إذا وصل الطفل سن سبع سنين أعلمه الطهارة والوضوء، وقال في ذلك النبي {مُرُوا أَوْلاَدَكُم بالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْع سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المَضَاجِعِ}[1] أعلمه آداب الاستنجاء آداب الطهارة آداب الوضوء وبعد ذلك أعلمه كيفية الصلاة لكي عندما يدخل إلى المسجد يكون على دراية بما عليه فلا يدخل المسجد للعب أو الضحك والتهريج مع رفاقه وأقرانه بل يدخل ويعرف ما عليه والمطالب به لله وآخذه معي وأتمم عليه والدور الأساسي في هذه المرحلة ليس على الرجل لكنه على الأم لأن الأب يذهب إلى عمله أما الأم فهي التي تجلس مع الأولاد فعليها أن تتمم عليه فإذا سمعت آذان الظهر عليها أن تأمره بصلاة الظهر وكذلك صلاة العصر وكل الفروض، لأن الواجب علينا في هذه المرحلة أن نسوق الولد إلى أن يتعود وبعد أن يتعود لا يحتاج منا أن نقول له اذهب للصلاة لأنه عرف ما عليه ويقولون في الأثر عن هذه المرحلة أن الشيطان يلعب بالصبيان لعبا فالواجب علينا كما قلت أن نحثهم ونحضهم ونأمرهم ونتابعهم لنتأكد أنهم يحافظون على فرائض الله لأننا المسئولون عنهم :فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مَسؤولٌ عن رَعيَّته فإذا تركنا الولد أو البنت إلى أن تنتهي العشر سنين ولم يصلي فمن الصعب بعد ذلك أن نعوده على الصلاة لأنه سيتمرد ونظل في مشاكل على مدى الأيام وبذلك نكون نحن السبب لأننا لم نعوده من البداية أن يكون هناك موقف حاسم بمعنى أنه إذا أمرته أن يصلي الظهر وخرج وعاد بدون صلاة هنا يجب أن أحرمه من الغذاء ولا بد على الأم هنا أن تكون جادة لكي تربي ابنها على طاعة الله وعلى مراقبة الله جل في علاه ولا تتهاون لأنها لو تهاونت معه سيتدلل وإذا وصل لهذه المرحلة لن يستطيع أحد أن يروضه وبذلك يكون قد خسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله وسوف نُسأل عن ذلك أمام الله لأننا فرطنا ولم نعلمهم شرع الله وأحكام الله فمن سن سبع سنين علينا أن نبدأ نأمره ونشجعه على الصلاة ونعوده كذلك على الصيام ولا تأخذنا به شفقة كأن نقول أن الولد ضعيف كيف يستطيع الصيام ؟لا يجب أن نخاف عليه لأن الله سيتولاه وهو الذي سيطعمه ويسقيه لكن المهم أن نعوده بأن نوقظه معنا ليتسحر ونراعي أن يكون السحور للأولاد قبل الفجر مباشرة فإذا كنا نتسحر الساعة الثانية عشر أو الساعة الواحدة فإن هذا ليس على النظام الإسلامي لأن سحور الرسول والصحابة كان قبيل الفجر بنصف ساعة فبالكاد يتسحرون ثم ينزلون للصلاة مباشرة فإذا لم نكن نسير على هذا النظام فالواجب علينا أن نسير عليه من أجل أولادنا لكي يستطيع الولد أن يمكث فترة طويلة بدون أن يشعر بالجوع وكذلك لأن الولد ما زال طفلاً صغيراً وفي طور النمو وفي مرحلة بناء حيث تبني له خلايا جديدة في جسمه فيلزم أن تكون وجبة السحور غنية بالمواد البروتينية كالبيض والألبان واللحوم هذا بخلاف الشخص البالغ الكبير لأن شربة ماء تكفيه أما بالنسبة للصغير لكي ندربه على الصيام فيجب أن نعينه بما يصلحه من الطعام بعد ذلك وفي أثناء النهار يجب أن نعمل له برنامج يتسلى وينسى به أنه صائم ولا يشعر بألم الجوع وبذلك عندما يصل لسن العاشرة يصوم الشهر كله من نفسه وكذلك يصلي الفرائض كلها لله إذاً علينا أن نعلم الأولاد من سن سبع سنين ومن يستطيع أن يبدأ قبل ذلك يكون أفضل وأحسن فإن السيدة فاطمة كانت تعلم أولادها الحسن والحسين الطهارة والوضوء وهم في سن الثلاث سنين وذلك لأنهم كانوا يركبون على ظهر النبي وهو ساجد فعلمتهم الطهارة والوضوء من أجل ذلك لكي لا ينجسوا ثياب الرسول بذلك علينا أن نبدأ مع أولادنا بداية لطيفة وخفيفة قبل السبع سنين على حسب استعداد الولد فمن الممكن أن تكون البداية من سن الرابعة أو الخامسة فنبدأ معه أحكام الطهارة والوضوء والصلاة لكن من سن السبع سنين وننبه هنا المرحلة الجادة والهامة تكون البداية جادة لجميع الأولاد وعلى الأم ألا تتهاون لكي يعرف الولد قيمة فرائض الله ويؤديها ويحافظ عليها بعد ذلك إن شاء الله وإذا وصل إلى سن العشر سنين يلزم أن يؤدي فرائض الله كما ينبغي وفي هذه الفترة مع تعليم فرائض الصلاة والصيام قال الرسول علينا أن نعلمه ثلاثة أشياء قال {أَدبُوا أَوْلاَدَكُمْ عَلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ: حُب نَبِيكُمْ وَحُب أَهْلِ بَيْتِهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ}[2] فنعودهم على حب النبي كيف؟ نحكي لهم من سيرة النبي ونركز في السيرة على الأخلاق الفاضلة التي كان عليها الرسول كيف كان يعامل جيرانه؟وكيف كان يصل رحمه؟وكيف كان يعامل الفقراء والمساكين؟ وكيف كان يعامل أعداءه؟ونعودهم في هذه المرحلة على الأخلاق الكريمة التي كان يتحلى بها سيدنا رسول الله لأنهم في هذه المرحلة تنطبق عليهم الحكمة التي تقول: "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" فعندما نحببهم في هذه الفترة في رسول الله سيشبون وهم يريدون أن يكونوا مثل حضرة النبي فينظرون ماذا كان يفعل ويعملون مثله كيف كان يأكل ليأكلون مثله كيف كان يشرب ليشربوا مثله وتحكي السيدة عائشة أن مجموعة من أولاد الأنصار والمهاجرين وهم في سن السبع سنين أتوا لرسول الله في مظاهرة وهو جالس عندها في حجرتها وكان قائدهم هو سيدنا عبد الله بن الزبير وسألوا عن رسول الله فقالت: لماذا؟ قالوا: نريد أن نبايعه ثم نخرج لنحارب معه وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن ما سمعوه من آبائهم وأمهاتهم حببهم في الجهاد وحببهم في حضرة النبي وعلى الرغم أنهم في سن سبع لكنهم يريدون أن يفعلوا كما فعل الكبار قالت رضي الله عنها: فاحتضنهم رسول الله وقبلهم ودعا لهم وفرح بهم لأنه على الرغم من أنهم أطفال صغار لكنهم متعلقين به وذلك هو العلاج لجميع المشكلات التي نحن فيها الآن فمعظم أولادنا الآن يشبون منهم من يريد أن يكون مثل الممثل فلان ومنهم من يريد أن يكون مثل المطرب فلان ومنهم من يريد أن يكون مثل لاعب الكرة فلان وهؤلاء هم مَثَلهم الأعلى وكذلك بناتنا تريد أن تكون مثل الممثلة أو المطربة الفلانية وتريد أن تحاكيها في الملبس والمكياج وذلك كله لأننا لم نعطهم جرعة محبة النبي وصحبه الكرام لكننا لو تابعناهم من سن سبع سنين وحكينا لهم كما كان يحدث في الزمن الأول مع الجدات فقد كان الأولاد لا ينامون إلا إذا حكت لهم جدتهم "حدوته" وهذه الحواديت والقصص كانت بعيدة عن الدين وذلك لأن الجدات غير متعلمات لكن علينا كذلك أن نعود أولادنا قبل أن يناموا بأن نحكي لهم حدوته ويجب أن تكون الحدوتة عن حضرة النبي ولا نحكي له عن الغزوات لأنه سيأخذها في المدرسة ولكن نحكي له عن مواقف لحضرة النبي تبين حسن خلقه وحسن تعامله مع من حوله ومع الناس أجمعين وعندما نحكي هذه المواقف للأولاد فوراً تثبت في صدورهم ولا تخرج أبداً وبذلك نعلم الأولاد من البداية على حب النبي وكذلك نحكي لهم عن مواقف أصحابه معه وكيف كانوا يحبونه ومقدار هذه المحبة لكي يتشبهوا بهم ويكونون على هيئتهم وعلى هديهم فعندما نحكي لأولادنا هذه الحكايات يشبوا من البداية على حب رسول الله الناحية الثانية هو حب القرآن فعلينا أن نحببهم في القرآن وكذلك نعلمهم أن هذا القرآن فيه الشفاء من كل داء وفيه الخير والبركة للأموات وللأحياء وفيه مصالح العباد في الدنيا وفيه سعادة الخلق أجمعين في الآخرة وفيه كل شيء يحتاج إليه الإنسان وذلك لكي يقرءوه ويحفظوه ليكونوا من أهل القرآن وكذلك نحببهم في آل بيت النبي لأن الله قال لرسوله { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} أي أن الأجر الذي أبغيه من المسلمين والمسلمات أن يودوا أي يزوروا آل بيت النبي فكل من ينتسب إلى حضرة النبي أمرنا أن نزورهم كما قال الله في القرآن ونعلم أولادنا على ذلك لكي يصبحوا محصنين من أفكار الشياطين ونحكي لهم عن سيرته وعند العشر سنوات نفصل الأولاد عن البنات بل ليس هذا فقط فإذا نامت بنتان مع بعض فيكون لكل واحدة غطاءاً خاصاً بها ولا يتغطوا بغطاء واحد وكذلك إذا كانوا ولدان في سرير واحد فلكل واحد غطاء بمفرده وهذا نظام الإسلام لماذا؟ لكي نحفظهم من الاحتكاك وممنوع الاستحمام مع بعضهم إذا كان الأخ مع أخوه أو الأخت مع أختها لأن رسول الله أمر ألا ترى المرأة من المرأة ما حرمه الله على الرجل من المرأة وطبعاً بناتنا في المدارس لا يفعلن ذلك بل يدخلن بالثلاثة والأربعة في الحمام الواحد لا يجوز ذلك وعند العاشرة فمن لا يصلي منهم نبدأ نخوفه أحياناً أو نضربه أحياناً ضربا خفيفا وأحياناً نمنعه من الأكل معنا لكي نشعره بالتقصير إلى أن يمشي على تعاليم الإسلام وطبعا لا ننسى آداب سن ما عند البلوغ وواجب الأم نحو ابنتها وكذلك الأب نحو ابنه وهذه مواضيع كثر فيها الحديث ولكننا نوجه أنه يحتاج إلى رعاية جيدة وتفهم وحسن تصرف كما يحتاج إلى التحذير من العادات السيئة ومن أصحاب أو صاحبات السوء وأنبه أن أبنائنا ينضجون عقلياً الآن أسرع منا بكثير على أيامنا بسبب تطور التكنولوجيا وانتشار الكتب والمجلات وتطور المناهج التعليمية وتعدد مصادر الثقافة من النت وخلافه فلنراعى ذلك فإذا وصل سن ابنتك أربعة عشرة عاماً أصبحت أختك وليست ابنتك وأكرر وأقول من سن أربعة عشر إلى واحد وعشرين نعتبرها في هذه السن أختاً وليست ابنة فالأم تأخذها على أنها أختها وتشاورها في أمورها ماذا نفعل اليوم؟أو ماذا نطبخ؟ما هو برنامجنا اليوم؟وتقول لها تعالى نشترك مع بعض فعليك يوم في المطبخ وأنا علىَّ يوم وكذلك في الغسيل وفي كل الأمور لكي تتمرن وتعتمد على نفسها وتعتبر أنها أخت لها وتحتضنها بدلاً من أن تتركها لتبحث عن مستشارين من زميلاتها وتكون هي آخر من يعلم عن كل ما يدور في حياتها والأب لا بد وأن يكون على هذه الشاكلة بأن يأخذ ابنه مثلاً ويقول له:علينا أن نحضر الفرح الفلاني مثلاً أو تعال لنعزي فلان أو اقضِ المصلحة الفلانية لكي يعتمد على نفسه وذلك من أجل أن يتدرب ويتمرس أو يقول له عليك اليوم أن تزور عمتك فلانة أو خالتك فلانة وبذلك يتمرس على أعمال الرجال ويعتمد على نفسه بعد ذلك وهذا معنى "وصاحبه سبعاً" وأصاحبه أي أعتبره صديق أو أخ وأستشيره في كل الأمور وما يعنينا بالأخص في هذا الأمر وما ركز عليه رسول الله هي فترة الأدب من سن سبعة إلى سن أربعة عشر لأنها الفترة التي يتقبل فيها تعلم الآداب فكما قلت إذا وصلت البنت أو الولد إلى هذا السن ولم يتعلموا الآداب اللازمة لهم فمتى يتعلمونها؟
[1] سنن أبي داود عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أَبِيهِ عن جَدَّهِ.
[2] أَبُو نَصْرٍ عبد الكريم الشيرازي في فَوَائِدِهِ والديلمي في مسند الفردوس وابنُ النَّجَّارِ عن عَلِيٍّ رضيَ اللَّهُ عنهُ.
منقول من كتاب [المؤمنات القانتات]
للشيخ فوزى محمد أبو زيد