ابو قنوة
11-06-2009, 12:02
قد لا يعجبك الكثير مما تراه , ولكن احيانا ....
القليل يكفي ..
يوما ما كنا نسير في جنازة باتجاه مقبرة وادي السير .. على تقاطع للطرق توقفت السيارت .. كي تمر الجنازة .. اعجبني تصرف شخصا كل ملامحة تقول انه شركسي ... كان على التقاطع المقابل لنا ... عندما مرت السيارة التى تقل الفقيد .. قام هذا الشركسي بأداء التحية لها .. وبالطريقة العسكرية .....
حتراما يجعلك تفخر بشىء ما ....
في عمان, يمكنني أن ادعي أنني اسكن في منطقة جميلة, حديثة, ليس ببنائها الحجري ولا بشوارعها النظيفة.. ولا بانعدام أصوات الباعة المتجولين .. ولكنها وبكل معنى الكلمة راقية بأهلها ..... ببشرها. وهنا .. يطيب الحمد لله .
في تلك المنطقة الجميلة, جل السكان هم في الأصل شاميون .. حيث للتراث مكان.. وللقيم قدسيتها .. .. قبل أن يهبهم ربهم جمال المحيى وبهاء الطلعة.... وهبهم حسن الخلق وأدب الجوار ... وايمانا صحيح ..
دائما كان يشدني صوت المؤذن المنطلق من مسجد تلك المنطقة... صوتا يأتيك كما الماء منسابا رائعا واثقا يأسر القلب .. عذبا فراتا .. وسلسبيلا من نقاء ...
ما أن تستفتح على أبواب المسجد الصغير... حتى تهب عليك نسائم محملة باجنحة الرود .
روائح تشرح الصدر... تريح النفس.... وكأنك لتوك قد لامست الحجر الأسود بكل طهارته ...
أو اعتكفت قليلا في روضة طيبة الطيبة ..
هنا لا أكوام أحذية بالية .....ولا روائح أجسادا جاءت لرفع العتب ...
كل شيء في مكانة , خزائن الأحذية .. السجاد الفاخر الجميل الروائح اللذيذة ... الفسيفساء والارابيسك الشامي الرائع ... التكييف المتناسب مع روعة المكان . المصاحف الأنيقة. النظافة المطلقة .. الهدوء والسكينة .. فلا صوت.. قارئ يجبرك على ما لا تريد .. ولا صوت أجش يطلق العبرات. ولا رنات هواتف فاضحة. غبية . مستهترة... تتردد في المكان . هنا حقا بذكر الله تطمئن القلوب ..
سكينة تأسر الألباب .. روحانية طاغية على ما حولها.. لا ينحرف عقلك قيد أنملة هنا ...
المسجد الذي تم بنائه على نفقة أهل المنطقة.. تسابق الناس لأعماره.. فجاء كله متقنا مهيبا.. مؤكدا انه بني بطيب نفس ...لا نزف فيه ولا إسراف.. لا تقتير..ولا سحت ..
هذا مسجدا اسس على التقوى ...
وزارة الأوقاف كانت كعادتها الغائب الحاضر هنا .. فلا هي مدت يدها ولا هي تركتها تسير بعزم الساكنين من أهلها ...ولا شكل أهل المنطقة هيئات التسول من المساجد الأخرى ...
وهنا لا تجد لا بسطات البندورة ولا أصوات المتسولين .. ولا من يزاحم الآخر ... هنا لا رياء ولا نفاق اجتماعي ارعن .. ولا عقلية ( بركة يا جامع) .
كل هذا لا يهم ... ما يهم حقا انه يوما ما في صيف رائع المساء .. دلفت إنا العبد الفقير لله الى هناك.. لصلاة العشاء.. قام فتى صغير , فأقام الصلاة .. وكما هي زنابق الورد المتراص معا اصطف العباد ..... بدء الإمام بتلاوة ما تيسر له من سورة المائدة ... وأتم الركعة الاولى وأبدع .. ثم تلكأ قليلا وصمت في الركعة الثانية وكأنه نسي أين توقف سابقا ..
لحظة مرت.. فجاء الصوت ....فتى على بعد أمتارا . اسند الإمام من حيث توقف في تلاوته فأكمل ..... انتهت الصلاة ... وما بعدها...
فوقعت عيناي على الشاب الذي صحح تلاوة الأمام . كان هو من اقام الصلاة .. اصغر من أن تتوقع أن يكون هو ... هو ذاته لا يعرف أية أو آيات بل هو يحفظ الكتاب ظهر قلب ....أربعة عشر أو تزيد قليلا ............ الفتى كان بروعة المكان ... جميلا الطلعة ابيض الوجه باسم الثغر .. نظيف الثوب سابل الشعر وقصيره ... تكاد تلمح الدم يجري في عروقه... لم تأخذة دنيا الاغراء والفساد .. وادمان الملذات .. وان ملك كل مقوماتها ... القاها تحت اقدامه وسار في طريقا لا اعوجاج فيه ...
حافظ القرأن المرتل .. المؤذن .. قد لا يعرفه احد .. ولكن بالتأكيد هنالك منه الكثيرون في كل مسجد .. وكل دار ...
كان هذا الاموي , يرفع الأذان ويقيم الصلوات أحيانا .. هذا هو الصوت الذي شدني قبل أن اعرف صاحبة.. هذه هي القلوب المطمئنة .. .. والأنفس المؤمنة.. هذه هي الأرواح المسلمة .
هذا نسل اموي ... ان ضاقت الدنيا بهم .....الحقوا الدنيا ببستان هشام ...
في جمعة أخرى صعد أمام المسجد إلى منبر رسول الله .. خطب بود ورقة .. بهدوء ودعه .. كأنما ملك براعة الكلام كلها .. جاد واسترسل وأبدع ... أمام وخطبة تشدك من أولها إلى أخر حروفها.. هكذا فليكن . وإلا فلا ...
لا أساطير.. تتلى .. ولا حكايات باهتة.. لا إسرائيليات على منبر محمد أبدا ...
الكلام هو هنا من أصول العقيدة ..من أسس الإيمان الصداق الصحيح... لا ملل ولا تكرار.. لا سجع ولا ردح.. لا هجاء ولا ثناء.. كل شيء في إطاره وبما يستحق ..
وكأني عدت مرة أخرى إلى تلك الروضة حيث قبر صاحب الحوض واللواء .. يزرع بك سكينة تعلو بها الروح إلى ملكوت الله هانئة مطمئنه وادعة ... هناك حيث تذرف العبرات صادقة معبرة.. عن جلال صاحب المكان . عن قصة نبي .. عن عربي آمي .. يتيم .. وحيدا .. فقيرا.. سطر لنا مجدا .. وبني لنا عزا ..ما ملكته امة من أمم الأرض آتت أو ستأتي .. فكنا خير امة .
هذا الفتى الشامي يشعرك ببداية ما .. بداية من أمل قادم وسطر جديد ..
سطرا قد سطر قبل أربعة عشر قرنا..
سطر يقول . إن الشأم هي هي الشام ..ذا السيف لم يغب . وهي هي.. كلام المجد في الكتب ....
ويختم السطر : بــ اللهم بارك في شامنا ... وان الخير في أمتي إلى يوم الدين .
وان الحمد لله رب العالمين ,,,,,
القليل يكفي ..
يوما ما كنا نسير في جنازة باتجاه مقبرة وادي السير .. على تقاطع للطرق توقفت السيارت .. كي تمر الجنازة .. اعجبني تصرف شخصا كل ملامحة تقول انه شركسي ... كان على التقاطع المقابل لنا ... عندما مرت السيارة التى تقل الفقيد .. قام هذا الشركسي بأداء التحية لها .. وبالطريقة العسكرية .....
حتراما يجعلك تفخر بشىء ما ....
في عمان, يمكنني أن ادعي أنني اسكن في منطقة جميلة, حديثة, ليس ببنائها الحجري ولا بشوارعها النظيفة.. ولا بانعدام أصوات الباعة المتجولين .. ولكنها وبكل معنى الكلمة راقية بأهلها ..... ببشرها. وهنا .. يطيب الحمد لله .
في تلك المنطقة الجميلة, جل السكان هم في الأصل شاميون .. حيث للتراث مكان.. وللقيم قدسيتها .. .. قبل أن يهبهم ربهم جمال المحيى وبهاء الطلعة.... وهبهم حسن الخلق وأدب الجوار ... وايمانا صحيح ..
دائما كان يشدني صوت المؤذن المنطلق من مسجد تلك المنطقة... صوتا يأتيك كما الماء منسابا رائعا واثقا يأسر القلب .. عذبا فراتا .. وسلسبيلا من نقاء ...
ما أن تستفتح على أبواب المسجد الصغير... حتى تهب عليك نسائم محملة باجنحة الرود .
روائح تشرح الصدر... تريح النفس.... وكأنك لتوك قد لامست الحجر الأسود بكل طهارته ...
أو اعتكفت قليلا في روضة طيبة الطيبة ..
هنا لا أكوام أحذية بالية .....ولا روائح أجسادا جاءت لرفع العتب ...
كل شيء في مكانة , خزائن الأحذية .. السجاد الفاخر الجميل الروائح اللذيذة ... الفسيفساء والارابيسك الشامي الرائع ... التكييف المتناسب مع روعة المكان . المصاحف الأنيقة. النظافة المطلقة .. الهدوء والسكينة .. فلا صوت.. قارئ يجبرك على ما لا تريد .. ولا صوت أجش يطلق العبرات. ولا رنات هواتف فاضحة. غبية . مستهترة... تتردد في المكان . هنا حقا بذكر الله تطمئن القلوب ..
سكينة تأسر الألباب .. روحانية طاغية على ما حولها.. لا ينحرف عقلك قيد أنملة هنا ...
المسجد الذي تم بنائه على نفقة أهل المنطقة.. تسابق الناس لأعماره.. فجاء كله متقنا مهيبا.. مؤكدا انه بني بطيب نفس ...لا نزف فيه ولا إسراف.. لا تقتير..ولا سحت ..
هذا مسجدا اسس على التقوى ...
وزارة الأوقاف كانت كعادتها الغائب الحاضر هنا .. فلا هي مدت يدها ولا هي تركتها تسير بعزم الساكنين من أهلها ...ولا شكل أهل المنطقة هيئات التسول من المساجد الأخرى ...
وهنا لا تجد لا بسطات البندورة ولا أصوات المتسولين .. ولا من يزاحم الآخر ... هنا لا رياء ولا نفاق اجتماعي ارعن .. ولا عقلية ( بركة يا جامع) .
كل هذا لا يهم ... ما يهم حقا انه يوما ما في صيف رائع المساء .. دلفت إنا العبد الفقير لله الى هناك.. لصلاة العشاء.. قام فتى صغير , فأقام الصلاة .. وكما هي زنابق الورد المتراص معا اصطف العباد ..... بدء الإمام بتلاوة ما تيسر له من سورة المائدة ... وأتم الركعة الاولى وأبدع .. ثم تلكأ قليلا وصمت في الركعة الثانية وكأنه نسي أين توقف سابقا ..
لحظة مرت.. فجاء الصوت ....فتى على بعد أمتارا . اسند الإمام من حيث توقف في تلاوته فأكمل ..... انتهت الصلاة ... وما بعدها...
فوقعت عيناي على الشاب الذي صحح تلاوة الأمام . كان هو من اقام الصلاة .. اصغر من أن تتوقع أن يكون هو ... هو ذاته لا يعرف أية أو آيات بل هو يحفظ الكتاب ظهر قلب ....أربعة عشر أو تزيد قليلا ............ الفتى كان بروعة المكان ... جميلا الطلعة ابيض الوجه باسم الثغر .. نظيف الثوب سابل الشعر وقصيره ... تكاد تلمح الدم يجري في عروقه... لم تأخذة دنيا الاغراء والفساد .. وادمان الملذات .. وان ملك كل مقوماتها ... القاها تحت اقدامه وسار في طريقا لا اعوجاج فيه ...
حافظ القرأن المرتل .. المؤذن .. قد لا يعرفه احد .. ولكن بالتأكيد هنالك منه الكثيرون في كل مسجد .. وكل دار ...
كان هذا الاموي , يرفع الأذان ويقيم الصلوات أحيانا .. هذا هو الصوت الذي شدني قبل أن اعرف صاحبة.. هذه هي القلوب المطمئنة .. .. والأنفس المؤمنة.. هذه هي الأرواح المسلمة .
هذا نسل اموي ... ان ضاقت الدنيا بهم .....الحقوا الدنيا ببستان هشام ...
في جمعة أخرى صعد أمام المسجد إلى منبر رسول الله .. خطب بود ورقة .. بهدوء ودعه .. كأنما ملك براعة الكلام كلها .. جاد واسترسل وأبدع ... أمام وخطبة تشدك من أولها إلى أخر حروفها.. هكذا فليكن . وإلا فلا ...
لا أساطير.. تتلى .. ولا حكايات باهتة.. لا إسرائيليات على منبر محمد أبدا ...
الكلام هو هنا من أصول العقيدة ..من أسس الإيمان الصداق الصحيح... لا ملل ولا تكرار.. لا سجع ولا ردح.. لا هجاء ولا ثناء.. كل شيء في إطاره وبما يستحق ..
وكأني عدت مرة أخرى إلى تلك الروضة حيث قبر صاحب الحوض واللواء .. يزرع بك سكينة تعلو بها الروح إلى ملكوت الله هانئة مطمئنه وادعة ... هناك حيث تذرف العبرات صادقة معبرة.. عن جلال صاحب المكان . عن قصة نبي .. عن عربي آمي .. يتيم .. وحيدا .. فقيرا.. سطر لنا مجدا .. وبني لنا عزا ..ما ملكته امة من أمم الأرض آتت أو ستأتي .. فكنا خير امة .
هذا الفتى الشامي يشعرك ببداية ما .. بداية من أمل قادم وسطر جديد ..
سطرا قد سطر قبل أربعة عشر قرنا..
سطر يقول . إن الشأم هي هي الشام ..ذا السيف لم يغب . وهي هي.. كلام المجد في الكتب ....
ويختم السطر : بــ اللهم بارك في شامنا ... وان الخير في أمتي إلى يوم الدين .
وان الحمد لله رب العالمين ,,,,,