![]() |
تفسير من سورة البقرة .المصيبة - الآيات 155-156-157
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الصادق الوعد الأمين . أيها الأخوة الكرام : موضوع المصيبة ، فهو موضوع كبير ، يجب علينا ان نعرف حكمة الله من المصائب التي يسوقها اللهُ لعباده فهذا جزءٌ من عقيدة المسلم ، وأن نعرف حكمته البالغة من المصائب التي يسوقها لعباده فهذا يعينك على تقبلها ، ويساعدك على أن تستفيد منها. لقد قيل... من لم تُحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبتة في نفسه أكبر، فإذا الله عز وجل ساق لإنسان مصيبة ولم يستفد منها فهو المصيبة كلها ، فهذا الإنسان مصيبة. العلماء الأجلاء أفاضوا إفاضات واسعة حول حكمة المصائب ، لكني أسوق لكم كلمة موجزة مركزة حول المصائب. إخواننا الكرام ؛ المصائب نوعان في الأصل ؛ نوع يتجه إلى الكفار، ونوع يتجه إلى المؤمنين. فمصائب الكفار... نوعان ؛ قصمٌ وردعٌ . بمعنى أن الله سبحانه وتعالى إذا علم أن فلاناً لن يؤمن و الدليل : وأُوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون . (سورة هود : الآية 36) أما مصائب الردع فإذا علم الله سبحانه وتعالى أن هذا الإنسان فيه بقيةٌ من خير، وفيه أثر من إيمان ، فإنه يرسل له مصيبة لردعه عما هو فيه ، فهذان النوعان هما مصائب أهل الدنيا ، مصائب المنحرفين ، ومصائب الكفار مصائب قصم و ردع . لكنَّ المؤمنين لهم مصائب خاصة ، تصور أنّ مؤمنًا مستقيمًا ومبتلًى ، وهناك سيارة تمشي على طريق ، سيارة منضبطة منتظمة جيدة ، والطريق مستقيم ، إذًا فأنا أشبِّه هذا المؤمن بالسيارة وأقول : هو مؤمن صالح لكنه يسير في عبادته على وتيرة بطيئة ، ودونما نشاط في محاولة زيادة جهده في عبادة ربه ، واللهُ سبحانه يعلم أن باستطاعنه زيادة نشاطه و إقباله على ربه ، عندئذ تأتيه مصيبة (دفع) يدفعه الله بها إلى بابه ليزيد من إقباله على طاعة ربه ، تمامًا كالسيارة التي هي صالحة وجيدة ، و لكنها تسير بسرعة بطيئة ، و يعلم صاحبها أنها مجهزة و قادرة على السير بسرعة أضعاف سرعتها الحالية ، و كذلك يمكن أن يزيد في حمولتها ، (فزيادة حمولتها رفع في الأجرة التي يتقاضاها) فيسوق له ما يجعله يضاعف من حمولتها (وهذه مصيبة رفع) فكما دفعه الله لبابه ، رفع له من ثوابه . فمصائب المؤمنين مصائب دفع ، ومصائب رفع. قال تعالى : ( سورة البقرة 155-157) فربنا عز وجل... يدفعه إلى بابه دفعاً، يدفعه إلى بابه مهرولاً ، فيلجأ إلى باب الله عز وجل بمصيبة تلحقه لتردّه إلى الله ضارعًا منيبًا . إخواننا الكرام ؛ المؤمن ، له مستوى في معرفة ربه ، معرفة قدرته ، ومعرفة رحمته، فحينما تأتيه مصيبة ، ويخاف من آثارها ، ويلجأ إلى الله عز وجل مبتهلاً ، عندئذ يرى أن الله هو الفعال ، فيوقظه منها ، على خلاف قوانين الأرض ، ثم إنّه يرى أن الله يحبه. فأية مصيبة يسوقها الله عز وجل للمؤمن تزيده معرفة بربه ، وتزيده حباً له. صدِّقْ بأنه لا يمكن لمؤمن بعد المصيبة أن يكون كما كان قبلها ، فهو بعد المصيبة أكثر معرفة بالله ، وأكثر محبة له. أبداً !! فالمؤمن بعد كل مصيبة أكثر معرفة بقدرة الله ، وأكثر إيماناً ، وأنه هو الإله حقًّا ، فصار أكثر محبة له ، بالرحمة التي يراها من ربه ، لذلك : (البقرة : من الآية216) (رواه الترمذي) وإذا كنت في فتور بعبادتك ، بحكم الاعتياد ، ودينك صار دينًا شكليًا ، فالله وكنتَ مستقيمًا ، فالله عزوجل يدفعك إلى بابه بطريقة ما . فمصيبة المؤمنين ...إما دفع إلى باب الله ، وإما رفع في المقام . يعني...السيارة تسير بسرعة خمسةٍ وعشرين كم/ الساعة ، وبإمكانها أن تسير بسرعة مئة كيلومتر/ الساعة وتركتها تمشي على المئة ، فمصائب المؤمن مصائب شده ، فالأنبياء عندهم كمالات ، وعندهم مشاعر نبيلة ، لا تظهر إلا بالمصائب . يخرج عليه الصلاة و السلام من مكة ثمانينًا كيلومترًا ، ماشيًا على قدميه ليدعو أهل الطائف إلى الإسلام ، ولينقذهم من النار، لكنهم ويسخرون منه ، ويكذبونه ، فيأتيه ملك الجبال ويقول له : يا محمد "صلى الله عليه وسلم" ، أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك، لو شئت لطبَّقتُ عليهم الجبلين ، فيقول : لا ولكنْ : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ! يدعو لهم ، ويعتذر عنهم، ولا يتخلى عنهم ، فمصائب الأنبياء تكمل بكمالاتهم ، ومصائب المؤمنين.. دفع من الله ورفع لمقاماتهم ، ومصائب الكفار.. قصم لهم ، إذا لم يكن فيهم خير، وإذا علِم أنّ فيهم بقية خير ، كانت مصيبته لهم ردعًا. فمصائب الكفار... قصم وردع . ومصائب المؤمنين... دفع ورفع . ومصائب الأنبياء... كشف لحقائقهم ، فهُم أهل الكمالات . وإذا فهِم الإنسان المصيبةَ فهذا الفهم الحلو يجعله يرضى عن الله. وبينما كان واحدٌ يطوف حول الكعبة ، قال : ربِّ هل أنت راضٍ عني ؟ وكان وراءه الإمام الشافعي ، فقال له : يا هذا هل أنت راضٍ عن الله ، حتى يرضى عنك ، قال : ما هذا الكلام يا رجل ، ومن أنت ، قال أنا محمد بن إدريس الشافعي . وقبل أنْ أختم حديثي أقول : "إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ" تفسير القرآن الكريم لفضيلة الدكتور العلامة محمد راتب النابلسي |
رد: تفسير من سورة البقرة .المصيبة - الآيات 155-156-157
نور الله دربك عفراء
|
رد: تفسير من سورة البقرة .المصيبة - الآيات 155-156-157
بارك الله فيكِ عفراء
|
رد: تفسير من سورة البقرة .المصيبة - الآيات 155-156-157
بارك الله فيك أختي الغالية
عفراء جزاك الله خير الجزاء على المجهودات الرائعة و المتميزة أبدعت و تألقت كعادتك مشكورة برشااا يعطيك الصحة و العافية وجعل الله كل ما قدمت في موازين حسناتك |
الساعة الآن 02:00. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Developed By Marco Mamdouh
جميع الحقوق محفوظة لشبكة و منتديات صدى الحجاج