الطفيله ظهر يوم السبت 1977/02/05

واقع المستشفى لا يوحي لك اية ايحاءات على انه مستشفى ويتراءى لك للوهلة الاولى انك داخل الى بيت قديم او خان ؟؟... رائحة نتنة، يحتاج المرء معها لكثير من الانضباط وتوطين النفس على الصبر كي لا يترك المستشفى فور دخوله ويهرب. الحمامات كأنها تركت من سنين، والقاتل في هذا الأمر ان عمود الحمامات الفقري - الماء - لا يمرُ بأنابيبها الصدئة بل يتناثر على جوانب هذه الانابيب اما واقع الغرفة التي يرقد فيها المريض فهي بالفعل غرفة في خان .. ضوء النيونات باهت يخلق احساساً بالكآبة، شراشف السرير الذي يرقدُ عليه المريض لم تغسل منذ فترة بعيدة بقع دم في زوايا غرفة العمليات .. اوساخ وقاذورات وبعض الافلام المتناثره هنا وهناك في غرفة الاشعه تثير فيك الاشمئزاز، الستائر متهرئة .. المطبخ يعج بالروائح الكريهه واواني الطبخ وسخه لم يتم غسلها منذ يومين .. بعض من قطرات الماء تنزل على الروؤس نتيجة الدلف من ماء المطر في بعض الغرف والممرات ما يسمونهم "بالمرافقين" يفترشون ارض الغرفة رغم قذارة الارض روائح كريهة تنبعث من المكان لا يوجد أي منفذ للتهوية او ساحبات هواء تعمل في الغرف، الوان طلاء الجدران شاحب وبخصوص ذكر الجدران ما يؤلمك ان عليها - الجدران - صوراً لمطويات طبيه وصور لاطفال وبعض انواع العلاج - ربما حاول شخصا ازالتها وبقي معظم هذه الصورممزقه على الجدران هذه ظاهرة لا توجد اطلاقاً في أي مستشفى في دول العالم .
ولا يفهم من كلامي انني احمل في داخلي عقدة اتجاه ادارة المستشفى، لا ابدأ ؟؟ كل ما هنالك ان المستشفى ليس مكاننا مناسباً لتعليق هذه النوعية من الصور والمطويات على جدرانه انما يجب ان تستبدل بمناظر طبيعية تدعوك للمواصلة وتعطيك شعوراً بالتفاؤل وتسر نظرك وتلقي عليك احساساً بالارتياح وما يثير شفقتك على المرضى انه لا يوجد في غرفهم " الحقيرة" عفواً على هذه العبارة اي شيء يبدد عن المرضى وحشة المستشفى ويطرد الملل المسيطر عليهم لا يوجد هناك ضابط اداري او قانوني ينضم الزيارات للمرضى فترى الغرفة ضاجة بالزائرين وصياحهم. ما شاهدته في المستشفى كان مخيباً للامال لان ثمة حكومة لا تعير أي اهتمام للمواطن الفقير ولا تحترم انسانيته وكرامته ويحملك هذا الاهمال على ان تأخذ موقفاً مشحوناً تجاه ادارة المستشقى السيئه بكل معاني الكلمه . سمعنا وقرأنا كثيراً عن الاموال التي صرفت والمرصودة للمستشفيات لكن هذا للأسف كان فقط للاستهلاك الاعلامي او قد تكون هناك مصداقية في هذه الارقام لكن الفساد المالي والاهمال الاداري الذي ينخر هذه الاداره هو السبب في افراز هذا الوضع المزري في واقع المستشفى . وأنا هنا اجملت طبعاً ملاحظاتي عن الواقع المتهرىء الموجود في مستشفى الطفيله الحكومي والا هناك ماهو اكبر من ذلك... وانا لست مسجلاً ملاحظاتي هذه للاستهلاك الاعلامي والصحفي انما اردت بذلك ان الفت نظر المسؤولين لعل الله يهديهم ويهز مشاعرهم هذا المشهد التراجيدي ويجعل وزير الصحة يقوم بجولة للاطلاع على واقع الخدمات في مستشفي الطفيله لاسيما ان هذا المستشفى الوحيد في منطقه فقيرة ذات كثافة سكانية لا باس بها لا بل عاليه ...


الاضاءه رقم 5

يتبع .....