![]() |
الكبائر
قال ابن القيم رحمه الله :
وقد دل القرآن والسنة وإجماع الصحابةوالتابعين بعدهم والأئمة على أن من الذنوب كبائر وصغائر . قال الله تعالى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْسَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ) . وقال تعالى : ( والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّاللَّمَمَ ) . وفى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : الصلواتالخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلي رمضان مكفِّرات لما بينهن إذا اجتنبتالكبائر . وهذه الأعمال المكفِّرة لها ثلاث درجات : أحدها : أن تقصُر عنتكفير الصغائر لضعفها وضعف الإخلاص فيها والقيام بحقوقها بمنزلة الدواء للضعيف الذيينقص عن مقاومة الداء كمية وكيفية . الثانية : أن تقاوم الصغائر ولا ترتقي إلىتكفير شيء من الكبائر . الثالثة : أن تقوى على تكفير الصغائر وتبقى فيها قوةتُكفَّر بها بعض الكبائر . فتأمل هذا فإنه يزيل عنك إشكالات كثيرة ، وفى الصحيحعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : إلا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول ،فقال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور . ورُوي في الصحيح عنه : اجتنبوا السبع الموبقات . قيل : وما هنّ يا رسول الله ؟ قال : الإشراك بالله والسحروقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحفوقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، وفى الصحيح عنه أنه سئل : أي الذنب أكبر عندالله ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلفك . قيل : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافةأن يطعم معك . قيل : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك ، فأنزل الله تعالى تصديقها : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَالنَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْيَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) . وقال أيضا : قول بعضهم : ( يوم عاشوراء يُكفِّر ذنوب العام كلها ، ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر ) ولم يَدْرِهذا المغترّ أن صوم رمضان والصلوات الخمس أعظم وأجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء، وهي إنما تُكفِّر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر ، فرمضان والجمعة إلى الجمعة لايقويا على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوى مجموع الأمرين علىتكفير الصغائر ، فكيف يُكفِّر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصرّ عليها غيرتائب منها ؟ هذا محال على أنه لا يَمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء يُكفِّرلجميع ذنوب العام على عمومه ، ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع ، ويكونإصراره على الكبائر مانعا من التكفير فإذا لم يُصرّ على الكبائر تَساعَد الصوم وعدمالإصرار وتعاونا على عموم التكفير ، كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتنابالكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر ، مع أنه سبحانه قد قال : ( إِنْتَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْوَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ) فعُلِم أن جعل الشيء سببا للتكفير لا يمنع أنيتساعد هو وسبب آخر على التكفير ، ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منهمع انفراد أحدهما ، وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل . اهـ . وأما الحافظ ابن رجب رحمه الله فقد قال : وقد اختلف الناس فيمسألتين : إحداهما : هل تُكفِّر الأعمال الصالحة الكبائر والصغائر ، أم لا تكفرسوى الصغائر ؟ فمنهم من قال : لا تُكفِّر سوى الصغائر ، وقد رُوي هذا عن عطاءوغيره من السلف في الوضوء أنه يكفر الصغائر ، وقال سلمان الفارسي في الوضوء إنهيكفر الجراحات الصِّغار ، والمشي إلى المسجد يكفر أكبر من ذلك ، والصلاة تكفر أكبرمن ذلك خرّجه محمد بن نصر المرزوي. وأما الكبائر فلابد لها من التوبة ؛ لأنالله أمر العباد بالتوبة ، وجعل من لم يتب ظالما ، واتفقت الأمة على أن التوبة فرض، والفرائض لا تُؤدّى إلا بنية وقصد ، ولو كانت الكبائر تقع مكفَّرة بالوضوءوالصلاة وأداء بقية أركان الإسلام لم يحتج إلى التوبة ، وهذا باطل بالإجماع ، وأيضافلو كُـفُِّرت الكبائر بفعل الفرائض لم يبق لأحد ذنب يدخل به النار إذا أتىبالفرائض ، وهذا يشبه قول المرجئة ، وهو باطل . هذا ما ذكره ابن عبد البر في كتابهالتمهيد وحكى إجماع المسلمين على ذلك ... والصحيح قول الجمهور : أن الكبائر لاتُكفَّر بدون التوبة ؛ لأن التوبة فرض على العباد . إلى أن قال : والأظهر - والله أعلم - في هذه المسألة أعني مسألة تكفير الكبائر بالأعمال ؛ إن أريد أنالكبائر تُمحي بمجرد الإتيان بالفرائض وتقع الكبائر مكفَّرة بذلك كما تُكفَّرالصغائر باجتناب الكبائر ، فهذا باطل ، وإن أريد أنه قد يوازن يوم القيامة بينالكبائر وبين بعض الأعمال فتُمحى الكبيرة بما يقابلها من العمل ، ويسقط العمل فلايبقى له ثواب ، فهذا قد يقع ، وقد تقدم عن ابن عمر أنه لما أعتق مملوكه الذي ضربهقال : ليس لي فيه من الأجر شيء ، حيث كان كفارة لذنبه ، ولم يكن ذنبه من الكبائر ،فكيف بما كان من الأعمال مكفِّرا للكبائر ؟ وسبق أيضا قول من قال من السلف : إنالسيئة تُمحى ويَسقط نظيرها حسنة من الحسنات التي هي ثواب العمل ، فإذا كان هذا فيالصغائر ، فكيف بالكبائر ؟ فإن بعض الكبائر قد يُحبط بعض الأعمال المنافية لها كمايُبطل المنّ والأذى الصدقة . اهـ . وقد أطال الحافظ ابن رجب رحمه الله فيهذه المسألة ، فمن أراد المزيد فليرجع إليها في جامع العلوم والحِكم |
رد: الكبائر
جزيت جنانه انت ومن احببت
جعله الله في ميزان حسناتك |
رد: الكبائر
بارك الله فيك تيم وجعل ما نقلت في موازين أعمالك وننتظر منك المزيد دمت في رعاية الله |
رد: الكبائر
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
رد: الكبائر
|
رد: الكبائر
بارك الله فيك اختي العزيزه
حرف واني تشرفت بزيارتك لصفحتي |
رد: الكبائر
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية |
رد: الكبائر
مشكور برشا أخي الغالي أشرف على ما قدمت موضوع قيّم
جزاك الله الجنة و جعله في موازين حسناتك |
الساعة الآن 04:39. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Developed By Marco Mamdouh
جميع الحقوق محفوظة لشبكة و منتديات صدى الحجاج