![]() |
مكن سنن الله تعالى فى الكون التدافع
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن لله سبحانه وتعالى سنناً عظيمة في هذا الكون تجري على العباد والبلاد* تحت كل سماء وفوق كل أرض* سنن لاتتخلف* وفقه هذه السنن يعين المسلم الذي ينشد الحقيقة والخيرية للوصول إلى أهدافه وغاياته* وتحقق له الطمأنينة والأمن في هذه الحياة* وما بعد هذه الحياة* كما أن فقهها والعمل بمقتضاها يحقق النصر والتفوق* والغلبة والظهور على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمعات. وإن غياب فقه هذه السنن يؤول بصاحبه أو بأصحابه إلى الفوضى* والاضطراب والتأخر* والقلق والهزيمة*والتراجع* واليأس* والقنوط* ومن هنا فإن دراسة هذه السنن واستنباطها من القرآن الكريم* والسنة المطهرة* ودراسة المنهج السليم في تطبيقها على أرض الواقع تعين في رسم منهج المسلم وهو يسير في دربه إلى الله تعالى* وينشد العلو والتقدم في هذه الحياة. ***** من السنن المهم فقهها: سنة التدافع بين الحق والباطل* والحق هو: الواجب والصحيح والثابت شرعاً اعتقاداً وقولاً وفعلاً* والباطل: ضده فهما ضدان يتدافعان* فكل حق ضده باطل* وكل باطل ضده حق ولا يجتمع الضدان* والتدافع بينهما يعني محاولة غلبة كل منهما للآخر* وهذا يتمثل بمدافعة أصحابهما لأنهما اللذان يحملونـها. وهذا التدافع أمر لا بد من وقوعه فلا يمكن بقاء أحدهـما إلا ويغالبه الآخر. يقول تعالى مقرراً هذه السنة الكونية: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)(1). والله جل وعلا وهو يقرر هذه الحقيقة فهو مع الحق مؤيداً ونصيراً* يقول تعالى: (ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته) (2)* ويقول سبحانه: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) (3)* ويقول سبحانه: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) (4). ***** ومـما يستقي من الآيات: أن النتيجة الحتمية للحق* ولكن لا تكون هذه النتيجة إلا إذا اجتمعت عوامل العمل بالحق. ***** ومن هنا أمر الله تعالى في آيات متعددة المؤمنين أن يعملوا بهذه العوامل ومن أهـمها: 1- إيمان أهل الحق به* قال تعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمين) (5)* وقال سبحانه: (وأن الله مع المؤمنين) (6)* وقال سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم) (7). 2- العمل بالأسباب المادية بالضوابط الشرعية* يقول تعالى في شأن الجهاد: (وأعدوا لهم ما ستطعتم من قوة) (8)* وهكذا كل حق يحتاج إلى مباشرة أسبابه* فالدعوة تحتاج إلى العلم* وإلى الامكانات المادية المناسبة بما يقيم شأنها فلا يتصور -مثلاً- عمل مشروع دعوي يراد به نفع الآخرين بدون عمل الأسباب الممكنة المؤدية إلى نجاحه* كما هو الشأن في جميع شؤون الحياة. 3- تقوى الله سبحانه وتعالى بفعل أوامره* واجتناب نواهيه فهي سبب كل خير ودفع كل شر* قال تعالى في شأن العلم: (واتقوا الله ويعلمكم الله) (9)* وقال تعالى: (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً) (10)* وقال تعالى في بيان شيء من تفضل الله تعالى على المسلمين في غزوة بدر: (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (11). 4- التحلي بالصبر* وإعماله في كل عمل* فبدون الصبر تتخلف النتائج الإيجابية*وتضعف* ويحصل الاستعجال* وتكون العواقب وخيمة* وقد جاء ذكر الصبر في القرآن الكريم في أكثر من تسعين موضعاً* كل ذلك لعظم هذه السمة وعظم أثرها* وبناء على ذلك فلا ينتصر أصحاب الحق بدون أن يصبروا ويصابروا. 5- الاكثار من ذكر الله تعالى* فمن ذكر الله تعالى ذكره الله وأيّده وأعانه* وأحاطه بعنايته ورعايته* قال تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)* وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (12). 6- الثبات على الحق والتواصي على ذلك* وهذا يعني عدم الاضطراب في الإيمان بالحق* أو العمل به* أو التردد* أوعدم الاستقرار على منهج واضح يسير عليه صاحب الحق.. كل هذه من نوافي الثبات وزعزعة صاحب الحق وإضعافه. ***** وبعد: فالتدافع بين الحق والباطل سنّة من سنن الله تعالى يجب الايمان لها والتعامل معها وفق شرعه الله تعالى. ولذلك جاء مبدأ الدعوة* والأمر بالمعروف* والنهي عن المنكر* والاصلاح* والنصيحة* وقول الحق* والتعاون على البر والتقوى* والنهي عن التعاون عن الاثم والعدوان* ونفع الآخرين* والاحسان إليهم. هذه المبادئ كلها تصب في نصرة الحق ومدافعته للباطل* وعلى هذا: مما يزين المسلم الحصيف العمل بهذه المبادئ والعظيمة* والعمل بها* وأخذ نصيب وافر منها لينضم في سلك أهل الحق* ومدافعته بالباطل* فيكون عند الله تعال من أهل اليمين. ***** ومع هذا كله لنعلم أن مدافعة الباطل يحفها عوائق من أهـمـها: 1- تسويل الشيطان لإضعاف النفوس عن قول الحق والعمل به* وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله تعالى في مواضع عديدة* قال سبحانه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (13). 2- المقاصد المنحرفة في قول الحق والعمل به كقصد الرياء* والسمعة* أو أمر من أمور الدنيا فـ(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)* وكثيراً ما تحبط المشاريع* ويهزم أهل الحق بانحراف المقاصد. 3- العجب بالنفس والغرور سواء بما أعطى الله العبد من القدرات والمواهب* أو بما أنعم عليه من النعم* ويتبع ذلك ازدراء الناس واحتقارهم وغمط حقوقهم واستنقاص مشاريعهم* كل هذا من حواجز الانتصار* وموانع الوصول إلى النتائج الإيجابية في نصرة الحق. 4- النزاع والاختلاف والفرقة وهي من أعظم الآفات* وأشد الأمراض وأقوى العوائق لنصرة الحق* قال تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (14)* ولا يقولن قائل إن الخلاف رحمة* فالخلاف في الأصول* والمجمع عليها* كل ذلك شر -كما وضحته في مقالات سابقة-. ***** ومما سبق تتجلى لنا سنة الله تعالى في التدافع بين الحق والباطل فإدراك هذه السنة* والعمل بما يوافقها من عوامل نصرة الحق* ودفع الباطل* والوصول إلى الأهداف الايجابية والبناءه. ومن هنا على المسلم والفرد* والمؤسسة أن تبني مشاريعها وفق هذه السنّة وغيرها من السنن لتطمئن إلى الوصول إلى ماترجوه من كل خير. حقق الله الآمال وسدد الخطـى والله من وراء القصد (1)-سورة البقرة: (251). (2)-سورة الشورى: (24). (3)-سورة الأنبياء: (18). (4)-سورة الإسراء: (81). (5)-سورة الروم: (47). (6)-سورة الأنفال: (19). (7)-سورة محمد: (7). (8)-سورة الأنفال: (60). (9)-سورة البقرة: (282). (10)-سورة الأنفال: (29). (11)-سورة آل عمران: (125). (12)-سورة الأنفال: (45). (13)-سورة فاطر: (6). (14)-سورة الأنفال: (46). :067::067::067: http://img204.imageshack.us/img204/9...bdzducrre0.gif |
الساعة الآن 21:38. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Developed By Marco Mamdouh
جميع الحقوق محفوظة لشبكة و منتديات صدى الحجاج