![]() |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
39. تأكد من الخطأ قبل النصيحة .. كان واضحاً من نبرة صوته لما اتصل بي .. أنه كن غضباناً يكتم غيظه قدر المستطاع .. ليست هذه هي النبرة التي تعودت عليها من فهد .. شعرت أن عنده شيئاً .. بدأ كلامه .. متحدثاً عن الفتن وتعرض الناس لها .. ثم احتدت النبرة .. وجعل يكرر : أنت داعية .. وطالب علم .. وأفعالك محسوبة عليك .. قلت : أبا عبد الله ليتك تدخل في الموضوع مباشرة .. قال : المحاضرة لتي ألقيتها في .. وقلت .. تعجبت .. قلت : متى كان ذلك ؟ قال : قبل ثلاثة أسابيع .. قلت : لم أذهب لتلك المنطقة منذ سنة .. قال : بلى .. وتحدثت عن كذا .. ثم تبين لي أن صاحبي .. بلغته إشاعة فصدقها .. وبنى على أساسها مناصحته .. وموقفه .. وكلامه .. صحيح أنني لا أزال أحبه .. لكن نظرتي إليه قصرت .. لأنني اكتشفت أنه متسرع .. ومثل ما يقولون ( يطير في العجّة ) ..!! كم هم أولئك الذين يبنون مواقفهم ونظراتهم على إشاعات .. قليل منهم من يأتيك مناصحاً .. ليكتشف بعدها أنه كان يجري وراء إشاعة .. وكثير منهم من تنطبع هذه الإشاعة في قلبه .. ويكوّن على أساسه تصوره عنك .. وهي كذبة .. أحياناً يشاع أن فلاناً فعل كذا وكذا .. فلأجل أن تحتفظ بقدرك عنده .. تأكد من الخبر قبل الكلام عنه .. وهذا منهج النبي .. صلى الله عليه وسلم .. أتى رجل إلى النبي .. صلى الله عليه وسلم .... فنظر النبي .. صلى الله عليه وسلم .. إليه .. فإذا رجل رث الهيئة .. مغبر الشعر .. فأراد .. صلى الله عليه وسلم .. أن ينصحه ليصلح من هيئته .. لكنه خشي أن يكون الرجل فقيراً أصلاً .. ليس ذا مال .. فقال له : هل لك من مال ؟ قلت : نعم .. قال : من أي المال ..؟ قال : من كل المال .. من الإبل .. والرقيق .. والخيل .. والغنم .. قال : فإذا آتاك الله مالاً .. فليُر عليك .. ثم قال : تنتج إبل قومك صحاح آذانها .. فتعمد إلى الموسى .. فتقطع آذانها .. فتقول : هذه بحيرة .. وتشقها .. أو تشق جلودها .. وتقول :هذه صرم .. فتحرمها عليك وعلى أهلك .. قال : نعم .. قال : فإن ما أعطاك الله لك حل .. موسى الله أحد .. ( ) وفي عام الوفود .. كان بعض الناس يأتي مسلماً .. ويبايع النبي .. صلى الله عليه وسلم .. .. وبعضهم يأتي كافراً .. ويسلم أو يعاهد .. فبينما رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..مع أصحابه يوماً .. إذ جاء وفد الصّدِف .. وهم بضعة عشر راكبا .. فأقبلوا إلى مجلس النبي. .. صلى الله عليه وسلم .. فجلسوا و لم يسلموا .. فسألهم : " أمسلمون أنتم ؟ " قالوا : نعم .. قال : " فهلا سلمتم ؟ " .. فقاموا قياماً فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .. فقال : " وعليكم السلام .. اجلسوا " .. فجلسوا ثم سألوه .. صلى الله عليه وسلم ..عن أوقات الصلوات .. وفي عهد عمر رضي الله عنه.. توسعت بلاد الإسلام .. فعين عمر سعد بن أبي وقاص أميراً على الكوفة .. كان أهل الكوفة حينذاك مشاغبين على ولاتهم .. أرسل نفر منهم رسالة إلى الخليفة عمررضي الله عنه .. يشتكون إليه من سعد .. وذكروا عيوباً كثيرة .. حتى إنهم قالوا : ولا يحسن أن يصلي !! فلما قرأ عمر الكتاب .. لم يتسرع باتخاذ قرار .. ولا كتابة نصيحة .. وإنما أرسل محمد بن مسلمة إلى الكوفة معه كتاب إلى سعد .. وأمره أن يسير مع سعد ويسأل الناس عنه .. جعل محمد بن مسلمة يصلي مع سعد في المساجد .. ويسأل الناس عن سعد .. ولم يدع مسجد إلا سأل عنه .. ولا يذكرون عن سعد إلا معروفاً .. حتى دخلا مسجداً لبني عبس .. فقام محمد بن مسلمة .. وسأل الناس عن أميرهم سعد ؟؟ فأثنوا عليه خيراً .. فقال محمد : أنشدكم بالله .. هل تعلمون منه غير ذلك ؟ قالوا : لا نعلم إلا خيراً .. فكرر عليهم السؤال .. عندها قام رجل في آخر المسجد .. اسمه أسامة بن قتادة .. فقال : أما إذ نشدتنا بالله .. فاسمع : إن سعداً كان لا يسير بالسوية .. ولا يعدل في القضية .. فعجب سعد وقال : أنا كذلك ؟ قال الرجل نعم .. فقال سعد : أما والله لأدعون بثلاث : اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً .. وقد قام رياء وسمعة .. اللهم فـ : • أطل عمره .. • وأطل فقره .. • وعرضه للفتن .. ثم خرج سعد من المسجد .. ومضى إلى لمدينة ومات بعدها بسنوات .. أما ذلك الرجل فلا زالت دعوة سعد تلاحقه .. حتى كبرت سنه .. ورق عظمه .. واحدودب ظهره .. وطال عمره حتى مل من حياته .. واشتد فقره .. فكان يجلس وسط الطريق يسأل الناس .. وقد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر .. فإذا مرت به النساء مد يده يغمزهن ويتعرض لهن .. فكان الناس يصيحون به .. ويسبونه .. فيقول : وماذا أفعل !! شيخ كبير مفتون .. أصابتني دعوة الرجل الصالح سعد بن أبي وقاص .. حديث .. بئس مطية الرجل زعموا .. وكفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
40. اجلدني برفق !! لا يعني ما تقدم من كلام عدمُ اللوم أبداً .. بلى .. فقد تحتاج في أحيان متكررة أن تلوم الآخرين .. ولدك .. زوجتك .. صديقك .. لكن يمكن تأجيله قليلاً .. أو استخدام أساليب أخف .. دع الملوم يحتفظ بماء وجهه .. بعدما فتح.. صلى الله عليه وسلم .. مكة .. وقد قوي شأنه عند العرب .. وكثر الداخلون في الإسلام .. غزا.. صلى الله عليه وسلم .. بالناس حنيناً .. فجاء المشركون بأحسن صفوف .. فصفت الخيل .. ثم صفت المقاتلة .. ثم صفت النساء من وراء ذلك .. ثم صفت الغنم .. ثم النعم .. والمسلمون بشر كثير .. قد بلغوا اثني عشر ألفاً .. وكان المشركون قد سبقوا إلى وادي حنين .. واختبأت كتائب منهم في جانبيه بين الصخور .. فما هو إلا أن ابتدأ القتال .. ودخلت جموع المسلمين في الوادي .. حتى تفجر عليهم الكفار من كل جانب .. واضطرب الناس .. وجعلت خيل المسلمين .. تلوذ خلف ظهورهم .. فلم يلبثوا أن انكشفت خيلهم .. وكان أولُ من فرَّ الأعراب .. وتسلط الكفار وظهروا .. فالتفت رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. فإذا الجموع تفر .. والدماء تسيل .. والخيل يضرب بعضها في بعض .. فجعل يأمر العباس بأن ينادي : يا للمهاجرين يا للأنصار ؟ فرجعوا حتى ثبت .. صلى الله عليه وسلم .. في ثمانين أو مائة رجل .. ثم نصر الله المسلمين .. وانتهى القتال .. وجمعت الغنائم بين يدي النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. فإذا الذين فروا من القتال .. وخافوا من الرماح والنبال .. هم أول من اجتمع على رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. يريد الغنائم .. تعلقت الأعراب .. برسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. يقولون له : اقسم علينا فيئنا .. اقسم علينا فيئنا .. يريدون الغنائم .. عجباً ..!! يقسم فيئكم .. متى صار فيؤكم وأنتم لم تقاتلوا .. كيف تطلبون من الغنيمة .. وهو الذي كان يصرخ بكم لتعودوا وأنتم لا تستجيبون ..!! لكنه.. صلى الله عليه وسلم .. لم يكن يدقق على مثل هذا .. فالدنيا لا تساوي عنده شيئاً .. جعلوا يتبعونه ويرددون : اقسم علينا فيئنا .. حتى تزاحموا عليه .. وضيقوا الطريق بين يديه .. واضطروه إلى شجرة .. فمرّ من شدة الزحام ملاصقاً لها .. فتعلق رداؤه بأغصانها .. حتى سقط عن منكبيه .. وصار بطنه وظهره مكشوفاً .. فلم يغضب .. وإنما التفت إليهم وقال .. بكل هدووووء : أيها الناس .. ردوا علي ردائي .. فوالذي نفسي بيده لو كان لي عدد شجر تهامة .. نَعماً لقسمته عليكم .. ثم لا تجدوني بخيلا .. ولا جباناً .. ولا كذاباً .. نعم .. لأنه لو كان بخيلاً لأمسك الأموال لنفسه .. ولو كان جباناً لفرّ مع الفارين .. ولو كان كذاباً لما نصره رب العالمين .. مواقفه .. صلى الله عليه وسلم .. الرائعة كثيرة .. كان.. صلى الله عليه وسلم .. يمشي مع بعض أصحابه .. فمر بامرأة تبكي عند قبر .. على صبي لها .. فقال لها .. صلى الله عليه وسلم .. : اتقي الله واصبري .. وكانت المرأة باكية مهمومة .. فلم تعرف النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. فقالت : إليك عني .. وما تبالي أنت بمصيبتي ..؟! فسكت النبي .. صلى الله عليه وسلم .. .. وذهب وتركها .. فقد أدى ما عليه .. وأدرك أن المرأة الآن في وضع نفسي قد لا يناسب أن يزاد عليها في النصح أكثر مما سمعت .. التفت بعض الصحابة إليها وقالوا : هذا رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. ..!! فندمت المرأة على ما قالت .. وقامت تحاول أن تلحق بالنبي .. صلى الله عليه وسلم .. .. حتى وصلت بيته .. فلم تجد على بابه بوابين .. فقالت معتذرة : يا رسول الله .. لم أعرفك .. الآن أصبر .. فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى .. ( ) اقتل برفق .. إن الله كتب الإحسان على كل شيء .. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة .. وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح .. وليحد أحدكم شفرته .. وليرح ذبيحته .. حديث رواه مسلم |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
41. فِرَّ من المشاكل !! أظنه لو أجرى تحليلاً في مستشفى بدائي لاكتشف في جسمه عشرة أنواع من الأمراض .. أهونها الضغط والسكر .. كان المسكين يعذب نفسه كثيراً لأنه يطالب الناس بالمثالية التامة .. دائماً تجده متضايقاً من زوجته .. كسرت الصحن الجديد .. نسيت كنس الصالة .. أحرقت ثوبي الجديد بالمكواة .. وأولاده .. خالد إلى الآن لم يحفظ جدول الضرب .. وسعد .. لم يظفر بتقدير ممتاز .. وسارة .. وهند .. هذا حاله في بيته .. أما بين زملائه .. فأعظم .. أبو عبد الله قصدني لما ذكر قصة البخيل ..! والبارحة أبو أحمد يعنيني لما تكلم عن السيارات القديمة .. نعم يقصد سيارتي .. نعم .. كان ينظر إليَّ .. إلى آخر مواقف وتفكيرات هذا الرجل المسكين .. قديماً قالوا في المثل : إن أطاعك الزمان وإلا فأطعه .. أذكر أن أعرابياً - من أصدقائي - كان يردد مثلاً حفظه من جده .. كان يسمعني إياه كثيراً إذا بدأت أتفلسف عليه ببعض المعلومات .. فكان يخرج زفيراً طوييييلاً من صدره ثم يقول : ياااا شيخ .. اليد اللي ما تقدر تلويها صافحها ..!! وإذا تفكرت في هذا وجدته صحيحاً .. فنحن إذا لم نعود أنفسنا على التسامح وتمشية الأمور .. أو بمعنى آخر التغابي .. وعدم الإغراق في التفسيرات والظنون .. وإلا فسوف نتعب كثيراً .. ليس الغبي بسيد في قومه .. لكن سيد قومه المتغابي وأذكر أن شاباً متحمساً أقبل إلى شيخه يريده أن يساعده في اختيار زوجة تكون رفيقة دربه حتى الممات .. فقال الشيخ : ما هي الصفات التي ترغب وجودها في زوجتك ؟ فقال : منظرها جميل .. وقوامها طويل .. وشعرها حرير.. ورائحتها عبير .. لذيذة الطعام .. عذبة الكلام .. إن نظرت إليها سرتني .. وإن غبت عنها حفظتني .. لا تخالف لي أمراً .. ولا أخشى منها شراً .. لها دين يرفعها .. وحكمة تنفعها .. وراح يسرد من صفات الكمال المتفرقة في النساء ويجمعها في امرأة واحدة .. فلما أكثر على الشيخ .. قال له : يا ولدي .. عندي طلبك .. قال : أين ؟ قال : في الجنة بإذن الله .. أما في الدنيا فعود نفسك التسامح .. نعم في الدنيا عود نفسك التسامح .. لا تعذب نفسك بالبحث عن مشاكل لإثارتها .. والنقاش حولها .. فيوماً تصرخ في وجه جليس : أنت تقصدني بكلامك ؟ ويوماً في وجه ولدك : أنت تريد أن تحزنني بكسلك ؟ ويوماً في وجه زوجتك : أنت تتعمدين إهمال بيتك ؟ ... وقد كان منهج النبي.. صلى الله عليه وسلم .. . التسامح عموماً .. فكان يستمتع بحياته .. كان يدخل.. صلى الله عليه وسلم .. على أهله أحياناً .. في الضحى .. وهو جائع .. فيسألهم : هل عندكم من شيء .. عندكم طعام .. فيقولون : لا .. فيقول .. صلى الله عليه وسلم .. : إني إذا صائم .. ولم يكن يصنع لأجل ذلك مشاكل .. ما كان يقول : لِمَ لم تصنعوا طعاماً .. لِم لم تخبروني لأشتري .. إني إذا صائم .. وانتهى الأمر ..( ) وكان في تعامله مع الناس .. يتعامل بكل سماحة .. قال كلثوم بن الحصين .. كان من خيار الصحابة .. قال : غزوت مع رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. غزوة تبوك .. فسرت ذات ليلة معه ونحن بوادي "الأخضر" .. أطالوا المشي .. فجعل يغلبه النعاس .. وجعلت ناقته تقترب من ناقة النبي.. صلى الله عليه وسلم .. . ويستيقظ فجأة .. فيبعدها .. خوفاً من أن يصيب رحل ناقته رجل النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. حتى غلبته عينه في بعض الطريق .. فزاحمت راحلته راحلة النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. وضرب رحله رجل النبي .. صلى الله عليه وسلم .. . فآلمه .. فقال النبي .. صلى الله عليه وسلم .. من حر ما يجد : " حسّ " فاستيقظ كلثوم .. فاضطرب وقال : يا رسول الله .. استغفر لي .. فقال .. صلى الله عليه وسلم .. بكل سماحة : سِرْ .. سِرْ .. نعم : سِرْ .. ولم يعمل قضية .. لماذا تضايقني ؟ الطريق واسع ! ما الذي جاء بك بجانبي ؟! لا .. لم يتعب نفسه .. ضربة رجل .. وانتهت .. كان هذا أسلوبه.. صلى الله عليه وسلم .. دائماً .. جلس يوماً بين أصحابه .. فأقبلت إليه امرأة ببردة .. قطعة قماش .. فقالت : يا رسول الله .. إني نسجت هذه بيدي .. أكسوكها .. فأخذها النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. وكان محتاجاً إليها .. وقام ودخل بيته .. فلبسها .. ثم خرج إلى أصحابه وهي إزاره .. فقال رجل من القوم : يا رسول الله .. اكسنيها .. فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : نعم .. ثم رجع.. صلى الله عليه وسلم .. .. فخلعها وطواها .. ولبس إزاراً قديماً .. ثم أرسل بها إلى الرجل .. فقال الناس للرجل : ما أحسنت .. سألته إياها وقد علمت أنه لا يرد سائلاً ؟! فقال الرجل : والله ما سألته .. إلا لتكون كفني يوم أموت .. فلما مات الرجل .. كفنه أهله فيها ( ) .. ما أجمل احتواء الناس بهذه التعاملات .. قام .. صلى الله عليه وسلم .. يوماً يؤم أصحابه في صلاة العشاء .. فدخل إلى المسجد طفلان .. الحسن والحسين .. ابنا فاطمة .. فأقبلا إلى جدهما رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. وهو يصلي .. فكان إذا سجد .. وثب الحسن والحسين على ظهره .. فإذا أراد .. صلى الله عليه وسلم .. أن يرفع رأسه .. تناولهما بيديه من خلفه تناولاً رفيقاً .. ووضعهما عن ظهره .. فجلسا جانباً .. فإذا عاد لسجوده .. عادا فوثبا على ظهره .. حتى قضى.. صلى الله عليه وسلم .. صلاته .. فأخذهما بكل رفق .. وأقعدهما على فخذيه .. فقام أبو هريرة .. فقال : يا رسول الله .. أردُّهما ..؟ يعني أعيدهما لأمهما ..؟ فلم يعجل.. صلى الله عليه وسلم .. عليهما .. ثم لبث قليلاً .. فبرقت برقة من السماء .. فقال لهما.. صلى الله عليه وسلم .. : الحقا بأمكما .. فقاما فدخلا على أمهما ..( ) وفي يوم آخر .. خرج النبي عليه.. صلى الله عليه وسلم .. .. على أصحابه في إحدى صلاتي الظهر أو العصر .. وهو حامل الحسن أو الحسين .. فتقدم إلى موضع صلاته .. فوضعه .. ثم كبر مصلياً بالناس .. فسجد رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. سجدة .. أطالها .. حتى خشي عليه أصحابه أن يكون قد أصابه شيء .. ثم رفع من سجوده .. وبعد انتهاء الصلاة .. سأله أصحابه .. قالوا : يا رسول الله .. لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها ..!! أشيء أمرت به ؟ أو كان يوحى إليك ؟ فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : كل ذلك لم يكن .. ولكن ابني ارتحلني .. فكرهت أن أعجله .. حتى يقضي حاجته .. ( ) .. ودخل.. صلى الله عليه وسلم .. يوماً على أم هانئ بنت أبي طالب .. وكان جائعاً .. فقال : هل عندك من طعام نأكله ؟ فقالت : ليس عندي إلا كسر يابسة .. وإني لأستحي أن أقدمها إليك .. فقال : هلمي بهن .. فأتته بهن .. فكسرهن في ماء .. وجاءت بملح فذرته عليه .. فجعل .. صلى الله عليه وسلم .. . يأكل هذا الخبز مخلوطاً بالماء .. فالتفت إلى أم هانئ وقال : هل من إدام ؟ فقالت : ما عندي يا رسول الله إلا شيء من "خلٍّ" .. فقال : هلميه .. فجاءته به .. فصبه على طعامه .. فأكل منه .. ثم حمد الله عز وجل .. ثم قال : نعم الإدام الخل ( ) .. نعم .. كان يعيش حياته كما هي .. يتقبل الأمور بحسب ما هي عليه .. وفي رحلة الحج .. خرج.. صلى الله عليه وسلم .. مع أصحابه .. فنزلوا منزلاً .. فذهب النبي.. صلى الله عليه وسلم .. فقضى حاجته .. ثم جاء إلى حوض ماء فتوضأ منه .. ثم قام.. صلى الله عليه وسلم .. ليصلي .. جاء جابر بن عبد الله.. فوقف عن يسار رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. وكبّر مصلياً معه .. فأخذ النبي.. صلى الله عليه وسلم .. بيده .. فأداره حتى أقامه عن يمينه .. ومضيا في صلاتهما .. فجاء جبار بن صخر .. فتوضأ .. ثم أقبل فقام عن يسار رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. فأخذ.. صلى الله عليه وسلم .. بأيديهما جميعاً – بكل هدوء - فدفعهما حتى أقامهما خلفه ( ) .. وفي يوم كان.. صلى الله عليه وسلم .. جالساً .. فأقلبت إليه أم قيس بنت محصن بابن لها حديث الولادة .. ليحنكه ويدعو له .. فأخذه.. صلى الله عليه وسلم .. فجعله في حجره .. فلم يلبث الصغير أن بال في حجر النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. وبلل ثيابه بالبول .. فلم يزد النبي.. صلى الله عليه وسلم .. على أن دعا بماء فنضحه على أثر البول ( ) .. وانتهى الأمر .. لم يغضب .. ولم يعبس .. فلماذا نعذب نحن أنفسنا ونصنع من الحبة قبة .. ليس شرطاً أن يكون كل ما يقع حولك مرضياً لك 100% .. وإن تجد عيباً فسدَّ الخللا جل من لا عيب فيه وعلا بعض الناس يحرق أعصابه .. ويكبر القضايا .. وبعض الآباء والأمهات كذلك .. وربما بعض المدرسين والمدرسات كذلك .. ولا تفتش عن الأخطاء الخفية .. وكن سمحاً في قبول أعذار الآخرين .. خاصة من يعتذرون إليك حفاظاً على محبتهم معك .. لا لأجل مصالح شخصية .. اقبل معاذير من يأتيك معتذراً إن برَّ عندك فيما قال أو فجرا فقد أطاعك من يرضيك ظاهره وقد أجلّك من يعصيك مستتراً وانظر إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. وقد رقى منبره يوماً .. وخطب بأصحابه فرفع صوته حتى أسمع النساء العواتق في خدورها داخل بيوتهن ..!! فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه .. لا تغتابوا المسلمين .. ولا تتبعوا عوراتهم ..فإنه من يتبع عورة أخيه .. يتبع الله عورته .. ومن يتبع الله عورته .. يفضحه ولو في جوف بيته .. ( ) .. نعم لا تتصيد الأخطاء .. وتتبع العورات .. كن سمحاً .. وكان.. صلى الله عليه وسلم .. حريصاً على عدم إثارة المشكلات أصلاً .. في مجلس هادئ مع بعض أصحابه .. صفت فيه النفوس .. واطمأنت القلوب .. قال.. صلى الله عليه وسلم .. لأصحابه : ألا لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئاً .. فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر .. ( ) .. لا تعذب نفسك .. لا تثر على نفسك الغبار ما دام ساكناً .. وإن ثار فسدَّ أنفك بِكُمِّك .. واستمتع بحياتك .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
42. اعترف بخطئك .. لا تكابر .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
43. مفاتيح الأخطاء! التعامل مع الأخطاء فن .. فلكل باب مفتاح .. وللقلوب دروب .. إذا وقع أحد في خطأ كبير .. وانتشر خبره في الناس .. وبدأ الناس يترقبون ماذا تفعل فأشغلهم بشيء .. حتى يكون عندك وقت لدراسة الأمر .. حتى لا يتجرّأ أحد على مثل فعله .. أو يتعودوا على مثل هذا الخطأ .. خرج.. صلى الله عليه وسلم ..مع أصحابه في غزوة بني المصطلق .. وأثناء رجوعهم .. نزلوا يستريحون .. فأرسل المهاجرون غلاماً لهم اسمه : جهجاه بن مسعود .. ليستقي لهم من البئر ماءً .. وأرسل الأنصار غلاماً لهم اسمه : سنان بن وبر الجهني .. ليستقي لهم أيضاً .. فازدحم الغلامان على الماء .. فكسع أحدهما صاحبه .. أي ضربه على مؤخرته .. فصرخ الجهني : يااااا معشر الأنصار .. وصرخ جهجاه : يااااا معشر المهاجرين .. فثار الأنصار .. وثار المهاجرون .. واشتد الخلاف .. والقوم قادمون من حرب .. ولا يزالون بسلاحهم !! فانطلق.. صلى الله عليه وسلم .... حتى اطفأ ما بينهم .. فتحركت الأفاعي .. غضب عبد الله بن أبي بن سلول .. وعنده رهط من قومه الأنصار .. فقال : أوقد فعلوها!! قد نافرونا .. وكاثرونا في بلادنا .. والله ما أعدُّنا وجلابيب قريش هذه .. إلا كما قال الأول : سَـمِّن كلبك يأكلك .. وجوِّع كلبك يتبعك !! ثم قال الخبيث : أما والله لئن رجعنا الى المدينة .. ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ .. ثم أقبل على من حضره من قومه فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم .. أحللتموهم بلادكم .. وقاسمتموهم أموالكم .. أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم .. لتحولوا إلى غير داركم .. وجعل الخبيث يهدد ويتوعد .. والذين عنده من أنصاره المنافقين .. يؤيدونه ويشجعونه .. كان من بين الجالسين غلام صغير .. اسمه زيد ابن أرقم .. فمضى إلى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..فأخبره الخبر .. وكان عمر بن الخطاب جالساً عند النبي.. صلى الله عليه وسلم .. فثار .. كيف يجرؤ هذا المنافق على رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..بهذا الأسلوب القبيح .. ورأى عمر أن قتل الأفعى أولى من قطع ذيلها .. ورأى أن قتل ابن سلول .. يقضي على الفتنة في مهدها .. ولكن أن يقتله رجل من قومه الأنصار .. أسلم من أن يقتله رجل من المهاجرين .. ففقال عمر : يا رسول الله .. من مر به عباد ابن بشر الأنصاري فليقتله .. لكن رسول الله كان أحكم .. فهم قادمون من حرب .. والناس بسلاحهم .. والنفوس مشحونة .. وليس من المناسب إثارتهم أكثر .. فقال.. صلى الله عليه وسلم ..فكيف يا عمر اذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ؟! لا يا عمر .. ولكن آذن الناس بالرحيل .. وكان الناس قد نزلوا للتوّ واستظلوا .. فكيف يأمرهم بالرحيل .. في شدة الحر والشمس .. ولم تكن عادته.. صلى الله عليه وسلم ..أن يرتحل في شدة الحر .. ارتحل الناس .. وبلغ عبد الله بن سلول أن رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... أخبره زيد بن أرقم بما سمع منه .. فأقبل ابن سلول إلى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .... وجعل يحلف بالله .. ما قلت .. ولا تكلمت به .. كذب عليَّ الغلام .. وكان ابن سلول رئيساً في قومه .. شريفا عظيما .. فقال الأنصار : يا رسول الله .. عسى أن يكون الغلام أوْهمَ في حديثه .. ولم يحفظ ما قال الرجل .. وجعلوا يدافعون عن ابن سلول .. فأقبل سيد من سادة الأنصار .. أسيد بن حضير .. فحياه بتحية النبوة وسلم عليه .. وقال : يا رسول الله .. والله لقد رحت في ساعة منكرة .. ما كنت تروح في مثلها !! فالتفت إليه .. صلى الله عليه وسلم ..وقال : أو ما بلغك ما قال صاحبكم ؟ قال : أي صاحب يا رسول الله ؟ قال : عبد الله بن أبي .. قال : وما قال ؟ قال : زعم أنه ان رجع الى المدينة أخرج الأعزُّ منها الأذلَّ .. فثار أسيد وقال : فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت .. هو والله الذليل .. وأنت العزيز .. ثم قال أسيد مخففاً على رسول الله.. صلى الله عليه وسلم ..: يا رسول الله .. ارفق .. لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه .. فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكاً .. فسكت النبي.. صلى الله عليه وسلم ... ومضى براحلته .. والناس منهم من يجمع متاعه .. ومنهم من يرحل راحلته .. وجعلت الحادثة تنتشر .. وصارت أحاديث الجيش : .. لماذا ارتحلنا في هذا الوقت .. ماذا قال ؟ كيف تعامل معه ؟ صدق ابن سلول .. لا بل كذب .. وبدأت الشائعات تزيد .. والكلام يزاد فيه ويُنقَص .. واضطرب الجيش .. وهم في طريقهم من قتال .. ويمرون بقبائل أعداء يتربصون بهم .. فشعر.. صلى الله عليه وسلم ..أن الجيش بدأ ينقسم .. فأراد أن يشغلهم عن المشكلة .. وعن النقاش فيها .. لأنهم يزيدون أوارها .. ويشعلون الفتنة بين المهاجرين والأنصار .. وصار الناس يترقبون متى ينزلون حتى يجتمع بعضهم إلى بعض ويتحدثوا في الأمر .. فمشى.. صلى الله عليه وسلم ..بالناس يومهم ذلك والشمس فوقهم .. ومشى ومشى حتى غابت الشمس .. فظن الناس أنهم سينزلون للصلاة ويرتاحون .. فلم ينزل إلا دقائق معدودات .. صلوا ثم أمرهم فارتحلوا .. وواصل المشي ليلتهم حتى أصبح .. ثم نزل فصلى الفجر .. ثم أمرهم فارتحلوا .. ومشوا صباحهم حتى تعبوا .. وآذتهم الشمس .. فلما شعر أن الإرهاق والتعب سيطر عليهم .. فليس فيهم جهد للكلام .. أمرهم فنزلوا .. فما كادت أجسادهم تمس الأرض .. حتى وقعوا نياما .. وإنما فعل ذلك ليشغل الناس عما حدث .. ثم أيقظهم .. وارتحل بهم .. وواصل حتى دخل المدينة .. وتفرق الناس في بيوتهم عند أهليهم .. وأنزل الله تعالى سورة المنافقين : ( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) .. فقرأها رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .... ثم أخذ بأذن الغلام زيد بن أرقم .. وقال : هذا الذي أوفى لله بأذنه .. وبدأ الناس يسبون ابن سلول .. ويلومونه .. فالتفت .. صلى الله عليه وسلم ..إلى عمر وقال : أرأيت يا عمر .. لو قتلته يوم ذكرت ذلك .. لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته .. ثم سكت عنه.. صلى الله عليه وسلم .. . فلم يتعرض له بشيء .. وأحياناً إذا وقع الخطأ أمام الناس قد تحتاج أن تنكر عليه بأسلوب مناسب .. وإن كان أمام الناس .. بينما رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..جالساً يوماً مع أصحابه .. وكانوا في أيام قحط .. واحتباس مطر .. وقلة زرع .. إذ أتاه أعرابي فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس .. وضاعت العيال .. ونهكت الأموال .. وهلكت الأنعام .. فاستسق الله لنا .. فإنا نستشفع بك على الله .. ونستشفع بالله عليك .. فتغير رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .... لما سمعه يقول نستشفع بالله عليك .. فالشفاعة والواسطة تكون من الأدنى إلى الأعلى .. فلا يجوز أن يقال إن الله يشفع عند خلقه .. بل يأمرهم جل جلاله .. لأنه أعلى وأرفع .. فقال.. صلى الله عليه وسلم ..: ويحك !! أتدري ما تقول ؟!! ثم جعل .. صلى الله عليه وسلم ..يقدس الله .. ويردد .. سبحااان الله .. سبحااان الله .. فما زال يسبح حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه .. ثم قال : ويحك !! إنه لا يُسْتَشفعُ بالله على أحد من خلقه .. شأنُ الله أعظم من ذلك .. ويحك !! أتدري ما الله ؟! إن عرشه على سماواته لهكذا .. وقال بأصابعه مثل القبة عليه .. وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب .. ( ) .. ولكن إذا وقع الخطأ من الشخص لوحده قد يكون هناك شيء من اللين .. أتى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم ..إلى بيت عائشة t في ليلتها .. فوضع نعليه من رجليه .. ووضع رداءه .. واضطجع على فراشه .. فلبث كذلك .. حتى ظن أن عائشة قد رقدت .. فقام من على فراشه .. ولبس رداءه ونعليه .. رويداً .. ثم فتح الباب رويداً .. وخرج .. وأغلقه رويداً .. فلما رأت عائشة ذلك .. دخلتها غَيْرةُ النساء .. وخشيت أنه ذهب إلى بعض نسائه .. فقامت .. ولبست درعها .. وخمارها .. وانطلقت في إثره .. تمشي وراءه .. دون أن يشعر بها .. فانطلق.. صلى الله عليه وسلم .... يمشي في ظلمة الليل .. حتى جاء مقبرة البقيع .. فوقف عندها .. ينظر إلى قبور أصحابه .. الذين عاشوا عابدين .. وماتوا مجاهدين .. واجتمعوا تحت الثرى .. ليرضى عنهم من يعلم السرَّ وأخفى .. أخذ.. صلى الله عليه وسلم ..ينظر إلى قبورهم .. ويتذكر أحوالهم .. ثم رفع يديه فدعا لهم .. ثم أخذ ينظر إلى القبور .. ثم رفع يديه ثانية فدعا لهم .. ثم لبث ملياً .. ثم رفعها فاستغفر لهم .. وأطال القيام .. وعائشة تنظر إليه من بعيد .. ثم التفت.. صلى الله عليه وسلم ..وراءه راجعاً .. فلما رأت ذلك عائشة .. انحرفت إلى ورائها راجعة .. خشية أن يشعر بها .. فأسرع.. صلى الله عليه وسلم ..مشيه .. فأسرعت عائشة .. فهرول .. فهرولتْ .. فأحضرَ – أي جرى مسرعاً - فأحضرتْ وجرت .. حتى سبقته إلى البيت فدخلت .. ونزعت درعها وخمارها .. وأقبلت إلى فراشها فاضطجعت عليه .. كهيئة النائمة .. ونفَسها يتردد في صدرها .. فدخل.. صلى الله عليه وسلم ..البيت .. فسمع صوت نَفَسها .. فقال : مالك يا عائش .. حشياً رابية .. قالت : لا شيء .. قال : لتخبرني .. أو ليخبرني اللطيف الخبير .. فأخبرته بالخبر .. وأنها غارت عليه .. فانطلقت تنظر أين يذهب .. فقال.. صلى الله عليه وسلم ..: أنت الذي رأيتُ أمامي ؟ قالت : نعم .. فدفعها في صدرها .. دفعة .. ثم قال : أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله .. فقالت عائشة : مهما يكتمِ الناسُ .. يعلمه الله عز وجل ..؟ قال : نعم .. ثم قال.. صلى الله عليه وسلم ..مبيناً لها خبر خروجه : إن جبريل عليه السلام .. أتاني حين رأيت .. ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك .. فناداني .. فأخفى منك فأجبته وأخفيته منك .. وظننت أنك قد رقدت .. فكرهت أن أوقظك .. وخشيت أن تستوحشي .. فأمرني أن آتي أهل البقيع فأستغفرَ لهم .. ( ) .. نعم .. كان .. صلى الله عليه وسلم .... سهلاً لـيِّناً لا يكبر الأخطاء .. بل كان يرددها في الناس ويقول : كما عند مسلم : لا يفرك مؤمن مؤمنة .. إن كره منها خلقاً .. رضي منها آخر .. أي لا يبغضها بغضاً تاماً .. لأجل خلق عندها .. أو طبعٍ يلازمها .. بل يغفر سيئتها لحسنتها .. فإذا رأى خطأها تذكر صوابها .. وإذا شاهد سوءها تذكر حسنها .. ويتغاضى عما يكرهه من خلقها .. وما لا يرضاه من تعاملها إضاءة .. ليس اللوم على من لا يقبل النصيحة .. وإنما على من يقدمها بأسلوب غير مناسب .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
44. فَـكِّك الحزمة ..!! إذا كان الخطأ واقعاً من مجموعة .. فالأصل أن تنصحهم وهم مجتمعون .. ولكن قد تحتاج أحياناً أن تفكك الحزمة .. أعني ..أن تكلم كل واحد علىا حدة .. وتنصحه . مثال : مررت بمجلس منزلكم .. وسمعت أخاك يتحدث مع أصدقائه – وكانوا ضيوفاً عنده – ويخططون أن يسافروا إلى بلد كذا .. وهذا البلد لا يسلم من يذهب إليه غالباً من التعرض للمحرمات الكبار .. كالزنا وشرب الخمر .. أردت أن تنصح .. من الأساليب أن تدخل عليهم وتنصحهم بكلمتين .. وتخرج .. لكن نتيجة ذلك قد لا تكون ناجحة كثيراً .. فما رأيك أن تفكك الحزمة .. وتكسر كل عود على حدة .. كيف ؟! إذا تفرقوا اجلس مع من تظنه أعقلهم .. وقل : يا فلان .. بلغني أنكم ستسافرون .. وأنت أعقلهم .. وتعلم أن هذا البلد لا يسلم المسافر إليه من البلايا والفتن .. وقد يعود مريضاً أو مبتلى .. فما رأيك أن تكسب أجرهم .. وتقترح عليهم أن يسافروا إلى بلد آخر .. تستمتعون فيه بالأنهار والبحار .. واللعب والأنس .. من غير معصية .. لا شك أنه إذا سمع منك هذا الكلام بالأسلوب الحسن .. سيقل حماسه إلى النصف .. اذهب إلى آخر .. وقل له مثل ذلك .. ثم قل للثالث مثله .. دون أن يشعر كل منهم بحديثك لصاحبه .. فتجد أنهم إذا اجتمعوا .. وتشجَّع أحدهم واقترح تغيير البلد .. وجد من يعاونه .. أو لو اكتشفت يوماً أن أولادك يجتمعون في غرفة أحدهم .. وينظرون إلى شريط فيديو خليع .. أو مقاطع ( بلوتوث ) فيها صور خليعة .. أو نحو ذلك .. فقد يكون من المناسب أن تنصح كلاً منهم على حدة .. لكيلا تأخذهم العزة بالإثم .. هل لهذا شاهد من السيرة ؟ نعم .. لما اشتد الخلاف بين رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. وبين قريش .. اجتمعت قريش وقاطعت النبي وجميع أقاربه من بني هاشم .. وكتبت صحيفة أن بني هاشم لا يُشترى منهم .. ولا يُباع عليهم .. ولا يُزوَّجون .. ولا يُتزوَّج منهم .. وحُبس النبي .. صلى الله عليه وسلم .. مع أصحابه في وادٍ غير ذي زرع .. واشتدت الكربة على الصحابة حتى أكلوا الشجر .. بل مضى أحدهم يوماً ليبول .. فسمع صوتاً تحته .. فنظر فإذا قطعة من جلد بعير .. فأخذها .. وغسلها وشواها بالنار .. ثم فتّـتَـتها .. وخلطها بالماء .. وجعل يتموَّن بها ثلاثة أيام !! فقال.. صلى الله عليه وسلم .. يوماً لعمه أبي طالب – وكان محبوساً معهم في الشعب - : يا عم إن الله قد سلط الأَرَضة على صحيفة قريش .. فلم تدع فيها اسماً هو لله إلا أثبتته فيها .. ونفت منها الظلم والقطيعة والبهتان .. أي إن دابة الأرضة أكلت صحيفة قريش فلم يبق منها إلا عبارة : باسمك اللهم !! فعجب أبو طالب وقال : أربك أخبرك بهذا ؟ قال : نعم .. قال : فوالله ما يدخل عليك أحد .. حتى أخبر قريشاً بذلك .. ثم خرج إلى قريش فقال : يا معشر قريش .. إن ابن أخي قد أخبرني بكذا وكذا .. فهلمَّ صحيفتكم .. فإن كانت كما قال فانتهوا عن قطيعتنا وانزلوا عنها .. وإن كان كاذباً .. دفعت إليكم ابن أخي فافعلوا به ما شئتم .. فقال القوم : قد رضينا .. فتعاقدوا على ذلك .. ثم نظروا فإذا هي كما قال رسول الله-.. فزادهم ذلك شراً .. وظل بنو هاشم وبنو المطلب في واديهم .. حتى كادوا أن يهلكوا .. وكان من كفار قريش رجال رحماء .. منهم : هشام بن عمرو .. وكان ذا شرف في قومه .. فكان يأتي بالبعير قد حمله طعاماً .. وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلاً .. حتى إذا بلغ به فم الشعب .. خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبه فدخل الشعب عليهم .. ومضت اليام ورأى هشام .. أنه لا طاقة له بإطعامهم كل ليلة .. وهم كثير .. فقرر أن يسعى لنقض الصحيفة الظالمة .. ولكن أنى له ذلك وقريش قد أجمعت عليها .. فاتبع أسلوب تفكيك الحزمة .. مشى إلى زهير بن أبي أمية .. وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب .. فقال : يا زهير أرضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء .. وأخوالك حيث علمت ؟ لا يباع لهم ولا يبتاع منهم .. ولا يُنَكَّحون ولا يُنكحُ إليهم ؟! أما إني أحلف بالله لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام .. - يعني أبا جهل .. وكان أشدهم عداوة للمؤمنين وتعصباً للمقاطعة .. – ما تركهم على هذا الحال .. قال : ويحك يا هشام .. فماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها .. قال : قد وجدت رجلاً .. قال : من هو ؟ قال : أنا .. قال زهير : أبغنا ثالثاً .. قال هشام : فاكتم عني .. فذهب إلى المطعم بن عدي .. وكان رجلاً عاقلاً .. فقال له : يا مطعم .. أرضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف .. وأنت شاهد على ذلك .. موافق لقريش فيه ؟! قال : ويحك فماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد .. قال : وجدت لك ثانياً .. قال : من ؟ قال : أنا .. قال : أبغنا ثالثاً . قال : قد فعلت .. قال : من هو ؟ قال : زهير بن أبي أمية .. قال : أبغنا رابعاً .. قال : فاكتم عني .. فذهب إلى أبي البختري بن هشام .. فقال له ما قال لصاحبيه .. فتحمس لذلك .. وقال : وهل تجد أحدا يعين على هذا ؟ قال : نعم .. قال : من هو ؟ قال : زهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك .. قال : أبغنا خامساً .. فذهب هشام إلى زمعة بن الأسود .. فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم .. فقال له : وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد ؟ قال : نعم .. فلان وفلان .. فاتفقوا جميعاً على هذا الرأي .. وتوعدوا عند "حطم الحجون " ليلاً بأعلى مكة .. فاجتمعوا هنالك .. وأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها .. وقال زهير : أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم .. ثم تقوموا أنتم فتتكلمون .. فلما أصبحوا غدوا إلى مجالسهم حول الكعبة .. حيث يجتمع الناس ويتبايعون .. وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة .. فطاف بالبيت سبعاً .. ثم أقبل على الناس وصرخ : ياااا أهل مكة أنأكل الطعام ..؟ ونلبس الثياب ..؟ وبنو هاشم هلكي !! لا يباع لهم ولا يبتاع منهم .. والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة .. فصرخ أبو جهل ..وكان في مجلس مع أصحابه .. قال : كذبت .. والله لا تشق .. فقام زمعة بن الأسود وصرخ : بل أنت والله أكذب .. ما رضينا كتابتها حين كتبت .. فالتفت إليه أبو جهل ليرد عليه .. ففاجأه البخترى قائماً يقول : صدق زمعة .. لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به .. فالتفت أبو جهل إلى البخنري .. فإذا بالمطعم بن عدى يصرخ : صدقتما وكذب من قال غير ذلك .. نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها .. وقام هشام بن عمرو وقال مثل قولهم .. فتحير أبو جهل .. وسكت هنية ثم قال : هذا أمر قُضِي بليل .. تشورو فيه بغير هذا المكان .. ثم انطلق المطعم بن عدي إلى الكعبة .. وتوجه إلى الصحفية ليشقها .. فوجد دابة الأرضة قد أكلتها .. إلا باسمك اللهم .. كن ذكياً .. الطبيب الحاذق يتلمس أولاً بأصابعه .. فيختار الموضع المناسب قبل غرز الإبرة .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
45. جلد الذات !! من الذكريات .. أنا خرجنا مرة للبر .. وكان معنا أبو خالد .. صديق لنا نظره ضعيف جداً .. كنا نخدمه .. نقرب إليه الماء .. التمر .. القهوة .. وهو يردد : لا بد أن أساعدكم .. أريد أن أشتغل معكم .. كلفوني بأي عمل .. ونحن ننهاه عن ذلك .. ذبحنا شاة معنا .. وقطعناها ووضعناها في القدر .. تمهيداً لطبخها .. ولم نشعل النار بعد .. وانشغلنا بنصب الخيمة .. وترتيب الأغراض .. تحركت الشهامة في أبي خالد – ويا ليتها لم تفعل - فقام وتوجه إلى القدر .. فرأى اللحم .. فأدرك أن أول شيء سنفعله هو أن نصب الماء على اللحم .. فتوجه إلى الأغراض في السيارة .. وجعل يتلمس الأغراض .. مولد كهرباء .. أسلاك .. مصابيح .. أربع مطارات بلاستيك فيها ماء .. وبنزين .. وأغراض أخرى .. فالتقط أقرب مطارة إليه .. وأقبل بها مبتهجاً إلى القدر .. وأفرغ نصفها فيه .. لمحه أحدنا .. فصرخ به .. لا .. لا .. أبو خالد .. وهو يردد : خلوني أشتغل .. خلوني .. فسحبنا المطارة منه فوراً .. وغرقنا في الضحك الذي يغالبه البكاء .. لأننا اكتشفنا أنها مطارة البنزين .. وليست مطارة الماء ..!! وتغدينا على خبز وشاي .. لم تفسد الرحلة .. بل كانت من أمتع الرحلات .. ولماذا نعذب أنفسنا بأمر قد انتهى .. وأذكر أيضاً : لما كنت في الثانوية خرجت مع بعض الزملاء في رحلة .. تعطلت بطارية إحدى السيارات .. أقبلنا بسيارة أخرى وأوقفاناها أمامها لنوصل ببطاريتها البطارية المتعطلة .. أقبل طارق ووقف بين السيارتين .. وشبك الأسلاك في بطارية السيارة الأولى .. ثم شبكها في البطارية المتعطلة .. ثم أشار لأحد الشباب .. شغل السيارة .. ركب صاحبنا .. وكان ناقل الحركة ( القير ) على رقم واحد .. فما إن شغل السيارة حتى قفزت السيارة إلى الأمام وصكت ركبتي طارق بين صدامي السيارتين .. ووقع على الأرض مصاباً .. وصاحبنا في السيارة يردد : أشغل مرة ثانية ؟!! أبعدنا السيارتين .. وساعدنا طارق على المشي .. كان يعرج ويتألم من ركبتيه بشدة .. لكنه أعجبني أنه لم يزد ألمه بصراخ أو سبّ .. أو توبيخ .. بل ابتسم وأظهر الرضى .. وما فائدة الصراخ ؟ والأمر قد انتهى .. وصاحبنا أدرك خطأه .. إذا أردت أن تستمتع بحياتك .. فاعمل بهذه القاعدة : لا تهتم بصغائر الأمور .. نحن أحياناً نعذب أنفسنا .. ونجلدها .. ونضيق ونتألم .. والألم لا يحل المشكلة .. افرض أنك دخلت إلى حفل عرس .. وقد لبست ثوباً حسناً .. ووضعت فوق رأسك غترة وعقالاً .. حتى صرت أجمل من العريس !! وبدأت تصافح الناس واحداً واحداً .. وفجأة أقبل طفل من ورائك .. وتعلق بطرف غترتك .. وسحبها فسقطت الغترة والعقال .. والطاقية .. وصار شكلك مضحكاً .. كيف تتصرف؟ كثير منا يتعامل مع هذه المشكلة بأسلوب هو ليس حلاً لها .. يركض وراء الصغير .. يصرخ .. يسب .. يلعن .. والنتيجة : أنه حقق ما كان يريده الطفل من جذب انتباه .. وضجة .. وأضحك الناس عليه .. وربما صوره بعضهم وصار بلوتوثاً يتناقلونه ..!! أنت هنا – حقيقة – لا تعذب الطفل إنما تعذب نفسك .. أو افرض أنك .. لبست ثوباً جديداً .. ربما لم تسدد قيمته بعد .. وذهبت إلى شركة لتقدم على وظيفة .. مررت بأحد الأبواب كان مدهوناً بالطلاء للتوّ .. وبجانبه لوحة تحذيرية لم تنتبه لها .. وفجأة مسحت نصف الطلاء بثوبك .. وطفق عامل الطلاء يصرخ بك ساباً غضباباً .. كيف تتعامل مع هذه المشكلة ؟ نحن في كثير من الأحيان أيضاً نتعامل معها بأسلوب ليس حلاً لها .. نثور .. نسبُّ العامل .. لِمَ لم تضع لوحة واضحة .. فيرد عليك بغضب .. وقد تكون النتيجة أن تتلطخ بتراب الأرض أكثر مما تلطخت بطلاء الباب !! على رسلك .. تدري أنت الآن ماذا تفعل ؟! إنك تعذب نفسك .. تجلد ذاتك .. وقل مثل ذلك لو تزينت وذهبت خاطباً .. فمرت بك سيارة وأنت خارج من البيت .. ورشت عليك من ماء كان مجتمعاً على الأرض .. هل ستعذب نفسك فتصرخ وتزعق بالسيارة وركابها .. وهي قد ولَّتك ظهرها .. وكذلك .. لا داعي لنتذكر دائماً الآلام التي مستنا في حياتنا .. محمد .. صلى الله عليه وسلم .. مرت به لحظات حزينة في حياته .. حتى جلس يوماً مع زوجه الحنون عائشة رضي الله عنها .. في لحظة ساكنة .. فسألته : هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد ؟ مرَّت تلك المعركة في ذاكرة النبي.. صلى الله عليه وسلم .. . آآآه .. ما أقسى ذلك اليوم .. يوم قُتل عمه حمزة وهو من أحب الناس إليه .. يوم وقف ينظر إلى عمه وقرة عينه .. وقد جُدع أنفه .. وقطعت أذناه .. وشُقَّ بطنه .. ومُزِّق جسده .. يوم كسرت أسنانه رضي الله عنه . وجُرح وجهه .. وسالت منه الدماء .. يوم قتل أصحابه بين يديه .. يوم عاد.. صلى الله عليه وسلم .. إلى المدينة .. وقد نقص سبعون من أصحابه .. فرأى النساء الأرامل والأطفال اليتامى .. يبحثون عن أحبابهم وآبائهم .. فعلاً .. كان ذلك اليوم قاسياً .. كانت عائشة تنتظر الجواب .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. ما لقيت من قومك كان أشد منه .. يوم العقبة .. إذ عرضت نفسي .. ثم ذكر لها قصة استنصاره بأهل الطائف .. وتكذيبهم له .. ورمي سفهائهم له بالحجارة حتى أدموا قدميه .. ( ) .. ومع وجود هذه الآلام في تاريخ حياته.. صلى الله عليه وسلم .. . إلا أنه كان لا يسمح لها أن تنغص عليه استمتاعه بالحياة .. لا تستحق الالتفات إليها .. وقد مضت آلامها وبقيت حسناتها .. إذن لا تقتل نفسك بالهمّ .. وكذلك لا تقتل الناس بالهم واللوم .. نحن أحياناً نتعامل مع بعض المشاكل بأساليب هي في الحقيقة ليست حلاً لها .. كان الأحنف بن قيس سيد بني تميم .. لم يكن ساد قومه بقوة جسد .. ولا كثرة مال .. ولا ارتفاع نسب .. وإنما سادهم بالحلم والعقل .. حقد عليه قوم .. فأقبلوا إلى سفيه من سفهائهم وقالوا له : هذه ألف درهم على أن تذهب إلى سيد بني تميم .. الأحنف بن قيس .. فتلطمه على وجهه .. مضى السفيه .. فإذا الأحنف جالس مع رجال .. محتبياً بكل رزانة .. قد ضم ركبتيه إلى صدره .. وجعل يحدث قومه .. اقترب السفيه منه .. ودنا .. ودنا .. فلما وقف عنده .. مدَّ الأحنف إليه رأسه ظاناً أنه سيسرّ إليه بشيء .. فإذا بالسفيه يرفع يده ويلطم الأحنف على وجهه لطمة كادت تمزق خده !! نظر الأحنف إليه .. ولم يحلّ حبوته .. وقال بكل هدوووء : لماذا لطمتني ؟!! قال : قوم أعطوني ألف درهم على أن ألطم سيد بني تميم .. فقال الأحنف .. آآآه .. ما صنعت شيئاً .. لست سيد بني تميم ..! قال : عجباً !! فأين سيد بني تميم .. قال : هل ترى ذاك الرجل الجالس وحده .. وسيفه بجانبه ؟ وأشار إلى رجل اسمه حارثة بن قدامة .. امتلأ غضباً وغيظاً .. لو قُسِّم غضبه على أمةٍ لكفاهم .. قال : نعم أراه .. الجالس هناك .. قال : فاذهب والطمه لطمة .. فذاك سيد بني تميم .. مضى الرجل إليه : واقترب من حارثة .. فإذا عينا حارثة تلتمع شرراً .. وقف السفيه عليه .. ورفع يده ولطمه على وجهه .. فما كادت يده تفارق خده حتى التقط حارثة سيفه .. وقطع يده ..!! وقديماً قيل : الفائز هو الذي يضحك في النهاية !! قناعة .. التعامل مع المشكلة بأساليب ليست حلاً لها .. يعذبك .. ولا يحل المشكلة !! |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
46. مشاكل ليس لها حل .. كم ترى من الناس غاضباً وهو يقود سيارته .. وربما ضرب بيديه على مقودها .. وردد .. أوووه دائماً زحمة .. زحمة .. أو قد تراه يمشي في الطريق .. ولا يحتمل أن يكلمه أحد .. بل متضايق أشد الضيق .. ويردد : أوووف حررر شديييد ..!! وربما كنت زميلاً له في مكتب واحد .. تبتلى برؤيته كل يوم .. ويشغلك كلما جلس .. " ياخي العمل كثييير .. أوووه إلى متى ما يزيدون رواتبنا " .. ويدخل عابساً .. ويخرج ساخطاً .. وربما أكثر التشكي من آلام بدنه .. أو إعاقة ولده .. لا بد أن نقتنع جميعاً أننا تواجهنا في حياتنا مشاكل ليس لها حل .. فلا بد أن نتعامل معها بأريحية .. قال : السماء كئيبة وتجهما *** قلت : ابتسم ، يكفي التجهم في السما! قال : الصبا ولى ! فقلت له : ابتسم *** لن يرجع الأسف الصبا المتصرما قال : التي كانت سمائي في الهوى *** صارت لنفسي في الغرام جهنما خانت عهودي بعدما ملكتها *** قلبي فكيف أطيق أن أتبسما قلت : ابتسم واطرب فلو قارنتها *** قضيت عمرك كله متألما قال : العدى حولي علت صيحاتهم *** أَأُسَرُّ والأعداء حولي في الحمى قلت : ابتسم ، لم يطلبوك بذمهم *** لو لم تكن منهم أجلَّ وأعظما! قال : الليالي جرعتني علقماً *** قلت : ابتسم ولئن جرعت العلقما فلعل غيرك إن رآك مُرَنِّـماً *** طرح الكآبة خلفه وترنما أتراك تغنم بالترنم درهماً *** أم أنت تخسر بالبشاشة مغنماً فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى *** متلاطم ولذا نحب الأنجما ( ) .. نعم استمتع بحياتك .. انتبه أن تكون ظروفك مؤثرة على سلوكك .. في عملك .. أولادك .. زملائك .. فما ذنبهم أن يتعذبوا بأمور ليس هم طرفاً فيها .. ولا يملكون حلها ؟ لا تجعلهم إذا رأوك .. أو ذكروك . ذكروا معك الهم والحزن .. لذا نهى.. صلى الله عليه وسلم .. عن النياحة على الميت .. والصراخ .. وشق الجيب .. وحلق الشعر .. و .. لماذا ؟ لأن التعامل مع الموت يكون بتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه .. والدعاء له .. أما الصراخ والعويل فلا ينفع شيئاً .. سوى أنه يقلب متعة الحياة إلى أحزان .. مشى المعافى بن سليمان مع صاحب له .. فالتفت إليه صاحبه عابساً وقال : ما أشد البرد اليوم ؟ فقال المعافى : أستدفأت الآن ؟ قال : لا .. قال : فماذا استفدت من الذم ؟ لو سبّحت لكان خيراً لك .. عش حياتك .. لا تنقب عن المشكلات .. ولا تدقق في صغائر الأمور .. وإنما استمتع بحياتك .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
47. لا تقتل نفسك بالهم .. كان أحد طلابي في الجامعة .. غاب أسبوعاً كاملاً .. ثم لقيته فسألته : سلامات .. سعد ..؟ قال : لا شيء .. كنت مشغولاً قليلاً .. كان الحزن واضحاً عليه .. قلت : ما الخبر ؟ قال : كان ولدي مريضاً .. عنده تليف في الكبد .. وأصابه قبل أيام تسمم في الدم .. وتفاجأت أمس أن التسمم تسلل إلى الدماغ .. قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله .. اصبر .. وأسأل الله أن يشفيه .. وإن قضى الله عليه بشيء .. فأسأل الله أن يجعله شافعاً لك يوم القيامة .. قال : شافع ؟ يا شيخ .. الولد ليس صغيراً .. قلت : كم عمره ؟ قال : سبع عشرة سنة .. قلت : الله يشفيه .. ويبارك لك في إخوانه .. فخفض رأسه وقال : يا شيخ .. ليس له إخوان .. لم أُرْزق بغير هذا الولد .. وقد أصابه ما ترى .. قلت له : سعد .. بكل اختصار .. لا تقتل نفسك بالهم .. لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .. ثم خففت عنه مصابه وذهبت .. نعم لا تقتل نفسك بالهم .. فالهم لا يخفف المصيبة .. أذكر أني قبل فترة .. ذهبت إلى المدينة النبوية .. التقيت بخالد .. قال لي : ما رأيك أن نزور الدكتور : عبد الله .. قلت : لماذا .. ما الخبر ؟ قال : نعزيه .. قلت : نعزيه ؟!! قال : نعم .. ذهب ولده الكبير بالعائلة كلها لحضور حفل عرس في مدينة مجاورة .. وبقي هو في المدينة لارتباطه بالجامعة .. وفي أثناء عودتهم وقع لهم حادث مروع .. فماتوا جميعاً .. أحدى عشر نفساً !! كان الدكتور رجلاً صالحاً قد جاوز الخمسين .. لكنه على كل حال .. بشر .. له مشاعر وأحاسيس .. في صدره قلب .. وله عينان تبكيان .. ونفس تفرح وتحزن .. تلقى الخبر المفزع .. صلى عليهم .. ثم وسدهم في التراب بيديه .. إحدى عشر نفساً .. صار يطوف في بيته حيران .. يمر بألعاب متناثرة .. قد مضى عليها أيام لم تحرك .. لأن خلود وسارة اللتان كانتا تلعبان بها .. ماتتا .. يأوي إلى فراشه .. لم يرتب .. لأن أم صالح .. ماتت .. يمر بدراجة ياسر .. لم تتحرك .. لأن الذي كان يقودها .. مااات .. يدخل غرف ابنته الكبرى .. يرى حقائب عرسها مصفوفة .. وملابسها مفروشة على سريرها .. ماتت .. وهي ترتب ألوانها وتنسقها .. سبحان من صبّره .. وثبت قلبه .. كان الضيوف يأتون .. معهم قهوتهم .. لأنه لا أحد عنده يخدم أو يُعين .. العجيب أنك إذا رأيت الرجل في العزاء .. حسبت أنه أحد المعزين .. وأن المصاب غيره .. كان يردد .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. لله ما أخذ وله ما أعطى .. وكل شيء عنده بأجل مسمى .. وهذا هو قمة العقل .. فلو لم يفعل ذلك .. لمات هماً .. أعرف أحد الناس أراه دائماً سعيد .. وإذا تأملت حاله وجدت : وظيفته متواضعة بيته وضيق .. إيجار .. سيارته قديمة .. أولاده كثيرون .. ومع ذلك كان دائم الابتسامة .. محبوباً .. يعيش حياته .. صحيح .. لا يقتل نفسه بالهم .. ولا تكثر التشكي..فيملّك الناس.. عنده ولد معوق .. ولدي مريض .. ضايق صدري .. يا أخي مسكين ولدي .. خلاص فهمنا .. راتبي قليل .. امرأة مع زوجها : بيتنا قديم .. سيارتنا متهالكة .. ثيابي ليست على الموضة .. أفنيت يا مسكين عمرك بالتأوه والحزن وظللت مكتوف اليدين تقول حاربني الزمن إن لم تقم بالعبء أنت فمن يقوم به إذن إضاءة عش حياتك بما بين يدك من معطيات .. لتسعد |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
48. ارض بما قسم الله لك .. كنت في رحلة إلى أحد البلدان لإلقاء عدد من المحاضرات .. كان ذلك البلد مشهوراً بوجود مستشفى كبير للأمراض العقلية ..أو كما يسميه الناس "مستشفى المجانين" .. ألقيت محاضرتين صباحاً .. وخرجت وقد بقي على أذان الظهر ساعة .. كان معي عبد العزيز .. رجل من أبرز الدعاة .. التفت إليه ونحن في السيارة .. قلت : عبد العزيز .. هناك مكان أود أن أذهب إليه ما دام في الوقت متسع .. قال : أين ؟ صاحبك الشيخ عبد الله .. مسافر .. والدكتور أحمد اتصلت به ولم يجب .. أو تريد أن نمر المكتبة التراثية .. أو .. قلت : كلا .. بل : مستشفى الأمراض العقلية .. قال : المجانين !! قلت : المجانين .. فضحك وقال مازحاً : لماذا .. تريد أن تتأكد من عقلك .. قلت : لا .. ولكن نستفيد .. نعتبر .. نعرف نعمة الله علينا .. سكت عبد العزيز يفكر في حالهم .. شعرت أنه حزين .. كان عبد العزيز عاطفياً أكثر من اللازم .. أخذني بسيارته إلى هناك .. أقبلنا على مبنى كالمغارة..الأشجار تحيط به من كل جانب..كانت الكآبة ظاهرة عليه.. قابلنا أحد الأطباء .. رحب بنا ثم أخذنا في جولة في المستشفى .. أخذ الطبيب يحدثنا عن مآسيهم .. ثم قال : وليس الخبر كالمعاينة .. دلف بنا إلى أحد الممرات .. سمعت أصواتاً هنا وهناك .. كانت غرف المرضى موزعة على جانبي الممر .. مررنا بغرفة عن يميننا .. نظرت داخلها فإذا أكثر من عشرة أسرة فارغة .. إلا واحداً منها قد انبطح عليه رجل ينتفض بيديه ورجليه .. التفتُّ إلى الطبيب وسألته : ما هذا !! قال : هذا مجنون .. ويصاب بنوبات صرع .. تصيبه كل خمس أو ست ساعات .. قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله .. منذ متى وهو على هذا الحال ؟ قال :منذ أكثر من عشر سنوات ..كتمت عبرة في نفسي .. ومضيت ساكتاً .. بعد خطوات مشيناها .. مررنا على غرفة أخرى .. بابها مغلق .. وفي الباب فتحة يطل من خلالها رجل من الغرفة .. ويشير لنا إشارات غير مفهومة .. حاولت أن أسرق النظر داخل الغرفة .. فإذا جدرانها وأرضها باللون البني .. سألت الطبيب : ما هذا ؟!! قال : مجنون .. شعرت أنه يسخر من سؤالي .. فقلت : أدري أنه مجنون .. لو كان عاقلاً لما رأيناه هنا .. لكن ما قصته ؟ فقال : هذا الرجل إذا رأى جداراً .. ثار وأقبل يضربه بيده .. وتارة يضربه برجله .. وأحياناً برأسه .. فيوماً تتكسر أصابعه .. ويوماً تكسر رجله .. ويوماً يشج رأسه .. ويوماً .. ولم نستطع علاجه .. فحبسناه في غرفة كما ترى .. جدرانها وأرضها مبطنة بالإسفنج .. فيضرب كما يشاء .. ثم سكت الطبيب .. ومضى أمامنا ماشياً .. أما أنا وصاحبي عبد العزيز .. فظللنا واقفين نتمتم : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به ثم مضينا نسير بين غرف المرضى .. حتى مررنا على غرفة ليس فيها أسرة .. وإنما فيها أكثر من ثلاثين رجلاً .. كل واحد منهم على حال .. هذا يؤذن .. وهذا يغني .. وهذا يتلفت .. وهذا يرقص .. وإذا من بينهم ثلاثة قد أُجلسوا على كراسي .. وربطت أيديهم وأرجلهم .. وهم يتلفتون حولهم .. ويحاولون التفلت فلا يستطيعون .. تعجبت وسألت الطبيب : ما هؤلاء ؟ ولماذا ربطتموهم دون الباقين ؟ فقال : هؤلاء إذا رأوا شيئاً أمامهم اعتدوا عليه .. يكسرون النوافذ .. والمكيفات .. والأبواب .. لذلك نحن نربطهم على هذا الحال .. من الصباح إلى المساء .. قلت وأنا أدافع عبرتي : منذ متى وهم على هذا الحال ؟ قال : هذا منذ عشر سنوات .. وهذا منذ سبع .. وهذا جديد .. لم يمض له إلا خمس سنين !! خرجت من غرفتهم .. وأنا أتفكر في حالهم .. وأحمد الله الذي عافاني مما ابتلاهم .. سألته : أين باب الخروج من المستشفى ؟ قال : بقي غرفة واحدة .. لعل فيها عبرة جديدة .. تعال .. وأخذ بيدي إلى غرفة كبيرة .. فتح الباب ودخل .. وجرني معه .. كان ما في الغرفة شبيهاً بما رأيته في غرفة سابقة .. مجموعة من المرضى .. كل منهم على حال .. راقص .. ونائم .. و .. و .. عجباً ماذا أرى ؟؟ رجل جاوز عمره الخمسين .. اشتعل رأسه شيباً .. وجلس على الأرض القرفصاء .. قد جمع جسمه بعضه على بعض .. ينظر إلينا بعينين زائغتين .. يتلفت بفزع .. كل هذا طبيعي .. لكن الشيء الغريب الذي جعلني أفزع .. بل أثور .. هو أن الرجل كان عارياً تماماً ليس عليه من اللباس ولا ما يستر العورة المغلظة .. تغير وجهي .. وامتقع لوني .. والتفت إلى الطبيب فوراً .. فلما رأى حمرة عيني .. قال لي .. هدئ من غضبك .. سأشرح لك حاله .. هذا الرجل كلما ألبسناه ثوباً عضه بأسنانه وقطعه .. وحاول بلعه .. وقد نلبسه في اليوم الواحد أكثر من عشرة ثياب .. وكلها على مثل هذا الحال .. فتركناه هكذا صيفاً وشتاءً .. والذين حوله مجانين لا يعقلون حاله .. خرجت من هذه الغرفة .. ولم أستطع أن أتحمل أكثر .. قلت للطبيب : دلني على الباب .. للخروج .. قال : بقي بعض الأقسام .. قلت : يكفي ما رأيناه .. مشى الطبيب ومشيت بجانبه .. وجعل يمر في طريقه بغرف المرضى .. ونحن ساكتان .. وفجأة التفت إليّ وكأنه تذكر شيئاً نسيه .. وقال : يا شيخ .. هنا رجل من كبار التجار .. يملك مئات الملايين .. أصابه لوثة عقلية فأتى به أولاده وألقوه هنا منذ سنتين .. وهنا رجل آخر كان مهندساً في شركة .. وثالث كان .. ومضى الطبيب يحدثني بأقوام ذلوا بعد عز .. وآخرين افتقروا بعد غنى .. و .. أخذت أمشي بين غرف المرضى متفكراً .. سبحان من قسم الأرزاق بين عباده .. يعطي من يشاء .. ويمنع من يشاء .. قد يرزق الرجل مالاً وحسباً ونسباً ومنصباً .. لكنه يأخذ منه العقل .. فتجده من أكثر الناس مالاً .. وأقواهم جسداً .. لكنه مسجون في مستشفى المجانين .. وقد يرزق آخر حسباً رفيعاً .. ومالاً وفيراً .. وعقلاً كبيراً .. لكنه يسلب منه الصحة .. فتجده مقعداً على سريره .. عشرين أو ثلاثين سنة .. ما أغنى عنه ماله وحسبه ..!! ومن الناس من يؤتيه الله صحة وقوة وعقلاً .. لكنه يمنعه المال فتراه يشتغل حمال أمتعة في سوق أو تراه معدماً فقيراً يتنقل بين الحرف المتواضعة لا يكاد يجد ما يسد به رمقه .. ومن الناس من يؤتيه .. ويحرمه .. وربك يخلق ما يشاء ويختار .. ما كان لهم الخيرة .. فكان حرياً بكل مبتلى أن يعرف هدايا الله إليه قبل أن يعد مصائبه عليه .. فإن حرمك المال فقد أعطاك الصحة .. وإن حرمك منها .. فقد أعطاك العقل .. فإن فاتك .. فقد أعطاك الإسلام .. هنيئاً لك أن تعيش عليه وتموت عليه .. فقل بملء فيك الآن بأعلى صوتك : الحممممد لله .. وكذلك كان الصحابة الكرام .. بعث رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. . عمرو بن العاص t جهة الشام .. في غزوة ذات السلاسل .. فلما صار إلى هناك رأى كثرة عدوه .. فبعث إلى رسول الل.. صلى الله عليه وسلم .. يستمده .. فبعث إليه.. صلى الله عليه وسلم .. أبا عبيدة بن الجراح .. أميراً على مدد .. فيه المهاجرون الأولون .. وفيهم أبو بكر وعمر .. وقال .. صلى الله عليه وسلم .. لأبي عبيدة حين وجهه : لا تختلفا .. فخرج أبو عبيدة .. حتى إذا قدم على عمرو قال له عمرو : إنما جئت مدداً لي .. فقال له أبو عبيدة : لا ولكن على ما أنا عليه وأنت على ما أنت عليه .. وكان أبو عبيدة رجلاً ليناً سهلاً .. هيناً عليه أمر الدنيا .. فقال له عمرو : بل أنت مددي .. فقال له أبو عبيدة : يا عمرو إن رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. قد قال لي : لا تختلفا .. وإنك إن عصيتني أطعتك .. فقال له عمرو: فإني أمير عليك .. وإنما أنت مدد لي .. قال : فدونك .. فتقدم .. عمرو بن العاص رضي الله عنه فصلى بالناس .. وبعد الغزوة .. كان أول من وصل المدينة .. عوف بن مالك رضي الله عنه فمضى إلى رسول.. صلى الله عليه وسلم .. .. فلما رآه .. قال له .. صلى الله عليه وسلم .. .. أخبرني .. فأخبره عن الغزوة .. وما كان بين أبي عبيدة وعمرو بن العاص .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. : يرحم الله أبا عبيدة بن الجراح .. نعم .. يرحم الله أبا عبيدة رضي الله عنه .. فكرة .. انظر للجوانب المشرقة من حياتك .. قبل أن تنظر للمظلمة .. لتكون أسعد .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
49- كن جبلاً .. في بداية سلوكي في طريق الدعوة .. دعيت لإلقاء محاضرة في إحدى القرى .. استقبلني المسئول عن الدعوة هناك .. ركبت سيارته .. كانت قديمة متهالكة .. تحدثت معه .. أخبرني أنه حديث عهد بزواج .. ثم اشتكى إليَّ من غلاء المهور في قريتهم .. حتى إنه لم يستطع أن يشتري سيارة جديدة .. أو على الأقل أحسن من سيارته .. دعوت له بالتوفيق .. ثم دخلت وألقيت المحاضرة .. وفي آخرها .. قرئت عليَّ الأسئلة .. وكان من بينها سؤال عن غلاء المهور .. ففرحت به وقلت : جاءك يا مهنا ما تتمنا !! وانطلقت أتكلم عن غلاء المهور وتأثيره على الشباب والفتيات .. ثم ذكرت إن رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. ما زوج بناته بأكثر من خمسمائة درهم .. ثم رفعت صوتي قائلاً : يعني بناتكم أحسن من بنات النبي.. صلى الله عليه وسلم .. ؟!! فصرخ رجل مُسن من طرف الصف قائلاً : إيش فيهم بناتنا ؟ فثار آخر وقال : يتكلم على بناتنا !! ونهض الثالث جاثياً على ركبتيه وقال : أوووه تتكلم على بناتنا ؟!! كنت في حال لا أحسد عليه .. وكنت في أوائل طريق الدعوة .. وحديث التخرج من الجامعة .. بقيت ساكتاً لم أنبس ببنت شفة .. نظرت إلى الأول لما تكلم وتبسمت .. فلما تكلم الثاني .. نظرت إليه أيضاً وتبسمت .. وكذلك الثالث .. كان بعض الشباب في آخر المسجد يتضاحكون .. وبعضهم قاموا وقوفاً ينظرون .. وكأني بهم يقولون : وقف حمار الشيخ في العقبة !! لما رأوا هدوئي .. هدؤوا .. ثم قام أحدهم وقال : يا جماعة .. خلوا الشيخ يوضح قصده .. فسكتوا .. فشكرت له عمله .. ثم اعتذرت وأثنيت عليهم – وعلى بناتهم - ووضحت مرادي .. عند تعاملك مع الناس .. أنت في الحقيقة تصنع شخصيتك .. وتبني في عقولهم تصورات عنك .. يبنون على أساسها أساليب تعاملهم معك .. واحترامهم لك .. تأكد أن الأشجار الثابتة لا تقتلعها الرياح .. مهما اشتدت .. وإنما النصر صبر ساعة .. كلما زاد عقلك .. قل جهلك .. وإذا زاد قدرك .. قل غضبك .. كالبحر لا يحركه أي شيء .. ويا جبل ما تهزك ريح ..! بل إنك لو استثارك شخص ما .. في مجلس .. أو بيت .. أو قناة فضائية .. أو محاضرة عامة .. فإنك إذا بقيت هادئاً لم تغضب ولم تثر .. مال الناس معك ضده .. كان أبو سفيان بن حرب مقبلاً بقافلة تجارة من الشام .. فخرج إليهم المسلمون لقتالهم .. ففر أبو سفيان بالقافلة .. وأرسل إلى قريش فخرجت بجيش عرمرم .. ووقعت معركة بدر بين المسلمين وقريش .. وانتصر المسلمون .. قتل من كفار قريش سبعون .. وأُسِر منهم سبعون .. رجع من تبقى من جيش قريش .. وهم جرحى .. وجوعى .. ثم وصل أبو سفيان بقافلته إلى مكة .. فمشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان ابن أمية .. في رجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم بدر .. فكلموا أبا سفيان ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة .. فقالوا : يا معشر قريش .. إن محمداً قد وتركم وقتل خياركم .. فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأراً .. ففعلوا .. وقد قال الله فيهم : " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون " . فخرجت قريش .. بحدها وحديدها .. وجدها وأحابيشها .. وخرج معها من تابعها من بني كنانة وأهل تهامة .. وخرجوا معهم بالنساء لئلا يفر الرجال من القتال .. فخرج أبو سفيان بزوجته هند بنت عتبة .. وخرج عكرمة بن أبي جهل بزوجته أم حكيم بنت الحارث .. وخرج الحارث بن هشام بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة .. فأقبل الكفار .. حتى نزلوا على شفير الوادي مقابل المدينة .. فلما سمع بهم رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. . استشار أصحابه .. ما رأيكم ؟ نبقى في المدينة فإذا دخلوها علينا .. فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدراً : نخرج يا رسول الله إليهم نقاتلهم بـ "أحد" .. ورجوا أن يصيبهم من الفضيلة ما أصاب أهل بدر .. فما زالوا برسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. حتى لبس أداة الحرب .. ثم ندموا .. وقالوا : يا رسول الله أقم .. فالرأي رأيك .. فقال لهم : ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد ما لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه .. فلما نزل أبو سفيان والمشركون بأصل أحد فرح المسلمون الذين لم يشهدوا بدراً بقدوم العدو عليهم .. وقالوا : قد ساق الله علينا أمنيتنا .. ثم قال النبي.. صلى الله عليه وسلم .. لأصحابه : " من رجل يخرج بنا على القوم من كثب ـ أي من قريب ـ من طريق لا يمر بنا عليهم " ؟ فقال رجل من بني حارثة بن الحارث اسمه أبو خيثمة : أنا يا رسول الله .. فسلك به في أرض بني حارثة وبين أموالهم ومزارعهم .. حتى سلك به في مال لرجل اسمه : مربع ابن قيظي .. وكان رجلاً منافقاً ضرير البصر .. فلما سمع حِسّ رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. ومن معه من المسلمين .. قام يحثي في وجوههم التراب .. ويقول : إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل في حائطي .. ثم أخذ الخبيث حفنة من التراب في يده .. ثم قال : والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك .. فابتدره القوم .. فقال النبي.. صلى الله عليه وسلم .. " لا تقتلوه .. فهذا الأعمى .. أعمى القلب .. أعمى البصر .. " ومضى رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. ولم يلتفت إلى ذلك المنافق .. نعم .. لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار والكلاب تنبح .. والقافلة تسييييير .. قناعة .. الرياح لا تحرك الجبال .. لكنها تلعب بالرمال .. وتشكلها كما تشاء .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
50. لا تلعنه .. إنه يشرب خمراً ..!! |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
51. إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون ..!! ما دمت مُلزما فاستمتع .. هكذا كنت أقول لشاب أصيب بمرض السكر .. فكان يشرب الشاي من غير سكر .. ويتأسف لحاله .. كنت أقول له : هل إذا تأسفت وحزنت أثناء شربك الشاي .. هل تنقلب المرارة حلاوة .. قال : لا .. قلت : ما دمت ملزماً .. فاستمتع .. أعني لن تأتي الدنيا دائماً على ما نحب .. وهذا يقع في حياتنا كثيراً .. سيارتك قديمة .. مكيف لا يشتغل .. مراتب ممزقة .. ولا تستطيع حالياً تغييرها .. ما الحل ؟ تقدمت للدراسة بالجامعة .. فقبلت في كلية لا ترغب في الدراسة فيها .. حاولت تعديل الحال فلم تستطع .. فاضطررت لمواصلة الدراسة .. وأكملت سنتين وثلاث .. فما الحل ؟ تقدمت لوظيفة فلم تقبل .. وقبلت في أخرى .. وبدأت دوامك فيها .. فما الحل؟ خطبت فتاتاً فرفضت .. وتزوجت آخر .. ما الحل ؟ كثير من الناس يجعل الحل هو الاكتئاب الدائم .. والتأفف من واقعه .. وكثرة التشكي إلى من عرف ومن لم يعرف ! وهذا لا يرد إليه رزقاً فاته .. ولا يعجل برزق لم يكتب له .. إذن ما الحل ؟ العاقل فهو الذي يتكيف مع واقعه كيفما كان .. مادام لا يستطيع التغيير إلى الأحسن .. أحد أصدقائي كان يشرف على بناء مسجد .. فضاقت بهم النفقة .. فتوجهوا إلى أحد التجار للاستعانة به في إكمال البناء .. فتح لهم الباب .. جلس معهم قليلاً .. وأعطاهم ما تيسر .. ثم أخرج دواء من جيبه وجعل يتناوله .. قال له أحدهم : سلامات .. عسى ما شر !! قال : لا .. هذه حبوب منومة .. منذ عشر سنين لا أنام إلا بها .. دعوا له .. وخرجوا .. فمروا على حفريات وأعمال طرق عند مخرج المدينة .. وقد وضع عندها أنوار تعمل بمولد كهربائي قد ملأ الدنيا ضجيجاً .. ليس هذا هو الغريب .. الغريب أن حارس المولد هو عامل فقير قد افترش قصاصات جرائد .. ونااااام .. نعم .. عش حياتك .. لا وقت فيها لِلهمِّ .. تعامل مع المعطيات التي بين يديك .. خرج .. صلى الله عليه وسلم .. مع أصحابه في غزوة فقلَّ طعامهم .. وتعبوا .. فأمرهم .. أن يجمعوا ما عندهم من طعام .. وفرش رداءه .. وصار الرجل يأتي بالتمرة .. والتمرتين .. وكسرة الخبز .. وكلها تجتمع فوق هذا الرداء .. ثم أكلوا .. وهم مستمتعون .. لمحة .. ما كل ما يتمنى المرء يدركه .. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
52. نختلف ونحن إخوان ! |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
54. بين الحي .. والميت .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
55. اجعل لسانك عذباً .. لا تخلو حياتنا من مواقف نحتاج فيها إلى تقديم توجيهات ونصائح للآخرين .. الولد .. الزوج .. الصديق .. الجار .. الأبوين .. تختلف نهايات النصائح .. باختلاف بداياتها .. أعني : إن كانت البداية بأسلوب مناسب .. ومدخل لطيف .. انتهت كذلك .. وإن كانت بأسلوب جاف .. ومدخل عنيف .. انتهت كذلك .. عندما ننصح الناس .. فنحن في الواقع نتعامل مع قلوبهم .. لا أجسادهم .. لذلك تجد بعض الأبناء يتقبل من أمه ولا يتقبل من أبيه .. أو العكس .. والطلاب يتقبلون من مدرس .. دون الآخر .. وأول البراعة في النصيحة .. أن لا تكثر منها وتدقق على كل صغير وكبير .. حتى لا يشعر الآخرون أنك مراقب لحركاتهم وسكناتهم .. فتثقل عليهم .. ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي وإن استطعت أن تقدم انصيحة على شكل اقتراح .. فافعل .. لو قللت الملح في الطعام .. لكان أحسن .. لو تغير ملابسك بثياب أجمل .. لو ما تتأخر عن مدرستك مرة أخرى .. أفضل .. ما رأيك لو فعلت كذا .. أقترح عليك كذا وكذا .. أحسن من قولك .. يا قليل الأدب .. كم مرة قلت لك .. أنت ما تفهم .. إلى متى أعلمك ؟!! اجعله يحتفظ بماء وجهه .. ويشعر بقيمته حتى وهو مخطئ .. لأن المقصود علاج أخطائه لا الانتقام منه أوإهانته .. يعني يا جماعة .. بالعبارة الصريحة : لا أحد يحب أن يتلقى الأوامر .. أراد .. صلى الله عليه وسلم .. يوماً أن يوجه عبد الله بن عمر للتعبد بصلاة الليل .. فما دعاه وقال : يا عبد الله قم الليل .. وإنما قدم النصيحة على شكل اقتراح .. وقال : نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل .. وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل .. بل إن استطعت أن تلفت نظره إلى الأخطاء من حيث لا يشعر فهو أولى .. عطس رجل عند عبد الله بن المبارك .. فلم يقل الحمد لله .. فقال عبد الله : ماذا يقول العاطس إذا عطس ؟ قال : الحمد لله .. فقال : عبد الله : يرحمك الله .. وكان رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. كذلك .. كان إذا انصرف من صلاة العصر .. دخل على نسائه واحدة واحدة .. فيدنو من إحداهن .. ويتحدث معها .. فدخل على زينب بمن جحش .. فوجد عندها عسلاً .. وكان.. صلى الله عليه وسلم .. يحب العسل والحلواء .. فاحتبس عندها أكثر ما كان يحتبس عند غيرها .. فغارت عائشة وحفصة .. وتواصتا من دخل عليها تقول له : أجد منك ريح مغافير .. وهو شراب حلو يشبه العسل .. ولكن له رائحة سيئة .. وكان .. صلى الله عليه وسلم .. يشتد عليه أن يوجد منه الريح من بدنه أو فمه .. لأنه يناجي جبريل .. ويناجي الناس .. فلما دخل على حفصة .. سألته ماذا أكل ؟ فقال : شربت عسلاً عند زينب .. فقالت : إني أجد منك ريح مغافير .. فقال : لا بل شربت عسلاً .. ولن أعود له .. ثم قام ودخل على عائشة .. فقالت له عائشة مثل ذلك .. ومضت الأيام .. وكشف الله له القضية كلها .. وبعد أيام .. أسر إلى حفصة رضي الله عنه حديثاً .. فأظهرته .. فدخل عليها يوماً .. وعندها الشفاء بنت عبد الله .. وكانت صحابية تتعلم الطب .. وتعالج الناس .. فقال.. صلى الله عليه وسلم .. للشفاء : ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة .. ورقية النملة كلام كانت نساء العرب تقوله .. يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع .. ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال : العروس تحتفل .. وتختضب وتكتحل .. وكل شيء تفتعل .. غير أن لا تعصي الرجل .. فأراد.. صلى الله عليه وسلم .. بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضاً .. بأن تردد جملة : غير أن لا تعصي الرجل .. أحد السلف استلف منه رجل كتاباً .. فرده إليه بعد أيام وعليه آثار طعام .. كأنه حمل عليه خبزاً أو عنباً .. فسكت صاحب الكتاب .. وبعد أيام جاءه صاحبه يستعير منه كتاباً آخر .. فأعطاه الكتاب في طبق ..!! فقال الرجل : إنما أريد الكتاب .. فما بال الطبق ؟! فقال : الكتاب لتقرأ فيه .. والطبق لتحمل عليه طعامك !! فأخذ الكتاب .. ومضى .. فقد وصلت الرسالة .. وأذكر أن أن أحدهم كان يعود إلى بيته ليلاً .. وينزع ثوبه .. يعلقه على الشماعة .. وينام .. فتأتي زوجته .. وتفتح محفظة النقود .. ثم تأخذ الصرف الموجود .. من فئة الريال .. والخمسة .. فإذا استيقظ صباحاً وذهب إلأى عمله .. واحتاج أن يحاسب في بقالة ونحوها .. لم يجد صرفاً .. فراقبها .. حتى فهم القضية .. فرجع إلى بيته يوماً .. وقد جعل في جيبه ضفدعاً .. ونزع ثوبه كالعادة .. واضطجع كهيئة النائم .. وأخذ يشخر .. وهو يراقب الثوب .. فأقبلت زوجته لتأخذ ما يتيسر ..كالعادة !! أقبلت إلى الثوب تمشي رويداً .. أدخلت يدها بهدوووء .. فلمست الضفدع .. فتحرك فجأة .. فصرخت : آآآآه.. يدي .. ففتح الزوج عينيه .. وقال : وأنا .. آآآه .. جيبي .. ليتنا نستعمل هذا الأسلوب .. مع جميع الناس .. أولادنا إذا وقعوا في أخطاء .. ومع طلابنا .. نايف أحد الأصدقاء .. كان له أم صالحة .. لا ترضى ن يبقى في البيت صور أبداً .. لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة .. كان عندها طقلة صغيرة .. عندها ألعاب متنوعة .. إلا الدُّمى .. العرائس .. أهدت إليها خالتها دُمية .. عروسة .. وقالت لها : العبي بها في غرفتك .. واحذري أن تراها أمك .. وبعد يومين .. علمت الأم .. فأرادت أن تقدم النصيحة بأسلوب مناسب .. جلسوا على الطعام .. فقالت أم نايف : يا أولاد ..!! من يومين .. وأنا أشعر أن البيت ليس فيه ملائكة !! لا أدري لماذا خرجت .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. والبنت الصغيرة تسمع وهي ساكته .. وبعد الغداء رجعت الصغيرة إلى غرفتها .. فإذا بين يديها ألعاب كثيرة .. والعروسة من بينها .. فالتقطتها .. وجاءت بها إلى الأم وقال : ماما .. هذه التيطردت الملائكة .. افعلي بها ماشئت !! يعني دع المنصوح يحتفظ بماء وجهه .. ويمكن أن تأكل العسل من غير أن تحطم الخلية .. لا تنصحه كأنه قد كفر بفعله .. بل وأحسن الظن به .. واعتبر أنه وقع في الخطأ من غير قصد .. أو من غير أن يعلم .. كانت الخمر في أول الإسلام لم تحرم بعد .. وفي يوم أقبل عامر بن ربيعة .. الصحابي الجليل .. من سفر .. فأهدى لرسول الله r راوية خمر .. جرة كاملة مملوءة خمراً .. نظر النبي .. صلى الله عليه وسلم .. إلى الخمر مستغرباً .. والتفت إلى عامر بن ربيعة .. وقال : أما علمت أنها قد حرمت ..؟ قال : حرمت ؟! لا .. ما علمت يا رسول الله .. قال : فإنها قد حرمت .. فحملها عامر .. فأسرَّ إليه بعضهم بأن يبيعها .. فسمعه النبي.. صلى الله عليه وسلم .. فقال : لا .. إن الله إذا حرم شيئاً .. حرم ثمنه .. فأخذها.. صلى الله عليه وسلم .. فاهراقها على التراب .. ( ) وانتبه أن تمدح نفسك وأنت تنصح .. فترفع نفسك وتسحب المنصوح إلى القاع .. لا أحد يرضى بذلك .. بعض الآباء – مثلاً- .. إذا نصح ولده بدأ يذكر أمجاده ..أنا كنت وكنت .. ولعل الولد يعلم تاريخ والده ..!! باختصار .. الكلمة الطيبة .. صدقة .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
|
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
57. لا تبال بكلام الخلق .. أعجبتني عبارة رددها ابني عبد الرحمن يوماً .. وأظنه في ذلك السن لم يكن يفقه معناها.. كان يقول : طنِّش تعِش تَـنْـتَـعِش ..!! تأملت في هذه العبارة وأنا ألاحظ حولي انتقادات الناس .. وآراءهم .. وأحاديثهم .. فوجدت أن الناس في كلامهم وذمهم لنا يتنوعون .. فيهم الناصح الصادق الذي لا يتقن فن النصيحة .. وبالتالي يحزنك بأسلوب نصحه أكثر مما يفرحك .. وفيهم الحاسد .. الذي يقصد حزنك وهمك .. وفيهم قليل الخبرة .. الذي يهذي بما لا يدري .. ولو سكت لكان خيراً له .. وفيهم من طبيعته الانتقاد أصلاً .. فهو ينظر للحياة بنظارة سوداء .. وقديماً قيل : لو اتحدت الأذواق لبارت السلع .. ذكروا أن جحا ركب على حمار .. وولده يمشي بجانبه .. فمروا بناس .. فقال الناس : انظروا لهذا الأب الغليظ يركب مرتاحاً .. ويدع ولده يمشي في الشمس .. سمعهم جحا .. فأوقف الحمار .. ونزل .. وأركب ولده .. ثم مشيا .. وجحا يشعر بنوع من الزهو .. فمرا بقوم آخرين .. فقال أحدهم : انظروا إلى هذا الابن العاق .. يركب ويدع أباه يمشي في الشمس .. سمعهم جحا .. فأوق الحمار .. ثم ركب مع ولده .. ليتقو كلام الناس وانتقاداتهم .. فمرا بقوم .. فقالوا : انظروا إلى هذين الغليظين .. لا يرحمون الحيوان .. فنزل جحا .. وقال : يا ولدي .. انزل .. فنزل الولد وجعل يمشي بجانب أبيه .. والحمار ليس فوقه أحد .. فمرا بقوم .. فقالوا : انظروا إلى هذين السفيهين .. يمشيان والحمار فارغ .. وهل خلق الحمار إلا ليُركب .. فصرخ جحا وجرّ ولده معه .. ودخلا تحت الحمار .. وحملاه ..!! ولو رأيت جحا وقتها لقلت له : يا حبيب القلب .. افعل ما تشاء .. ولا تبال بكلام الخلق .. فرضا الناس غاية لا تدرك .. ومن الذي ينجو من الناس سالماً ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر .. بعض الناس .. لا يفكر في رأيه قبل أن يطرحه .. يأتيك بعدما تتزوج .. ويقول .. ليش تخطب فلانة ؟ وكأني بك .. تتمنى أن تصرخ في وجهه وتقول : يا أخي تزوجت .. خلاص .. انتهى الموضوع .. ما أحد طلب منك اقتراحات .. أو يأتيك وقد بعت سيارتك .. فيقول .. ليتك أخبرتني .. فلان كان سيعطيك أكثر .. يا أخي .. بس !! الرجال باع سيارته .. خلاص وانتهى .. لا تشغله بالالتفات وراءه !! وعموماً .. ليس يخلو المرء من ضد ولو ** طلب العزلة في رأس جبل ..!! فلا تعذب نفسك .. تجربة .. قال أحد السلف : من جعل دينه عرضة للخصومات .. أكثر التنقل !! |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
58. ابتسم .. ثم ابتسم .. ثم ابتسـ .. ثم أبتـ .. أعرفه منذ سنين .. فهو أحد زملائي في عملي .. على كل حال .. لكن هل تصدق أنني إلى الآن لا أدري هل نبتت له أسنان أم لا !! دائم التجهم .. والعبوس .. وكأنه إذا ابتسم نقص عمره .. أو قلَّ ماله !! قال جرير بن عبد الله البجلي : ما رآني رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. إلا تبسم في وجهي .. الابتسامة أنواع .. ومراتب .. فمنها البشاشة الدائمة .. أن يكون وجهك صبوحاً مبتهجاً دائماً .. فلو كنت مدرساً ودخلت الفصل على طلابك .. فالقهم بوجه بشوش .. ركبت طائرة .. ومشيت في الممر والناس ينظرون إليك .. كن بشوشاً .. دخلت بقالة .. أو محطة وقود .. مددت له الحساب .. ابتسم .. في المجلس .. ودخل شخص وسلم بصوت عال .. ومر بنظره على الجالسين .. ابتسم .. دخلت على مجموعة .. وصافحتهم .. ابتسم .. وعموماً : الابتسامة لها من التأثير الكبير في امتصاص الغضب والشك والتردد .. ما لا يشاركها غيرها .. البطل هو الذي يستطيع التغلب على عواطفه .. والتبسم .. كان أنس بن مالك يمشي مع النبي.. صلى الله عليه وسلم .. يوماً.. والنبي.. صلى الله عليه وسلم .. عليه بُرد نجراني غليظ الحاشية .. فلحقهما أعرابي .. أقبل هذا الأعرابي يجري وراء النبي.. صلى الله عليه وسلم .. يريد أن يلحق به .. حتى إذا اقترب منه .. جبذه بردائه جبذة شديدة .. فتحرك الرداء بعنف على رقبة النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. قال أنس : حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. .. قد أثرت بها حاشية البُرد من شدة جبذته .. فماذا يريد هذا الرجل ؟! لعل بيته يحترق وأقبل يريد معونة .. أو أحاطت بهم غارة من المشركين .. اسمع ماذا يريد .. قال : يا محمد .. ( لاحظ لم يقل : يا رسول الله ) .. قال : يا محمد .. مُر لي من مال الله الذي عندك .. فالتفت رسول الله.. صلى الله عليه وسلم .. .. ثم ضحك .. ثم أمر له بعطاء .. نعم .. كان .. صلى الله عليه وسلم .. بطلاً لا تستفزه مثل هذه التصرفات .. ولا يعاقب أو تثور أعصابه على التافهات .. كان واسع البطان .. قوياً يضبط أعصابه .. دائم الابتسامة حتى في أحلك الظروف .. يفكر في عواقب الأمور قبل أن يفعلها .. وماذا يفيد لو أنه صرخ بالرجل أو طرده ! هل سيشفى جرح عنقه ! أو يصلح أدب الرجل ! كلا .. إذن ليس مثل الصبر والتحمل .. نعم بعض الأمور نثور لها ونغضب .. وعلاجها شيء آخر تماماً .. وصدق لما قال : ليس الشديد بالصرعة .. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب .. كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .. يجذب الناس بالتبسم والبشاشة .. خرجو إلى غزوة خيبر .. وفي أثناء القتال .. وقع من حصن اليهود جراب فيه شحم .. قربة كاملة مملوءة سمناً .. حمله عبد الله بن مغفل على عاتقه فرحاً ومضى به إلى رحله وأصحابه .. فلقيه الرجل المسئول عن جمع الغنائم وترتيبها .. فجذب الجراب إليه .. وقال : هاتِ هذا نقسمه بين المسلمين .. فتعلق به عبد الله : لا والله .. لا أعطيكه .. أنا أصبته .. قال : بلى .. وجعلا يتجاذبا الجراب .. فمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فرآهما .. وهما يتجاذبان الجراب .. فتبسم صلى الله عليه وسلم ضاحكاً .. ثم قال لصاحب المغانم : لا أبالك .. خل بينه وبينه .. فتركه .. فانطلق به عبد الله إلى رحله وأصحابه .. فأكلوه .. وأخيراً .. تبسمك في وجه أخيك صدقة .. قال لي : فلان سحرني بأخلاقه .. حتى تعلقت به نفسي .. قلت : لم ؟! قال : دائماً بشوش .. وما رآني إلا تبسم !! |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
59. الخطوط الحمر .. كان من طلابي في الجامعة.. كان واسع الثقافة .. حريصاً على تكوين علاقات مع الناس .. لكنه كان ثقيل الدم عليهم .. جاءني يوماً .. وقال : يا دكتور .. زملائي يغضبون مني دائماً .. لا يتحملون مزحي .. قلت في نفسي : أنا لا أحتملك ساكتاً .. فكيف أحتملك متكلماً ..؟! خاصة إذا كنت تستخف دمك وتمزح ..! سألته : لماذا لا يحتملون مزحك ؟! أعطني مثالاً .. قال : عطس أحدهم فقلت : الله يلعنك .. ( ثم سكتُّ ) .. فلما غضب .. أكملت قائلاً : يا إبليس .. ويرحمك يا فلان ..!! مسكين كان يظن نفسه بذلك .. خفيف الدم!! الناس مهما قبلوا مزاحك ومداعباتك .. إلا أنه تبقى هناك خطوط حمراء لا يحبون أن تتعداها .. خاصة إذا كان ذلك أمام الآخرين .. بعض الناس لا يراعي ذلك .. فتجد أنه يعتدي على حاجاتهم .. فمثلاً من باب ( الميانة ) يأخذ هاتفك الجوال ويتصل به كما يريد .. أو ربما أرسل رسائل إلى أشخاص أنت لا ترغب أن يظهر رقم هاتفك عندهم .. أو يأخذ سيارتك بغير إذنك .. أو يحرجك بطلبها حتى تأذن على مضض .. أو تجد مجموعة طلاب في يسكنون في شقة واحدة .. يستيقظ أحدهم ليذهب إلى جامعته .. فيجد أن معطفه لبسه فلان .. وحذاءه في رجل فلان .. ومن تعدي الخطوط الحمراء أنك .. تجد بعض الناس يحرج صاحبه بمزحة ثقيلة أو سؤال محرج في مجلس عام .. والشخص مهما بلغ من المحبة لك .. إلا أنه يبقى بشراً يرضى ويغضب .. ويفرح ويسخط .. لما أقبل رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. إلى المدينة راجعاً من تبوك .. قدم عليه في ذلك الشهر عروة بن مسعود الثقفي .. وكان سيداً جليل القدر .. رفيع المكانة عند قومه ثقيف .. فأدرك النبي.. صلى الله عليه وسلم .. قبل أن يصل إلى المدينة .. فأسلم .. وسأله أن يرجع إلى قومه فيدعوهم إلى الإسلام .. فخاف عليه .. وقال له : إنهم قاتلوك .. وعرف .. صلى الله عليه وسلم .. أن قبيلة ثقيف فيهم نخوة الامتناع .. والصرامة في التعامل .. حتى لو كان مع رئيسهم .. فقال عروة : يا رسول الله .. أنا أحب إليهم من أبكارهم .. وأبصارهم .. وكان محبباً مطاعاً فيهم .. فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه .. لعظم منزلته فيهم .. فلما وصل إلى ديار قومه .. رقى على مرتفع وصاح بهم حتى اجتمعوا .. وهو سيدهم .. فدعاهم إلى الإسلام .. وأظهر لهم أنه أسلم .. وجعل يردد : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .. فلما سمعوا منه ذلك .. صاحوا .. وثاروا أن يتركوا آلهتهم .. ورموه بالنبل من كل جهة .. حتى وقع صريعاً .. فأقبل إليه أبناء عمه .. وهو ينازع الموت .. وقال : يا عروة : ما ترى في دمك ؟ فقال : كرامة أكرمني الله بها .. وشهادة ساقها الله إلي .. فليس فيَّ إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. .. فلا تقتتلوا لأجلي .. ولا تأخذوا بثأري من أحد .. فقيل إن النبي.. صلى الله عليه وسلم .. .. لما بلغه خبر مقتله .. قال فيه : إن مثله في قومه .. كمثل صاحب ياسين في قومه .... فانتبه ! الناس لهم أحاسيس مهما بلغت في القرب منهم .. وإن كانوا في منزلة الأخ والولد .. لذا نبه النبي .. صلى الله عليه وسلم .. على ذلك .. فنهى عن ترويع المؤمن .. كان.. صلى الله عليه وسلم .. يوماً يسير مع أصحابه .. وكان كل واحد منهم معه متاعه .. سلاحه .. فراشه .. طعامه .. نزلوا منزلاً .. فنام رجل منهم .. فأقبل صاحبه إلى حبل معه فأخذه .. مازحاً .. فاستيقظ الرجل .. فوجد متاعه ناقصاً .. ففزع .. وأخذ يبحث عن حبله .. فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ( ) .. وفي يوم آخر .. كانوا يسيرون مع النبي .. صلى الله عليه وسلم .. في مسير .. فنعس رجل وهو على راحلته .. فغافله صاحبه وانتزع سهماً من كنانته .. فشعر الرجل بمن يعبث بسلاحه .. فانتبه فزعاً مذعوراً .. فقال .. صلى الله عليه وسلم .. : لا يحل لرجل أن يروع مسلماً .. ( ) ومثله الذي يمزح فيراك أوقفت سيارتك عند بقالة – مثلاً - وهي تشتغل فيأتي ويقودها .. ويوهمك أنها سرقت .. مازحاً.. قد يجاملك صاحبك ويضحك أحياناً على مزحة مروعة .. لكنه متألم .. ولربما صبر الحليم على الأذى وفؤاده من حره يتأوه ولربما شكل الحليم لسانه حذر الكلام وإنه لمفوه وجهة نظر .. كل ما زاد عن حده .. انقلب ضده .. وكم مزحة انتهت شجاراً !! |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
60. حفظ السر .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
61. قضاء الحاجات .. لما بدأتُ في دراسة الماجستير .. اطلعت على عدد أوسع من كتب الفرق والطوائف .. من بين هذه المذاهب .. المذهب البراجماتي .. bragmatizem وترجمته بالعربية : المذهب النفعي .. لما تبحرت في دراسة هذا المذهب أدركت لماذا كنا نسمع في أوروبا وأمريكا .. أنه في كثير من الأحيان يهجر الابن أباه .. وإذا قابله في مطعم فكل واحد منهما يحاسب عن نفسه .. فعلاً .. مادام أني لن أستفيد منك فلماذا أخدمك ؟! لماذا أنفق مالي ؟! واصرف وقتي ؟! وأبذل جهدي ؟! دون مردود مادي يعود علي .. الإسلام قلب هذا الميزان .. فقال الله ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) . وقال .. صلى الله عليه وسلم .. : ( لئن امشي مع اخي في حاجة حتى أثبتها له .. أحب إليَّ من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً ) .. ومن كان في حاجة أخيه .. كان الله في حاجته .. وكان .. صلى الله عليه وسلم .. يمشي في الطريق فتوقفه الجارية وتقول : لي إليك حاجة .. فيقف معها حتى يسمع حاجة .. وقد يمضي معها إلى بيت سيدها ليقضيها لها .. بل كان .. صلى الله عليه وسلم .. يخالط الناس ويصبر على أذاهم .. كان يعاملهم بنفس رحيمة .. وعين دامعة .. ولسان داع .. وقلب عطوف .. كان يشعر أنه هو وهم .. جسد واحد .. يشعر بفقر الفقير .. وحزن الحزين .. ومرض المريض .. وحاجة المحتاج .. انظر إليه .. صلى الله عليه وسلم .. .. وقد جلس في مسجده يحدث أصحابه .. فإذا به يرى سواداً مقبلاً عليه من بعيد .. نظر إليهم .. فإذا هم قوم فقراء أقبلوا عليه من مضر .. من قبل نجد .. ومن شدة فقرهم قد اجتابوا النمار .. يعني يملك أحدهم قطعة قماش فلا يجد ثمن الإبرة والخيط .. فيخرق القماش من وسطه ثم يخرج رأسه ويسدل باقيه على جسده .. أقبلوا قد اجتابوا النمار .. وتقلدوا السيوف .. وليس عليهم أزر ولا شيء غيرُها .. لا عمامة ولا سراويل ولا رداء .. فلما رأى رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. الذي بهم من الجهد والعري والجوع .. تغير وجهه .. ثم قام .. فدخل بيته .. فلم يجد شيئاً يتصدق به عليهم .. فخرج .. ودخل بيته الآخر .. وخرج .. يبحث .. يلتمس شيئاً لهم .. فلم يجد .. ثم راح إلى المسجد .. فصلى الظهر .. ثم صعد منبره .. فحمد الله وأثنى عليه .. ثم قال : أما بعد .. فإن الله عز وجل .. أنزل في كتابه : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) .. ثم قرأ .. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .. وجعل يتلوا الآيات والمواعظ .. ثم صاح بهم .. وقال : تصدقوا قبل أن لا تصدقوا .. تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة .. تصدق امرؤ من ديناره .. من درهمه .. من بره .. من شعيره .. ولا يحقرن أحدكم شيئاً من الصدقة .. وجعل يعدد أنواع الصدقات حتى قال : ولو بشق تمرة .. فقام رجل من الأنصار بصرة في كفه .. فناولها رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. وهو على منبره .. فقبضها رسول الله .. صلى الله عليه وسلم .. يعرف السرور في وجهه .. وقال : من سن سنة حسنة .. فعمل بها كان له أجرها .. ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيء .. ومن سن سنة سيئة .. فعمل بها .. كان عليه وزرها .. ومثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيء .. فقام الناس .. فتفرقوا إلى بيوتهم .. وجاءوا بصدقات .. فمن ذي دينار .. ومن ذي درهم .. ومن ذي تمر .. ومن ذي ثياب .. حتى اجتمع بين يديه .. صلى الله عليه وسلم .. كومان .. كوم من طعام .. وكوم من ثياب .. فلما رأى .. صلى الله عليه وسلم .. ذلك تهلل وجهه حتى كأنه فلقة من قمر .. ثم قسمه بين الفقراء .. رواه مسلم .. ولما سئلت عائشة عن حاله .. صلى الله عليه وسلم .. في بيته .. قالت : كان يكون في حاجة أهله .. أو في مهنة أهله .. أفلا تجعل من طرق دخولك إلى قلوب الناس .. قضاء حاجاتهم .. احتاج شخص إلى مستشفى .. فأوصلته إليه .. استعان بك في مشكلة فأعنته عليها .. يراك تقضي حاجته .. وتقف معه في كربته .. وهو يعلم أنك لا ترجو من ذلك جزاء ولا شكوراً .. أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان رؤية .. من عاش لغيره فسيعيش متعباً .. لكنه سيحيا كبيراً .. ويموت كبيراً .. |
رد: اِسْـتـمـتِـعْ بـِحـَيـاتـِك ، بقلم / د.محمد العريفي ...
|
الساعة الآن 04:08. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
Developed By Marco Mamdouh
جميع الحقوق محفوظة لشبكة و منتديات صدى الحجاج