماء الرجال ، وعودتهم مكافحة الحياة والتغلب على الصعاب ، وعلمتهم أن المبادئ فوق الأشخاص ، والوطن فوق حياة الأفراد ، وعيرتهم يوم يفرون من واجب ، وفخرت بهم يوم يضحون لمبدأ ، فهناك الرجال .
ألستم توافقون على أن قلب المرأة هو الذي يصنع قلب الرجل ؟
ويخطئ من يظن أنه يستطيع أن يؤسس جيشا من رجال بإعدادهم وتسليحهم من غير أن يدعمه بجيش من قلوبالنساء ، فالجيش بدون قلوب آلات جوفاء ، وسراب ولاماء .
قلب صفحات التاريخ إن شئت ، فحيثما رأيت للأم قلبا رأيت للرجل قلبا ، فإذا انخلع قلبها انخلع قلبه .
هذه هند بنت عتبة تخاطب الجيش بقولها :
إن تقبلوا نعانقأو تدبروا نفارقفراق غير وامق
و أسماء بنت أبي بكر التي قالت لابنها : يابني لا ترضى الدنية ، فإن الموت لا بد منه . فلما قال لها : إني أخاف أن يمثل بي ، قالت : إن الكبش إذا ذبح لا يؤلمه السلخ – هي التي أنجبت عبد الله بن العوام .
والتاريخ مملوء بهذه الشواهد في كل أمة .
وظلت المرأة العربية على شهامتها ومعرفتها بأمور الدنيا ، ومشاركتها الرجل في شؤون الحياة ، حتى تقدم العصر العباسي فأنشئ لها ( الحريم ) وحبست فيه ، وجهلت الدنيا وأحوالها ، وأصبحت رمزا للمتعة وتجادل الشعراء ، فمنهم من يقول :
إن النساء رياحين خلقن لنا
وكلنا نشتهي شم الريـاحين
ومنهم من يقول :
إن النساء شياطين خلقن لنا
نعوذ بالله من شر الشياطين
وكلا النظرين سخيف ، فليست المرأة ريحانة فحسب ، ولا شيطانة فحسب ، وإنما هي فوق ذلك مربى للرجال ومحصنة للقلوب.
بمثل هذه النظرات البلهاء فقدنا المرأة ففقدنا الرجل ، فإن أردنا تنظيم حياتنا على أسس جديدة وجب أن يكون أولها وأولاها خلق قلب المرأة .
كل هذا يلخص الأمر في جملة : شجعت المرأة فشجع الرجل ، وماعت المرأة فماع الرجل .
ليست تعد الأمة راقية تستحق البقاء إلا إذا أرسلت الأم أبناءها إلى ميادين القتال وهي تبتسموقالت الأمهات لأبنائهن ما قالت ( أسماء ) :( إن ضربة بسيف في عز خير من لطمة في ذل)
إن وراء كل جيش في الأمة جيشا غير منظور من قلوب نسائه ، ووراء كل جيش صاخب جيش المرأة الصامت ، ووراء البنود والأعلام والجنود والذخائر ذخيرة أسمى وأرقى وأقوى وأغلى ، وهي قلب المرأة.